🎤
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
( مصابيح الهدى - عمر بن الخطاب )
للــشيــخ/ مــــحـــــمــــــــــد حـــــــــســــــــــان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أمــــا بــــعــــــــد:
فمرحباً بكم أحبتي في الله!
وأسأل الله جل وعلا أن ينضر هذه الوجوه المشرقة الطيبة، وأن يزكي هذه الأنفس، وأن يشرح هذه الصدور، وأن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال، وأن يجمعني وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيء قدير.
أحبتي في الله!
مع أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وأود بداية أن أوضح منهجي الذي التزمت به في هذه السلسلة الكريمة؛ لأنه لم يتضح لبعض الأحبة في اللقاء الماضي، مع أني أوضحت في مقدمة اللقاء الماضي أني لا أحكي تاريخاً، ولا أقص سيرة كاملة، ولا أقف أمام كل زهرة في بستان حياتهم الرحب الفسيح، وليس من الصعوبة -كما ذكرت- أن نقتطف زهرة وحيدة من وسط صحراء مقفرة!
ولكن من الصعوبة بمكان أن نختار زهرة عطرة جميلة في وسط حديقة غناء، تضم كل أنواع الزهور، وتشمل كل أنواع الورود، وتضم كل أصناف العبير، ومن ثمَّ فإنني سأتوقف أمام بعض الزهرات في بستان حياتهم الرحب الفسيح، ولن أستطع أن أتوقف مع جميع مواقفهم على طول حياتهم، وإلا لطالت وقفتنا، بل ولا أكون مغالياً إن قلت: إن فعلت ذلك ربما أتوقف مع أحدهم أكثر من عشر جمع! وهذا -ولا شك- مجاله كتب السير والتراجم والأعلام.
هذا هو منهجي الذي التزمت به في هذه السلسلة الكريمة؛ للعظة والعبرة من ناحية، وليربى الجيل على سير ومواقف هؤلاء الأبطال الأطهار من ناحية أخرى.
فتعالوا بنا سريعاً لنلقي السمع والبصر والفؤاد بين يدي هذا الرجل القوي الأمين، بين يدي هذا المعلم الكبير الذي ليس له بين المعلمين على ظهر هذه الأرض نظير .
إنه الرجل الكبير في بساطة، البسيط في قوة، القوي في رحمة وعدل، إنه الرجل التقي النقي الزاهد الناسك الورع، الذي يتفجر نسكه حركة وزكاء، وعملاً وبناء، إنه المعلم الذي غير صفحة الدنيا ووجه التاريخ،
إنه التقي النقي الذي كان للمتقين إماماً، إنه الرجل الذي قدم للدنيا كافة قدوة لا تبلى على مر الزمان والأيام، قدوة متمثلة في حياته كلها، ترك الدنيا بزخرفها وسلطانها وأموالها على عتبة داره، فسرحها سراحاً جميلاً، وساقها إلى الناس سوقاً كريماً، وقام ينثر على الناس طيباتها، ويدرأ عن الناس مضلاتها، حتى إذا ما نفض يديه من علائق هذا المتاع الزائل، وهذا الظل المنتهي، قام مستأنفاً سيره ومسراه، مهرولاً تحت حرارة الشمس المحرقة، في يوم شديد الحرارة، مهرولاً وراء بعير من إبل الصدقة، يخشى عليه الضياع، ويخشى أن يسأل عنه بين يدي الله جل وعلا!
أو تراه منحنياً على قدر فوق نار مشتعلة؛ لينضج طعمة طيبة لامرأة غريبة أدركها المخاض في المدينة المنورة، أو لأطفال صغار يتضورون جوعاً في ليلة شديدة الظلام شديدة البرد.
إنه الرجل الذي تنزل القرآن أكثر من مرة موافقاً لقوله ورأيه، إنه الرجل الذي كان إسلامه فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة وعدلاً، إنه فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
والله إن الاقتراب من هذا الرجل التقي النقي أمر رهيب، بقدر ما هو حبيب إلى كل نفس مؤمنة، إن عمر بن الخطاب من الطراز الذي تغمرك الهيبة وأنت تقرأ تاريخه المكتوب، كما تغمرك الهيبة وأنت تجالس شخصه المتواضع، فالمشهد المذكور من تاريخه لا يكاد يختلف عن المشهد الحي إلا في غياب البطل عن حاسة البصر فقط!
أما الأفئدة.. أما البصيرة ..
فإنها إذا ما طالعت سيرة عمر بن الخطاب كأنها تجالسه، وكأنها تسمعه، وكأنها تحدثه ويحدثها، وكأنها ترى رأي العين جلال الأعمال، ومناسك البطولات، وأروع الانتصارات التي نقشها عمر بن الخطاب بيمينه المبارك على جبين السماء، وخطها بيمينه الأنور على صفحة الأيام.
أحبتي في الله!
ترى بأي المواقف أبدأ؟
وعن أي المواقف أتكلم؟! هل أبدأ بفتوحاته وانتصاراته على كثرتها؟! أم بانتصاراته على روعتها؟! أم سأتحدث اليوم عن زهده وورعه؟! أم سنتوقف مع زهده وعدله؟! أم سنذكر عمله وفقهه؟! بأي المواقف أبدأ؟! وعن أي المواقف أتحدث؟! وماذا أذكر عن عمر رضي الله عنه وأرضاه؟! والذي أرى -من وجهة نظري- أن أعظم ما يمكن أن أستهل به الحديث عن عظمة هذا الرجل: أن نبدأ بتلك الأوسمة، وتلك النياشين التي وضعها بيمينه المبارك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على صدر هذا الرجل العجيب المهيب؛ ليشمخ بها في الدنيا ويسعد بها في الآخرة. ففي الحديث الذي رواه الترم
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
( مصابيح الهدى - عمر بن الخطاب )
للــشيــخ/ مــــحـــــمــــــــــد حـــــــــســــــــــان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أمــــا بــــعــــــــد:
فمرحباً بكم أحبتي في الله!
وأسأل الله جل وعلا أن ينضر هذه الوجوه المشرقة الطيبة، وأن يزكي هذه الأنفس، وأن يشرح هذه الصدور، وأن يتقبل مني ومنكم صالح الأعمال، وأن يجمعني وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيء قدير.
أحبتي في الله!
مع أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وأود بداية أن أوضح منهجي الذي التزمت به في هذه السلسلة الكريمة؛ لأنه لم يتضح لبعض الأحبة في اللقاء الماضي، مع أني أوضحت في مقدمة اللقاء الماضي أني لا أحكي تاريخاً، ولا أقص سيرة كاملة، ولا أقف أمام كل زهرة في بستان حياتهم الرحب الفسيح، وليس من الصعوبة -كما ذكرت- أن نقتطف زهرة وحيدة من وسط صحراء مقفرة!
ولكن من الصعوبة بمكان أن نختار زهرة عطرة جميلة في وسط حديقة غناء، تضم كل أنواع الزهور، وتشمل كل أنواع الورود، وتضم كل أصناف العبير، ومن ثمَّ فإنني سأتوقف أمام بعض الزهرات في بستان حياتهم الرحب الفسيح، ولن أستطع أن أتوقف مع جميع مواقفهم على طول حياتهم، وإلا لطالت وقفتنا، بل ولا أكون مغالياً إن قلت: إن فعلت ذلك ربما أتوقف مع أحدهم أكثر من عشر جمع! وهذا -ولا شك- مجاله كتب السير والتراجم والأعلام.
هذا هو منهجي الذي التزمت به في هذه السلسلة الكريمة؛ للعظة والعبرة من ناحية، وليربى الجيل على سير ومواقف هؤلاء الأبطال الأطهار من ناحية أخرى.
فتعالوا بنا سريعاً لنلقي السمع والبصر والفؤاد بين يدي هذا الرجل القوي الأمين، بين يدي هذا المعلم الكبير الذي ليس له بين المعلمين على ظهر هذه الأرض نظير .
إنه الرجل الكبير في بساطة، البسيط في قوة، القوي في رحمة وعدل، إنه الرجل التقي النقي الزاهد الناسك الورع، الذي يتفجر نسكه حركة وزكاء، وعملاً وبناء، إنه المعلم الذي غير صفحة الدنيا ووجه التاريخ،
إنه التقي النقي الذي كان للمتقين إماماً، إنه الرجل الذي قدم للدنيا كافة قدوة لا تبلى على مر الزمان والأيام، قدوة متمثلة في حياته كلها، ترك الدنيا بزخرفها وسلطانها وأموالها على عتبة داره، فسرحها سراحاً جميلاً، وساقها إلى الناس سوقاً كريماً، وقام ينثر على الناس طيباتها، ويدرأ عن الناس مضلاتها، حتى إذا ما نفض يديه من علائق هذا المتاع الزائل، وهذا الظل المنتهي، قام مستأنفاً سيره ومسراه، مهرولاً تحت حرارة الشمس المحرقة، في يوم شديد الحرارة، مهرولاً وراء بعير من إبل الصدقة، يخشى عليه الضياع، ويخشى أن يسأل عنه بين يدي الله جل وعلا!
أو تراه منحنياً على قدر فوق نار مشتعلة؛ لينضج طعمة طيبة لامرأة غريبة أدركها المخاض في المدينة المنورة، أو لأطفال صغار يتضورون جوعاً في ليلة شديدة الظلام شديدة البرد.
إنه الرجل الذي تنزل القرآن أكثر من مرة موافقاً لقوله ورأيه، إنه الرجل الذي كان إسلامه فتحاً، وكانت هجرته نصراً، وكانت إمارته رحمة وعدلاً، إنه فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
والله إن الاقتراب من هذا الرجل التقي النقي أمر رهيب، بقدر ما هو حبيب إلى كل نفس مؤمنة، إن عمر بن الخطاب من الطراز الذي تغمرك الهيبة وأنت تقرأ تاريخه المكتوب، كما تغمرك الهيبة وأنت تجالس شخصه المتواضع، فالمشهد المذكور من تاريخه لا يكاد يختلف عن المشهد الحي إلا في غياب البطل عن حاسة البصر فقط!
أما الأفئدة.. أما البصيرة ..
فإنها إذا ما طالعت سيرة عمر بن الخطاب كأنها تجالسه، وكأنها تسمعه، وكأنها تحدثه ويحدثها، وكأنها ترى رأي العين جلال الأعمال، ومناسك البطولات، وأروع الانتصارات التي نقشها عمر بن الخطاب بيمينه المبارك على جبين السماء، وخطها بيمينه الأنور على صفحة الأيام.
أحبتي في الله!
ترى بأي المواقف أبدأ؟
وعن أي المواقف أتكلم؟! هل أبدأ بفتوحاته وانتصاراته على كثرتها؟! أم بانتصاراته على روعتها؟! أم سأتحدث اليوم عن زهده وورعه؟! أم سنتوقف مع زهده وعدله؟! أم سنذكر عمله وفقهه؟! بأي المواقف أبدأ؟! وعن أي المواقف أتحدث؟! وماذا أذكر عن عمر رضي الله عنه وأرضاه؟! والذي أرى -من وجهة نظري- أن أعظم ما يمكن أن أستهل به الحديث عن عظمة هذا الرجل: أن نبدأ بتلك الأوسمة، وتلك النياشين التي وضعها بيمينه المبارك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على صدر هذا الرجل العجيب المهيب؛ ليشمخ بها في الدنيا ويسعد بها في الآخرة. ففي الحديث الذي رواه الترم
ذي بسند حسن من حديث ولده عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه) وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لقد كان فيمن كان قبلكم محدثون -أي: ملهمون- فإن يكن في أمتي منهم أحد فإنه عمر).
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جوار قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لـعمر -يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم-: فتذكرت غيرة عمر ، فوليت مدبراً! يقول أبو هريرة : فلما سمع ذلك عمر بكى رضي الله عنه وأرضاه وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!). وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا نائم عرض علي الناس، وعليهم قمص -جمع قميص- فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض علي عمر وعليه قميص يجره، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين).
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا نائم أتيت بقدح من اللبن، فشربت منه حتى إني أرى الري يخرج من بين أظفاري، ثم أعطيت فضلة شربتي لـعمر بن الخطاب ، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم). وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويحدثنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لـعمر ، فدخل عمر بن الخطاب ورسول الله يضحك، فقال عمر بمنتهى الأدب والإجلال والإكبار: أضحك الله سنك يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبت لهؤلاء اللاتي كن عندي يحدثنني، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب) .
فنظر عمر بن الخطاب المؤدب الذي تربى على أستاذ البشرية ومعلم الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، نظر عمر إلى أستاذه ومعلمه صلى الله عليه وسلم وقال: أنت أحق أن يهبنك يا رسول الله، ثم التفت عمر إليهن وقال: يا عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟! فقلن: نعم، أنت أفض وأغلظ من رسول الله يا عمر ! نعم نهابك ولا نهاب رسول الله، وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]. فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لـعمر : (إيه يا ابن الخطاب ! والذي نفسي بيده لو لقيك الشيطان سالكاً فجاً لتركه لك وسلك فجاً غير فجك يا عمر)
أي طبيعة هذه؟! إنها طبيعة فذة.. إنها طبيعة قل أن تتكرر في الأعداد الهائلة من البشر، بل لا أكون مغالياً إن قلت: إنها طبيعة ليس لها مثيل في البشر بعد عمر ! أي طراز من البشر كان؟! أي صنف من الناس كان عمر رضي الله عنه وأرضاه؟!
إنه الرجل الذي حار التاريخ ..
في أعماله وفي سيرته، ووقف التاريخ وسيقف أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقفة إجلال وإعزاز وإكبار، سبحان الله! ولما عرف النبي صلى الله ليه وسلم هذه الطبيعة الفذة، وهذه الأصالة في عمر، لجأ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً إلى الله وقال: (اللهم! أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: بـعمر بن الخطاب أو بـعمرو بن هشام) والحديث رواه الترمذي وهو حديث حسن.
وربح الإسلام أحب الرجلين إلى الله، وهو عمر بن الخطاب، صاحب الفطرة السوية القوية التي سرعان ما استجابت للحق في لمح البصر، ليتحول بعدها عمر تحولاً هائلاً إلى أقصى رحاب الهدى والتوحيد والإيمان! بعد أن كان بالأمس القريب في أقصى مجاهل الوثنية والشرك والإلحاد! ويخرج المسلمون لأول مرة بعد أن كانوا يستخفون من أهل الشرك في مكة، يخرجون بعزة واستعلاء؛ ليرجّوا أنحاء مكة بتكبيرهم لله جل وعلا، ولم لا وقد أصبح بينهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه! ويجسد عبد الله بن مسعود ه
رفع الله عمر بالإسلام
وهاهي الأيام تمر، والأشهر تجري وراءها، وتسحب معها السنين، ويقف راعي الغنم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم باسطاً يمينه المباركة، ليأخذ البيعة ليكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي بكر رضي الله عنه. بخٍ بخٍ يا عمر ! لقد كنت في الجاهلية تدعى عميراً ، ثم دعيت: يا عمر ! وها أنت اليوم تبسط يمينك لتدعى بعد الساعة: يا أمير المؤمنين، بخ بخ يا عمر !
ويقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليستهل عهد خلافته المبارك بهذه الخطبة الجامعة المانعة فيقول -وأعيروني القلوب والأسماع، فلو لم أتوقف في هذا اللقاء إلا مع هذه الكلمات لكفانا بها زاداً-.
خطبة عمر عند توليه الخلافة
وقف عمر يقول: (بلغني أن الناس خافوا شدتي وهابوا غلظتي، وقالوا: لقد اشتد عمر ورسول الله بين أظهرنا، واشتد علينا وأبو بكر والينا دونه، فكيف وقد ص
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا نائم رأيتني في الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جوار قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لـعمر -يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم-: فتذكرت غيرة عمر ، فوليت مدبراً! يقول أبو هريرة : فلما سمع ذلك عمر بكى رضي الله عنه وأرضاه وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!). وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا نائم عرض علي الناس، وعليهم قمص -جمع قميص- فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض علي عمر وعليه قميص يجره، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين).
وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا نائم أتيت بقدح من اللبن، فشربت منه حتى إني أرى الري يخرج من بين أظفاري، ثم أعطيت فضلة شربتي لـعمر بن الخطاب ، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم). وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويحدثنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، فأذن النبي صلى الله عليه وسلم لـعمر ، فدخل عمر بن الخطاب ورسول الله يضحك، فقال عمر بمنتهى الأدب والإجلال والإكبار: أضحك الله سنك يا رسول الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عجبت لهؤلاء اللاتي كن عندي يحدثنني، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب) .
فنظر عمر بن الخطاب المؤدب الذي تربى على أستاذ البشرية ومعلم الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، نظر عمر إلى أستاذه ومعلمه صلى الله عليه وسلم وقال: أنت أحق أن يهبنك يا رسول الله، ثم التفت عمر إليهن وقال: يا عدوات أنفسهن! أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟! فقلن: نعم، أنت أفض وأغلظ من رسول الله يا عمر ! نعم نهابك ولا نهاب رسول الله، وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]. فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لـعمر : (إيه يا ابن الخطاب ! والذي نفسي بيده لو لقيك الشيطان سالكاً فجاً لتركه لك وسلك فجاً غير فجك يا عمر)
أي طبيعة هذه؟! إنها طبيعة فذة.. إنها طبيعة قل أن تتكرر في الأعداد الهائلة من البشر، بل لا أكون مغالياً إن قلت: إنها طبيعة ليس لها مثيل في البشر بعد عمر ! أي طراز من البشر كان؟! أي صنف من الناس كان عمر رضي الله عنه وأرضاه؟!
إنه الرجل الذي حار التاريخ ..
في أعماله وفي سيرته، ووقف التاريخ وسيقف أمام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقفة إجلال وإعزاز وإكبار، سبحان الله! ولما عرف النبي صلى الله ليه وسلم هذه الطبيعة الفذة، وهذه الأصالة في عمر، لجأ النبي صلى الله عليه وسلم يوماً إلى الله وقال: (اللهم! أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: بـعمر بن الخطاب أو بـعمرو بن هشام) والحديث رواه الترمذي وهو حديث حسن.
وربح الإسلام أحب الرجلين إلى الله، وهو عمر بن الخطاب، صاحب الفطرة السوية القوية التي سرعان ما استجابت للحق في لمح البصر، ليتحول بعدها عمر تحولاً هائلاً إلى أقصى رحاب الهدى والتوحيد والإيمان! بعد أن كان بالأمس القريب في أقصى مجاهل الوثنية والشرك والإلحاد! ويخرج المسلمون لأول مرة بعد أن كانوا يستخفون من أهل الشرك في مكة، يخرجون بعزة واستعلاء؛ ليرجّوا أنحاء مكة بتكبيرهم لله جل وعلا، ولم لا وقد أصبح بينهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه! ويجسد عبد الله بن مسعود ه
رفع الله عمر بالإسلام
وهاهي الأيام تمر، والأشهر تجري وراءها، وتسحب معها السنين، ويقف راعي الغنم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم باسطاً يمينه المباركة، ليأخذ البيعة ليكون خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي بكر رضي الله عنه. بخٍ بخٍ يا عمر ! لقد كنت في الجاهلية تدعى عميراً ، ثم دعيت: يا عمر ! وها أنت اليوم تبسط يمينك لتدعى بعد الساعة: يا أمير المؤمنين، بخ بخ يا عمر !
ويقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليستهل عهد خلافته المبارك بهذه الخطبة الجامعة المانعة فيقول -وأعيروني القلوب والأسماع، فلو لم أتوقف في هذا اللقاء إلا مع هذه الكلمات لكفانا بها زاداً-.
خطبة عمر عند توليه الخلافة
وقف عمر يقول: (بلغني أن الناس خافوا شدتي وهابوا غلظتي، وقالوا: لقد اشتد عمر ورسول الله بين أظهرنا، واشتد علينا وأبو بكر والينا دونه، فكيف وقد ص
ار
ت الأمور إليه؟! ألا فاعلموا أيها الناس! أن هذه الشدة قد أضعفت -أي: تضاعفت- ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، أما أهل السلامة والدين والقصد فأنا ألين إليهم من بعضهم لبعض، ولست أدع أحداً يظلم أحداً أو يعتدي عليه، حتى أضع خده على الأرض وأضع قدمي على خده الآخر؛ حتى يذعن للحق، وإني بعد شدتي تلك لأضع خدي أنا على الأرض لأهل الكفاف وأهل العفاف.
أيها الناس! إن لكم عليَّ خصالاً أذكرها لكم، فخذوني بها، لكم عليَّ أن لا أجتبي شيئاً من خراجكم وما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم عليَّ إن وقع في يدي أن لا يخرج إلا بحقه، ولكم عليَّ أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله تعالى .
ولكم عليَّ ألا ألقيكم في التهلكة، ولكم عليَّ أن أسد ثغوركم إن شاء الله تعالى، ولكم عليَّ إن غبتم في البعوث -أي: المعارك- فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم، فاتقوا الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضار النصيحة فيما ولاني الله من أموركم).
بالله ما أنقاه! بالله ما أتقاه! بالله ما أروعه وما أطهره! أي دستور في عالم الدساتير هذا؟! أي قانون في عالم القوانين هذا؟! (فإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم).
أي عظمة وأي طراز من البشر كان عمر رضي الله عنه وأرضاه؟! إنه ابن الجزيرة الذي رباه الإسلام على يد محمد عليه الصلاة والسلام، نعم هذا الرجل الذي كان لا ينسى هذه النعمة أبداً، لا ينسى أنه كان بالأمس القريب راعياً للغنم، ولا ينسى أنه كان بالأمس القريب في الجاهلية يعذب من وحد الله جل وعلا، وها هو الآن يشار إليه بالبنان، ويقال له: يا أمير المؤمنين! كانت لا تغيب عن باله، وكان يقف مع نفسه ليقول لها: بخ بخ يا ابن الخطاب ! كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ذليلاً فأعزك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، ثم حملك الله على رقاب الناس، فماذا أنت قائل لربك غداً يا عمر ؟! هذه هي البوصلة التي تحركت في اتجاهها كل ذرات كيانه وجوارحه! ماذا تقول لربك غداً يا عمر ؟! هذه أنشودته الحلوة العذبة التي كانت تصرخ في أعماق كيانه ووجدانه، وتملأ عليه سمعه وبصره، وتزلزل عليه أركانه وجوارحه! ماذا تقول لربك غداً يا عمر ؟! هذا هو السر يا أحباب! إذا أردت أن ترى هذا الشامخ العارف الذي يتفجر قوة وبأساً، إذا أردت أن تنظر إليه كعصفور مبلل بماء المطر في يوم شديد البرودة فما عليك إلا أن تقترب منه وتخوفه بالله جل وعلا؛ لترى إنساناً آخر وقد قامت قيامته، واصفر وجهه، ووقف وكأنه بين يدي الله جل وعلا والميزان عن يمينه، والصراط عن شماله، وكتابه منشور بين يديه، والنداء يدوي في أرجاء كيانه وجوارحه: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء:14]
هذه هي البوصلة أيها الأحباب!
وهذا هو السر الذي جعل ابن الخطاب يعزف عن كل ملذات الدنيا ونعيمها.
طعام عمر أمير المؤمنين
ولقد زاره يوماً حفص بن أبي العاص رضي الله عنه وأرضاه، ووجد عمر بن الخطاب جالساً إلى غدائه، ودعا عمر حفصاً أن يتناول الغداء معه، فنظر حفص إلى طعام أمير المؤمنين، فوجد خبزاً يابساً وزيتاً، وكان حفص ذكياً، فلم يشأ حفص أن يتعب معدته في هضم هذا الطعام الشديد، وفطن عمر بن الخطاب إلى سر عزوف حفص ، فقال له سائلاً: ما الذي منعك أن تتناول معنا الطعام يا حفص ؟ ولم تنقص الصراحة حفصاً، فقد كانوا أتقياء أصفياء، لا يجيدون لغة الكذب واللف والدوران والمنافقة والمداهنة .
قال له حفص بن أبي العاص : إنه طعام خشن يا أمير المؤمنين! ولسوف أرجع إلى بيتي لأنال طعاماً طيباً ليناً قد صنع وأعد لي، فقال عمر : يا حفص ! أتراني عاجزاً أن آمر بصغار الماعز فيلقى عنها شعرها، وبرقيق البر فيخبز خبزاً رقاقاً، وبصاع من الزبيب يوضع في كنية من السمن، فآكل هذا وأشرب هذا؟! فقال حفص : والله إنك بطيب الطعام لخبير يا أمير المؤمنين! فقال عمر بن الخطاب : والذي نفسي بيده! لو أردت أن أكون أشهاكم طعاماً وأرفهكم عيشاً لفعلت، أما إني لأعلم بطيب الطعام من كثير من آكليه! ولكني تركت هذا ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، وإني سمعت الله تعالى يقول عن أقوام: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا [الأحقاف:20]، فإني أخاف أن أقدم طيباتي في الدنيا ولا يكون لي عند الله في الآخرة!
وفي عام الرمادة: العام السابع عشر، وكان عام مجاعة قاتلة في المدينة المنورة، حرم عمر على نفسه اللحم وغيره من أنواع الطعام الشهي، وأبى إلا أن يأكل الزيت، وأمر في يوم من أيام هذا العام القاتل بذبح جزور وتوزيعه على الناس في المدينة، وعند وقت الغداء دخل ليتناول طعامه، فوجد أشهى ما في الجزور من لحم، فقال: من أين هذا؟! فقالوا: إنه من الجزور الذي ذبح اليوم يا أمير المؤمنين! فقال -وهو يزيح الطعام عن مائدته بيده المباركة-: بخ بخ! بئس
ت الأمور إليه؟! ألا فاعلموا أيها الناس! أن هذه الشدة قد أضعفت -أي: تضاعفت- ولكنها إنما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، أما أهل السلامة والدين والقصد فأنا ألين إليهم من بعضهم لبعض، ولست أدع أحداً يظلم أحداً أو يعتدي عليه، حتى أضع خده على الأرض وأضع قدمي على خده الآخر؛ حتى يذعن للحق، وإني بعد شدتي تلك لأضع خدي أنا على الأرض لأهل الكفاف وأهل العفاف.
أيها الناس! إن لكم عليَّ خصالاً أذكرها لكم، فخذوني بها، لكم عليَّ أن لا أجتبي شيئاً من خراجكم وما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم عليَّ إن وقع في يدي أن لا يخرج إلا بحقه، ولكم عليَّ أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله تعالى .
ولكم عليَّ ألا ألقيكم في التهلكة، ولكم عليَّ أن أسد ثغوركم إن شاء الله تعالى، ولكم عليَّ إن غبتم في البعوث -أي: المعارك- فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم، فاتقوا الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضار النصيحة فيما ولاني الله من أموركم).
بالله ما أنقاه! بالله ما أتقاه! بالله ما أروعه وما أطهره! أي دستور في عالم الدساتير هذا؟! أي قانون في عالم القوانين هذا؟! (فإذا غبتم في البعوث فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم).
أي عظمة وأي طراز من البشر كان عمر رضي الله عنه وأرضاه؟! إنه ابن الجزيرة الذي رباه الإسلام على يد محمد عليه الصلاة والسلام، نعم هذا الرجل الذي كان لا ينسى هذه النعمة أبداً، لا ينسى أنه كان بالأمس القريب راعياً للغنم، ولا ينسى أنه كان بالأمس القريب في الجاهلية يعذب من وحد الله جل وعلا، وها هو الآن يشار إليه بالبنان، ويقال له: يا أمير المؤمنين! كانت لا تغيب عن باله، وكان يقف مع نفسه ليقول لها: بخ بخ يا ابن الخطاب ! كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ذليلاً فأعزك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، ثم حملك الله على رقاب الناس، فماذا أنت قائل لربك غداً يا عمر ؟! هذه هي البوصلة التي تحركت في اتجاهها كل ذرات كيانه وجوارحه! ماذا تقول لربك غداً يا عمر ؟! هذه أنشودته الحلوة العذبة التي كانت تصرخ في أعماق كيانه ووجدانه، وتملأ عليه سمعه وبصره، وتزلزل عليه أركانه وجوارحه! ماذا تقول لربك غداً يا عمر ؟! هذا هو السر يا أحباب! إذا أردت أن ترى هذا الشامخ العارف الذي يتفجر قوة وبأساً، إذا أردت أن تنظر إليه كعصفور مبلل بماء المطر في يوم شديد البرودة فما عليك إلا أن تقترب منه وتخوفه بالله جل وعلا؛ لترى إنساناً آخر وقد قامت قيامته، واصفر وجهه، ووقف وكأنه بين يدي الله جل وعلا والميزان عن يمينه، والصراط عن شماله، وكتابه منشور بين يديه، والنداء يدوي في أرجاء كيانه وجوارحه: اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الإسراء:14]
هذه هي البوصلة أيها الأحباب!
وهذا هو السر الذي جعل ابن الخطاب يعزف عن كل ملذات الدنيا ونعيمها.
طعام عمر أمير المؤمنين
ولقد زاره يوماً حفص بن أبي العاص رضي الله عنه وأرضاه، ووجد عمر بن الخطاب جالساً إلى غدائه، ودعا عمر حفصاً أن يتناول الغداء معه، فنظر حفص إلى طعام أمير المؤمنين، فوجد خبزاً يابساً وزيتاً، وكان حفص ذكياً، فلم يشأ حفص أن يتعب معدته في هضم هذا الطعام الشديد، وفطن عمر بن الخطاب إلى سر عزوف حفص ، فقال له سائلاً: ما الذي منعك أن تتناول معنا الطعام يا حفص ؟ ولم تنقص الصراحة حفصاً، فقد كانوا أتقياء أصفياء، لا يجيدون لغة الكذب واللف والدوران والمنافقة والمداهنة .
قال له حفص بن أبي العاص : إنه طعام خشن يا أمير المؤمنين! ولسوف أرجع إلى بيتي لأنال طعاماً طيباً ليناً قد صنع وأعد لي، فقال عمر : يا حفص ! أتراني عاجزاً أن آمر بصغار الماعز فيلقى عنها شعرها، وبرقيق البر فيخبز خبزاً رقاقاً، وبصاع من الزبيب يوضع في كنية من السمن، فآكل هذا وأشرب هذا؟! فقال حفص : والله إنك بطيب الطعام لخبير يا أمير المؤمنين! فقال عمر بن الخطاب : والذي نفسي بيده! لو أردت أن أكون أشهاكم طعاماً وأرفهكم عيشاً لفعلت، أما إني لأعلم بطيب الطعام من كثير من آكليه! ولكني تركت هذا ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، وإني سمعت الله تعالى يقول عن أقوام: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا [الأحقاف:20]، فإني أخاف أن أقدم طيباتي في الدنيا ولا يكون لي عند الله في الآخرة!
وفي عام الرمادة: العام السابع عشر، وكان عام مجاعة قاتلة في المدينة المنورة، حرم عمر على نفسه اللحم وغيره من أنواع الطعام الشهي، وأبى إلا أن يأكل الزيت، وأمر في يوم من أيام هذا العام القاتل بذبح جزور وتوزيعه على الناس في المدينة، وعند وقت الغداء دخل ليتناول طعامه، فوجد أشهى ما في الجزور من لحم، فقال: من أين هذا؟! فقالوا: إنه من الجزور الذي ذبح اليوم يا أمير المؤمنين! فقال -وهو يزيح الطعام عن مائدته بيده المباركة-: بخ بخ! بئس
الو
الي أنا إن أكلت طيبها وتركت للناس كراديسها، يا أسلم ! ارفع عني هذا الطعام، وائتني بخبزي وزيتي! فوالله إن طعامكم هذا علي حرام حتى يشبع منه أطفال المسلمين.
أي عظمة! أي طراز من البشر كان عمر ! يا رافعاً راية الشورى وحارسها جزاك ربك خيراً عن محبيها رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها جوع الخليفة والدنيا بقبضته في الزهد منزلة سبحان موليها يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي لبيت المال رديها كذاك أخلاقه كانت وما عهدت بعد النبوة أخلاق تحاكيها
ورع عمر وولده عبد الله
ولو رأيت حسابه الشديد لابنه التقي النقي الزاهد الورع عبد الله بن عمر ، الذي كان إماماً في الورع والزهد، انظروا إلى حساب عمر رضي الله عنه وأرضاه لهذا التقي النقي.
يخرج عمر بن الخطاب يوماً إلى السوق، فيرى إبلاً سماناً، فيسأل عمر : إبل من هذه؟ فيقول الناس: إبل عبد الله بن عمر ، فينتفض عمر وكأن القيامة قد قامت! ويقول: عبد الله بن عمر بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين! ائتوني به.
ويأتي عبد الله على الفور ليقف بين يدي عمر رضي الله عنه، فيقول عمر بن الخطاب لولده عبد الله : ما هذه الإبل يا عبد الله ؟! فيقول: يا أمير المؤمنين! إنها إبلي اشتريتها بخالص مالي، وكانت إبلاً هزيلة، فأرسلت بها إلى الحمى -أي: إلى المرعى- أبتغي ما يبتغيه المسلمون: أتاجر فيها، فقال عمر بن الخطاب في تهكم لاذع مرير قاس على إمام من أئمة الورع والزهد عبد الله ، قال عمر : نعم وإذا رآها الناس قالوا: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، واسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، فتسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين! قال عبد الله: نعم يا أبتِ، قال: اذهب وبع هذه الإبل كلها، وخذ رأس مالك فقط، ورد الربح إلى بيت مال المسلمين.
والله إن قلبي لينتفض! ولو وقف أدباء الدنيا بما آتاهم الله من بلاغة وفصاحة لسان، وعظمة وبراعة في الأسلوب والتبيان، فلن يستطيعوا أن يتحدثوا عن فاروق هذه الأمة عمر ، ماذا أقول؟! إن من أروع الأمور أن ندع المواقف هكذا بدون تعليق لتتحدث المواقف بذاتها عن جلال عمر ، وعن عظمة عمر ، وعن هيبة عمر ، وعن يقين عمر ، وعن إيمان عمر ؛ لنرفع رءوسنا لتعانق كواكب الجوزاء، لنقول بعزة: إن عمر ابن من أبناء إسلامنا، تربى في مدرسة الإسلام، وتخرج على يد محمد عليه الصلاة والسلام.
وكيف لا يكون عمر كذلك ..
وهو الذي رأى أستاذه ومعلمه محمداً صلى الله عليه وسلم يقول لابنته الحبيبة فاطمة البتول: (يا فاطمة ! إن من المسلمين من هو في حاجة إلى هذا المال منك)، فشرب عمر من هذا النبع الصافي، وارتوى عمر من هذا النبع الكريم، وتخرج عمر من هذه المدرسة، وعلى يد محمد عليه الصلاة والسلام.
أيها الأحبة! من أراد أن ينظر إلى العظمة الإنسانية في أوج ذراها وعلاها فلينظر إلى عمر ، ذلكم الرجل الذي انهارت أمام قدميه أعظم الامبراطوريات، وجاءته مغانمها وذهبها وفضتها، تسيل على عتبة داره بين قدميه، فلم يتغير لحظة، ولم تغيره طرفة عين .
ذلكم هو عمر الذي لو تحدثت عنه عشر جمع والله ما كفاني ذلك، ولكني ألخص ما ذكرته وما ينبغي أن أذكره من حياة عمر بقولة أو بكلمات قليلات، وهذا من الصعوبة بمكان .
فأقول: عمر رجل عظيم
رضي الله عن عمر بن الخطاب
وأسأل الله جل وعلا أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يجمعنا به مع أستاذه ومعلمه في دار تجمع سلامة الأبدان والأديان، إنه ولي ذلك ومولاه، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أمــــا بعــــد : فيا أيها الأحبة!
هل بقي شيء ممكن أن يقال عن عمر ؟ أستعفر الله، بل هل قلنا شيئاً عن عمر ؟ ما قلنا شيئاً من الكثير الكثير الذي ينبغي أن يقال عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويكفي أن نقف مع هذه المواقف التي تعلمنا من الدروس الكثير والكثير .
وهاهو العملاق، وهاهو الأسد في عرينه يتقدم رضي الله عنه وأرضاه في يوم من الأيام الحزينة التي مرت على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، يتقدم عمر الفاروق ليؤم المسلمين في صلاة الفجر، ويتقدم العلج أبو لؤلؤة المجوسي عليه من الله ما يستحقه؛ ليطعن الأسد في عرينه.. ليطعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه! ولم تشغل عمر الطعنات عن أن يواصل المسلمون عبادتهم، وعن أن يتم المسلمون صلاتهم، فيجذب عمر بن الخطاب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه؛ ليقدمه مكانه ويصلي بالمسلمين صلاة الفجر، وينتهي المسلمون من صلاة الفجر، ويحمل الأسد إلى بيته.. يحمل العملاق التقي النقي الطاهر.. يحمل عمر إلى داره.
ويزداد ألمه، ويقول لولده عبد الله : يا عبد الله ! اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل له
الي أنا إن أكلت طيبها وتركت للناس كراديسها، يا أسلم ! ارفع عني هذا الطعام، وائتني بخبزي وزيتي! فوالله إن طعامكم هذا علي حرام حتى يشبع منه أطفال المسلمين.
أي عظمة! أي طراز من البشر كان عمر ! يا رافعاً راية الشورى وحارسها جزاك ربك خيراً عن محبيها رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها جوع الخليفة والدنيا بقبضته في الزهد منزلة سبحان موليها يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها من أين لي ثمن الحلوى فأشريها ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي لبيت المال رديها كذاك أخلاقه كانت وما عهدت بعد النبوة أخلاق تحاكيها
ورع عمر وولده عبد الله
ولو رأيت حسابه الشديد لابنه التقي النقي الزاهد الورع عبد الله بن عمر ، الذي كان إماماً في الورع والزهد، انظروا إلى حساب عمر رضي الله عنه وأرضاه لهذا التقي النقي.
يخرج عمر بن الخطاب يوماً إلى السوق، فيرى إبلاً سماناً، فيسأل عمر : إبل من هذه؟ فيقول الناس: إبل عبد الله بن عمر ، فينتفض عمر وكأن القيامة قد قامت! ويقول: عبد الله بن عمر بخ بخ يا ابن أمير المؤمنين! ائتوني به.
ويأتي عبد الله على الفور ليقف بين يدي عمر رضي الله عنه، فيقول عمر بن الخطاب لولده عبد الله : ما هذه الإبل يا عبد الله ؟! فيقول: يا أمير المؤمنين! إنها إبلي اشتريتها بخالص مالي، وكانت إبلاً هزيلة، فأرسلت بها إلى الحمى -أي: إلى المرعى- أبتغي ما يبتغيه المسلمون: أتاجر فيها، فقال عمر بن الخطاب في تهكم لاذع مرير قاس على إمام من أئمة الورع والزهد عبد الله ، قال عمر : نعم وإذا رآها الناس قالوا: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، واسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، فتسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين! قال عبد الله: نعم يا أبتِ، قال: اذهب وبع هذه الإبل كلها، وخذ رأس مالك فقط، ورد الربح إلى بيت مال المسلمين.
والله إن قلبي لينتفض! ولو وقف أدباء الدنيا بما آتاهم الله من بلاغة وفصاحة لسان، وعظمة وبراعة في الأسلوب والتبيان، فلن يستطيعوا أن يتحدثوا عن فاروق هذه الأمة عمر ، ماذا أقول؟! إن من أروع الأمور أن ندع المواقف هكذا بدون تعليق لتتحدث المواقف بذاتها عن جلال عمر ، وعن عظمة عمر ، وعن هيبة عمر ، وعن يقين عمر ، وعن إيمان عمر ؛ لنرفع رءوسنا لتعانق كواكب الجوزاء، لنقول بعزة: إن عمر ابن من أبناء إسلامنا، تربى في مدرسة الإسلام، وتخرج على يد محمد عليه الصلاة والسلام.
وكيف لا يكون عمر كذلك ..
وهو الذي رأى أستاذه ومعلمه محمداً صلى الله عليه وسلم يقول لابنته الحبيبة فاطمة البتول: (يا فاطمة ! إن من المسلمين من هو في حاجة إلى هذا المال منك)، فشرب عمر من هذا النبع الصافي، وارتوى عمر من هذا النبع الكريم، وتخرج عمر من هذه المدرسة، وعلى يد محمد عليه الصلاة والسلام.
أيها الأحبة! من أراد أن ينظر إلى العظمة الإنسانية في أوج ذراها وعلاها فلينظر إلى عمر ، ذلكم الرجل الذي انهارت أمام قدميه أعظم الامبراطوريات، وجاءته مغانمها وذهبها وفضتها، تسيل على عتبة داره بين قدميه، فلم يتغير لحظة، ولم تغيره طرفة عين .
ذلكم هو عمر الذي لو تحدثت عنه عشر جمع والله ما كفاني ذلك، ولكني ألخص ما ذكرته وما ينبغي أن أذكره من حياة عمر بقولة أو بكلمات قليلات، وهذا من الصعوبة بمكان .
فأقول: عمر رجل عظيم
رضي الله عن عمر بن الخطاب
وأسأل الله جل وعلا أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن يجمعنا به مع أستاذه ومعلمه في دار تجمع سلامة الأبدان والأديان، إنه ولي ذلك ومولاه، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبــــة.الثانيــــة.cc
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أمــــا بعــــد : فيا أيها الأحبة!
هل بقي شيء ممكن أن يقال عن عمر ؟ أستعفر الله، بل هل قلنا شيئاً عن عمر ؟ ما قلنا شيئاً من الكثير الكثير الذي ينبغي أن يقال عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويكفي أن نقف مع هذه المواقف التي تعلمنا من الدروس الكثير والكثير .
وهاهو العملاق، وهاهو الأسد في عرينه يتقدم رضي الله عنه وأرضاه في يوم من الأيام الحزينة التي مرت على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، يتقدم عمر الفاروق ليؤم المسلمين في صلاة الفجر، ويتقدم العلج أبو لؤلؤة المجوسي عليه من الله ما يستحقه؛ ليطعن الأسد في عرينه.. ليطعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه! ولم تشغل عمر الطعنات عن أن يواصل المسلمون عبادتهم، وعن أن يتم المسلمون صلاتهم، فيجذب عمر بن الخطاب عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه؛ ليقدمه مكانه ويصلي بالمسلمين صلاة الفجر، وينتهي المسلمون من صلاة الفجر، ويحمل الأسد إلى بيته.. يحمل العملاق التقي النقي الطاهر.. يحمل عمر إلى داره.
ويزداد ألمه، ويقول لولده عبد الله : يا عبد الله ! اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل له
معصيتك،
ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك ومولاه.
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم اجعل هذه البلاد سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين إلى ما تحبه وترضاه، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة برحمتك يا أرحم الراحمين!
أحبتي في الله!
أكثروا من الصلاة والسلام على أستاذ البشرية، ومعلم الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فلقد أمركم الله جل وعلا بذلك في محكم كتابه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك ومولاه.
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم اجعل هذه البلاد سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين إلى ما تحبه وترضاه، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة برحمتك يا أرحم الراحمين!
أحبتي في الله!
أكثروا من الصلاة والسلام على أستاذ البشرية، ومعلم الإنسانية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فلقد أمركم الله جل وعلا بذلك في محكم كتابه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
🎤
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
فـضــــــائـل شــــهــــــر مــحــــــــرم
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الأولـــى.cc
الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا،
أمـــا بـــعــــــد :
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه الظاهرة والباطنة، فما زال يوالي عليكم مواسم الخير الفضل،
ما انتهت أشهر الحج إلى وأعقبها شهر الله المحرم، وهذا الشهر خصه الله بخصائص
أولا: أنه من الأشهر الحُرم التي حرم الله فيها القتال قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) وهذه الأربعة: هي ذو القعدة، وذو الحجة، وشهر محرم، والرابع شهر رجب، حرم الله القتال فيها من أجل تأمين الحجاج والمعتمرين في سفرهم للحج والعمرة، فلما جاء الإسلام - ولله الحمد -
انتشر الأمن واندحر الكفار، وقام الجهاد في سبيل الله عز وجل في كل وقت مهما أمكن ذلك.
إن هذا الشهر له فضائل قال صلى الله عليه وسلم: أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ فيستحب الإكثار فيه من الصيام.
وهو أيضا من الأشهر الحرم.
وهو الشهر الذي اختاره الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه ليكون أول السنة الهجرية، فهو شهر له فضائل:
ومن أعظم فضائله :
أن فيه يوم عاشوراء الذي اخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر السنة الماضية، وقد صامه موسى عليه السلام شكرا لله لما أغرق الله فرعون وقومه فصامه شكرا لله عز وجل، وصامه اليهود من بعده، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا وجد اليهود يصومونه فقال: ما هذا الصوم الذي تصومونه؟ قالوا: إنه يوم أعز الله فيه موسى وقومه، وأذل الله فيه فرعون وقومه .
وقد صامه موسى عليه السلام
فنحن نصومه، فقال صلى الله عليه وسلم: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ أو أولا بِمُوسَى مِنْكُمْ فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه فصار صيامه سنة مؤكدة؛ لكنه صلى الله عليه وسلم أراد منا أن نخالف اليهود فـأمر بصوم يوم قبله وهو اليوم التاسع، وفي رواية أو صوم يوما بعده ، ولكن صيام يوم التاسع أوكد، فيصام هذا اليوم اقتداءً بأنبياء الله بموسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم في صيامه وهو يوم أعز الله فيه المسلمين على يد موسى عليه السلام، فهو نصر للمسلمين إلى أن تقوم الساعة، ونعمة من الله عز وجل يُشكر عليها وذلك بالصيام، فصيامه سنة نبوية مؤكدة، فيصومه المسلم اليوم التاسع ويصوم اليوم العاشر الذي هو يوم عاشوراء، ومضت هذه السنة في هذه الأمة والحمد لله فيتأكد صيامه طلبا للأجر والثواب وشكرا لله عز وجل.
فسنة الأنبياء وأتباعهم أنهم يشكرون الله على الانتصارات وذلك بالطاعة والصيام وذكر الله عز وجل وشكره ولا يحدثون في هذه الانتصارات بدعا ومنكرات فإن هذا من سنة الجاهلية، والاحتفالات إنما يحدثون فيها الشكر لله عز وجل والصيام، فإحياء السنة أمر مطلوب من الأمة، في صومه أجر عظيم، يكفر السنة الماضية.
فلا ينبغي للمسلم أن يفرط فيه،
أما من يتخذ يوم عاشوراء يوم حزن ويوم بكاء وعويل ونياحه كما تفعله الشيعة قبحهم الله حزنا على مقتل الحسين رضي الله عنه فإنه قتل في هذا اليوم في يوم عاشوراء في اليوم العاشر من شهر محرم؛ ولكن المصيبة لا تقابل بالنياحة والمعاصي والمنكرات؛ وإنما تقابل بالطاعة والصبر والاحتساب، مقتل الحسين رضي الله عنه لاشك أنه مصيبة؛ ولكن الله أمرنا عند حدوث المصائب أن نصبر ونحتسب.
والمسنون في هذا اليوم هو سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنه يصام ولا يحدث فيه أي عمل آخر، وكذلك على العكس من جهال المسلمين ومن جهال أهل السنة من يعتبر هذا اليوم يوم فرح وبعضهم يسميه العيد عيد العمر يقولون وهو ليس عيدا إنما هو يوم نصر وشكر لله عز وجل ويوسعون على أولادهم ويعطونهم الهدايا يتقابلون الهدايا فيما بينهم هذه بدعة وأمر محدث ولا يجوز، وهذا يكون مقابلا لفعل الشيعة، الشيعة يحزنون وهؤلاء يفرحون، أيفرحون بمقتل الحسين رضي الله عنه يعني يحملهم بغض الشيعة على أن يفرحوا بمقتل الحسين رضي الله عنه لا، هذا لا يجوز.
فالواجب على المسلمين اتباع السنة وترك البدعة هذا هو المطلوب، والبدعة لا تقابل بما هو شر منها ببدع أخرى، إنما تقابل بتركها وإحياء السنة.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب
فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
الخطبــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وأعوانه، وسلم تسليماً كثيرا، أمـــا بــ
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
فـضــــــائـل شــــهــــــر مــحــــــــرم
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الأولـــى.cc
الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا،
أمـــا بـــعــــــد :
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واشكروه على نعمه الظاهرة والباطنة، فما زال يوالي عليكم مواسم الخير الفضل،
ما انتهت أشهر الحج إلى وأعقبها شهر الله المحرم، وهذا الشهر خصه الله بخصائص
أولا: أنه من الأشهر الحُرم التي حرم الله فيها القتال قال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) وهذه الأربعة: هي ذو القعدة، وذو الحجة، وشهر محرم، والرابع شهر رجب، حرم الله القتال فيها من أجل تأمين الحجاج والمعتمرين في سفرهم للحج والعمرة، فلما جاء الإسلام - ولله الحمد -
انتشر الأمن واندحر الكفار، وقام الجهاد في سبيل الله عز وجل في كل وقت مهما أمكن ذلك.
إن هذا الشهر له فضائل قال صلى الله عليه وسلم: أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ فيستحب الإكثار فيه من الصيام.
وهو أيضا من الأشهر الحرم.
وهو الشهر الذي اختاره الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه ليكون أول السنة الهجرية، فهو شهر له فضائل:
ومن أعظم فضائله :
أن فيه يوم عاشوراء الذي اخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر السنة الماضية، وقد صامه موسى عليه السلام شكرا لله لما أغرق الله فرعون وقومه فصامه شكرا لله عز وجل، وصامه اليهود من بعده، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا وجد اليهود يصومونه فقال: ما هذا الصوم الذي تصومونه؟ قالوا: إنه يوم أعز الله فيه موسى وقومه، وأذل الله فيه فرعون وقومه .
وقد صامه موسى عليه السلام
فنحن نصومه، فقال صلى الله عليه وسلم: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ أو أولا بِمُوسَى مِنْكُمْ فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه فصار صيامه سنة مؤكدة؛ لكنه صلى الله عليه وسلم أراد منا أن نخالف اليهود فـأمر بصوم يوم قبله وهو اليوم التاسع، وفي رواية أو صوم يوما بعده ، ولكن صيام يوم التاسع أوكد، فيصام هذا اليوم اقتداءً بأنبياء الله بموسى عليه السلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم في صيامه وهو يوم أعز الله فيه المسلمين على يد موسى عليه السلام، فهو نصر للمسلمين إلى أن تقوم الساعة، ونعمة من الله عز وجل يُشكر عليها وذلك بالصيام، فصيامه سنة نبوية مؤكدة، فيصومه المسلم اليوم التاسع ويصوم اليوم العاشر الذي هو يوم عاشوراء، ومضت هذه السنة في هذه الأمة والحمد لله فيتأكد صيامه طلبا للأجر والثواب وشكرا لله عز وجل.
فسنة الأنبياء وأتباعهم أنهم يشكرون الله على الانتصارات وذلك بالطاعة والصيام وذكر الله عز وجل وشكره ولا يحدثون في هذه الانتصارات بدعا ومنكرات فإن هذا من سنة الجاهلية، والاحتفالات إنما يحدثون فيها الشكر لله عز وجل والصيام، فإحياء السنة أمر مطلوب من الأمة، في صومه أجر عظيم، يكفر السنة الماضية.
فلا ينبغي للمسلم أن يفرط فيه،
أما من يتخذ يوم عاشوراء يوم حزن ويوم بكاء وعويل ونياحه كما تفعله الشيعة قبحهم الله حزنا على مقتل الحسين رضي الله عنه فإنه قتل في هذا اليوم في يوم عاشوراء في اليوم العاشر من شهر محرم؛ ولكن المصيبة لا تقابل بالنياحة والمعاصي والمنكرات؛ وإنما تقابل بالطاعة والصبر والاحتساب، مقتل الحسين رضي الله عنه لاشك أنه مصيبة؛ ولكن الله أمرنا عند حدوث المصائب أن نصبر ونحتسب.
والمسنون في هذا اليوم هو سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنه يصام ولا يحدث فيه أي عمل آخر، وكذلك على العكس من جهال المسلمين ومن جهال أهل السنة من يعتبر هذا اليوم يوم فرح وبعضهم يسميه العيد عيد العمر يقولون وهو ليس عيدا إنما هو يوم نصر وشكر لله عز وجل ويوسعون على أولادهم ويعطونهم الهدايا يتقابلون الهدايا فيما بينهم هذه بدعة وأمر محدث ولا يجوز، وهذا يكون مقابلا لفعل الشيعة، الشيعة يحزنون وهؤلاء يفرحون، أيفرحون بمقتل الحسين رضي الله عنه يعني يحملهم بغض الشيعة على أن يفرحوا بمقتل الحسين رضي الله عنه لا، هذا لا يجوز.
فالواجب على المسلمين اتباع السنة وترك البدعة هذا هو المطلوب، والبدعة لا تقابل بما هو شر منها ببدع أخرى، إنما تقابل بتركها وإحياء السنة.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب
فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
الخطبــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه وأعوانه، وسلم تسليماً كثيرا، أمـــا بــ
ـعــــــد :
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنها لا يقبل سنة أو نافلة حتى تؤدى الفريضة، فحرصوا على أداء الفرائض أولا، لأن الفرائض أحب إلى الله من النوافل، قال الله جل وعلا في الحديث القدسي: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فالنوافل مكملة للفرائض، أما أن تقام النوافل وتساهل في الفرائض فهذا أمر معكوس.
الواجب على المسلم أن يحافظ على الفرائض أولا وقبل كل شيء ثم يأتي بالنوافل بعدها لتكون مكملة لها وزيادة خير للمسلم.
اتقوا الله، عباد الله :
واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ أرنا الحق حقا ورزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا ورزقنا اجتنابه، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين،
اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا، اللَّهُمَّ وفقهم لما فيه خيرهم وخير الإسلام والمسلمين،
اللَّهُمَّ أحفظ بهم أمننا وجمع بهم كلمتنا،
وألف بهم جماعتنا يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء،
اللَّهُمَّ أحفظ بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين،
اللَّهُمَّ فرج للمسلمين مما هم فيه من كرب وضيق على يد الأعداء والكافرين والمنافقين،
اللَّهُمَّ فرج للمسلمين بفرج عاجل، اللَّهُمَّ فرج للمسلمين بالنصر، اللَّهُمَّ فرج للمسلمين من كل شدة ومن كل كرب يا سميع الدعاء يا فراج الكربات يا مجيب الدعوات يا مغيث اللهفات يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء يا ذا الجلال والإكرام (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ الله أكبرَ، والله يعلمُ ما تصنعون.
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنها لا يقبل سنة أو نافلة حتى تؤدى الفريضة، فحرصوا على أداء الفرائض أولا، لأن الفرائض أحب إلى الله من النوافل، قال الله جل وعلا في الحديث القدسي: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فالنوافل مكملة للفرائض، أما أن تقام النوافل وتساهل في الفرائض فهذا أمر معكوس.
الواجب على المسلم أن يحافظ على الفرائض أولا وقبل كل شيء ثم يأتي بالنوافل بعدها لتكون مكملة لها وزيادة خير للمسلم.
اتقوا الله، عباد الله :
واعلموا أنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهديَّ هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإنَّ يد الله على الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك نبيَّنا محمد، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين، الأئمةِ المهديين، أبي بكرَ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.
اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين، اللَّهُمَّ أحفظ علينا أمننا وإيماننا واستقرارنا في أوطاننا وأصلح ولاة أمورنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وقنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللَّهُمَّ أرنا الحق حقا ورزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا ورزقنا اجتنابه، وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين،
اللَّهُمَّ أصلح ولاة أمورنا، اللَّهُمَّ وفقهم لما فيه خيرهم وخير الإسلام والمسلمين،
اللَّهُمَّ أحفظ بهم أمننا وجمع بهم كلمتنا،
وألف بهم جماعتنا يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء،
اللَّهُمَّ أحفظ بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين،
اللَّهُمَّ فرج للمسلمين مما هم فيه من كرب وضيق على يد الأعداء والكافرين والمنافقين،
اللَّهُمَّ فرج للمسلمين بفرج عاجل، اللَّهُمَّ فرج للمسلمين بالنصر، اللَّهُمَّ فرج للمسلمين من كل شدة ومن كل كرب يا سميع الدعاء يا فراج الكربات يا مجيب الدعوات يا مغيث اللهفات يا حي يا قيوم يا سميع الدعاء يا ذا الجلال والإكرام (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
عبادَ الله، (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)، فذكروا الله يذكركم، واشكُروه على نعمه يزِدْكم، ولذِكْرُ الله أكبرَ، والله يعلمُ ما تصنعون.
ا: يست
أذن عمر بن الخطاب ولا تقل: يستأذن أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير. أي دقة! وقل لها: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، هذا هو همه، وهذا هو شغله .
عاش في الدنيا مع حبيبيه وصاحبه، مع حبيبه المصطفى ومع خليفته أبي بكر رضي الله عنه، ولا هم له بعد الموت إلا أن يواصل بقية ما بقي له في عالم البرزخ مع هذين الجليلين الكريمين حتى يلتقي بهما، ويبعث معهما في يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة. يا عبد الله ! اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل لها: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، مع الحبيب المصطفى ومع أبي بكر رضي الله عنه، فذهب عبد الله فوجد عائشة تبكي لما وصلها خبر مقتل عمر رضي الله عنه وأرضاه، وقالت عائشة التقية العالمة الورعة الذكية: والله لقد كنت أريد هذا المكان لنفسي، ولكني أوثر اليوم عمر على نفسي.
ويرجع عبد الله بأسعد خبر لأبيه عمر ، فلم يكن هناك شيء يشغل عمر إلا هذا، فقالوا: عبد الله قد أقبل يا أمير المؤمنين، قال: أجلسوني، فأجلسوه، فنظر إليه قال: ما وراءك يا عبد الله ؟ قال: أبشر يا أمير المؤمنين، لقد وافقت عائشة رضي الله عنها أن تدفن مع صاحبيك، فسعد عمر سعادة غامرة وقال: والله ما كان هناك شيء يشغلني غير هذا.
ولكنه التقي النقي، الدقيق في كل كلمة من كلماته، وفي كل موقف من مواقف حياته، فبعد كل هذا يقول لـعبد الله : يا عبد الله ! إذا أنا قضيت -أي: إذا أنا مت - وحملتموني وذهبتم إلى بيت عائشة فاجعلوني خارج الدار، واستأذن عليها مرة أخرى، فلربما تكون قد استحت مني في حياتي وترفض ذلك بعد مماتي، فإن أذنت فادفنوني مع صاحبي، وإن أبت فردوني إلى مقابر المسلمين.
ويدخل عليه شاب والحديث في البخاري ، يقول: أبشر ببشرى الله لك يا أمير المؤمنين! أبشر بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقدمك في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة في سبيل الله! أتدرون ماذا قال عمر ؟! أتدرون ماذا قال الفاروق الذي كان يقول لنفسه كل لحظة: ماذا تقول لربك غداً يا عمر؟!
فقد خرج عثمان بن عفان ذات يوم ينظر من شرفه من شرفات بيته، فيرى رجلاً تعلوه الرمال، وتحرقه الشمس في وقت الظهيرة، وينظر ويقول: من هذا الذي خرج في هذا الوقت؟! وحينما يقترب يراه أمير المؤمنين.. يراه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيقول: يا أمير المؤمنين! ما الذي أخرجك في هذه الساعة المحرقة؟! فيقول عمر : يا عثمان ! بعير من إبل الصدقة قد ند، وأخشى أن يسألني عنه ربي يوم القيامة! فيبكي عثمان ويقول: يا أمير المؤمنين! إن عبداً من عبيدك يكفيك هذا، فيقول عمر : وهل هناك أعبد مني؟! ارجع إلى ظلك يا عثمان ، فيبكي عثمان ويقول قولته الخالدة: (والله لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر! لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر ، والله لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر ).
بكى عمر بن الخطاب بعد هذه البشريات التي بشر بها: بقدم في الإسلام، وبصحبة رسول الله، وبعدل لم تعرف البشرية له مثيلاً على مدار التاريخ، وبشهادة في سبيل الله، وهو يصلي في محراب الصلاة، بعد كل هذا أتدرون ماذا قال عمر ؟! نظر إلى هذا الشاب وقال: والله لوددت أن أخرج من الدنيا كفافاً لا لي ولا عليَّ! عمر يقول هذا، يريد أن يخرج من الدنيا بغير أجر وبغير وزر: لا لي ولا علي.
فماذا نقول إن كان عمر الفاروق -والحديث في صحيح البخاري - يقول: وددت أن أخرج كفافاً لا لي ولا عليَّ! فقد حملنا بالأوزار والذنوب والسيئات، ومنا من يكلمك وكأنه قد وقع عهداً مع الله، وأخذ صكاً على الله أنه من أهل الجنة، بغير صلاة وبغير صيام وبغير زكاة! وبغير ورع وطاعة وتقى! إذا ما اقتربت منه يقول: إن لم ندخل الجنة نحن فمن يدخلها؟!
هذا هو فاروق الأمة عمر
رضي الله عنه وأرضاه.
تذلل عمر بين يدي الله تعالى
وروى ابن سعد في الطبقات بسند صحيح أن عثمان بن عفان قال: كنت أنا آخر الناس عهداً بـعمر ، دخلت عليه بيته ورأسه في حجر ولده عبد الله ، فنظر عمر إلى ولده وقال: يا عبد الله ! ضع رأسي على الأرض، فنظر عبد الله وقال: يا أبتِ! وهل هناك فرق بين أن تكون في حجري وبين أن تكون على الأرض؟ قال عمر : يا عبد الله ! ضع هذا على الأرض! أي ذل لله هذا؟! وأي تواضع لله هذا؟! يا عبد الله ! ضعها على الأرض، ثم يقول عمر : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي. الله أكبر ! والله لا أجد ما أقوله تعليقاً على هذه المواقف التي تحرك القلوب الميتة، التي تحرك الأعين الجامدة، وكفانا فخراً أن نقول في نهاية المطاف: إنه ابن الجزيرة العربية الذي خرجته مدرسة الإسلام، ورباه محمد عليه الصلاة والسلام.
اللهم اجز عنا عمر بن الخطاب خير ما جازيت مصلحاً أو صالحاً، اللهم اجزه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، اللهم اغفر لنا وله، واجمعنا به في دار كرامتك يا أرحم الراحمين، اللهم متعنا برؤياهم مع إمامهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم، اللهم ألحقنا بهم على طاعة ترضيك يا رب العالمين! اللهم قيض لأمة التوحيد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل
أذن عمر بن الخطاب ولا تقل: يستأذن أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين بأمير. أي دقة! وقل لها: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، هذا هو همه، وهذا هو شغله .
عاش في الدنيا مع حبيبيه وصاحبه، مع حبيبه المصطفى ومع خليفته أبي بكر رضي الله عنه، ولا هم له بعد الموت إلا أن يواصل بقية ما بقي له في عالم البرزخ مع هذين الجليلين الكريمين حتى يلتقي بهما، ويبعث معهما في يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة. يا عبد الله ! اذهب إلى عائشة أم المؤمنين وقل لها: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، مع الحبيب المصطفى ومع أبي بكر رضي الله عنه، فذهب عبد الله فوجد عائشة تبكي لما وصلها خبر مقتل عمر رضي الله عنه وأرضاه، وقالت عائشة التقية العالمة الورعة الذكية: والله لقد كنت أريد هذا المكان لنفسي، ولكني أوثر اليوم عمر على نفسي.
ويرجع عبد الله بأسعد خبر لأبيه عمر ، فلم يكن هناك شيء يشغل عمر إلا هذا، فقالوا: عبد الله قد أقبل يا أمير المؤمنين، قال: أجلسوني، فأجلسوه، فنظر إليه قال: ما وراءك يا عبد الله ؟ قال: أبشر يا أمير المؤمنين، لقد وافقت عائشة رضي الله عنها أن تدفن مع صاحبيك، فسعد عمر سعادة غامرة وقال: والله ما كان هناك شيء يشغلني غير هذا.
ولكنه التقي النقي، الدقيق في كل كلمة من كلماته، وفي كل موقف من مواقف حياته، فبعد كل هذا يقول لـعبد الله : يا عبد الله ! إذا أنا قضيت -أي: إذا أنا مت - وحملتموني وذهبتم إلى بيت عائشة فاجعلوني خارج الدار، واستأذن عليها مرة أخرى، فلربما تكون قد استحت مني في حياتي وترفض ذلك بعد مماتي، فإن أذنت فادفنوني مع صاحبي، وإن أبت فردوني إلى مقابر المسلمين.
ويدخل عليه شاب والحديث في البخاري ، يقول: أبشر ببشرى الله لك يا أمير المؤمنين! أبشر بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقدمك في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة في سبيل الله! أتدرون ماذا قال عمر ؟! أتدرون ماذا قال الفاروق الذي كان يقول لنفسه كل لحظة: ماذا تقول لربك غداً يا عمر؟!
فقد خرج عثمان بن عفان ذات يوم ينظر من شرفه من شرفات بيته، فيرى رجلاً تعلوه الرمال، وتحرقه الشمس في وقت الظهيرة، وينظر ويقول: من هذا الذي خرج في هذا الوقت؟! وحينما يقترب يراه أمير المؤمنين.. يراه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيقول: يا أمير المؤمنين! ما الذي أخرجك في هذه الساعة المحرقة؟! فيقول عمر : يا عثمان ! بعير من إبل الصدقة قد ند، وأخشى أن يسألني عنه ربي يوم القيامة! فيبكي عثمان ويقول: يا أمير المؤمنين! إن عبداً من عبيدك يكفيك هذا، فيقول عمر : وهل هناك أعبد مني؟! ارجع إلى ظلك يا عثمان ، فيبكي عثمان ويقول قولته الخالدة: (والله لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر! لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر ، والله لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا عمر ).
بكى عمر بن الخطاب بعد هذه البشريات التي بشر بها: بقدم في الإسلام، وبصحبة رسول الله، وبعدل لم تعرف البشرية له مثيلاً على مدار التاريخ، وبشهادة في سبيل الله، وهو يصلي في محراب الصلاة، بعد كل هذا أتدرون ماذا قال عمر ؟! نظر إلى هذا الشاب وقال: والله لوددت أن أخرج من الدنيا كفافاً لا لي ولا عليَّ! عمر يقول هذا، يريد أن يخرج من الدنيا بغير أجر وبغير وزر: لا لي ولا علي.
فماذا نقول إن كان عمر الفاروق -والحديث في صحيح البخاري - يقول: وددت أن أخرج كفافاً لا لي ولا عليَّ! فقد حملنا بالأوزار والذنوب والسيئات، ومنا من يكلمك وكأنه قد وقع عهداً مع الله، وأخذ صكاً على الله أنه من أهل الجنة، بغير صلاة وبغير صيام وبغير زكاة! وبغير ورع وطاعة وتقى! إذا ما اقتربت منه يقول: إن لم ندخل الجنة نحن فمن يدخلها؟!
هذا هو فاروق الأمة عمر
رضي الله عنه وأرضاه.
تذلل عمر بين يدي الله تعالى
وروى ابن سعد في الطبقات بسند صحيح أن عثمان بن عفان قال: كنت أنا آخر الناس عهداً بـعمر ، دخلت عليه بيته ورأسه في حجر ولده عبد الله ، فنظر عمر إلى ولده وقال: يا عبد الله ! ضع رأسي على الأرض، فنظر عبد الله وقال: يا أبتِ! وهل هناك فرق بين أن تكون في حجري وبين أن تكون على الأرض؟ قال عمر : يا عبد الله ! ضع هذا على الأرض! أي ذل لله هذا؟! وأي تواضع لله هذا؟! يا عبد الله ! ضعها على الأرض، ثم يقول عمر : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي. الله أكبر ! والله لا أجد ما أقوله تعليقاً على هذه المواقف التي تحرك القلوب الميتة، التي تحرك الأعين الجامدة، وكفانا فخراً أن نقول في نهاية المطاف: إنه ابن الجزيرة العربية الذي خرجته مدرسة الإسلام، ورباه محمد عليه الصلاة والسلام.
اللهم اجز عنا عمر بن الخطاب خير ما جازيت مصلحاً أو صالحاً، اللهم اجزه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، اللهم اغفر لنا وله، واجمعنا به في دار كرامتك يا أرحم الراحمين، اللهم متعنا برؤياهم مع إمامهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم، اللهم ألحقنا بهم على طاعة ترضيك يا رب العالمين! اللهم قيض لأمة التوحيد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل
مواطن سعودي
صدر أمر بإزالة بيته من جوار مسجد رسول الله صل الله عليه وسلم بقصد التوسعة فأنشد قصيدة يصف حاله؛ وحق له أن يبكي فراق جوار سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
ولمّا رأيت الرقم فوق جدارها
وأيقنت أنَّ الهدم أصبح ساريا
بعثتُ إليكم بالبريد رسالتي
وأرفقتها شرحاً عن الدار وافيا
وأخليتها والعين تذرف دمعها
والابن يصرخ والبنات بواكيا
فإن جاءت الآلات تهدم منزلي
وأصبح بنياني على الأرض هاويا
فلا ترفعوا ذاك الركام بقسوة
ستلقون قلبي تحته كان باقيا
فمَن لي بجارٍ يشرح الصدر ذكره
و مَن لي بدارٍ كان للخير دانيا
فإن كنتَ تبكي إن سمعتَ مصيبتي
.. فإني سأبقى طيلة العمر باكيا
سلامٌ على دار الرسول وأهلها
فقد صرتُ بعد القرب بالدار نائيا
"""""""""'""'''''""""""""
ورد عليه الشاعر عبدالله عقلان :
أيا صاحب الدار التي جاء ذكرها
بطيبة والأشواق تهفو دوانيا
قرأتُ لك الأبيات حين أرسلتها
ففاضت دموع العين عبر القوافيا
فدارُك يا هذا بوصفك جنةٌ
وقلبك فيها رغم بعدك باقيا
ألا ليت من قاموا بهذا ترفّقوا
وراعوا حنيناً في فؤادك خافيا
أما علموا أنَّ القلوب منازلٌ
وأعظمها ما كان لله صافيا
وما علموا أن الجوار معادن
وجيرة خير الخلق أسمى الأمانيا
ففي ذكره للنفس أُنسٌ وراحةٌ
وفي قربه تغلوا ديارا خواليا
فصلِّ وسلم يا إلهي على النبي
محمد خير الخلق للناس هاديا
=============
ولما سمع بقصته رجل من أبناء مصر أجابه قائلاً :
ياصاحب الدار التي بلغني ذكرها
لما سمعتُ مصابك هان مصابيا
قد حق لك البكاء بحرقة
غير أن الدمع لن يفيدك حاليا
آجرك الله على مبتلاك يا أخي
وطيّب قلبك حتى تصبح راضيا
كيف بحالك أنت يا مسكين مفارقا
إذا كنتُ قد بتُّ بالسمع باكيا
وإن كنتُ أبكي فراق أحمد زائرا
فكيف الحال وقد كان أحمد جاريا
والله لا أرى لمصابك خير خلفة
إلا جوار أحمد بالجنان العاليا
فيا رب اخلف صاحبي بجواره
في الفردوس بعد عمر صافيا
واحشرني معه فقد رق قلبي لحاله
وأنت أعلم ياإلهي بحاليا
وصلِّ على من جمعنا حبه
واسقني من حوضه واسق أهليا
ورد الشاعر السوداني عبد الحليم سر الختم :
أيا مكرهاً اخليت دارك باكيا
و كأم موسى صار جوفك خاويا
اذ كنت للحرم الشريف مجاوراً
تمسي و تصبح للنبي مناجيا
فرمتك داهية الزمان بسهمها
و قطنت داراً عن حبيبك نائيا
إملأ فؤادك باليقين موحداً
و اخضع لحكم الله ربك راضيا
خذ من رسول الله احسن أسوة
قد فاز من تخِذ الرسول مداويا
من كان للحرم الشريف مجاوراً
حتى قضى الرحمن امراً ماضيا
ترك الديار و اهل مكة مرغماً
و أتى المدينة بالرسالة داعيا
نبل القضية أن تضحي أجلها
والله خير حافظا و مواليا
كفكف دموعك اخي مستغفرا
و اجعل ديارك تلك (وقفاً) باقيا
إني أراك بذاك أسعد حالة
حيث إرتقيت على المدارج راقيا
فالدار من فضل الجوار توسعت
حرما يزار و مسجدا و مصاليا
هذي الملايين التي ترتادها
لك من جزيل ثوابها متساويا
سبحان من يعطي الجميل مضاعفاً
أجرى( الجوار) عليك اجرا جاريا
و لكل خطوٍ للمساجد أجره
فأجعل على الميزان اجراً ثانيا
اني أخالك للبشير مجاوراً
في جنة الرضوان تسكن عاليا
تتأملان من الخلود نعيمها
و ارى الظلال من الرؤوس دوانيا
فمع الذي احببت تبعث هانئاً
قال ابن مسعود بذلك راويا
🌹يومكم حنين إلى طيبة وساكنها.. عليه أفضل الصلاة والسلام،جمعنا الله واياكم ووالدينا وأهلينا وأحبائنا معه في أعلى الجنان ورزقنا شفاعته واوردنا حوضه صلى الله عليه وسلم 🌹
صدر أمر بإزالة بيته من جوار مسجد رسول الله صل الله عليه وسلم بقصد التوسعة فأنشد قصيدة يصف حاله؛ وحق له أن يبكي فراق جوار سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم
ولمّا رأيت الرقم فوق جدارها
وأيقنت أنَّ الهدم أصبح ساريا
بعثتُ إليكم بالبريد رسالتي
وأرفقتها شرحاً عن الدار وافيا
وأخليتها والعين تذرف دمعها
والابن يصرخ والبنات بواكيا
فإن جاءت الآلات تهدم منزلي
وأصبح بنياني على الأرض هاويا
فلا ترفعوا ذاك الركام بقسوة
ستلقون قلبي تحته كان باقيا
فمَن لي بجارٍ يشرح الصدر ذكره
و مَن لي بدارٍ كان للخير دانيا
فإن كنتَ تبكي إن سمعتَ مصيبتي
.. فإني سأبقى طيلة العمر باكيا
سلامٌ على دار الرسول وأهلها
فقد صرتُ بعد القرب بالدار نائيا
"""""""""'""'''''""""""""
ورد عليه الشاعر عبدالله عقلان :
أيا صاحب الدار التي جاء ذكرها
بطيبة والأشواق تهفو دوانيا
قرأتُ لك الأبيات حين أرسلتها
ففاضت دموع العين عبر القوافيا
فدارُك يا هذا بوصفك جنةٌ
وقلبك فيها رغم بعدك باقيا
ألا ليت من قاموا بهذا ترفّقوا
وراعوا حنيناً في فؤادك خافيا
أما علموا أنَّ القلوب منازلٌ
وأعظمها ما كان لله صافيا
وما علموا أن الجوار معادن
وجيرة خير الخلق أسمى الأمانيا
ففي ذكره للنفس أُنسٌ وراحةٌ
وفي قربه تغلوا ديارا خواليا
فصلِّ وسلم يا إلهي على النبي
محمد خير الخلق للناس هاديا
=============
ولما سمع بقصته رجل من أبناء مصر أجابه قائلاً :
ياصاحب الدار التي بلغني ذكرها
لما سمعتُ مصابك هان مصابيا
قد حق لك البكاء بحرقة
غير أن الدمع لن يفيدك حاليا
آجرك الله على مبتلاك يا أخي
وطيّب قلبك حتى تصبح راضيا
كيف بحالك أنت يا مسكين مفارقا
إذا كنتُ قد بتُّ بالسمع باكيا
وإن كنتُ أبكي فراق أحمد زائرا
فكيف الحال وقد كان أحمد جاريا
والله لا أرى لمصابك خير خلفة
إلا جوار أحمد بالجنان العاليا
فيا رب اخلف صاحبي بجواره
في الفردوس بعد عمر صافيا
واحشرني معه فقد رق قلبي لحاله
وأنت أعلم ياإلهي بحاليا
وصلِّ على من جمعنا حبه
واسقني من حوضه واسق أهليا
ورد الشاعر السوداني عبد الحليم سر الختم :
أيا مكرهاً اخليت دارك باكيا
و كأم موسى صار جوفك خاويا
اذ كنت للحرم الشريف مجاوراً
تمسي و تصبح للنبي مناجيا
فرمتك داهية الزمان بسهمها
و قطنت داراً عن حبيبك نائيا
إملأ فؤادك باليقين موحداً
و اخضع لحكم الله ربك راضيا
خذ من رسول الله احسن أسوة
قد فاز من تخِذ الرسول مداويا
من كان للحرم الشريف مجاوراً
حتى قضى الرحمن امراً ماضيا
ترك الديار و اهل مكة مرغماً
و أتى المدينة بالرسالة داعيا
نبل القضية أن تضحي أجلها
والله خير حافظا و مواليا
كفكف دموعك اخي مستغفرا
و اجعل ديارك تلك (وقفاً) باقيا
إني أراك بذاك أسعد حالة
حيث إرتقيت على المدارج راقيا
فالدار من فضل الجوار توسعت
حرما يزار و مسجدا و مصاليا
هذي الملايين التي ترتادها
لك من جزيل ثوابها متساويا
سبحان من يعطي الجميل مضاعفاً
أجرى( الجوار) عليك اجرا جاريا
و لكل خطوٍ للمساجد أجره
فأجعل على الميزان اجراً ثانيا
اني أخالك للبشير مجاوراً
في جنة الرضوان تسكن عاليا
تتأملان من الخلود نعيمها
و ارى الظلال من الرؤوس دوانيا
فمع الذي احببت تبعث هانئاً
قال ابن مسعود بذلك راويا
🌹يومكم حنين إلى طيبة وساكنها.. عليه أفضل الصلاة والسلام،جمعنا الله واياكم ووالدينا وأهلينا وأحبائنا معه في أعلى الجنان ورزقنا شفاعته واوردنا حوضه صلى الله عليه وسلم 🌹
*📌 حكم إفراد يوم*
*عاشوراء بالصيام*
*لفضيلة الشيخ ابن عثيمين*
*- رحمه الله تعالى -*
▃▃▃▃▃▃▃
🛑 السؤال :
*ما رأيكم في إفراد اليوم العاشر من شهر المحرم بالصيام بنية صيام عاشوراء؟ - الشيخ لعلك تريد الجمعة أم مطلق؟ - السائل مطلق.*
🔵 الجواب :
- الشيخ صيام عاشوراء له أربع مراتب :
*🔻 المرتبة الأولى :🔻*
*✅ أن نصوم التاسع والعاشر والحادي عشر، وهذا أعلى المراتب، لما رواه أحمد في المسند صوموا يوما قبله ويوما بعده خالفوا اليهود ولأن الإنسان إذا صام الثلاثة أيام حصل على فضيلة صيام ثلاثة أيام من الشهر.*
*🔻المرتبة الثانية:*🔻
*✅ التاسع والعاشر لقول النبي صلى الله عليه وسلم لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع لما قيل له إن اليهود كانوا يصومون اليوم العاشر وكان يحب مخالفة اليهود، بل مخالفة كل كافر.*
*🔻والمرتبة الثالثة:🔻*
*✅ العاشر مع الحادي عشر.*
*🔻والمرتبة الرابعة:*🔻
*✅ العاشر وحده، فمن العلماء من قال إنه مباح، ومنهم من قال إنه يكره،*
↩ فمن قال إنه مباح استدل بعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام حين سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها ولم يذكر التاسع.
↩ ومن قال إنه يكره. قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال خالفوا اليهود صوموا يوما قبله أو يوما بعده، وفي لفظ آخر صوموا يوما بعده ويوما قبله وهذا يقتضي وجوب إضافة يوم إليه من أجل المخالفة، أو على الأقل كراهة إفراده.
↩ والقول بالكراهة لإفراده قوي، ولهذا نرى أن الإنسان يخرج من هذا بأن يصوم التاسع قبله أو الحادي عشر.
*المصدر سلسلة لقاءات الباب المفتوح لقاء الباب المفتوح [95]*
🔹 المقطع الصوتي :
http://binothaimeen.net/upload/ftawamp3/od_095_03.mp3
*عاشوراء بالصيام*
*لفضيلة الشيخ ابن عثيمين*
*- رحمه الله تعالى -*
▃▃▃▃▃▃▃
🛑 السؤال :
*ما رأيكم في إفراد اليوم العاشر من شهر المحرم بالصيام بنية صيام عاشوراء؟ - الشيخ لعلك تريد الجمعة أم مطلق؟ - السائل مطلق.*
🔵 الجواب :
- الشيخ صيام عاشوراء له أربع مراتب :
*🔻 المرتبة الأولى :🔻*
*✅ أن نصوم التاسع والعاشر والحادي عشر، وهذا أعلى المراتب، لما رواه أحمد في المسند صوموا يوما قبله ويوما بعده خالفوا اليهود ولأن الإنسان إذا صام الثلاثة أيام حصل على فضيلة صيام ثلاثة أيام من الشهر.*
*🔻المرتبة الثانية:*🔻
*✅ التاسع والعاشر لقول النبي صلى الله عليه وسلم لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع لما قيل له إن اليهود كانوا يصومون اليوم العاشر وكان يحب مخالفة اليهود، بل مخالفة كل كافر.*
*🔻والمرتبة الثالثة:🔻*
*✅ العاشر مع الحادي عشر.*
*🔻والمرتبة الرابعة:*🔻
*✅ العاشر وحده، فمن العلماء من قال إنه مباح، ومنهم من قال إنه يكره،*
↩ فمن قال إنه مباح استدل بعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام حين سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها ولم يذكر التاسع.
↩ ومن قال إنه يكره. قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال خالفوا اليهود صوموا يوما قبله أو يوما بعده، وفي لفظ آخر صوموا يوما بعده ويوما قبله وهذا يقتضي وجوب إضافة يوم إليه من أجل المخالفة، أو على الأقل كراهة إفراده.
↩ والقول بالكراهة لإفراده قوي، ولهذا نرى أن الإنسان يخرج من هذا بأن يصوم التاسع قبله أو الحادي عشر.
*المصدر سلسلة لقاءات الباب المفتوح لقاء الباب المفتوح [95]*
🔹 المقطع الصوتي :
http://binothaimeen.net/upload/ftawamp3/od_095_03.mp3
⭕ من فوائد اليوم ⭕
يقرل إبن تيمية رحمه الله :
"المُؤمِن إذا فَعَلَ سَيِّئَةً فَإنَّ
عُقوبَتِهَا تَندَفَعُ عَنهُ بِعَشرَةِ
أسبَابٍ :
1⃣ أن يَتُوبَ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيهِ، فَإنَّ
التَائِب مِنَ الذَنبِ كَمَن لا ذَنبَ لَه.
2⃣ أو يَستَغفِر ، فَيُغفَرُ لَهُ.
3⃣ أو يَعمَلَ حَسنَاتٍ تَمحُوهَا ،
فَإنَّ الحَسنَاتِ يُذهِبنَّ السيئَات.
4⃣ أو يَدعُو لَهُ إخوَانُهُ المُؤمِنُونَ وَيستَغفِرُونَ لَهُ حَيًا ومَيتًا.
5⃣ أو يُهدُونَ لَهُ مِن ثَوَابِ أعمَالُهُم مَا يَنفَعُهُ اللَّه بِهِ.
6⃣ أو يَشفَعُ فِيهِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
7⃣ أو يَبتَلِيَهِ اللَّهُ تَعَالى فِي الدُّنيَا بِمَصائِب تُكَفِرُ عَنهُ.
8⃣ أو يَبتَلِيَهُ فِي البَرزَخِ بِالصَعقَةِ فَيُكَفِرُ بِهَا عَنهُ.
9⃣ أو يَبتَلِيَهُ فِي عَرَصاتِ القِيَامَة مِن أهوَالِهَا بِما يُكَفِرُ عَنهُ.
🔟 أو يَرحَمُهُ أرحَمُ الرَاحمِين.
فَمن أخطَأتهُ هَذِهِ العَشرَةِ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفسَه ».
📚 [مجموع الفتاوى (10/45)]
يقرل إبن تيمية رحمه الله :
"المُؤمِن إذا فَعَلَ سَيِّئَةً فَإنَّ
عُقوبَتِهَا تَندَفَعُ عَنهُ بِعَشرَةِ
أسبَابٍ :
1⃣ أن يَتُوبَ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيهِ، فَإنَّ
التَائِب مِنَ الذَنبِ كَمَن لا ذَنبَ لَه.
2⃣ أو يَستَغفِر ، فَيُغفَرُ لَهُ.
3⃣ أو يَعمَلَ حَسنَاتٍ تَمحُوهَا ،
فَإنَّ الحَسنَاتِ يُذهِبنَّ السيئَات.
4⃣ أو يَدعُو لَهُ إخوَانُهُ المُؤمِنُونَ وَيستَغفِرُونَ لَهُ حَيًا ومَيتًا.
5⃣ أو يُهدُونَ لَهُ مِن ثَوَابِ أعمَالُهُم مَا يَنفَعُهُ اللَّه بِهِ.
6⃣ أو يَشفَعُ فِيهِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
7⃣ أو يَبتَلِيَهِ اللَّهُ تَعَالى فِي الدُّنيَا بِمَصائِب تُكَفِرُ عَنهُ.
8⃣ أو يَبتَلِيَهُ فِي البَرزَخِ بِالصَعقَةِ فَيُكَفِرُ بِهَا عَنهُ.
9⃣ أو يَبتَلِيَهُ فِي عَرَصاتِ القِيَامَة مِن أهوَالِهَا بِما يُكَفِرُ عَنهُ.
🔟 أو يَرحَمُهُ أرحَمُ الرَاحمِين.
فَمن أخطَأتهُ هَذِهِ العَشرَةِ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفسَه ».
📚 [مجموع الفتاوى (10/45)]
🎤
خطبة.جمعــة.بعنــوان.cc
محــرم وعاشــوراء دروس وعــبر
للشيخ/ أمـــير بن محمـــد المــدري
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الواحد القهار، مُدبّر الأمور مصرف الأحوال، رب المشارق والمغارب العزيز الغفار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى الناس كافة بالهدى والرحمة والأنوار، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأخيار.
أمـــا بـــعــــــد :
عـــامٌ جديـــد - أيــها المسلمـــون :
اتقوا الله وتحلوا بالعبودية الخالصة لله سبحانه وتعالى، واعلموا أنكم قد استقبلتم عامًا جديدًا وشهرًا مفضلاً عظيمًا، وقد افتتحت لأعمالكم سنة جديدة تحصى عليكم فيها أعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، فلتكن أعمالكم في عامكم الجديد مفتتحة بالتقوى والصلاح، ثم الندم والتوبة على زمن انصرم وانقضى في غير طاعة الله ولم نفز فيه بالرضوان.
أيـــها المسلمـــون :
ذهب عامُكم شاهدًا لكم أو عليكم، فخذوا زادًا كافيًا، وأعِدّوا جوابًا شافيًا، واستكثِروا في أعمارِكم من الحسنات، وتدارَكوا ما مضَى من الهفَوات، وبادروا فرصةَ الأوقات، قبلَ أن يناديَ بكم منادي الشتات ويفجَأكم هادم اللّذات .
ضيــفٌ كريــــم
أظلنا شهرٌ عظيم مبارك هو شهر الله المحرم أول شهور السنة الهجرية ،وأحد الأشهر الحرم التي قال الله فيها: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ.... ) الآية [سورة التوبة].
وعن ابن عباس ب في قوله تعالى: (فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراماً وعظّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ »[رواه البخاري].
وكانوا يسمون شهر المحرم شهر الله الأصم لشدة تحريمه. [لطائف:83].وقال أبو عثمان النهدي: «كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من المحرم». [لطائف:84]. وقال قتادة: «إن الفجر الذي أقسم الله به في أول سورة الفجر هو فجر أول يوم من المحرم تنفجر منه السَنة». [فتح القدير:5/429].
صـــيام المــحـــرم :
ومن فضائل شهر المحرم أنه يُستحب الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم، ففي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» [رواه مسلم] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «شهر الله» من باب إضافة التعظيم، وأفضل أيامه اليوم العاشر، فقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، ففي الصحيحين وغيرهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى [شكراً لله تعالى]، قَالَ: فَنحن أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، ونحن نصومه تعظيماً له، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ». ورواه الإمام أحمد بزيادة غير صحيحة: «وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكرا».
نحن أحق بموسى منهم
نعم إخوة الإيمان، نحن أحق بموسى منهم فهذه الأمة المباركة هي امتداد للأنبياء والصالحين، وكل نبي وكل صالح من الأمم السابقة إنما هو تابع لهذه الأمة.ونحن أحق بكل نبي من قومه الذين كذبوه وعصوه،والأنبياء عليهم السلام امتداد لتاريخنا و الانتماء إلى الأنبياء ليس انتماء نسب أو بلد، إنما الانتماء للأنبياء يكون بإتباع هديهم وتعاليمهم.
صيام عاشــوراء يكفر سنـــة
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» [رواه مسلم].
فيا له من فضل عظيم لا يفوِّته إلا محروم، فصيام يوم واحد لا يتجاوز خمس عشرة ساعة يكفر الله به خطايا عام كامل، وهذا من رحمة الله تعالى بنا ولطفه .ولكن..صيام عاشوراء ماذا يكفّر؟ قال أهل العلم: إنه يكفر الذنوب الصغائر فقط، أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة النصوح وقبولها، كما أشار إلى ذلك العلماء المحققون كالنووي وابن تيمية رحمهما الله.
هل يجوز إفراد عاشوراء بالصيام حتى وإن كان يوم جمعة أو سبت؟
يقول أهل العلم: لا مانع من ذلك، وإن كان الأولى صيام يوم قبله أو يوم بعده، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية.
مخالفــة اليهود والتمـــيز
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأ
خطبة.جمعــة.بعنــوان.cc
محــرم وعاشــوراء دروس وعــبر
للشيخ/ أمـــير بن محمـــد المــدري
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الواحد القهار، مُدبّر الأمور مصرف الأحوال، رب المشارق والمغارب العزيز الغفار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى الناس كافة بالهدى والرحمة والأنوار، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأخيار.
أمـــا بـــعــــــد :
عـــامٌ جديـــد - أيــها المسلمـــون :
اتقوا الله وتحلوا بالعبودية الخالصة لله سبحانه وتعالى، واعلموا أنكم قد استقبلتم عامًا جديدًا وشهرًا مفضلاً عظيمًا، وقد افتتحت لأعمالكم سنة جديدة تحصى عليكم فيها أعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، فلتكن أعمالكم في عامكم الجديد مفتتحة بالتقوى والصلاح، ثم الندم والتوبة على زمن انصرم وانقضى في غير طاعة الله ولم نفز فيه بالرضوان.
أيـــها المسلمـــون :
ذهب عامُكم شاهدًا لكم أو عليكم، فخذوا زادًا كافيًا، وأعِدّوا جوابًا شافيًا، واستكثِروا في أعمارِكم من الحسنات، وتدارَكوا ما مضَى من الهفَوات، وبادروا فرصةَ الأوقات، قبلَ أن يناديَ بكم منادي الشتات ويفجَأكم هادم اللّذات .
ضيــفٌ كريــــم
أظلنا شهرٌ عظيم مبارك هو شهر الله المحرم أول شهور السنة الهجرية ،وأحد الأشهر الحرم التي قال الله فيها: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ.... ) الآية [سورة التوبة].
وعن ابن عباس ب في قوله تعالى: (فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراماً وعظّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم والعمل الصالح والأجر أعظم.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ »[رواه البخاري].
وكانوا يسمون شهر المحرم شهر الله الأصم لشدة تحريمه. [لطائف:83].وقال أبو عثمان النهدي: «كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من المحرم». [لطائف:84]. وقال قتادة: «إن الفجر الذي أقسم الله به في أول سورة الفجر هو فجر أول يوم من المحرم تنفجر منه السَنة». [فتح القدير:5/429].
صـــيام المــحـــرم :
ومن فضائل شهر المحرم أنه يُستحب الإكثار من صيام النافلة في شهر محرّم، ففي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ» [رواه مسلم] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «شهر الله» من باب إضافة التعظيم، وأفضل أيامه اليوم العاشر، فقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، ففي الصحيحين وغيرهما عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ: «مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى [شكراً لله تعالى]، قَالَ: فَنحن أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، ونحن نصومه تعظيماً له، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ». ورواه الإمام أحمد بزيادة غير صحيحة: «وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكرا».
نحن أحق بموسى منهم
نعم إخوة الإيمان، نحن أحق بموسى منهم فهذه الأمة المباركة هي امتداد للأنبياء والصالحين، وكل نبي وكل صالح من الأمم السابقة إنما هو تابع لهذه الأمة.ونحن أحق بكل نبي من قومه الذين كذبوه وعصوه،والأنبياء عليهم السلام امتداد لتاريخنا و الانتماء إلى الأنبياء ليس انتماء نسب أو بلد، إنما الانتماء للأنبياء يكون بإتباع هديهم وتعاليمهم.
صيام عاشــوراء يكفر سنـــة
قال النبي صلى الله عليه وسلم : «صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» [رواه مسلم].
فيا له من فضل عظيم لا يفوِّته إلا محروم، فصيام يوم واحد لا يتجاوز خمس عشرة ساعة يكفر الله به خطايا عام كامل، وهذا من رحمة الله تعالى بنا ولطفه .ولكن..صيام عاشوراء ماذا يكفّر؟ قال أهل العلم: إنه يكفر الذنوب الصغائر فقط، أما الكبائر فلا تكفرها إلا التوبة النصوح وقبولها، كما أشار إلى ذلك العلماء المحققون كالنووي وابن تيمية رحمهما الله.
هل يجوز إفراد عاشوراء بالصيام حتى وإن كان يوم جمعة أو سبت؟
يقول أهل العلم: لا مانع من ذلك، وإن كان الأولى صيام يوم قبله أو يوم بعده، كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية.
مخالفــة اليهود والتمـــيز
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأ
صومن التاسع مع العاشر يعني عاشوراء» [ رواه مسلم] وفي صحيح مسلم أيضاً قال صلى الله عليه وسلم :«خالفوا اليهود، صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده».
الرسول صلى الله عليه وسلم يريد لنا الرفعة عن مشابهة الكفار، ويريد لنا العزة، ويريد لنا التميز، فلماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! نحن أمة مرفوعة، فلم نكون خاضعين؟! نحن أمة متبوعة، فلم نكون تابعين؟! وديننا يأمرنا بالتميز في سلوكنا ومظاهرنا وفي عباداتنا، وأن تكون لنا ـ نحن المسلمين ـ الشخصية المتميزة المبنية على الشعور بالعزة الإيمانية.
صيام عاشوراء مراتب
ذكر بعض الفقهاء أن صيام
عاشوراء ثلاث مراتب:
1ـ صوم التاسع والعاشر والحادي عشر.
2ـ صوم التاسع والعاشر.
3ـ صوم العاشر وحده. [زاد المعاد:2/76]. ، وكلما كثر الصيام في محرم كان أفضل وأطيب.
أخي المسلم :
تزود من الخيرات واغتنم هذه الأيام لتقدم لنفسك زاداً تجده غداً أمامك ، فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره.
تزود من الدنيا فإنك لا تدري إذا جن عليك الليل هل تعيش إلى الفجر
يوم عاشوراء يوم النصر للحق وأهله
في غمرة الشعور باليأس والإحباط الذي أصاب المسلمين اليوم من جراء تتابع النكبات والشدائد، يأتي يوم عاشوراء ليُذكِّر الأمة أنه لا تقف أمام قوة الله أي قوة، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأنه إذا أراد شيئًا فإنما يقول له: كن فيكون.
شهر الله المحرم شهر نصرٍ وعزٍ لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم وقومه على فرعون الطاغية المتجبر على رغم كثرة عددهم وعدتهم وخيلائهم، فإن الله تعالى يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وبإحياء ذكرى ذلك النصر المجيد، على ذلك الطاغية الكبير، نعلن أن الدعوات لا تهزم بالأذى والحرب والاضطهاد، و عاقبة الظلم وخيمة، والله ناصر دينه, وكتابه, وأوليائه، و العاقبة للمتقين والنصر حليفهم متى ما تمسكوا بدينهم، واستنزلوا النصر من ربهم، قال تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) [آل عمران:126] وقال تعالى : (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر:51، 52].
يوم عاشوراء اليوم الذي قال فيه موسى لقومه لما قالوا له وهم يرون فرعون وجنوده خلفهم: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:61]، قال موسى بلغة المؤمن الواثق من وعد الله: ( كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:62]، إنه فضل وأهمية التوحيد والاستسلام في الملمات وتفويض الأمر إلى الله وحده، فمهما حمل لنا العدو من دبابات وقاصفات ومدمرات فإن الله معنا يسمع ويرى ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء قال تعالى : ( فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًا)[مريم: 84].
يوم عاشوراء اليوم الذي قال فيه فرعون المتجبر المتكبر المتألّه، لما أيقن بالهلاك: (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس:90]، فردّ الله عليه هذا الإيمان الاضطراري وهذه الدعوى الكاذبة فقال عز من قائل: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) [يونس:91، 92].
يوم عاشوراء حُق لكل مؤمن أن يعرف قدره ومقداره، وأن يتيقن فيه من سنة الله الكونية في نُصرة أوليائه الذين ينافحون عن دينه ودحر أعدائه الذين يعارضون شرعه في كل زمان ومكان.
يوم عاشوراء فيه رسالة أن الباطل مهما انتفخ وانتفش وتجبر وتغطرس وظن أنه لا يمكن لأحد أن ينازعه أو يرد كيده وباطله أو يهزم جنده وجحافله فإن مصيره إلى الهلاك وعاقبته هي الذلة والهوان، فهذا فرعون الطاغية بلغ به التكبر والغرور أن يدّعي الألوهية، وأن يعلن للناس بكل جرأة وصفاقة: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) [القصص:38]، وأن يقول بملء فيه من غير حياءٍ ولا خجل: ( أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى ) [النازعات:24]، ولكنه حين حل به العذاب لم يُغن عنه ملكه وسلطانه، ولا جنده وأعوانه، ولا تبجحه وادعاؤه، (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى) [النازعات:25، 26.
محـــرم والهجــرة النبوية
العاشر من محرم يُذَكِّرُنَا بِهِجرَةِ المُصطَفَى صلى الله عليه وسلم مِن مَكَّةَ إِلى المَدِينَةِ وَبَدءِ ظُهُورِ الدَّعوَةِ الإِسلامِيَّةِ وَانتِصَارِ الإِسلامِ وَانتِشَارِه. و علينا كمسلمين أن نشكر الله على ما يسره لنا من هذا الحساب البسيط الميسر في معرفة التاريخ اليومي الذي يبدأ من الهجرة (هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة) وأن علينا جميعاً أن نكون أمةً متميزة بتاريخها و أخلاقها ورأيها ومعاملاتها عن سائر الأمم الكافرة.
استشهاد سيد شبا
الرسول صلى الله عليه وسلم يريد لنا الرفعة عن مشابهة الكفار، ويريد لنا العزة، ويريد لنا التميز، فلماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟! نحن أمة مرفوعة، فلم نكون خاضعين؟! نحن أمة متبوعة، فلم نكون تابعين؟! وديننا يأمرنا بالتميز في سلوكنا ومظاهرنا وفي عباداتنا، وأن تكون لنا ـ نحن المسلمين ـ الشخصية المتميزة المبنية على الشعور بالعزة الإيمانية.
صيام عاشوراء مراتب
ذكر بعض الفقهاء أن صيام
عاشوراء ثلاث مراتب:
1ـ صوم التاسع والعاشر والحادي عشر.
2ـ صوم التاسع والعاشر.
3ـ صوم العاشر وحده. [زاد المعاد:2/76]. ، وكلما كثر الصيام في محرم كان أفضل وأطيب.
أخي المسلم :
تزود من الخيرات واغتنم هذه الأيام لتقدم لنفسك زاداً تجده غداً أمامك ، فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره.
تزود من الدنيا فإنك لا تدري إذا جن عليك الليل هل تعيش إلى الفجر
يوم عاشوراء يوم النصر للحق وأهله
في غمرة الشعور باليأس والإحباط الذي أصاب المسلمين اليوم من جراء تتابع النكبات والشدائد، يأتي يوم عاشوراء ليُذكِّر الأمة أنه لا تقف أمام قوة الله أي قوة، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأنه إذا أراد شيئًا فإنما يقول له: كن فيكون.
شهر الله المحرم شهر نصرٍ وعزٍ لنبي الله موسى صلى الله عليه وسلم وقومه على فرعون الطاغية المتجبر على رغم كثرة عددهم وعدتهم وخيلائهم، فإن الله تعالى يُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وبإحياء ذكرى ذلك النصر المجيد، على ذلك الطاغية الكبير، نعلن أن الدعوات لا تهزم بالأذى والحرب والاضطهاد، و عاقبة الظلم وخيمة، والله ناصر دينه, وكتابه, وأوليائه، و العاقبة للمتقين والنصر حليفهم متى ما تمسكوا بدينهم، واستنزلوا النصر من ربهم، قال تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) [آل عمران:126] وقال تعالى : (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [غافر:51، 52].
يوم عاشوراء اليوم الذي قال فيه موسى لقومه لما قالوا له وهم يرون فرعون وجنوده خلفهم: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:61]، قال موسى بلغة المؤمن الواثق من وعد الله: ( كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:62]، إنه فضل وأهمية التوحيد والاستسلام في الملمات وتفويض الأمر إلى الله وحده، فمهما حمل لنا العدو من دبابات وقاصفات ومدمرات فإن الله معنا يسمع ويرى ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء قال تعالى : ( فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًا)[مريم: 84].
يوم عاشوراء اليوم الذي قال فيه فرعون المتجبر المتكبر المتألّه، لما أيقن بالهلاك: (آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس:90]، فردّ الله عليه هذا الإيمان الاضطراري وهذه الدعوى الكاذبة فقال عز من قائل: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) [يونس:91، 92].
يوم عاشوراء حُق لكل مؤمن أن يعرف قدره ومقداره، وأن يتيقن فيه من سنة الله الكونية في نُصرة أوليائه الذين ينافحون عن دينه ودحر أعدائه الذين يعارضون شرعه في كل زمان ومكان.
يوم عاشوراء فيه رسالة أن الباطل مهما انتفخ وانتفش وتجبر وتغطرس وظن أنه لا يمكن لأحد أن ينازعه أو يرد كيده وباطله أو يهزم جنده وجحافله فإن مصيره إلى الهلاك وعاقبته هي الذلة والهوان، فهذا فرعون الطاغية بلغ به التكبر والغرور أن يدّعي الألوهية، وأن يعلن للناس بكل جرأة وصفاقة: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي) [القصص:38]، وأن يقول بملء فيه من غير حياءٍ ولا خجل: ( أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى ) [النازعات:24]، ولكنه حين حل به العذاب لم يُغن عنه ملكه وسلطانه، ولا جنده وأعوانه، ولا تبجحه وادعاؤه، (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى) [النازعات:25، 26.
محـــرم والهجــرة النبوية
العاشر من محرم يُذَكِّرُنَا بِهِجرَةِ المُصطَفَى صلى الله عليه وسلم مِن مَكَّةَ إِلى المَدِينَةِ وَبَدءِ ظُهُورِ الدَّعوَةِ الإِسلامِيَّةِ وَانتِصَارِ الإِسلامِ وَانتِشَارِه. و علينا كمسلمين أن نشكر الله على ما يسره لنا من هذا الحساب البسيط الميسر في معرفة التاريخ اليومي الذي يبدأ من الهجرة (هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة) وأن علينا جميعاً أن نكون أمةً متميزة بتاريخها و أخلاقها ورأيها ومعاملاتها عن سائر الأمم الكافرة.
استشهاد سيد شبا
ب
أهل الجنة
من المفارقات العجيبة ما حصل في هذا اليوم المبارك أيضًا من قتل سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه وأمه وآل بيته، حيث قُتل في فتنة عظيمة بين فئتين من المسلمين، وهي فتنة طهّر الله منها أيدينا فلا نخوض فيها بألسنتنا، إن كل مسلم ينبغي أن يحزنه مقتل الحسين أو حتى غير الحسين من عامة المسلمين فكيف إذا كان من أهل الفضل والمكانة، وكيف إذا كان من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه رضي الله عنه من سادات المسلمين وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عابداً شجاعاً سخياً .
ما ينبغـي التنبـــيه إليــــه
ما ينبغي التنبيه إليه هو أن ما يفعله بعض الشيعة في هذا اليوم من البكاء والنواح على قتل الحسين رضي الله عنه ،وما يقومون به من تعذيب أنفسهم وإسالة الدماء من وجوههم وصدورهم وظهورهم والتقرب إلى الله بضرب أبدانهم بالسلاسل والسكاكين ولطم خدودهم ونتف شعورهم ليس من الإسلام في شيء، وهو من البدع المحدثة والمنكرات الظاهرة ومن كبائر الذنوب التي تبرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرتكبيها فقال: صلى الله عليه وسلم «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» [متفق عليه]، فكل عمل يدل على الجزع والتسخط وعدم الرضا بقدر الله فإنه محرم.
تشويه صورة الإسلام
وتنفـــير غـــير المسلمـــين
يضاف إلى هذه الأعمال البدعية المؤذية للأبدان من حماقة وسفاهة وتشويه لصورة الإسلام وتنفير لغير المسلمين من الدخول فيه، وقد رأينا بعض وسائل الإعلام العالمية المعادية تحرص على نشر هذه الأعمال البدعية بالصوت والصورة، زاعمة بأن هذا هو الإسلام فمن كان مشتاق إلى الضرب فليدخل في هذا الدين على حد زعمهم.
مــــن العجائـــــــب
والعجيب من أمر الرافضة أن أبا الحسين رضي الله عنهما كان أفضل منه، وقُتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، ولا يتخذون مقتله مأتماً، وكذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه
، وقد قُتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذُبح من الوريد إلى الوريد ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قُتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، كما يفعل هؤلاء الجهلة يوم مصرع الحسين رضي الله عنه
اللهم زدنا إيماناً بك وتوكلاً عليك واستعانةً بك ،اللهم كما أنجيت موسى وقومه فأنجِ المسلمين المستضعفين في كل مكان من فراعنة هذا الزمان، يا رحيم يا رحمان.
أهل الجنة
من المفارقات العجيبة ما حصل في هذا اليوم المبارك أيضًا من قتل سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن أبيه وأمه وآل بيته، حيث قُتل في فتنة عظيمة بين فئتين من المسلمين، وهي فتنة طهّر الله منها أيدينا فلا نخوض فيها بألسنتنا، إن كل مسلم ينبغي أن يحزنه مقتل الحسين أو حتى غير الحسين من عامة المسلمين فكيف إذا كان من أهل الفضل والمكانة، وكيف إذا كان من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه رضي الله عنه من سادات المسلمين وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عابداً شجاعاً سخياً .
ما ينبغـي التنبـــيه إليــــه
ما ينبغي التنبيه إليه هو أن ما يفعله بعض الشيعة في هذا اليوم من البكاء والنواح على قتل الحسين رضي الله عنه ،وما يقومون به من تعذيب أنفسهم وإسالة الدماء من وجوههم وصدورهم وظهورهم والتقرب إلى الله بضرب أبدانهم بالسلاسل والسكاكين ولطم خدودهم ونتف شعورهم ليس من الإسلام في شيء، وهو من البدع المحدثة والمنكرات الظاهرة ومن كبائر الذنوب التي تبرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرتكبيها فقال: صلى الله عليه وسلم «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» [متفق عليه]، فكل عمل يدل على الجزع والتسخط وعدم الرضا بقدر الله فإنه محرم.
تشويه صورة الإسلام
وتنفـــير غـــير المسلمـــين
يضاف إلى هذه الأعمال البدعية المؤذية للأبدان من حماقة وسفاهة وتشويه لصورة الإسلام وتنفير لغير المسلمين من الدخول فيه، وقد رأينا بعض وسائل الإعلام العالمية المعادية تحرص على نشر هذه الأعمال البدعية بالصوت والصورة، زاعمة بأن هذا هو الإسلام فمن كان مشتاق إلى الضرب فليدخل في هذا الدين على حد زعمهم.
مــــن العجائـــــــب
والعجيب من أمر الرافضة أن أبا الحسين رضي الله عنهما كان أفضل منه، وقُتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، ولا يتخذون مقتله مأتماً، وكذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه
، وقد قُتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذُبح من الوريد إلى الوريد ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قُتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، كما يفعل هؤلاء الجهلة يوم مصرع الحسين رضي الله عنه
اللهم زدنا إيماناً بك وتوكلاً عليك واستعانةً بك ،اللهم كما أنجيت موسى وقومه فأنجِ المسلمين المستضعفين في كل مكان من فراعنة هذا الزمان، يا رحيم يا رحمان.
🎤
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
العاشر من محرم درس وعبرة .. !
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات ، الحمد لله الذي علم العثرات ، فسترها على أهلها وانزل الرحمات ، ثم غفرها لهم ومحا السيئات ، فله الحمد ملئ خزائن البركات ، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات ، وأشهد أن لا إله إلا الله لا مفرج للكربات إلا هو ، ولا مقيل للعثرات إلا هو ، ولا مدبر للملكوت إلا هو ، ولا سامع للأصوات إلا هو ، ما نزل غيث إلا بمداد حكمته ، وما انتصر دين إلا بمداد عزته ، وما اقشعرت القلوب إلا من عظمته ، وما سقط حجر من جبل إلا من خشيته ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قام في خدمته ، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته ، واقام اعوجاج الخلق بشريعته ، وعاش للتوحيد ففاز بخلته ، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته ، .. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واستن بسنته وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين .
أمـــا بعــــد :
عبــــــــاد الله : لقد جعل الله الأحداث والوقائع والمناسبات وتاريخ الأمم والشعوب والأفراد وسيلة من وسائل التربية والتقويم وتصحيح المسار وأخذ العبرة والعظة للأفراد والأمم والشعوب التي تأتي بعدهم ليقيم الحجة على عباده قال تعالى (قدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ) [أل عمران 137] .. وقال سبحانه (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )[الروم 9] .. وقال عز من قائل (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ ) (الدخان25-288)
وقال شعيب عليه السلام ..
لقومه مذكراً لهم حتى يرتدعوا عن طغيانهم ويستسلموا للحق الذي جاءهم من ربهم: (وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) [هود: 899]، فذكرهم بمصارع الماضين وبسنة الله في الغابرين، وكأنه يقول لهم: العاقل من وعظ بغيره ولقد كان لكم في مَنْ مضى عبرة لو كنتم معتبرين، فسنن الله تعالى لا تعرف المحاباة فمن يشاقق الرسل من بعد ما تبين له الهدى مصيره مصير من سبقه من الماضين، ولن تجد لسنة الله تبديلاً .
والمتأمل في سير الأمم السابقة
وأخبار الماضين يتبين ذلك جلياً... وأمر سبحانه وتعالى بتذكر وتدبر أحداث الأمم والشعوب والأفراد فقال ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (إبراهيم:5).
والمقصود هنا بتعبير ( أيام الله) هي الأحداث الكبرى في حياة الناس بما فيها من النعم والنقم ..
والعاشر من شهر محرم ..
من أيام الله العظيمة والتي ينبغي للمسلمين أن يأخذوا الدروس والعبر من أحداثه .. فقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال : " ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يوم نجَى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، قال : فأنا أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه" . [ رواه البخاري 1865 ] ولماذا نحن أحق بموسى عليه السلام ؟ لأننا أمة من صميم عقيدتها أنها تؤمن بالله وتؤمن بجميع رسله قال تعالى (آمَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ) [البقرة:285]
وإن صيام هذا اليوم له فضل عظيم عند الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعنى شهر رمضان" . [رواه البخاري 1867] ومعنى يتحرى أي : يقصد صومه لتحصيل ثوابه . وقال صلى الله عليه وسلم : " صيام يوم عاشوراء ، إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" [رواه مسلم 1976]
وإن من السنة في صيام هذا اليوم أن يصوم المرء يوماً قبله ليخالف اليهود.
أيها المؤمنون - عبــاد الله :-
يقول سبحانه وتعالى ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) [القصص:2-44]
ففي مثل هذه الأيام من شهر محرم نجى الله موسى عليه السلام وقومه من فرعون
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
العاشر من محرم درس وعبرة .. !
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات ، الحمد لله الذي علم العثرات ، فسترها على أهلها وانزل الرحمات ، ثم غفرها لهم ومحا السيئات ، فله الحمد ملئ خزائن البركات ، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات ، وأشهد أن لا إله إلا الله لا مفرج للكربات إلا هو ، ولا مقيل للعثرات إلا هو ، ولا مدبر للملكوت إلا هو ، ولا سامع للأصوات إلا هو ، ما نزل غيث إلا بمداد حكمته ، وما انتصر دين إلا بمداد عزته ، وما اقشعرت القلوب إلا من عظمته ، وما سقط حجر من جبل إلا من خشيته ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قام في خدمته ، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته ، واقام اعوجاج الخلق بشريعته ، وعاش للتوحيد ففاز بخلته ، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته ، .. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واستن بسنته وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين .
أمـــا بعــــد :
عبــــــــاد الله : لقد جعل الله الأحداث والوقائع والمناسبات وتاريخ الأمم والشعوب والأفراد وسيلة من وسائل التربية والتقويم وتصحيح المسار وأخذ العبرة والعظة للأفراد والأمم والشعوب التي تأتي بعدهم ليقيم الحجة على عباده قال تعالى (قدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ) [أل عمران 137] .. وقال سبحانه (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )[الروم 9] .. وقال عز من قائل (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ ) (الدخان25-288)
وقال شعيب عليه السلام ..
لقومه مذكراً لهم حتى يرتدعوا عن طغيانهم ويستسلموا للحق الذي جاءهم من ربهم: (وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) [هود: 899]، فذكرهم بمصارع الماضين وبسنة الله في الغابرين، وكأنه يقول لهم: العاقل من وعظ بغيره ولقد كان لكم في مَنْ مضى عبرة لو كنتم معتبرين، فسنن الله تعالى لا تعرف المحاباة فمن يشاقق الرسل من بعد ما تبين له الهدى مصيره مصير من سبقه من الماضين، ولن تجد لسنة الله تبديلاً .
والمتأمل في سير الأمم السابقة
وأخبار الماضين يتبين ذلك جلياً... وأمر سبحانه وتعالى بتذكر وتدبر أحداث الأمم والشعوب والأفراد فقال ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (إبراهيم:5).
والمقصود هنا بتعبير ( أيام الله) هي الأحداث الكبرى في حياة الناس بما فيها من النعم والنقم ..
والعاشر من شهر محرم ..
من أيام الله العظيمة والتي ينبغي للمسلمين أن يأخذوا الدروس والعبر من أحداثه .. فقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال : " ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يوم نجَى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، قال : فأنا أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه" . [ رواه البخاري 1865 ] ولماذا نحن أحق بموسى عليه السلام ؟ لأننا أمة من صميم عقيدتها أنها تؤمن بالله وتؤمن بجميع رسله قال تعالى (آمَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ) [البقرة:285]
وإن صيام هذا اليوم له فضل عظيم عند الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعنى شهر رمضان" . [رواه البخاري 1867] ومعنى يتحرى أي : يقصد صومه لتحصيل ثوابه . وقال صلى الله عليه وسلم : " صيام يوم عاشوراء ، إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" [رواه مسلم 1976]
وإن من السنة في صيام هذا اليوم أن يصوم المرء يوماً قبله ليخالف اليهود.
أيها المؤمنون - عبــاد الله :-
يقول سبحانه وتعالى ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) [القصص:2-44]
ففي مثل هذه الأيام من شهر محرم نجى الله موسى عليه السلام وقومه من فرعون
وجنوده بعد حياة طويلة عاشوا فيها الظلم والاستعباد والحرمان بكل صوره فمن كان يظن أن فرعون الذي كان يقول في تكبر وتجبر ( يٰأَيُّهَا ٱلْملاَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يٰهَـٰمَـٰنُ عَلَى ٱلطّينِ فَٱجْعَل لّى صَرْحًا لَّعَلّى أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنّى لاظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ) [القصص:38] وكان ينادي ( يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَـٰرُ تَجْرِى مِن تَحْتِى أَفَلاَ تُبْصِرُونَ) [الزخرف:51] وكان يقول (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ) [غافر:29]
من كان يظن أن كل هذا التكبر والتجبر سيأتي عليه يوم ويأذن الله بنهايته وزواله بل ويصبح فيما بعد عبرة للمعتبرين ودرساً للطغاة والظالمين قال تعالى (فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ وَأَتْبَعْنَـٰهُم فِى هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَـٰمَةِ هُمْ مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ )[القصص:40-42] ..
و هذه هي سنة الله يملي للطغاة والظلمة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر وإنها لسنة الله أيضاً في حفظ أولياءه والتمكين لهم في الأرض قال تعالى(وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ) [الروم:47] وقال تعالى ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ )[الصافات:171- 173]
فموسى عليه السلام كان ممن توعدهم فرعون بالقتل والتصفية الجسدية وما زال في بطن أمة فمكر فرعون وجنوده والله خير الماكرين وولد موسى وألقت به أمه في البحر خوفاً عليه من القتل وهل يعقل هذا ؟ إنه كان يجب عليه إذا كانت تخاف عليه أن تضمه إلى صدرها ..
لكنها الثقة بالله قال تعالى ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )[القصص:7] .. فأخذه فرعون ليكون له ولد ولم يكن يعلم أنها مقادير الله وأن نهايته ستكون على يدي هذا الطفل الرضيع ولكنها إرادة الله إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون .. وإنها لعبرة وعظة لكل متجبر وظالم طغى في هذه الأرض.
عبــــــــاد اللـــه :
إن حركة التغيير على مستوى الأمم والجماعات والأفراد لا تتوقف فإما أن تكون إلى الأحسن وإما أن تكون إلى الأسوأ فأما التي إلى الأحسن فتحكمها السنة القائلة (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد/11] فما من أهل قرية ولا بيت ولا بلد كانوا على معصية الله ثم تحوَّلوا عنها إلى ما أحب من الطاعة إلا حوَّلهم الله عما يكرهون من العذاب إلى ما يحبون من الرحمة ..
وأما التغيير إلى الأسوأ فتحكمه السنة القائلة (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال/53].
إن الله ليملي للظالم سوى كان فرداً أو مجتمع أو أمة ويغدق عليه من النعم والخيرات فيما يبدوا للناس حتى إذا كثر شره وزاد فسقه وانتشر ظلمه وغرته نفسه أخذه أخذ عزيز مقتدر قال تعالى (ألَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ)[الأنعام:6].. وقال تعالى: (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِـمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ) [الحج: 45]
والله سبحانه وتعالى لا يأذن بزوال الظلم وأهله حتى يكون هناك من يقارع الظلم ويقف أمام الباطل ويصدع بكلمة الحق ولو كان ضعيفاً أو فقيراً أو وحيداً كما فعل موسى عليه السلام وغيره من الأنبياء وأصحاب الحق والعظماء في كل زمان ومكان لأن الله لا يتخلى عن عباده ولا يترك أولياءه بل ينظر إلى أعمالهم ويطلع على نياتهم فإذا ما وجد من الجهد المطلوب والنية الخالصة أذن بنصره وهلاك أعدائه قال موسى عليه السلام (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) (المائدة:255) ..
وهكذا هي سنة الله في هذه الحياة والتاريخ يشهد وأيام الله تترى علينا كل يوم تثبت هذه الحقيقة وتغرس في النفوس الإيمان والأمل والإستقامة وتقوم الإعوجاج وتصحح المسار وتوجه الإنحراف في أخلاقنا وأعمالنا وسلوكياتنا كلما صدقنا في فهمها وتدبرها
من كان يظن أن كل هذا التكبر والتجبر سيأتي عليه يوم ويأذن الله بنهايته وزواله بل ويصبح فيما بعد عبرة للمعتبرين ودرساً للطغاة والظالمين قال تعالى (فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ وَأَتْبَعْنَـٰهُم فِى هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَـٰمَةِ هُمْ مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ )[القصص:40-42] ..
و هذه هي سنة الله يملي للطغاة والظلمة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر وإنها لسنة الله أيضاً في حفظ أولياءه والتمكين لهم في الأرض قال تعالى(وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ) [الروم:47] وقال تعالى ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ )[الصافات:171- 173]
فموسى عليه السلام كان ممن توعدهم فرعون بالقتل والتصفية الجسدية وما زال في بطن أمة فمكر فرعون وجنوده والله خير الماكرين وولد موسى وألقت به أمه في البحر خوفاً عليه من القتل وهل يعقل هذا ؟ إنه كان يجب عليه إذا كانت تخاف عليه أن تضمه إلى صدرها ..
لكنها الثقة بالله قال تعالى ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )[القصص:7] .. فأخذه فرعون ليكون له ولد ولم يكن يعلم أنها مقادير الله وأن نهايته ستكون على يدي هذا الطفل الرضيع ولكنها إرادة الله إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون .. وإنها لعبرة وعظة لكل متجبر وظالم طغى في هذه الأرض.
عبــــــــاد اللـــه :
إن حركة التغيير على مستوى الأمم والجماعات والأفراد لا تتوقف فإما أن تكون إلى الأحسن وإما أن تكون إلى الأسوأ فأما التي إلى الأحسن فتحكمها السنة القائلة (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد/11] فما من أهل قرية ولا بيت ولا بلد كانوا على معصية الله ثم تحوَّلوا عنها إلى ما أحب من الطاعة إلا حوَّلهم الله عما يكرهون من العذاب إلى ما يحبون من الرحمة ..
وأما التغيير إلى الأسوأ فتحكمه السنة القائلة (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال/53].
إن الله ليملي للظالم سوى كان فرداً أو مجتمع أو أمة ويغدق عليه من النعم والخيرات فيما يبدوا للناس حتى إذا كثر شره وزاد فسقه وانتشر ظلمه وغرته نفسه أخذه أخذ عزيز مقتدر قال تعالى (ألَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ)[الأنعام:6].. وقال تعالى: (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِـمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ) [الحج: 45]
والله سبحانه وتعالى لا يأذن بزوال الظلم وأهله حتى يكون هناك من يقارع الظلم ويقف أمام الباطل ويصدع بكلمة الحق ولو كان ضعيفاً أو فقيراً أو وحيداً كما فعل موسى عليه السلام وغيره من الأنبياء وأصحاب الحق والعظماء في كل زمان ومكان لأن الله لا يتخلى عن عباده ولا يترك أولياءه بل ينظر إلى أعمالهم ويطلع على نياتهم فإذا ما وجد من الجهد المطلوب والنية الخالصة أذن بنصره وهلاك أعدائه قال موسى عليه السلام (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) (المائدة:255) ..
وهكذا هي سنة الله في هذه الحياة والتاريخ يشهد وأيام الله تترى علينا كل يوم تثبت هذه الحقيقة وتغرس في النفوس الإيمان والأمل والإستقامة وتقوم الإعوجاج وتصحح المسار وتوجه الإنحراف في أخلاقنا وأعمالنا وسلوكياتنا كلما صدقنا في فهمها وتدبرها
.
فاللهم أهدنا بهداك ولا تولنا أحداً سـواك وخذ بنواصينا إلى كل خير ... قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الخطـــبة.الثانـيـــة.cc
عبــــــــاد الله :- ولا ننسى أن نذكر في هذا اليوم مقتل سبط رسول الله صل الله عليه وسلم وحفيده وسيد شباب الجنة الحسين بن على رضي الله عنهم، وكان قد خرج إلى الكوفة ليبايعه أهلها ورفضاً لولاية يزيد بن معاوية، وكان أهل الكوفة قد دعوا الحسين وأوهموه بأن أعدادهم كثير حتى بلغت في الروايات إلى ثمانية عشر الف وأربعون الف، فأرسل ابنَ عمه مسلمَ بن عقيل بن أبي طالب ليستطلع الأمر ويقفَ على حقيقته..
ولما علم الصحابة بما أراده الحسين توافدوا عليه لثنيه عن وجهته؛ فكان ممن جاءه ابن عباس وأبو سعيد الخدري وعبدالله بن عمرو بن العاص وعبدالله بن الزبير وجابر بن عبدالله والمسور بن مخرمة وغيرهم
بل إن عبدالله بن عمر لما بلغه مخرج الحسين لحق به على مسير ثلاثة أيام من مكة ونصحه بالعودة فقال له الحسين: هذه كتبهم وبيعتهم.
فقال ابن عمر: لا تأتهم؛ وإني محدثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيّره بين الدنيا والآخرة؛ فاختار الآخرة ولم يُرِد الدنيا. وإنكم بَضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والله لا يليها منكم أحد أبداً؛ وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم. فأبى الحسين أن يرجع؛ فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.
بلغ الخبرُ يزيدَ بن معاوية فكتب إلى واليه على البصرة: عبيدالله بن زياد؛ يضم إليه الكوفة ويدعوه إلى معالجة الأمر.
ولما وصل عبيدالله بن زياد إلى الكوفة بعث من يتحرى له الأخبار ويتقصّى الحقائق؛ فعلم أن الناس ينتظرون قدوم الحسين؛ وأن الرأس المدبر هو مسلم بن عقيل فطلبه. وعلم مسلم بمراد عبيدالله بن زياد فجمع معه أربعة آلاف؛ وحاصروا قصر عبيدالله بن زياد بالكوفة، فصار عبيدالله بن زياد يأمر أشراف القبائل ووجهاء الكوفة أن يخذّلوا الناس عنه؛ حتى كانت الأم تأتي إلى ابنها وتقول: ارجع؛ والناس يكفونك. ويأتي الأب إلى ابنه فيقول: إنه لا طاقة لك بجنود الشام لو أقبلت. فتخاذل الناس عنه حتى لم يبق معه إلا خمسمئة نفس؛ ثم نقصوا حتى الثلاثمئة؛ ولم يزالوا يرجعون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً؛ فصلى بهم المغرب؛ ولما أظلم الليل صار وحيداً؛ فصار يمشي متخفياً؛ لكنه لم يلبث أن ظفر به عبيدالله بن زياد وعزم على قتله.
ولما وُقف به –أعني: مسلم بن عقيل- بين يدي عبيدالله بن زياد؛ وعَلِمَ أنه قاتله؛ التفت في وجوه الحاضرين فوقع بصره على محمد بن الأشعث؛ فأوصاه أن يبعث إلى الحسين ليرجع؛ وقال مقولته المشهورة: ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة؛ فإن أهل الكوفة قد كَذَبوك وكذبوني؛ وليس لكاذب رأي، ثم قُتل رحمه الله في يوم عرفة من سنة ستين للهجرة.
علم الحسين رضي الله عنه
بمقتل ابن عمه في الكوفه، فجاءته رسائل وكتب من أهل الكوفه للقدوم، وأنه ليس كأبن عمه مسلم بن عقيل وأنهم سيقفون معه، أصر عندها الحسين على القدوم على الكوفه فعلم عبيد الله بن زياد والي الكوفه فأرسل الحر بن يزيد الحنظلي في ألف مقاتل ليصدوا الحسين؛ فلقيه بالقادسية وطلب منه أن يغيّر وجهته فأبى؛ عندها كانت المعركة بين الحسين ومن معه وبين الحر بن يزيد الحنظلي وجيش عبيد الله بن زياد، وقتل الحسين رضي الله عنه، أما أهل الكوفه ومن أدعى مشايعته ونصرته فقد غدروا به وكذبوا عليه، مات الحسين رضي الله عنه مظلوماً وشهيداً ومجتهداً ، رحمه الله رحمة الأبرار.
معاشـــر المسلمـــين :
قتل كما قتل الأبطال والعظماء على مر التاريخ، وأصبحت سيرتهم عطره على كل الأفواه ، لكن هذه الحادثة والواقعة لا تعطي لأحد الحق في إثارت النعرات الجاهلية ، والطائفية المقيته، التي أهلكت الأمة، وسالت دمائها بسبب الجهل وتغذيتها من قبل أعداء الاسلام .
وينبغي لكل من تذكّر هذه الرزية أن يسترجع استرجاع المؤمن عند المصائب؛ فالقلب يحزن؛ والعين تدمع؛ ولا ينطق اللسان إلا ما يرضي الله جل وعلا.
ولذا؛ لا تحلّ أفعال بعض الغوغاء في هذا اليوم من النياحة واللطم على الحسين؛ حيث زعم بعضهم أنه يكفّر بذلك خطيئة أجداده الذين خانوا الحسين؛ فالنصوص جاءت عامة بالنهي عن النياحة على الميت؛ وعن لطم الخدود وشق الجيوب.
ثم إنه قد قُتل من هو خير من الحسين فلم يفعل معه الناس كما يفعلوا اليوم؛ فقد قُتل أبو الحسين عليٌ فجر الجمعة في السابع عشر من رمضان فلم يُتخذ يوم مقتله مأتماً؛ وقُتل عثمان؛ وقبله عمر؛ ومات الصديق؛ بل مات رسول الله صل الله عليه وسلم كما مات الأنبياء والرسل قبله فلم تُتخذ أيام موتهم مآتم.
قال ابن رجب رحمه الله: "وأما اتخاذه –يعني: يوم عاشوراء- مأتماً كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعا، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً فكيف بمن دونهم"اهـ.
عـــباد اللـــه :
لقد قدم رسول الله صل الله ع
فاللهم أهدنا بهداك ولا تولنا أحداً سـواك وخذ بنواصينا إلى كل خير ... قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الخطـــبة.الثانـيـــة.cc
عبــــــــاد الله :- ولا ننسى أن نذكر في هذا اليوم مقتل سبط رسول الله صل الله عليه وسلم وحفيده وسيد شباب الجنة الحسين بن على رضي الله عنهم، وكان قد خرج إلى الكوفة ليبايعه أهلها ورفضاً لولاية يزيد بن معاوية، وكان أهل الكوفة قد دعوا الحسين وأوهموه بأن أعدادهم كثير حتى بلغت في الروايات إلى ثمانية عشر الف وأربعون الف، فأرسل ابنَ عمه مسلمَ بن عقيل بن أبي طالب ليستطلع الأمر ويقفَ على حقيقته..
ولما علم الصحابة بما أراده الحسين توافدوا عليه لثنيه عن وجهته؛ فكان ممن جاءه ابن عباس وأبو سعيد الخدري وعبدالله بن عمرو بن العاص وعبدالله بن الزبير وجابر بن عبدالله والمسور بن مخرمة وغيرهم
بل إن عبدالله بن عمر لما بلغه مخرج الحسين لحق به على مسير ثلاثة أيام من مكة ونصحه بالعودة فقال له الحسين: هذه كتبهم وبيعتهم.
فقال ابن عمر: لا تأتهم؛ وإني محدثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيّره بين الدنيا والآخرة؛ فاختار الآخرة ولم يُرِد الدنيا. وإنكم بَضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والله لا يليها منكم أحد أبداً؛ وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم. فأبى الحسين أن يرجع؛ فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال: أستودعك الله من قتيل.
بلغ الخبرُ يزيدَ بن معاوية فكتب إلى واليه على البصرة: عبيدالله بن زياد؛ يضم إليه الكوفة ويدعوه إلى معالجة الأمر.
ولما وصل عبيدالله بن زياد إلى الكوفة بعث من يتحرى له الأخبار ويتقصّى الحقائق؛ فعلم أن الناس ينتظرون قدوم الحسين؛ وأن الرأس المدبر هو مسلم بن عقيل فطلبه. وعلم مسلم بمراد عبيدالله بن زياد فجمع معه أربعة آلاف؛ وحاصروا قصر عبيدالله بن زياد بالكوفة، فصار عبيدالله بن زياد يأمر أشراف القبائل ووجهاء الكوفة أن يخذّلوا الناس عنه؛ حتى كانت الأم تأتي إلى ابنها وتقول: ارجع؛ والناس يكفونك. ويأتي الأب إلى ابنه فيقول: إنه لا طاقة لك بجنود الشام لو أقبلت. فتخاذل الناس عنه حتى لم يبق معه إلا خمسمئة نفس؛ ثم نقصوا حتى الثلاثمئة؛ ولم يزالوا يرجعون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً؛ فصلى بهم المغرب؛ ولما أظلم الليل صار وحيداً؛ فصار يمشي متخفياً؛ لكنه لم يلبث أن ظفر به عبيدالله بن زياد وعزم على قتله.
ولما وُقف به –أعني: مسلم بن عقيل- بين يدي عبيدالله بن زياد؛ وعَلِمَ أنه قاتله؛ التفت في وجوه الحاضرين فوقع بصره على محمد بن الأشعث؛ فأوصاه أن يبعث إلى الحسين ليرجع؛ وقال مقولته المشهورة: ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة؛ فإن أهل الكوفة قد كَذَبوك وكذبوني؛ وليس لكاذب رأي، ثم قُتل رحمه الله في يوم عرفة من سنة ستين للهجرة.
علم الحسين رضي الله عنه
بمقتل ابن عمه في الكوفه، فجاءته رسائل وكتب من أهل الكوفه للقدوم، وأنه ليس كأبن عمه مسلم بن عقيل وأنهم سيقفون معه، أصر عندها الحسين على القدوم على الكوفه فعلم عبيد الله بن زياد والي الكوفه فأرسل الحر بن يزيد الحنظلي في ألف مقاتل ليصدوا الحسين؛ فلقيه بالقادسية وطلب منه أن يغيّر وجهته فأبى؛ عندها كانت المعركة بين الحسين ومن معه وبين الحر بن يزيد الحنظلي وجيش عبيد الله بن زياد، وقتل الحسين رضي الله عنه، أما أهل الكوفه ومن أدعى مشايعته ونصرته فقد غدروا به وكذبوا عليه، مات الحسين رضي الله عنه مظلوماً وشهيداً ومجتهداً ، رحمه الله رحمة الأبرار.
معاشـــر المسلمـــين :
قتل كما قتل الأبطال والعظماء على مر التاريخ، وأصبحت سيرتهم عطره على كل الأفواه ، لكن هذه الحادثة والواقعة لا تعطي لأحد الحق في إثارت النعرات الجاهلية ، والطائفية المقيته، التي أهلكت الأمة، وسالت دمائها بسبب الجهل وتغذيتها من قبل أعداء الاسلام .
وينبغي لكل من تذكّر هذه الرزية أن يسترجع استرجاع المؤمن عند المصائب؛ فالقلب يحزن؛ والعين تدمع؛ ولا ينطق اللسان إلا ما يرضي الله جل وعلا.
ولذا؛ لا تحلّ أفعال بعض الغوغاء في هذا اليوم من النياحة واللطم على الحسين؛ حيث زعم بعضهم أنه يكفّر بذلك خطيئة أجداده الذين خانوا الحسين؛ فالنصوص جاءت عامة بالنهي عن النياحة على الميت؛ وعن لطم الخدود وشق الجيوب.
ثم إنه قد قُتل من هو خير من الحسين فلم يفعل معه الناس كما يفعلوا اليوم؛ فقد قُتل أبو الحسين عليٌ فجر الجمعة في السابع عشر من رمضان فلم يُتخذ يوم مقتله مأتماً؛ وقُتل عثمان؛ وقبله عمر؛ ومات الصديق؛ بل مات رسول الله صل الله عليه وسلم كما مات الأنبياء والرسل قبله فلم تُتخذ أيام موتهم مآتم.
قال ابن رجب رحمه الله: "وأما اتخاذه –يعني: يوم عاشوراء- مأتماً كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعا، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً فكيف بمن دونهم"اهـ.
عـــباد اللـــه :
لقد قدم رسول الله صل الله ع
ل
يه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله: " ما هذا اليوم الذي تصومونه؟" فقالوا: هذا يو م عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه. فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه وأمر بصيامه.
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة أن النبي صل الله عليه وسلم سئل عن صوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية". وفي رواية: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
عبـــــاد الله :-
لنستفد من أحداث الزمان ووقائع التاريخ، ولنتجنب السلبيات، ولنعمل على تعزيز الإيجابيات، فعودوا إلى دينكم رحمكم الله، وتعاهدوا الإيمان في قلوبكم وأدوا فرائضكم وقووا أخوتكم تتغير أحوالكم وتتنزل عليكم رحمات ربكم وتحفظ بلادكم وأوطانكم وتنتصروا على واقعكم المؤلم قال تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82) وقال تعالى: ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ) (طـه:112)..
ثم اعلموا أن بعد العسر يسراً
وبعـــد الشدة فرجاً ومخـــرجا .. فثقوا بالله وتوكلوا عليه
إذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق لما به الصدر الرحي
وأوطأت المكـاره واطمأنت
وأرست في أماكنها الخطوبُ
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً
ولا أغـنى بحيلته الأريـبُ
أتاك على قـنوط منك غوثٌ
يمن به اللطـيف المستجيبُ
وكـل الحادثات وإن تـناهت
فموصول بها الفرج القريبُ
اللهم أصلح شأن المسلمين, ويسر أمورهم, اللهم اجعل لأمة الإسلام من كل هم فرجاً, ومن كل ضيق مخرجاً, ومن كل عسر يسراً, ومن كل بلاء عافية, اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, والحمد لله رب العالمين.
=========================
يه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله: " ما هذا اليوم الذي تصومونه؟" فقالوا: هذا يو م عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه. فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه وأمر بصيامه.
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة أن النبي صل الله عليه وسلم سئل عن صوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية". وفي رواية: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله".
عبـــــاد الله :-
لنستفد من أحداث الزمان ووقائع التاريخ، ولنتجنب السلبيات، ولنعمل على تعزيز الإيجابيات، فعودوا إلى دينكم رحمكم الله، وتعاهدوا الإيمان في قلوبكم وأدوا فرائضكم وقووا أخوتكم تتغير أحوالكم وتتنزل عليكم رحمات ربكم وتحفظ بلادكم وأوطانكم وتنتصروا على واقعكم المؤلم قال تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82) وقال تعالى: ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ) (طـه:112)..
ثم اعلموا أن بعد العسر يسراً
وبعـــد الشدة فرجاً ومخـــرجا .. فثقوا بالله وتوكلوا عليه
إذا اشتملت على اليأس القلوب
وضاق لما به الصدر الرحي
وأوطأت المكـاره واطمأنت
وأرست في أماكنها الخطوبُ
ولم تر لانكشاف الضر وجهاً
ولا أغـنى بحيلته الأريـبُ
أتاك على قـنوط منك غوثٌ
يمن به اللطـيف المستجيبُ
وكـل الحادثات وإن تـناهت
فموصول بها الفرج القريبُ
اللهم أصلح شأن المسلمين, ويسر أمورهم, اللهم اجعل لأمة الإسلام من كل هم فرجاً, ومن كل ضيق مخرجاً, ومن كل عسر يسراً, ومن كل بلاء عافية, اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, والحمد لله رب العالمين.
=========================
🎤
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
إنَّهم قَتَلَةُ الحُسين (رضي الله عنه)
للشيــخ/ مــحــمــــــد ســعــيـــد رســـلان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــةُ.الأولـــى.cc
إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].
أَمَّـــا بـــَعْــــــد ُ:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
ثم أَمَّـــا بَـــعــــــْدُ:
فإنَّ إبليس عليه لَعَائِنُ الله لبَّسَ على طوائف من الخَلق فخرجوا على عليٍّ رضي الله تبارك وتعالى عنه وكَفَّرُوه وقاتلوه وقتلوه، وفي المقابل لبَّس على طوائف من الخَلق غالوا في علي رضي الله عنه فادَّعى منهم أقوامٌ أنَّه الله, وادَّعى منهم أقوامٌ أنَّه نبي, وادَّعى فيه منهم مَنْ ادَّعى أقوالاً لا نُضَيِّعُ الزمان في سردها.
وعَصَمَ الله أهل السُّنَّة؛ فكانوا على الوَسَطِ الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى لهم؛ فأحَبُّوا آل البيت, ووالوا آل البيت, ولم يُنزلوهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله تبارك وتعالى فيها، فعصمهم الله رب العالمين باتِّباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الإفراط والتفريط, والغلو والجفاء معًا.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يخطب على المنبر يومًا فجاء الحسن بن علي رضي الله عنهما يتعثر, فنزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المنبر فحَمَلَهُ وصَعِدَ به المنبرَ, وأجلسه, وقال: (إنَّ ابني هذا سيدٌ, وعسى الله أنْ يُصلح به بين طائفتين عظيمتين من المؤمنين), فكانت نبوءةً من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نطق بها بالوحي المعصوم, ووقع الأمر كما أخبر به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عام الجماعة لما بُويع للحسن رضي الله عنه بالخِلافة, وأرادَ معاويةُ رضي الله عنه أنْ يُصالحه وأن يشترط, فنزل له عن الخلافة واستقام الأمر, واجتمع المسلمون فسُمِّيَ العامُ (عامَ الجماعة).
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أنَّ حسنًا وحُسينًا سيدا شباب أهل الجنة, وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحمل الحسن ويقول: (اللهم إني أُحبُّه فأَحِبَّه).
ومَضَت الأيام وتعاقبت السنون ووقع بين المسلمين ما وقع، وعصم الله من الوقوع في الفتنة من عصم, واستقام الأمر في عام الجماعة.
فلمَّا قضَى معاوية رضي الله عنه ومضى إلى ربه بُويع ليزيد في شهر رجب - وكان على رأس الرابعة والثلاثين من عمره - بُويع له بالخلافة - وقد وُلِدَ سنة ستٍ وعشرين من الهجرة - فبايعه من بايعه, وامتنع عن البيعة عبد الله بن الزبير والحسين بن علي رضي الله عنهما.
ثمَّ إنَّ أهل الكُوفة لمَّا عَلِمُوا أنَّ حُسينًا رضي الله عنه امتنعَ عن البيعةِ ليزيد راسلُوه، فتواتر الطَّوَامِيرُ - أي: الصحف - بالبيعة للحُسين رضي الله تبارك وتعالى عنه مع دعوتهِِ إلى الخروج إليهم من أجل أن يصير الأمر إلى نِصَابِهِ الذي كان ينبغي أنْ يكون فيه - كما يدَّعُون!
وأمّا الحُسين رضي الله عنه
فإنَّه أوفَدَ مُسْلِمَ بن عَقِيل بن أبي طالب لكي يَأخُذَ له البيعةَ من أهل الكوفة, ومن أجل أن يرى الأحوال عِيَانًا, وتهافت النَّاسُ على مُسْلِمٍ رحمه الله تعالى بالبيعة للحُسين رضي الله عنه, فجاءهُ اثنا عشرَ ألفًا يُبايعونه - يبايعون الحسين بن علي -, ويعاهدونه على المنافحةِ دونه بالدماء والأموال, ثمَّ تهافتوا حتى صاروا ثمانيةَ عشرَ ألفاً، وأرسل مُسْلِمٌ حين ذلك إلى الحُسين رضي الله عنه أنَّ الأمر قد استَتَبَّ فاخرج إليهم؛ فخرج رضي الله عنه بِثِقْلِهِ وبحَشَمِهِ وأزواجه وأولاده - رضي الله تبارك وتعالى عن آل البيت أجمعين - خرج يوم التَّروِيَة لسَنَةِ ستين من الهجرة.
فلمَّا عَلِمَ بخروجه عبدُ الله بن عباس رضي الله عنهما تَعَلَّقَ به وقال: (لولا أنَّهُ يُزرِي بي وبك لَتَشَبَّث
خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc
إنَّهم قَتَلَةُ الحُسين (رضي الله عنه)
للشيــخ/ مــحــمــــــد ســعــيـــد رســـلان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
الخطبـــةُ.الأولـــى.cc
إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].
أَمَّـــا بـــَعْــــــد ُ:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
ثم أَمَّـــا بَـــعــــــْدُ:
فإنَّ إبليس عليه لَعَائِنُ الله لبَّسَ على طوائف من الخَلق فخرجوا على عليٍّ رضي الله تبارك وتعالى عنه وكَفَّرُوه وقاتلوه وقتلوه، وفي المقابل لبَّس على طوائف من الخَلق غالوا في علي رضي الله عنه فادَّعى منهم أقوامٌ أنَّه الله, وادَّعى منهم أقوامٌ أنَّه نبي, وادَّعى فيه منهم مَنْ ادَّعى أقوالاً لا نُضَيِّعُ الزمان في سردها.
وعَصَمَ الله أهل السُّنَّة؛ فكانوا على الوَسَطِ الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى لهم؛ فأحَبُّوا آل البيت, ووالوا آل البيت, ولم يُنزلوهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله تبارك وتعالى فيها، فعصمهم الله رب العالمين باتِّباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الإفراط والتفريط, والغلو والجفاء معًا.
والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يخطب على المنبر يومًا فجاء الحسن بن علي رضي الله عنهما يتعثر, فنزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن المنبر فحَمَلَهُ وصَعِدَ به المنبرَ, وأجلسه, وقال: (إنَّ ابني هذا سيدٌ, وعسى الله أنْ يُصلح به بين طائفتين عظيمتين من المؤمنين), فكانت نبوءةً من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نطق بها بالوحي المعصوم, ووقع الأمر كما أخبر به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في عام الجماعة لما بُويع للحسن رضي الله عنه بالخِلافة, وأرادَ معاويةُ رضي الله عنه أنْ يُصالحه وأن يشترط, فنزل له عن الخلافة واستقام الأمر, واجتمع المسلمون فسُمِّيَ العامُ (عامَ الجماعة).
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أنَّ حسنًا وحُسينًا سيدا شباب أهل الجنة, وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحمل الحسن ويقول: (اللهم إني أُحبُّه فأَحِبَّه).
ومَضَت الأيام وتعاقبت السنون ووقع بين المسلمين ما وقع، وعصم الله من الوقوع في الفتنة من عصم, واستقام الأمر في عام الجماعة.
فلمَّا قضَى معاوية رضي الله عنه ومضى إلى ربه بُويع ليزيد في شهر رجب - وكان على رأس الرابعة والثلاثين من عمره - بُويع له بالخلافة - وقد وُلِدَ سنة ستٍ وعشرين من الهجرة - فبايعه من بايعه, وامتنع عن البيعة عبد الله بن الزبير والحسين بن علي رضي الله عنهما.
ثمَّ إنَّ أهل الكُوفة لمَّا عَلِمُوا أنَّ حُسينًا رضي الله عنه امتنعَ عن البيعةِ ليزيد راسلُوه، فتواتر الطَّوَامِيرُ - أي: الصحف - بالبيعة للحُسين رضي الله تبارك وتعالى عنه مع دعوتهِِ إلى الخروج إليهم من أجل أن يصير الأمر إلى نِصَابِهِ الذي كان ينبغي أنْ يكون فيه - كما يدَّعُون!
وأمّا الحُسين رضي الله عنه
فإنَّه أوفَدَ مُسْلِمَ بن عَقِيل بن أبي طالب لكي يَأخُذَ له البيعةَ من أهل الكوفة, ومن أجل أن يرى الأحوال عِيَانًا, وتهافت النَّاسُ على مُسْلِمٍ رحمه الله تعالى بالبيعة للحُسين رضي الله عنه, فجاءهُ اثنا عشرَ ألفًا يُبايعونه - يبايعون الحسين بن علي -, ويعاهدونه على المنافحةِ دونه بالدماء والأموال, ثمَّ تهافتوا حتى صاروا ثمانيةَ عشرَ ألفاً، وأرسل مُسْلِمٌ حين ذلك إلى الحُسين رضي الله عنه أنَّ الأمر قد استَتَبَّ فاخرج إليهم؛ فخرج رضي الله عنه بِثِقْلِهِ وبحَشَمِهِ وأزواجه وأولاده - رضي الله تبارك وتعالى عن آل البيت أجمعين - خرج يوم التَّروِيَة لسَنَةِ ستين من الهجرة.
فلمَّا عَلِمَ بخروجه عبدُ الله بن عباس رضي الله عنهما تَعَلَّقَ به وقال: (لولا أنَّهُ يُزرِي بي وبك لَتَشَبَّث
ْتُ برأسك ولم أدَعْك تخرج, ولكن إنْ كنت لابد فاعلًا فدَع أهلك وذراريك ونساءك واخرج - إن خرجت - وحدك؛ فإن أهل العراق أهل غدر, وقد رأيت ما فعلوا بأبيك وأخيك من قبل؛ فلا تخرج إليهم).
قال: (انظر هذه الطَّوَامِير - أي: الصحف -), وفيها ما فيها من كلامهم باستقدامهم إيّاه، ومعاهدته على النصر والدفاع دونه حتى الموت.
فقالَ: (إنْ كانوا قدْ دَعوك وقد عزلوا واليهم وضبطوا أمورهم ثم استقدموك من أجل أنْ يُوَلُّوك والأمر جميعٌ فاخرج إليهم، وإلا فلا تخرج).
فأبى الحُسين رضي الله عنه إلا الخروج وكان أمرُ الله قَدَرًا مقدورًا.
ولمَّا عَلِمَ عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما بخروج الحُسين - وكان بمكة - سار إليه فَلَحِقَ به على مسافة ثلاثة أيامٍ سيرًا, فقال له ما قال وراجعه, وأَبَى الحُسين رضي الله عنه إلا الخروج، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: (إنَّكم بَضْعَةٌ من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وإنَّ الله ربَّ العالمين قد عَرَضَ على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا الأمر - يعني: المُلك - فأباه صلى الله عليه وسلم, فوالله! لا تكونُ فيكم أبداً فارجع).
فأبَى إلا الخروج وكان أمرُ الله مفعولًا.
فخرج الحُسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة بموعدَتِهِم واستقدامِهِم وعهودِهِم.
وأهل الكُوفة من الروافض كما قال البغدادي في ((الفَرْقِ بين الفِرَقِ)) قال: (إنَّ الروافض من أهل الكُوفة هم أغدر الناس وأبخل الناس حتى صاروا مثلاً، يُقال: أغدرُ من كُوفي, ويُقال: أبخلُ من كوفي).
وقد استبان أمرُهم في مواضع منها: أنَّهم لمَّا بايعوا الحسن رضي الله عنه, وخرج رضي الله عنه بمَنْ معه لقتال معاوية رضي الله عنه غَدَرُوا به - أي: بالحسن رضي الله عنه -, لمَّا بايعوا الحسن بن علي وسار لقتال معاوية غدروا به, وضربه من ضربه منهم في جنبه حتى ألقاه، وغدروا به عند سَابَاطِ المدائن فهذا أول الغدر.
ثمَّ غدروا بالحسين رضي الله عنه فبايع مُسْلِمَ بن عَقِيلٍ - رضي الله عنه ورَحِمَه - بايعه ثمانيةَ عشرَ ألفًا منهم, وكان على الكوفة في ذلك الوقت النُّعمانُ بن بَشِيرٍ رضي الله عنه, وكان حليمًا نَاسِكًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فلمَّا عَلِمَ بما يجري هنالك من أمر البيعة وما هنالك من الرِّيبة خطب الناس, فأَعلَمَهُم أنَّه لا يأخذ أحدًا بالظِّنَّةِ, ولكن إنْ خرجوا على إمامهم فإنَّه سَيُعْمِلُ السيف في رقابهم, ولكن لا يأخذُ أحدًا بِظِنَّة, وكانَ حليمًا ناسكًا رضي الله عنه.
فعزله يزيد وضمّ الكوفة إلى البصرة؛ فجمعهما معًا لعُبَيد الله بن زياد - عامله الله بعدله - وكان ظلومًا غشومًا، فلمَّا تولى أمرَ الكوفة مع أمرِ البصرة جاء الكوفةَ فمازال في الفَتْشِ والبحثِ والتنقيبِ؛ فانفضَّ أهلُ الكوفة عن مُسْلِمٍ حتى أَسْلَمُوهُ, وحتى صار طريدًا شريدًا فَقُتِلَ.
قُتِلَ مُسْلِمٌ رحمه الله تعالى يومَ عرفة, وكان قد أرسلَ قبل ذلك إلى الحُسين ليخرج لأهل الكوفة؛ فإنّهم على قلب رجلٍ واحد كما أَوهَمُوه, وكما ادَّعَوا!
فجاء كتابَهُ الحُسينَ رضي الله عنه فجمع أهلَه وذريته, وأخذ حَشَمَه وخرجَ رضي الله عنه يوم التَّروِيَةِ من سَنَةِ ستين من هجرة النبي صلى الله عليه وسلَّمَ، وقُتِلَ مُسْلِمٌ يومَ عَرَفَة من ذات السَّنَة في اليوم الثاني لخروج الحُسين رضي الله عنه.
والنَّاسُ في أمرِ الحسين طَرَفَان ووسط: فَطَرَفٌ هم النَّوَاصب مِنْ قَتَلَةِ الحُسين ومِنْ مُبْغِضِي آل البيت يقولون: إنَّ الحُسين قد قُتِلَ بحق، وقد خرجَ على الإمام خروجًا لا ينبغي له أن يخرجه، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول - كما يقولون - والحديث عند مسلم في الصحيح: (من جاءكم وأمرُكم جميعٌ على رجلٍ واحدٍ يريد أن يَشُقَّ العصا فاقتلوه كائِنًا من كان) معنى الحديث.
قالوا: فقد قُتِلَ الحسين بحق.
وهم لا يُحبُّون الحسين ولا عليًّا ولا آل البيت, بل إنّهم يُظهرون السرور لمقتله رضي الله عنه, فهذا طَرَف.
وطَرَفٌ آخر يقولون: إنَّهُ كان إمامَ الوقت وكان مُتَوَلِّيًا، وكان هو الذي بيده أَزِمَّةُ الأمور, فإنَّه يعقد الرَّايات لأهل الجهاد, ويُولِّي من يُولِّي من العُمَّال, ولا يُصَلَّى إلا خلف من وَلَّاه - رضي الله عنه -.
وهذا خطأ؛ فإنَّ الحُسين لم يكن مُتَوَلِّيًا رضي الله عنه وعن آل البيت أجمعين فهذا طرف.
طَرَفٌ قد أفرطَ فيه جدًّا, وطَرَفٌ فرَّطَ في أمرهِ جدًّا, وأمَّا أهل السُّنَّة فإنهم يقولون: إنَّ الحُسين رضي الله عنه قد قُتِلَ شهيدًا مظلومًا, وإنَّهُ رضي الله عنه لمَّا أنْ حُوصِرَ ولمَّا أنْ جَدَّ الجِدُّ وانفضَّ عنه الناس - رضي الله عنه وعن آل البيت أجمعين - طَلَبَ من عُمَر بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه - وكان ابن زياد قد أرسله في جيشٍ لمقاتلة الحسين أو الإتيانِ به - فلمَّا جدَّ الجِدُّ قال الحسين: إمَّا أنْ تدعوني كي أرجعَ إلى المدينةِ من حيث خرجت, وإمَّا أنْ تدعوني حتى أذهبَ إلى يزيد فأضعَ يدي في يده, وإمَّا أنْ
قال: (انظر هذه الطَّوَامِير - أي: الصحف -), وفيها ما فيها من كلامهم باستقدامهم إيّاه، ومعاهدته على النصر والدفاع دونه حتى الموت.
فقالَ: (إنْ كانوا قدْ دَعوك وقد عزلوا واليهم وضبطوا أمورهم ثم استقدموك من أجل أنْ يُوَلُّوك والأمر جميعٌ فاخرج إليهم، وإلا فلا تخرج).
فأبى الحُسين رضي الله عنه إلا الخروج وكان أمرُ الله قَدَرًا مقدورًا.
ولمَّا عَلِمَ عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما بخروج الحُسين - وكان بمكة - سار إليه فَلَحِقَ به على مسافة ثلاثة أيامٍ سيرًا, فقال له ما قال وراجعه, وأَبَى الحُسين رضي الله عنه إلا الخروج، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: (إنَّكم بَضْعَةٌ من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وإنَّ الله ربَّ العالمين قد عَرَضَ على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا الأمر - يعني: المُلك - فأباه صلى الله عليه وسلم, فوالله! لا تكونُ فيكم أبداً فارجع).
فأبَى إلا الخروج وكان أمرُ الله مفعولًا.
فخرج الحُسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة بموعدَتِهِم واستقدامِهِم وعهودِهِم.
وأهل الكُوفة من الروافض كما قال البغدادي في ((الفَرْقِ بين الفِرَقِ)) قال: (إنَّ الروافض من أهل الكُوفة هم أغدر الناس وأبخل الناس حتى صاروا مثلاً، يُقال: أغدرُ من كُوفي, ويُقال: أبخلُ من كوفي).
وقد استبان أمرُهم في مواضع منها: أنَّهم لمَّا بايعوا الحسن رضي الله عنه, وخرج رضي الله عنه بمَنْ معه لقتال معاوية رضي الله عنه غَدَرُوا به - أي: بالحسن رضي الله عنه -, لمَّا بايعوا الحسن بن علي وسار لقتال معاوية غدروا به, وضربه من ضربه منهم في جنبه حتى ألقاه، وغدروا به عند سَابَاطِ المدائن فهذا أول الغدر.
ثمَّ غدروا بالحسين رضي الله عنه فبايع مُسْلِمَ بن عَقِيلٍ - رضي الله عنه ورَحِمَه - بايعه ثمانيةَ عشرَ ألفًا منهم, وكان على الكوفة في ذلك الوقت النُّعمانُ بن بَشِيرٍ رضي الله عنه, وكان حليمًا نَاسِكًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فلمَّا عَلِمَ بما يجري هنالك من أمر البيعة وما هنالك من الرِّيبة خطب الناس, فأَعلَمَهُم أنَّه لا يأخذ أحدًا بالظِّنَّةِ, ولكن إنْ خرجوا على إمامهم فإنَّه سَيُعْمِلُ السيف في رقابهم, ولكن لا يأخذُ أحدًا بِظِنَّة, وكانَ حليمًا ناسكًا رضي الله عنه.
فعزله يزيد وضمّ الكوفة إلى البصرة؛ فجمعهما معًا لعُبَيد الله بن زياد - عامله الله بعدله - وكان ظلومًا غشومًا، فلمَّا تولى أمرَ الكوفة مع أمرِ البصرة جاء الكوفةَ فمازال في الفَتْشِ والبحثِ والتنقيبِ؛ فانفضَّ أهلُ الكوفة عن مُسْلِمٍ حتى أَسْلَمُوهُ, وحتى صار طريدًا شريدًا فَقُتِلَ.
قُتِلَ مُسْلِمٌ رحمه الله تعالى يومَ عرفة, وكان قد أرسلَ قبل ذلك إلى الحُسين ليخرج لأهل الكوفة؛ فإنّهم على قلب رجلٍ واحد كما أَوهَمُوه, وكما ادَّعَوا!
فجاء كتابَهُ الحُسينَ رضي الله عنه فجمع أهلَه وذريته, وأخذ حَشَمَه وخرجَ رضي الله عنه يوم التَّروِيَةِ من سَنَةِ ستين من هجرة النبي صلى الله عليه وسلَّمَ، وقُتِلَ مُسْلِمٌ يومَ عَرَفَة من ذات السَّنَة في اليوم الثاني لخروج الحُسين رضي الله عنه.
والنَّاسُ في أمرِ الحسين طَرَفَان ووسط: فَطَرَفٌ هم النَّوَاصب مِنْ قَتَلَةِ الحُسين ومِنْ مُبْغِضِي آل البيت يقولون: إنَّ الحُسين قد قُتِلَ بحق، وقد خرجَ على الإمام خروجًا لا ينبغي له أن يخرجه، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول - كما يقولون - والحديث عند مسلم في الصحيح: (من جاءكم وأمرُكم جميعٌ على رجلٍ واحدٍ يريد أن يَشُقَّ العصا فاقتلوه كائِنًا من كان) معنى الحديث.
قالوا: فقد قُتِلَ الحسين بحق.
وهم لا يُحبُّون الحسين ولا عليًّا ولا آل البيت, بل إنّهم يُظهرون السرور لمقتله رضي الله عنه, فهذا طَرَف.
وطَرَفٌ آخر يقولون: إنَّهُ كان إمامَ الوقت وكان مُتَوَلِّيًا، وكان هو الذي بيده أَزِمَّةُ الأمور, فإنَّه يعقد الرَّايات لأهل الجهاد, ويُولِّي من يُولِّي من العُمَّال, ولا يُصَلَّى إلا خلف من وَلَّاه - رضي الله عنه -.
وهذا خطأ؛ فإنَّ الحُسين لم يكن مُتَوَلِّيًا رضي الله عنه وعن آل البيت أجمعين فهذا طرف.
طَرَفٌ قد أفرطَ فيه جدًّا, وطَرَفٌ فرَّطَ في أمرهِ جدًّا, وأمَّا أهل السُّنَّة فإنهم يقولون: إنَّ الحُسين رضي الله عنه قد قُتِلَ شهيدًا مظلومًا, وإنَّهُ رضي الله عنه لمَّا أنْ حُوصِرَ ولمَّا أنْ جَدَّ الجِدُّ وانفضَّ عنه الناس - رضي الله عنه وعن آل البيت أجمعين - طَلَبَ من عُمَر بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه - وكان ابن زياد قد أرسله في جيشٍ لمقاتلة الحسين أو الإتيانِ به - فلمَّا جدَّ الجِدُّ قال الحسين: إمَّا أنْ تدعوني كي أرجعَ إلى المدينةِ من حيث خرجت, وإمَّا أنْ تدعوني حتى أذهبَ إلى يزيد فأضعَ يدي في يده, وإمَّا أنْ