Telegram Web Link
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :(دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَاكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ) (سنن الترمذي: (2434) قال الألباني: (حسن) التعليق الرغيب (3/12)، الإرواء (238).
أيها المؤمنون /عبـاد الله : - لقد حرص الإسلام على إقامة العلاقات الودية بين الأفراد والجماعات المسلمة، ودعم هذه الصلات الأخوية بين القبائل والشعوب، وجعل الأساس لذلك أخوة الإيمان، لا نعرة الجاهلية ولا العصبيات القبلية، ورسولنا أقام الدليل القاطع على حقيقة الأخوة الإيمانية وتقديمها على كل أمر من الأمور الأخرى، فها هو رسول الله يؤاخي بين المسلمين المهاجرين والأنصار في بداية بناء دولة الإسلام وأخذ ينمي هذه الأخوة، ويدعمها بأقوال وأفعال منه تؤكد هذه الحقيقة الغالية فقال ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) (مسلم (45)، البخاري (13). وقال (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) (مسلم (2586)... وأمر الله المسلمين بالإعتصام بحبل الله المتين وذكرهم بحياة الشقاء والبغضاء والعداوت وكيف أنها كانت سبباً لدخولهم النار لولا رحمة الله وفضله بهم قال تعالى(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون)(ال عمران:103) .. فكانوا قوة يوم اعتصموا بحبل الله المتين فنبذوا كل ما يفرق الأمة من قوميات وعصبيات وعنصريات ونَعَرَات جاهلية؛ وأطماع دنيوية وتحصنوا بهذه الأخوة من مكر الأعداد وتخطيطهم لضرب الإسلام والوقيعة بين المسلمين وإثارة الخلافات والنعرات بينهم .. ولقد أينعت هذه الأخوة وآتت أكلها أضعافاً مضاعفة، وكان المسلمون بها أمة واحدة تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم، رسالتهم واحده وهدفهم واحد فنشروا التوحيد والعدل في الآفاق ورفعوا الظلم عن كاهل المستضعفين ووقفوا أمام الجبابرة والطغاة حتى قال شاعر الإسلام محمد إقبال مصوراً هذه الحقيقة :
كنا جبالاً في الجبال وربما ... سرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا ... قبل الكتائب تفتح الأمصارا
ندعو جهاراً لا إله سوى الذي ... صنع الوجود وقدر الأقدارا
ورؤوسنا يارب فوق أكفنا ... نرجو ثوابك مغنماً وجوارا
كنا نقدم للسيوف صدورنا ... لم يوما نخشى غاشما جبارا
وكأن ظل السيف ظل حديقة ... خضراء تنبت حولها الأزهارا
كنا نرى الأصنام من ذهب .... فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها ... كنزاً وصاغ الحلي والدينارا
فعودا إلى دينكم وأخوتكم وأصلحوا ما فسد من أحوالكم واحذروا نزغات الشيطان ومؤامرات الأعداء وكونوا عباد الله إخوانا واحفظوا دمائكم وأعراضكم تفلحوا في دنياكم وأخراكم .. اللهم ردنا إلى ينك رداً جميلاً .. قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الخطــبة الثانية : الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر،الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاالله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة ، وأصيلاً،
الله أكبر ما أشرقت وجوه الصائمين بشرا .. الله أكبر ما تعالت الأصوات تكبيراً وذكراً ... الله أكبر ما توالت الأعياد عمراً ودهراً ..
أيها المسلمون /عبـــاد الله :- هذا يوم عيدكم اجعلوه يوم فرح وتوسعة على الأهل والأولاد و صلوا آبائكم وأمهاتكم وأرحامكم وانظروا في أحوال الفقراء والمساكين والمرضى والأيتام وأدخلوا عليهم الفرح والبهجة والسرور وأكثروا من ذكر الله وشكره واسألوه من فضله واستقيموا على الطاعات والعبادات سائر أيامكم وتسامحوا فيما بينكم .. ألا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه ، اللهم صل على عبدك ورسولك محمد ، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين . اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، اللهم اجمع شمل المسلمين ، ولم شعثهم ، وألف بين قلوبهم وأحقن دمائهم .. اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين .. اللهم تقبل منا صيامنا وصلاتنا وسائر أعمالنا واستعملنا في طاعتك وادفع عنا وعن المسلمين شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا أرحم الراحمين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فلستُ بمدركٍ ما فات مني***بِلَهْفَ ولا بليتَ ولا لو انِّي

فاستثِمروا العيد في علاج القلوب الكسيرة، ومداواة النفوس الحسيرة، وزورا المرضى والزَّمْنى والمكلومين، وأَعِيدُوا البسمةَ لمن فقدها، والفرحة لمن أضاعها.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: التهنئة بالعيد تزيد المودةَ وتوثِّق المحبةَ، والمصافحة تفتح جسورَ التعارف والألفة، فاجعلوا تصافُحَ الكفوف عنوان صفاء القلوب وسلامة الصدور، واصفحوا عمن زلَّ وأخطأ، واعفوا عمَّن ظلَم وأساء، وجُودوا بالمودة وبوحوا بالمحبة، وعبِّقوا عيدَكم برائحة العفو الزكية الذكية، وأعلِنُوا العفو وأظهِرُوه حتى يفوح عبيرُه ويطيب نميرُه، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيُعرِض هذا ويُعرِض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسلام، وأيُّ عيد للقلوب المتهاجرة، وأي بهجة للنفوس المتناحرة، وأي فرح للأيدي المتشاجرة، العيد مَيدانٌ للسلام والتآلُف، عيد تتآلَف فيه القلوبُ وتجتمع فيه الكلمةُ ويلتئم فيه الصدعُ، ويَخْزى فيه الشيطانُ، لا عيد لنفوس يقودها الكبرُ والغرورُ والظلمُ، ولا عيد لمن اغتسل غسل العيد ولم يغتسل من أدران الشحناء والبغضاء والعداوات، ولا عيد لمن لبس ثيابَ الأعياد على أدران الأحقاد.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: الأُسْرَةُ غذاءُ الروحِ، ودواءُ الجروحِ، والعيدُ ميقاتٌ تلتئم فيه الأسرُ وأصولها، وتلتفُّ فيه أطرافُها، وتجتمع فيه فروعُها، ويلتقي فيه شبابُها وشيوخُها، فقوموا بواجب الصلة والبر والإحسان، واغرسوا في نفوس أبنائكم وبناتكم قيمَ الولاء للدِّين والعقيدة والتوحيد، والولاء لهذا الوطن المجيد وأمنه واستقراره، ووحدته ولُحْمَته الوطنية، ووجوب لزوم الجماعة، ونبذ الفرقة والاختلاف، واحملوهم على منهج الوسطية والاعتدال، واحموهم عن مسالك التطرف والغلو والإرهاب، وشجِّعُوهم ليكونوا عونًا لرجال الأمن في حفظ الأمن والنظام، وانقلوهم إلى مرافئ العِلْم والمعرفة والتفوق والنبوغ، ونشِّئوهم على مكارم الأخلاق والشِّيَم والنزاهة والطهارة والفضيلة، والعفة في المنطق والطعمة والخلطة، وربُّوهم على الحِلْم والتواضع وصلة الرحم وتوقير الصغير والكبير، وإجلال أهل الفضل والعلم، والفضلُ أن يكون الأدبُ في الأصول راسِخًا، وفي الفروع شامِخًا.

زَانُوا قديمَهُمُ بحُسْن حديثِهم***وكريم أخلاقٍ وحُسْنِ خِصَالِ
فطُوبَى لقومٍ أنتَ فارعُ أصلِهم***وطوباكَ إذ مِنْ أصلهم أنتَ فارعُ

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: أمرَت الشريعةُ بالوفاء بالعقود التي يتعاقدها الناسُ بينهم؛ من بيع وشراء وإجارة وكراء ومناكَحة وطلاق ومزارَعة إلى غير ذلك من صور العقود، ويقع التنازعُ والتناكرُ والمكرُ بين المتعاقدين، وتكون الخيانة والغش والغبن والتكاذب بين الكفلاء والأجراء، والعمال وأرباب العمل، وتُقدِم بعضُ العمالة على إبرام عقود في صناعات لا يحسنونها، ومهن لا يتقنونها، وأعمال لا يعرفونها، وكلٌّ يطمع في تحصيل المال ولو بالكسب الحرام، وكلٌّ يشتهي المكر بصاحبه إلا مَنْ عصمَه اللهُ بالتقوى، ويفصل اللهُ بين العباد يومَ الفصل والقضاء، عن عائشة -رضي الله عنها- أن رجلا قعَد عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا رسول الله، إن لي مملوكينَ يكذبونني، ويخونني، ويعصونني، وأشتمهم وأضربهم. فكيف أنا منهم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: يُحسَب ما خانوك وعَصَوْكَ وكذَّبوك وعقابُكَ إياهم، فإن كان عقابك إياهم بقَدْر ذنوبهم كان كِفَافًا لا لكَ ولا عليكَ، وإن كان عقابُكَ إياهم دون ذنوبهم كان فضلًا لك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتُصَّ لهم منك الفضلُ، فتنحَّى الرجلُ فجعل يبكي ويهتف، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألَا تقرأ كتاب الله: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 47]، فقال الرجل: واللهِ يا رسول الله، ما أجد لي ولهم شيئًا خيرًا من مفارقتهم، أُشهِدُكَ أنهم أحرارٌ كُلُّهم" (رواه أحمد والترمذي)؛ فاتقوا الله -أيها المسلمون- وحقِّقُوا العدلَ والنَّصَفةَ في المعامَلة، ومن كان في إيفاء ما يقوم عليه مثلما يكون في حفظ ما يكون له فقد أنصَف في القضاء وعدَل بالسواء.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: الأيام دائرة، والمنايا حاضرة، وما الناس إلا ظاعن أو مودِّع، ومستلَب مستعجل أو مؤجل.
وكلُّ مخلوقٍ فإلى الفناء، وكل ملك فإلى انتهاء، ولا يدوم غير مُلْك الباري -سبحانه- من ملك قهار، منفرد بالعز والبقاء وما سواه فإلى انقضاء.
وكلنا بشَرٌ يلفُّنا قدرُ***ونحن في سفر نمضي إلى حُفَرِ
الموت يشملنا والحشر يجمعنا فحتَّام تؤخر التوبة، وما أنتَ في ذلك بمعذور، فحتام لا ترعوي وتنتهي،
حتام سمعك لا يعي لمذكِّر***وصميم قلبك لا يلين لعاذل
أراكَ من الحياة على اغترار***وما لَكَ بالإنابة من بَدَارِ
وتطمع في البقاء وكيف تبقى***وما الدنيا لساكنها بِدَارِ

فاحذروا ركوب المعاصي، والانبعاث فيها والعَبَّ منها، والتساهل في خرق سياج الآداب، والتعدي على حمى الشريعة والدين، وتباعَدُوا عن المحرَّمات، واحذروا مقاربتها ومباشرتها، ولا تخالِطوا أسبابَها ودواعِيَها، شكرًا لله منكم على سوابغ إحسانه، وعظيم امتنانه، وأحسِنُوا جوارَ النِّعَم، تحفظوا النِّعَمَ الموجودة، وتجلبوا النعمَ المفقودةَ، وتستديموا عطاءَ الله وكرمَه وجودَه، فما أدبرت نعمةٌ بعدما أقبلت، ولا رُفِعت مِنَّة بعدما نزلت، ولا سُلِبَتْ كرامةٌ بعدما مُنِحَتْ إلا لعطايا لم تُشكَرْ، أو لخطايا تُظْهَر وتُشْهَر، والنعم إذا شُكِرَتْ قرَّت، وإذا كُفِرَتْ فرَّت، فادلفوا إلى باب التوبة والإنابة، واقطعوا حبائلَ التسويف، وامحوا سوابقَ العصيان بلواحق الإحسان، وحافِظُوا على الصلوات الخمس المفروضة حيث ينادَى بهن، ولا تتخلفوا عن الجماعة إلا مِنْ عُذرٍ، وأدوا زكاة أموالكم، وبادِرُوا بالحج ما استعطتُم، وصِلُوا مَنْ قطَعَكم، وأعطُوا مَنْ حَرَمَكُمْ، واعفوا عمَّن ظلَمَكم، فليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمُه وصَلَها، ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل، ولا تتعاملوا بصفقات الربا الخاسرة، وزياداته الظالمة، ومضاعَفاته الفاحشة، واحذروا جحدَ الحقوق، والتلاعب بأثمان السلع، والغش والنش والتطفيف في المكاييل والموازين، واحذروا أموال اليتامى والأوقاف والوصايا، لا تأكلوها ظلما وعدوانا، وأحسِنوا إلى نسائكم، وزوجاتكم، وأبنائكم، وبناتكم، وقوموا بالنفقة الشرعية اللازمة، وعاملوهم باللطف والعطف والمحبة والشفقة والرحمة، وصونوا ألسنتكم، واحفظوا فروجكم، وطهِّروا قلوبَكم من الغل والحقد والحسد والكراهية والبغضاء، وإياكم ومجالسَ الفسوق والفجور، واحذروا الخصومات والمشاحَنات، واقبلوا المعذرة، وأَقِيلُوا العثرةَ، ولا تقاطَعُوا، ولا تدابَرُوا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عبادَ الله إخوانا.

أيها المسلمون: هذا يوم التسامُح والتصافُح والتصالُح، فتراحموا وتلاحموا، وتسامحوا، وتصافحوا وتصالحوا حتى يكون فرحكم أفراحًا، وعيدكم أعيادًا.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه كان للأوابين غفورا.

-------

الخطبة الثانية:

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

الحمد لله على سوابق نعمائه، وسوالف آلائه، أحمده أبلغَ الحمد وأكملَه وأتمَّه وأشملَه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، صلاةً متضاعِفةً دائمةً إلى يوم الدين.

أما بعد، فيا أيها المسلمون: اتقوا اللهَ الذي لا يخفى عليه شيء من المقاصد والنوايا، ولا يستتر دونَه شيءٌ من الضمائر والخفايا، السرائر لديه بادية، والسر عنده علانية، (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)[الْحَدِيدِ: 4].

أيها المسلمون: للأمن ثمنُه، وللوطن جنودُه، وللحُكْم رجالُه، وهذه كلمة شكر وعرفان، ووفاء وولاء، نُزجِيها لجنودنا المرابطين في ميادين الشرف، الذين أرخصوا الأرواحَ وحملوا السلاحَ، وواجهوا الموتَ في سبيل صيانة الحرمات والمقدَّسات، أيها الأنجادُ البُسُلُ المساعيدُ، والأجناد الشُّمُ المغاويرُ، يا من رويتم ترابَ هذا الوطن بدمائكم، وفديتموه بأرواحكم، وحفظتموه بتضحياتكم، يا من وقفتًم سدًّا منيعًا، وذرى رفيعًا ضد العدوان الخبيث، يا حماةَ الحرمينِ، يا ذخرَ الدارِ وعزَّ الوطنِ وحصنَه ودرعَه، لا كلمة توفيكم، ولا شكر يجزيكم، ولا مدح يكافيكم، أنتم العيد جندُه وحصنُه ودرعُه، عبَد العابدون وركَع الراكعون، وصام الصائمون في ربيع الأمن ودوحة السلام التي عمَّرها جهادُكم وصانها فداؤُكم، عيدكم مبارك، كلمة تهنئة تطوف ثغوركم، وتُصافِح صقورَكم، وكل عام وأنتم بخير، وجهادكم منصور، وعدوكم مقهور، وبلادكم مصونة، والنصر قريب بحول الله وقوته، شكرًا يا حماةَ الوطن والعقيدة والدين، شكرا يتقاصر أمام قاماتكم:
أعرني لسانا أيها الشعر للشكر***وإن لم تُطِقْ شكرًا فلا كنتَ من شِعْرِي
سأذكركم ذكرَ المحبِّ حبيبَه***وشكر الجدوب ندى القطر

ودعواتنا الصادقة في صبيحة يوم العيد ومن فوق المنبر النبوي الشريف المنيف، أن يكتب الله النصر عاجلًا، وأن يرد العدو خائبًا منهزمًا.
آمين آمين لا أرضى بواحدة***حتى أبلغها ألفين آمين
ونقول لكل عدو مكاشف، لأمن بلادنا واستقراره وازدهاره:
يا جُلَّ ما بعدت عليك بلادنا***وطلابنا، فابرُقْ بأرضك وارعدِ
وإن من دواعي الفخر والابتهاج دعوة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله تعالى- إخوتَه زعماءَ وقادة الأمتين العربية والإسلامية إلى القمم الخليجية والعربية والإسلامية؛ لجمع كلمة المسلمين وتوحيد مواقفهم وقطع الطريق على أعداء الأمة المتربِّصين بها، فشَكَر اللهُ لخادم الحرمين الشريفين، وأيَّده الله بتوفيقه ونصره، ووفق زعماء الأمة إلى ما فيه الخير لشعوبهم وبلادهم.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

يا معشرَ النساءِ: إن الله رفعكن وشرفكن، وأعلى قدركن ومكانتكن، وحفظ حقوقكن، فاشكرنَ النعمةَ واذكرنَ المنةَ، واغضضنَ من أبصاركن، واحفظنَ فروجكنَ، وتصدقنَ وأكثرنَ الاستغفارَ، ولا تُكثِرْنَ اللعنَ، ولا تكفرنَ العشيرَ، ولا تبرجنَ، ولا تكشَّفْنَ، والمرأة الشريفة العفيفة لا تقبل أن تكون منبع إثارة، أو مثار فتنة، للأعين الشرهة، وللنظرات الخائنة الوقحة، والنفوس السافلة الدنيئة، والأقوال المهينة البذيئة.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: إن ضيفَكم قد رحَل، ورمضان قد أفَل، ولا منتهى من صالح العمل، فلا تغلقوا مصحفًا، ولا تمنعوا رغيفًا، ولا تحرموا لهيفًا، ولا تقطعوا إحسانًا، ولا تهجروا صيامًا، ولا تتركوا قيامًا، فما أحسنَ الإحسانَ يتبعه الإحسانُ، وما أقبح العصيانَ بعد الإحسانِ، ومَنْ صام رمضانَ ثم أتبَعَه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر، ومن لم يُخرِجْ زكاةَ الفطر فليبادِرْ إلى إخراجها فورًا، ومن أتى منكم من طريق فليرجع من طريق أخرى إن تيسَّر له ذلك؛ اقتداءً بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

بشراكم يا من قمتُم وصمتُم، بشراكم يا من تصدقتُم واجتهدتُم، فقد ذهَب التعبُ، وزال النَّصَبُ، وثبَت الأجرُ إن شاء الله -تعالى-، تقبَّل اللهُ صيامكم وقيامَكم، وأعاد اللهُ عليكم هذه الأيامَ المباركةَ أعوامًا عديدةً وأزمنةً مديدةً، ونحن في صحة وعافية وحياة سعيدة، اللهم تقبَّل مساعينا وزكِّها، وارفع درجاتنا وأَعْلِهَا، اللهم أعطِنا من الآمال منتهاها، ومن الخيرات أقصاها، اللهم تقبَّلْ صيامَنا وقيامَنا ودعاءنا يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، وأدم على بلاد الحرمين الشريفين أمنَها ورخاءَها وعِزَّها واستقرارَها وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين.
اللهم وفِّق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، عَبْدَكَ سلمان بن العزيز لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، وأصلح له بطانته، ومتعه بالصحة والعافية، واحفظه من كل شر وسوء يا رب العالمين،
اللهم وفقه وولي عهده وأولاده وإخوانه ووزراءه وأعوانه لِمَا فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين، يا رب العالمين.
اللهم انصر بهم دينك، وأعل بهم كلمتك، واجعلنا وإيَّاهم من الهداة المهتدين، يا رب العالمين، اللهم وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم فرج هم المهمومين، ونفِّسْ كربَ المكروبين، واقض الدَّيْن عن المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
خطبة عيد الفطر المبارك ( السنن الربانية في الوباء ) - الشيخ إبراهيم الحقيل

الخطبة الأولى:

الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ أَفَاضَ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ جُودِهِ وَإِحْسَانِهِ، وَغَمَرَهُمْ بِلُطْفِهِ وَنِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ؛ فَفَرَّجَ كَرْبًا، وَشَرَحَ صَدْرًا، وَغَفَرَ ذَنْبًا.

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْقَوِيِّ الْقَهَّارِ، الْعَزِيزِ الْجَبَّارِ؛ ذِي الْعِزِّ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَالْمُلْكِ الَّذِي لَا يُضَامُ، يُرِي خَلْقَهُ شَيْئًا مِنْ قُدْرَتِهِ لِيَعْرِفُوا أَقْدَارَهُمْ، فَلَا يُجَاوِزُوا قُدُرَاتِهِمْ، وَلَا يَتَعَدَّوْا حُدُودَهُمْ، وَأَيْنَ قُدْرَتُهُمْ -مَهْمَا بَلَغَتْ- مِنْ قُدْرَةِ خَالِقِهِمْ وَمُدَبِّرِهِمْ، تَبَارَكَ اسْمُهُ، وَتَعَالَى- جَدُّهُ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ، -سُبْحَانَهُ- وَبِحَمْدِهِ (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الْمُلْكِ: 1]، نَحْمَدُهُ فَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ كُلِّهِ، وَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَهُ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَبِيَدِهِ الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، عَلَانِيَتُهُ وَسِرُّهُ، فَأَهْلٌ أَنْ يُحْمَدَ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ (لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ)[الْإِسْرَاءِ: 111]، وَاللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ حَدَّثَ أَصْحَابَهُ "فَمَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا حَدَّثَهُ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ" صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ الْأَطْهَارِ، الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ وَالْأَنْصَارِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللَّهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ -تَعَالَى-، فَاتَّقُوهُ حَقَّ التَّقْوَى؛ فَإِنَّ الدُّنْيَا دَارُ عُبُورٍ وَانْتِظَارٍ، وَلَيْسَتْ دَارَ نَعِيمٍ وَقَرَارٍ، وَإِنَّهَا إِنْ أَضْحَكَتْ أَبْكَتْ، وَإِنْ أَفْرَحَتْ أَحْزَنَتْ، وَإِنِ اكْتَمَلَتْ نَقَصَتْ، وَنَعِيمُهَا مَشُوبٌ بِالْمُنَغِّصَاتِ وَالْمُكَدِّرَاتِ، وَلَا أَمْنَ فِيهَا إِلَّا بِاللَّهِ -تَعَالَى- وَبِطَاعَتِهِ (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)[الطَّلَاقِ: 2- 3].

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
اللَّهُ أَكْبَرُ (وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا)[طه: 98]؛ فَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِكُلِّ شَيْءٍ.
اللَّهُ أَكْبَرُ (قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الْأَنْفَالِ: 52]، فَلَا يَقِفُ أَمَامَ قُوَّتِهِ شَيْءٌ.
اللَّهُ أَكْبَرُ (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)[الرَّعْدِ: 16] قَهَرَ أَقْوِيَاءَ خَلْقِهِ بِأَضْعَفِ مَخْلُوقَاتِهِ.
اللَّهُ أَكْبَرُ؛ يُحِبُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَقْبَلُ التَّائِبِينَ، وَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، وَيُجِيبُ الدَّاعِينَ، وَيُعْطِي السَّائِلِينَ، وَهُوَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ.

اللَّهُ أَكْبَرُ؛ صَامَ الْمُؤْمِنُونَ رَمَضَانَ، وَقَدْ لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ فِي أَكْثَرِ الْأَمْصَارِ، وَلَمْ يُفَارِقُوهَا إِلَّا فِي سَاعَاتٍ قَلَائِلَ، وَحُرِمُوا الْمَسَاجِدَ بِسَبَبِ الْوَبَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ عَمَرَ بَيْتَهُ بِالصَّلَاةِ وَالْقُرْآنِ، وَجَمَعَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَثْمَرُوا الْأَوْقَاتَ فِي الطَّاعَاتِ، وَالْيَوْمَ عِيدُهُمْ، وَلَا يَنْقُصُ أَجْرُهُمْ بِمَا فَاتَهُمْ مِنْ طَاعَاتٍ مَنَعَهُمْ مِنْهَا الْوَبَاءُ. وَقَضَى آخَرُونَ أَوْقَاتَهُمْ فِي اللَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَتَدَارَكُوا أَعْمَارَهُمْ، وَيَتُوبُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَيَؤُوبُوا إِلَى رَبِّهِمْ؛ فَإِنَّهُ تَوَّابٌ رَحِيمٌ، وَإِنَّ الْأَعْمَارَ قَصِيرَةٌ، وَإِنَّ لَذَّةَ الْحَرَامِ حَقِيرَةٌ، وَعَوَاقِبَهَا أَلِيمَةٌ (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)[آلِ عِمْرَانَ: 185]، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النُّورِ: 31].

اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ملخص زكاة الفطر

تكون من طعام اهل البلد.
الذي عليه جمهور أهل العلم: أنها لا تؤدى نقوداً وإنما تؤدى طعاماً.

واجبة على الصغير والكبير، والذكر والانثى والحر والعبد من المسلمين.

مقداره: 3 كيلو من الرز (الأحوط)

افضل وقت لإخراجها: بعد صلاة الفجر وقبل صلاة العيد.

يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.

الخادم المسلم يخرج عن نفسه، ومن باب الاكرام أن يخرج كفيله عنه بشرط أن يبلغه لتكون منه نية .

الخادم غير المسلم ليس عليه زكاة.

الجنين يستحب الإخراج عنه .

من ولد له مولود قبل غروب أخر يوم من رمضان فعليه زكاة، ومن ولد بعد الغروب ليس عليه زكاة.

المشروع إخراجها لفقراء المسلمين ومساكينهم في البلد التي فيها المزكي.

يجوز اخراج الزكاة خارج البلاد للدول الفقيرة المحتاجة.

يجوز توكيل أفراد أو جمعيات خيرية لاخراج الزكاة عنك.

اخراج زكاة الفطر في البلد التي تكون فيها.

علم أبناءك وأهل بيتك بإظهار شعيرة زكاة الفطر، بأن تضع كيس الرز أمامهم، وتجعل كل واحد يخرج زكاته بنفسه.. جربها.

والله الموفق
═══════
خطبة عيد الفطر المبارك

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلعمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر خلق الخلق وأحصاهم عددًا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا.

الله أكبر، عز سلطانه ربنا خلق الجن والإنس لعبادته، وعنت الوجه لعظمته، وخضعت الخلائق لقدرته، الله أكبر عدد ما ذكَره الذاكرون، الله أكبر كلما هلَّل المهللون وكبر المكبرون، الله أكبر ما صام صائم وأفطر، الله أكبر، ما تلا قارئ كتاب ربه فتدبر، الله أكبر ما بذل محسن فشكر، وابتُلي مبتلى فصبر.

عباد الله: إن شهر رمضان مدرسة إيمانية وتربوية وتعليمية للمسلمين جميعاً، فطوبى لمن استغل رمضان واجتهد فيه، وقدم لآخرته واستفاد منه في تزكية نفسه وتربيتها، وطوبى لمن حقق مقاصد الصيام في نفسه والتي من أهمها وأعظمها تقوى الله ومخافته، وتجديد هذا المفهوم في النفوس لتستقيم على الخير والصلاح طوال حياتها؛ فإن تقوى الإله -جل في علاه- سر النجاح، وطريق الفلاح، وينبوع الصلاح.

فإن أردتم سعادة وفلاحاً، وطلبتم هداية وصلاحاً، وقصدتم خيراً ونجاحاً، فعليكم بتقوى الله، ومن أراد عزّاً من غير جاه، ورفعة من غير منصب، وغنىً من غير مال، فعليه بتقوى الله؛ فالتقوى هي الطريق لكل خير، والحصن الحصين من كل بلاء وضر، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لعلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة:183]، وقال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)[الأنفال:29].

وحياة الأمة المسلمة وصلاح أبنائها وانتشار الخير في مجتمعاتها وتتابع النعم ونزول البركات لا يكون إلا بتقوى الله، قال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)[الأعراف:96]، فهل حقَّق الصوم فينا هذه التقوى خلال شهر رمضان لتستقيم حياتنا وتصلح أحوالنا؟ هل حقق الصوم تقوى ومراقبته في نفوسنا حتى ينتشر الخير ويسود الحب والتآلف والإخاء وتُحفظ الحقوق وتُصان الدماء وتتوقف النزاعات والخصومات بين المسلمين؟!

إننا بحاجة إلى تثبيت هذه التقوى لله في قلوبنا، وإمدادها بأسباب الرعاية والنماء، بالمحافظة على الفرائض والتزود من النوافل، وقراءة القرآن، وتدبر معانيه وتطبيق أحكامه، وكثرة الأذكار، ودراسة سيرة المصطفى -صل الله عليه وسلم- وسيرة أصحابه وطلب العلم الشرعي وبذل المعروف وتقديم النفع للآخرين من حولنا، وتعمير الأرض، وتذكُّر الآخرة والاستعداد لها، وتذكر والموت والحساب والجنة والنار.

هذه التقوى هي أعظم نتيجة نخرج بها من مدرسة الصيام والقيام، من مدرسة رمضان فحافظوا على هذه النعمة العظيمة طوال العام قال -تعالى-: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)[البقرة:177].
عباد الله: يأتي عيد الفطر المبارك ليجدد المفاهيم العظيمة، ويبني القيم السامية في نفوس المسلمين في أصقاع الأرض، فهو يذكرهم وينفث في روعهم وخلدهم بأنهم أمة واحدة، مهما باعدت بينهم الحواجز التي صنعها المستعمر على حين فترة من ضعفهم.

ويأتي عيد الفطر ليوجه المسلمين نحو دينهم ورسالتهم الخالدة عندما يؤذن للصلاة ويرددون تكبيرات العيد كل مكان، شاكرين الله على نعمة الإسلام، فلا سعادة ولا عزة ولا قوة ولا نجاة لهم في الدنيا والآخرة إلا بهذا الدين.

ويأتي العيد ليجدد مفاهيم الحب والولاء والأخوة بين المسلم وأخيه المسلم بل يغرس في نفوسهم قيم الرحمة والتراحم والصلة والبر، ويأتي العيد ليرسم الفرح والسرور.

ويدخل البهجة في نفوس المسلمين كل عام، ويبث في حياتهم الأمل والتفاؤل رغم كثرة الجراحات والابتلاءات، فبعد العسر يأتي اليسر، وبعدة الشدة والضيق يأتي الفرج والمخرج، وما أحوجنا إلى التفاؤل والأمل خاصة وإن أمتنا تعيش اليوم لحظات عصيبة على جميع المستويات وموجة من الفتن والمحن والابتلاءات.

فالحياة السياسية يشوبها الظلم والضعف والتسلط ومصادرة الحريات في كثير من بلاد المسلمين، الأمر الذي أدَّى إلى نشوب الصراعات والحروب، ولأجل ذلك سُفكت الدماء وهُتكت الأعراض ودُمِّرت المدن والقرى، وتفرق الناس إلى شيع وأحزاب وجماعات، وتدخل الغرب والشرق والقوى العالمية في قراراتنا، مما ساهم في زيادة مشاكلنا وتشعبها، وكان الأوْلى قبل أن يحدث هذا كله أن نحصِّن أنفسنا بنشر العدل وتوفير الحياة الكريمة واحترام كرامة الإنسان والنظر إلى مصالح الأوطان.

وفي الجانب الاقتصادي رغم الثروات الهائلة التي تمتلكها هذه الأمة، إلا أن سوء الإدارة وعدم وجود رؤية اقتصادية واضحة، والفساد المالي في الأجهزة الإدارية للدول؛ أدى إلى تراجع كبير ولم نتقدم، وأصبحنا أمة مستهلكة نصفها يعيش حالة الترف والبذخ، والنصف الآخر يعيش حياة الفقر والجوع والكدح. فلماذا لا يكون هناك تعاون اقتصادي واستراتيجية واضحة لتعمير الأوطان وبناء الإنسان؟ وهذا أمر مقدور عليه إذا صدقت النية وحسن العمل.

أما في الجانب الاجتماعي؛ فقد ظهرت البغضاء والشحناء والتفرق والاختلاف، فإلى جانب الفرقة بين الدول والأقطار، حدثت الفرقة الداخلية في الوطن الواحد بين القبائل والعشائر والأحزاب والجماعات، وظهرت العصبية الجاهلية والطائفية والمذهبية البغيضة؛ حتى استطال المسلم في عِرْض أخيه وماله، وغفلت الأمة عن عدوها الحقيقي، وتخلت عن مقدساتها المحتلة وأراضيها المغتصبة في فلسطين، ودُمرت غزة وقُتل الأطفال والرجال والنساء، وأُقيمت المجازر وهدمت البيوت، ولولا تفرقنا لما حدث ذلك.

وغير ذلك من قضايا المسلمين وما يحصل لهم من الظلم، ما كان ليحدث ذلك ونحن متمسكين بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله وعليه وسلم-، ما كان ليحدث ذلك لو أدركنا جيداً واجباتنا ومسؤولياتنا، واستوعبنا جيداً أن هذه الأمة أمةٌ واحدة في دينها وعقيدتها، وأن المؤمنون إخوة، وأن أكرم الناس عند الله أتقاهم.

هكذا نجد التقصير والخلل في حياتنا في كثير من جوانب الحياة، ولذلك يأتي رمضان وبعده عيد الفطر؛ لينفث في روع هذه الأمة رسالتها السامية، ودورها في بناء الحياة، وتعمير الأرض، ويلقي في خلدها حقيقة الأخوة والتعاون بين أبنائها، وكيف يمكن أن يتعاونوا في حل مشاكلهم وخلافاتهم فهم أمة واحدة.

ولا يعني هذا انعدام الخير في هذه الأمة، فهناك بذل وعطاء وجهود تبذل، وهناك تغييرات تحدث للأفضل سواء كانت سياسية أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو علمية، وغير ذلك من مجالات الحياة، وهناك عودة إلى الدين وأحكامه، وهناك طموح على مستوى الأفراد والدول، للانطلاق نحو الأفضل ونحتاج إلى مزيد من العمل والبذل والجهد.

أيها المسلمون: لقد آن لهذه الأمة أفراداً وجماعات ودول وحكاماً ومحكومين أن يعملوا جميعاً للخروج بالأوطان إلى بر الأمان، فنحتكم للشرع، ونحافظ على ثوابت الأمة، ونحسن العمل والإنتاج، وبذل الأسباب، ونعالج خلافاتنا وقضايانا بالتفاهم والحوار، وتغليب المصالح العامة على المصالح الخاصة، ومصالح الأوطان على مصالح الأشخاص، وننبذ العصبية والطائفية، ونعمل جميعاً على تقوية روابط الأخوة بين المسلمين، ونأخذ جميعاً على يد الظالم، حتى يعود إلى الحق وننتصر للمظلوم؛ حتى يأخذ حقه ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.

وأبشروا وأملوا وثقوا بالله، فمهما أصيبت هذه الأمة من فتن ومصائب وابتلاءات فإنها أمة لن تموت، بل ستعود إلى رشدها وقوتها، وتدرك رسالتها وواجبها تجاه نفسها والعالم الحيران من حولها، فَعنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ، وَالنَّصْرِ، وَالتَّمْكِينِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ"(رواه أحمد).
فليكن هذا العيد نقطة انطلاق ومراجعة لجميع أعمالنا وسلوكياتنا ونعزم جميعاً على التغيير نحو الأفضل في حياتنا.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

---------

الخطبة الثانية:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد:

الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة، وأصيلاً.

أيها المسلمون: يا من ودعتم شهراً كريماً، صمتم نهاره، وقمتم ما تيسر من ليله، وأقبلتم على تلاوة القرآن، وأكثرتم من الذكر والدعاء، وتصدقتم بجودٍ وسخاء، وتقربتم إلى ربكم بأنواع القربات، رجاء ثوابه وخوف عقابه.

لقد ودعتم شهر رمضان، وقد أحسن فيه أناس، وأساء فيه آخرون، وهو شاهد لنا أو علينا، شاهد للمشمِّر بصيامه وقيامه، وبره وإحسانه، وعلى المقصر بغفلته وإعراضه، وشحه وعصيانه، فلا إله إلا الله؛ كم من مقبول هذا اليوم فرح مسرور؟!، ولا إله إلا الله كم من مردود هذا اليوم خائب؟!، جعلنا الله وإياكم من المقبولين.

ونذكِّر أصحاب الهمم العالية والنفوس التواقة إلى جنة ربها ورضوانه بصيام الست من شوال، والتي أخبر عن فضل صيامها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر"(صحيح مسلم).

ونذكر أنفسنا جميعاً بالتسامح والعفو مع بعضاً البعض، والتآخي وتقديم المعروف وصلة الأرحام، والاستمرار على الطاعة والمداومة على العبادة بعد رمضان.

ولتكن هذه الأيام أيام فرح وبهجة وسرور، وعلينا أن ننشر هذه الأفراح في بيوتنا ومع أهلينا وأولادنا وجيراننا وأرحامنا؛ ففي ديننا فسحة من ذلك، فهو دين يراعي الفطرة الإنسانية السليمة واحتياجاتها النفسية والشعورية.

اللهم اجمع شمل المسلمين، ولم شعثهم، وألف بين قلوبهم واحقن دمائهم، اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين.

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ...

الدعاء ...
*🔸حكم صلاة العيد🔸*

*من فتاوى الشيخ ابن عثيمين*

*✍️ السؤال :*
ما ﺣﻜﻢ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﻴﺪ؟

*📖 الجواب :*
اﻟﺬﻱ ﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﻴﺪ ﻓﺮﺽ ﻋﻴﻦ ، ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﺮﺟﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮﻫﺎ ، ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺣﻀﻮﺭﻫﺎ ، ﻷﻥ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻣﺮ ﺑﻬﺎ ﺑﻞ ﺃﻣﺮ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻌﻮاﺗﻖ ﻭﺫﻭاﺕ اﻟﺨﺪﻭﺭ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺟﻦ ﺇﻟﻰ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﻴﺪ ، ﺑﻞ ﺃﻣﺮ اﻟﺤﻴﺾ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺟﻦ ﺇﻟﻰ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﻴﺪ ﻭﻟﻜﻦ ﻳﻌﺘﺰﻟﻦ اﻟﻤﺼﻠﻰ ، ﻭﻫﺬا ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﺪﻫﺎ ، ﻭﻫﺬا اﻟﻘﻮﻝ اﻟﺬﻱ ﻗﻠﺖ ﺇﻧﻪ اﻟﺮاﺟﺢ ﻫﻮ اﺧﺘﻴﺎﺭ ﺷﻴﺦ اﻹﺳﻼﻡ اﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﺭﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ .

*📚مجموع فتاوى ورسائل (٢١٤/١٦)*

✍️ وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله *: ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻦ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﻴﺪ ﺑﺪﻭﻥ ﻋﺬﺭ؟*

*📖 فأجاب بقوله :* ﺻﻼﺓ اﻟﻌﻴﺪ ﻓﺮﺽ ﻛﻔﺎﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ، ﻭﻳﺠﻮﺯ اﻟﺘﺨﻠﻒ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﻓﺮاﺩ ﻋﻨﻬﺎ ، ﻟﻜﻦ ﺣﻀﻮﺭﻩ ﻟﻬﺎ ﻭﻣﺸﺎﺭﻛﺘﻪ ﻹﺧﻮاﻧﻪ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻣﺆﻛﺪﺓ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺗﺮﻛﻬﺎ ﺇﻻ ﻟﻌﺬﺭ ﺷﺮﻋﻲ ، ﻭﺫﻫﺐ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺻﻼﺓ اﻟﻌﻴﺪ ﻓﺮﺽ ﻋﻴﻦ ﻛﺼﻼﺓ اﻟﺠﻤﻌﺔ ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻷﻱ ﻣﻜﻠﻒ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﺎﻝ اﻷﺣﺮاﺭ اﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﻒ ﻋﻨﻬﺎ ، *ﻭﻫﺬا اﻟﻘﻮﻝ ﺃﻇﻬﺮ ﻓﻲ اﻷﺩﻟﺔ ﻭﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ اﻟﺼﻮاﺏ*.

📚مجمع الفتاوى (٧/١٣)
خطبة عيد الأضحى المبارك (1440هـ)
ضرر فقد الإيمان


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَة: 2 - 4]، نَحْمَدُهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْمَدَ ﴿ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الْحَدِيد: 2 - 6]، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الْحَشْر: 22 - 24]، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ إِمَامُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَحُجَّةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالنُّورِ الْمُبِينِ، هَادِيًا إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ؛ فَبَشَّرَ وَأَنْذَرَ، وَرَغَّبَ وَرَهَّبَ، فَمَا مَاتَ حَتَّى كَمُلَتْ بِهِ النِّعْمَةُ، وَتَمَّتْ بِهِ الْمِنَّةُ، وَوَضَحَتْ مَعَالِمُ الْمِلَّةِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ؛ أَهْلِ الْبِرِّ وَالتُّقَى، وَمَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ وَالدُّجَى، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.



أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، وَفِيهِ تُرَاقُ الدِّمَاءُ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِيهِ أَكْثَرُ أَعْمَالِ الْحُجَّاجِ ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الْحَجِّ: 29].



اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.



اللَّهُ أَكْبَرُ؛ وَقَفَ إِخْوَانُكُمْ بِالْأَمْسِ فِي عَرَفَاتٍ، وَرَفَعُوا الْأَكُفَّ لِلَّهِ تَعَالَى بِالدَّعَوَاتِ، وَعَظَّمُوا الشَّعَائِرَ وَالْحُرُمَاتِ؛ فَيَا لِلَّهِ الْعَظِيمِ كَمْ مِنْ دَعْوَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى رُفِعَتْ! وَكَمْ مِنْ عَيْنٍ مِنْ خَشْيَتِهِ وَرَجَائِهِ دَمَعَتْ! فَاللَّهُ تَعَالَى عَلِمَهَا وَسَمِعَهَا وَيُجِيبُهَا، اللَّهُمَّ فَاسْتَجِبْ دُعَاءَ الدَّاعِينَ، وَتَقَبَّلْ عَمَلَ الْعَامِلِينَ، يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.



اللَّهُ أَكْبَرُ؛ يَسِيرُ إِخْوَانُكُمُ الْحُجَّاجُ الْآنَ مُتَّجِهِينَ إِلَى الْجَمَرَاتِ مُلَبِّينَ مُكَبِّرِينَ مُعَظِّمِينَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ؛ لِيَرْمُوهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يَذْبَحُوا هَدْيَهُمْ، وَيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ، وَيَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِهِمْ، وَيَطُوفُوا طَوَافَ الْحَجِّ، اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ حَجَّهُمْ مَبْرُورًا، وَسَعْيَهُمْ مَشْكُورًا، وَذَنْبَهُمْ مَغْفُورًا.



اللَّهُ أَكْبَرُ؛ يَتَقَرَّبُ الْمُسْلِمُونَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي سَائِرِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ بِذَبْحِ الْأَضَاحِيِّ، بَعْدَ أَنْ يُؤَدُّوا هَذِهِ الصَّلَاةَ الْعَظِيمَةَ، فَاللَّهُمَّ اقْبَلْ مِنَ الْمُضَحِّينَ ضَحَايَاهُمْ، وَاجْعَلْهَا ذُخْرًا لَهُمْ، وَارْزُقِ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِينَ.



اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.



أَيُّهَا النَّاسُ: أَعْظَمُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ هِيَ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ، وَلَا نِعْمَة تُوَازِيهَا أَوْ تُدَانِيهَا؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ جَنَّةٌ فِي الدُّنْيَا، وَجَزَاؤُهُ جَنَّةُ الْخُلْدِ فِي الْآخِرَةِ ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النَّحْلِ: 97].



إِنَّ فَقْدَ الْإِيمَانِ أَشَدُّ الْخِذْلَانِ، وَأَفْدَحُ الْخُسْرَانِ، إِنَّهُ الشَّكُّ وَالْحَيْرَةُ وَالضَّيَاعُ وَالِاضْطِرَابُ، صَاحِبُهُ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا عَنْ مَاضِيهِ وَلَا عَنْ مُسْتَقْبَلِهِ، مَعَ خَوْفِهِ وَحُزْنِهِ فِي حَاضِرِهِ ﴿ اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 71]، قَلْبُهُ مُمَزَّقٌ بِالْحَيْرَةِ، وَدِينُهُ مُخَرَّقٌ بِالرِّيبَةِ، وَلَا يَدْرِي مَا لِقَاءُ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ ﴿ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ ﴾ [الْحَجِّ: 55]، ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ ﴾ [فُصِّلَتْ: 54]، يَرَى النَّاسَ يَمُوتُونَ، وَلَا يَدْرِي عَلَى مَاذَا يُقْدِمُونَ، تَسْتَوِي عِنْدَهُ الْحَقِيقَةُ وَالْأَبَاطِيلُ؛ لِأَنَّهُ عَمِيَ عَنِ الْحَقِّ فَمَا عَادَ يُمَيِّزُ حَقًّا مِنْ بَاطِلٍ ﴿ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 66].



فَاقِدُ الْإِيمَانِ قَلْبُهُ مُظْلِمٌ، وَصَدْرُهُ ضَيِّقٌ، فَتَضِيقُ عَلَيْهِ الدُّنْيَا بِسَعَتِهَا، وَلَا يَسْعَدُ وَلَوْ مَلَكَهَا كُلَّهَا؛ لِأَنَّ دَاءَهُ فِي قَلْبِهِ، وَضِيقَهُ فِي صَدْرِهِ ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 125]. يَعِيشُ فَاقِدُ الْإِيمَانِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَجِدُ الْأُنْسَ بِهِمْ، وَيَعُبُّ مِنْ مَلَذَّاتِ الدُّنْيَا فَيَغْلِبُ ضَنْكُهُ لَذَّتَهُ ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 125].



يَظُنُّ تَارِكُ الْإِيمَانِ أَنَّهُ -بِمَا يَمْلِكُ مِنْ عُلُومِ الدُّنْيَا- قَدْ صَارَ أَفْضَلَ النَّاسِ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ شَرُّ مَنْ يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ ﴿ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْأَنْفَالِ: 55]، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ الْبَهِيمَةَ خَيْرٌ مِنْهُ؛ إِذْ لَا خَيْرَ فِيهِ بِلَا إِيمَانٍ ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [الْفُرْقَانِ: 44].



وَمِيتَةُ فَاقِدِ الْإِيمَانِ شَرُّ مِيتَةٍ؛ حَيْثُ تَتَبَدَّى لَهُ الْحَقِيقَةُ الَّتِي طَالَمَا أَنْكَرَهَا، وَيَرَى عِيَانًا مَا كَانَ يُكَذِّبُ بِهِ، وَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلَا ثَمَّةَ رُجُوعٌ وَلَا تَوْبَةٌ ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 93]. فَيَا لَهَا مِنْ نِهَايَةٍ أَلِيمَةٍ، وَعَاقِبَةٍ غَيْرِ حَمِيدَةٍ.



وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا فِدَاءَ لِتَارِكِي الْإِيمَانِ، بَلْ عَذَابُ النَّارِ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 36-37].



وَأَعْظَمُ النَّاسِ شَقَاءً مَنْ فَقَدَ الْإِيمَانَ بَعْدَ أَنْ وَجَدَهُ، وَفَارَقَهُ بَعْدَ أَنْ دَخَلَهُ. عَاشَ فِي أُسْرَةٍ مُؤْمِنَةٍ، وَرَعَاهُ أَبَوَانِ مُؤْمِنَانِ، وَفِي مُجْتَمَعٍ مُؤْمِنٍ، ثُمَّ فَارَقَ الْإِيمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِهَوًى رَكِبَهُ، أَوْ لِشُبْهَةٍ عَلِقَتْ بِقَلْبِهِ؛ فَذَلِكَ الَّذِي لَا أَحَدَ أَشْقَى مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ: أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَهُوَ فِي جَهْلٍ مُرَكَّبٍ، وَظُلُمَاتٍ مُتَرَاكِمَةٍ، يَصُدُّ غَيْرَهُ عَنِ الْإِيمَانِ، وَيَدْعُو إِلَى الضَّلَالِ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ يَعْلَمُ وَهُوَ يَجْهَلُ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ مُحْسِنٌ وَهُوَ مُسِيءٌ، وَفِي قَلْبِهِ حَسْرَةٌ عَلَى مَا تَرَكَ ﴿ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 30]، ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 37].
فِي بَنَاتِكُنَّ وَبَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ، احْفَظُوهُنَّ مِنْ أُولَئِكَ الْأَشْرَارِ الْفُجَّارِ، الَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ لَهُنَّ إِلَّا الشَّرَّ وَالْعَارَ وَالنَّارَ. حِمَى اللَّهُ بَنَاتِنَا وَبَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِّ الْأَشْرَارِ، وَكَيْدِ الْفُجَّارِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِنَّ الْإِيمَانَ وَالسَّتْرَ وَالْحَيَاءَ وَالْعَفَافَ، وَجَعَلَهُنَّ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِوَالِدِيهِنَّ.



اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.



أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: السُّنَّةُ بَعْدَ هَذِهِ الصَّلَاةِ ذَبْحُ الْأَضَاحِيِّ، وَالْأَكْلُ مِنْهَا؛ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الذَّبْحِ إِلَى مَا قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَيَصِحُّ الذَّبْحُ لَيْلًا خِلَافًا لِمَا يَظُنُّهُ الْعَوَامُّ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَيَهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ، وَلَوْ صَنَعَ مِنْهَا وَلِيمَةً جَازَ.



وَيَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ الْعِيدِ، وَالْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَهُ، وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَتُجْتَنَبُ فِيهَا الْمُحَرَّمَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَالْغِنَاءُ وَالتَّبَرُّجُ وَالسُّفُورُ؛ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى، وَشُكْرًا لَهُ عَلَى نِعَمِهِ الْعَظِيمَةِ. وَشِعَارُ هَذِهِ الْأَيَّامِ هُوَ الذِّكْرُ وَالتَّكْبِيرُ، ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 203].



أَعَادَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.



﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 56].
وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَفِي أَشَدِّ الْعَذَابِ. وَالْغَالِبُ أَنَّ تَارِكَ الْإِيمَانِ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى؛ عُقُوبَةً مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ حِينَ كَفَرَ بِأَعْظَمِ نِعْمَةٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِيَّاهَا ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 86 - 88]. ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 3]. فَاحْمَدُوا اللَّه تَعَالَى عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ مِنَ الْإِيمَانِ، وَاثْبُتُوا عَلَيْهِ وَلَا تَتْرُكُوهُ، وَلَقِّنُوهُ أَوْلَادَكُمْ؛ فَالْإِيمَانُ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ، وَلَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ إِلَّا بِهِ.



اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...



الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ وَمِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ وَمِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَمِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا فِيهِنَّ، وَمِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا فِيهِنَّ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.



أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ الْأَغَرِّ الْمَجِيدِ، وَعَظِّمُوا فِيهِ الشَّعَائِرَ وَالْحُرُمَاتِ ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الْحَجِّ: 30]، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الْحَجِّ: 32].



اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.



اللَّهُ أَكْبَرُ؛ لَبَّى الْمُلَبُّونَ لَهُ وَكَبَّرُوا. اللَّهُ أَكْبَرُ؛ صَلَّى الْمُصَلُّونَ لَهُ وَسَجَدُوا. اللَّهُ أَكْبَرُ؛ طَافَ الطَّائِفُونَ لَهُ وَعَظَّمُوا. اللَّهُ أَكْبَرُ؛ ضَحَّى الْمُضَحُّونَ لَهُ وَنَحَرُوا، فَاللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّه بُكْرَةً وَأَصِيلًا.



أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ: مَوْجَةُ الدَّعْوَةِ لِتَرْكِ الْإِيمَانِ، وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الشَّرِيعَةِ؛ تَغْزُو عُقُولَ الْفَتَيَاتِ الْمُسْلِمَاتِ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الْجَمَاعِيِّ، وَيَقُومُ عَلَيْهَا مُنْحَرِفُونَ وَمُنْحَرِفَاتٌ مِمَّنْ يَنْتَمُونَ لِلتَّيَّارَاتِ النِّسْوِيَّةِ الْعِلْمَانِيَّةِ، وَيَسْعَوْنَ جَادِّينَ فِي إِقْنَاعِ بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ بِالتَّمَرُّدِ عَلَى دِينِهِنَّ وَحِجَابِهِنَّ وَعَفَافِهِنَّ وَأُسَرِهِنَّ وَمُجْتَمَعَاتِهِنَّ، حَتَّى إِذَا هَرَبَتِ الْبِنْتُ مِنْ أُسْرَتِهَا وَمُجْتَمَعِهَا، وَقُضِيَتِ الْحَاجَةُ مِنْهَا إِعْلَامِيًّا وَسِيَاسِيًّا؛ رُمِيَتْ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ؛ لِتَتَدَبَّرَ حَيَاتَهَا بِنَفْسِهَا، فِي مُجْتَمَعَاتٍ غَرْبِيَّةٍ مُوحِشَةٍ لَا مَكَانَ لِلرَّحْمَةِ فِيهَا، فَإِمَّا عَمِلَتْ فِي مِهَنٍ وَضِيعَةٍ لِتَعِيشَ، وَإِمَّا طَلَبَتْ طَعَامَهَا بِبَذْلِ جَسَدِهَا، فَأَضَاعَتْ نَفْسَهَا وَدِينَهَا وَدُنْيَاهَا وَآخِرَتَهَا. إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأُمَّهَاتِ الْقُرْبُ مِنَ الْبَنَاتِ، وَحِمَايَتُهُنَّ مِمَّنْ يَتَسَلَّلُ إِلَى عُقُولِهِنَّ وَقُلُوبِهِنَّ لِيَجْعَلَهُنَّ وَقُودًا يَحْرِقُهُنَّ فِي مَحْرَقَةِ أَفْكَارِهِ السَّقِيمَةِ، وَأَجِنْدَاتِهِ الْخَبِيثَةِ، وَأَهْدَافِهِ الْمُرِيبَةِ، فَكَمْ ضَاعَ مِنْ بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ الرَّدِيئَةِ!



وَغَرْسُ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِ الْبَنَاتِ، وَتَعَاهُدُهُ بِالنَّمَاءِ وَالزِّيَادَةِ، مَعَ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ وَالْحِوَارِ وَالْإِقْنَاعِ مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ لِحِفْظِ الْبَنَاتِ مِنْ لُصُوصِ الْأَفْكَارِ وَالْأَعْرَاضِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ وَبَعْدَهُ الدُّعَاءُ ثُمَّ الدُّعَاءُ ثُمَّ الدُّعَاءُ بِصَلَاحِ الْبَنَاتِ؛ فَاللَّهَ اللَّهَ
*📌 #جديد_الخطب*

*🔊 #خطبة جمعة بعنوان :*
*🔸 #إغتنام_المسلم_عشر_ذي_الحجة "*

*🎙️لفضيلة الشيخ*
*( #محمد_بن_عبدالله_الإمام )*
* •••━═¤❁🎙️❁¤═━•••*

*🗯️الخطبة الأولى🗯️*
الْحَـمْدُ للهِ، الواحد القهار العزيز الجبار الرحيم الغفار مُقلب القلوب والأبصار ومُصرف الليل والنهار لإداء العبادات من صلاةٍ وصيامٍ وحجٍ وا إعتمار

*وَأَشْهَدُ أن لَا إِلَهَ إِلَّا الله*ُ شهادةً يرجو قائلها تبوء دارِ القرار ونِيل منازل الأخيار *وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،* المُرسل بالدين القويم المختار والذي في بعِثته رُفع عن أمته الأغلال والأصار وفي شريعته التمِييز بين المتقين والفجار وصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الأخيار وصحابتهِ الأبرار ما تقلب الليل والنهار

*أما بعد* تعلمُون معاشر المسلمين أنه قادم علينا عما قريب شهرٌ عظيم من شُهور الله بين القرآن الكريم والسنة المطهرة عظمة هذا الشهر ألا وهو *شهر ذي الحجة*

فهذا الشهر الكريم أحد الأشهر الحرم وهو أفضلها وأزكاها وأعلاها عند جماهير أهل العلم
وهذا الشهر الكريم خُتمت به الشهور المعلومات
قال الله *﴿الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلوماتٌ ﴾* [2:197] - البقرة

وهذا الشهر الكريم جُعل كمثل شهر رمضان حيثُ خُصى بِعبادات وطاعات ومعاملات كثيرة فكما أن شهر رمضان الكريم خُصى بفريضة الصيام وبأداء فريضة الزكاة وخُصى بالقيام وبأحياء العشر الأواخر من رمضان وبليلة القدر وبغير ذلك فقد خُصى *شهر ذي الحجة* بالحج والإعتمار

وكذلك أيضا فيه العشر الأول وهذه العشر قد ورد فضلها وجاءت مناقُبها في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة ومن ذلك
أن ربنا جل شأنه قال *{{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)}}*

*أخرج الإمام أحمد والحاكم* وغيرهما من حديث جابر بن عبدالله أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في قوله *(وَلَيَالٍ عَشْر )* قال: هي عشر ذي الحجة
وقال: في *(َالشَّفْعِ)* هو يوم النحر
وقال: في *(والْوَتْرِ)* هو يوم عرفة وهذا الحديث *«صححه الحاكم ووافقه الذهبي وذكر الحافظ إبن كثير أن أسناده لا بأس به»*

وقد صار أكثر المفسرين في تفسير قوله وَلَيَالٍ عَشْر أنها العشر الأول من ذي الحجة
وكذلك أيضا قال الله *﴿وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ في أَيّامٍ مَعلوماتٍ﴾ [22:28] - الحج*

صار معظم المُفسرين في تفاسيرهم على أن هذهِ الأيام المعلومات هي *عشر ذي الحجة*

وكذلك أيضا قال: الله في كتابه الكريم *﴿وَواعَدنا موسى ثَلاثينَ لَيلَةً وَأَتمَمناها بِعَشرٍ ﴾ [7:142] - الأعراف*

قوله بعَشْر جاء عن إبن عباس وعن مجاهد إبن جبر أنها العشر الأول من ذي الحجة وقد ذكر أكثر المفسرين أن المراد بهذه العشر عشر ذي الحجة

وكذلك أيضا قوله تعالى *﴿الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلوماتٌ ﴾ [2:197] - البقرة* فقد أجمع المفسرون وجميع العلماء على أن المراد بالأشهر شوال، وذو القعدة،
وصح عن إبن عمر رضي الله عنهما أن المراد بالشهر الثالث العشر الأول من شهر ذي الحجة إلى غير ذلك مما ورد في فضل هذه العشر في القرآن الكريم

فتار يقسم الله بهن كما سمعتُم في أول سورة الفجر وتارة يجعلهن ربنا محلاً لكثرة ذكره جل شأنه إلى غير ذلك

وقد تواترة في السنة النبوية بيان فضل العشر الأول من ذي الحجة وقد ذكر هذا التواتر بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى وأشهر ما ورد في ذلك حديث

إبن عباس الذي رواه أمام المحدثين الإمام البخاري رحمه الله أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال ما من أيام العمل فيهن أحبُ إلى الله من هذه العشر يريد العشر الأول من ذي الحجة قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يخرج رجل بماله ونفسه ولا يرجع من ذلك بشي
*«صحيح البخاري - 969»*

وقد جاء هذ الحديث في خارج البخاري أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال ما من أيام العملُ الصالح فيهن أحب إلى الله من أيام العشر فهذا الحديثان وما جاء بمعناهما أو بلفظهما يبينا أن فضيلة الأعمال الصالحة في العشر الأول من ذي الحجة

وقد جاء من حديث إبن عباس أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال أزكى الأيام عند الله *عشر ذي الحجة*

وجاء من حديث جابر بلفظ أفضل الأيام وجاء من حديث غيره أعظم الأيام

فهذه العشر الأول من ذي الحجة سمعتُم منزلتها ومكانتها عند الله وقد صحَ عن مسروق الأجدع وهو من أئمة التابعين أنه قال في هذه العشر إنها أفضل أيام السنة أنها أفضل أيام السنة

وقد صح عن أبي عثمان النهدي رحمه الله أنه قال كانوا أي السلف يعظمون ثلاث عشرات، العشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، والعشر الأول من شهر المحرم.

فهذهِ العشر وهي عشر ذي الحجة معظمةٌ في

القرآن ومعظمةٌ في السنة ومعظمةٌ عند أهل الإسلام بدءً بالصحابة الكرام وتثنية بالتابعين
وهكذا من جاء من بعدهم معظمة لما دعي المسلمون إليه من الأعمال الجليلة، ومن العبادات العظيمة، في هذه العشر، الرسول عليه الصلاة والسلام، قال ما من أيام عمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر فقوله ما من أيام هذا للعموم في ماذا? في الأعمال الصالحة

ولهذا ذكر إبن رجب الحنبلي رحمه الله أن هذا الحديث وأمثاله يبين لنا أن الأعمال الصالحة في العشر الأول من ذي الحجة تفوق في الفضيلة والمنزلة والقبول عند الله ، والأعمال الصالحة فيما عداها وما أستثني من ذلك إلا الخروج إلى الجهاد في سبيل الله ومن خرج ولم يرجع من ذلك بشيء، فهذا هو المستثنى ،أما لو خرج ورجع بنفسه ورجع بماله فلم يبقى الأستثناء كما ذكر ذلك إبن رجب وشيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله.

كذلك أيضا من فضل هذه العشر ومن فضائلها أن الأجور تضاعف فيها ولهذا جاء من حديث إبن عباس رضي الله عنهما أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال ما من أيام العمل فيهن أعظم أجرا من أيام العشر
فالأعمال تضاعف فيها الأجور إذا كانت في هذه العشر

وقد قال شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله إستعاب العبادات في عشر ذي الحجة في الليل والنهار أفضل ممن ذهب وخرج يُجاهد بما ونفسه ولكنه رجع بماله ونفسه ولكنه رجع بماله ونفسه

فلهذا معاشر المسلمين سمعتم فضيلة هذه العشر فدعي المسلمون إلى أن يتسابقوا وإلى أن يتنافسو في العبادات والأعمال الصالحات وترِك السيئات والمعاصي والمنكرات في هذه العشر على وجه الخصوص وأن كان المسلمون مطالبين أن يتركوا ما حرم الله علـّۓ. جهة الإستمرار في الليالي والأيام والشهور والأعوام حتى يلقى العبد ربه

لكن ترك هذه في هذه الأيام أكد وأوكد وكذلك المسلمون مطالبون بالمسابقة إلى الخيرات والتنافس في العبادات والطاعات في الليالي والأيام والشهور والأعوام حتى يلاقي العبد ربه إلا أن هذهِ المنافسة والمسابقة في هذهِ الأيام اكد وأوكد

وا ذكر الحافظ رجب رحمه الله قال: ويشارك أهل الأنصار الحجاج والعمار في عبادات تعلمون أنه في شهر ذي الحجة يؤدى الحج والإعتمار ويكون في ذلك من العبادات العظيمة ومن ذلك الهدي

لكن ذكر إبن رجب وغيره من أهل العلم على أن أهل الأنصار وهم المسلمون الذين لم يحجوا ان الله عز وجل قد دعاهم وأن الله عز وجل قد شرع لهم في كتابه وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام عبادات وطاعات يقبلون عليها على وجه الخصوص في هذه العشر

قال إبن رجب رحمه الله قال ويشارك اهل الأنصار الحجاج والعمار في أمور ومنها الإكثار من ذكر الله رب العالمين وتعلمون فضيلة الإكثار من ذكر الله

قال الله تعالى *﴿ فَاذكُروني أَذكُركُم ِ ﴾ [2:152] - البقرة*
أنظر ما أكرمك على الله إن ذكرته ذكرك وإن شكرته أثابك وأعطاك الأجور العظيمة وإن أطعته وعبدته قبلك وجعل لك من الفرج والمخرج ومن التوفيق والتسديد ومن الإكرام، وكذلك من التأييد والنصر بقدر ما تذكره، وبقدر ما تعظمه، وبقدر ما تشكره، ولهذا قال الله في كتابه الكريم *﴿ لِيَشهَدوا مَنافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ في أَيّامٍ مَعلوماتٍ ﴾ [22:28] - الحج*

وقد جاء من حديث إبن عمر أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: ما من أيام العمل فيهما أحب إلى الله من عشر ذي الحجة فأكثروا فيهن فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير

المسلم الذي ما عنده قدرة على المنافسة في الصدقات في أفعال البر والإحسان مع الأخرين فإنه لا يبخل على نفسه بأن يكثر من ذكر الله ،ومن ذلك ما سمعتم في هذا الحديث فهذ مما يذكر فيها أسم الله عز وجل

وإن كان الذكر في هذه العشر أعم من هذا بكثير فالمطلوب أن يذكر العباد ربهم بكل ما يكون ذكراً له من دعاء وتضرع وقراءة قرآن وتعلم علم وغير ذلك من أنواع الذكر الذي يذكر به الله ويعظم به جل شأنه وينزه عن جميع النقائص والعيوب فيذكر بإسمائه وصفاته وأفعاله جل شأنه وهذا الذكر مما يزيد المسلم تعظيما لربه وإجلالا لخالقه ولي إله ومدبره

فلهذا معاشر المسلمين المطلوب الإكثار من ذكر الله في هذه العشر
وقد جاء من حديث أنس ومن حديث إبن عمر ومن حديث غيرهما أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تُطلع الشمس ثم صلى ركعتين إلا كانت له كحجةٍ وعمرةٍ تامةٍ تامة

وهذا ليس مقصورا على العشر الأول من ذي الحجة ولكنه أكد فيهن وإلا فهذا المشروع في أيام المؤمن فحافظوا على الصلوات مع الجماعة وعلى وجه الخصوص على صلاة الفجر مع الجماعة فإن زادك الله خيراً وتوفيقا قعدت في بيته تذكره جل شأنه وتقرأ كلامه وتدعوه جل شأنه حتى إذا طلعت الشمس وبزغت وأرتفعت صليت ركعتين فما أجمل هذا، من أداء فريضة، ومن أداء ذكرٍ، ومن أداء نافلة وهي صلاة ركعتين بعد طلوع الشمس

وهكذا أيضا يشارك أهل الأنصار والمسلمون على العموم يشاركون الحجاج في ماذا? في إعداد الأضاحي فكما أن الحجاج يهتمون ب
ة وتيسر له ذلك فليكن مشاركا في أن يزداد خيرا وطاعاتٍ وعبادات في هذه العشر

ألا وأن المسلم الموفق إذا فتح له باب خير فإنه يحرص على الإستمرارية فيه وعلى المواصلة في ذلك ولا يرضى بالإنقطاع إذا دعته الشريعة إلى المواصلة في ذلك

فالعبادات التي دُعنياً إلى القيام بها والطاعات في عشر ذي الحجة من الحكمة في ذلك أن المسلم يعود نفسه الإستمرارية على الأعمال الطيبه وعلى العبادة وا علي الإكثار من الخير والطاعات ولا يبقى في فقر وفي ضعف وتعثر وكسل وملل لا يبقى على هذا

وقد جاء من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال أحب الأعمال إلى الله أدومُها وإن قل فحافظ على ما عندك من أعمال صالحة ولا تنقطع ولا تتأخر إن كانت فرضاً فلا يجوز لك أن تترك ذلك بحال إلا بحسب ما جاءت بذلك الشريعة من بيان الضرورات

وإن كانت الأعمال مستحبات ونوافل وطاعات وعبادات فالأفضل للمسلم أن يواصل في ذلك ما تيسر له ذلك

اللهم أنا نسألك الهدى والعفاف والغنى، اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، وا لا هما إلا فرجته، وا لا دينا الا قضيته، وا لا عدوا إلا قسمته.
اللهم عليك بإعداء الاسلام
اللهم عليك بإعداء الاسلام
اللهم عليك بإعداء الاسلام
اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين
اللهم أحفظ هذا البلد وسائر بلاد المسلمين، من مكر الماكرين، وكيد الكائدين، وإعتداء المعتدين.
اللهم أحفظ هذا البلد وسائر بلاد المسلمين من مكر الماكرين، وكيد الكائدين، وإعتداء المعتدين
اللهم أرفع عن أهل هذا البلد وسائر بلاد المسلمين الغمة واكشف عنهم الظلمه
اللهم أصلح لأهل هذا البلد أحوالهم وهكذا لغيرهم من المسلمين
اللهم أنا نسألك صلاح الأحوال
اللهم أنا نسألك ان تدفع عنا ان تدفع عنا الفتن وترفع عنا المحن وتكشف عنا الضر يا أكرم الاكرمين ويا أرحم الراحمين

ا••┈┈•••✦🌟✦•••┈┈••ا
🔹ا√📚[آبْنْ آلُجٍۆڒٍيَ].​
•••━════ ❁✿❁ ═══━•••
ذبح الهدايا وبإعداد الهدي فالمسلمون عموما شُرع لهم ودعوا جميعاً إلى العناية بإعداد ذبائح الأضاحي

فقد جاء من حديث أم سلمة رضي الله عنها وهو عند الإمام مسلم وغيره أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال إذا دخلت العشر الأول من ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ومن أظفاره شيى

وذكر إبن رجب رحمه الله قال ومما يشارك أهل الأنصار فيه الحجاج والعمار أنهم يمتنعون عن حلق شعرهم وعن تقليم أظافرهم في العشر فكما أن الحاج والمعتمر ممنوع أنه يحلق شعره حتى يؤدي ما وجب عليه وهكذا تقليم الأظافر هذا مما ذكره إبن رجب وغيره رحمهم الله تعالى

كذلك أيضا مما نص عليه أهل العلم من العبادات العظيمة التي تُستحب والتي يُتنافس فيها ويِقبل عليها صيام عشر ذي الحجة وقد صح هذا عن إبن عمر رضي الله تعالى عنهما

وجاء أثرٌ حسن عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال صيام يوم من عشر ذي الحجة كصيام شهرين والمراد أن الصيام في عشر ذي الحجة تضاعف فيه الأجور كبقية العبادات والطاعات في هذا الشهر تضاعف أضعافاً كثيرة فالصدقات تضاعف في هذا الشهر، ما لا تضاعف في غيره

وهكذا البر والإحسان إلى الناس يضاعف وقد صار أكثر أهل العلم على إستحباب صيام العشر الأول من ذي الحجة خصوصاً صيام يوم عرفة لمن ليس بحاج فإن صيام هذا اليوم مما أجمعت على فضله وإستحبابه الأمة الإسلامية

وهكذا أيضا خُتمت العشر الأول من شهر ذي الحجة بيوم النحر وهذا اليوم العظيم قد قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أفضلُ الأيَّامِ عندَ اللهِ يومُ النَّحرِ ويومُ القَرِّ .
*«صحيح ابن حبان رقم : 2811 »*

أفضل الأيام عند الله يوم النحر فهذا اليوم أفضل الأيام على الإطلاق على قول من قال من أهل العلم وذلك أنه يوم النحر تذبح فيه الهدايا وتذبح فيه الأضاحي إلى غير ذلك مما فيه من العبادات التي خص بها هذا اليوم الكريم

فلهذا معاشر المسلمين ينبغي التوبة إلى الله من جميع الذنوب وعلى وجه الخصوص في هذه العشر ينبغي الإقبال على الإحسان إلي الأباء والأمهات وعلى البر بهما والطاعة لهما والقيام بحقوقهما

وهكذا أيضا ينبغي الإحسان إلى الجيران والإحسان إلى أهل الإسلام والتعامل بالبر والتقوى أنظروا إلى هذا الإحسان ماذا يجلب لصاحبه

فقد جاء من حديث أنس عند أبي يعلى والطبراني في الصغير وعند البيهقي في الشعب وغيرهم أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وقال: يا رسول الله إني أريد الجهاد ولا أقدر عليه يريد جهاد الكفار الذين كفروا بالله الذين كفروا بالله وبرسول الله للقتل والقتال بين المسلمين قال يا رسول الله إني أريد الجهاد ولا أجدنيِ قادرا عليه
الرسول عليه الصلاة والسلام قال له هل أحد من والديك حي? قال: 'نعم يا رسول الله أمي أمي فقال: له النبي عليه الصلاة والسلام فاتقي الله في أمك وأطعها وبرها فإنك تكون حاجا ومعتمرا ومجاهداً ، فإذا دعتك فاتقي الله وبرها، إذا دعته أمه إلى أي أمر فليستجب لها إلا إن يكون أمراَ يخالف شرع الله عز وجل فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق أنظروا حسن الطاعة وحسن التأدب مع الأبوين ماذا يجلب لصاحبه من الخير ماذا يعطى فاعل هذا من عظيم الأجر والثواب يسير حاجاً مجاهدا ويصير معتمرا أي كالحاج وكالمجاهدً وكالمعتمر لان طاعة الأبوين لا تقوم ولا تؤدى ولا تبذل إلا بالمجاهدة للنفس والإعتراف بعظيم حق الأبوين فحق الأبوين على الأبناء والبنات أعظم من الجبال أعظم من الجبال

فهكذا ينبغي على المسلمين أن يكونوا أبرار أخيار خصوصا في حق الأبوين أستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم

*(الخطبـة الثـانيـة)*
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه

أما بعد فإن السيئات والمعاصي والمنكرات إذا عُمِلت في هذه العشر فإن العقوبة من الله تكون أشد والغضب من الله أعظم فلا يأمن مسلم على نفسه من أن يعجل الله له بالعقوبة خصوصاً إذا كان يصر على الأثام ويستمرُ على الوقوع في الأوزار فليتقي الله كل مسلم وليرقب الله وليقف عند حدود الله

فما جعل الله هذه الأيام والشهور إلا للعبادات والطاعات وما خص منهن بالذكر وما خص منهن بالعبادات والطاعات إلا لحكمةً عظيمة وهي أن يكون المسلمون عندهم نفحات وعندهم أوقات غنائم لهم وعندهم أنفاس يزدادون فيها تقرباً إلى الله وإقبالا على الله وتوبة إلى الله عز وجل فالتوبة إلى الله هي من أعظم العبادات ومن أفرض الفرائض وأكد الواجبات

فعلى المسلمين أن يتوبوا إلى الله من كل ما يخالف شرعه وأن يتوبوا إلى الله بالقيام بطاعته بشكره وذكره وحسن عبادته وبإتباع رسوله عليه الصلاة والسلام فهذهِ فرصة عظيمة لربما لم تُيسر لك بعد هذا الوقت لربما لم تيسر لك بعد هذا الوقت ألا وأن مما ذكرت الان من أمر الصيام

إنه صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه كان يرى أن من عليه قضاء من صيام شهر رمضان أن الأفضل أن يصوم ذلك في عشر ذي الحجة فمن لم يُسر له الصيام الذي هو تطوع ونافلة وعليه الصيام فريض
🎤
*خطـــبــــة جـــيـــــدة بعـــنـــــــوان :*
.يوم.عرفة.فضائل.ورحمات.tt
6- ذو الحجة 1439 هـ 17- اغسطس 2018 م
جمع وإعداد الشيخ/ مـحــمـــد الـجـــرافــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الذي دعا عباده المؤمنين إلى حج بيته الحرام؛ ليشهدوا منافع لهم، وليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بين يدي الساعة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا صل الله وسلم وبارك عليه وارض اللهم عن آله، ومن دعا بدعوته، وعمل بسنته، ونصح لأمته، وسلم تسليمًا كثيرًا. عباد الله اوصيكم ونفسي الآثمة بتقوى الله
أما بعد عباد الله فقد جعل الله لأهل الايمان مواسم تزداد فيها الخيرات، وأزمنة لتكثيف الطاعات، وعمل الصالحات، والمسابقة في القربات، هذه المواسم تزداد فيها الحسنات وتضاعف فيها والأجور والخيرات، ولا بد للمسلم الفطن اغتنام هذه الفرصة وتحينها من بين جميع الأوقات، ومن هذه الأزمنة العظيمة يوم عرفة فقد جمع الله فيه الفضائل والكرامات والمنح ما خص به هذا اليوم دون غيره من أيام العام:
*إنه يوم التجليات والنفحات الإلهية، ويوم العطاء والبذل والسخاء، وهو اليوم الذي يقف فيه الناس على صعيد واحد مجردين من كل آصرة ورابطة إلا رابطة الإيمان والعقيدة، ينشدون لرب واحد ويناجون إلهاً واحداً، إله البشرية جميعاً،
بعد أيام قلائل سيمر علينا هذا اليوم المبارك من أيام شهر ذي الحجة يوم الاثنين القادم يوم من الأيام التي اقسم الله بها في كتابه الخالد،
هذا اليوم شرفه الله وفضله بفضائل عظيمة، اليوم الذي خصه الله بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل أيام السنة، إنه اليوم الذي يعم الله عباده بالرحمات، ويكفر عنهم السيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات ويعتقهم من النار…
إنه موقف مصغر عن موقف الحشر؛ حيث يقف الناس في عرفات مجردين من كل شيء، فالكل واقف أمام رب العزة سبحانه
وتتجلى هناك مواقف الإنسانية والأخوة والمساواة، فلا رئيس ولا مرؤوس، ولا حاكم ولا محكوم، ولا غني ولا فقير، ولا أمير ولا مأمور، ولا أبيض ولا أسود ولا أصفر، الكل عبيد لله، الكل يناجي ربه العظيم لينالوا مغفرته ورضوانه.
هذا يوم عرفة، يوم المغفرة، فإذا كان الحجيج وهم واقفون في عرفات ينعمون برحمات الله تعالى وغفرانه ورضوانه.. فان أبواب الرحمة والمغفرة والرضوان مفتوحة أمامنا ونحن في بيوتنا باستغلالنا لهذا اليوم بطاعة الله تعالى..
يوم عرفة منَ الأيام الفاضِلة: تُجاب فيه الدَّعوات، وتُقال العَثَرات، ويباهي اللهُ فيه الملائكة بأهل عرفات، وهو يومٌ عظَّم الله أمرَه، ورفع على الأيام قدْره، ويومٌ كهذا حرِيٌّ بنا أن نتعرَّف على فضائله، وما مَيَّزه الله به على غيره منَ الأيام.
*- أنه يومٌ أقسم الله به، والعظيم لا يُقسم إلاَّ بعظيمٍ، وهو اليوم المشهود في قوله - تعالى -: {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 3]، وفي حديث أبي هريرة: أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اليوم الموعود يوم القيامة، واليوم المشهود يومُ عرفة، والشاهد يوم الجمعة))؛ رواه التِّرمذي وغيره، وهو حَسَن.
*وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 3]، وفي حديث جابر: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن العَشْر عشرُ الأضحى، والوتر يومُ عرفة، والشَّفْع يومُ النَّحر))؛ رواه أحمد والحاكم وصَحَّحه، ووافَقه الذهبي.
*- إنه اليوم الذي أَخَذَ الله فيه الميثاق على ذُرية آدم؛ فعنِ ابنِ عباس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أَخَذَ الله - تبارك وتعالى - الميثاق مِن ظهر آدم بـ(نَعْمان) - يعني: عَرَفة - فأخرج من صُلبه كل ذُريَّة ذَرَأَها، فَنَثَرَهُم بين يديه كالذَّرِّ، ثم كلَّمهم قِبَلاً، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} [الأعراف: 172، 173]))؛ رواه أحمد والحاكم وصَحَّحه، ووافَقَه الذَّهَبي، وصَحَّحه الألباني، فما أعظمه من يوم، وما أعظمه مِن ميثاق.
* أنه يوم مغفرة الذُّنوب، والعِتق منَ النار، والمباهَاة بأهل الموقف؛ ففي حديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا منَ النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهِي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟))؛ رواه مسلم، وزاد رُزين في جامعه: ((واشهدوا - يا ملائكتي -: أنِّي قد غفرتُ لهم))، وفي حديث جابر: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((وما مِن يوم أفضل عند الله مِن يوم عرفة، ينزل الله إلى السَّماء الدُّنيا، فيباهِي بأهل الأرض أهلَ السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي
شُعثًا غُبرًا ضاحِين، جاؤوا من كلِّ فجٍّ عميق، لم يروا رحمتي، ولم يروا عذابي، فلم أرَ يومًا أكثر عتيقًا منَ النار من يوم عرفة))؛ رواه أبو يَعْلى وغيره، وهو حَسَن.
* عرفة يوم يغيظ الشيطان اليوم الذي يرى فيه إبليس صاغرًا حقيرًا ويعم الله عباده فيه بالرحمات ويكفر عنهم السيئات، ويمحو عنهم الخطايا والزلات، مما يجعل إبليس يندحر صاغرا؛ يقول حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو يصف الشيطان وحاله في ذلك الموقف يقول: (مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ)؛ رواه مالك والبيهقي وعبدالرزاق وابن عبدالبر.
*- وهو يوم العتق من النار، فعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه يدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء)).
* ويوم عرفة أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- : إن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال : أي آية؟ قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) [ سورة المائدة:5].
قال عمر – رضي الله عنه- : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
عباد الله وهو يوم حرمة الدماء في هذا اليوم العظيم وفي يوم الحج الأكبر يُرسي الرسول صلى الله عليه وسلم دعائم القانون العام لحرمة الدماء والأموال والأعراض؛ فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا؛ إلى يوم تلقون ربكم.. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم قال: اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فربَّ مبلَّغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض"
وهنا نذكِّر المسلمين في كل بقاع الأرض الإسلامية بحرمة الدماء والأموال والأعراض، وليحذر المسلم كل الحذر من أن يزيّن له الشيطان سفك دم أخيه المسلم أو استباحة عرضه أو استحلال ماله؛ بما يلقيه من شبهات وزخرف القول ليردُّوهم وليلبسوا عليهم دينهم، ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون. ألا ما أروعَ هذا الميثاقَ النبوي الكريم الذي أعلنه في يوم عرفه!! هذا الميثاق الذي لو وعاه هؤلاء المسلمون المتقاتلون فيما بينهم السافكون لدماء إخوانهم بغير حق لوقف نزيف الدم، وأُغمدت السيوف، ووضَعت الحرب أوزارها، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم.
*- وهويوم تكفير ذنوب سنتين ماضية وقادمة قال رسول الله صل الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم عرفة: ((يكفر السنة الماضية والسنة القابلة)). رواه مسلم.
*- يوم التضرع بين يدي الله والابتهال وطلب الحاجات قال النبي صل الله عليه وسلم: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة)). صححه الألباني في كتابه السلسة الصحيحة. قال ابن عبد البر: وفي ذلك دليل على فضل يوم عرفة على غيره.
فهو بحق يصح أن يطلق عليه يوم الأيام، ومنحة المنح، والعطية العظمى، والمقصود الأسمى، فيا ربح من طلبه، ويا خسران من زهد فيه وغفل عنه، تعهد الله فيه بالغفران العظيم، والعتق الكبير والسعادة الأبدية.
فينبغي على المسلم أن يحافظ على الأسباب التي يرجى بها العتق والمغفرة في يوم عرفة ومن هذه الأسباب: حفظ جوارحه عن المحرمات في ذلك اليوم.
وكذلك الإكثار من التهليل والتسبيح والتكبير في هذا اليوم: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة، فمنّا المكبر ومنا المهلل..) رواه مسلم. واسمعوا الى هذه البشارة للذين يكبرون ويهللون في الأيام العشر ويوم عرفة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أهل مهل قط إلا بشر ولا كبر مكبر قط الا بشر قيل يا رسول الله بالجنة قال نعم ) رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الالباني
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه غافر الذنوب والخطيئات
الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله وبعـــد:
2024/09/23 10:28:44
Back to Top
HTML Embed Code: