Telegram Web Link
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
انــطلـــقـــت الـــشـــــياطـــين
فــكانت صــلاة الفجــر اول الضحايا
للــشيـــــخ/ مــحــــمـــــد الــجـــــــــرافـــــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
عـــباد الله - امـــا بعـــد :
اعلموا جيدا ان الله جل جلاله قد اختص شهر رمضان بخاصية فريدة منفردة لا ينازعه فيها غيره من الزمان
ألا وهي تصفيد وتقييد الشياطين وليس لذلك معنى الا انك ستعبد الله في سلام وامان طيلة شهر كامل وكما قالوا: تأتي الغصة بعد الفرحة وجاءت الغصة وهى فك قيود الشيطان ليبدأ معنا معركة جديدة بعد وحشة منه لنا دامت شهرا كاملا انطلق الشيطان وبدأت المعركة وبعث اللعين جنوده وأعوانه في كل مكان ليفسدوا على أهل الايمان عقيدتهم ويضيعوا عليهم ثواب عبادتهم وكأن الشيطان يمتثل امتثالا عمليا لقول الله جل وعلا:
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ أي انتهى امر الصيام
إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ بتقيدي وتصفيدي في رمضان
وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ

انطلق الشيطان وبدأ يؤز ويهيج ويحرض على معصية الله أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا - أي تسلطهم وتحرضهم على المعاصي
وانظروا الي طريقته في الهجوم – ويا لبجاحته حينما يفصح عن خطته في الهجوم علينا يقول سبحانه علي لسان عدو الله (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)هجوم مكثف من جميع الجهات من الامام ومن الخلف وعن اليمين وعن الشمال محاصرة كاملة - طوق حولك
وانظروا إلى خلاصة تفسير العلماء في معاني هؤلاء الجهات الاربع
ثمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ : اي من قبل دنياهم أرغبهم فيها وأزينها لهم وأشهيها لهم
وَمِنْ خَلْفِهِمْ اي من قبل الاخرة اشككهم فيها ليكذبو ا بالبعث والجنة والنار

وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ قال بن عباس أشبه عليهم امر دينهم وقيل : من قبل الحسنات أثبطهم عن فعلها
وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ أي من قبل السيئات يأمرهم بها ويحثهم عليها ويزين لهم المعاصي
وصح عن بن عباس رضي الله عنه - انه قال ولم يقل " ثم لآتينهم - من فوقهم " لأنه علم ان الله من فوقهم - والرحمة تنزل من الله فعلم تمام العلم انه ( اي ابليس)- لم يستطع ان يحول بينك وبين رحمة الله عز و جل

فبالله عليكم يا مسلمون أيحق لنا ان نطيع الشيطان بعد ذلك ؟؟- بعدما علمنا عداوته لنا

لكن للاسف الشديد الشيطان اذكي منا - كيف-
سُئل الإمام الحسن البصري: هل ينام الشيطان؟ قال: لو نام لاسترحنا. يعمل ليل نهار، وصيف شتاء، وفي كلِّ وقت، مُخلصٌ لمهمَّته إزاء الإنسان، وإضلال الإنسان. فهو يمارس أسلحته الثلاثة: التزيين، الإغواء، والتحريش من أجل إضلال الإنسان،

#نعم انطلقت الشياطين وفك أغلالها فكان أول الضحايا بعد رمضان الصلاة وخاصة صلاة الفجر- فقد عاد ضيوف المسجد الى منازلهم وبقى للصلاة اهلها و اصبح شيخ الجامع يشعر بالوحدة مع المؤذن والعامل وقلة آخرين وصلاة الفجر أمرها عظيم، والغفلة عنها ذنب جسيم، وتضييع صلاة الفجر يعد من الفجور؛ لقد كنا في رحاب رمضان نرى المساجد تغُصُّ بروادها، ولكن مع الأسف صباح العيد فجأة ينزل المستوى إلى النصف أو أقل، أين أصحاب تلك الصفوف التي ألفناها في رمضان؟ أتُراهم قد استسلموا للشياطين الذين صفدوا في رمضان؟ حينما أطلق سراحهم، وعادوا من إجازتهم بعد شهر من الغياب ليواصل عملهم في الغواية ولاستدراك ما فاتهم من الضلالة، هل كنا حقا من عِبَاد الرحمان أو من عُبَّاد رمضان؟ ما ذا دهانا يا رواد المساجد؟! يا أصحاب القيام والركوع والسجود؟! لماذا تقلصت صفوفنا عن صلاة الفجر بعد رمضان؟! لماذا استسلم البعض للنوم العميق بشكل فاضح؛ كأن عقارب الساعة مؤشرات بها تقاس حرارة الإيمان في قلوبنا، بها تقاس صفوف المصلين في مساجدنا؛ فكثير منا قد انهزم كل يوم أمام صلاة الصبح دون عذر، وكثير منا يكون فجره بعد طلوع الشمس، حيث تسبقه الشمس إلى الظهور كل يوم، أي خسران أعظم ممن حرم نفسه من نفحات الفجر وقرآنه المشهود، فعرض نفسه للفحات غضب الله الشديد.

* أيها الإخوة المؤمنون؛ المحافظة على الصلوات
الخمس واجبة في أمور أربعة:
1) في شروطها؛ من طهارة الخبث، وطهارة الحدث، وستر العورة، واستقبال القبلة.
2) في أركانها؛ من تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة والاعتدال والقيام، والطمأنينة والركوع والسجود والتشهد والسلام.

3) في وقتها المحدد شرعا، {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}، وقد سئل صلى الله عليه وسلم: «أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة لوقتها»
رواه البخاري ومسلم.

4) في النية وحضور القلب المستلزم للخضوع والخشوع والخوف والرجاء؛ يقول الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}، ويقول سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.
وأي خلل يطال واحدا من هذه الأربعة (شروطها وأركانها ووقتها وحضورها) هو ضياع للصلاة كلها؛ ومن ضيع الصلاة فقد عرض نفسه في الدنيا لأربعة أمور شائنة وفي الآخرة للأربعة أودية مُهينة:

أما الأمور الأربعة الـشائنة في الدنيا فهي:

أولا: عُقَدُ الشيطان الثلاثة؛ فالشيطان يتولى أمر المسلم بمجرد تضييعه لصلاة الفجر، حيث يربط على قفاه ثلاث عقد فيقول: نم فإن عليك ليلا طويلا؛ روى الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقُد؛ فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده؛ فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان».

ثانيا: مرحاض الشيطان؛ يا ليت إبليس -لعنه الله- اكتفى بالعُقَد الثلاثة فقط؛ بل إنه يبول في أذني النائم عن صلاة الصبح؛ روى البخاري أنه: «ذُكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ نام ليلةً حتى أصبح أو ما زال نائماً حتى أصبح: فقال صلى الله عليه وسلم: ذاك رجلٌ بال الشيطان في أذنيه»؛ يا لها من حالة يورط فيها النائم عن صلاة الفجر نفسه، تصور وضعيته حين يتخذ الشيطان أذنيه مرحاضه .

إن الإنسان لا يقبل ولن يرضى أن يكون مرحاضا للإنسان؛ فكيف يقبل أن يكون مرحاضا للشيطان؟!

ثالثا: شهادة الملائكة عليه؛ فإن لله تعالى ملائكة يسجلون كل يوم في هذا الوقت الفضيل حالة الإنسان، إن خيرا فخير وإن شرا فشر؛ فقد روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يَعرُج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربُّهم وهو أعلم بكم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلُّون وأتيناهم وهم يُصلُّون».

هذه شهادة الملائكة لصالح الذين يؤدون صلاة الفجر في وقتها، أما النائمون فتقول عنهم ملائكة الليل: تركناهم وهو نائمون يشخرون، وملائكة النهار تقول: أتيناهم وهو نائمون يشخرون.

رابعا: علامة من علامات النفاق؛ فالمتخلف عن صلاة الفجر يُخشى عليه أن يكون في سجل المنافقين، والقرآن الكريم يقول في سورة النساء: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى}، ويقول في سورة التوبة: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روى البخاري ومسلم: «أثقل صلاة على المنافقين صلاة الفجر والعشاء» وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: «كنا إذا تخلف منا إنسان عن صلاة العشاء والصبح أسأنا به الظن أن يكون قد نافق».

أما الأودية الأربعة المُهينة في الآخرة { مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ} فهي في انتظاره قد حجز بإضاعة الصلاة تذكرة السفر إليها وهي

الأول: وادي الغي؛ يقول الله تعالى فيه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.

الثاني: وادي سقر؛ يقول الله تعالى فيه: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}.

الثالث: وادي الويل؛ يقول الله تعالى فيه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}.

الرابع: وادي الدرك؛ يقول الله تعالى فيه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}.

إذن من ضيع الصلاة في أي واحد من الأربعة: شروطها، وأركانها، ووقتها، والحضور فيها؛ فقد اكتسب لنفسه في الدنيا حالات أربعة: عُقَدُ الشيطان على قفاه، وبول الشيطان في أذنيه، وشهادة الملائكة بالسوء عليه، وعلامة من النفاق في سلوكه، كما ضمن لنفسه بقعة أرضية في مشروع الدرك الأسفل من مدينة سقر بواد الغي والويل؛ ولهذا هم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحرق على من يتخلف عن الصلاة جماعة بدون عذر منزلَه، روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممتُ أن آمرَ بحَطَب فيُحْطبَ، ثم آمرَ بالصلاة فيُؤذَّنَ لها، ثم آمرَ رجلا فيؤمَّ الناس، ثم أُخالِف إلى رجال فأحرِّقَ عليهم بُيوتَهم».

وهل تعلم عبد الله لماذا يهم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وهو رحمة للعالمين؟ لأنه على علم بما ينتظر المتخلفين عن صلاة الجماعة، من نار تلظى من النار الكبرى، فالاحتراق في الدنيا نهايته الموت، أما الاحتراق في الآخرة فلا يموت فيها ولا يحيا.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمدلله، والصلاة والسلام
على رسول الله وعلى آله وصحبه

اما بعـــد - عـــباد الله :
إن المحافظة على الصلاة واجب؛ يقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}.
وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ أَولَ ما يُحاسَبُ به العبد يوم القيامة من عَمَلِهِ صلاَتُهُ، فإن صَلَحتْ فقد أفلح وأنجح، وإن فسدَتْ فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئا، قال الربُّ تبارك وتعالى: انظروا، هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك».

فيا هاجر الصلاة .
ماذا فعل الله بك حتى ترفض مقابلته؟ والله انى اخشى عليك.

ماذا فعلت انت حتى يرفض الله مقابلتك؟ أسرع بالدخول الى المسجد عموديا برجلك قبل ان تدخله أفقيا محمولا واحذر ان يكون نصيبك من المسجد ان يعلن فيه عن وفاتك صـلِ قبل أن يُصلى عليك

*عـــباد الله :
قليل الكلام خير من كثيره
ان الذين دخلوا رمضان بالمعاصي وخرجوا من رمضان بالمعاصي لم يستفيدوا شيئا
قال الله - تعالى-:(وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ)

قال ابن كثير - رحمه الله -
هذه صفة المنافقين وقد دخلوا عندك يا محمد بالكفر ثم خرجوا من عندك والكفر كامل فيها لم ينتفعوا بما سمعوا لم يفد فيهم العلم ولم تنجح فيهم المواعظ والزواجر .

* نعم فالذين دخلوا رمضان وخرجوا مثل ما كانوا قبل رمضان أو أسوأ تنطبق عليهم هذه الآية دخلوا رمضان بالمعاصي وخرجوا بالمعاصي بعد رمضان رجعوا إلى ما كانوا فيه من المنكرات لم يستفيدوا من رمضان فرمضان لم يورث توبة عندهم ولا استغفارا ولا إقلاعا عن المعاصي ولا ندما على ما فات لقد كانت محطة مؤقتة ثم رجعوا إلى ما كانوا فيه هل هذه النفسية السيئة عبدت الله حق عبادته؟

* عـــباد الله :
هذا الذي عبد الله في رمضان :
في رمضان غض بصره .
في رمضان صلى الفجر حاضرا في جماعة .
في رمضان تصدق .في رمضان قرأ القرآن .

في رمضان تحرج عن أن يسمع ما لا يرضي الله في رمضان تحرج عن أن يتابع شيئا يفسد عليه عقيدته .

فما باله في غير رمضان ؟
هذا الذي يعود إلى ما كان،
فكأنه ما صام رمضان .

ان رمضان من أجل أن تتوب،
وتستمر بك التوبة

*لذلك أتمنى على كل من صام رمضان، أن يتابع طريقه إلى الله، أن يتابع استقامته، أن يتابع غض بصره، أن يتابع إنفاق ماله، أن يتابع قراءة القرآن، أن يتابع الأمر بالمعروف أن يتابع النهي عن المنكر، أن يقيم حدود الله في بيته أن يطبق شرع الله على أسرته وأهله أن يطبق شرع الله في كسبه للمال، وفي إنفاقه للمال، وفي بيعه وشرائه ، وفي علاقاته كلها، إذا فعل ذلك، قطف الثمار من رمضان .

========================
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
حتياجنا إلى عون الله، ولم الشمل
للشيـــخ/ زيـــد بن مســفـــر البحـــري
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

أهداف وعناصر الخطبة :
1/ عنصرا النصر اللذان يفتقدهما المسلمون اليوم 2/ هوانُ الإنسان وضعفُه 3/ صفحات مشرقات تبين أسباب انتصار المسلمين الأولين 4/ ما ينبغي عمله وقت الفتن.

الخطبـــة.الأولـــى.cc
أمــا بعـــد : فيا عــباد الله
هناك عنصران اثنان مهمان يدندنان حول أوضاع المسلمين في هذا الزمن، هذان العنصران حريٌّ بكل مسلم أن يستمسك بهما، فما عض عليهما مسلم بنواجذه إلا ساد وعزّ وانتصر، أولهما: احتياجنا في هذا الزمن إلى قوة الله وإلى عونه. وثانيهما: الألفة، والاتحاد، ولمّ الشمل. هذان هما العنصران على سبيل الإيجاز.

وإليكم العنصر الأول على سبيل التفصيل: كما تعلمون -عباد الله- أن الإنسان بطبعه متعال، متكبر، عنيد، ولا يتنازع في ذلك اثنان؛ ولذا، تجدون البعض لما بلغ مرحلة من مراحل العلم، لما بلغ مكانة في العلم والقوة، عندها نسي قوة الله، وأجهر بالصراخ على نفسه يتباهى بحسن صنيعه، ويفتخر بقوة تفكيره.

لقد نسي، أو تناسى، أن الذي أوجده، أن الذي أبدعه، أن الذي منحه ذلك كله، يملك أن ينسف الدنيا في لمحة بصر، بل في ومضة عين! فمن أنت أيها الإنسان الضعيف الضئيل الهزيل؟ ألا تعلم من أنت؟ ألا تعرف كيف خُلقت؟ أنت في أول أمرك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وبين ذاك وذلك تحمل العذرة!.

وإن شئت أن تعرف عن نفسك المزيد فاجمع لي قلبك، وارع لي سمعك، تعرف من أنت. أنت الذي نزلت من مجرى البول مرتين! إذا نسيت الله، فأنت حفنة من التراب تُداس بالأقدام!.

ولو دخلنا معامل التحاليل الآدمية لنحلل ابن آدم، فمم يتكون؟ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ) [الأنعام:2]، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ) [الروم:20].

يقول علماء الكيمياء: لو أتينا برجل وزنه مئة وأربعون رطلا، هذا الجسم يحتوي على أشياء: فيه من الكربون ما يكفي لصناعة عشرة أقلام من الرصاص، وفيه من الدهن ما يكفي لصناعة سبع قطع من الصابون، وفيه من الفسفور ما يكفي لصناعة مئة وعشرين رأس عود ثقاب، وفيه من الحديد ما يكفي لصناعة مسمار متوسط الحجم، وفيه من الماء ما يكفي برميلا يسع عشرة جالونات. فإذا ما سعَّرتَ هذه البضاعة كلها في الأسواق، فكم تساوي؟!
إنها لا تساوي عشرات الريالات! هذا هو جسد ابن آدم، إذا عصى وتكبر على الله.

لم يقل الله -جل وعلا-: فإذا سويته فقعوا له ساجدين؛ لماذا؟ لأن الطين لا يساوي شيئا، إنما قال: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) [الحجر:29]. هذا هو جسمك يا ابن آدم، وتلك هي مكوناته!.

فيا خادم الجسم كم تشقى لخدمته
أتطلب الربح مما فيه خسرانُ؟!
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسانُ
وامدد يديك بحبل الله معتصما
فإنه الركن إن خانتك أركانُ

إنها عقول فاسدة، ونفوس كاسدة، تلك التي لا تعطي لله قدرا، التي تسلك مسلك الحيوانات: تأكل، وتنام، وتشرب، وترعى. بل أضل! وأضل! (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63]. هذه هي الصفحة المظلمة.

وإليكم الصفحة المشرقة الوقّادة المضيئة، أنتقل بكم عبر صفحات التاريخ صفحة تلو الأخرى لنقف على صفحة مضيئة مشرقة وقَّادة بالإيمان، تلك الصفحة هي صفحة سيرة صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-. نقف أمام هذه الصفحة لنتملَّاها، ونشم عبيرها، ونستشف فوائدها.

أمةَ الإسلام هيا وابعثـي
ذكر النبيِّ وصحبه الأخيارِ
قد جاهدوا في الله حق جهـده
وتسابقوا للبذل والإيثــار
فتحوا من الأمصار كل محصنٍ
لله ما فتحوا من الأمصـار
سادوا وعزوا حين كان شعارهم
الله أكبر وهو خير شعـارِ
أخلِقْ بنــا أن نقتفي آثـارهم
فخلودنا ... في هذه الآثار

فلقد كانت معهم القوة، قوة من الله لا تُغلب، وعزيمة من الله لا تضعف، ونصر من الله لا يُهزم.

هذا خالد بن الوليد -رضي الله عنه- يقف عند حدود الفرس في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، يبعث برسالة إلى كسرى يضمنها قوله: "يا كسرى، أسلم تسلم، وإلا جئتك برجال يحرصون على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة".

فوقعت الرسالة في يد كسرى فارتعد، واستنجد بمن حوله، فكانت الإجابة من بعضهم: "لا طاقة لنا بهؤلاء الرجال الذين لو أرادوا خلع الجبال لخلعوها".

فعزم حينها كسرى على مقاتلة المسلمين، واستعد للمسلمين بجيش يزيد على مائة وعشرين ألف مقاتل، بينما عدد جيوش المسلمين لا يزيد على الثلاثين ألفاً.

فلما رأى خالد تلك الجيوش الجرارة أرسل إلى أبي بكر الصديق يطلب منه المدد، فأرسل إليه أبو بكر الصديق رسالة مع القعقاع بن عمرو، فلما فتحها خالد إذا بها: "من عبد الله أبي بكر الصديق إلى سيف الله المسلول خالد بن الوليد، لقد بعثت إليّ تطلب المدد، وإني أرسلت إليك المدد، أرسلت إليك القعقاع بن
عمرو، ولعلك تقول؟ ماذا يصنع القعقاع بن عمرو؟... -لا إله إلا الله! أرسل إليه فردا واحدا، بعث إليه شخصا واحدا!- ولعلك تقول يا خالد: ماذا يصنع القعقاع بن عمرو؟ ولكني أقول: إن جيشا فيه القعقاع بن عمرو لن يُهزم -بإذن الله- أبدا".

بل ذكر ابن حجر في الإصابة في ترجمة القعقاع أن أبا بكر قال: "لَصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل"! فطوى خالد الرسالة، واستعان بالله على قتالهم.

وكانت العادة آنذاك أن تُجرى مبارزة بين القائدين، فقال قائد الفرس لبعض جنده: إذا شغلتُ خالدا بالمبارزة فاعمدوا إلى طعنه من الخلف، وتبارز القائدان، والجنود وراءه لينفذوا جريمتهم، فما الذي جرى؟ ما الذي حدث؟ أطعن خالد؟ أم ماذا؟ الذي جرى، الذي حدث هو ما وقف له التاريخ مفتخرا بصحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-!... إذا بالقعقاع يسقط هؤلاء الجنود فردا فردا! "إن جيشا فيه القعقاع بن عمرو لن يُهزم -بإذن الله- أبدا".

إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسمُ
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار والظُّلَم
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم
ويكره الله ما تأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقصان (عن ملأٍ
هم الثريا) وذان الشيب والهرم

إنه الإيمان! فالإيمان ليس كلمة تقال وكفى، فالإيمان يحتاج إلى جهد، يحتاج إلى عمل، يحتاج إلى صبر.

في غزوة الخندق يخرج عمرو بن ود مفتخرا بقوته، ينادي في جموع المسلمين: ألا من مبارز؟ أين جنتكم التي تطلبونها؟ فيقول علي-رضي الله عنه-: أنا لها! فلما تقدم نحوه، نظر إليه بنظرات الاحتقار، وقال: من أنت؟ فأجاب بعزة: أنا علي بن أبي طالب، فقال عمرو بن ود: ليتقدم من هو أسن منك، فإني أكره أن أهرق دمك، فقال علي: لكني لا أكره أن أهرق دمك! فغضب عمرو بن ود، وتبارزا، وإذا بعلي فوق صدره قد قطع رأسه، وتقاطر الدم من ثيابه.

هو من؟ علي بن أبي طالب. صهر من؟ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. زوجته من؟ فاطمة!
هي بنت مَن هي أمّ مَن
من ذا يساوي في الأنام علاها
أما أبوها فهو أشرف مرسل
جبريل بالتوحيد قد رباها
وعليّ زوج لا تسل عنه سوى
سيف غدا بيمينه تياها

انظروا، واسمعوا إلى هؤلاء الأخيار الذين تمسكوا بدينهم فسادوا، وعزوا: هذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، كما ذكر ذلك البيهقي في دلائل النبوة، وحسّن إسناده ابن كثير، والألباني، رحمهما الله، هذا عمر بن الخطاب على المنبر ينادي فيقول: "يا سارية، الجبلَ الجبلَ!" ينادي مَن؟ ينادي قائده، وهو في المدينة، وقائده سارية بن زُنيم في أقصى العراق، يناديه ليلزم الجبل. فهل سمعوا نداءه؟ هل سمعوا تحذيره؟ من كان الله معه فو الموفَّق، فهو المسدد؛ إذا بالجيش يسمع تحذير عمر، فلزموا الجبل، وكان العدو سيأخذ مكانهم إن تركوه.

بل يؤتى إليه برجل قد سرق، فقال هذا السارق: أستحلفك بالله أن تعفو عني فإنها أول مرة!
فقال عمر -رضي الله عنه-: كذبت، ليست هي المرة الأولى! فأراد الرجل أن تثار الظنون حول عمر، فقال له: أكنت تعلم الغيب؟ فقال عمر: لا، ولكني علمت أن الله لا يفضح عبده من أول مرة؛ فقُطعت يد الرجل، فتبعه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال: أستحلفك بالله؛ أهي أول مرة؟! فقال: والله إنها هي الحادية والعشرون!.

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها
فليس إلى حسن الثناء جميل
تعيرنا أنا قليل عديدنا
فقلت لها: إن الكرام قليل
وما قل من كانت بقاياه مثلنا
شباب تسامى للعلا وكهولُ
وما ضرنا أنّا قليل وجارنا
عزيز وجار الأكثرين ذليل
سلي إن جهلت الناس عنا وعنهمُ
فليس سواء عالم وجهول

والغرض -عباد الله- من هذه القصص [تبيين] أن تلك الطائفة سارت حيث أراد الله، فأمدها الله بقوة لا تضعف، وبنصر لا يُهزم.

لما كانت تلك هي سماتهم، لما كانت تلك هي علاقاتهم مع ربهم، لم تستطع الدنيا أن تسلب منهم شيئا. فمعهم من؟ معهم الله! الذي:
لا سِنَة في طوال الليل تأخذه
ولا ينام ولا في أمره فندُ

وإلى هنا، وما أدراك ما هنا، هنا نأتي إلى نهاية الحديث عن العنصر الأول.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إن ربي كان توابا رحيما.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المهتدين المقتدين، صلى الله عليه وعلى آله، وصحابته، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله، نأتي إلى العنصر الثاني الذي نحتاج إليه في هذا الزمن، وهو: الألفة والاتحاد ولمّ الشمل؟.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم، وللبخاري نحوه: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وما آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار إلا وهو يعرف فوائد الاتحاد ولم الشم، وما استاء الأعداء من شيء استياءهم من ا
تحاد المسلمين! وهل فُتحت البلاد، وظهر الإسلام إلا بالاتحاد؟! وهل أصبح المسلمون آنذاك أقوياء أعزاء شرفاء علماء سادة للدين والدنيا إلا بالاتحاد؟!.

لقد كان المسلمون في منتهى العزة، يخافهم الزعماء، ويخشى من بأسهم الرؤساء، حتى تفرقوا شيعا وأحزابا، وتعددت مذاهبهم خطأ وصوابا، وكلٌّ يكيد لغيره؛ بل قد يكفره والعياذ بالله!.

ولقد عجبنا -وما لنا لا نعجب- كيف يختلف المسلمون ودينهم التوحيد؟! كيف يفترقون وهم يعلمون ما في الفرقة من الفساد؟! فيم الفرقة؟ فيم الشقاق؟ فيم البغضاء؟ فيم الشحناء؟ والإسلام ديننا، وعقيدة التوحيد شريعتنا.

فيم الفرقة؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال – كما في المسند -: "الجماعة رحمة، والفرقة عذاب"! أين ما أملت عليه شريعتنا من أواصر المحبة والحنان؟!.

أين نحن من ذلكم الرجل المهاجر الذي يترك دينه ووطنه، ويفر بدينه، وإذا بأمامه أبناء الإسلام، فتيان يثرب، كلهم شوق بمقدمه. ما كان بينهم وشيجة صهر أو عمومة، وما ربطت بينهم منفعة أو مصلحة؛ إنما هي عقيدة الإسلام! وما هو إلا أن يحط رحله عند المسجد حتى يلتف به الغر الميامين، كلهم يدعوه إلى بيته، يفديه بنفسه وماله.

حتى ذكر البخاري في صحيحه أنه ما من مهاجري إلا نزل على أنصاري بقرعة، فخُلد هذا الفضل أبد الدهر، بل ظل غرة مشرقة في جبين الزمان! (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ) [الحشر:9].

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في الصحيحين: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو فني طعامهم، أو قل طعام عيالهم في المدينة، جمعوا ما كان عندهم في إناء واحد ثم اقتسموه، فأنا منهم وهم مني".

وأنت، إذا قرأت وطالعت سير السلف من أبناء الصحابة، تجد ما يقر عينك، ويبهج سمعك، ويثلج صدرك.

تجد رابطة الإخاء في الإسلام، تلك الرابطة التي قادتهم إلى النصر في الدنيا، وإلى الرضوان في الآخرة، وهي كفيلة في هذا الزمن أن تقودهم إليهما!.

فلن يتبدد الظلام، ولن يسود الأمن والأمان، إلا في ظل الإسلام وتشريعاته؛ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح مسلم: "لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جُعلت عافيتها في أولها -أي: سلامتها من الفتن- وسيصيب آخرها بلاء وفتن، وأمور تنكرونها، تأتي فتن يرقق بعضها بعضا، يقول المؤمن: هذه الفتن مهلكتي مهلكتي! ثم تنكشف، وتأتي أخرى فيقول: هذه هذه! فمن أحب أن يُزحزح عن النار، وأن يُدخَل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس -أي: ليعامل الناس- بمثل ما يحب أن يُؤتى إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده، وثمرة فؤاده، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر".

========================
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
حــــر الـصيــف الــشــــــديــد
العــــبر والعــــظات والأحــــــكام
للشيخ/ محمد رفيق مؤمن الشوبكي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــة.الأولــى.cc
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيءٍ فقدره تقديراً، والصلاة والسلام على من بعثه الرحمن رحمة للعالمين وهادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد سبحانه إنه كان على كل شيء قديراً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
صلى عليك الله يا علم الهدى
واستبشرت بقدومك الأيامُ
هتفت لك الأرواح من أشواقها
وازينت بحديثك الأقلامُ

أمــا بعــد :
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته، وأحذركم وإياها من عصيانه ومخالفة أمره، فالتقوى هي أمر من الله للناس أجمعين، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [سورة النساء:1]، وهي أمر من الله لعباده المؤمنين، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [سورة آل عمران:102]، وهي أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ [سورة الأحزاب:1].

ثم أما بعد؛
نعيش في هذه الأيام في أشد فصول العام حرارة، بل نعيش في أشد أيام الصيف حرارة، حرٌ شديدٌ يعاني منه الناس معاناة شديدة، خاصة في بلادنا التي نعاني فيها من الحصار وانقطاع الكهرباء، نسأل الله أن يكتب لنا أجر الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب.

وإن المؤمن يعيش حياته دائم التفكر والاعتبار، فعندما يتفكر في تقلب الليل والنهار، والشهور والأعوام، والصيف والشتاء والخريف والربيع، يؤدي عبادة عظيمة يُؤجر عليها، ألا وهي عبادة [التفكر في خلق الله تعالى].

وإن التفكر والاعتبار من صفات أولي الأبصار والألباب، قال تعالى: ﴿ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [سورة النور:44]، وقد ذكر الله لنا في كتابه صفات أولي الألباب أي أصحاب العقول والأفهام والنيرة ومنها التفكر في خلق الله تعالى، قال الله جل وعلا: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [سورة آل عمران:191].

وإن شد حر الصيف الذي نعيشه يذكرنا بموقفين عظيمين، وهما:
الموقف الأول: إن شدة حر الصيف يذكرنا بِحَرِّ موقف يوم القيامة:
يوم القيامة ذلك اليوم العظيم الذي مقداره خمسين ألف سنة، في ذلك اليوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَد رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ"، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ - وهو التابعي الذي روى الحديث عن المقداد بن الأسود: فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ أَمْ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ، قَالَ: "فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ - أي خاصرتيه -، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا "، قَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ ".

والميل عباد الله لو كان بمسافة الأرض فإنه يقدر بـ[1848 متراً]، أما الميل الذي تكتحل فيه العين فهو الحديدة التي توضع في المكحلة وهي [أقل من إصبع]، وعلى كلا الحالين فإن المسافة قريبة جداً، فالشمس تبعد عنا ما يقرب من [000 ,600 ,149كم]، وعلماء الفلك يقولون: لو أن الشمس اقتربت بمقدار يسير لاحترق كل ما على الأرض، ولو ارتفعت قليلاً لتجمد كل ما على الأرض، فسبحان الله العظيم.

وفي يوم القيامة عندما
تقترب الشمس من رؤوس الخلائق لا يموتون بأمر الله تعالى، وإنما يكون العرق منهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حَقْوَيْهِ - أي خاصرتيه -، ومنهم من يُلجمه العرق إلجاماً ]وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه[، أي: يصل عرقهم إلى الفم وحدود الأذنين، نسأل الله العافية.

وأخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ ".

وفي معنى [يذهب عرقهم في الأرض]: قيل: أي يغور ويغوص في الأرض، وتشربه الأرض إلى سبعين ذراعاً أي ما يزيد عن ثلاثين متراً. وقيل: أي يسيل على وجه الأرض سبعين ذراعاً، والمعنى الأول أشهر.

وفي أثناء هذا الموقف العصيب يكون أناس في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، أصناف تكون في ظل ظليل يوم أن تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ - ويشمل الحاكم والسلطان والوزير والقاضي والمدير وكل من ولي من أمر المسلمين شيئاً فعدل -، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ".

ومن الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، من أَنْظَرَ مدينه المعسر الذي لا يستطيع السداد أو أسقط الدين من ذمته، أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي اليَسَر الأنصاري رضي الله عنه، أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ "، وفي رواية أخرى بزيادة: [يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ].

فيا أيها المؤمنون من كان له دين على أخيه المعسر فليسامحه لوجه الله تعالى أو ليؤخره حتى يوسر فيسد الدين، طمعاً في أن يكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

الموقف الثاني: إن شدة حر الصيف يذكرنا بشدة حر نار جهنم:
أتعلمون عباد الله ما هو السبب الشرعي لشدة حر الصيف الذي نلقاه، إن شدة ما نجد من الحر في الصيف هو من نَفَس جهنم والعياذ بالله، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ ".

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ " [رواه البخاري ومسلم].

إذا كانت شدة الحر في الصيف من نفس جهنم، فكيف يكون لهيبها وعذابها، وكيف يكون حال من كانت النار مسكنه ومقامه ومستقره، والعياذ بالله.

رغم ما نجد من شدة الحر في دنيانا، علينا أن نتذكر أن نار جهنم والعياذ بالله هي أشد حراً، قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ﴾ [سورة التوبة:81]، بين الله تعالى لنا في هذه الآية كيف كان المنافقون في غزوة تبوك يثبطون بعضهم بعضاً عن الخروج للجهاد، ويقول بعضهم لبعض: " لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ"، فقال الله لنبيه محمد صلى الله علية وسلم: قل لهم، يا محمد أن نار جهنم أشد حرًّا من هذا الحرّ الذي تتواصون بينكم أن لا تنفروا للجهاد فيه.

إن نار جهنم والعياذ بالله ليس كنار الدنيا، بل إن نار الدنيا هي جزء من سبعين جزءاً من نار الآخرة، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله علية وسلم، إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، قَالَ: فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا ".

وإن نار جهنم ليست كنار الدنيا حمراء، بل هي سوداء قاتمة م
ظلمة أشد سواداً من الزفت والعياذ بالله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: " تَحْسَبُونَ أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ مِثْلُ نَارِكُمْ هَذِهِ، هِيَ أَشَدُّ سَوَادًا مِنَ الْقَارِ " [رواه البيهقي وصححه الألباني].

ونحن في شدة الحر أيها الكرام عن ماذا نبحث؟، نبحث عن الهواء البارد والماء البارد وظل نستظل فيه من حرارة الشمس، أتعلمون عباد الله ما هو هواء وماء وظل أهل النار، الجواب في قوله تعالى: ﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ، فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ، وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ، لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ [سورة الواقعة:41 - 44].

والسموم عباد الله: هو هواء ساخن حارق يلفح الوجوه ويشوي الأجسام.

والحميم: هو ماء شديد الغليان لا يروي ولا يبرد، ماء يقطع الأمعاء، قال الله تعالى: ﴿ وسٍقٍوا مّاءْ حّمٌيمْا فّقّطَّعّ أّمًعّاءّهٍمً ﴾ [سورة محمد:15].

واليحموم: هو الدخان الأسود الحار اللافح الخانق، والعياذ بالله.

وبالمقابل أهل الجنة في نعيم مقيم لا يضرُّهم حرٌّ ولا برد، بل جميع أوقاتهم في ظل ظَلِيل ونعيم دائم لا ينقطع، قال تعالى في حقهم: ﴿ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [سورة النساء:57]، وقال في وصف جنتهم: ﴿ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلاَ زَمْهَرِيرًا ﴾ [سورة الإنسان:13]، وقال تعالى أيضاً: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴾ [المراسلات:41]، وقال أيضاً: ﴿ تلك الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّار ﴾ [سورة الرعد:35].

وإن من نعيم الجنة العظيم الظل الممدود الذي فيها، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ﴿ وَظِلٍّ مَمْدُودٍ ﴾ [سورة الواقعة آية 30] [رواه البخاري ومسلم].

سبحان الله العظيم شجرة يسير الراكب الجواد السريع في ظلها مائة عام ولا يقطعها، نعيم لا تستطيع عقولنا القاصرة على تخيله وتصوره.

عباد الله، الجنة والنار محلان ما للمرء غيرهما، فاختر لنفسك أي الدار تختار؟

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم...


الخطبــة.الثانيــة.cc
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن سار على الدرب واقتفى، ثم أما بعد؛
عباد الله تعالى، في شدة هذا الحر أذكر نفسي وأذكركم بأعمال وطاعات تنفعنا عند الله تعالى:
أولاً: الإكثار من الاستعاذة بالله من عذاب النار:
فإن نبيكم صلى الله عليه وسلم، كان من يكثر الاستعاذة من النار ويدعو بأن يقيه الله منها، فعَنْ أَنَسٍ بن مالك رَضي اللَّه عنْهُ، قَالَ: " كانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرةِ حَسنَةً، وَقِنَا عَذابَ النَّار " [رواه البخاري ومسلم].

وقد جاء في حديث صحيح أن مَن سأل اللهَ الجنةَ ثلاث مرات دعت له الجنة بأن يدخله إياها، وأن من استجار بالله من النار ثلاث مرات دعت له النار بأن يجيره منها، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنَ النَّارِ " [رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني].

وإن من صفات عباد الرحمن الذين مأواهم الجنان، أنهم يدعون الله تعالى أن يصرف عنهم عذاب جهنم، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً، إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [سورة الفرقان:65 - 66].

وإن الدعاء بسؤال الجنة والاستعاذة من النار هو من الأدعية التي يسن قولها بعد التشهد في الصلاة وقبل التسليم، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال:قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لرجلٍ: "ما تقولُ في الصَّلاةِ"، قالَ: أتشَهَّدُ ثمَّ أسألُ اللَّهَ الجنَّةَ وأعوذُ بِهِ منَ النَّار، أما واللَّهِ ما أُحسنُ دندنتَكَ ولا دندنةَ مُعاذٍ، قال:حولَها نُدَنْدنُ "[رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني].والدَّندنة: أن يتكلَّم الرَّجُل بكلام تُسمع نغمته ولا يُفهَم.

وإن النبي صلى الله علية وسلم أيضاً أرشدنا إلى الاستعاذة بالله من عذاب النار بعد التشهد في الصلاة وقبل التسليم كذلك، فعَنْأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه
ُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ" [رواه مسلم].

ثانياً: الصيام في أيام الحر الشديدة [ظمأ الهواجر]:
إن من العبادات العظيمة في الأيام شديدة الحرارة الصيام، فالأجر على قدر المشقة، والمشقة تكون كبيرة لمن صام يوماً شديداً حره، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه لطائف المعارف: " مما يضاعف ثوابه في شدة الحر من الطاعات: الصيام لما فيه من ظمأ الهواجر ".

وإن من صام يوماً واحداً لله تعالى باعده الله عن النار مسيرة سبعين سنة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله علية وسلم يَقُولُ: " مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا " [رواه البخاري ومسلم].

وإن صحابة رسول الله صلى الله علية وسلم كانوا يجتهدون في طاعة الله تعالى، ومن الأعمال التي كانوا يحرصون عليها، الصوم في أيام الحر الشديدة، وهو ما يعرف بـ[ظمأ الهواجر].

فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يصوم في الصيف، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تصوم في الحر الشديد، وكذا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه وغيرهم.

وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند موته يوصي ابنه عبدالله، فيقول له: [عليك بخصال الإيمان]، وذكر أولها: [الصيام في شدة الحر في الصيف].

وهذا أبو الدرداء رضي الله عنه كان يقول: " صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور ".

وقد بكى مُعَاذ بْن جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَ الاحْتِضَارِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ وَتَبْكِي؟! فقَالَ: " مالِي لا أَبْكِي، وَمَنْ أَحَقُّ بِذلكَ مِنِّي؟ واللهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصاً عَلَى دُنْيَاكُمْ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى ظَمَإِ الهَوَاجِرِ - أي الصوم في شدة الحر - وَقِيَامِ لَيْلِ الشِّتَاءِ ".

وقال التابعي الجليلمِعْضَدٌ أَبُو زَيْدٍ الْعِجْلِيُّ رحمه الله: " لَوْلا ثَلاثٌ: ظَمَأُ الْهَوَاجِرِ، وَطُولُ لَيْلِ الشِّتَاءِ، وَلَذَاذَةُ التَّهَجُّدِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا بَالَيْتُ أَنْ أَكُونَ يَعْسُوباً ". [أي ما تمنيت أن أكون شيئاً ولو يعسوب، واليعسوب: ذَكَر النحل].

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه لطائف المعارف: " كانت بعض الصالحات تتوخى أشدّ الأيام حرّاً فتصومه، فيقال لها في ذلك، فتقول: إنّ السعر إذا رخص اشتراه كل أحد؛ تشير إلى أنها لا تُؤثِر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس؛ لشدته عليهم، وهذا من علوّ الهمة".

فيا عباد الله من كان يقوى على الصيام في شدة الحر ليصم من الأيام شديدة الحرارة حتى يقيه الله من جهنم وحرها، ويقيه حر يوم القيامة يوم الحسرة والندامة.

ثالثاً: الصدقة وأفضلها [سقي الماء]:
وفي ظل الحصار الذي نعيشه في بلادنا، وكثرة الفقراء، وضيق الحال على المسلمين، إن من أجل العبادات التصدق على الفقراء والمساكين، فالصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " سَأُنَبِّئُكَ بِأَبْوَابٍ مِنَ الْخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ, وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ " [رواه أحمد وحسنه الألباني].

وقد سبق أن ذكرنا من أصناف الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، وفي هذا كناية عن الإخلاص والبعد عن الرياء. وقد ثبت في حديث صحيح أن الصدقة تكون ظلاً لصاحبها من حر يوم القيامة، فعن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقضى بَيْنَ النَّاسِ " [رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني].

وإن من أفضل الصدقات سقي الماء، فعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا، قَالَ: " نَعَمْ "، قُلْتُ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟، قَالَ: " سَقْيُ الْمَاءِ " [رواه أحمد والنسائي وحسنه الألباني].

وقال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره: " سقي الماء من أعظم القربات عند الله تعالى، وقد قال بعض التابعين: من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء، وقد غفر الله ذنوب الذي سقى الكلب، فكيف بمن سقى رجلاً مؤمناً موحداً ".

نعم أيها الكرام لقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن الله غفر لرجل بسقياه لكلب، وفي رواية أخرى غفر لبغي [امرأة زانية] من بغايا بني إسرائيل بسقياها لكلب
، فكيف بمن يسقي رجلاً مؤمناً. فمن استطاع أيها الكرام أن يتبرع بماء سبيل في مسجد أو طريق أو نحو ذلك، فلا يحرم نفسه من هذا الأجر العظيم.

وأختم خطبتي بأمرين هامين:
الأمر الأول: أيها المؤمنون لا يجوز سب الحر أو سب الصيف، فالحر قدر من أقدار الله تعالى، ولا يجوز أن نسخط على قدر الله تعالى، وكذلك إن الصيف زمان من الأزمنة التي خلقها الله تعالى، ولا يجوز سبه فإن سب الصيف سب لخالقه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ " [رواه البخاري ومسلم].

وعَنْ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ " [رواه الترمذي وصححه الألباني].

ولكن إذا قال المسلم - متألماً لكنه راضٍ -: هذا اليوم شديد الحرارة، أو تعِبْنا اليوم من شدَّة الحرارة، فهذا لا بأس به، قال الله عن نبيِّه لوط عليه السلام: ﴿ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ﴾ [سورة هود:77]، فقول سيدنا لوط عليه السلام: [هذا يوم عصيب] من باب وصف ما كان فيه من حال وليس من باب السخط.

الأمر الثاني: يسن للمسلم أن يغتسل إن أصابه العرق، حتى لا يؤذي إخوانه برائحته ويؤذي الملائكة فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الأم: " وأستحب الغسل عند تغير البدن بالعرق وغيره تنظيفًا للبدن ".

بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال في كتابه الفتاوى الكبرى: " ويجب غسل الجمعة على من له عرق أو ريح يتأذى به غيره ".

وإن أساس سن النبي صلى الله علية وسلم غسل الجمعة، ما كان يصيب المسلمين من العرق الذي يؤذي بعضهم بعضاً ويؤذي الملائكة، فعَنْ عِكْرِمَةَمولى ابن عباس، أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ جَاءُوا، فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَرَى الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ وَخَيْرٌ لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدْءُ الْغُسْلِ، كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ إِنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله علية وسلم فِي يَوْمٍ حَارٍّ وَعَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِيَاحٌ آذَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الرِّيحَ، قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمَ فَاغْتَسِلُوا وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دُهْنِهِ وَطِيبِهِ " [رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني].

وعنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "... إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ " [رواه مسلم].

فليتعاهد المسلم نفسه دائماً، وليكن حسن المنظر طيب الرائحة، لا يُرى منه إلا ما يَسُّر.

ختاماً أسأل الله تعالى أن يجيرنا من النار، وأن يظلنا تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة.
اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم اكتب لنا أجر الصابرين.
اللهم فك عنا الحصار، وأنزل علينا بركات من السماوات والأرض.
اللهم حرر أقصانا من دنس اليهود الغاصبين.
اللهم تقبل شهداءنا واشف جرحانا وفك قيد أسرانا.
ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولوالدي والدينا ولمشايخنا وللمسلمين أجمعين.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وصلي اللَّهُم على سيدنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وَصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

==========================
*إشراقة الصباح*
‏الجمعة أملٌ جديد ، و لذّة كهف طاهرة ، واستجابة دعاء ، واستراحة من الأوجاع ، اللهم اجعل يوم الجمعة يوم المستبشرين برحمتكك💜🌸
☆ *أذكار الصباح*☆
أذكآر الصبآح | نور لِقلبك

🌻 *علمتني سورة الكهف*
{ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال }..
إحفظ الله يحفظك..
قال ابن عباس لو لم يُقَـلّبوا لأكلتهم الأرض."

*وما الجمعة إلا عيدا لقلبك*
رتل آيات الكهف
صل وسلم على نبيك
وابعث دعواتك إلى ربك
🌸 الكهف ♡♡♡ *
http://bit.ly/armOna

■ *صلاة الضحى* ■
* عن أبى هريرة رضي الله عنه قال
: [ أوصاني خليلي  صلى الله عليه وسلم بثلاث: 
بصيام ثلاثة أيام في كل شهر ..وركعتي الضحى.. وأن أوتر قبل أن أنام ] 
رواه البخاري ومسلم وابن خزيمة

》 *وختااما*《
صباح جديد جميل يستحق الابتسام وشكر الرحمن على نعمة الحياة ،
لديك يوم في رصيد حياتك لتعمل وتنجز وتفرح بثمار عملك ،
لتستغفر عن خطأك فتطهر ،
وتطيع ربك فترتقي وتحب في الله فتقترب من جنته وتغترب عن عذابه ،
ما أجمل الحياة
صباحكم أحلام تتحقق .
اللهم اجعلنا ممن غُفر له ذنُبه وقبل عمله يارب العالمين
☆°☆°☆
اللهمَّ صَلِّ وَسَـــلِّمْ وَبَارِك على صاحب الخلق العظيم سيدنا ونبينامُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمآ كثيرآ
*صـــبـــاح الـــخـيـــر*
ﮩ•••✾•◆❀◆•✾•••ﮩ
‏⁧ إشـراقة الصبــاح ​​​​​​

يوم الجمعة⁩ زكاة الأسبوع وعيدالأيام وموسم البركة فاحصدوافيه الخيرات بالتلاوة والذكر والصدقةوالصلاة على النبي و *

البستان الذي نبت بقلبك حين صليت الفجر ، حين قرأت وردك ، ورددت أذكارك يحتاج أن تسقيه
صلاة الضحى ،،،
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❁ الجمــ☼ــعــة ❁
١٣/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
07/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

 ‌‌‌‌‌‌‌‌‏﴿فأردت أن أعيبها وكان وراءهم
ملك يأخذ كل سفينة غصبا﴾
بعض الكسر جبر ...
وفي طيات الأخذ عطاء ...
وبعض الأخذ إبقاء...
فمنعه لحكمة وعطاؤه رحمة !...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح حكمة الله...@
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
الظلم ظلـــمات يوم القـــيامة
( ظــلــــــــــــم الـــنـــفــــــــــــــــس )
للشيــــخ/ احــــمـــــــد عــــــــمــاري
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبــــة.الاولــــى.cc
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:
إخوتي الكرام؛ وبعد أن تحدثنا في عدة خطب عن أخلاق الإسلام الفاضلة التي ينبغي لكل مسلم أن يتحلى بها ويتخلق بها، نشرع بإذن الله تعالى في الحديث عن مجموعة من مساوئ الأخلاق وقبيح الخصال التي ينبغي لكل مسلم أن ينزه نفسه عنها ويبتعد عنها. فإنه لا يكون المسلم صاحب خلق جميل وقِيَم مُثلى حتى يتحلى بمحاسن الأخلاق ويتخلى عن مساوئها.

وحديثنا اليوم عن خلق ذميم ووصف قبيح، نهى عنه رب العالمين، وحذر منه سيد المرسلين؛ لما في من عدوان على الدين، واعتداء على أموال الناس ودمائهم وأعراضهم وحقوقهم. إنه الظلم؛ وما أدراكما الظلم، خلق كثير الضرر، قبيح الأثر، وخيم العواقب، وسيئ النتائج.

فما أحوجنا إلى أن نتعرف على مخاطر هذا الخلق الذميم، في زمن فشا فيه الظلم والبغي والعدوان، فلم تسلم فيه من الظلم أعراض ولا أموال ولا أنفس ولا دِين.

• مفهوم الظلم:
الظّلم: بغيٌ وعدوان، وانحراف عن العدل، ومجاوزة للحق، وتَعَدٍّ على الخلق.
والأصل في الظلم: وضعُ الشيء في غير موضعه المختص به؛ إما بنقصان أو بزيادة؛ وإما بعدولٍ عن وقته أو مكانه.

• الظلم كبيرة من الكبائر:
الظلم من الذنوب العِظام، والكبائر الجِسام، يُحيطُ بصاحبه فيُدمِّره، ويُفسِد عليه أمرَه، ويُغيِّرُ عليه أحوالَه، تزولُ به النعم، وتنزل به النِّقَم، عواقبه وخيمة، ونتائجه قبيحة في الدنيا وفي الآخرة.

ولأجل كثرة مَضارّ الظلم وعَظِيم خَطره وتنوُّع مفاسده وكثير شرِّه؛ حرَّمه الله بين عباده، وتوعّد صاحبَه بالهلاك والعذاب في الدنيا والآخرة. فقال سبحانه: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾.

وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم مُحرَّمًا، فلا تَظالمُوا...».

فالله تبارك وتعالى الذي لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، ولن يكون ظالماً ولو فعل بخلقه ما فعل؛ إذ هو الخالق الرازق المنعم المالك لكل شيء، المدبّرُ المتصرّف في مُلكِه كيف يشاء، ومع ذلك يخبر تبارك وتعالى أنه حرّم الظلم على نفسه ليُطَمْئِنَ عبادَه، وكتبَ على نفسِه الرحمة، فضلا منه وتكرّما ورحمة.

قال سبحانه: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَال حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء:47].

وقال عز وجل: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ﴾ [الكهف:49].

وقال سبحانه: ﴿ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران:108] وقال تبارك وتعالى: ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت:46].

وبرحمته وحِكمته سبحانه حرّم الظلم على عباده، لما فيه من ضرر كبير عليهم في دنياهم وفي أخراهم؛ (وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا).

ونبينا صلى الله عليه وسلم يحذرنا من الظلم وعواقبه؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اتقوا الظّلم؛ فإنّ الظّلم ظلمات يوم القيامة. واتّقوا الشّحّ؛ فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم».

فالظلمُ ذنب عظيم وجُرم كبير، يُخرِّبُ البيوتَ، ويُبيدُ الأمم، ويُهلِك الحرثَ والنسل، ويَضرُّ الفردَ والمجتمع في دينه ومعاشه.

• أنواعُ الظلم وصورُه:
للظلم صور كثيرة وأنواع عديدة، وكلها ترجع إلى نوعين كبيرين: أولهما: ظلم العبد لنفسه، وثانيهما: ظلمه لغيره من الخلق.
1- ظلم العبدِ لنفسه؛ بتعريضها للهلاك والخسران في الدنيا والآخرة، بارتكابه لما حرمه الله، وتركِه لما أوجبه الله عليه.
أ- الكفرُ بالله، والشرْكُ به سبحانه:
أعظمُ الظلم وأشدّه قبحا أن يُشرك الإنسان بالله تعالى، أن يتخذ غير الله إلها يعبده ويدعوه ويخشاه ويرجوه من دون الله، أن يجعل لغير الله نصيبا في عبادته وطاعته. قال تعالى: ﴿ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾. وقال سبحانه: ﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 148]. وقال عز وجل: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظ
ِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].

وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لمّا نزلت: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ (الأنعام/ 82) شقّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله؛ أيّنا لا يظلم نفسه؟ قال: «ليس ذلك، إنّما هو الشّرك، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه:﴿ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ (لقمان/ 13).

فأيُّ ظلمٍ أعظمُ وأقبحُ مِن أن يجعل الإنسانُ لربِّ العالمين نِدًّا يعبُده من دون الله الذي خلقه؟! وأيُّ ذنبٍ أكبر مِن أن يتخذ الإنسانُ مخلوقًا إلهًا يَدعوه من دون الله، أو يرجوه، أو يعبده من دون الله سبحانه؟!

قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 5، 6].

روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثِنتان مُوجِبتان»، قال رجلٌ: يا رسول الله! ما المُوجِبتان؟ قال: «من مات لا يُشرِك بالله شيئًا دخل الجنة، ومن مات يُشرِك بالله شيئًا دخل النار».

وظلم الإنسان بشركه أو كفره، إنما هو ظلم لنفسه، أما الله تعالى فغني عن العالمين. قال تعالى: ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [البقرة:57]. وقال سبحانه:﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ﴾ [الزمر: 7].

ب- الإعراض عن كتاب الله:
فالذي هجر القرآن وأعرض عن أحكامه ومبادئه، ظالم لنفسه. قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴾ [الكهف: 58].

وقال سبحانه: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ [يونس: 39].

وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ ﴾ [الأنعام: 157].

والذي يخوض في القرآن بغير علم، لِيَصرفَ الناسَ عن القرآن ويصدّهم عنه ويدعوهم إلى الأخذ بغيره ظالمٌ لنفسه ولغيره. قال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنعام: 68].

وقال سبحانه: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.

ج- تضييعُ الواجبات، والوقوعُ في المنكرات:
فمِن الظلم أن يظلم الإنسان نفسَه بتعريضها لشديد الحساب وأليم العقاب، بارتكاب المعاصي والمنكرات، وترك الطاعات والقرُبات.

فالذي يُبارز رَبّهُ بالمعاصي ويتعدى حدود الله عز وجل فهو ظالم لنفسه، يقول الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1]. ويقول سبحانه: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229].

والذي يُقصّر في الطاعات ويتهاون في أداء الفرائض والواجبات فهو ظالم لنفسه، يقول عز وجل: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ﴾. ﴿ إنه كان ظلوما ﴾ لنفسه؛ لأنه لم يراع ما حمل، فعرَّضَ نفسَه للعقاب. ﴿ جَهُولاً ﴾ بربه؛ إذ لو علم قدرَه لما وَسِعَه إلا التمسك بطاعته، والابتعاد عن معصيته.

فيا مَنْ تجرأتَ على معصية ربك، ووقعتَ فيما حرّمه الله عليك، وتعدّيت حدود خالِقِك ومَوْلاك؛ اعلم أنك ظالم لنفسك.

يا مَنْ عصيتَ الله بالزنا والربا، وظلم العباد، وشرب المسكرات؛ اعلم أنك ظالم لنفسك.

يا مَنْ عققْتَ والدَيْك، وقطعتَ الصلة بأرحامك، وأسأت إلى جيرانك؛ اعلم أنك ظالم لنفسك.

يا مَنْ ضيعْتَ الصلاة، ومنعت الزكاة، وهجرت القرآن، وتكاسلتَ في الطاعات والقربات؛ اعلم أنك ظالم لنفسك.

يقول الله عز وجل: ﴿ مَنْ
عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾.

وفي الحديث القدسي يقول ربنا سبحانه: ((...يَا عِبَادي؛ إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغوا ضُرِّي فَتَضُرُّوني، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُوني. يَا عِبَادي؛ لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ في مُلكي شيئاً. يَا عِبَادي؛ لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِن مُلكي شيئاً...)). رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه.

فاللهم اجعلنا من عبادك الصالحين، ونجنا من الظلم وسبيل الظالمين...

وصلِّ اللهم وسلمْ وبارك على حبيبنا ونبينا محمد رسول الله. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
===========================
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
حـافظــوا على أثــر رمضـــــان
للشيــخ/ صـــــلاح الــعـــــريفـــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
إِنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) (( يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) .

أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة .

أيها الناس : لقد أثر فينا رمضان ، عشنا فيه الروحانية وذقنا لذة الطاعة وحلاوة الإيمان ، أثر في نفوسنا وأرواحنا وحياتنا كلها ، بل حتى في أجسادنا بالصحة والعافية ، ولا نزال نتذوق آثار رمضان الطيبة ونستلذ ذكرياته أمداً ، وتمنى بعضنا لو لم ينقضي رمضان . ونأخذ من هذا عبرة ألا وهي : أن الطريق للحياة الطيبة المطمئنة هو العمل الصالح والقرب من الله وأخذ النفس بالحزم والعزم في ذلك (( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) (( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى )) .

ويصعب علينا عباد الله أن يكون حالنا بعد رمضان كحالنا في رمضان ، لأن رمضان موسم تنشط فيه النفوس على سائر الطاعات ، وفيه من المحفزات الربانية ما ليس في غيره من الشهور .

ولكن المؤمن الصادق اللبيب المنيب ، الحازم العازم في طلب المرضاة والدرجات في الجنات يحافظ على أثر الطاعة إن أطاع الله ، ويأخذ نفسه بما تطيق من العمل الصالح فيداوم ولو على القليل فالله يحب ذلك من العبد ويرضاه ، ليَبقي العبد دائم الصلة بالله ، حي القلب ، منشرح الصدر ، متلذذ بالإيمان كل الشهور والأيام .

عباد الله : لرمضان أثر بالغ على أعمال القلوب ، ومن آثار رمضان الجليلة في قلب العبد ، تقويته لجانب المراقبة لله ، حيث كان الصائم مراقب لله رقيب على نفسه رقابة ذاتية في السر والعلانية والغيب والشهادة ، محافظا على صيامه من الانتقاض أو الانتقاص .

فحري بالمؤمن أن يحافظ على هذا الأثر الجميل الجليل فيستمر في استشعار وتنمية المراقبة لله

ومراقبة الله عز وجل منزلة علية من منازل السائرين إلى الله والدار الآخرة ، وهي من أنفع أعمال القلوب وأجلها ، وحقيقتها : دوام علم العبد وتيقنه واستحضاره اطلاع الحق سبحانه على ظاهره وباطنه وسره وعلانيته ، وهذا العلم والاستحضار يُحدِث للعبد مراقبة لله عند أمره فيفعله على أحسن حال ، ومراقبة لله عند نهيه فيجتنبه ويحذر الوقوع فيه ، ويتعبد لله بمقام الإحسان فيعبد الله كأنه يراه ، فإن لم يكن يراه فالله يراه ويطلع على سره ونجواه ، وهذا المقام هو أعلى مقامات الدين ، ويثمر للعبد حياة القلب ، وحلاوة الإيمان ، ودوام الذكر والشكر ، والحياء من الله ، فيحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى ويؤثر الآخرة على الدنيا ، (( وَالاَْخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى )) ، ويستحي من ربه أن يراه يفعل ما نهاه ، أو يطلع عليه تاركاً تنفيذ ما أمره .

عباد الله : عبودية المراقبة هي التعبد لله بأسمائه الحسنى ( العليم والمحيط والسميع والبصير وغيرها من أسماء العلم والإحاطة ، وبالخصوص اسميْه الحُسنييْن ( الشهيد والرقيب ) ، فيستحضر العبد معناها

فمعنى اسم الله ( الشهيد ) : المطلع على كل شيء الشاهد له , الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ، ولا يحجبه عن خلقه ظاهر عن باطن ولا كبير عن صغير ولا قريب عن بعيد ، عالم الغيب والشهادة ، يسمع جميع الأصوات خفيها وجليها ، ويبصر جميع الموجودات دقيقها وجليلها وصغيرها وكبيرها ، وأحاط علمه بكل الأشياء ظواهرها وبواطنها (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا )) ، أحصى أعمال العباد كلها وعلم مقاديرها وشهد قصد العباد لها وعملهم إياها فهو الذي يشهد لعبادة وعلى عبادة بما عملوه ، العباد ينسون ما عملوه وما اقترفوه ، والله تبارك وتعالى قد أحصاه ولا ينساه (( أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )) إلى الله مرجع العباد (( ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ )) (( وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَي
ْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )) ، (( وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا )) للناس وعلى الناس وبين الناس .

ووالله إنه لموقف مهيب رهيب ، موقف وجل وخجل وحياء ، يوم أن تقدم على ربك جل جلاله وتعرض عليه ، فيكون هو سبحانه الشهيد على أعمالك (( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ))

ومعنى اسم الله ( الرقيب ): المراقب لأعمال العباد على الدوام (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) ، المطلع على ما حوته العوالم من الأسرار والغيوب ، (( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا ))

فلا تغفلوا عباد الله عن عبودية المراقبة لله الرقيب الشهيد ، فما أشد الحاجة للمراقبة في زماننا هذا الذي انفتحت فيه أبواب الشهوات ، وكثرت فيه الملهيات ، وسهلت فيه الخلوة بالمحرمات ، وقل فيه المعين على الطاعات (( الّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلّبَكَ فِي السّاجِدِينَ )) .

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ، ونفعني وإياكم بما فيها من الآيات والحكمة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم .


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله الذي أرسل رسوله ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً ، وأشهد أن لا إله لا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً ، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً، أما بعد:

أيها المسلمون : من المحافظة على أثر رمضان الحرص على صيام الست من شوال ، روى مسلمٌ في صحيحه, عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر ))، فهذا الحديث الصحيح دليل على سنية وفضل صيام الست من شوال ، فلا تلتفتوا لمن شكك في مشروعية صيامها محتجا بقولٍ غير قول الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم اعلموا أن صيام الست من شوال سنة وليس بواجب فمن صام نال الثواب المذكور ومن لم يصم فلا إثم عليه ولا حرج ، ومن اعتاد صيامها يجوز له أن يترك صيامها بعض السنوات ، ولا يلزمه الاستمرار ، لكن المداومة أحب إلى الله .

واعلموا أنه لا فرق بين أن يصوم الإنسان هذه الأيام الستة بعد العيدِ مباشرة أو يؤخرها بعدَ ذلك , ولا فرق بين أن يصومها تباعاً أو يفرقها, لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق ذلك ولم يقيده, ولكن لابد أن يكون صيامها بعد إتمام صيام كل أيامِ رمضان, فمن عليه قضاءٌ من رمضان فإنه لا يصومَ الأيام الستة قبل أن يقضي ما عليه من رمضان , لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( منْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ )) فلا بد من صيام رمضان كاملا قبل صيامها ليتحقق الإتباع ، وهذه الأيام الستة بمثابة النافلة الراتبة لرمضان .

فاللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك،. اللهم إنا نسألك رحمة تصلح بها قلوبنا وتفرج بها كروبنا وتيسر بها أمورنا وتشفي بها مرضانا ، وترحم بها موتانا يا أرحم الراحمين .

اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا أنفسنا طرفة عين، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمت أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا واجعل الدنيا زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، ووفق اللهم إمامنا بتوفيقك ، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك وهيئ له البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه يا رب العالمين

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك ويُهدى فيه أهل معصيتك ويُؤمر فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا ذ الجلال والإكرام ، اللهم اكفنا واكف بلادنا شر الأشرار وكيد الفجار يا عزيز يا جبار ، اللهم من أرادنا وديننا بسوءٍ فعليك به اللهم اشغله بنفسه واجعل كيده في نحره وتدبيره في تدميره يا قوي يا عزيز اللهم من حمل علينا السلاح فاقتله بسلاحه إنك أنت السميع العليم .

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات .
اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

=========================
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
الاستـــقامــة بعـــد رمــضـــــان
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله وكرمه تزداد الحسنات، وتُغفر الزلات، الحمد لله على ما أولى وهدى، والشكر على ما وهب وأعطى، لا إله إلا هو العلي الأعلى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ عباد الله اتقوا الله عز وجل، بفعل أوامره ، والبعد عما نهى عنه ، فهو القائل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}

اخوة الايمان : إن عمل العبد لا ينقطع إلا بالموت، وعبادته لا تنقضي إلا بالفوت، قال جل وعلا: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر: 99). وقال سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران: 102).

فأمرنا جل وعلا بعبادته حتى الخروج من الحياة. كما أمرنا ألا نخرج منها إلا على دين الإسلام العظيم. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ" رواه مسلم /.

فالعمل ينقطع بالموت، الا ما ذكرة في الحديث والعبادة تنقضي بالفوت، والعبد مأمور بعبادة ربه جل وعلا في كل لحظة من لحظات الحياة، في قيامه وقعوده، ونومه وصحوه، ونطقه وصمته، وحركته وسكونه. فوظيفتنا في هذه الحياة أن نكون عبيدا لله جل في علاه، ومهمتنا في هذه الدنيا تحقيق العبودية لرب البرية جل وعلا.فليست العبادة قصرا على موسم معين، وليست الطاعة خاصة بشهر بعينه، ونحن مأمورنا بعبادة ربنا جل وعلا في الأصباح وفي الأمساء وما بينهما.
فإذا كان رمضان قد انقضى بصيامه وقيامه، فإن صيام العبد وقيامه لا ينقضي ولا ينقطع.
وقد بين لنا نبينا صلى الله عليه وسلم فضل الصيام بعد رمضان، بل وفي غيره من شهور وأيام العام.

عـــباد اللـــه:
أن الذي يتقي الله حق تقاته يواصل على الطاعة والعبادة ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) ....

والله تعالى لما ذكر صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان .قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴿١﴾ ٱلَّذِينَ هُمْ فِى صَلَاتِهِمْ خَـٰشِعُونَ ﴿٢﴾ وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنِ ٱللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴿٣﴾ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَوٰةِ فَـٰعِلُونَ ﴿٤﴾ وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَـٰفِظُونَ ﴿٥﴾} (سورة المؤمنون)، فهم خاشعون دائما.. معرضون عن اللغو دائماً، ليسوا معرضون في رمضان فقط .. متى ما دار الحول على أموالهم يزكون في رمضان أو في غيره .. يحفظون فروجهم في رمضان وفي غير رمضان. ويقول تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} (الفرقان:63) دائما يكون هكذا مشيهم، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما هكذا هم في العادة.. ويقول أيضاً: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} : هم باستمرار يفعلون ذلك وليس في قيام رمضان فقط.. وهكذا في سائر صفات المؤمنين .

فعبادة الله وطاعته ليست مقصورة على رمضان، بل لا ينقطع مؤمن من صالح العمل إلا بحلول الأجل؛ فإن في استدامة الطاعة وامتداد زمانها نعيمًا للصالحين، وقرة أعين المؤمنين، وتحقيقـًا لأمل المحسنين، يعمرون بها الزمان ويملؤون لحظاته بما تيسر لهم من خصال الإيمان التي يثقل بها الميزان، ويتجمل بها الديوان، وفي الحديث: (خير الناس من طال عمره وحسن عمله) (صحيح، أخرجه أحمد، والترمذي). وفي الحديث المتفق على صحته عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتمنَّين أحدكم الموت؛ إما محسنًا فلعله يزداد، وإما مسيئـًا فلعله يستعتب) (رواه البخاري ومسلم). وفي رواية لمسلم عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يتمن أحدكم الموت ولا يدع به من قبل
2024/09/27 21:31:36
Back to Top
HTML Embed Code: