Telegram Web Link
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

◤ الاثنين ◥
٢١/ جمـ➅ـادى الثاني/١٤٣٨هـ
20/ مـــــــ③ـــــارس/ 2017مـ
❂:::ــــــيــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
‌‌‏
‌‌‌‌‏﴿…يٰأبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك…﴾
لم يقُل إنك جاهل لا علم عندك..
او انك عديم المعرفة ..
بل عَدَلَ عن هذه العبارة إلى ألطف عبارة ..

صبــــاح الادب مع الوالدين..
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❆ الثلاثاء ❆
٢٢/ جمـ➅ـادى الثاني/١٤٣٨هـ
21/ مـــــــ③ـــــارس/ 2017مـ
❂:::ــــــيــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
‌‌‏
‌‌‌‌‌‏(والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين)
الطمع فطرة في النفوس الإنسانية،،الصالحون وحدهم عرفوا فيم يطمعون،وكيف يطمعون.

صبــــاح الطمع في المغفرة...@
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❃ الاربعاء ❃
٢٣/ جمـ➅ـادى الثاني/١٤٣٨هـ
22/ مـــــــ③ـــــارس/ 2017مـ
❂:::ــــــيــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
‌‌‏
‌‌‌‌‌‌‏الأحجار أثقل وزناً من الألماس .. ولكنها لا تساوي شيئاً ! كذلك الأشخاص ، لا نقيس مكانتهم بمقامهم ومناصبهم بل بأخلاقهم "

صبــــاح الاخلاق...
⛅️ #إشــツـراقة_الصبـاح

❆ الخميس ❆
٢٤/ جمـ➅ـادى الثاني/١٤٣٨هـ
23/ مـــــــ③ـــــارس/ 2017مـ
❂:::ــــــيــــــــــ✺ـــــــــــــــــ:::❂
‌‌‏
‌‌‌‌‌‌‌‌‏﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴾
الحياة ميدان سباق إلى الله
والسابقون في الدنيا إلى الخيرات
هُم السابقون في الآخرة لدخول الجنات

صبــــاح السباق الى الخيرات...@
🎤
خطبــــةجمعـــــةمتمـــيزة.cc
تخــاطــب.وتناقش.الواقـــع.بعنـــوان.tt
أبـــنــــــاؤنـــا وتـــغـــــــيـير المـنــــــاهـــــــــــج
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الأولـــى.cc
أيها المؤمنون عباد الله:
والله الذي لا إله إلا هو لا أجد موضوعاً ينبغي أن يهتم به المسلمون كتربية الأولاد، ذلك أن الأولاد هم الورقة الرابحة الوحيدة في أيدينا ، فحينما نعتني بهم معنى ذلك أننا نبني مستقبلنا ، مستقبلنا بتربية أولادنا، وصلاحُ الأبناء والبنات أمنيّةٌ للآباء والأمهات، صلاح الأولاد ذكورهم وإناثِهم نعمةٌ عظيمة، ومِنَّة جليلة من رب العالمين. ما أسعدَ المسلمَ وهو ينظر إلى أولاده قد هداهم الله الطريقَ المستقيم، ورزقهم الاستقامة على الدين ، يحبهم ويحبونه، يودّهم ويودّونه، يبرّونه، ويطيعونه إنْ أمَرَهم أطاعوه ، قرّت بهم عينُه، وانشرح بهم صدرُه، وطابت بهم حياته، تلك نعمة عظيمة من الله. أولادٌ رُبُّوا تربية صالحةً، هُذِّبت أخلاقهم، حسُن سلوكهم، طابَتْ ألْفاظُهم، حسُنت معاملتُهم لرَبّهم قبل كُلّ شيء، ثم للأبوين، ثم للإِخوانِ والجيران والأرحام والمسلمين عمومًا. رُبُّوا على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، فصاروا عونًا للأبوين على كلّ ما أهمّهم من أمر دينهم ودنياهم.

أيّها المسلمون :
ولعظيم هذا الشأن نرى أنبياءَ الله وخيرته من خلقه يسألون الله لذريَّتهم الصلاح والهداية، قال تعالى عن الخليل عليه السلام وهو يدعو ربَّه بتلكم الدعوات: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ وها هو زكريا عليه السلام ينادي ربه قائلاً: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ ٱلدُّعَاءِ ﴾ وها هم المؤمنون كما أخبر الله عنهم يقولون في دعائهم: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾.

أيها الأب الفاضل :
هل رفعت يديك الى السماء تدعو الله أن يحفظ أولادك ويهديهم الى الطريق القويم ويعينك على تربيتهم ويجعلهم أبناء صالحين واعلم أنك مهما قرأت من كتب التربية وحضرت من دورات في تربية الأولاد يظل التوفيق والعون من الله سبحانه وتعالى ، فأولادك من ذكورٍ وإناث بأمسِّ الحاجة إلى دعوات منك إلى الله أن يهديَهم صراطه المستقيم. الجأ إلى فاطر الأرض والسموات، وادعُه آناء الليل وأطراف النهار أن يصلحَ لك أولادك، وأن يعيذهم من مكائد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظهم بالإسلام، تنن الثباتَ والاستقامة عليه، فتلك قرة أعين المؤمنين، ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ .

أيها الآباء الكرام الإخوة الفضلاء :
اعلموا أن تربيةَ الأولاد وصلاحَهم واستقامتهم، بعد إرادة الله، متوقفٌ على حركاتِ وسكنات الأبوين، على أقوالهم وأفعالهم، إنَّ أولادك مرآةٌ يعكسون أخلاقك وأعمالك، إنْ رأوك تعظِّم الله وتخافه؛ عظَّموا الله جل وعلا، إن رأوْكَ تَخشى الله وتتَّقيه؛ خَشَوُا الله واتقَوْه في أعمالهم بتوفيق من الله، إن رأوْكَ ذا محافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، تأسَّوا بك فحافظوا عليها، إن رأوك معظِّمًا لأبيك وأمك؛ فإنهم سيعاملونك كذلك، إن رأوك تجالس ذوي التقى والصلاح بعيدًا عن أهل الإجرام والإفساد؛ نفروا من تلك الشلل الفاسدة والمجتمعات الآسنة، إن رأوا منك كلمات طيبةً وألفاظًا حسنة؛ كانت ألفاظهم كذلك، وإن سمعوا منك السِّباب واللعان والقبح والفحش في الأقوال؛ سمعتَ منهم مثل ذلك وأشدّ. ابنك غالبا ما يتأثر بأقوالك وأفعالك فان رآك صادقا صدق ، وان رآك كاذبا كذب ، إن رآك ملتزما التزم ، وان رآك مقصرا قصر.. أولادك يرون فيك قدوتهم فاحرص أن تكون خير قدوة لهم واعلم أن صلاحك أيها الأب يعود بالخير على أبنائك (وكان أبوهما صالحا) يقول أحد الصالحين حينما أتكاسل عن أداء النوافل أتذكر أبنائي ومصائب الدنيا وأتأمل قول الله تعالى :( وكان أبوهما صالحا) فارحمهم واجتهد . نعم ان هذه الوصفة الربانية لصلاح أبنائنا فاذا كان الوالد صالحا وعلاقته بالله قوية حفظ الله أبناءه بل وأبناء أبنائه كما في سورة الكهف عندما حفظ الله الكنز للغلامين بصلاح جدهما السابع (وكان أبوهما صالحا) ..

أيها الآباء الأفاضل :
ان أكثر ما يؤثر على سلوك أبنائكم وتربيتهم وصلاحهم هم الأصدقاء ، فالصديق أيها الآباء الفضلاء إما أن يكون دافعا للخير أو دافعا للشر ، الصديق أما أن يرشد ابنك الى المسجد والى طريق الخير والفلاح وأما أن يعلمه طريق اللهو والفجور والضياع ، يتعلم أبناؤكم من أصدقاء السوء الأخلاق السيئة ، ومنهم يأتون بالألفاظ البذيئة ، وعن طريقهم يتعلمون العادات السيئة كشرب الدخان ومضغ القات بل وربما يصل الأمر إلى ما هو أكبر من ذلك وهو تعاطي المخدرات وما أدراك ما المخدرات ، وقد كنا نسمع أن اليمن أصبحت ممرا لهذه السموم ال
ى دول الجوار أما اليوم وفي ظل الأوضاع التي تعيشها البلد من انفلات أمني وغياب شبه تام للدولة أعتقد أنها أصبحت مستقرا للمخدرات لا ممرا لها، فانتبهوا أيها الآباء الى أبنائكم من يصادقون ومن يجالسون  ومع من يخرجون ومع من يسيرون قبل أن يقع الفأس في الرأس وحينها لا ينفع الندم والرسول قد نبهنا الى ذلك فقال صلى الله عليه وسلم : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ).رواه أحمد ..

ايها الآباء الكرام :
أبناؤكم يحتاجون الى نصحكم وتوجيهكم وإرشادكم فهل جلس أحد منا مع أبنائه جلسة نصح وتوجيه وإرشاد أنصحوهم بالمحافظة على الصلوات في المسجد فان الله سائلكم يوم القيامة هل أمرتموهم بالصلاة وإلا تعلق ابنك برقبتك يوم القيامة فيقول يارب : اقتص من هذا الظالم فانه ما أمرني بالصلاة ، علموهم القرآن علموهم الأخلاق الفاضلة ، علموهم الصدق ، علموهم الحياء ، علموهم الأمانة علموهم إفشاء السلام علموهم احترام الكبير والعطف على الصغير، علموهم الاستئذان، هذا الأدب الذي أهملناه ، الاستئذان عند الدخول عليكم في أوقات ثلاثة، هي مظانُّ الراحة، وعدم التقيد بلياقة في لبس أو جلوس، ومظان أن ترفع الكلفة فيها بين الرجل وأهله؛ حتى لا يطَّلع الطفل على ما لا ينبغي أن يطلع ة في هذه الأوقات، وهي: قبل صلاة الفجر، وعند الراحة في الظهر، ومن بعد صلاة العشاء.هذا لمن لم يبلغ الحلم أما إذا بلغوا فليستأذنوا في كل الأوقات قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ 

مروا أولادكم بصلة الأرحام من الأهل والأقارب والأعمام والعمات والأخوال والخالات واعلم أيها الأب الكريم أنك ما علمت ابنك خصلة من خصال الخير الا كان لك بها أجر يصلك ثوابها ,أنت في قبرك وحيدا موسدا بالتراب تتمنى مثقال ذرة من خير وقد انقطع عملك الا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ، يا الله أو ولد صالح يدعو له ، ابنك الصالح فقط هو من يدعو لك بعد موتك ومغادرتك لهذه الحياة ، ينساك الجميع ، ينساك الأصدقاء ، ينساك الأقرباء ، ينساك الجيران ، الا ولدك الصالح يظل يدعو لك بالرحمة والمغفرة و..الا ولدك الصالح يظل يدعو لك بالرحمة والمغفرة والرضوان ، فتصلك دعواته الصالحة فينعمك بها الرحمن وتغشاك منه الروح والريحان . اسمعِ للحق تبارك وتعالى يُحَدّثنا في القرآن الكريم عن لقمان الحكيم: ﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ ، يُحذِّره من شركٍ بالله، ويأمره بإخلاص الدين لله، ثم يوجِّهه للأخلاق الكريمة: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ ، ويحذِّره من الأخلاق السيئة: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾، فهو يحذره من الكِبْرِ والعُجْبِ والتعالي على الناس بكل أحواله، ويغرس فيه مراقبة الله عز وجل : ﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ).


 أقول ما قد سمعتم واستغفروا الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه فيا فوز المستغفرين .


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
أيها المسلمون - وإن أعظم ما يخاف على ابنائنا وجيلنا المناهج الهدامة..والعقائد الضالة..والتي اراد أعداء السنة أن يبثوها في مناهج التربية والتعليم..ووسائل الاتصال والاعلام..استغلالا لغفلة الناس..وانشغالاتهم .

ويحاولوا  أن يلهوهم  ويبعدوهم عن كل ما ينفعهم، حتى يفعلوا  بهم ما يريدون من الشر، ويتصرفوا فيهم وفي اولادهم  كما يحلو لهم، ولقد حذرنا ربنا -تبارك وتعالى-أن نكون في غفلة عن مكر أعدائنا بنا، أو تلهينا دنيانا ومشاغلنا عما يحاك ضدنا.

وإنه لمخطط شيطاني خبيث تم سبكه بعناية، وتغليفه بتلك الشعارات الجوفاء الفارغة التي لم يثبت يومًا صدقها، ولم تشر الوقائع المختلفة إلى ما يؤيدها.

نعم لقد حاول الروافض إيجاد موطئ قدم لهم في التعليم للإحكام على عقول ابنائنا إنهم يحاولون محاصرة أهل السنة في اليمن وبلاد الحرمين، والانقضاض رويدًا ر
ويدًا على ما تبقى من فضائل ودين، يتحركون في خطط مدروسة، لإحكام سيطرتهم على أنحاء كثيرة من بلاد المسلمين، و يرجون لاعتقاداتهم وضلالاتهم عبر مناهج  التعليم لابنائنا، هذا الذي رسموه حلمًا ويخططون لتنفيذه واقعًا.

ويقومون بخطى متسارعة إلى تغيير هوية المجتمع وإخراجه عن دينه وعقيدته واستبداله بالفكر الرافضي المتمثل في النيل من مصادردينه القرآن الكريم والينة النبوية والتقليل من شأنهما وتغيير المنهاج المستقاة منهما، ولجرأتهم فقد امتدت أيديهما إلى تغيير المنهج المدرسي المعروف بالوسطية والاعتدال المعبر عن عقيدتنا وهويتنا الاسلامية .

أيها المسلمون عباد الله :
سأعطيكم نبذة عما قام به الروافض من تغييرات في مناهجنا الدراسية حتى نبرئ ذمتنا أمام الله وتكونوا على بينة من أمركم .
فإن مما قاموا به هو تحويل صور المحجبات في الكتب إلى صور نساء غير محجبات .

كما قاموا بآدراج شعارهم الزائف الموت لأمريكا في كتاب الرياضيات كما تم حذف درس كامل حول سورة الليل وتم استبداله بدرس آخر حول السباحة .
كما تم الغاء حفظ الآيات القرآنيه والأحاديث النبوية الشريفة في بعض الدروس .

كماتم استبدال درس من آداب الطريق والذي كان محوره الحديث النبوي الشريف :( اياكم والجلوس في الطرقات ) واستبداله بدرس عن اشارة المرور .

كما تم حذف اسم الخليفة العادل الذي هزم وأسقط الدولة الفارسية
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
واستبداله بإسم محمود
وكذا حذف اسمه من مقولته الشهيرة : علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل
ونسبوها إلى رسول الله على أنها حديث وهي ليست بحديث وانما مقولة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه .

كما تم استبدال نشاط يتحدث في معظمه عن الصحابة رضي الله عنهم مثل أبي بكر الصديق وبلال بن رباح واستبداله بنشاط آخر وهو تكوين جمل مفيدة عن الانسان والحيوان والنهار .
واضافوا صور زعمائهم وغير ذلك

ولم يكتفوا بما احدثوه من تغيير بل قاموا باتلاف المناهج القديمة واحراقها واستخدموا شتى الوسائل لنشر تلك المناهج في المحافظات المحررة . ولكن ولله الحمد والمنة أن هيئ من يكشف خبثهم وزيفهم ويفضحهم وتواصلوا مع من يهمه الأمر من المسئولين فقام وزير التربية والتعليم ومدراء المكاتب في المحافظات بإيقاف تلك الكتب التي طالها سموم الروافض
ونحن من هنا نوجه لهم شكرنا وتقديرنا ونشد على أيديهم ونطالبهم بسحبها من المدارس ومن المستودعات واحراقها أمام الملأ
وأن يطبعوا الكتب المدرسية الوسطية السابقة التى نالت قبول الجميع وتوزيعها لأبنائنا الطلاب .

أيها المسلمون :
لا يضحك الروافض على اجيالنا وعقولنا للدجل والتضليل الإعلامي وتزوير الحقائق، ليصل الأمر إلى إلباس الباطل لبوس الحق، وإلباس الحق لبوس الباطل، ولم يقع قط أن عرض أهل الباطل باطلهم بنفس الصورة المظلمة التي هو عليها، ولو عرض المبطلون باطلهم بنفس صورته القبيحة التي هو عليها لرفضته الفطر السليمة واستقبحته القلوب المستقيمة، ولم يزل دعاة الغِي والباطل يلجؤون لتزيين باطلهم وزخرفة ضلالهم للتغرير بالبسطاء وإضلال العامة، ولَبسُ الحق بالباطل من وصف أهل الكتاب الذي نهاهم الله عنه بقوله : (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 42].

والكل يعلم والتاريخ ينطق أن هؤلاء الروافض لم تكن لهم صفحة بيضاء مع أهل الإسلام، ولم تكن لهم فتوحات عبر التاريخ تُذْكَر، وإنما هم خنجر يطعن في ظهر الأمة. واسألوا التاريخ وأقروا الماضي بعين فاحصة.

فاتقوا الله يا أولياء الامور ..
ايها المربون ..أيها المسؤولون عن ابنائنا عن جيلنا..إنهم امانات عندكم ستسئلون عنهم يوم الدين،وكفى بالمرء اثما أن يضيع من يعول.

فيجب علينا أن نكون يقظين لنسد عليهم الطريق ونمنع زحفهم الرافضي الخبيث ويجب أن نتخذ كل الوسائل الممكنة لتحصين أبناءنا من الخطر المحدق بهم .

والله معنا وناصرنا ومؤيدنا لأننا على الحق والدين والنهج المبين والصرط المستقيم الذي ندعوا الله دائما وأبدا أن يثبتنا عليه حتى نلقاه
وصلوا وسلموا على من أمركم بالصلاة والسلام عليه عموما ولم يزل قائلا عليما ( إن الله وملائكته يصلون على النبي .....).

======================
🎤
خطبـةجمعــةبعنـــوان.tt
فــضــــــــل لا إلـــه إلا الـــلــــــــه
للشيخ/ إبراهيم بن محمد الحقيل
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

الخطبـــة.الاولـــى.cc
الحمد لله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، تفرد بالجلال والكمال، وتنزه عن النظراء والأمثال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يتعبَّد الموحّدون بذكره ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [الإسراء: 44] وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله حتى يقرر أن لا إله إلا الله؛ فأقام الدين، ونشر التوحيد، وأوضح الشريعة، حتى توفَّاه الله تعالى، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، أئمة الهدى، وأنوار الدجى، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فيأيها الناس، اتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

أيها المؤمنون: كلمةُ التقوى هي كلمةُ الإخلاص والتوحيد، لا إله إلا الله، وهي شهادةُ الحق ودعوةُ الحق، وبراءةٌ من الشرك. لأجلها خُلِق الخلق، وأرسل الرسل، وأنزلت الكتب ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56] ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25] ﴿ يُنَزِّلُ المَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2] قال سفيانُ بنُ عيينة رحمه الله تعالى: "ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرّفهم لا إله إلا الله"[1].

لأجلِ هذه الكلمة أُعدَّت دارُ الثَّوابِ ودارُ العقاب، ولأجلها أمرت الرسل بالجهاد؛ فمن قالها عصم ماله ودمه، ومن أباها فماله ودمه هدر.

هي مفتاحُ الجنةِ وثمنُها، وهي دعوة الرسل، وبها كلّم الله موسى كفاحًا، ومن كانت آخر كلامه من الدنيا دخل الجنة كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم[2] وهي موجبةٌ للمغفرة، ومنجاةٌ من النار، سمع النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنًا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، فقال: ((خرج من النار))؛ أخرجه مسلم[3]، وقال أبوذرٍ رضي الله عنه: قلت: "يا رسول الله، كلمني بعملٍ يقربني من الجنة ويباعدني من النار". قال: ((إذا عملت سيئةً فاعمل حسنة، فإنها عشرُ أمثالها)). قلت: "يا رسول الله، لا إله إلا الله من الحسنات"؟ قال: ((هي أحسن الحسنات))؛ أخرجه أحمد[4].

لا إله إلا الله تمحو الذنوب والخطايا، وتجدد ما درس من الإيمان في القلب، وهي أفضلُ الذكر، وأثقلُ شيء في الميزان، كما روى عبدُالله بنُ عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( أن نوحًا قال لابنه عند موته: آمرك بلا إله إلا الله، فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كنّ في حلْقة مبهمة فصمتهن لا إله إلا الله))؛ أخرجه أحمد بسند صحيح[5].

إن هذه الكلمة العظيمةَ إذا قالها المسلم صعدت إلى السماء، وخرقت الحجب؛ حتى تصل إلى الله تعالى أخرج الترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما قال عبدٌ لا إله إلا الله مخلصًا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجْتُنبت الكبائر))[6]. هذه الكلمةُ أفضلُ الأعمال، وأكثرُها تضعيفًا، تحفظ العبد من الشيطان، وتعدلُ عتق الرقاب؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من قال: لا إله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء إلا رجل عمل أكثر منه))؛ متفق عليه[7].

وهي التي تفتح أبواب الجنة؛ كما جاء في حديث عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن مُحمدًا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء))؛ أخرجه مسلم[8].

تَحرمُ النارُ على من قالها مخلصًا؛ كما في حديث عتبانَ بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله حرَّم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))؛ أخرجه الشيخان[9]، وعندهما أيضًا أن الله تعالى يقول: ((وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله))[10]؛ ولهذا السبب فهي تقطع ظهر إبليس، كما قال سفيانُ الثوري: "ليس شيءٌ أقطع لظهر إبليس من لا إله إلا الله"[11].

أيها الإخوة: هذا بعض من فضل لا إله إلا الله؛ ولكن هل ينالُ فضلها وبركتها من قالها بلسانه فقط؟

كلا؛ حتى
يستيْقِنَ بها قلبُه كما جاء في بعض الأحاديثِ ((مستيقنًا))[12]، وفي آخر ((خالصًا من قبل نفسه))[13]، وفي آخر ((مخلصًا))[14]، وفي آخر ((يبتغي بذلك وجه الله))[15]، وفي آخر ((يقولها حقًّا من قلبه))[16]؛ إذ تفيد هذه الأحاديث أنَّه لا يكفي قولُ اللسان.

نعم يكفي قولُ اللسان في حَقْنِ دمه وماله، ومعاملته في الدنيا كمسلمٍ ما لم يأتِ بناقض لها، كما ثبت أن أسامة رضي الله عنه قتل رجلاً بعد أن قال: لا إله إلا الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أسامة، قتلته بعد أن قال لا إله إلا الله))؟ قال: "يا رسول الله، إنما قالها خوفًا من السلاح". قال: ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا))؟ وفي رواية ((كيف تصنعُ بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة))؟! قال: "يا رسول الله، استغفر لي". قال: ((وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة))؟! قال أسامة رضي الله عنه: "فما زال يكررها حتى تمنَّيت أني أسلمت يومئذ"؛ أخرجه الشيخان واللفظ لمسلم[17].

أما في الآخرة فلا تكون سببًا في دخول الجنة والنجاة من النار إلا باستكمال شروطها، وانتفاء موانعها، كما تواترت بذلك النصوص، قيل للحسن رحمه الله: "إن ناسًا يقولون: من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة"؟ فقال: "من قال: لا إله إلا الله فأدى حقها وفرضها دخل الجنة". ولما سُئل وهبُ بنُ منبه رحمه الله: "أليس مفتاحُ الجنة لا إله إلا الله"؟ قال: "بلى، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان؛ فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك. وقال الحسنُ للفرزدقِ وهو يدفن امرأته: "ما أعددت لهذا اليوم"؟ قال: "شهادة أن لا إله إلا الله منذُ سبعين سنة". قال الحسن: "نعم العُدَّة، لكنَّ لـ (لا إله إلا الله) شروطًا فإياك وقذف المحصنات"[18].

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "وتحقيق هذا المعنى وإيضاحُه أن قولَ العبد: لا إله إلا الله يقتضي أنْ لا إله له غيرُ الله، والإله: هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالاً، ومحبة وخوفًا ورجاءً، وتوكلاً عليه، وسؤالاً منه، ودعاءً له، ولايصلح ذلك كلُه لغير الله عز وجل فمن أشرك مخلوقًا في شيء من هذه الأمور - التي هي من خصائص الإلهية - كان ذلك قدحًا في إخلاصه في قول: لا إله إلا الله، ونقصًا في توحيده، وكان فيه من عبوديةِ المخلوق بحسب ما فيه من ذلك، وهذا كلُه من فروع الشرك؛ ولهذا ورد إطلاق الكفر والشرك على كثير من المعاصي، التي منشؤها طاعةُ غير الله أو خوفه أو رجاؤه أو التوكل عليه والعمل لأجله". اهـ[19]

فمن ظن أن مجرَّد النطق بهذه الكلمة ينجيه من النار ويدخلُه الجنة، ولو لم يستيقن بها قلبُه، وتعمل بهذا اليقين جوارحُه، فقد أخطأ في ظنه؛ لأن كثيرًا ممن يقعون في نواقض الإسلام يقولونها، وكثيرٌ ممن يحاربون الإسلام وأهله من المنافقين يقولونها، ومنافقو عهد الرسالة الذين مردوا على النفاق كانوا يقولونها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم حقنًا لدمائهم وأموالهم! ومع ذلك أخبر الله أن المنافقين بفعلهم هذا يخادعون الله وهو خادعهم؛ فكان جزاؤهم أنهم في الدرك الأسفل من النار.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ﴾ [محمد: 19] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...


الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى فإنَّ الإيمان مع التقوى، يجعلُ العبد من الأولياء، وأولياءُ الله لهم البشرى ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64].

أيها الإخوة المؤمنون: اتباعُ الهوى من أعظم ما يعارض كلمة التوحيد؛ لأن لا إله إلا الله تقتضي عدم طاعةِ الهوى، وإلا كان الإلهُ هو الهوى كما قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ﴾ [الجاثية: 23] قال قتادة: "هو الذي كلما هوِيَ شيئًا ركبه، وكلما اشتهى شيئًا أتاه، لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى"[20]، ويشهد لهذا قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعس عبدُ الدينار، تعس عبدُ الدرهم، تعس عبدُ القطيفة، تعس عبدُ الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش))؛ أخرجه البخاري[21].

فدل هذا على أن كلَّ من أحبَّ شيئًا وأطاعه وكان غاية قصده ومطلوبه، ووالى لأجله، وعادى لأجله، فهو عبده وكان ذلك الشيءُ معبودَه وإلهَه؛ ولذلك سمى الله طاعة الشيطان في المعصية عبادة للشيطان ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِ
لَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [يس: 60 - 61]. فمن لم يتحقق بعبودية الرحمن وطاعته؛ فإنه يعبُد الشيطان بطاعته له، ولم يخلُص من عبادة الشيطان إلا من أخلص عبودية الرحمن.

ومن قال لا إله إلا الله بلسانه، ثم أطاع الشيطان وهواهُ في معصية الله ومخالفته فقد كذّب فعلُه قولَه، ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله تعالى في طاعة الشيطان والهوى ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللهِ ﴾ [القصص: 50] ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ الله ﴾ [ص: 26].

قال الحسن: "اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته". وقال أبو يعقوب النَّهْرَجُوري: "كلُّ من ادعى محبةَ الله ولم يوافق الله في أمره فدعواه باطلة". وقال يحيى بن معاذ: "ليس بصادق من ادعى محبة الله ولم يحفظ حدوده"[22]. ومن هنا يُعلم أن من أتى بلا إله إلا الله ينجو من النار ويدخل الجنة برحمة الله تعالى بشرط أن يسلمَ من أنواع الظلم الثلاثة: ظلم الشرك، وظلم العباد، وظلم العبد نفسه بالمعاصي[23]، فمن أشرك دخل النار، ومن ظلم العباد كان منه القصاص، ومن ظلم نفسه بالكبائر كان تحت المشيئة.

فاتقوا الله ربكم، واقدروا كلمة التوحيد حق قدرها، واعرفوا لها فضلها، وحققوا شروطها، وجانبوا نواقضها؛ حتى يكون لكم الأمن في الدنيا والآخرة، ثم صلوا وسلموا على خير خلق الله .

ــــــــــــــــــــــــــــ المراجع ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أخرجه ابن أبي الدنيا في "الشكر" (95) وأبو نعيم في الحلية (7/ 272).
[2] كما في حديث معاذ رضي الله عنه عند أحمد (5/ 233) وأبي داود في الجنائز باب في التلقين (3116) والحاكم وصححه (1/ 351 - 500) والبيهقي في الشعب (1/ 55) وفي الأسماء والصفات (176) والطبراني في الكبير (20/ 112) ونقل ابن علان في الفتوحات تصحيح الحافظ ابن حجر له في شرح المشكاة (4/ 109) وله شواهد من حديث حذيفة وأبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهم.
[3] أخرجه مسلم في الصلاة باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سمع فيهم الأذان (382) وأبو عوانة في مستخرجه (1/ 336) والنسائي في عمل اليوم والليلة (834).
[4] أخرجه أحمد في المسند (5/ 169) وفي الزهد (27) والطبري في تفسيره (8/ 81) وهناد في الزهد (1071) والبيهقي في الأسماء والصفات (201) وأبو نعيم في الحلية (4/ 218) وابن عبدالبر في التمهيد (6/ 550) وهو حديث صحيح.
[5] أخرجه أحمد (2/ 170 - 225) والبخاري في الأدب المفرد (548) والحاكم وصححه (1/ 48) والبيهقي في الأسماء والصفات (186) والبزار كما في كشف الأستار (3069) وصححه ابن كثير في البداية والنهاية (1/ 119) وعزاه الهيثمي للطبراني وقال: ورجال أحمد ثقات (4/ 220) ورجح الشيخ أحمد شاكر تصحيحه في تخريجه للمسند (6583) وصححه الألباني في الصحيحة (134) وفي صحيح الأدب المفرد (426).
[6] أخرجه الترمذي في الدعوات باب دعاء أم سلمة وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه (3590) والنسائي في عمل اليوم والليلة (839) وحسنه الألباني في صحيح الجامع (5648).
[7] أخرجه البخاري في الدعوات باب فضل التهليل (6403) ومسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء (2691).
[8] أخرجه مسلم في الطهارة باب الذكر المستحب عقب الوضوء (234).
[9] أخرجه البخاري في الصلاة باب المساجد في البيوت (425) ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة باب الرخصة في التخلف عن الجماعة لعذر (33).
[10] أخرجه البخاري في التوحيد باب كلام الرب - عز وجل - يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم (7510) ومسلم في الإيمان باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها (193) وهو حديث الشفاعة الطويل.
[11] "سير أعلام النبلاء" (7/ 260).
[12] كما في حديث أبي هريرة عند مسلم في الإيمان باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً (31).
[13] كما في حديث أبي هريرة عند البخاري في الرقاق باب صفة الجنة والنار (6570).
[14] كما في حديث معاذ عند الحميدي (369) وأحمد (5/ 236) وابن منده في الإيمان واللفظ له (1/ 111) وابن حبان (20) وأبي نعيم (7/ 312).
[15] كما في حديث عتبان بن مالك المخرج في هامش (9).
[16] كما في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عند أحمد (1/ 63) والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (1/ 72) وابن حبان (204) وأبي نعيم (2/ 296).
[17] أخرجه البخاري في المغازي باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة إلى الحرقات (7/ 517) ومسلم في الإيمان باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله (96 - 97).
[18] انظر هذه الأثار في "كلمة الاخلاص وتحقيق معناها" للحافظ ابن رجب (21). وأثر وهب بن منبه ذكره البخاري تعليقًا في كتاب الجنائز باب ومن كان آخر كلامه: لا إله إلا الله.
[19] المصدر السابق لابن رجب (28).
[20] انظر: المصدر السابق لابن رجب (35).
[21] أخرجه البخاري في الجهاد والسير
باب الحراسة في الغزو في سبيل الله.
[22] انظر هذه الآثار في: "كلمة الإخلاص وتحقيق معناها" لابن رجب (40 - 41).
[23] انظر: "العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة" للدكتور سعيد بن وهف القحطاني (40).
=====================
ولكنكم غثاء كغثاء السيل!


أهداف الخطبة
عناصر الخطبة 1/ تربُّعُ سلفِ أمة المسلمين على عرش العالم 2/ الواقع المهين الذي تعيش فيه أمتنا اليوم 3/ أسباب هذا الواقع وما به من هوان 4/ تحقق التحذير النبوي من تداعي الأمم علينا 5/ السبيل إلى العودة بأمتنا إلى السيادة والريادة


الحمد لله الذي جعل الإسلام مفخرةً للأمم والشعوب، وجعل من احتمى بظلِّه مستنيراً في الظلمات والدروب، أحمده -سبحانه- على نعمه وخيره الموهوب، وأشكره على أن منحنا كلَّ مطلوب.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واجب الوجود علاَّم الغيوب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأميّ، صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والشافع في المحشر والخطوب، صلى الله عليه وآله وأصحابه؛ السابقين إلى الفضائل، والشجعان في المقايضة والحروب، وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان ما دامت الشمسُ في إشراق وغروب، وسلم تسليماً.

أما بعد: أيها الناس، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ...) [آل عمران:102-103].

عباد الله: الكثير منَّا يتساءل عن أمَّةٍ جعلها الله من خير الأمم، أمةٌ بلغ مداها المشرق والمغرب، أمةٌ بسطت نفوذها على سائر الأمم قروناً عديدة، أمةٌ وجهت العالم إلى الخير، ودكت حصون الطواغيت والشر، أمةٌ وصلت إلى قمة الأمم في الحضارة والنظارة، أمةٌ لا تغيب الشمس عن سلطانها، أمةٌ بنت الرجال وربَّت الأجيال، وترجمت الأقوال بالأعمال، أمةُ الأمجاد والجهاد، أمةُ الوسطية والاعتدال، أمةُ المنهج الرباني، والهدى القرآني، أمةٌ ختمت بها الرسالات، وتمت بها النبوَّات، وحصلت بها الكمالات.

يتساءل الناس عن تلك الأمة: هل فُقدت من الوجود؟ وهل اندرست على مرِّ العصور والعهود؟ أم غمرت بين تلك الأمم والشعوب؟ كلاَّ! إنها أمة ما زالت قائمة، إنها أمة الإسلام، أمة الريادة والقيادة، وأمة العهد والشهادة، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا...) [البقرة:143].

لكن؛ ماذا جرى؟ وماذا حدث لهذه الأمة؟ ما واقع الأمة اليوم؟ وما واقع من ينتسبون إلى هذه الأمة؟ ما واقع أفرادها؟.

إن تلك التساؤلات توجب علينا التأمل في حديث الصادق المصدوق؛ الذي بيَّن فيه أن أثر الأمة يتلاشى، ويدبُّ فيها الضعف والوهن، حينما تتخلى عن مبادئها، وتتنكر لفضائلها، وتستبدلُ شرائعها.

فقد قال -صلى الله عليه وسلم- في ذلك الحديث الصحيح: "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها" قالوا: أوَمِن قلَّة يا رسول الله؟ قال: "لا، ولكنَّكم غثاءٌ كغثاء السيل".

لقد أخبر الصادق -صلى الله عليه وسلم-، والذي لا ينطق عن الهوى حقيقة ما ستؤول إليه هذه الأمة إذا هي تخلت عن مبادئها، وتنكرت لفضائلها، وأنها ستكون لقمة سائغة تنتهشها وحوش الأمم، وأنها -رغم ضخامة أعدادها وكثرة أتباعها- في باطنها خروق وشقوق، واختلاف وتفرق، وأهواء وضلال، وتشاحن وتطاحن، وعداوة وبغضاء، وجدال ومراء.

لقد استغرب الصحابة حينما حدثهم -صلى الله عليه وسلم- بهذا، وأن الأمم ستجتمع عليهم، وتناوئهم، وتغلبهم على أمرهم، ما بال الأمة؟ أَمِن قلة يحصل لها هذا؟! كيف وهي أكثر الأمم عدداً، وأقواهم عدة ومدداً، كيف وهي خير أمة أخرجت للناس، هل يصل وضع الأمة في مستقبل أيامها إلى هذا الوضع المخزي، والواقع المزري؟.

لكنه -صلى الله عليه وسلم- أجاب على هذا التساؤل بكلمات جامعة، مانعة، فيها جوامع الكلم، وفيها التنبيه والتحذير من مغبة ما يصل إليه وضع الأمة إذا هي تخلت عن منهجها الرباني، وابتعدت عن دستورها القرآني، ودبَّ فيها داء الأمم (الوهن): حب الدنيا، وكراهية الموت.

إنكم لستم من قِلَّةٍ تُغلَبون على أمركم، بل أنتم كثير، لكنكم لا أثَرَ لكم في هذا العالم، وأنتم جموع مجمعة، كالزبد الطافح على الماء، الذي يراه الرائي يحسبه ماءً، وسرعان ما يتلاشى، ولا يكون شيئاً! (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) [الرعد:17].

فانظر -رعاك الله- إلى هذا التصوير الرائع في هذا المثال، وكيف أنه -صلى الله عليه وسلم- نبَّه إلى أن الكثرة لا تغني شيئاً إذا فقدت مُقوماتها، وتخلت عن مبادئها، فالأمة بهذا الوضع غثاءٌ كغثاء السيل.

عباد الله: إن اجتماع أمم الكفر على أمة الإسلام ليبرهن الواقع الذي تعيش فيه، فأينما اتجهت إلى المسلمين في أقطار المعمورة وجدت تفرق الكلمة، واختلافا وتشتتا وأحزابا، قلوبا متشاحنة، وأهواء مضللة، ومعاصيَ منتشرة، ومنكراتٍ ظاهرةً، وتستراً في الظاهر في الدين، ونفاقا وعلمن
ة، وتقليدا وتغريبا، وقيادات تحوم حول المناصب، وتخلياً عن المسؤليات، وأينما اتجهت وجدت هذا وهذا، وأينما اتجهت إلى الإسلام في بلدٍ وجدته كالطير مقصوصاً جناحاه.

فالنتيجة لهذا الوضع: الضعف، والخور، والذل، والمهانة، وفي هذا العصر عباد الله تجد مصداق هذا الحديث ظاهراً ظهور الشمس في رابعة النهار، وواضحاً وضوح القمر ليلة البدر، تجد أمم الكفر تكالبت على أمة الإسلام ونهشتها من كل جانب، وفي كل قطر.

فاليهود والنصارى والملاحدة شنوا حرباً ضروساً لاستئصال ما تبقى من دم متحرك في المسلمين، واستعملوا معهم أعتى آلات الحرب، وأفتك السلاح لإبادتهم، واستعملت أمريكا وبريطانيا أخس الشعوب، وجرثومة البشر، وأكلة السحت، وأصحاب القردة والخنازير اليهود -عليهم لعائن الله- وجعلوهم خنجراً في جسم الأمة، ومهدوا لهم الاستيطان في مهبط الرسالات؛ أرض فلسطين.

ثم لم يكتفوا بذلك، فقد دعموها بكل الإمكانيات، فجعلوا لها جسراً جوياً من السلاح، ودعماً عسكرياً من الرجال، وزخماً إعلامياً، فأصبحت في منظور العالم صاحبة حق، وتدافع في إبادة المسلمين دفاعاً مشروعاً.

هكذا سَيَّسَها الغرب، وأصبحت قضية الشرق الأوسط لا قضية المسلمين، وهكذا خنع الواهنون من العرب والمسلمين، إن هذا الصمت المخزي، والضعف والهوان أمام ما يحدث للمسلمين في الشرق والغرب، وخاصة في أرض فلسطين، وهذا التخلي عن المسؤوليات، وعدم مناصرة الأخ لأخيه يدل على ما آل إليه المسلمون من ضعف متناهٍ، وسلوك متنافٍ مع أبسط معايير الإسلام.

لكن؛ عباد الله، ما العمل تجاه هذا الوضع، وماذا يُقدم المسلمون حتى يصلوا إلى المستوى اللائق؟ إنه يجب على المسلمين اليوم أن يفكروا في واقعهم، ويعلموا أن ما أصابهم من أنفسهم، يقول سبحانه: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:165].

ليصحح المسلون أوضاعهم، وليترجموا أقوالهم بأعمالهم، ويسعوا إلى تصحيح مسارهم ومنهجهم، وليتواصلوا مع الله.

ثم إنه لن يتوقف هذا الزحف الأممي على أمة الإسلام إلاَّ بعقيدة، وإيمان متين، واتحاد ووحدة، ونصرة لهذا الدين من كل الاتجاهات، وبهذا يتحقق الوعد.

وأما أنتم -أيها السامعون- فادعوا الله أن يُحقق وحدة المسلمين، ويعلي كلمتهم، وأن يزيل ما هم فيه من الغوغاء، والضوضاء، والتفرق، والاختلاف، ولا تيأسوا من وعد الله، فقال سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا...) [النور:55].

وفقني الله وإياكم إلى هدى كتابه، وسلك بنا طريقة أحبابه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الاقتصاد .. سلاح الغرب في محاربة الإسلام
تاريخ خطبة الإمام البوطي

أما بعدُ فيا عبادَ الله:

كلنا يقرأ في كتاب الله عز وجل قوله سبحانه وتعالى: "وأَعِدوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رِباط الخيل تُرهبون به عدو اللهِ وعدوكم" إلى آخر الآية ...

كثيرون هم الذين يتصورون أن المراد بالقوة في هذه الآية هي قوة السلاح، ولكن جُلَّ العلماء المفسرين فسّروا القوة بما هو أعم من ذلك؛ فسروها بمقتضى المطلق الذي جرت الآية على سننه، (أعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، كل ما يمكن أن يُعَدّ قوةً يحرز المسلمين عن الوقوع في براثن أعدائهم ينبغي أن تعدوا تلك القوة له، يدخل في معنى هذه القوة السلاح بكل أنواعه وبسائر تطوراته، ويدخل في هذه القوة أيضاً قوة الجسم وما يتبع ذلك، ويدخل في معنى القوة: القوة الاقتصادية، وهذه القوة ليست أقل في الخطورة والأهمية من قوة السلاح أبداً، وكان من الممكن أن يأتي التعبير القرآني هكذا (وأعدوا لهم ما استطعتم من أسلحة) ولكن لأمرٍ ما عمم البيان الإلهي وجاء التعبير بكلمة القوة الشاملة لمعاني كثيرة.

ومن هنا قرر العلماء أن على المسلمين أن يُحَصّنوا أنفسهم ضد أعدائهم بكل حصون القوة، من هذه الحصون قوة السلاح، ومن هذه الحصون - ولعلها أهم - القوة الاقتصادية، وفي الناس من قد يتصور أن سعي الإنسان وراء بناء القوة الاقتصادية ركونٌ إلى زهرة الحياة الدنيا. وقد قال الله عز وجل: "وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان"، ولكن هذا تنكر خطير عن معنى كلام الله عز وجل، وعن فهم العلاقة القائمة بين المسلم وما أودع الله في باطن الأرض وظاهرها من مقومات الحياة الاقتصادية، المسلمون ينبغي أن لا يكونوا أقل من غيرهم سعياً إلى إقامة وإشادة البناء الاقتصادي بأقوى مظاهره، ولكن الفرق بين المسلمين وغيرهم أن غير المسلمين يتعشقون هذا البنيان الاقتصادي لذاته ويتعشقون المال ركوناً منهم إليه. أما المسلمون فقد علّمهم الله عز وجل أن يتخذوا من البنيان الاقتصادي كلب حِراسة يحرسهم كي لا يتسلل عدوٌ إلى دارهم. تلك هي نظرةُ الإسلام إلى ما ينبغي أن ينهض به المسلمون من عمران اقتصادي، وتلك هي نظرة العشاق عشاق الدنيا ابتغاء الركون إلى متعها وشهواتها.

ولقد رأيت في كتاب مدخل ابن الحاج أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إبان خلافته ذات يوم إلى السوق، فلفت نظره أن معظم الأسواق التجارية بيد الأنباط القادمين من بلاد الشام فأغضبه ذلك، وهرع إلى المسجد ودعا الناس إليه، ثم اختطب فيهم وأمرهم أن ينافسوا هؤلاء الناس وأن يجعلوا مقادة التجارة والأعمال الاقتصادية كلها في أيديهم. فقال له أحد الصحابة الجالسين: يا أمير المؤمنين قومٌ سَخرهم الله لنا ففيما ننهض بما ينهضون عنا به؟ قال له أمير المؤمنين عمر: والله لأن قلتم هذا ليكونن رجالكم خدماً لرجالهم، وليكونن نساؤكم خدماً لنسائهم.

هذا المعنى متألق واضحٌ أيها الأخوة، وكم يتجلى هذا المعنى في هذا العصر حيث أصبح السلاح الأول الذي يُوجه إلى صدور المسلمين والذي تُقَوّض بواسطته المجتمعات الإسلامية هو السلاح الاقتصادي، هذا السلاح الذي يستعمله الغرب وأمريكا الإمام المقتدى به في ذلك، الغرب يحاربنا بواسطة قوته الاقتصادية، وبواسطة إفقاره إيانا في الاقتصاد، وإنكم لتلاحظون كيف تتساقط هذه الدول العربية والإسلامية واحدة إثر أخرى بعد أن أُلجِئت إلى المضائق الإقتصادية، وبعد أن أُلجِئت إلى الحرمان فصبرت حيناً ولم تستطع أن تواصل، فاضطرت أن تمد يدها إلى العدو الذي يقيم على مقربة منا والمؤامرة مستمرة، والخطة ماضية ..

نحن نحارَب في أخلاقنا وفي مبادئنا وفي قِيَمنا وفي أرضنا التي تنتقص من أطرافها، نُحارب بذلك كله بواسطة سلاحٍ واحد هو السلاح الاقتصادي، ولعلكم تعلمون أو ربما ينبغي أن تعلموا أن هنالك صندوقاً اسمه صندوق الإسكان المنبثق من هيئة الأمم المتحدة، صندوق الإسكان هذا كان يُنظم منذ أمدٍ طويل مؤتمراً عالمياً كبيراً لا يُقام في بلاد الغرب، وإنما يقام في بلدةٍ ضعيفةٍ اقتصادياً من بلاد الإسلام، وهذا ما سيتحقق من خلال الأيام القليلة القادمة. ما شأنُ هذا الصندوق؟ وما علاقته بهذا المؤتمر؟

الغرب أيها الأخوة يهدف ومنذ حين إلى أن ينتقص هذا العالم العربي لا من قواه فقط بل من أعداده أيضاً، وتُتخذ الوسائل الخفية والظاهرة إلى ذلك باسم خطر الانفجار السكاني وما أشبه ذلك مما تسمعون، وسُئلنا وأجبنا أن لا إشكال حيث أن الشريعة الإسلامية أجازت للزوجين أن يتحكّما اعتماداً على الوسائل المعروفة المستعملة في أمر الإنجاب وعدمه، شريطة أن لا تتدخل أي قوى أجنبية، أو لا يتدخل سلطان أي دولة في ما بين الزوجين. ولكن المجتمع يسير على النهج الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لنا.

الخطة الموضوعة أن على المجتمعات العربية والإسلامية المتخلفة اقتصادياً، بل التي فُرض عليها أن تتخلف اقتصادياً أن تُقلل من الإنجاب، بل أن تُحارب الإنجاب. لكن كيف السبيل إلى إلجاء هذه الدول إلى ذلك؟ سبيل ذ
لك هو الإفقار، سبيل ذلك هو التعرية الاقتصادية، سبيل ذلك إلجاء هذه الدول إلى المضايق، حتى إذا أُلجئوا ووجدوا أن الاختناق كاد أن يحيق برقابهم جاء صندوق الإسكان ليقول لهم انظروا إلى المال الوفير، ستأتيكم المعونات من كل حدب وصوب. بشرطٍ واحد: أن تلتزموا بالنهج الذي ستحملون عليه والذي يُرسم لكم. وما النهج؟ تقرأونه في الوثيقة التي سيسير المؤتمر على ضوئها الخطة هي أن تُفتح أبواب المتع الخلفية بعيداً عن الزواج، وأن يُشجع ذلك على كل المستويات لأن هذا سبيل من سبل تقليل الإنجاب، وإذا اقتضى الأمر ينبغي أن يشجع الشذوذ الجنسي أيضاً، ذلك لأن هذا العلاج وذاك يحققان جزءاً كبيراً من الهدف بوسع الإنسان أن يمارس لذته ومتعه دون أن يتحمل مسؤولية كثرة الإنجاب من وراء ذلك. فإذا انصاعت هذه الدولة المتخلفة المختنقة اقتصادياً لهذه الشروط، جاءتها المعونات التي تتلألئ داخل صندوق الإسكان، وإذا لم تنصع هذه الدول أو هذه المجتمعات حُرمت من هذا الصندوق وتركت للضيق الذي يحيط بها وتُركت للإختناق الذي يدنو من رقابها.

هذا ما ينبغي أن تعلموه أيها الأخوة لكي تعلموا أننا نُحارب اقتصادياً قبل أن نحارب بواسطة الأسلحة، ولكي تعلموا أن الخطط الماكرة هذه لا تصمد أمامها إلا خطط مثلها. فأين الذين يخططون؟ أين المسلمون الذين يعتزون بدينهم بعد أن بايعوا الله سبحانه وتعالى على هذا الالتزام، ثم عرفوا كما عرف عمر ومن قبل عمر والمسلمون الذين جاؤوا من بعد أن الحصن الاقتصادي لا يقل أبداً عن الحصون العسكرية وما شابهها بشكلٍ من الأشكال .

لقد استسلمنا للخطط الأجنبية دون أن نرهق عقولنا بوضع أي خطة، بل إنني مضطرٌ أن أقول لكم وسامحوني إن اضطررت إلى التكرار بعد التكرار بعد التكرار: بدلاً من أن نخطط لحماية أنفسنا اقتصادياً تثور شريحة منا على شريحة من أجل أن تُسحق البقايا الاقتصادية الموجودة فيما بيننا، ومن أجل أن ندفع بأنفسنا وبأيدينا شيئاً فشيئاً فشيئاً إلى تلك المضايق التي ستلجئنا إلى الاختناق والعدو اللاهث ينظر ويتربص حتى إذا جاءت الساعة التي يستطيع أن يتحكم برقابنا ساق صندوقه الإسكاني إلينا وحملنا حملاً على ما ينبغي أن نفعله تحت سلطانه وأوامره.

المؤتمر سيُعقدُ عما قريب في القاهرة، ولعلكم تعلمون لماذا يُعقد في القاهرة، القاهرة التي خضعت لكل شيء، وطَبّقت كل شيء، وما زادها ذلك إلا فقراً، وما زادها ذلك إلا تراجعا. ها هي ذي الآن تتنفس تحاول أن تتنفس الصعداء فلا تستطيع, هناك سيعقد هذا المؤتمر وهناك ستعلن هذه الوثيقة، لم يستطيع أحدٌ أن يناقش وثيقة، هي النور الذي يسير عليه المؤتمر وهو الدستور الذي يسير على أساسه. كل ما يمكن أن يناقش من حوله أمور فرعية وراء هذه الوثيقة الكبرى. ماذا نملك أن نصنع؟

نملك أن نصنع كل شيء عندما نرتبط بمولانا الذي بيده كل شيء، ولا نستطيع أن نفعل أي شيء عندما ننفض أيدينا من إسلامنا العزيز، ونترك الأمور تسير طبق ردود الفعل وطبق الشعارات الفارغة التي لا نعلم من أي مصدر تأتي وإلى أي نهاية تسير. نحن أغنياء أيها الأخوة ولسنا بفقراء، لكن حُكم علينا أن نصبح فقراء، وها هي ذي بلدان الخليج. لا أقول يُنتقص من أطرافها بل يُنتقص من أموالها ها هي ذي أموالها تذوب ثم تذوب ثم تذوب، لابد، لأنها ينبغي أن تخضع لسلطان هذا الصندوق، لا أريد خير الكلام ما قل ودل ،وكثيراً ما يكون الكلام جارحاً. فما ينبغي أن أزيد في جراحاتكم لا سيما عندما يكون الكلام مذكراً بواجب دون نملك السير في طريق هذا الواجب. ولكن الله هو المستعان وعليه التكلان، وهو الذي يرحم عباده عندما يلوذون به.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ..



مشاركة3
الحمد لله، شرح صدور أوليائه للإيمان والهدى، وطبع على قلوب أقوام فلا تعي الحق أبداً، من يهدِ الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً . أحمده سبحانه وأشكره، جابر الكسير، وميسر العسير، ومجيب النداء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، كرُمَ رَسولاً، وشرُفَ عَبداً ، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، صلاة وسلاماً دائمين دائبين أبداً سرمداً ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً خالداً ..
أما بعد: فأوصيكم ـ أيّها الناس ـ ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله جميعًا رحمكم الله، كم من نعمٍ أنعم بها علينا، وكم من فضل ساقه الله إلينا، هدانا في ديننا، وسلَّمنا في أبداننا، أحيانا مسلمين، وأنشأنا في قومٍ صالحين، فاصرفوا نِعمَ مرضاته لتكون عونًا لكم على طاعته وبلاغا إلى جنَّته، واشغلوا أوقاتكم طاعةً وقربى، ولا تتَّخذوا دينَكم لهوا وهزوًا ولعبًا ..
أيها المسلمون، منذ القِدم والأزل كان الإنسان ولم يزَل يتطلّع إلى حياةٍ آمنة مطمئنَّة على وجه هذه البسيطة، تستقرّ فيها نفسُه، ويهدأ خاطرُه، ويسلو فؤادُه، وهل يُرى الخائفُ الفزِع متلذّذا بشرابٍ وطعام أو مستمتِعاً براحة ومنام؟! وإن حياتَنا المعاصرةَ غم ما وصلت إليه من رقيّ ماديّ وتقدم حضاريّ لا تزال ترزَح تحت نير القلقِ والفزع، والخوف والاضطراب والتسلّط والفوضى، وأيّ طعمٍ للحياة تحت هذه المعاني القاتمة الكالحة ؟!
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة، التي يلتبس فيها الحق بالباطل ، وها نحن في عصر أمواجه تتلاطم بالفتن العاتية المتتابعة ، فتن تترى ، ومصائب تتوالى ، وتقلبات وتغيرات كبرى ، كلما تعاظم الناس فتنة تلاها ماهو أعظم منها ، شهوات محرقة ، وشبهات مضلة ، يُرى فيها كثيرٌ من الناس كالورق اليابس تذروه الرياح يمنةً ويسرى ..
نعم، يا عباد الله فما أكثر ضحايا الفتن ، وفي ذلك يقول الوزير ابن هبيرة: "احذروا مصارع العقول عند التهاب الشهوات". ويقول حذيفة بن اليمان: (إياكم والفتن، لا يشخص إليها أحد، فوالله ما شخص فيها أحد إلا نسفته كما ينسف السيل الدمن) ..
ولقد حذر الله الأمة المسلمة إن هي خالفت ربها ونبيها ، وبعدت عن شريعتها أن تتخطفها الفتن ، قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ..
وهذه الفتنة عامة تشمل مختلف أنواع العقوبات، كانتشار القتل فيما بينهم، أو الزلازل والبراكين، أو تسلط السلطان الجائر عليهم، أو ظهور أنواع من الأمراض، أو الفقر، أو الشدة في الحياة، إلى غير ذلك من العقوبات ..
ومن طبيعة الفتن أنها إذا نزلت عمت ، قال تعالى: {وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً} ، فالفتنة إذا نزلت لم تقتصر على الظالمين خاصة ، بل تتعداهم إلى الجميع ، الصالح والطالح ، أما الطالح فمن عقوبته ، وأما الصالح فلسكوته وعدم إنكاره على الظالم ظلمه ..
فالفتن عباد الله خطرها كبير ، وشرها مستطير، تهلك الحرث والنسل ، وتأتي على الأخضر واليابس، تُحيّر العقلاء، وترمّل النساء ، وتيتم الأطفال ، وتسيّل أنهار الدماء، وتعم الأشرار والأبرياء ، نارٌ محرقة وقودها الأنفس والأمن والممتلكات والأموال ، ومآل أهلها (عياذاً بالله) شر مآل ..
لذا عُنيت الشريعة بموضوع الفتن، ووضعت أمام المسلم معالم واضحة يهتدي بها، ليخرج منها سالماً غير مسخط لربه ، يقول الحسن البصري رحمه الله: "الفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم ، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل" .
وأول ما ينبغي أن يعلمه المسلم عن الفتن أنها قضاء إلهيٌ وسنةٌ ربانيةٌ لا تتبدل ولا تتخلف ، قال تعالى: {ألم * أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} .. وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} .. وكتبها الله عز وجل على عباده لحكم عظيمة وفوائد جليلة ، من أجلها تمحيص الصف المسلم ، وإظهار خبايا النفوس .. {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} .. فيتميز الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق .. فيظهر جلياً من يقدم مصلحة الأمة على مصلحته ومن يقدم مصلحته على مصلحة الأمة : {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ..
ومما ينبغي معرفته عن الفتن ، أن الإنسان لا يدري لا يضمن موقفه السليم منها ، لذلك فأول وأولى ما ينبغي للمسلم أن يهتم به هو السلامة منها ..
كم من أناس يُظن أنهم سيثبتون في الفتن فلا يثبتون ، وأناس يظن أنهم لن يثبتوا ف
يثبتون .. جاء في الحديث الصحيح ألا إن السعيد لمن جنب الفتن .. إلا إن السعيد لمن جنب الفتن .. ولمن ابتلي فصبر ..
ويقول عليه الصلاة والسلام: "ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه" أخرجه البخاري ومسلم ، أي من تطلع إليها، وتعرض لها ، وأتته حتى يقع فيها فيهلك ..
ثم إن السلاح الأول لرفع ودفع الفتن عن الأمة إتباع هدى الله تعالى ، وتجريد إتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، فتحكيم مراد الله في دقّيق الأمر وجلّيله هو النور الذي يضيء الطريق إذا ادلهمت الخطوب، وتشابكت الدروب، وعصفت بالناس الفتن، قال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا} ..
ثم إصلاح النفس وتزكيتها بالطاعة والعبادة فهذا من أعظم أسباب التثبيت، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً} .. فالأعمال الصالحة مصادٌّ للفتن ووقاية منها، وبها يصطنع المسلم رصيداً من الخير في الرخاء يقيه مصارع السوء في الفتن ، يُوضّح هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا" أخرجه مسلم .. وفي الحديث تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة ..
ومن توجيهات القرآن الكريم في هذا الباب التحصن بالإخلاص واللجوء إلى الله تعالى فيوسف عليه السلام إنما نجّاه الله من الفتن بالإخلاص، قال تعالى: {كَذٰلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوء وَٱلْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ} ..
ومن توجيهات القرآن الكريم في هذا الباب أيضاً التسلح بالصبر والتقوى قال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِى أَمْوٰلِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأمُورِ} .. وأهل الكهف إنما نجاهم الله وحماهم حين لجؤوا إليه سبحانه : {رَبَّنَا ءاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيّئ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} .. والثلاثة الذين انطبقت عليه صخرة الغار إنما أنجاهم الله بصالح إعمالهم ..
ودفاع الله سبحانه وتعالى عنا وحمايته لنا من الفتن والمكايد ، إنما يكون على قدر إيماننا وعبوديتنا وطاعتنا ، قال تعالى: {أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} .. وكان السلف رحمهم الله يقولون: "على قدر العبودية تكون الكفاية" .. ويقول ابن القيم رحمه الله في قوله تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ} . وفي قراءة {يَدْفَعُ} فيقول رحمه الله: "فدفعه سبحانه ودفاعه عنهم بحسب إيمانهم وكماله ، فمن كان أكمل إيماناً وأكثر طاعة ، كان دفع الله تعالى عنه ودفاعه أعظم، ومن نقص نقص" ..
وقتادة بن دعامة رحمه الله أحد التابعين، عاصر كثيراً من الفتن، وخبِرَ أحوال الناس فيها وهاهو يلخص الأمر لنا فيقول: "قد رأينا والله أقواماً يسارعون إلى الفتن وينزعون فيها ، وأمسك أقوام عن ذلك هيبة لله ومخافة منه ، فلما انكشفت الفتن إذا الذين أمسكوا أطيب نفساً وأثلج صدوراً، وأخف ظهوراً من الذين أسرعوا إليها، وصارت أعمال أولئك حزازات في قلوبهم كلما ذكروها ، وأيم الله لو أن الناس كانوا يعرفون منها إذ أقبلت ما عرفوا منها إذ أدبرت لعقل فيها كثير من الناس" ..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .. بارك الله لي ولكم في ..

الحمد لله وكفى ..
أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله سبحانه، فإنها الأمن عند الخوف والنجاة عند الهلاك، بها يشرف المرء وينبل ، وبالنأي عنها يذل العبد ويسفل ، هي وصية الله للأولين والآخرين، فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون ..
أيها الناس: في ظل الأمن والأمان تحلو العبادة، ويصير النوم سباتاً، والطعام هنيئاً، والشراب مريئاً، الأمن والأمان ، هما عماد كل جهد تنموي ، وهدف وغاية كل المجتمعات على اختلاف مشاربها وتوجهاتها .. هو مطلب الشعوب كافة بلا استثناء ، ويشتد الأمر بخاصة في المجتمعات المسلمة ، التي إذا آمنت أمنت ، وإذا أمنت نمت .. فانبثق عنها أمن وإيمان ، فلا أمن بلا إيمان ، ولا نماء بلا أمن ..
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أصبح آمناً في سربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" ..
وبضعف الأمن وانحلاله ؛ تظهر آثار مكائد الشيطان
وألاعيبه ، هو وجنده وأعوانه من الجن والإنس ، ممن يقعدون بكل صراط ، يوعدون بالأغرار من البشر ، ويستخفونهم فيطيعونهم ؛ فيصدون عن سبيل الله .. زين لهم سوء أعمالهم .. وهذا ما أخبر القرآن بتوعده فقال تعالى على حكاية عن أبليس اللعين .. {لاقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرٰطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَـٰكِرِينَ} ..
إن المزايدة على الأمن والأمان في مجتمعات المسلمين بعامة ، أنما هو مدعاة لنشر الاضطراب والفوضى ، ومهددٌ لسفينة الأمان الماخرة بالغرق ، وكل ذلك غير مقبول شرعاً ولا عقلاً ولا عرفاً ، ولا يقره عاقل تحت أي مبرر كان ..
ولا يختلف عاقلان أن كل مزايدة في اختلال الأمن ، إنما هو من نسج وكيد الأعداء المتربصين بلحمة الأمة وتماسكها .. ولا يشك أي متبصرٍ أن كل من يُجرُ إلى ممارسات تخل بالأمن أنه إنما يُنفذ (شعر أم لم يشعر) أفتك مخططات الأعداء ، ويحقق (علم أم لم يعلم) أكبر أهدافهم .. دون أن يكبدهم تعباً يذكر .. تماماً كما قال الشاعر : ما يبلغ الأعداء من جاهل .. ما ييلغ الجاهل من نفسه ..
ومن أعجب العجائب أن يسعى المرء بكل جهده في هوان نفسه ، وهو يظن ويزعم أنه لها مكرم .. لذلك فقد كان بعض السلف يكثر أن يقول في خطبته : ألا رب مهين لنفسه وهو يزعم أنهُ لها مُكرم ، ومٌذلٍ لنفسه وهو يزعم أنهُ لها مُعز ، وكفى بالمرء جهلاً أن يكون مع عدوه على نفسه ، يبلغ منها بفعله ما لا يبلغه عدوه ..
ورسولنا الكريم الرءوف الرحيم .. ما ترك خيراً إلا دل الأمّة عليه، ولا شرٍّ إلا حذرها منه، وأخبر بما يكون في الأمة بعده إلى قيام الساعة من تفرق واختلاف، ونزاع وشقاق، وما ينشأ عنه من فتنٌ عظمى، ومحنٌ كبرى، يتفاقم خطرها ، ويجلّ خطبها، وتلتبس بسببها كثير من الحقائق، وتختلط كثير من المفاهيم، وتختلّ الموازين، ويهلك بسببها خلق كثير، ويحتار جراءها ذوو العقول والبصائر، هذا هو شأن نار الفتنة إذا تساهل الناس بها وتركوها تنتشر ، فسرعان ما تعيث في الأمّة فساداً ، وتحيل تماسكها فرقة واختلافاً .. وتحول أمنها خوفاً وترصداً .. إنها كما وصفها الخبير بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله: (تبدأ في مدارج خفية، وتؤول إلى فظاعات جلية، فتزيغ قلوب بعد استقامة، وتضلّ عقول بعد سلامة، وتختلف الأهواء عند هجومها، وتلتبس الآراء عند نجومها، من أشرف لها قصمته، ومن سار فيها حطمته، تغيض فيها الحكمة، وتنطق فيها الرويبضة ، وتكْلِم منارَ الدين، وتنقضُ عقد اليقين، تهرب منها الأكياس، وتدبّرها الأرجاس، مِرعادٌ مِبراق، كاشفة عن ساق، تُقطَّع فيها الأرحام، ويفارَق عليها الإسلام) ، ثم يوجّه رضي الله عنه بعد ذلك إلى اجتناب الفتن فيقول: (فلا تكونوا أنصاب الفتن، وأعلام البدع، والزموا ما عُقد عليه حبل الجماعة، وبنيت عليه أركان الطاعة، واقدموا على الله مظلومين، ولا تقدموا عليه ظالمين، واتقوا مدارج الشيطان، ومهابط العدوان) انتهى كلامه رضي الله عنه ... فما أعظمه من وصف بليغ، وبيان دقيق، لحقيقة الفتن وواقعها، وما أجلّها من نصائح صدرت من قلبٍ امتلأ إيماناً ويقيناً، وبصيرةً وعلماً، ابتُلي بالفتن فخبرها ، واصطلى بنارها فصبر عليها ، وأبلى بلاء عظيماً في القضاء عليها ، وسنّ فيها للأمة سنناً باقيات إلى أن تقوم الساعة ، فهل من متعظ ومعتبر ..
إن الواجب على الأمة أن تراجع دينها، وتصحِّح مسيرتها، وأن تصطلح مع ربها .. وأن تسعى جاهدة لترضي خالقها .. في جميع شؤونها وعلى كل مستوياتها ، وأن تكثر من الاستغفار والتوبة والتضرع إلى الله جل وعلا لأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يحفظ الإسلام وأهله من كيد الكائدين ، وشر الأعداء المتربصين، فإن ذلك من أسباب تنزل الرحمات الإلهية، والألطاف الربانية، وزوال الخطوب المدلهمَّة، ورفع البلاء عن الأمة، كما قال عز وجل: {لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ،
فاتقوا الله أمة الإسلام، واحذروا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وتوبوا إلى الله تعالى، وتقربوا إليه بصالح الأعمال، وتضرعوا إلى ربكم جل وعلا أن يكشف عن أمة الإسلام البلاء والفتن، وأن يرفع عنها المصائب والمحن، فإنه سبحانه سميع مجيب، وإنه تعالى نعم المولى ونعم النصير .. اللهم صلى ..
المخرج من المصائب عندما تحدق بنا
الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:
إن المصائب التي يبتلي الله عز وجل بها عباده آتيةٌ بقضاء من عنده وبحكم من حكمته وهي عصي تأديب هابطة إلى العبد من لدن قيوم السموات والأرض، فما ينبغي أن نُحْجَبَ عن هذه الحقيقة بما يجند الله سبحانه وتعالى لقضائه من أسباب، ما ينبغي أن نُحْجَبَ عن رؤية المُسَبِّب بالأسباب المادية الجزئية التي كثيراً ما نحبس أنفسنا داخل أقطارها. تعالوا يا عباد الله نتجاوز أقطار هذه الجنود التي يجندها الله عز وجل لحكمه لقضائه النافذ، تعالوا نقف أمام الحاكم الأوحد الذي يقضي في عباده بما يشاء.
ألا فلنصغ السمع أولاً إلى بعضٍ من الآيات التي يؤكد لنا فيها بيان الله عز وجل أن المصائب والابتلاءات التي يُبْتَلَى بها العباد إنما تأتي من لدن رب العالمين مباشرة، تعالوا نصغي إلى قوله عز وجل:
(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63].
ما أظن أني بحاجة إلى أن ألفت نظري وأنظاركم إلى الربط.
تعالوا نصغ السمع إلى قوله عز وجل:
(وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى: 30].
تعالوا نتدبر قوله سبحانه وتعالى:
(أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران: 165].
إذاً المصائب أياً كانت إنما هي عصي تأديب هابطة إلى العباد من لدن رب العباد سبحانه وتعالى، أما الأسباب الظاهرة فجنود لله عز وجل:
(وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدثر: 31].
ولكن تعالوا نتساءل يا عباد الله: ما المخرج من هذه المصائب عندما تحدق بنا وما السبيل إلى أن تبتعد عنا؟
أولاً لابد أن نصغي السمع إلى ما يقوله المنطق:
الذي يرفع البلاء إنما هو الذي أرسله، والذي يكشف الغماء إنما هو ذاك الذي بعثه، هذه حقيقة لا يجهلها أحد، فإذا كانت المصائب آتية بقضاء وحكم من مولانا وخالقنا عز وجل فلنعلم يقيناً بما يجزم به المنطق أنها لا ترتفع إلا عن طريق من قد أنزلها ألا وهو الله سبحانه وتعالى، تعالوا نصغي السمع في هذا إلى ما يبينه لنا الله سبحانه وتعالى:
(وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس: 107].
هذا هو قرار الله.
(وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ) لهذا الضر (إِلاَّ هُوَ) إلا الله سبحانه وتعالى.
حسناً تعالوا نسأل مولانا وخالقنا: كيف السبيل يا ربي إلى أن ترفع عنا هذا البلاء؟ لقد مسنا الضر وقد علمنا أنه لم يمسنا إلا بقضاء من لدنك فكيف السبيل إلى أن تكشف عنا هذا الذي مسنا بحكم من لدنك؟ ويأتي الجواب من لدن مولانا الذي نتوجه إليه بهذا السؤال:
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) [هود: 3].
هذا هو الجواب.
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً) تنقشع الغمة ويرتفع البلاء ويأتي دور التمتيع بالنعم (يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ).
وها هنا النقطة التي ينبغي أن نقف عندها، ها هنا الدواء الذي يبصرنا به بيان الله عز وجل.
وأنا يا عباد الله إنما أخاطب نفسي مؤمناً بأني عبد من عباده وأنه يراني الساعة ويسمع كلامي وأن مصيري إليه، وأقول هذا لكم مؤمناً بأنكم جميعاً موقنون بعبوديتنا لله وبأننا نتحرك في قبضة الله وأن مصيرنا إلى وقفة لا ريب فيها بين يدي الله عز وجل.
ما العلاج الذي به تنكشف الغمة والذي به تعود المتعة بل سلسلة المتع التي يكرم الله عز وجل بها عباده؟ إنما هي التوبة والإنابة إلى الله عز وجل، هكذا يقول الله، وهذا هو الدواء الذي يشير لنا إليه:
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ) [هود: 3].
عباد الله: أنا أدعو نفسي أولاً وأدعوكم جميعاً وأدعو كل من يصغي
السمع إلى كلامي الساعة، أدعو أنفسنا جميعاً وإخواننا جميعاً وقد آمنا بالله عز وجل أن نعود إليه، أن نصطلح معه، أن نتوب إليه، أن نعلن بين يديه بصدق أننا قد انقطعنا عن الأوزار التي خضنا فيها خوضاً طويلاً وأننا قد أُبْنَا إليه وعدنا إليه وتبنا إليه فاقبل اللهم توبة التائبين إليك.
تعالوا يا عباد الله نتوجه إلى الله بقلوب نابضة بصدق الإنابة إليه، إن نحن فعلنا هذا الذي أمرنا الله عز وجل به إذ قال:
(وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً) [هود: 3].
إن نحن صدقنا في التوبة إلى الله وأصلحنا ما أوغلنا فيه من الفساد وقَوَّمْنَا ما خضنا فيه من الاعوجاج فأنا أضمن بضمانة الله أن البلاء سيرتفع وأن الغمة ستنقشع ولكن أين هم الذين يستجيبون لنداء الله؟! ألتفت يميناً وشمالاً فأجد أن القوم أو جلهم يخوضون في متاهات متنوعة من المعاصي والأوزار، ترى هل أيقظ هذا البلاء الذي يطوف بنا أو نطوف به هل أيقظ بعضاً من هؤلاء الناس إلى توبة؟ هل نبههم من غفلة؟ هل أعادهم للنظر إلى هوياتهم؟
عباد الله: كم وكم في مجتمعاتنا من أناس يقتنصون أموال الآخرين بالرشاوي وبالمعاملات الباطلة الفاسدة وأنتم تعلمون ذلك. هل يوجد فيهم عشرة فقط تابوا إلى الله عز وجل ورجعوا إليه وأعلنوا أنهم عائدون تائبون وأنهم سيبتعدون عن الظلم ولسوف يعيدون الحقوق إلى أصحابها؟ إنكم لتعلمون أن كثرة كثيرة كبرى من عباد الله عز وجل ذكوراً وإناثاً لا يعرفون شيئاً من معنى الصلاح ولا يتوجهون في يومٍ من الأيام إلى قبلة الله، تمر السنة تلو السنة ولا يقرؤون آية في كتاب الله، ترى هل فيهم عشرة استيقظوا بسبب هذه العصي التي تنتابنا من عند الله فتابوا وآبوا إلى الله وتوجهوا إلى قبلة الله وتوجهوا ساجدين لعظمة الله وأقبلوا إلى كتاب الله يتلونه أو يصغون إليه؟ إنكم لتعلمون أن ليالي بلادنا هذه تحتضن الكثير والكثير من العاكفين على الغي، من العاكفين على الفسوق والطغيان واللهو المحرم، ترى هل فيهم عشرة أيقظتهم عصي التأديب الإلهي فأقلعوا عن هذا الغي، عادوا وتابوا وآبوا إلى الله عز وجل؟ هل فيهم عشرة استجابوا لنداء الله القائل:
(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]
هذا سؤال أطرحه على نفسي وأطرحه عليكم جميعاً. فإذا مرَّ هذا البلاء الموقظ المنبه، وإذا كنا نعلم أنه آتٍ من عند الله عز وجل ولم نكن نسجن أنفسنا في الأسباب المادية الجزئية التي نراها فلنعلم إذاً أن هذه المحن إذا بقيت وبقينا معها سادرين في الغي، إذا بقيت وبقينا معها عاكفين على الظلم وعلى الفساد، إذا بقيت وبقينا معها معرضين عن دعوة قيوم السموات والأرض فلنعلم أن الأمر جد خطير، وليست خطورة هذا الأمر بتصور أو بتخيل من عندي وإنما هو قرار من الله القائل:
(وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) [هود: 3].
هذا الكلام يتحدث عن هذا الوضع الذي نحن فيه
(وَإِن تَوَلَّوْاْ) أي وإن تتولوا وتعرضوا عن دعوتي لكم إلى التوبة، إلى العودة إلى الله عز وجل فإني أحذركم من عذاب كبير قادم.
وحصيلة القول يا عباد الله أننا – وقد آمنا بالله، وقد آمنا بهوياتنا عبيداً مملوكين أذلاء لسلطان الله – أدعو نفسي وأدعوكم جميعاً على اختلاف الفئات والرتب إلى التوبة والإنابة إلى الله عز وجل، نقول كما كان يكرر رسول الله r: (آيبون، تائبون، لربنا حامدون). قولوها يا عباد الله في أسراركم قبل أن تقولوها بجهر فيما بينكم، قوموا في الأسحار واطرقوا باب الملك الجبار واستنزلوا الرحمة بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل، إن نحن فعلنا هذا انحسرت الغمة وأنا الضامن بهذا بقرار أنقله إليكم من لدن رب العالمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وبعد:
فقد صح عن رسول الله r أنه قال: (لم يشكر الله من لم يشكر الناس). وقد كانت البادرة التي فاجئ بها السيد الرئيس بشار الأمة بهذا العفو الشامل العام، كانت هذه البادرة داخلة في قرار الله عز وجل القائل:
(وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت: 34].
وإني لأرجو أن يكون دافعه إلى هذا انقياداً لهذا الأمر الرباني، لهذه الدعوة الإلهية إذاً فإنني لأعد هذه المبادرة براعة استهلال بين يدي خير كبير سيتحقق إن شاء الله تعالى من ورائه. ونحن مكلفون بأن نحسن الظن وبأن نقدم التفاؤل على التشاؤم دائماً، كنا ولا نزال متفائلين، كيف لا وقد سبقت رحمة الله عز وجل غضبه دائماً.
2024/09/30 23:45:25
Back to Top
HTML Embed Code: