Telegram Web Link
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❆ الثلاثاء ❆
١٠/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
04/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

 ‌‌‌‌‌‌‌‏"حتى إذا استيأس الرسل وظنوا
أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا"
في لحظات الشدة والكرب والانقطاع
تمر خواطر عاتية لليأس
هذه الخواطر ذاتها
بشائر الفرج القريب...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح البشائر بعد اليأس...@
🎤
محاضرة.قيمة.بعنوان.cc
المــداومـــة عـــلى الطاعـــــات
فضـــائـلـها - ثمـــراتــها - أســـبابــها
للشيخ/ عادل عبدالوهــاب عبدالماجــد
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

بسم الله، والحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعـــد:

فإن العبادةَ والاجتهادَ فيها لا يَنحَصِرانِ في رمضان؛ فإن ربَّ رمضان هو رب سائر الشهور، ويُقال لمن يَترك العبادة ويهجر المساجد بعد رمضان: "مَن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد فات، ومن كان يَعبد الله فإنَّ الله حيٌّ لا يموت"، ورمضانُ ما هو إلا محطة كبرى للتزوُّد بالوقود الإيماني لسائر العام، فبُعدًا لمن يفصل رمضانَ عن سائر العام ويدعو إلى عَلمَنة رمضان؛ (فصل رمضان عن سائر الشهور)، وشعار الجهَّال بعد رمضان قولُ الشاعر:
رمضانُ ولَّى هاتِها يا ساقي
مُشتاقةٌ تَسعى إلى مشتاقِ

فالكون كلُّه محرابٌ للعبادة، ولا علمانيَّةَ في الاسلام، والاستمرار على الأعمال الصالحة له فضائلُ وثِمار ومعينات نذكرها بإيجاز بعون الله.

فضل المداومة على الطاعات:
المداومة على الطاعات لها فضلٌ عظيم وخصائصُ جليلة؛ منها:
1- أنها من صفات المؤمنين الجادين ﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾[المعارج: 23]، قال السعدي رحمه الله: "أي: مُداومون عليها في أوقاتها بشروطها ومكملاتها، وليسوا كمَن لا يَفعلها، أو يَفعلها وقتًا دون وقت، أو يفعلها على وجهٍ ناقص"، فالمداومة على الطاعات - وعلى رأسها الصلاة - من صفات عباد الله الموفَّقين.

2- هي وصية الله عز وجل لخير خلقه وهم الأنبياء صلوات ربِّنا وسلامه عليهم؛ حيث جاء في القرآن قولُ عيسى عليه السلام: ﴿ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ﴾ [مريم: 31]، وقد أمَر الله سيِّد البشر بذلك، فقال له: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]؛ أي: حتى يأتيك الموت، قال ابن كثير: "ويستدل من هذه الآية الكريمة على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبةٌ على الإنسان ما دام عقله ثابتًا، فيصلي بحسب حاله، كما ثبت في صحيح البخاري عن عِمران بن حُصين رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (صَلِّ قائمًا؛ فإن لم تستطع فقاعدًا؛ فإن لم تستطع فعلى جَنْب)، ويستدل بها على تخطئة مَن ذهَب مِن الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة، فمتى وصل أحدُهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم. وهذا كفرٌ وضلالٌ وجهل؛ فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم أعلمَ الناس بالله وأعرفَهم بحقوقه وصِفاته، وما يستحق من التعظيم، وكانوا مع هذا أعبدَ الناس وأكثرَ الناس عبادة ومواظبةً على فعل الخيرات إلى حين الوفاة. وإنما المراد باليقين هاهنا الموت" اهـ.

3- هي أحب الأعمال إلى الله تعالى: عن عائشة أنها قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيرٌ، وكان يُحجِّره بالليل فيصلِّي فيه، ويَبسُطه بالنهار فيجلس عليه، فجعل الناس يَثوبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلُّون بصلاته حتى كَثُروا، فأقبل فقال: (يا أيها الناس، خُذوا من الأعمال ما تطيقون؛ فإن الله لا يَملُّ حتى تملُّوا، وإن أحبَّ الأعمال إلى الله ما دام وإن قل)؛ زاد في رواية عبدالوهَّاب الثَّقفي: "وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عَمِلوا عملاً أثبَتوه"؛ أخرجاه في الصحيحين.

ثمرات المداومة:
1 - زيادة الإيمان: فكل عمل صالح يَزيد الإيمانَ بحسَبِه؛ إن كان صغيرًا أو كبيرًا، قليلاً أو كثيرًا. وكل طاعة تجرُّ إلى غيرها؛ عن عبدالله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصِّدق؛ فإن الصدق يَهدي إلى البر، وإن البرَّ يَهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يَصدُق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صدِّيقًا، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذَّابًا)؛ متفق عليه. ويقول شدَّاد: إذا رأيتَ الرجل في طاعة الله فاعلَم أنَّ عنده أخَواتِها، وإذا رأيتَ الرجل في معصية الله فاعلم أن عنده أخواتِها.

2- البُعد عن الغفلة: وقد ذمَّ الله الغفلة وأهلَها، ونهى عن الاتِّصاف بها؛ فقال: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]، وعن عبدالله بن عمرٍو وأبي هريرة أنهما سَمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد مِنبَرِه: (لينتهيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجمُعات، أو ليَختمَنَّ الله على قلوبهم ولَيَكونُنَّ مِن الغافلين)؛ رواه مسلم، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام بعشر آيات لم يُكتَب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كُتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقَنطرين)؛ رواه أبو داود وصححه الألباني.

فالمداومة على الطاعات وقايةٌ من الغفلة التي تَقود إلى الهلاك والخُسران، والنفس إن لم تَشغ
َلها بالطاعة شغلَتك بالمعصية، وصدَق من قال:
وما المرءُ إلاَّ حيثُ يَجعَلُ نفسَه
ففي صالحِ الأعمال نفسَك فاجعلِ

3- أنها سببٌ لمحبة الله عز وجل؛ حيث يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: (ولا يَزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه)؛ أخرجه البخاريُّ من حديث أبي هريرة.

4- هي سببٌ للنجاة في الشدائد: قال تعالى عن يونس عليه السلام: ﴿ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ﴾ [الصافات: 143 - 145]، والمعنى: لولا ما تقدَّم له من العمل في الرَّخاء؛ كما اختاره ابن جرير.

وقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (يا غلام، إنِّي أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفَظك، احفظ الله تجِدْه تُجاهك، إذا سأَلتَ فاسأَل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يَضرُّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفَّت الصحف)؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية الإمام أحمد: (احفظ الله تجده أَمامك، تعرَّفْ إلى الله في الرَّخاء يَعرِفْك فـي الشدة، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليُصيبك، وما أَصابك لم يكن ليُخطئك، واعلم أَن النصر مع الصبر، وأنَّ الفرَج مع الكرب، وأن مع العسرِ يُسرًا). ولله در القائل:
فاشدُد يدَيك بحَبلِ الله معتصِمًا
فإنه الرُّكن إن خانَتك أركانُ
مَن يتَّقِ اللهَ يُحمَدْ في عَواقبِه
ويَكفِه شرَّ مَن عَزُّوا ومَن هانوا

5 - ثبات الأجر عند العجز: فقد روى البخاريُّ عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مَرض العبدُ أو سافر كُتِب له ما كان يَعمل مُقيمًا صحيحًا)؛ قال ابن حجَر: هذا في حقِّ مَن كان يَعمل طاعةً فمُنِع مِنها، وكانت نيَّتُه لولا المانعُ أن يَدوم عليها. اهـ.

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن امرِئٍ تَكون له صلاةٌ بلَيل، فغَلَبَه عليها نوم، إلا كَتب الله له أجرَ صلاته، وكان نومه صدقةً عليه)؛ رواه أبو داود والنَّسائي وصححه الألباني.

6 - أنها سببٌ لمحوِ الذنوب: فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلاً أصاب مِن امرأةٍ قُبلةً، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرَه، فأنزل الله تعالى: ﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، فقال الرجل: ألي هذا؟ قال: (لجميع أمَّتي كلهم)؛ متفقٌ عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الصَّلَوات الخمس، والجمعةُ إلى الجمعة، كفَّارةٌ لما بينهن، ما لم تُغشَ الكبائر)؛ رواه مسلم.

7- هيسببٌ لحسن الخاتمة: وهي أمنيَّة الجميع، والأعمال بالخواتيم، ومَن شبَّ على شيء شاب عليه، ومن شاب على شيء مات عليه، لكن متى وأين وكيف تكون هذه الخاتمة؟ هذا هو الجانب المخيف؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

والمداومة على الطَّاعة تَقود إلى حسن الخاتمة؛ لأن مَن مات على شيء بُعث عليه، ومَن داوم على الطاعة اطمأنَّ إليها؛ كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وهؤلاء هم أصحاب النُّفوس المطمئنَّة التي تُنادى عند الموت: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].

والنهاية لا بد آتية، والعاقل الحريص يَعمل مِن أجل تحسينها وتأمينها؛ قال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].

﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ ﴾ [آل عمران: 185]؛ أي: أُبعِد بجهد ومشقَّة، فالأمر يحتاج إلى اجتهادٍ ومجاهَدة، ومُصابَرة ومرابَطة. وصدق الشاعر حين قال:
تزوَّدْ للذي لا بدَّ مِنهُ
فإن الموتَ ميقاتُ العبادِ
وتُبْ مما جنَيتَ وأنتَ حيٌّ
وكُن مُتَنبِّهًا قبلَ الرُّقادِ
ستَندمُ إن رحَلتَ بغيرِ زادٍ
وتَشقى إذ يُناديك المنادِي
أتَرضى أن تَكون رفيقَ قومٍ
لهم زادٌ وأنت بغيرِ زادِ؟

8 - أنها سبب لدخول الجنة: قال تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدّ
َتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 133 - 136].

أسباب المداومة على الطاعات:
هناك مُعينات وأسبابٌ تُعين على المداومة على الطاعات؛ منها:
1 - معرفة ثَمراتها: فمعرفة ثمرات الشيء والإحاطةُ بفوائده تُعين على الثبات عليه والتمسُّك به؛ كما قال الخَضِر لموسى عليهما السلام: ﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ﴾ [الكهف: 68]، قال السِّعدي: "أي: كيف تَصبر على أمرٍ ما أحَطتَ بباطنِه وظاهره، ولا علمتَ المقصودَ منه ومآلَه؟!".

2 - الخوف من سوء الخاتمة: قال تعالى: ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 10، 11].

قال ابن رجب رحمه الله كما في "جامع العلوم والحكم" (صـ50):
"وفي الجملة: فالخواتيم ميراثُ السوابق، فكل ذلك سبق في الكتابِ السابق، ومن هنا كان يَشتدُّ خوف السلف من سوء الخاتمة، ومنهم مَن كان يَقلقُ من ذِكر السوابق، وقد قيل: إن قلوب الأبرار معلَّقة بالخواتيم؛ يقولون: بماذا يُخْتم لنا؟ وقلوب المقرَّبين معلقة بالسوابق، يقولون: ماذا سبَق لنا؟

وكان سفيانُ الثوري رحمه الله يشتدُّ قلقُه من السوابق والخواتم، فكان يبكي ويقول: أخاف أن أكون في أمِّ الكتاب شقيًّا، ويَبكي ويقول: أخاف أن أُسلَب الإيمان عند الموت، وكان مالك بن دينار رحمه الله يقوم طولَ لَيلِه قابضًا على لحيته، ويقول: يا رب، قد علمتَ ساكنَ الجنة من ساكنِ النار، ففي أي الدارين منزلُ مالك؟"؛ اهـ باختصار.

وقال سهلٌ التُّستَري رحمه الله: خوفُ الصدِّيقين من سوء الخاتمة عند كلِّ خطرة، وعند كل حركة، وهم الذين وَصفَهم الله تعالى؛ إذ قال: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 60]؛ (إحياء علوم الدين: 3 /272).

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوَّذ بعد التشهُّد الأخير في الصلاة من أربعٍ، فيقول: (اللهم إني أعوذُ بك من عذاب النار، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وشرِّ فتنة المسيح الدجال)؛ رواه البخاريُّ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفتنةُ المَحيا: هي التي يتَعرَّض لها العبدُ في هذه الحياة الدنيا، وهي فتنة متنوِّعة، وفتنة الممات: هي الفتنة التي تَنزل بالمرء عند السَّكَرات والكُرُبات، والإقبال على ربِّ الأرض والسموات، نسأل الله الثبات عند الممات.

3 - البيئة الصالحة: فالإنسان ابن بيئتِه كما قيل، ولقد وصَّى الله رسولَه صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]؛ قال السعديُّ رحمه الله: "يأمر تعالى نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم - وغيرُه أُسوتُه في الأوامر والنواهي - أن يَصبِر نفسه مع المؤمنين العباد المنيبين ﴿ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ﴾ [الكهف: 28]؛ أي: أولَ النهار وآخِرَه يريدون بذلك وجهَ الله، فوصفَهم بالعبادة والإخلاص فيها، ففيها الأمرُ بصحبة الأخيار، ومجاهدةُ النفس على صحبتهم، ومخالطتهم وإن كانوا فقراء؛ فإن في صحبتهم من الفوائد ما لا يُحصى.

﴿ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾ [الكهف: 28]؛ أي: لا تُجاوزهم ببصرك، وترفع عنهم نظرك؛ ﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 28] ؛ فإن هذا ضارٌّ غير نافع، وقاطعٌ عن المصالح الدينية؛ فإن ذلك يوجب تعلُّق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها، وتَزول من القلب الرغبةُ في الآخرة؛ فإن زينة الدنيا تَروق للناظر، وتسحر العقل، فيغفل القلب عن ذِكر الله، ويُقبل على اللذَّات والشهوات، فيضيع وقته، ويَنفرط أمره، فيخسَر الخسارة الأبدية، والندامة السَّرمدية.

ولهذا قال: ﴿ وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا ﴾ [الكهف: 28] غَفل عن الله، فعاقبه بأن أغفلَه عن ذكره، ﴿ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ ﴾ [الكهف: 28]؛ أي: صار تبع
ًا لهواه؛ حيث ما اشتهَت نفسُه فعَلَه، وسعى في إدراكه، ولو كان فيه هلاكُه وخُسرانه، فهو قد اتخذ إلهه هواه، كما قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ [الجاثية: 23]؛ الآية.

﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ ﴾ [الكهف: 28]؛ أي: مصالح دينه ودنياه ﴿ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]؛ أي: ضائعة معطَّلة. فهذا قد نهى الله عن طاعته؛ لأن طاعته تدعو إلى الاقتداء به، ولأنه لا يدعو إلا لما هو متَّصف به، ودلت الآية على أن الذي ينبغي أن يُطاعَ ويكونَ إمامًا للناس - مَن امتلأ قلبه بمحبة الله، وفاض ذلك على لسانه، فلهج بذكر الله، واتبع مَراضيَ ربِّه، فقدَّمها على هواه، فحفظ بذلك ما حفظ من وقته، وصَلحت أحواله، واستقامت أفعاله، ودعا الناس إلى ما منَّ الله به عليه، فحقيقٌ بذلك أن يُتَّبع ويُجعل إمامًا، والصبر المذكور في هذه الآية هو الصبر على طاعة الله، الذي هو أعلى أنواع الصبر، وبتمامه تتمُّ باقي الأقسام.

وفي الآية استحبابُ الذكر والدعاء والعبادة طرَفَي النهار؛ لأن الله مدَحهم بفعله، وكلُّ فعل مدح الله فاعلَه دلَّ ذلك على أن الله يحبه، وإذا كان يحبه فإنه يأمر به، ويُرغِّب فيه"؛ اهـ.

4 - الاقتصاد في العبادة: والمعنى عدمُ الإثقال على النفس بأعمال تؤدِّي إلى المشقَّة المفضِيَة إلى السَّآمة والملل من العبادة وتركِها، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: أي الأعمال أحبُّ إلى الله؟ قال: (أدوَمُها وإن قلَّ). وقال: (اكْلَفوا من الأعمال ما تُطيقون).

5 - الدعاء: فقد أثنى الله تعالى على الراسخين في العلم بأنهم يقولون: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألُك موجباتِ رحمتك، وعزائمَ مغفرتك، والسلامةَ من كل إثمٍ، والغنيمةَ من كل بِرٍّ، والفوزَ بالجنة، والنجاة من النار)؛ رواه الحاكم أبو عبدالله، وقال: حديثٌ صحيح على شرط مسلم.

وعن معاذِ بن جبل رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (أوصيك يا معاذ: لا تدَعنَّ دُبرَ كل صلاة أن تقول: اللهم أعنِّي على ذِكرك وشُكرك وحسن عبادتك)؛ رواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي بسند قوي.

نسأل الله أن يجعلنا من المداومين على الطاعات، وأن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

========================
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❃ الاربعاء ❃
١١/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
05/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

 ‌‌‌‌‌‌‌‌‏"هآؤم اقرءوا كتابيه"
تلك هي اللحظة المناسبة
للكشف عن كل منجزاتك وأعمالك
وطاعاتك وصدقاتك..
فحاول إخفاء "أعمالك الصالحة"
   حتى يحين ذلك الوقت
...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح الاخلاص...@
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
تزكيـــة النفــوس المـــؤمنة
بأســباب حـــســـن الخــــــاتمـــة
للشيـــخ/ السيـــد مـــراد ســـلامة
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

عناصر الخطبة:
العنصر الأول: تعريف حسن الخاتمة.
العنصر الثاني: علامات حسن الخاتمة.
العنصر الثالث: أسباب حسن الخاتمة.
العنصر الرابع: نماذج لبعض الناس خُتمت لهم بخاتمة السَّعادة.

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله.

وبعـــد:
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، وقال يوسف - عليه السلام -: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].

وقال سبحانه: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]، هذه الآيات وغيرها يوصي الرؤوف الرحيم عباده بالثبات على الدين والموت على الإسلام، لأنه من حصل له ذلك فاز الفوز العظيم الذي لا فوز أكبر منه، وسعد السعادة التي لا شقاوة معها، فإن من علامات سعادة العبد حسن خاتمته، ولا أحسن، ولا أفضل من أن يموت العبد مؤمنًا بربه، راضيًا بدينه، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الأعمال بخواتيمها"

العنصر الأول: تعريف حسن الخاتمة:
حسن الخاتمة هو: أن يوفق العبد قبل موته للتقاصي عما يغضب الرب سبحانه، والتوبة من الذنوب والمعاصي، والإقبال على الطاعات وأعمال الخير، ثم يكون موته بعد ذلك على هذه الحال الحسنة، ومما يدل على هذا المعنى ما صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بعبده خيراً استعمله) قالوا: كيف يستعمله؟ قال: (يوفقه لعمل صالح قبل موته) رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الحاكم في المستدرك.

ولحسن الخاتمة علامات، منها ما يعرفه العبد المحتضر عند احتضاره، ومنها ما يظهر للناس.

أما العلامة التي يظهر بها للعبد حسن خاتمته فهي ما يبشر به عند موته من رضا الله تعالى واستحقاق كرامته تفضلا منه تعالى، كما قال جل وعلا: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]، وهذه البشارة تكون للمؤمنين عند احتضارهم، وفي قبورهم، وعند بعثهم من قبورهم.

ومما يدل على هذا أيضا ما رواه البخاري ومسلم في (صحيحيهما) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه) فقلت: يا نبي الله! أكراهية الموت، فكلنا نكره الموت؟ فقال: (ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه).

وفي معنى هذا الحديث قال الإمام أبو عبيد القاسم ابن سلام: (ليس وجهه عندي كراهة الموت وشدته، لأن هذا لا يكاد يخلو عنه أحد، ولكن المذموم من ذلك إيثار الدنيا والركون إليها، وكراهية أن يصير إلى الله والدار الآخرة)، وقال: (ومما يبين ذلك أن الله تعالى عاب قوما بحب الحياة فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا ﴾ [يونس: 7].

وقال الخطابي: (معنى محبة العبد للقاء الله إيثاره الآخرة على الدنيا، فلا يحب استمرار الإقامة فيها، بل يستعد للارتحال عنها، والكراهية بضد ذلك)

وقال الإمام النووي رحمه الله: (معنى الحديث أن المحبة والكراهية التي تعتبر شرعا هي التي تقع عند النزع في الحالة التي لا تقبل فيها التوبة، حيث ينكشف الحال للمحتضر، ويظهر له ما هو صائر إليه)

العنصر الثاني علامات حسن الخاتمة:
أما عن علامات حسن الخاتمة فهي كثيرة، وقد تتبعها العلماء رحمهم الله باستقراء النصوص الواردة في ذلك، ونحن نورد هنا بعضا منها، فمن ذلك:
1- النطق بالشهادة عند الموت:
ودليله ما رواه الحاكم وغيره أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة)

كان حبيب العجمي يبكي ويقول: من ختم له بلا إله إلا الله دخل الجنة، ثم يبكي ويقول: ومن لي بأن يختم لي بلا إله إلا الله.

قصة: رجل عاش أربعين سنة يؤذن للصلاة لا يبتغي إلا وجه الله، وقبل الموت مرض مرضاً شديداً فأقعده في الفراش وأفقده النطق، فعجز عن الذهاب إلى المسجد، فلما اشتد عليه المرض بكى ورأى المحيطون به على وجهه أمارات الضيق وكأنه يخاطب نفسه قائلاً: يا رب أؤذن لك أربعين
سنة وأنت تعلم أني ما ابتغيت الأجر إلا منك، وأحرم من الأذان في آخر لحظات حياتي، ثم تتغير ملامح هذا الوجه إلى البشر والسرور ويقسم أبناؤه أنه لما حان وقت الأذان وقف على فراشه واتجه إلى القبلة ورفع الأذان في غرفته، وما إن وصل إلى آخر كلمات الأذان: لا إله إلا الله خر ساقطاً على الفراش، فأسرع إليه بنوه فوجدوه قد مات.

2- الموت برشح الجبين
أي: أن يكون على جبينه عرق عند الموت، لما رواه بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (موت المؤمن بعرق الجبين) رواه أحمد والترمذي.

قصة: وأخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول والحاكم عن سلمان الفارسي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أرقبوا الميت عند موته ثلاثًا».

إن رشحت جبينه وذرفت عيناه وانتشرت منخراه فهي رحمة من الله قد نزلت به.
وإن غط غطيط البكر المخنوق وخمد لونه وأزبد شدقاه فهو عذاب من الله قد حل به.

وأخرج سعيد بن منصور في سننه والمروزى في الجنائز عن ابن مسعود قال إن المؤمن يبقى عليه خطايا يجازي بها عند الموت فيعرق لذلك جبينه.

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علقمة بن قيس أنه حضر ابن عمٍ له وقد حضرته الوفاة فمسح جبينه فإذا هو يرشح.

فقال الله أكبر حدثني ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «موت المؤمن يرشح الجبين وما من مؤمن إلا له ذنوب يكافأ بها في الدنيا ويبقى عليه بقية يشدد بها عليه عند الموت».

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن علقمة أنه حضر ابن أخ له لما حضر (أي حضره الموت) فجعل يعرق جبينه فضحك فقيل له ما يضحكك..

قال سمعت ابن مسعود يقول: إن نفس المؤمن تخرج رشحًا وإن نفس الكافر أو الفاجر تخرج من شدقة كما تخرج نفس الحمار.

وإن المؤمن ليكون قد عمل السيئة فيشدد عليه عند الموت ليكفر بها وإن الكافر أو الفاجر ليكون قد عمل الحسنة فيهون عليه عند الموت.

وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي عن سفيان قال: كانوا يستحبون العرق للميت قال بعض العلماء إنما يعرق جبينه حياءً من ربه لما اقترف من مخالفته لأن ما سبق منه قد مات.

3- الموت ليلة الجمعة أو نهارها
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر).

4- الاستشهاد في ساحة القتال في سبيل الله، أو موته غازياً في سبيل الله، أو موته بمرض الطاعون أو بداء البطن كالاستسقاء ونحوه، أو موته غرقاً.

ودليل ما تقدم ما رواه مسلم في صحيحه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد، قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل قالوا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد).

سمعت طلحة بن خراش قال: سمعت جابرا يقول:
لقيني النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي:
(يا جابر! مالي أراك منكسرا)؟ فقلت: يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالا ودينا فقال:
(ألا أبشرك بما لقي الله به أباك)؟ قلت: بلى يا رسول الله قال:
(ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب وإن الله أحيا أباك فكلمه كفاحا فقال: يا عبدي! تمن أعطك قال: تحييني فأقتل قتلة [ص:135] ثانية قال الله: إني قضيت أنهم لا يرجعون) ونزلت هذه الآية: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169].

5- الموت بسبب الهدم
لما رواه البخاري ومسلم عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله).

6- ومن علامات حسن الخاتمة، وهو خاص بالنساء: موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها أو هي حامل به
ومن أدلة ذلك ما رواه الإمام أحمد وغيره بسند صحيح عن عبادة بن الصامت أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبر عن الشهداء، فذكر منهم: (والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة، يجرها ولدها بسرره إلى الجنة) يعني بحبل المشيمة الذي يقطع عنه.

7- الموت بالحرق وذات الجنب
ومن أدلته أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد أصنافاً من الشهداء فذكر منهم الحريق، وصاحب ذات الجنب: وهي ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع.

8- الموت بداء السل:
حيث أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه شهادة.

9- ومنها أيضاً ما دل عليه ما رواه أبو داود والنسائي وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل دون ما له فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد).

10- الموت رباطا في سبيل الله:
لما رواه مسلم عنه صلى الله عليه وسلم قال: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان). ومن أسعد الناس بهذا الحديث رجال الأمن وحرس الحدود براً وبحراً وجواً على اختلاف مواقعهم إذا احتسبوا الأجر في ذلك.

11- الموت على عمل صالح:
لقول
ه صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة، ومن تصدق بصدقة ختم له بها دخل الجنة) رواه الإمام أحمد وغيره.

فهذه نحو من عشرين علامة على حسن الخاتمة علمت باستقراء النصوص، وقد نبه إليها العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في كتابه القيم (أحكام الجنائز).

العنصر الثالث: أسباب حسن الخاتمة:
1-الاستقامة: في الاستقامة لِحَاقٌ برَكْبِ الأنبياء و المرسلين و الصديقين و الشهداء و الصالحين، قال تعالى:
﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء:69].

وقد بيَّن المولى سبحانه أن اللحاق بركب المستقيمين والظفر بصحبتهم هي أمنية الأنبياء والمرسلين؛ فذَكَرَ من دعاء سليمان عليه السلام:
﴿ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل:19].

وحكَىَ عن يوسف عليه السلام ابتهاله إلى ربه بقوله:
﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف:101].

قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]

محمد بن المُنكدر رحمه الله:
يقول صفوان بن سليم رحمه الله: "أتيتُ محمدَ بنَ المنكدر وهو في الموت فقلت: يا أبا عبدالله، كأني أراك قد شَقَّ عليك الموت، فما زال يُهوِّن عليه الأمرَ، ويَنجلي عن محمد، حتى لَكان وجهُه المصابيحَ، ثم قال محمدُ بن المنكدر لصفوان: لو تَرى ما أنا فيه لَقرَّت عينُك، ثم مات"؛ (الثبات عند الممات: ص141).

آدم بن أبي إياس العسقلاني رحمه الله:
قال أبو علي المقدسي: "لما حضرت آدمَ بنَ إياس الوفاةُ، خَتم القرآنَ، وهو مُسجًّى، ثم قال: بحُبِّي لك، إلا رَفقت بي في هذا المصرع، كنتُ أُؤمِّلُك لهذا اليوم، كنتُ أرجوك، ثم قال: لا إله إلا الله، ثم قضى"؛ (الثبات عند الممات: ص159).

2-حسن الظن بالله: مفهوم حسن الظن بالله تعالى: هو ظنّ ما يليق بالله تعالى واعتقاد ما يحق بجلاله وما تفتضيه أسماؤه الحسنى وصفاته العليا مما يؤثر في حياة المؤمن على الوجه الذي يرضي الله تعالى. قال علي بن طالب رضي الله عنه: حسن الظنّ بالله ألا ترجو إلا الله، ولا تخاف إلا ذنبك.

عن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( يقول الله تعالى أن عند حسن ظن عبدي بي )) رواه البخاري ومسلم.

عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت، فقال: «كيف تجدك؟»، قال: والله يا رسول الله، إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف».

ودخل واثِلَةُ بن الأسْقَع على أبي الأسود الجُرَشي في مرضه الذي مات فيه، فسلم عليه وجلس. فأخذ أبو الأسود يمين واثلة، فمسح بها على عينيه ووجهه، فقال له واثلة: واحدةٌ أسألك عنها.

قال: وما هي؟
قال: كيف ظنك بربك؟
فأومأ أبو الأسود برأسه، أي حسن.

فقال واثلة: أبشر؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء» رواه أحمد.

3-التقوى: و التقوى عباد الله هي سفينة النجاة التي من ركبها نجا و من تخلف عنها هلك في أمواج﴿ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر: 61] الفتن قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4].

أبو بكر بن أبي مريم رحمه الله:
يقول يَزيد بنُ عبدربه رحمه الله: "عُدت أبا بكر بن أبي مريم وهو في النَّزع، فقلت له: رحمك الله، لو جَرعت جرعة ماء؟ فقال بيده: لا، وكان صائمًا، ثم جاء اللَّيل، فقال: أُذِّنَ؟ فقلت: نعم، فقطرنا في فمِه قَطرةَ ماءٍ ثم مات"؛ (الثبات عند الممات: ص152).

4-الصدق: والصدق مفتاح الهداية طريق البر فمن صدق الله تعالى في نياته و في أحواله صدقه الله تعالى بالسلامة و حسن الخاتمة قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]

عن شداد بن الهادِ رضي الله عنه، أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه، ثم قال: " أهاجر معك، فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، فلما كانت غزوة غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيًا فقسَّم، وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسم قسمه ل
ك النبي صلى الله عليه وسلم.

فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال: قسمته لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أُرمى هاهنا - وأشار إلى حلقه - بسهمٍ فأموت فأدخل الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم: " إن تصدق الله يصدقك ".

فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو، فأُتي به النبي صلى الله عليه وسلم يُحملُ قد أصاب السهم حيث أشار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أهو هو؟ قالوا: نعم، قال: صدق الله فصدقه ". ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: " اللهم هذا عبدك، خرج مهاجرًا، فقُتل شهيدًا، أنا شهيد على ذلك ".

5-التوبة: التوبة هي بداية الطريق ووسطه و نهايته هي عنوان السعادة و منشور الولاية من منحها كان من المفلحين الفائزين قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8].

وقد قص النبي صلى الله عليه وسلم قصة رجل أسرف على نفسه ثم تاب وأناب فقبل الله توبته، والقصة رواها الإمام مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسا، فهل له من توبة، فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة، فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط، فأتاهم ملَكٌ في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة. قال قتادة: فقال الحسن: ذُكِرَ لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره ).أخرجه أحمد و مسلم.

6-الدعاء: و الدعاء هو سلاح المؤمن و المجاهد لا يدع سلاحه حتى تنتهي المعركة و معركتي و معركتك مع الشيطان و لا تنتهي بالظفر و الانتصار حتى يختم للعبد بخاتمة السعادة لذا فالمؤمن لا يفتر لسانه بالدعاء فها هو حبيبك صلى الله عليه وسلم كان لا يفتُر لسانه عن هذا الدعاء: ((يا مُقلِّب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك))؛ (الترمذي عن أنس - رضي الله عنه - وصححه الألباني في صحيح الجامع: 7987).

وها هو الحق -جل وعلا -: يُعلِّمنا ويحثنا على أن ندعو بهذا الدعاء العظيم:
﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].
وكان من دعاء الصالحين أن يتوفَّاهم اللهُ تعالى على الإيمان، وأن يُكفِّر عنهم السيِّئات، وأن يتوفاهم مع الأبرار، وفي ذلك يقول عنهم الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران: 193].

وقد كان مَطلب يوسفَ الصِّدِّيق عليه السلام: حين دعا ربَّه عند انقضاء أجلِه وذَهاب عمُره أن يُميتَه على الإسلام، ويَحشرَه في زُمرة الصالحين، كما قال ربُّ العالمين عنه: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101].

فاعلم أخي الحبيب. أنه لا ملجأ من الله إلا إليه؛ فعليك أن تلجأَ إليه في كل وقتٍ وحِينٍ ودائمًا وأبدًا، وأدعو الله أن يرزقَك حسنَ الخاتمة، وأن يُكرمك بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الجَنَّة، وألا يحرمك من نعمة النَّظر إلى وجهه الكريم -عز وجل.

العنصر الرابع: نماذج لبعض الناس خُتمت لهم بخاتمة السَّعادة:
وأخيرا نقف مع صور من حسن الخاتمة نسأل الله تعالى أن يحسن ختامنا

مجاهد بن جَبر رحمه الله يموت وهو ساجدٌ:
يقول الفَضل بنُ دُكَين رحمه الله: "مات مجاهدٌ وهو ساجدٌ"؛ (الثبات ع
ند الممات: ص123).

عبد الله بن المبارك رحمه الله:
قيل: إن عبدالله بنَ المُبارك لما حضرته الوفاةُ فتح عينيه، وضحِك، وقال: ﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ﴾ [الصافات: 61].

وهذا حدث أيضًا مع شيخ القُرَّاء أبي بكر النَّقاش، وأبي بكر النَّيسابُوري، ورِبعي بن حِراش العبسي.

العلاء بن زياد العدوي رحمه الله:
يقول زُهير بن أبي عطيَّة: "لما احتضر العلاءُ بن زياد العدوي، بكى، فقيل له: ما يُبكيكَ؟ قال: كنتُ - واللهِ - أحِبُّ أن أستقبل الموتَ بالتوبة، فقيل له: فافعل رحمك الله، قال: فدعا بطَهور، فتطهَّر، ثم دعا بثَوبٍ له جديدٍ، فلبِسَه، ثم استقبل القبلةَ، فأومأ برأسِه مرَّتين.. أو نحو ذلك، ثم اضجع، فمات"؛ (المحتضرين لابن أبي الدنيا: ص126).

إبراهيم بن عبدالواحد المقدسي رحمه الله:
"حُكِي عنه أنه لما جاءه الموتُ، جعل يقول: يا حيُّ يا قيُّوم، برحمتك أستغيث! واستقبل القبلةَ، وتشهَّد"؛ (سير أعلام النبلاء: 22/51).

في "صفة الصَّفوة": عن عبدالعزيز بن أبي رواد قال:
"دخل قومٌ حُجَّاجٌ ومعهم امرأة تقول: أين بيتُ ربي.. أين بيت ربي؟ فيقولون: الساعة تَرَينه، فلما رأوه قالوا: هذا بيتُ ربِّك، أما ترينه؟ فخرجت تشتد وتقول: "بيت ربي.. بيت ربي"، حتى وضعت جبهتها على البيت، فوالله ما رُفِعَت إلا ميتة.

وقال الشيخ القحطاني في "تذكرة الإخوان":
"حدَّثَنى صاحبٌ لنا أنه مات رجل من قريتِهم، وكان مُؤذِّنًا للقرية ولا يأخذ على ذلك أجرًا، وكانت له مزرعة، لا يمنع أحدًا الأكلَ منها، لا من إنسان، ولا من حيوان، وكان كثيرَ الصَّدَقة، فمرِض قبل موته لمدة أربعة أيام، وعند احتضاره اجتمعنا، وكان لا يكلمنا، وكان يردد: "أستغفر الله، لا إله إلا الله"، وفجأة رفع يده في الهواء، كأنه يصافح أحدًا، وهو يقول: أهلاً بصديقي وحبيبي، ثم مات.

وقال أيضًا: "إنه أنزل رجلاً في قبره في ليلة ظلماء، شديدة الظُّلمة، وكان الجوُّ غائمًا، وكان هذا الرجل من الدعاة، وقد مات ليلة الجمُعة، وصلَّى عليه الشيخ ابنُ باز، ثم ذهبنا للمقبرة، وطلبنا من أحد الإخوة أن يأتينا بسراج أو كشَّاف لكي ننير القبر، ولكنه أبطأ علينا، فأخذت أعسُّ اللحد بيدي، فقلت للإخوة: أعطوني الميت، فلمَّا سللته من جهة الرِّجلَين، ووضعته في قبره، وفككت تلك الأربطة، وإذا بالأنوار خرجت من ذلك القبر، وأنارت القبر، ورآه كلُّ مَن كان معي، وكانت رائحة المسك تخرج من ذلك القبر.

مات وهو على هيئة الصلاة:
وهذه قصة رجلٌ يُدعى "ناصرًا"، وكان رجلاً صالحًا يَعمل نجَّارًا في الرياض، وكان كلما حان وقت سُنَّة الضحى، أغلق دكَّانه، وانطلق إلى المسجد المجاور للدُّكان، ثم توضأ وصلَّى سُنَّة الضُّحى، فبعد أن يَنتهي من صلاته: يَعود فيفتح دكانه، ثم يَعمل فيه، وفي يوم مِن الأيام أغلق دكانه كعادته، ودخل المسجد ليُصلِّي الضحى فتوضأ، ثم كبَّر وصلَّى، وما أن انتهى من الرَّكعة الأولى، وشرع في الركعة الثانية، فوضع يده اليمنى على اليسرى على الصدر، ثم مات وهو يُناجي ربه، مات وهو يُصلِّي، وما علموا بموته إلا عندما دخل المؤذن ليُؤذِّن لصلاة الظهر، فحملوه إلى بيته، وقاموا بتغسيله، فكلما أعادوا يده إلى جنبه، أعادها مرَّة أخرى إلى صدره، فكفَّنوه ويده موضوعة على صدره، كهيئتها في الصلاة، وسيُبعث هكذا إن شاء الله، فمَن مات على شيء، بُعِث عليه.

ماتت وهي ساجدة:
"وهذه قصة امرأة عَجوز، بلغت الثَّمانين من عُمُرها في مدينة الرِّياض، وكلَّما جلست مع النِّساء، رأت أن المجلس لا يُصرف إلا في القِيل والقال، وفي إضاعة الأوقات، فاعتزلت هذه المجالس، وجلست في بيتها تذكر اللهَ تعالى آناء الليل وأطراف النَّهار، وجعلت تصوم النهار، وتقوم اللَّيل، وكان لها ولدٌ بارٌّ بها، وفي ليلة من الليالي قامت لتُصلِّي، يقول ابنها: وفي آخر الليل إذا بها تنادي عليَّ، قال: فتقدَّمْتُ وذهَبْتُ إليها، فإذا هي ساجِدة - على هيئة السُّجود - وتقول: يا بُنيَّ، ما يتحرك فيَّ الآن سوى لساني، قال: إذًا أذهب بكِ إلى المستشفى، قالت: لا، وإنما أقعدني هنا، قال: لا والله، لأذهبنَّ بكِ إلى المستشفى، وقد كان هذا الابن حريصًا على برِّها، فأخذها وذهب بها إلى المستشفى، وتجمَّع الأطباء واحتاروا في أمرها، ولم يَعرفوا السَّبب الذي جعل جسدها يتيبَّس على هيئة السجود، ولما عجزوا قالت لابنها: أسألك اللهَ أن تردَّني على سجادتي في بيتي، فأخذها وذهب بها إلى البيت، ثم وضَّأها وأعادها على سجادتها، فقامت تُصلِّي، يقول: وقبل الفجر بوقتٍ ليس بطويل، وإذا بها تُناديني، وتقول: يا بُنيَّ، أستودعك اللهَ الذي لا تَضيع ودائعُه، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، لتصعد رُوحها إلى بارئها - جل وعلا - وهي ساجدة، فغسَّلُوها وهي ساجدة، وكفَّنُوها وهي ساجدة، وحملوها إلى الصلاة عليها وهي ساجدة، وحملوها بنعشها إلى القبر وهي ساجدة، ودُفنت وهي ساجدة، وستبعث إن شاء الله وهي ساجدة؛ فمَن مات على شيء بُعِثَ عليه؛ (ا.هـ. بتصرف م
ن محاضرة للشيخ علي القرني بعنوان "كلنا ذوو خطأ").
=========================
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❅ لخميس ❅
١٢/ شــــ➓ــوال/ ١٤٣٨هـ
06/ يـولـيــ⑦ــو/ 2017مـ
❂:::ــــــــــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂

 ‌‌‌‌‌‌‌‌‏﴿ ولا تَيأَسوا من رَوحِ اللّه﴾
فإن الرجاء يوجب للعبد السعي
والاجتهاد فيما رجاه
واليأس يوجب له التثاقل والتباطؤ..
فاترك اليأس واجعل رجائك في الله كبير..
...♡
‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‏
صبــــاح الرجاء...@
*إشراقة الصبااح*
‏قال تعالى
‏﴿ وأشرقت الأرض بنوُر ربها ﴾
‏سبحان من تنفس الصبح بأمره
‏اللهم بك أصبحنا وعليك توكلنا
وإليك المصير 🕊💕.
*يسعد صباحكم*
☆ *أذكار الصباح*☆
*أذكآر الصبآح | نور لِقلبك*

تلاوة مميزة جدًا...
بصوت القارئ : وديع اليمني ⇩
http://t.co/zXW1Q3omt2
☀️☀️
*إشراقة*
" الابتسامة أقل كلفة من الكهرباء ..
وأكثر إشراقاً منها"

🔹 *همسة محب*🔹
‏لم ييأس زكريا، بالرغم من دواعي اليأس: وهن عظمه، واشتعل رأسه شيبًا، وكانت امرأته عاقرًا..لكنه ظل يحسن الظن بربه
﴿ ولم أكن بدعائك ربّ شقيا ﴾

📍 *ومضة*
‏تذكر أن اليوم ..هو الغد .الذي كنت قلقاً عليه بالامس. لا تقلق فالقلق لا يمنع ألم الغد لكنه بالتأكيد يسرق متعة اليوم

*الضحى*
سنةٌ بعد إشراق، وَصدقةٌ دونَ إنفاق، حصادٌ لحسناتٍ لا تُعدّ.🌿
(نعلم ولانعمل) ‏نعلم أن ركعتي الضحى تجزئ عن 360 صدقة ( وتمر علينا
الأيام تلو الأيام ولا نصليها )

》 *وختاااما*《
‏يارب إن في قلب كل انسان منا حلم
يظن أنه لو تحققّ لأشرقت حياته فرحًا.
اللهمّ إن وافق حلمنا خيرًا فحققه لنا،
وإن وافق شرًا فاصرفه عنّا💛
ﮩ•┈••✾•◆❀◆•✾••┈•ﮩ
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
انــطلـــقـــت الـــشـــــياطـــين
فــكانت صــلاة الفجــر اول الضحايا
للــشيـــــخ/ مــحــــمـــــد الــجـــــــــرافـــــي
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
عـــباد الله - امـــا بعـــد :
اعلموا جيدا ان الله جل جلاله قد اختص شهر رمضان بخاصية فريدة منفردة لا ينازعه فيها غيره من الزمان
ألا وهي تصفيد وتقييد الشياطين وليس لذلك معنى الا انك ستعبد الله في سلام وامان طيلة شهر كامل وكما قالوا: تأتي الغصة بعد الفرحة وجاءت الغصة وهى فك قيود الشيطان ليبدأ معنا معركة جديدة بعد وحشة منه لنا دامت شهرا كاملا انطلق الشيطان وبدأت المعركة وبعث اللعين جنوده وأعوانه في كل مكان ليفسدوا على أهل الايمان عقيدتهم ويضيعوا عليهم ثواب عبادتهم وكأن الشيطان يمتثل امتثالا عمليا لقول الله جل وعلا:
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ أي انتهى امر الصيام
إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ بتقيدي وتصفيدي في رمضان
وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ

انطلق الشيطان وبدأ يؤز ويهيج ويحرض على معصية الله أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا - أي تسلطهم وتحرضهم على المعاصي
وانظروا الي طريقته في الهجوم – ويا لبجاحته حينما يفصح عن خطته في الهجوم علينا يقول سبحانه علي لسان عدو الله (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)هجوم مكثف من جميع الجهات من الامام ومن الخلف وعن اليمين وعن الشمال محاصرة كاملة - طوق حولك
وانظروا إلى خلاصة تفسير العلماء في معاني هؤلاء الجهات الاربع
ثمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ : اي من قبل دنياهم أرغبهم فيها وأزينها لهم وأشهيها لهم
وَمِنْ خَلْفِهِمْ اي من قبل الاخرة اشككهم فيها ليكذبو ا بالبعث والجنة والنار

وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ قال بن عباس أشبه عليهم امر دينهم وقيل : من قبل الحسنات أثبطهم عن فعلها
وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ أي من قبل السيئات يأمرهم بها ويحثهم عليها ويزين لهم المعاصي
وصح عن بن عباس رضي الله عنه - انه قال ولم يقل " ثم لآتينهم - من فوقهم " لأنه علم ان الله من فوقهم - والرحمة تنزل من الله فعلم تمام العلم انه ( اي ابليس)- لم يستطع ان يحول بينك وبين رحمة الله عز و جل

فبالله عليكم يا مسلمون أيحق لنا ان نطيع الشيطان بعد ذلك ؟؟- بعدما علمنا عداوته لنا

لكن للاسف الشديد الشيطان اذكي منا - كيف-
سُئل الإمام الحسن البصري: هل ينام الشيطان؟ قال: لو نام لاسترحنا. يعمل ليل نهار، وصيف شتاء، وفي كلِّ وقت، مُخلصٌ لمهمَّته إزاء الإنسان، وإضلال الإنسان. فهو يمارس أسلحته الثلاثة: التزيين، الإغواء، والتحريش من أجل إضلال الإنسان،

#نعم انطلقت الشياطين وفك أغلالها فكان أول الضحايا بعد رمضان الصلاة وخاصة صلاة الفجر- فقد عاد ضيوف المسجد الى منازلهم وبقى للصلاة اهلها و اصبح شيخ الجامع يشعر بالوحدة مع المؤذن والعامل وقلة آخرين وصلاة الفجر أمرها عظيم، والغفلة عنها ذنب جسيم، وتضييع صلاة الفجر يعد من الفجور؛ لقد كنا في رحاب رمضان نرى المساجد تغُصُّ بروادها، ولكن مع الأسف صباح العيد فجأة ينزل المستوى إلى النصف أو أقل، أين أصحاب تلك الصفوف التي ألفناها في رمضان؟ أتُراهم قد استسلموا للشياطين الذين صفدوا في رمضان؟ حينما أطلق سراحهم، وعادوا من إجازتهم بعد شهر من الغياب ليواصل عملهم في الغواية ولاستدراك ما فاتهم من الضلالة، هل كنا حقا من عِبَاد الرحمان أو من عُبَّاد رمضان؟ ما ذا دهانا يا رواد المساجد؟! يا أصحاب القيام والركوع والسجود؟! لماذا تقلصت صفوفنا عن صلاة الفجر بعد رمضان؟! لماذا استسلم البعض للنوم العميق بشكل فاضح؛ كأن عقارب الساعة مؤشرات بها تقاس حرارة الإيمان في قلوبنا، بها تقاس صفوف المصلين في مساجدنا؛ فكثير منا قد انهزم كل يوم أمام صلاة الصبح دون عذر، وكثير منا يكون فجره بعد طلوع الشمس، حيث تسبقه الشمس إلى الظهور كل يوم، أي خسران أعظم ممن حرم نفسه من نفحات الفجر وقرآنه المشهود، فعرض نفسه للفحات غضب الله الشديد.

* أيها الإخوة المؤمنون؛ المحافظة على الصلوات
الخمس واجبة في أمور أربعة:
1) في شروطها؛ من طهارة الخبث، وطهارة الحدث، وستر العورة، واستقبال القبلة.
2) في أركانها؛ من تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة والاعتدال والقيام، والطمأنينة والركوع والسجود والتشهد والسلام.

3) في وقتها المحدد شرعا، {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}، وقد سئل صلى الله عليه وسلم: «أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة لوقتها»
رواه البخاري ومسلم.

4) في النية وحضور القلب المستلزم للخضوع والخشوع والخوف والرجاء؛ يقول الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}، ويقول سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.
وأي خلل يطال واحدا من هذه الأربعة (شروطها وأركانها ووقتها وحضورها) هو ضياع للصلاة كلها؛ ومن ضيع الصلاة فقد عرض نفسه في الدنيا لأربعة أمور شائنة وفي الآخرة للأربعة أودية مُهينة:

أما الأمور الأربعة الـشائنة في الدنيا فهي:

أولا: عُقَدُ الشيطان الثلاثة؛ فالشيطان يتولى أمر المسلم بمجرد تضييعه لصلاة الفجر، حيث يربط على قفاه ثلاث عقد فيقول: نم فإن عليك ليلا طويلا؛ روى الإمام مالك في الموطأ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقُد؛ فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده؛ فأصبح نشيطا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان».

ثانيا: مرحاض الشيطان؛ يا ليت إبليس -لعنه الله- اكتفى بالعُقَد الثلاثة فقط؛ بل إنه يبول في أذني النائم عن صلاة الصبح؛ روى البخاري أنه: «ذُكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ نام ليلةً حتى أصبح أو ما زال نائماً حتى أصبح: فقال صلى الله عليه وسلم: ذاك رجلٌ بال الشيطان في أذنيه»؛ يا لها من حالة يورط فيها النائم عن صلاة الفجر نفسه، تصور وضعيته حين يتخذ الشيطان أذنيه مرحاضه .

إن الإنسان لا يقبل ولن يرضى أن يكون مرحاضا للإنسان؛ فكيف يقبل أن يكون مرحاضا للشيطان؟!

ثالثا: شهادة الملائكة عليه؛ فإن لله تعالى ملائكة يسجلون كل يوم في هذا الوقت الفضيل حالة الإنسان، إن خيرا فخير وإن شرا فشر؛ فقد روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يَعرُج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربُّهم وهو أعلم بكم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلُّون وأتيناهم وهم يُصلُّون».

هذه شهادة الملائكة لصالح الذين يؤدون صلاة الفجر في وقتها، أما النائمون فتقول عنهم ملائكة الليل: تركناهم وهو نائمون يشخرون، وملائكة النهار تقول: أتيناهم وهو نائمون يشخرون.

رابعا: علامة من علامات النفاق؛ فالمتخلف عن صلاة الفجر يُخشى عليه أن يكون في سجل المنافقين، والقرآن الكريم يقول في سورة النساء: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى}، ويقول في سورة التوبة: {وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى}، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روى البخاري ومسلم: «أثقل صلاة على المنافقين صلاة الفجر والعشاء» وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: «كنا إذا تخلف منا إنسان عن صلاة العشاء والصبح أسأنا به الظن أن يكون قد نافق».

أما الأودية الأربعة المُهينة في الآخرة { مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ} فهي في انتظاره قد حجز بإضاعة الصلاة تذكرة السفر إليها وهي

الأول: وادي الغي؛ يقول الله تعالى فيه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.

الثاني: وادي سقر؛ يقول الله تعالى فيه: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}.

الثالث: وادي الويل؛ يقول الله تعالى فيه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}.

الرابع: وادي الدرك؛ يقول الله تعالى فيه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}.

إذن من ضيع الصلاة في أي واحد من الأربعة: شروطها، وأركانها، ووقتها، والحضور فيها؛ فقد اكتسب لنفسه في الدنيا حالات أربعة: عُقَدُ الشيطان على قفاه، وبول الشيطان في أذنيه، وشهادة الملائكة بالسوء عليه، وعلامة من النفاق في سلوكه، كما ضمن لنفسه بقعة أرضية في مشروع الدرك الأسفل من مدينة سقر بواد الغي والويل؛ ولهذا هم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحرق على من يتخلف عن الصلاة جماعة بدون عذر منزلَه، روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممتُ أن آمرَ بحَطَب فيُحْطبَ، ثم آمرَ بالصلاة فيُؤذَّنَ لها، ثم آمرَ رجلا فيؤمَّ الناس، ثم أُخالِف إلى رجال فأحرِّقَ عليهم بُيوتَهم».

وهل تعلم عبد الله لماذا يهم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وهو رحمة للعالمين؟ لأنه على علم بما ينتظر المتخلفين عن صلاة الجماعة، من نار تلظى من النار الكبرى، فالاحتراق في الدنيا نهايته الموت، أما الاحتراق في الآخرة فلا يموت فيها ولا يحيا.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمدلله، والصلاة والسلام
على رسول الله وعلى آله وصحبه

اما بعـــد - عـــباد الله :
إن المحافظة على الصلاة واجب؛ يقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}.
وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ أَولَ ما يُحاسَبُ به العبد يوم القيامة من عَمَلِهِ صلاَتُهُ، فإن صَلَحتْ فقد أفلح وأنجح، وإن فسدَتْ فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيئا، قال الربُّ تبارك وتعالى: انظروا، هل لعبدي من تطوع؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك».

فيا هاجر الصلاة .
ماذا فعل الله بك حتى ترفض مقابلته؟ والله انى اخشى عليك.

ماذا فعلت انت حتى يرفض الله مقابلتك؟ أسرع بالدخول الى المسجد عموديا برجلك قبل ان تدخله أفقيا محمولا واحذر ان يكون نصيبك من المسجد ان يعلن فيه عن وفاتك صـلِ قبل أن يُصلى عليك

*عـــباد الله :
قليل الكلام خير من كثيره
ان الذين دخلوا رمضان بالمعاصي وخرجوا من رمضان بالمعاصي لم يستفيدوا شيئا
قال الله - تعالى-:(وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ)

قال ابن كثير - رحمه الله -
هذه صفة المنافقين وقد دخلوا عندك يا محمد بالكفر ثم خرجوا من عندك والكفر كامل فيها لم ينتفعوا بما سمعوا لم يفد فيهم العلم ولم تنجح فيهم المواعظ والزواجر .

* نعم فالذين دخلوا رمضان وخرجوا مثل ما كانوا قبل رمضان أو أسوأ تنطبق عليهم هذه الآية دخلوا رمضان بالمعاصي وخرجوا بالمعاصي بعد رمضان رجعوا إلى ما كانوا فيه من المنكرات لم يستفيدوا من رمضان فرمضان لم يورث توبة عندهم ولا استغفارا ولا إقلاعا عن المعاصي ولا ندما على ما فات لقد كانت محطة مؤقتة ثم رجعوا إلى ما كانوا فيه هل هذه النفسية السيئة عبدت الله حق عبادته؟

* عـــباد الله :
هذا الذي عبد الله في رمضان :
في رمضان غض بصره .
في رمضان صلى الفجر حاضرا في جماعة .
في رمضان تصدق .في رمضان قرأ القرآن .

في رمضان تحرج عن أن يسمع ما لا يرضي الله في رمضان تحرج عن أن يتابع شيئا يفسد عليه عقيدته .

فما باله في غير رمضان ؟
هذا الذي يعود إلى ما كان،
فكأنه ما صام رمضان .

ان رمضان من أجل أن تتوب،
وتستمر بك التوبة

*لذلك أتمنى على كل من صام رمضان، أن يتابع طريقه إلى الله، أن يتابع استقامته، أن يتابع غض بصره، أن يتابع إنفاق ماله، أن يتابع قراءة القرآن، أن يتابع الأمر بالمعروف أن يتابع النهي عن المنكر، أن يقيم حدود الله في بيته أن يطبق شرع الله على أسرته وأهله أن يطبق شرع الله في كسبه للمال، وفي إنفاقه للمال، وفي بيعه وشرائه ، وفي علاقاته كلها، إذا فعل ذلك، قطف الثمار من رمضان .

========================
🎤
خطبة.جمعة.بعنوان.cc
حتياجنا إلى عون الله، ولم الشمل
للشيـــخ/ زيـــد بن مســفـــر البحـــري
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

أهداف وعناصر الخطبة :
1/ عنصرا النصر اللذان يفتقدهما المسلمون اليوم 2/ هوانُ الإنسان وضعفُه 3/ صفحات مشرقات تبين أسباب انتصار المسلمين الأولين 4/ ما ينبغي عمله وقت الفتن.

الخطبـــة.الأولـــى.cc
أمــا بعـــد : فيا عــباد الله
هناك عنصران اثنان مهمان يدندنان حول أوضاع المسلمين في هذا الزمن، هذان العنصران حريٌّ بكل مسلم أن يستمسك بهما، فما عض عليهما مسلم بنواجذه إلا ساد وعزّ وانتصر، أولهما: احتياجنا في هذا الزمن إلى قوة الله وإلى عونه. وثانيهما: الألفة، والاتحاد، ولمّ الشمل. هذان هما العنصران على سبيل الإيجاز.

وإليكم العنصر الأول على سبيل التفصيل: كما تعلمون -عباد الله- أن الإنسان بطبعه متعال، متكبر، عنيد، ولا يتنازع في ذلك اثنان؛ ولذا، تجدون البعض لما بلغ مرحلة من مراحل العلم، لما بلغ مكانة في العلم والقوة، عندها نسي قوة الله، وأجهر بالصراخ على نفسه يتباهى بحسن صنيعه، ويفتخر بقوة تفكيره.

لقد نسي، أو تناسى، أن الذي أوجده، أن الذي أبدعه، أن الذي منحه ذلك كله، يملك أن ينسف الدنيا في لمحة بصر، بل في ومضة عين! فمن أنت أيها الإنسان الضعيف الضئيل الهزيل؟ ألا تعلم من أنت؟ ألا تعرف كيف خُلقت؟ أنت في أول أمرك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وبين ذاك وذلك تحمل العذرة!.

وإن شئت أن تعرف عن نفسك المزيد فاجمع لي قلبك، وارع لي سمعك، تعرف من أنت. أنت الذي نزلت من مجرى البول مرتين! إذا نسيت الله، فأنت حفنة من التراب تُداس بالأقدام!.

ولو دخلنا معامل التحاليل الآدمية لنحلل ابن آدم، فمم يتكون؟ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ) [الأنعام:2]، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ) [الروم:20].

يقول علماء الكيمياء: لو أتينا برجل وزنه مئة وأربعون رطلا، هذا الجسم يحتوي على أشياء: فيه من الكربون ما يكفي لصناعة عشرة أقلام من الرصاص، وفيه من الدهن ما يكفي لصناعة سبع قطع من الصابون، وفيه من الفسفور ما يكفي لصناعة مئة وعشرين رأس عود ثقاب، وفيه من الحديد ما يكفي لصناعة مسمار متوسط الحجم، وفيه من الماء ما يكفي برميلا يسع عشرة جالونات. فإذا ما سعَّرتَ هذه البضاعة كلها في الأسواق، فكم تساوي؟!
إنها لا تساوي عشرات الريالات! هذا هو جسد ابن آدم، إذا عصى وتكبر على الله.

لم يقل الله -جل وعلا-: فإذا سويته فقعوا له ساجدين؛ لماذا؟ لأن الطين لا يساوي شيئا، إنما قال: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) [الحجر:29]. هذا هو جسمك يا ابن آدم، وتلك هي مكوناته!.

فيا خادم الجسم كم تشقى لخدمته
أتطلب الربح مما فيه خسرانُ؟!
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها
فأنت بالنفس لا بالجسم إنسانُ
وامدد يديك بحبل الله معتصما
فإنه الركن إن خانتك أركانُ

إنها عقول فاسدة، ونفوس كاسدة، تلك التي لا تعطي لله قدرا، التي تسلك مسلك الحيوانات: تأكل، وتنام، وتشرب، وترعى. بل أضل! وأضل! (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63]. هذه هي الصفحة المظلمة.

وإليكم الصفحة المشرقة الوقّادة المضيئة، أنتقل بكم عبر صفحات التاريخ صفحة تلو الأخرى لنقف على صفحة مضيئة مشرقة وقَّادة بالإيمان، تلك الصفحة هي صفحة سيرة صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-. نقف أمام هذه الصفحة لنتملَّاها، ونشم عبيرها، ونستشف فوائدها.

أمةَ الإسلام هيا وابعثـي
ذكر النبيِّ وصحبه الأخيارِ
قد جاهدوا في الله حق جهـده
وتسابقوا للبذل والإيثــار
فتحوا من الأمصار كل محصنٍ
لله ما فتحوا من الأمصـار
سادوا وعزوا حين كان شعارهم
الله أكبر وهو خير شعـارِ
أخلِقْ بنــا أن نقتفي آثـارهم
فخلودنا ... في هذه الآثار

فلقد كانت معهم القوة، قوة من الله لا تُغلب، وعزيمة من الله لا تضعف، ونصر من الله لا يُهزم.

هذا خالد بن الوليد -رضي الله عنه- يقف عند حدود الفرس في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، يبعث برسالة إلى كسرى يضمنها قوله: "يا كسرى، أسلم تسلم، وإلا جئتك برجال يحرصون على الموت كما تحرصون أنتم على الحياة".

فوقعت الرسالة في يد كسرى فارتعد، واستنجد بمن حوله، فكانت الإجابة من بعضهم: "لا طاقة لنا بهؤلاء الرجال الذين لو أرادوا خلع الجبال لخلعوها".

فعزم حينها كسرى على مقاتلة المسلمين، واستعد للمسلمين بجيش يزيد على مائة وعشرين ألف مقاتل، بينما عدد جيوش المسلمين لا يزيد على الثلاثين ألفاً.

فلما رأى خالد تلك الجيوش الجرارة أرسل إلى أبي بكر الصديق يطلب منه المدد، فأرسل إليه أبو بكر الصديق رسالة مع القعقاع بن عمرو، فلما فتحها خالد إذا بها: "من عبد الله أبي بكر الصديق إلى سيف الله المسلول خالد بن الوليد، لقد بعثت إليّ تطلب المدد، وإني أرسلت إليك المدد، أرسلت إليك القعقاع بن
عمرو، ولعلك تقول؟ ماذا يصنع القعقاع بن عمرو؟... -لا إله إلا الله! أرسل إليه فردا واحدا، بعث إليه شخصا واحدا!- ولعلك تقول يا خالد: ماذا يصنع القعقاع بن عمرو؟ ولكني أقول: إن جيشا فيه القعقاع بن عمرو لن يُهزم -بإذن الله- أبدا".

بل ذكر ابن حجر في الإصابة في ترجمة القعقاع أن أبا بكر قال: "لَصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل"! فطوى خالد الرسالة، واستعان بالله على قتالهم.

وكانت العادة آنذاك أن تُجرى مبارزة بين القائدين، فقال قائد الفرس لبعض جنده: إذا شغلتُ خالدا بالمبارزة فاعمدوا إلى طعنه من الخلف، وتبارز القائدان، والجنود وراءه لينفذوا جريمتهم، فما الذي جرى؟ ما الذي حدث؟ أطعن خالد؟ أم ماذا؟ الذي جرى، الذي حدث هو ما وقف له التاريخ مفتخرا بصحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-!... إذا بالقعقاع يسقط هؤلاء الجنود فردا فردا! "إن جيشا فيه القعقاع بن عمرو لن يُهزم -بإذن الله- أبدا".

إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظنن أن الليث يبتسمُ
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار والظُّلَم
كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم
ويكره الله ما تأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقصان (عن ملأٍ
هم الثريا) وذان الشيب والهرم

إنه الإيمان! فالإيمان ليس كلمة تقال وكفى، فالإيمان يحتاج إلى جهد، يحتاج إلى عمل، يحتاج إلى صبر.

في غزوة الخندق يخرج عمرو بن ود مفتخرا بقوته، ينادي في جموع المسلمين: ألا من مبارز؟ أين جنتكم التي تطلبونها؟ فيقول علي-رضي الله عنه-: أنا لها! فلما تقدم نحوه، نظر إليه بنظرات الاحتقار، وقال: من أنت؟ فأجاب بعزة: أنا علي بن أبي طالب، فقال عمرو بن ود: ليتقدم من هو أسن منك، فإني أكره أن أهرق دمك، فقال علي: لكني لا أكره أن أهرق دمك! فغضب عمرو بن ود، وتبارزا، وإذا بعلي فوق صدره قد قطع رأسه، وتقاطر الدم من ثيابه.

هو من؟ علي بن أبي طالب. صهر من؟ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. زوجته من؟ فاطمة!
هي بنت مَن هي أمّ مَن
من ذا يساوي في الأنام علاها
أما أبوها فهو أشرف مرسل
جبريل بالتوحيد قد رباها
وعليّ زوج لا تسل عنه سوى
سيف غدا بيمينه تياها

انظروا، واسمعوا إلى هؤلاء الأخيار الذين تمسكوا بدينهم فسادوا، وعزوا: هذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، كما ذكر ذلك البيهقي في دلائل النبوة، وحسّن إسناده ابن كثير، والألباني، رحمهما الله، هذا عمر بن الخطاب على المنبر ينادي فيقول: "يا سارية، الجبلَ الجبلَ!" ينادي مَن؟ ينادي قائده، وهو في المدينة، وقائده سارية بن زُنيم في أقصى العراق، يناديه ليلزم الجبل. فهل سمعوا نداءه؟ هل سمعوا تحذيره؟ من كان الله معه فو الموفَّق، فهو المسدد؛ إذا بالجيش يسمع تحذير عمر، فلزموا الجبل، وكان العدو سيأخذ مكانهم إن تركوه.

بل يؤتى إليه برجل قد سرق، فقال هذا السارق: أستحلفك بالله أن تعفو عني فإنها أول مرة!
فقال عمر -رضي الله عنه-: كذبت، ليست هي المرة الأولى! فأراد الرجل أن تثار الظنون حول عمر، فقال له: أكنت تعلم الغيب؟ فقال عمر: لا، ولكني علمت أن الله لا يفضح عبده من أول مرة؛ فقُطعت يد الرجل، فتبعه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فقال: أستحلفك بالله؛ أهي أول مرة؟! فقال: والله إنها هي الحادية والعشرون!.

إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها
فليس إلى حسن الثناء جميل
تعيرنا أنا قليل عديدنا
فقلت لها: إن الكرام قليل
وما قل من كانت بقاياه مثلنا
شباب تسامى للعلا وكهولُ
وما ضرنا أنّا قليل وجارنا
عزيز وجار الأكثرين ذليل
سلي إن جهلت الناس عنا وعنهمُ
فليس سواء عالم وجهول

والغرض -عباد الله- من هذه القصص [تبيين] أن تلك الطائفة سارت حيث أراد الله، فأمدها الله بقوة لا تضعف، وبنصر لا يُهزم.

لما كانت تلك هي سماتهم، لما كانت تلك هي علاقاتهم مع ربهم، لم تستطع الدنيا أن تسلب منهم شيئا. فمعهم من؟ معهم الله! الذي:
لا سِنَة في طوال الليل تأخذه
ولا ينام ولا في أمره فندُ

وإلى هنا، وما أدراك ما هنا، هنا نأتي إلى نهاية الحديث عن العنصر الأول.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إن ربي كان توابا رحيما.


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المهتدين المقتدين، صلى الله عليه وعلى آله، وصحابته، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله، نأتي إلى العنصر الثاني الذي نحتاج إليه في هذا الزمن، وهو: الألفة والاتحاد ولمّ الشمل؟.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم، وللبخاري نحوه: "مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وما آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار إلا وهو يعرف فوائد الاتحاد ولم الشم، وما استاء الأعداء من شيء استياءهم من ا
تحاد المسلمين! وهل فُتحت البلاد، وظهر الإسلام إلا بالاتحاد؟! وهل أصبح المسلمون آنذاك أقوياء أعزاء شرفاء علماء سادة للدين والدنيا إلا بالاتحاد؟!.

لقد كان المسلمون في منتهى العزة، يخافهم الزعماء، ويخشى من بأسهم الرؤساء، حتى تفرقوا شيعا وأحزابا، وتعددت مذاهبهم خطأ وصوابا، وكلٌّ يكيد لغيره؛ بل قد يكفره والعياذ بالله!.

ولقد عجبنا -وما لنا لا نعجب- كيف يختلف المسلمون ودينهم التوحيد؟! كيف يفترقون وهم يعلمون ما في الفرقة من الفساد؟! فيم الفرقة؟ فيم الشقاق؟ فيم البغضاء؟ فيم الشحناء؟ والإسلام ديننا، وعقيدة التوحيد شريعتنا.

فيم الفرقة؟ والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال – كما في المسند -: "الجماعة رحمة، والفرقة عذاب"! أين ما أملت عليه شريعتنا من أواصر المحبة والحنان؟!.

أين نحن من ذلكم الرجل المهاجر الذي يترك دينه ووطنه، ويفر بدينه، وإذا بأمامه أبناء الإسلام، فتيان يثرب، كلهم شوق بمقدمه. ما كان بينهم وشيجة صهر أو عمومة، وما ربطت بينهم منفعة أو مصلحة؛ إنما هي عقيدة الإسلام! وما هو إلا أن يحط رحله عند المسجد حتى يلتف به الغر الميامين، كلهم يدعوه إلى بيته، يفديه بنفسه وماله.

حتى ذكر البخاري في صحيحه أنه ما من مهاجري إلا نزل على أنصاري بقرعة، فخُلد هذا الفضل أبد الدهر، بل ظل غرة مشرقة في جبين الزمان! (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ) [الحشر:9].

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في الصحيحين: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو فني طعامهم، أو قل طعام عيالهم في المدينة، جمعوا ما كان عندهم في إناء واحد ثم اقتسموه، فأنا منهم وهم مني".

وأنت، إذا قرأت وطالعت سير السلف من أبناء الصحابة، تجد ما يقر عينك، ويبهج سمعك، ويثلج صدرك.

تجد رابطة الإخاء في الإسلام، تلك الرابطة التي قادتهم إلى النصر في الدنيا، وإلى الرضوان في الآخرة، وهي كفيلة في هذا الزمن أن تقودهم إليهما!.

فلن يتبدد الظلام، ولن يسود الأمن والأمان، إلا في ظل الإسلام وتشريعاته؛ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما في صحيح مسلم: "لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جُعلت عافيتها في أولها -أي: سلامتها من الفتن- وسيصيب آخرها بلاء وفتن، وأمور تنكرونها، تأتي فتن يرقق بعضها بعضا، يقول المؤمن: هذه الفتن مهلكتي مهلكتي! ثم تنكشف، وتأتي أخرى فيقول: هذه هذه! فمن أحب أن يُزحزح عن النار، وأن يُدخَل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس -أي: ليعامل الناس- بمثل ما يحب أن يُؤتى إليه، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده، وثمرة فؤاده، فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر".

========================
2024/09/27 21:28:03
Back to Top
HTML Embed Code: