Telegram Web Link
معك من القرآن؟

قال معي سورة كذا وكذا (عددها) فقال: تقرؤهن عن ظهر قلبك؟
قال: نعم.

قال: اذهب فقد مُلِّكْتَهَا بما معك من القرآن". رواه البخاري، ومسلم واللفظ له.
وقد كان المهر أحيانا في عهده صلى الله عليه وسلم شيئا معنويا رائعا.

فقد خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: «والله ما مثلك يرد، ولكنك كافر وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذلك مهري، ولا أسألك غيره، فكان كذلك». رواه ابن حبان وصححه الألباني.

فما نحتاجه في هذا الزمن أقوال رشيدة تتبعها أفعال.

ونحتاج إلى خطباء من أمثال عمر بن الخطاب، فقد خطب الناس فقال في خطبته: أَلَا لَا تُغَالُوا صَدُقَةَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ، لَكَانَ أَوْلَاكُمْ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ، وَلَا أَنْكَحَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً[25]».رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني.

العنصر الرابع:
أسباب المغالاة في المهور:
فإن سألت ما هي أسباب المغالاة في المهور؟
اعلم زادك الله علما وفهما: أنه يمكن إرجاع الأسباب إلى جملة من النواحي التالية: -
أولا: الجهل بالأمور الدينية المتعلقة بأحكام الزواج وشروطه. وعدم الاقتداء برسول الله وسنته الحسنة بتزويج بناته وفقراء المسلمين.

ثانيا: قصور عملية لإرشاد الديني والخطب الهادفة إلى معالجة مشاكل المجتمع وعلى الأخص مشاكل الشباب وبالذات مشكلة الزواج وتكاليفه. التمسُّك بالموروث التقليدي في تأدية مراسيم الزواج وما يترتب عليه من إسراف في ذبح اللحوم وتقديم الأطعمة الفاخرة، والبذخ في شراء الحلي والمجوهرات للعروس.

ثالثا: التمسُّك بالموروث التقليدي في تأدية مراسيم الزواج وما يترتب عليه من إسراف في ذبح اللحوم وتقديم الأطعمة الفاخرة، والبذخ في شراء الحلي والمجوهرات للعروس.

رابعا: الجشع المقيت الذي وصلت إليه العائلات في بعض المجتمعات بطلب مبالغ تعجيزية كمهور لبناتهم.

خامسا: التعامل مع الإناث كسلع تباع وتشترى لمن يدفع أكثر، وبالتالي الإبقاء عليهن إلى أجل غير مسمى.

سادسا: الوقوع تحت تأثير الشطحات الرجعية لبعض أساطين المال، المتخمة بالتفاخر والتباهي الاستهلاكي كنوع من السمعة المجتمعية.

سابعا: رغْبَة الزَّوج بالظُّهور بمظْهَر الغَنيِّ القادِر، وحِرصُه على إقناع أولياء الزَّوجة بالمُوافَقة على خِطبته.

ثامنا: طمَع بعض أولياء الأمور، وعدم إدراكِهم لقيمة الزَّواج وأهدافِه الرئيسيَّة، إضافةً إلى ما يَتحمَّلونه مِن مَصاريفَ والْتزاماتٍ يَرَونها ضروريَّة حتَّى لا يُنسَبوا للتَّقصير.

تاسعا: تغيُّر النظَر إلى الزوج الكُفْء، فأصبَحتْ عمليَّة الزَّواج عمليَّةَ بيعٍ وشِراء، الرابِح فيها مَن يَكسِب المال الكثير، ولا يُهمُّه النَّتائج وآثارها.

عاشرا: إسناد الحُكم في هذه الأمور إلى النِّساء، وسَماع آرائهنَّ، وتَنفيذ طلَباتهنَّ، وهنَّ ما تَعلَم مِن عاطِفة ورغْبَة في التَّفاخُر.

الحادي عشر: سُكوت القادَة والمَعنيِّين بأمور الناس حتَّى استفْحَل الأمْر وبلَغ ما هو عليه.

العنصر الخامس:
آثار المغالاة في المهور:
ولعل أبرز المشكلات والآثار السلبية لهذه الظاهرة تتلخص بما يلي:‏
1-تأخر الزواج بالنسبة للشباب والشابات وتعطيل سنة الله.
2-حدوث الأمراض النفسية في صدور الشباب من الجنسين بسبب الكبت وارتطام أفكارهم بخيبة الأمل.
3-هذا الاضطراب النفسي يعمل على تعطل مواهب الشباب وإبداعاتهم وعطائهم للمجتمع.
4-عدم الاستقرار الاجتماعي الناتج من حرمان تكوين الأسرة. ‏
5-سلوك بعض الشباب سلوكاً انحرافياً مثل السرقة أو الاختلاس أو النصب من أجل توفير المبالغ اللازمة للزواج. ‏
6-سلوك انحرافي في إشباع الغريزة الجنسية بطرق محرمة.‏
7-تؤدي تكاليف الزواج المرتفعة اللجوء إلى القروض والاستدانة من الآخرين ودخولهم في مشكلات وهموم لا تنتهي بسرعة. ‏

العنصر السادس:
من روائع السلف في المهور:
أولا: مهْر زوجات النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم -وبناته: عن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: "كان صَداق النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- لأزواجه اثنتَي عشْرة أوقيَّة ونَشًّا، والنَّشُّ خَمسُمائة دِرْهم"، وقال عُمر - رضي الله عنه -: "ما عَلمتُ أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نكَح شيئًا مِن نسائه ولا أنكَح شيئًا مِن بناته على أكثر من اثنتي عشرة أوقيّة

ثانيا: وزن نواة من الذهب: فعن أنس بن مالك:أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- رأى على عبدِالرحمن بن عوف أثَرَ صُفرةٍ، فقال: ((ما هذا؟))، قال: يا رسول الله، إني تزوَّجْتُ امرأةً على وزن نواة من ذهب، قال: ((فبارَك الله لك، أولِمْ ولو بشاةٍ)) صحيح البخاري

ثالثا:نعلان: روى عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - عن أبيه أن امرأةً من بني فزارة تزوَّجَت على
نعلين، فجيء بها إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال لها: ((أرضيتِ من نفسك ومالك بنعلينِ؟))، فقالت: نعم، فأجازه النبيُ - صلى الله عليه وسلم " جامع الترمذي وقال: حسن صحيح، واللفظ له، سنن ابن ماجه،، وضعفه الألباني فيهما.

رابعا: الدخول في الإسلام: فعن أنس - رضي الله عنه - قال: "خطب أبو طلحةَ أمَّ سُليم، فقالت: والله ما مِثلك يا أبا طلحة يُرَد، ولكنك رجل كافر، وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوَّجك، فإن تُسلم، فذاك مهري، وما أسأَلُك غيره، فأسلَم، فكان ذلك مهرَها" سنن النسائي، ح3341، وصححه الألباني، صحيح ابن حبان ح 7187.

خامسا: الإمام أحمد وأبو وداعة: قال أبو ودَاعة: كنتُ أُجالِس سَعيد بن المسيّب ففَقدني أيامًا، فلمَّا جِئتُه قال: أين كُنتَ؟ قلتُ: تُوفِّيَتْ زوجتي فاشتغلْتُ بها، فقال: هلا أخبَرْتنا فشَهِدْناها، فلمَّا أردتُ أنْ أقوم قال: هلْ أحدَثت امرأةً غيرَها؟ فقلتُ: يَرحَمُك الله، ومَن يُزوِّجني وما أَملِك إلا دِرهمَين أو ثلاثة؟ قال: إنْ فعلتُ تَفعل؟ قُلتُ: نعم، ثم حَمِد الله وصلَّى على النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوَّجني ابنتَه على دِرهمَين.

وفي مساء ذلك اليوم إذا بالباب يُقرَع، فقُلتُ: مَن هذا؟ فقال: سعيد، ففكَّرتُ في كل إنسان أَعرِفه اسمُه سعيد إلا سَعيد بن المسيّب؛ فإنه لم يُرَ منذ أَربعينَ سنةً إلا ما بين بيتِه والمسجد، فقُمتُ وفتحْتُ الباب، وإذا سعيد بن المسيّب، فظننْتُ أنه بدا له أمْر، فقلتُ: فما تَأمُرني؟ قال: رأيتُك رجلاً عزَبًا فكَرهْتُ أن تَبيت ليلتَكَ وحْدكَ، وهذه زوجتُك، فإذا هي قائمة خلْفَه في طُوله، ثمَّ دفَعها وردَّ الباب.

قصة عمر مع من أنكرت عليه حديثه في تقليل المهور:
عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وإنما الصَّدُقات فيما بينهم أربع مائة درهم فما دون ذلك، ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها فلا أعرفنَّ ما زاد رجل في صداق امرأة على أربع مئة درهم، قال: ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين نهيتَ النَّاس أن يزيدوا في مهر النساء على أربع مائة درهم؟ قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن؟ قال: وأي ذلك؟ فقالت: أما سمعت الله يقول ﴿ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا ﴾ [النساء: 20] الآية؟ قال: فقال: اللهمَّ غفراً، كل النَّاس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر، فقال: أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربع مائة درهم، فمن شاء أن يعطى من ماله ما أحب. قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل.

قال الشيخ الألباني- رحمه الله- في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (6/ 348).

فهو ضعيف منكر يرويه مجالد عن الشعبي عن عمر.
أخرجه البيهقي (7/ 233) وقال: " هذا منقطع".

قلت: ومع انقطاعه ضعيف من أجل مجالد وهو ابن سعيد، ليس بالقوى ثم هو منكر المتن، فإن الآية لا تنافى توجيه عمر إلى ترك المغالاة في مهور النساء، ولا مجال الآن لبيان ذلك، فقد كتبت فيه مقالا نشر في مجلة التمدن الإسلامي منذ بضع سنين.

ثم وجدت له طريقا أخرى عند عبد الرزاق في " المصنف " (6/ 180/ 10420) عن قيس بن الربيع عن أبى حصين عن أبى عبد الرحمن السلمى قال: فذكره نحوه مختصرا وزاد في الآية فقال: " قنطارا من ذهب "، وقال: (ولذلك) هي في قراءة عبد الله.

قلت: وإسناده ضعيف أيضاً، فيه علتان: الأولى: الانقطاع فإن أبا عبد الرحمن السلمى واسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة لم يسمع من عمر كما قال ابن معين.

الأخرى: سوء حفظ قيس بن الربيع.
🎤
خطبة.عيد.الأضحى.بعنوان.cc
ثـبات المـؤمن في أعاصـير الفتن
للشيخ/ ابراهيــم بن محمــد الحقيــل
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله العلي العظيم
القوي المتين، جبار السموات والأرضين ﴿ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾ [يونس: 3] ويقضي القضاء حلوه ومره؛ فيؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، وهو على كل شيء قدير، نحمده على أفعال أحكمها، ونعمة أتمها، ونقمة دفعها، وشريعة أكملها، ونحمده على خلق أتقنه، وأمر قدره، وقضاء أنفذه، فلا ملك إلا ملكه، ولا أمر إلا أمره، ولا خلق إلا خلقه؛ يقضي فيهم بعلمه وحكمته، ويعاملهم بعدله ورحمته، وكل ما يقضي فهو خير للمؤمنين ولو بدا لهم غير ذلك؛ فأنه سبحانه يتردد في قبض روح المؤمن؛ لأن المؤمن يكره الموت، والله تعالى يكره مساءة المؤمن .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ رب المشارق والمغارب، وخالق الإنسان مـن طين لازب، ومخرجه من بين الصلب والترائب؛ هو أرحم بعباده المؤمنين من أنفسهم، وهو أعلم بما يصلحهم، يخافون زوال نعمتهم، وتحول عافيتهم، ولا يدرون ما الخير في قضاء ربهم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ ابتُلي بعظائم المصيبات، وكبائر المدلهمات، وتحزبت عليه الأحزاب، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم ﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11] والنبي صلى الله عليه وسلم ثابت لا يتزعزع، وواثق بوعد ربه سبحانه لا يتضعضع، ويعدهم في ذلكم الموقف بكنوز كسرى وقيصر حتى قال قائل المرضى والمنافقين ﴿ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12] فوقع وعد الله تعالى، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، وخسئ أهل الكفر والنفاق، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر؛ وقف الحجاج له بالأمس يذكرونه ويدعونه، وصام ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يلتمسون ثوابه، وفي عشية الأمس رفعت أكف الملايين من الداعين يتحرون ساعة الجمعة في يوم عرفة، وهم بين صائم وواقف بعرفة، فيا لله العظيم ما أعظم عبودية الدعاء، وما أجمل الرجاء، وليسوا يدعون ولا يرجون إلا ربا كريما، جوادا عظيما، عفوا حليما، غفورا رحيما، عليما حكيما ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110] ﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ﴾ [النساء: 149].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

الله أكبر، يسير إخوانكم الحجاج الآن إلى الجمرات بعد أن باتوا البارحة بمزدلفة، يسيرون في جموع غفيرة مهيبة يلبون ويكبرون، ولله تعالى يعظمون ويعبدون، ولفضله ومغفرته يرجون، ومن عذابه يشفقون، فاللهم أعطهم ما يرجون، وأمنهم مما يخافون، واقبل منا ومنهم ومن المسلمين أجمعين.

الله أكبر؛ تُقدم اليوم القرابين لله تعالى من هدي وأضاحٍ، فتذبح لله تعالى، ويذكر عليها اسمه، فما من عبادة في هذا اليوم أعظم من إنهار دماء القرابين؛ شكرا لله تعالى، وعبودية له، وتعظيما لشعائره ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الحج: 36].

الله أكبر؛ يرمي الحجاج جمرة العقبة، ويحلقون رؤوسهم ويقصرون، ويحلون إحرامهم، وبالبيت يطوفون، ثم يعودون لمنى للمبيت بها ورمي الجمار يومي الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجل، والثالث عشر لمن تأخر، ثم يطوفون للوداع وينصرفون إلى أهليهم؛ فمنهم من يعود حين يعود وقد رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ومنهم من يرجع بحج مبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ومنهم من لم ينصرف من عرفة حتى قيل لهم: اذهبوا مغفورا لكم. فالله أكبر، ما أكرم ربنا، وما أوسع حلمه، وما أعظم مغفرته، وما أكثر عطاءه. والله أكبر؛ ما أعظمها من مناسك، وما أحسنها من شعائر، اشتدت مشقتها فكثر أجرها، وازدحم المؤمنون لنيل بركتها، فجاءوا من كل فج عميق؛ ليذكروا اسم الله في أيام معلومات. فالحمد لله الذي هدانا لديننا، والحمد لله الذي علمنا مناسكنا، والحمد لله الذي تولى جزاءنا، والكريم يجزي على قدر كرمه، وربنا ليس لكرمه حد، ولا يحصيه عدَّ، ولا تبلغه محمدة حامد، ولا ذكر ذاكر، فسبحان الله وبحمده زنة عرشه، ورضاء نفسه، وعدد خلقه، ومداد كلماته، والله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: يعيش المؤمن زمنا عصيبا تتفجر فيه الفتن، وتتوالى على المؤمنين المحن، القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، والمتمس
ك بإيمانه معرض لعظيم الابتلاء، وقد نجم النفاق، وقويت سطوة الكفار. يريدون تبديل شرع الله تعالى، وإخراج المسلمين من دينهم، مما يذكر بابتلاءات السابقين الذين كانوا يُنشرون بالمناشير، ويمشطون بأمشاط الحديد، وما يردهم ذلك عن دينهم.

لقد ضاقوا ذرعا بالإسلام، وضاقوا أكثر بدعوة الإمام محمد ابن عبد الوهاب، فحمَّلوها كل ما يجري في الأرض من عنف وبلاء ودماء، ولولا أنها دعوة حق، وأن الأمة حييت بها لما تكالب على رمييها أعداء الداخل وأعداء الخارج، ولما تآزرت على النيل منها أمم الكفر، وكتائب النفاق، وألوية البدعة.

إننا في زمن أضحى فيه الإيمان تهمة، وصار تجريد التوحيد لله تعالى جريمة، فيؤذى من يتمسك بإيمانه ويحقق توحيده، وودوا لو اجتثوا من الأرض المتطهرين، وأخلوها من المؤمنين الموحدين.

إننا في زمن تحول فيه الإيمان والتوحيد عند بعض الناس إلى سلع تباع وتشترى، ويساوم عليها، وهو الزمن الذي أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام بقوله «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» رواه مسلم.

وبيع الدين ها هنا، لا يلزم منه السجود لصنم، أو الطواف بقبر، أو دعاء غير الله تعالى، وإنما يبيع دينه بموقف يتزين فيه لمخلوق، أو كلمة يرضيه بها، أو فعل يقربه منه، فيستوجب سخط الله تعالى.

يبيع دينه بكلمة باطل تؤجج الفتن، أو يستباح بها الدم، أو تجلب على الناس محنة، فيمتحن الناس بها، وقد جاء في الحديث «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» وفي رواية «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» رواه البخاري.

فكم من كلمة أشعلت فتنة، أو سببت محنة؛ فهذه تسخط الله تعالى، وكم من كلمة أُخمدت بها فتنة، أو رُفعت بها محنة؛ فهذه ترضي الله تعالى ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191] وفي موضع آخر ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 217] والفتنة التي هي أشد من القتل وأكبر منه هي فتنة الشرك، وقد يشرك العبد بكلمة؛ ولذا قال الله تعالى في الموضع الثاني عن الكفار ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217].

لقد رأينا في السنوات الأخيرة من تفاقم الفتن، وتتابع المحن، وتوالي الأحداث، وتبدل المواقف، واضطراب كثير من البلدان ما يصيب بالحيرة، ويعقد اللسان من شدة الدهشة، وهذا ما يزيدنا إيمانا بما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام من وقوع الفتن في آخر الزمان.

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الفتن التي يكثر فيها بيع الدين إلى أمرين يحفظان على العبد إيمانه فلا يبذله ولا يبيعه ولا يتنازل عن شيء منه: وهما المبادرة بالعمل الصالح وتكثيفه وتكثيره، وإمساك اللسان عن قول باطل تكون به فتنة تهلك الناس، وتوبق صاحبها. كما في الحديثين السابقين.

فعلى من أراد النجاة من عواصف الفتن أن يجعل إيمانه أغلى شيء يملكه، وأن لا يتخلى عن شيء منه مهما وقع له، وأن يدرأ عن إيمانه العوادي ما استطاع، ولا يُحمِّل نفسه من البلاء ما لا يطيق؛ فإن عوفي شكر، وإن ابتلي صبر. مع التترس بكثرة العبادة؛ لأنها منجاة في الفتن، وتكرار الأدعية التي فيها الهداية للحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه، وسؤال الله تعالى العفو والعافية؛ فإنه ما أعطي عبد شيئا أوسع من العافية. مع ضبط اللسان والقلم، فلا يحكي إلا صدقا، ولا ينطق إلا حقا، ولا يحكم إلا عدلا، فلا يروج إشاعة، ولا يثير فتنة، ولا ينشر ظلما، ولا يفتري كذبا «...وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ».

وإذا تذكر العبد أنه لا منجاة له في الآخرة إلا بالإيمان؛ علم أهمية الإيمان فلم يفرط فيه لأجل شيء من الدنيا مهما عظم، وتحمل الأذى في سبيل إيمانه كما تحمله الصحابة رضي الله عنهم في أول الإسلام. ومن غرته دنياه خسر آخرته وهو لا يشعر. فعلى المؤمن أن يخاف على إيمانه أكثر من خوفه على نفسه وماله وأهله وولده، فكم من فاقد إيمان لا يدري أنه فقده؟

وأما دين الله تعالى فمنصور وإن رغمت أنوف الكفار والمنافقين، وإن تخلى عنه من تخلى عنه، أو استبدل به غيره، لكن لا يلزم أن يدرك كل المؤمنين وقت العز والنصر وإن كانوا شركاء فيه بثباتهم ودعو
ته

م وتقواهم وصبرهم، والله يجزل لهم أجرهم يوم القيامة كاملا؛ كما قال خباب بن الأرت رضي الله عنه: «هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ...» رواه البخاري. فمصعب رضي الله عنه من المؤمنين السابقين، ومن بناة النصر المبين لكنه لم يدرك النصر والفتوح.

وكم من أناس لا يثبتون في الفتن، ولا يطيقون صبرا على المحن؛ فينسلخون من دينهم، ويبيعون إيمانهم، ويبدلون انتماءهم، فأولئك ما آمنوا قناعة بالإيمان، وإنما لينالوا بإيمانهم عرضا من الدنيا، فهم مع المؤمنين في السراء، ومع أعدائهم في الضراء، نعوذ بالله من تقلب القلوب، وتبدل الأحوال «اللهُمَّ إِنِّا أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ».

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم...


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله خالق الخلق، مالك الملك، مدبر الأمر؛ امتلأت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين، وانصرفت عنه قلوب المفتونين والمنافقين، لا يذل من والاه، ولا يعز من عاداه، وهو الولي الحميد، نحمده على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، وما شرع لنا من التقرب إليه بالأنساك ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لا يحل الذبح على وجه التعبد إلا له، ولا يذكر على الذبيحة إلا اسمه «وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ»، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أما بعـــد: فاتقوا الله تعالى في هذا اليوم العظيم؛ فإنه أفضل الأيام عند الله تعالى، وأكثر أعمال الحجاج فيه، وتقربوا إليه بالضحايا، وطيبوا بها نفسا، وأخلصوا لله تعالى فيها؛ فإنها من أجل الشعائر ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162- 163].

والسنة أن يباشر ذبح أضحيته بيده، وأن يأكل منها ويهدي ويتصدق، ولا يبيع شيئا منها، ولا يعطي الجزار أجرته منها لا لحما ولا جلدا ولا غيره. ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس يوم الثالث عشر آخر أيام التشريق، ولا يحل صوم يوم العيد ولا الأيام الثلاثة التالية له فكلها عيد، وكلها أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، ومن طرأت عليه الأضحية اليوم أو خلال الأيام الثلاثة القادمة جاز له أن يضحي، ولو كان قد أخذ من شعره وأظفاره خلال العشر.

واعلموا أن هذه الأيام أيام ذكر لله تعالى، وأخصه التكبير لعظمتها وكثرة الشعائر فيها ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيتها المرأة المسلمة: كما يُوصى الرجال بإحراز الإيمان والمحافظة عليه فكذلك توصى النساء به، وبزيادته بالعمل الصالح، وتحصينه بالذكر والدعاء؛ لأن أكثر ضحايا الفتن والحروب هم النساء والأطفال، فلتتحصن المؤمنة بالإيمان، ولتترس بالدعاء وصالح الأعمال لتثبت في كبريات الفتن، وتحتمل شدائد المحن، ولتربِّ أولادها على ذلك؛ إرضاء لله تعالى، وطلبا لمثوبته وجنته، قدوتها في ذلك الصحابيات اللائي تحملن شدة الأذى بسبب إيمانهن؛ كسمية أم عمار رضي الله عنهما؛ فإنها عذبت في إيمانها أشد العذاب، ثم قتلت على إيمانها فكانت أول شهيدة في الإسلام. وأما الدنيا بزخارفها فيرحل عنها الإنسان، وهي إلى زوال، فلا يبقى إلا الإيمان والعمل الصالح ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [التحريم: 11].

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله
والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون: افرحوا الفرح المشروع بالعيد، وأدخلوا الفرح على والديكم ببرهم، وعلى أرحامكم بصلتهم، وعلى جيرانكم بالإحسان إليهم، وعلى أهلكم وأولادكم باللهو المباح معهم؛ فإن اليوم يوم فرح وحبور للمؤمنين، واجتنبوا منكرات العيد؛ فإنها تنافي شكر الله تعالى على الهداية للإيمان والعمل الصالح، وكفران النعم يكون سببا في سلبها، وأكثروا من الدعاء لإخوانكم المنكوبين في مشارق الأرض ومغاربها، وسلوا الله تعالى أن يكشف الغمة عن الأمة، وأن يبدل ذلها عزها، وتفرقها اجتماعا، وضع
فها

قوة.

أعاده الله علينا وعليكم وعلى المسلمين أجمعين باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم ومن المسلمين صالح الأعمال.

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
🎤
خطبــة.جمعــة.بعنـــوان.cc
يوم عرفة واحكام الاضحية والعيد
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ واَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
( يَاأَيُّهَا النَاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الذى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الذى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) .
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) .

أمـــا بعـــد :
فان أصدقَ الحديثِ كتابُ الله ، وخيرَ الهدى هدى محمدٍ صـلى الله عليه وسلم وشرَ الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ،
يوم عرفة، يوم تكفيرللسيئات، والعتق من النار لهم، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ )).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ )).
وثبت عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت: (( مَا مِنَ السَّنَةِ يَوْمٌ أَصُومُهُ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصُومَ يَوْمَ عَرَفَةَ )).

ومن اعمال يوم عرفه :
التكبير لغير الحجاج : فيسن للرجال والنساء، الكبار والصغار، تكبير الله ـ عز وجل ـ: “الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد”.وذلك بعد الانتهاء من صلاة الفريضة، لمن صلاها في جماعة في المسجد أو في غيره، وكذلك يُكبِر من صلاها منفرداً.ويبدأ وقت هذا التكبير لغير الحجاج من بعد صلاة فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق، ثم يقطع.

ومن احكام صلاة عيدالاضحى :
أداء صلاة العيد، و المرأة إذا خرجت لأدائها لم تخرج متطيبة ولا متزينة ولا سافرة بغير حجاب،

ومن احكام صلاة عيدالاضحى :
من فاتته صلاة العيد أو أدرك الإمام في التشهد قضاها على نفس صفتها.

ومن احكام صلاة عيدالاضحى :
أن لا تطعموا شيئاً من الأكل بعد أذان الفجر حتى ترجعوا من صلاة العيد.
ومن احكام صلاة عيدالاضحى:  الذهاب إلى صلاة العيد مشياً،

ومن احكام صلاة عيدالاضحى: رفع اليدين عند التكبيرات الزوائد من صلاة العيد، في أول الركعة الأولى، وأول الركعة الثانية، قبل القراءة.

ومن احكام صلاة عيد الاضحى : الجلوس لسماع خطبة العيد، وعدم الانشغال عنها بشيء كالتهنئة أو رسائل الهاتف الجوال أو غير ذلك.

ومن احكام عيدالاضحى :
 تهنئة الأهل والقرابة والأصحاب والجيران بهذا العيد، بطيب الكلام وأعذبه، وأفضل ما يقال من صيغ التهنئة: “تقبل الله منا ومنك” لثبوتها عن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ.
وقال الإمام الآجُّرِّي – رحمه الله – عن هذه التَّهنئة إنها: فِعلُ الصَّحابة، وقولُ العلماء.ا

ومن احكام عيدالاضحى :
النهي عن صيام يوم عيدالاضحى فلا يجوز لأحد أن يصوم في يوم عيد الأضحى ولا في يوم عيد الفطر، لا لمتطوع بالصيام ولا لناذر ولا لقاض فرضاً، ولا لمتمتع لا يجد هدياً ولا لأحد من الناس كلهم، وذلك لما صح عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ: (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ )).

ومن احكام عيدالاضحى:
النهي عن صيام ايام التشريق:فلا يجوز أيضاً لمتطوع ولا لناذر ولا لقاض فرضاً أن يصوم أيام التشريق، وهي الأيام الثلاثة:( 11,12,13من ذي الحجة) التي بعد يوم عيد الأضحى، إلا للحاج الذي لم يجد الهدي، وذلك لما صح عن عائشة وابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنهما قالا: (( لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلاَّ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْي)).

ومن احكام عيدالاضحى: التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضاحي، فالأضحية من أعظم شعائر الإسلام، وهي النسك العام في جميع الأمصار، والنسك المقرون بالصلاة، وهي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته، وهي مشروعة بالسنة النبوية ، وبالقول والفعل عنه صلى الله عليه وسلم،

من احكام الأضحية:
انها من شعائر الإسلام العظيمة التي أمر الله بها، وحثَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم الأضحية، وهي ما يذبح في يوم النحر، وأيام التشريق من الإبل، والبقر، والغ
نم تقربًا إلى الله تعالى، وسميت بذلك لأنها تذبح ضحى بعد صلاة العيد.

ومن احكام الأضحية:
شرعت الاضحية إحياء لسنة خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، إذ أوحى الله إليه أن يذبح ولده إسماعيل ثم فداه بكبش فذبحه بدلًا عنه، قال تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم} [الصافات:107]. وشكرًا لله على ما سخر لنا من بهيمة الأنعام، قال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون * لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} [الحج:36 - 37].

وأجمع المسلمون على مشروعيتها لقول الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 34].

من احكام الأضحية:
مشروعة في جميع الملل.
واختلف أهل العلم هل هي سنة أم واجبة؟
فذهب أهل القول الأول: إلى أنها سنة، واستدلوا على ذلك بما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» . وذلك لأنه قال: وأراد أحدكم أن يضحي، فجعله مفوضًا إلى إرادته، ولو كانت التضحية واجبة لم يذكر ذلك.
ومما استدلوا به أيضًا: أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان السنة والسنتين، مخافة أن يُرى ذلك واجبًا.

والقول الثاني: أن الأضحية واجبة وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد رحمهما الله، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، حيث قال: إن الظاهر وجوبها، وإن من قدر عليها فلم يفعل فهو آثم، لأن اللهچ ذكرها مقرونة بالصلاة في قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر} [الكوثر:2]، وفي قوله: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِين} [الأنعام:162].
واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم داوم عليها وضحى عشر سنوات، وكان يظهرها على أنها شعيرة من شعائر الإسلام، حتى إنه يخرج بأضحيته ويذبحها بالمصلَّى.
قال الشيخ ابن عثيمين: «والقول بالوجوب أظهر من القول بعدم الوجوب لكن بشرط القدرة، وأما العاجز الذي ليس عنده إلا مؤنة أهله، أو المدين فإنه لا تلزمه الأضحية، بل إن كان عليه دين ينبغي له أن يبدأ بالدين قبل الأضحية». وينبغي للمؤمن أن يحرص عليها، ويبادر إلى ذلك خروجًا من خلاف العلماء.

من احكام الأضحية:
والأضحية لها شروط، فمن شروط الاضحية:
أن تكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل، والبقر، والغنم، لقول الله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:28]. وأفضلها الإبل، ثم البقر، ثم الغنم، ويشمل الضأن والمعز، فإن أخرج بعيرًا كاملًا فهو أفضل من الشاة، وأما لو أخرج بعيرًا عن سبع شياه فالسبع الشياه أفضل من البعير.

ومن شروط الاضحية:
بلوغ السن المعتبرة شرعًا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً ، إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّانِ»
فالإبل خمس سنين، والبقر سنتان، والمعز سنة، والضأن ستة أشهر . قال ابن القيم رحمه الله: «وأمرهم أن يذبحوا الجذع من الضأن، والثني مما سواه وهي المسنة» .

ومن شروط الاضحية:
السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء، فلا يجزي في الأضحية سوى السليمة من كل نقص في خلقتها، فلا تجزي العوراء، ولا العرجاء، ولا العضباء، وهي مكسورة القرن من أصلها، أو مقطوعة الأذن من أصلها، ولا المريضة ولا العجفاء (وهي الهزيلة التي لا مخ فيها)، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تَنْقَى» . أي: لا مخ في عظامها، وهي الهزيلة العجفاء.
العيوب التي لا تجزئ عند جميع العلماء أو أكثرهم:العمياء والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، ومقطوعة أو مكسورة الرجل أو اليد أو الظهر، والمشلولة والعرجاء البين عرجها، والهزيلة الشديدة الهزال، ومقطوعة الأذن كلها أو مقطوعة أكثرها أو التي خلقت بلا أذنين، والتي لا أسنان لها، والجرباء، والمقطوعة الإلية.

ومن احكام الأضحية:
العيوب التي لا تؤثر في صحة وإجزاء الأضحية:
الأضحية بما لا قرن له خِلقة، أو مكسور القرن، والمخصي من ذكور الأضاحي، وما لا ذنَب لهخِلقة، والقطع اليسير أو الشق أو الكي في الأذن

ومن شروط الاضحية:
أن تكون في وقت الذبح، وهو من صباح العيد بعد الصلاة إلى آخر أيام التشريق، فلا تجزئ قبل صلاة العيد، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك: «مَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَإِنَّم
َا

ذَبَحَ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ» .
وروى مسلم في صحيحه من حديث البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فقال: «لَا يَذْبَحَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يُصَلِّيَ»

ومن احكام الاضحية:
من دخلت عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي في وقت الأضحية، لما روى مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ». وقيل: الحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار، وقيل: التشبه بالمحرم.

ومن احكام الاضحية:
أفضلها ما كانت كبشًا أملح أقرن، وهو الوصف الذي استحبه الرسول صلى الله عليه وسلم وضحى به، كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أنس رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ . وفسر الأملح بأنه الأبيض الذي يخالطه سواد، كما جاء عند مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ . قال القاضي عياض: «معناه أن قوائمه، وبطنه، وما حول عينيه أسود .. والله أعلم».

ومن احكام الاضحية: تجزئ الشاة عن واحد، أي: يضحي الإنسان بالشاة عن نفسه، وتجزئ من حيث الثواب عنه، وعن أهل بيته، لِأَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الوَاحِدَةِ عَن جَمِيعِ أَهلِهِ . ولحديث أبي أيوب الأنصاري: كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي وَعَن أَهلِ بَيتِهِ، فَيَأكُلُونَ، وَيُطعِمُونَ .

ومن احكام الاضحية:
البدنة، والبقرة عن سبعة، والدليل حديث جابر بن عبد الله قال: نَحَرنَا فِي عَامِ الحُدَيبِيَةِ البَدَنَةَ عَن سَبعَةٍ، وَالبَقَرَةَ عَن سَبعَةٍ .

ومن احكام الاضحية:
ما يستحب عند ذبحها: أن توجه إلى القبلة مع التسمية، لما رواه أحمد في مسنده من حديث جابر بن عبد الله: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ يَومَ العِيدِ كَبشَينِ، ثُمَّ قَالَ حِينَ وَجَّهَهُمَا: «إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًَا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ أَوَّل الْمُسْلِمِينَ، بِاسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ» . وفي صحيح مسلم أنه قال: «بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ».
فقوله حين وجهها، يعني: إلى القبلة، وهذا يدل على أن التوجيه سنة،

ومن احكام الاضحية:
ورد في فتوى اللجنة الدائمة: «ويستحب أن يتوجه الذابح إلى القبلة، ويوجه الذبيحة كذلك إلى القبلة لأنها أشرف الجهات، ولأن الاستقبال مستحب في القربات، إلا ما دَلَّ الدليل على خلافه، ويتأكد الاستحباب إذا كانت الذبيحة هديًا، أو أضحية» .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «وأما ما يفعله بعض العامة عندنا يسميها في ليلة العيد، ويمسح ظهرها من ناحيتها إلى ذنبها، وربما يكرر ذلك، هذا عني، هذا عن أهل بيتي، هذا عن أمي .. وما أشبه ذلك، فهذا من البدع، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان يسمي من هي له عند الذبح».

ومن احكام الاضحية:
صفة الذبح. روى البخاري ومسلم من حديث أنس: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ، أَمْلَحَيْنِ، أَقْرَنَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا، قَالَ: وَسَمَّىَ وَكَبَّرَ .

ومن احكام الاضحية:
استحباب التكبير مع التسمية، واستحباب وضع الرجل على صفحة عنق الأضحية الأيمن،
قال ابن حجر: «وفيه استحباب التكبير مع التسمية، واستحباب وضع الرجل على صفحة عنق الأضحية الأيمن، واتفقوا على أن إضجاعها يكون على الجانب الأيسر فيضع رجله على الجانب الأيمن ليكون أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين، وإمساك رأسها بيده اليسار» .

ومن احكام الاضحية:
الإبل تنحر قائمة معقولة يدها اليسرى، هذه هي السنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ويدل لهذا قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]. وجبت يعني سقطت على الأرض، وتكون اليسرى هي المعقولة لأن الذابح سوف يأتيها من الجهة اليمنى وسيمسك الحربة بيده اليمنى، وإذا نحرها فسوف تسقط على الجانب الأيسر الذي به اليد المعقولة .

ومن احكام الاضحية:
للبقر فقد جاء
في

القرآن ذكر ذبحها، وفي السنة نحرها . قال القرطبي: «والذبح أولى في الغنم، والنحر أولى في الإبل، والتنحير في البقر، وقيل: الذبح أولى، لأنه الذي ذكره الله تعالى».

ومن احكام الاضحية:
الذبح يكون بقطع الأوداج ، والأوداج جمع ودج بفتح الدال المهملة والجيم وهو العِرق الذي في الأخدع وهما عرقان متقابلان .
وفي الحديث المخرج في الصحيحين من حديث رافع ابن خديج: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّه فَكُلْ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ» الحديث.
قال النووي رحمه الله: «قال العلماء: ففي هذا الحديث تصريح بأنه يشترط في الذكاة ما يقطع ويجري الدم، وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه إذا قطع الحلقوم والمريء، والودجين، وأسال الدم حصلت الذكاة، وقوله: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ) قال بعض العلماء: دليل على جواز ذبح المنحور، ونحر المذبوح، وقد جوزه العلماء كافة إلا داود» .
ويجوز الذبح بغير السكين إن لم تتيسر، إما بحجر ونحوه. روى البخاري في صحيحه من حديث مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، أَخْبَرَهُ: أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَبَحَتْهَا بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: «كُلُوهَا»

ومن احكام الاضحية:
جواز الذبح بكل محدد
يقطع إلا الظفر، والسن،
وفي حديث: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ فَكُلْ» «دليل على جواز الذبح بكل محدد يقطع إلا الظفر، والسن، وسائر العظام فيدخل في ذلك السيف، والسكين، والسنان والحجر، والخشب، والزجاج، والقصب، والخزف، والنحاس، وسائر الأشياء المحددة فكلها تحصل بها الذكاة إلا السن، والظفر، والعظام كلها».

ومن احكام الأضحية:
الإحسان حتى في الذبح: قال ابن القيم رحمه الله: «وأمر الناس إذا ذبحوا أن يحسنوا الذبح». روى مسلم في صحيحه من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» .

ومن احكام الأضحية:
لا يُعطى الجزار أجرة عمله من الأضحية، فقد روى البخاري ومسلم من حديث علي رضي الله عنه قال: أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَقُومَ عَلَى الْبُدْنِ، وَلَا أُعْطِيَ عَلَيْهَا شَيْئًا فِي جِزَارَتِهَا. وفي رواية مسلم: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عَنْدِنَا» .
قال العلماء: «إعطاء الجزار على سبيل الأجرة ممنوع لكونه معاوضة، قال البغوي رحمه الله: وأما إذا أُعطي أجرته كاملة، ثم تصدق عليه إذا كان فقيرًا كما يتصدق على الفقراء، فلا بأس بذلك».

ومن احكام الأضحية:
يستحب أن يذبح أضحيته بنفسه. قال ابن قدامة: «وإن ذبحها بيده كان أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أقرنين أملحين ذبحهما بيده وسمَّى وكبَّر، ولأن في فعله قربة وفعل القربة أولى من استنابته فيها،

ومن احكام الأضحية:
فإن استناب فيها جاز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم استناب من نحر ما بقي من بدنه بعد ثلاث وستين».

ومن احكام الأضحية:
الأضحية مشروعة على الأحياء :
«لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم ضحَّوا عن الأموات استقلالًا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات له أولاد من بنين وبنات في حياته، ومات له زوجات وأقارب يحبهم، ولم يضحِّ عن واحد منهم، فلم يضحِّ عن عمه حمزة ولا عن زوجته خديجة ولا عن غيرهم من الأبناء والبنات، ولو كان هذا من الأمور المشروعة لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم في سنته قولًا أو فعلًا، وإنما يضحي الإنسان عنه وعن أهل بيته، وأما إدخال الميت تبعًا، فهذا قد يستدل له بأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحَّى عنه وعن أهل بيته، وأهل بيته يشمل زوجاته اللاتي متن واللاتي على قيد الحياة، وكذلك ضحَّى عن أمته وفيهم من هو ميت، وفيهم من لم يوجد ، لكن الأضحية عنهم استقلالًا ليس عليها دليل» . فإن أوصى بشيء من ماله
يُضحى عنه به فلا حرج.

ومن احكام الأضحية:
ضحى صلى الله عليه وسلم حتى في السفر، فقد صح عن ثوبان – رضي الله عنه – أنه قال: (( ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأعطى صلى الله عليه وسلم أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ غنماً ليضحوا بها، فقد صح عن عقبة بن عامر – رضي الله عنه -: (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ غَنَمًا يَقْسِمُهَا عَلَى صَحَابَتِهِ ضَحَايَا، فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ضَحِّ بِهِ أَنْتَ )). 

ومن احكام الأضحية:
لم يأت عنه صلى الله عليه وسلم أنه تركها، فلا ينبغي لموسر تركها، وقد قال ربكم سبحانه عن البخل على النفس بما يقربها منه: { هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُ
وا ف

ِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ }

ومن احكام الأضحية: 
الأضحية لا تجزئ إلا من هذه الأصناف الأربعة، وهي: الإبل والبقر والضأن والمعز، ذكوراً وإناثاً، كباشاً ونعاجاً، تيوساً ومعزاً.

ومن احكام الأضحية:
الأضحية بشاة كاملة أو معز كاملة تجزئ عن الرجل وأهل بيته ولو كان بعضهم متزوجاً، ما دام أنهم يسكنون معه في نفس البيت، وطعامهم وشرابهم مشترك بينهم، وقد ثبت عن أبي أيوب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (( كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ، يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ )).
أما إذا كان لكل واحد شقة منفردة لها نفقة مستقلة، ومطبخها مستقل، فله أضحية تخصه.

ومن احكام الأضحية:
 يبدأ أول وقت الأضحية ضحى يوم العيد بعد الانتهاء من صلاته وخطبته، وهذا الوقت هو أفضل أوقات الذبح لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذبحها قبل الصلاة لمن كان من أهل الحضر فلا تجزئه، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللهِ ))
وأما من كان في مكان لا تقام فيه صلاة العيد كالبدو الذين يتنقلون من مكان إلى آخر بدوابهم لطلب العشب، أومن يُعَيِّدون في مخيماتٍ في البر، أومن يعملون بعيداً عن المدن والقرى، فإنهم ينتظرون بعد طلوع شمس يوم العيد مقدار صلاة العيد وخطبته ثم يذبحون أضاحيهم.

ومن احكام الأضحية:
آخر وقت ذبح الأضاحي فهو: غروب شمس اليوم الثاني من أيام التشريق، فتكون أيام الذبح ثلاثة: يوم العيد ويومان بعده، يعني: اليوم العاشر، واليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر إلى غروب شمسه، وبهذا قال أكثر أهل العلم من السلف الصالح فمن بعدهم، وثبت ذلك عن عبد الله بن عمر وأنس بن مالك ـ رضي الله عنهما ـ من الصحابة، ومن ذبح في اليوم الأخير من أيام التشريق وهو الثالث، فللعلماء خلاف في إجزاء أضحيته، وأكثرهم على أنها لا تجزئ.

ومن احكام الأضحية:
 المستحب عند أكثر أهل العلم في لحم الأضحية أن يتصدق المضحي بالثلث، ويُطْعِم الثلث، ويأكل هو وأهله الثلث.وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأن لحوم الأضاحي: (( كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا )).
فإن لم يأكل المضحي من أضحيته شيئاً، وأطعم الفقراء جميعها جاز، وكان تاركاً للأفضل.

ومن احكام الأضحية:
من أولم عليها قرابته ولم يعطي منها الفقراء كان مقصراً تاركاً للأفضل.

ومن احكام الأضحية:
 من ضحى بالغنم فالأفضل منها ما كان موافقاً لأضحية النبي صلى الله عليه وسلم من جميع الجهات، ثم الأقرب منها، وقد صح عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه قال: (( ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ )).فدل هذا الحديث على أن أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قد جمعت هذا الأمور الثلاثة:الأول: أنها كباش، يعني: من ذكران الضأن.
الثاني: أنها ذات قرنين.الثالث: أن لونها أملح.والأملح هو: الأبيض الذي يشوبه شيء من السواد في أظلافه وبين عينيه ومباركه.

ومن احكام الأضحية:
يستحب أن تكون الأضحية سمينة، فقد ثبت عن سهل بن حنيف – رضي الله عنه – أنه قال: (( كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ )).

ومن احكام الأضحية:
الأضحية من جهة السن تنقسم إلى قسمين:القسم الأول: الإبل والبقر والمعز.وهذه الأصناف الثلاثة قد اتفق العلماء على أنه لا يجزئ منها في الأضحية إلا الثني فما فوق.

القسم الثاني: الضأن من الغنم.ولا يجزئ منه إلا الجذع فما فوق عند عامة أهل العلم،.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمدلله رب العالمين ولي الصالحين ولاعدوان إلا على الظالمين واشهد ان لا إله إلاالله واشهد ان محمدا رسول الله

أمـــا بعـــــد:
أيها المسلمون: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، وتوبوا إليه واستغفروه، واشكروه على آلائه، واستقيموا على طاعته في جميع الأزمان،

من احكام العيد:
ينبغي للمسلم أن يحرص يوم العيد على الاغتسال والطيب، فقد استحبه طائفة من أهل العلم، وثبت عن ابن عمر: أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الصَّلاَةِ ،

ومن احكام العيد:
استحب بعض أهل العلم إزالة شعر الإِبطين، وتقليم الأظافر، وما يتبع ذلك؛ لأن ذلك من تمام الزينة، ولبس أحسن ما يجد من الثياب.
فقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما: أَنَّهُ كَانَ يَلبَسُ أَحسَنَ ثِيَابِهِ فِي العِيدَينِ.
قال ابن القيم رحمه الله: وَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُ لِلْعِيدَيْنِ أَجْمَلَ ثِيَابِهِ، فَكَانَتْ لَهُ حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا لِلْ
عِيدَي

ْنِ وَالجُمُعَةِ.

ومن احكام العيد:
يُستحب قبل خروجه إلى الصلاة في عيد الفطر أن يأكل تمرات وترًا، والوتر إما أن يكون ثلاثًا، أو خمسًا، أو سبعًا.
روى البخاري في صحيحه من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَاكُل تَمَرَاتٍ، وَيَاكُلَهُنَّ وِتْرًا .

ومن احكام العيد:
يستحب له أن يذهب من طريق ويرجع من آخر، روى البخاري في صحيحه من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ .
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].

ومن احكام العيد:
السنة أن تكون الصلاة في مصلى العيد وليس المسجد، وهذا هو المعروف من فعله - صلى الله عليه وسلم -، ومواظبته، كما رجحه جمع من أهل العلم.

ومن احكام العيد:
لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى قبل العيد أو بعده نافلة في المصلى، روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا . لكن إذا كانت الصلاة في المسجد فإنَّه يصلي تحية المسجد ركعتين.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي قتادة السلمي - رضي الله عنه -: أن النبي - عليه وسلم - قال: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ» .
ومن احكام العيد:إذا رجع إلى بيته يشرع له أن يصلي ركعتين؛ روى ابن ماجه في سننه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ .

ومن احكام العيد:
يستحب التكبير من غروب شمس ليلة العيد، وأوجبه بعض أهل العلم لقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]. ويكبر من حين خروجه من بيته حتى يأتي الإمام إلى المصلى، وهذا التكبير مشروع باتفاق الأئمة الأربعة.
وجاء عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ لِلْعِيدَيْنِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَاتِيَ الْمُصَلَّى، وَيُكَبِّرُ حَتَّى يَاتِيَ الإِمَامُ ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ،
وَيَستَحِبُّ التَّكبِيرَ فِي المَسَاجِدِ وَالمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ.

ومن احكام العيد:
التهنئة بالعيد، فقد نقل عن بعض الصحابة أنهم كانوا يقولون في العيد: تقبَّل الله منا ومنكم، ذكر ذلك شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله ، والحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله

ومن احكام العيد:
صلة الأرحام، والأرحام هم أقارب الرجل نفسه، كأمه وأبيه، وابنه، وابنته، وأخته، وأخيه، وكل من كان بينه وبينه صلة من قبل أبيه، أو أمه، أو ابنه، أو ابنته، ولا يدخل في ذلك أقارب الزوج أو الزوجة، فهؤلاء يحسن إليهم، لكن ليسوا أرحامًا، وإنما هم أصهار،
وقد أوصى الله تعالى بصلة الأرحام: وجعل الوصية بصلة الأرحام قرينة الوصية بالتقوى، قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
قال تعالى: {فَآَتِ ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [الروم: 38].
فبين سبحانه أن صلة الرحم حق لازم واجب الأداء، سواء كان حقًّا ماديًّا أو معنويًّا .
و من ثمارصلة الأرحام: سبب لبسط الرزق في الدنيا، وفي الآخرة الفوز .
، وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» .
وقطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب، التي توعد الله صاحبها . "قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]» .
وقاطع الرحم مهدد بعدم دخول الجنة، ففي الصحيحين من حديث جبير بن مطعم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ».

والواصل لرحمه هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها، روى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُه وَصَلَهَا».
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هر
يرة - رض

ي الله عنه -: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ؟! فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ، مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ».
قال شراح الحديث: أي كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن إليهم، ولكن ينالهم إثم عظيم لتقصيرهم بحقه، وإدخالهم الأذى عليه.

وتحصل صلة الرحم بالإحسان إليهم بما يتيسر من أنواع الإحسان، قال ابن أبي جمرة: تكون صلة الرحم بالمال، والعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء.
قال القرطبي: تجب مواصلتها - يعني الرحم - بالتواد والتناصح والعدل والإنصاف، والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة، والنفقة على القريب، وتفقد أحوالهم، والتغافل عن زلاتهم. والمعنى الجامع للصلة أنها إيصال ما أمكن من الخير إليهم، ودفع ما أمكن من الشر عنهم، بحسب الوسع والطاقة لكل شخص منهم بحسب منزلته وحاله، ومناسبة صلته، وتيسر ذلك. قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
قال الإمام النووي: قال أصحابنا: «يستحب أن يقدم الأم في البر، ثم الأب، ثم الأولاد، ثم الأجداد والجدات، ثم الإخوة والأخوات، ثم سائر المحارم من ذوي الأرحام، كالأعمام والعمات، والأخوال والخالات، ويقدم الأقرب فالأقرب ، إلى آخر ما قال.
روى الحاكم في المستدرك من حديث أبي رمثة - رضي الله عنه - قال: انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول: «بِرَّ أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ».

والصدقة على ذي الرحم تضاعف لصاحبها، روى الترمذي في سننه من حديث سلمان بن عامر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ».
وروى البخاري ومسلم من حديث ميمونة بنت الحارث: أَنَّهَا أَعْتَقَتْ وَلِيدَةً، وَلَمْ تَسْتَاذِنِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُهَا الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهَا فِيهِ، قَالَتْ: أَشَعَرْتَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنِّي أَعْتَقْتُ وَلِيدَتِي؟ قَالَ: «أَوَ فَعَلْتِ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِيهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكِ».

من احكام العيد: العفو التي أمر الله بها نبيه وعباده المؤمنين، قَالَ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَامُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين} [الأعراف: 199]. وقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ} [آل عمران: 159].وقَالَ تَعَالَى: {وَلاَ يَاتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم } [النور: 22].
،و قَالَ تَعَالَى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُون} [الزخرف: 89]».
قال ابن كثير في قَولِهِ تَعَالَى: «{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا}، هذه الآية نزلت في الصِّدِّيق رضي اللهُ عنه: حين حلف أن لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة، بعدما قال في عائشة، فلما أنزل الله براءة أم المؤمنين عائشة رضي اللهُ عنها، وطابت النفوس المؤمنة واستقرت وتاب الله على من تكلم من المؤمنين في ذلك، وأقيم الحد على من أقيم عليه شرع تبارك وتعالى، وله الفضل والمنة يعطف الصِّدِّيق على قريبه ونسيبه وهو مسطح بن أثاثة ابن خالة الصِّدِّيق وكان مسكينًا لا مال له، وقد ولق ولقة تاب الله عليه منها، وضرب الحد عليها، وكان الصِّدِّيق رضي اللهُ عنه معروفًا بالمعروف، له الفضل والأيادي على الأقارب، والأجانب، فلما نزلت هذه الآية إلى قوله: {أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم} أي: كان الجزاء من جنس العمل، فكما تغفر [ذنب من أذنب] إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك، فعند ذلك قَالَ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللهِ إِنَّا نُحِبُّ أَن تَغفِرَ لَنَا يَا رَبَّنَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ مَا كَانَ يَصِلُهُ مِنَ النَّفَقَةِ، وَقَالَ: وَاللهِ لَا أَنزِعُهَا مِنهُ أَبَدًا .
قَالَ تَعَالَى: { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} [آل عمران134].

روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا
رَفَعَهُ

اللَّهُ» .
وَكَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أكثر الناس عفوًا وتسامحًا.
َقَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم لِزُعَمَاءِ قُرَيشٍ الَّذِينَ آذَوْهُ، وَقَتَلُوا أَصحَابَهُ، وَأَخرَجُوهُ مِن بَلَدِهِ: «اذهَبُوا فَأَنتُمُ الطُّلَقَاءُ». .
والعفو من صفات الأنبياء السابقين، قال تعالى عن يوسف عليه السلام وهو يخاطب إخوته: {قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين} [يوسف: 92].

ومما ينبغي التنبيه عليه أن العفو مشروط بالإصلاح، قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40].
وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على نبي الرحمة والهدى كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] .

اللهم صل على نبينا محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، !
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدِهِم سبل الرشاد يا أرحم الراحمين!

=========================
*إشراقة الصباح*
صَباح النُور ..
لكل أولئك الذين ماكلّت خُطاهم كدحًا إلى ربّهم ، و حسبهم معيّة الله لهم و أن جزاء هذا السّعي من الرحمن مشكوراً 💛
☆ *أذكار الصباح*☆
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك

آيات عطرة مع الشيخ :
*عبدالباري الثبيتي*
https://goo.gl/AucH9n
☀️☀️
🔹 *همسة غالية*🔹
"تهيأ .. ففي الأفُقِ غيمةٌ تتجّهُ
صوبَ الظَّامئين!
ثمّتَ موجةٌ من الطُّهْرِ مُقبلةٌ
‏لتحملَ من وَهَنُوا إلى سَاحِ الرِّي"
‏قال ﷺ:
( *أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشْر*ِ)🌧

💎‏ *قال ابن حجر رحمه الله*
‏سبب امتياز العشر
‏هو لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه
‏وهي الصلاة والصيام والصدقة
والحج ولا يتأتى ذلك في غيره .

‏كم فات *نوَّام الضحى*من غنيمة
صلاة الضحى صٓدقة عن ٣٦٠
مفصل من جسدك! .🌦🌿

》 *وختاااما*《
ستبقى مُورقاً ، مُخضرّاً ،
يانعاً أبد؛ ما دام اللهُ "
*أكبر*"في قلبِك وفي أفعالك ..💕
*كبّروا الله واذكروه واسالوه التوفيق لطاعته وعبادته في خير أيام الدّنيا ،
شدّوا هِممَكم للفوزِ بها*💛.
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•ﮩ
خطبة العمل الصالح في عشر ذي الحجة

الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا...الذي له ملك السموات والأرض وخلق كل شيء فقدره تقديرًا...خلق الإنسان من نطفة أمشاج يَبتليه فجعله سميعًا بصيرًا...ثم هداه السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا...فمن شكر كان جزاؤه جنة وحريرًا ونعيمًا وملكًا كبيرًا...ومَن كفر لم يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا...نحمده تبارك وتعالى حمدًا كثيرًا، ونعوذ بنور وجهه الكريم من يوم كان شره مستطيرًا ...ونسأله أن يُلقِّينا يوم الحشر نَضرة وسرورًا...وأن يُظلنا بظل عرشه حيث لا نرى شمسًا ولا زمهريرًا...وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تجعل الظلمة نورًا...وتحول موات القلب بعثًا ونشورًا، وتحيل ضيق الصدر انشراحًا وحبورًا... صاحب الفضل على الخلق وإن من فضله سبحانه وتعالى أن يسر لعباده مواسم خيرات، يعوضون فيها ما فاتهم من خير في العام كله، ومن هذه الأيام أيامُ عشر ذي الحجّة، فهي أيامٌ معظّمة في شرع الله، لها خصوصيّة في مزيد الطاعة والإحسان، وقد نوَّه الله بها في كتابه العزيز، قال تعالى: ﴿ وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾.وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده المرسل مبشِّرًا ونذيرًا...وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا...قُرئ عليه القرآن ففاضت بالدمع عيناه، وكان ما تقدم وما تأخر من الذنب مغفورًا...قام الليل حتى تورَّمت قدماه، وقال: أفلا أكون عبدًا شكورًا...اللهم صلِّ وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا
عباد الله اتقوا لله ربكم، وأطيعوه في سركم وعلنكم، وراقبوه في جميع زمنكم، فاتقوا الله حق التقوى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون } ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }
اخوة الايمان لقد كتب الله على نفسه الرحمة، ونشر رحمته بين العباد، وجعلها واسعة بفضله حتى وسعت كل شيء، يقول سبحانه: ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )[الأعراف:156]، ومن رحمته جل وعلا بنا أن جعل لنا مواسم ونفحات تُضاعف فيها الحسنات وتزداد فيها الدرجات ويستدرك العبد بها ما فات ، فالسعيد من تنبه لها واستفاد منها والشقي من غفل عنها وضيع نفسه...... وهذا من فضل الله على الناس أن يسر لهم مواسم خيرات، يعوضون فيها ما فاتهم من خير في العام كله، ومن هذه الأيام أيامُ عشر ذي الحجّة، فهي أيامٌ معظّمة في شرع الله، لها خصوصيّة في مزيد الطاعة والإحسان، وقد نوَّه الله بها في كتابه العزيز، قال تعالى: ﴿ وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾.و أيام عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا ،فأيامها أفضل من أيام رمضان ،، وليالي رمضان أفضل من ليالي ذي الحجة .
ولهذه الأيام فضائل عدة منها: إن الله أقسم بها ولا يقسم ربنا إلا بعظيم من المخلوقات أو الأوقات، قال تعالى: ( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ) [الفجر:2] وهي عشر ذي الحجة كما قال أهل التفسير.
ومن هذه الفضائل: ما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنه عن نبينا صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْء».[أخرجه البخاري ومسلم].
ومن فضائلها أن العبادات تجتمع فيها ولا تجتمع في غيرها، فهي أيام الكمال، ففيها الصلوات كما في غيرها، وفيها الصدقة لمن حال عليه الحول فيها، وفيها الصوم لمن أراد التطوع، أو لم يجد الهدي، وفيها الحج إلى البيت الحرام ولا يكون في غيرها، وفيها الذكر والتلبية والدعاء الذي تدل على التوحيد، واجتماع العبادات فيها شرف لها لا يضاهيها فيه غيرها ولا يساويها سواها.
وفيها يوم عرفة ،وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة. وهو يوم مغفرة الذنوب، والتجاوز عنها، والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة». وروى ابن حبان من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَا
ءِ» وفي رواية: «إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَتَهُ, فَيَقُولُ: يَا مَلَائِكَتِي, اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي, قَدْ أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ». ومن كان في طاعة وعمل صالح ممن لم يكن مع الحجاج فانه داخل معهم في الاجر
ومن فضائلها: أن فيها يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وهو أفضل الأيام كما في الحديث: «أفضل الأيام يوم النحر» [رواه أحمد وأبو داود].، وفي يوم النحر معظم أعمال النسك للحجاج من رمي الجمرة وحلق الرأس وذبح الهدي والطواف والسعي وصلاة العيد وذبح الأضحية . وأيضا افضل القربات الى الله عز وجل للذين هم في اوطانهم هي التقرب الى الله بالأضاحي في يوم عيد الاضحى
اخوة الإسلام احباب الله واحباب رسوله محمد صلى الله عليه واله وسلم/// يستحب في هذه العشر الإكثار من العبادة، فالعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. فعلى كل مسلم بلغه الله- عز وجل - هذه العشر أن يحمد الله- عز وجل - على بلوغها، وهو صحيح معافًى، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». فإن أيامها معدودة، ما أسرع ذهابها، فالموفق من سارع إلى ما عند الله - عز وجل -. وكما قال الإمام أحمد - رحمه الله -: «الدنيا ساعة فاجعلها طاعة».
ولا تنحصر الأعمال الصالحة في العبادة القاصرة على نفس العبد، وإنما المتعدية للغير. فمن الأعمال الصالحة والتي ينبغي للإنسان أن يحرص عليها في هذه العشر ما يلي:
أولا :الإخلاص/ فأول عملٍ يجب على الإنسان أن يستحضره هو إخلاص النية لله - عز وجل - في جميع عباداته، وأن لا ينوي بعبادته إلا وجه الله سبحانه وتعالى والدار الآخرة. وهذا هو الذي أمر به الله - عز وجل - في قوله: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]؛ أي: مخلصين له العمل. فالإخلاص لله - عز وجل - شرط لقبول أي عملٍ من الأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه ﻷ؛ ولذلك حرصنا على التذكير به ونحن مقبلون على هذا الموسم المبارك لنجدد النية ونخلصها لرب البرية؛ لأنه تبارك وتعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا وابتغى به وجهه سبحانه وتعالى؛ كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»..... ولنحذر مما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا وهو الرياء، ففي صحيح البخاري من حديث جندب - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سمَّع سمَّع الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به».
وثانيا: التوبة النصوح؛ فحري بالمسلم أن يستقبل هذه الأيام العشر بالتوبة الصادقة؛ لأنه ما حُرم عبد خيرًا في الدنيا أو الآخرة إلا بسبب ذنوبه، قال -عز وجل-: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30]... والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، والندم على ما مضى، والعزم على عدم العودة، وأن تكون خالصة لله، وأن يتمسك بشرع الله بعدها في كل الأمور؛ فيكون بذلك ممن مدحهم الله -سبحانه وتعالى- بقوله: (إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان: 70].
وثالثا :بر الوالدين/ وهو من أهم الأعمال التي يجب على المسلم القيام بها، حيث جاء الأمر به بعد الأمر بالتوحيد في قول الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23، 24].... وبر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله كما جاء في الصحيحين[4] من حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: «الصلاة على وقتها»، قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين»، قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله».... فلنحرص على بر الوالدين ولندخل السرور عليهما، ولنتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر: أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة»... فعلينا برهما إن كان أحياءً أو أمواتًا، فإن كانا أحياءً فبرهما بالإحسان إليهما وطاعتهما وإدخال السرور عليهما وخدمتهما والسعي في نيل رضاهما، فحقهما كبير وأجرهما عظيم، وإن كانا أمواتًا فالدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما
، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، والصدقة عنهما.
ورابعا :من الاعمال الصالحة صلة الأرحام/ ففي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله» متفق عليه.... فليحرص المسلم على صلة أرحامه وإن قاطعوه لما جاء في صحيح البخاري - رحمه الله تعالى - من حديث عبدالله بن عمرو ابن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».
وخامسا :من الاعمال الصالحة إصلاح ذات البين/وهو من الأمور الهامة التي حض عليها شرعنا الحنيف، فينبغي للإنسان أن يحرص على مصالحة الجميع ونسيان الخصومات في هذه الأيام فضلًا عن غيرها؛ لما ورد في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبدلا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا! أنظروا هذين حتى يصطلحا» .... كذلك ينبغي عليه أن يسعى في الإصلاح بين الناس ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، وأجره عظيم عند الله تبارك وتعالى. قال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114]... وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10]....
وسادسا :من الاعمال الصالحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر/ وهو من أشرف الأعمال، حيث جعل الله تبارك وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أخص أوصاف من اصطفاهم من سائر البشر ليكونوا أتباعًا لرسله وأنبيائه - صلوات الله وسلامه عليهم - أجمعين فقال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71]..... فلا يملك من سمع هذه الآية إلا أن ينضم تحت رايتهم ويسلك سبيلهم لعله يلحق بهم.... وهذه الشعيرة - وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - هي مناط خيرية الأمة قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110].وذلك لأن صلاح المعاش والمعاد إنما يكون بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذلك لا يتم إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه صارت الأمة خير أمةٍ أخرجت للناس..... ومن الأحاديث التي أكدت على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما جاء في سنن الترمذي وغيره من حديث حذيفة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم».... وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».

وسابعا :من الاعمال الصالحة الدعوة إلى الله/قال تعالى : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]... وقال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108].... قال الإمام ابن القيم - رحمه الله -: «ولا يكون الرجل من أتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - حقًا إلا إذا دعا لما دعا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - على بصيرة». وكل بقدر ماعنده من علم ... وقوله - صلى الله عليه وسلم - «من دل على خير فله أجر فاعله»[ رواه مسلم]، وفي حديث آخر: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا»[ رواه مسلم] الحديث.
وثامنا : من الاعمال الصالحة صيام تسعة أيام من هذه العشر أو ما تيسر، فاحرص على هذه القربة وخاصة يوم عرفة؛ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده".... انظر إلى هذا الفضل العظيم، كيف أن صوم عرفة وحده يمحو الله به ذنوب سنتين كاملتين، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات
العظيمة وصام يوم عرفة، وحفظ فيه لسانه وسمعه وبصره وجميع جوارحه عما يغضب الله تعالى، وينبغي -أخي المسلم- أن تدعو أهل بيتك وأقاربك وأصدقاءك وجيرانك لصوم يوم عرفة المبارك؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله". وتذكر أن "من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا
أيها المؤمنون أخلصوا النية لله في أيامكم هذه وفي كل أيامكم، واصدقوا العزم على أن تُروا الله من أنفسكم خيرا؛ عسى الله سبحانه أن يغمرنا بواسع رحمته ومغفرته، وأن يجود علينا بفضله، يقول تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }[الحديد:21].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وكثَّرَ فيه الخصال المنجية من النار، والمورِّثةِ للجنة دار السلام. أحمده سبحانه وتعالى وأشكره، وأتوب إليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،. وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم أشرف مرسل، وأكمل إمام، وخير من صلى وصام، وتصدق وحج البيت الحرام، ووقف بالمشاعر العظام، وأدى المناسك على وجه التمام، وتلى القرآن وذكر الله تعالى ودعاه في كل آن، وعلم ذلك الأنام. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به وعزروه ونصروه، واتبعوا النور الذي أنزل معه، أولئك هم المفلحون.
اخوة الإسلام حفظكم الله ورعاكم / إن بلوغ هذه العشر بعد رمضان نعمة عظيمة؛ فكم من نفس أدركت رمضان لم تدرك عيد الفطر بعده، وكم نفس أدركت عيد الفطر لم تدرك عشر ذي الحجة ولا عيد الأضحى بعدها، فاحمد الله على نعمة بلوغ هذا الموسم من مواسم الجنة.,,, إن هذه العشر هي العزاء لمن فرَّط في رمضان، فها هو مولاك -عز وجل- يمهلك ويمد في عمرك، فماذا أنت فاعل؟!
نعم اخوة الايمان /// والتاسع :من الاعمال في هذه العشر / كثرة ذكر الله - عز وجل -، يقول الله تعالى: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]... عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» رواه أحمد .... والتكبير مستحب في هذه الأيام استحبابًا شديدًا.
والتكبير نوعان: مطلق ومقيد. فالتكبير المطلق: هو أن يكبر الإنسان في أي وقت وفي أي مكان في أيام العشر وأيام التشريق، والتكبير المقيد: هو ما كان مقيدًا بأدبار الصلوات الخمس، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق .... واما صيغة التكبير: فلم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صيغة بعينها للتكبير في هذه الأيام، وكل ما ورد إلينا إنما هي آثار ثبتت عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. فمنها: ما ثبت عن عبدالله ابن مسعود- رضي الله عنه -: «أنه كان يكبر أيام التشريق: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد». .. والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة، ولذلك ينبغي الجهر به في الطريق والمسجد والبيت، يجهر به الرجل، وتسر بها المرأة.
نعم اخوة الايمان وذكر الله - عز وجل - له فضلٌ عظيم، أمرنا ربنا - تبارك وتعالى - بأن نذكره ذكرًا كثيرًا، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب: 41، 42]. وقال سبحانه وتعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) [البقرة : 152] .
والدعاء أيضا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» [أخرجه الترمذي في الدعوات]..... قال ابن عبد البر: «وفيه من الفقه أن دعاء يوم عرفة أفضل من غيره،وفي الحديث أيضًا دليل على أن دعاء يوم عرفة مجاب كله في الأغلب. وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يقول الله تبارك وتعالى أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ ذكرتُهُ في ملأٍ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبرًا تقربتُ منه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربتُ منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيتُه هروَلة».
وعاشرا :من الاعمال الصالحة //الصدقة ، وإغاثة الملهوف، وإطعام
ين، اللهم اجعلهم غنيمةً للمُسلمين، اللهم وفِّقنا لما تحبُّه وترضاه يا كريم. اللهم احفَظ بلادَ المُسلمين من كل سوءٍ ومكروهٍ، اللهم حقِّق لنا الأمنَ والإيمانَ، ،،، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار. اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها. ، اللهم يا فارِجَ الهمِّ، يا كاشِفَ الغمِّ فرِّج الهمومَ والغمومَ عن المُسلمين في كل مكانٍ يا حيُّ يا قيُّوم.اللهم وحِّد صفَّهم، اللهم اجمَع كلمتَهم إنك على كل شيءٍ قديرٌ..... اللهم اجعل اليمن آمناً أماناً سخاءاً رخاءاً وجميع بلاد المسلمين اللهم ول علينا خيارنا ولا تول علينا شرارنا اللهم من ولي من أمر المسلمين شيئاً فرفق بهم فارق به ومن ولي من أمر المسلمين شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه بقوتك يا قوي يا عزيز، اللهم استر نساءنا واحفظ بناتنا وأصلح شبابنا واهدي أولادنا.... اللهم أبرم لهذه الأمة مخرجا تخرج فيه من أزماتها وكبواتها برحمتك يا أرحم الراحمين.. اللهم احفظ اليمن، اللهم احقن دماء اليمنيين ولم شعثهم ووحد صفهم وألف بين قلوبهم، اللهم امكر بمن يمكر بيمننا وشعبنا وانتقم من المعتدين على شعبنا انك على كل شيء قدير....ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم...ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
عباد الله : إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتهم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتهم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
2024/09/25 15:12:02
Back to Top
HTML Embed Code: