Telegram Web Link
والناس في هذا الموقف فريقان الفريق الأول يفرح بقراءة هذا الكتاب وشهادة هذا الشاهد وهم الذين يتناولون كتابهم بأيمانهم حينها يعرض الواحد منهم كتابه على الآخرين مستبشرا مسرورا (( *هاؤمُ اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاقٍ حسابيه فهو في عيشة راضية))*.
والفريق الآخر يبكي ويتحسر ويتندم عندما يعرض عليهم هذا الكتاب فيخافون ويدعون على أنفسهم بالويل والثبور يقول الله تعالى واصفا حال هذا الفريق (( *ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفيقين ممافيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا*)).
أصحاب هذا الفريق يأخذ كل واحد منهم كتابه بشماله عند ذلك تظهر الحسرة والندامة بل يتمنى الواحد منهم أن يقضى عليه بالعذاب ولا يعرض عليه هذا الكتاب (( *وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابه ولم أدرِ ما حسابيه ياليتها كانت القاضية، ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانية*))
ومن الشهود أيضًا *الأنبياء والرسل*
قال تعالى(( *فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا*))
فقد بعث الله في كل أمة نبي أو رسول (( *وإن من أمة إلا خلا فيها نذير*)) ونحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد خاطبنا على وجه التخصيص (( *ويكون الرسولُ عليكم شهيدا*))، فحري بنا أن نحسن اتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن نهتدي بهديه، وأن نتخلق بأخلاقه، ونكثر من الصلاة عليه، حتى يأتي يوم القيامة شفيعا لنا ويكون شاهدًا لنا لا علينا، فاللهم صل وسلم عليه وعلى آله، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

*الخطبة الثانية*
الحمدلله الذي لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء والصلاة والسلام على النبي المصطفى.
أما بعد
وما زالت الشهود تتوارى شاهد بعد شاهد، ولكن هذه المرة شهود غريبة، إنها *جوارح وحواس الإنسان نفسه!*
ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ، ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺎﻝ: ﺿﺤﻚ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺫاﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﺗﺒﺴﻢ ، ﻓﻘﺎﻝ: "ﺃﻻ ﺗﺴﺄﻟﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﺃﻱ ﺷﻲء ﺿﺤﻜﺖ؟ " ﻗﺎﻟﻮا: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﻲء ﺿﺤﻜﺖ؟ ﻗﺎﻝ: "ﻋﺠﺒﺖ ﻣﻦ ﻣﺠﺎﺩﻟﺔ اﻟﻌﺒﺪ ﺭﺑﻪ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻳﻘﻮﻝ: ﺃﻱ ﺭﺑﻲ، ﺃﻟﻴﺲ ﻭﻋﺪﺗﻨﻲ ﺃﻻ ﺗﻈﻠﻤﻨﻲ؟ ﻗﺎﻝ: ﺑﻠﻰ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻓﺈﻧﻲ ﻻ ﺃﻗﺒﻞ ﻋﻠﻲ ﺷﺎﻫﺪا ﺇﻻ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ. ﻓﻴﻘﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺗﺒﺎﺭﻙ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ: ﺃﻭ ﻟﻴﺲ ﻛﻔﻰ ﺑﻲ ﺷﻬﻴﺪا، ﻭﺑﺎﻟﻤﻼﺋﻜﺔ اﻟﻜﺮاﻡ اﻟﻜﺎﺗﺒﻴﻦ؟! ﻗﺎﻝ: ﻓﻴﺮﺩﺩ ﻫﺬا اﻟﻜﻼﻡ ﻣﺮاﺭا". ﻗﺎﻝ: "ﻓﻴﺨﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﻴﻪ، ﻭﺗﺘﻜﻠﻢ ﺃﺭﻛﺎﻧﻪ ﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﺑﻌﺪا ﻟﻜﻦ ﻭﺳﺤﻘﺎ، ﻋﻨﻜﻦ ﻛﻨﺖ ﺃﺟﺎﺩﻝ".
وذلك قوله تعالى (( *اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون*))، فتارةً يختم على الفم ولا تتكلم اللسان وتارةً تقر اللسان وتشهد على صاحبها عما تكلم من الكلمات المحرمة الخبيثة والقاذفة قال بعد آية القذف (( *يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون*))، وفي موضع آخر تشهد الحواس على المجرمين عند عروضهم على النار قال تعالى (( *ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون* )) فكلمة الجلود تشير إلى أن أي عضو من الإنسان سيشهد على صاحبه إن استعمله بالحرام ومات قبل أن يتوب،
فالفخذ سيشهد كما أخبر بذلك ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ حين قال: "ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻹﻧﺴﺎﻥ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻳﻮﻡ ﻳﺨﺘﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﻮاﻩ، ﻓﺨﺬﻩ ﻣﻦ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺸﻤﺎﻝ".
فهؤلا شهود منك وفيك سيشهدون عليك إن استعملتهم في الشر ولم تستغلهم بالخير والطاعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأين الذين يذهبون بأرجلهم إلى الحرام ويجاهرون ربهم بالمعاصي، أين الذين يبطشون بأيديهم ويعتدون على ممتلكات الآخرين أين أصحاب الأيدي الطويلة التي تجرأت أن تعتدي حتى على الأموال والممتلكات العامة وخزانة الدولة بل الأشد من ذلك الإعتداء على المصالح الخيرية العامة وقطع الصدقات الجارية، والبسطة على الوقف المتعلق بحق الله تعالى، ليتذكر هؤلاء أن هذه اليد ستشهد على بطشهم وإعتداءاتهم، أين الذين يبصرون وينظرون إلى الحرام، كالنظر إلى الصور الخليعة في الجوالات وغيرها، تذكروا أن أعينكم ستشهد عليكم، أين الذين سخروا أسماعهم إلى استماع الأراجيف والغيبة والأغاني الماجنة الصاخبة، أين أصحاب الألسن المستهزئة التي يخرج منها كل خبيث وسوء، اعلموا علم اليقين أن هذه الحواس ستشهد عليكم إن لم تستعملوها في طاعة الله واتباع الحق، ماذا عليك وماذا تخسر إن عودت وجاهد لسانك على ألا تقول إلا خيرا وعينك لا تنظر إلا إلى ماهو مباح وأذنك لا تسمع إلا ما يرضي الله، لنوظف هذه الأرجل والأيدي في عمل الخير والبناء، حينها ستشهد هذه الجوارح لنا لا علينا وإن شاء الله سنخرج من هذا الوضع العصيب بإذنه سبحانه.
وهناك شاهد آخر وهذا الشاهد من النوع الجماد إنها *الأرض* قال تعالى (( *وقال الإنسان مالها يومئذٍ تحدث أخبارها*))، هذه الأرض التي طالما عمرتها وعشت على ظاهرها وأكلت من خيراتها وشربت من ماءها ستشهد عليك إن لم تعمرها بعبادة الله وبدلا من ذلك سعيت في إفسادها، فينبغي علينا أن نعمل على صلاح هذه الأرض التي نراها اليوم جدبة يابسة أصابها القحط والشدة فلنسقيها بالتراحم فيما بيننا وتعميق أخوتنا ولنحقق على ظاهرها تقوى الله.
صلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة عليه اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وأصحابه اجمعين.

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر
ﺧﻄﺒﺔ ﻋﻦ ‏( ﻣﻦ
ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺠﻮﺩ
ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ‏) ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ‏( ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ‏)
ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ .ﻭﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﺃﻥ ﺟﻌﻠﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻩ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ . ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ . ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ
ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ
ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ‏( ﻋَﻦْ ﻣُﻮﺳَﻰ ﺑْﻦِ ﺃَﻧَﺲٍ ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻗَﺎﻝَ ﻣَﺎ
ﺳُﺌِﻞَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋَﻠَﻰ ﺍﻹِﺳْﻼَﻡِ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﺇِﻻَّ
ﺃَﻋْﻄَﺎﻩُ – ﻗَﺎﻝَ – ﻓَﺠَﺎﺀَﻩُ ﺭَﺟُﻞٌ ﻓَﺄَﻋْﻄَﺎﻩُ ﻏَﻨَﻤًﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺟَﺒَﻠَﻴْﻦِ ﻓَﺮَﺟَﻊَ ﺇِﻟَﻰ
ﻗَﻮْﻣِﻪِ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺃَﺳْﻠِﻤُﻮﺍ ﻓَﺈِﻥَّ ﻣُﺤَﻤَّﺪًﺍ ﻳُﻌْﻄِﻰ ﻋَﻄَﺎﺀً ﻻَ ﻳَﺨْﺸَﻰ
ﺍﻟْﻔَﺎﻗَﺔَ .‏)، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( ﻗَﺎﻝَ ﺃَﺑُﻮ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ – ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ – ﻗَﺎﻝَ
ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ‏« ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﻟِﻲ ﻣِﺜْﻞُ ﺃُﺣُﺪٍ ﺫَﻫَﺒًﺎ
، ﻣَﺎ ﻳَﺴُﺮُّﻧِﻲ ﺃَﻥْ ﻻَ ﻳَﻤُﺮَّ ﻋَﻠَﻰَّ ﺛَﻼَﺙٌ ﻭَﻋِﻨْﺪِﻱ ﻣِﻨْﻪُ ﺷَﻲْﺀٌ ، ﺇِﻻَّ ﺷَﻲْﺀٌ
ﺃُﺭْﺻِﺪُﻩُ ﻟِﺪَﻳْﻦٍ ‏» .
ﺇﺧﻮﺓ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﺇﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ؛ ﻭﻗﺪ ﻣﺜَّﻞ ﺍﻟﻨَّﺒﻲُّ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻤﺜﻞ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠُﻮﺩ ﻭﺍﻟﻜَﺮَﻡ
ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ، ﻓﻜﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺟﻮﺩ ﺍﻟﻨَّﺎﺱ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( ﻋَﻦِ ﺍﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ – ﺭﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ – ﻗَﺎﻝَ ﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ –
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃَﺟْﻮَﺩَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ، ﻭَﺃَﺟْﻮَﺩُ ﻣَﺎ ﻳَﻜُﻮﻥُ ﻓِﻰ
ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ‏) ، ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ
ﻓﻲ ﺣﺒِّﻪ ﻟﻠﻌﻄﺎﺀ، ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻄﻲ ﻋﻄﺎﺀ ﻣَﻦ ﻻ ﻳﺤﺴﺐ ﺣﺴﺎﺑًﺎ ﻟﻠﻔﻘﺮ
ﻭﻻ ﻳﺨﺸﺎﻩ، ﺛﻘﺔ ﺑﻌﻈﻴﻢ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺇﻳﻤﺎﻧًﺎ ﺑﺄﻧَّﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺯَّﺍﻕ ﺫﻭ
ﺍﻟﻔﻀﻞ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ . ﺭﻭﻯ ﻣﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﺤﻪ ‏( ﻋَﻦْ ﻣُﻮﺳَﻰ ﺑْﻦِ ﺃَﻧَﺲٍ ﻋَﻦْ
ﺃَﺑِﻴﻪِ ﻗَﺎﻝَ ﻣَﺎ ﺳُﺌِﻞَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋَﻠَﻰ ﺍﻹِﺳْﻼَﻡِ
ﺷَﻴْﺌًﺎ ﺇِﻻَّ ﺃَﻋْﻄَﺎﻩُ – ﻗَﺎﻝَ – ﻓَﺠَﺎﺀَﻩُ ﺭَﺟُﻞٌ ﻓَﺄَﻋْﻄَﺎﻩُ ﻏَﻨَﻤًﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺟَﺒَﻠَﻴْﻦِ
ﻓَﺮَﺟَﻊَ ﺇِﻟَﻰ ﻗَﻮْﻣِﻪِ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺃَﺳْﻠِﻤُﻮﺍ ﻓَﺈِﻥَّ ﻣُﺤَﻤَّﺪًﺍ ﻳُﻌْﻄِﻰ ﻋَﻄَﺎﺀً ﻻَ
ﻳَﺨْﺸَﻰ ﺍﻟْﻔَﺎﻗَﺔَ .‏) ، ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﺮَّﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻳﻘﺪِّﻡ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻨَّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪﻭﺓ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ، ﻻﺳﻴَّﻤﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧَّﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ
ﻋﻄﺎﺀﺍﺗﻪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴَّﺔ، ﻣﻄـﺒِّــﻘًﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼُّﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻟﻴَّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ، ﻓﻘﺪ
ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ ﻭﻣﺴﺮَّﺗﻪ ﻋﻈﻴﻤﺘﻴﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺬﻝ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻣِﻦ
ﻣﺎﻝ . ﺛﻢَّ ﺇﻧَّﻪ ﻳﺮﺑِّﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﻭﻋﻤﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺧُﻠُﻖ ﺣﺐِّ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ،
ﺇﺫ ﻳﺮﻳﻬﻢ ﻣِﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﺟﻤﻞ ﺻﻮﺭﺓ ﻟﻠﻌﻄﺎﺀ ﻭﺃﻛﻤﻠﻬﺎ ،ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( ﺟُﺒَﻴْﺮُ ﺑْﻦُ ﻣُﻄْﻌِﻢٍ ﺃَﻧَّﻪُ ﺑَﻴْﻨَﻤَﺎ ﻫُﻮَ ﻳَﺴِﻴﺮُ ﻣَﻊَ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ – ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻭَﻣَﻌَﻪُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ، ﻣَﻘْﻔَﻠَﻪُ ﻣِﻦْ ﺣُﻨَﻴْﻦٍ ، ﻓَﻌَﻠِﻘَﻪُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ
ﻳَﺴْﺄَﻟُﻮﻧَﻪُ ﺣَﺘَّﻰ ﺍﺿْﻄَﺮُّﻭﻩُ ﺇِﻟَﻰ ﺳَﻤُﺮَﺓٍ ﻓَﺨَﻄِﻔَﺖْ ﺭِﺩَﺍﺀَﻩُ ، ﻓَﻮَﻗَﻒَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ –
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻓَﻘَﺎﻝَ ‏« ﺃَﻋْﻄُﻮﻧِﻲ ﺭِﺩَﺍﺋِﻲ ، ﻟَﻮْ ﻛَﺎﻥَ ﻟِﻲ ﻋَﺪَﺩُ
ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﻌِﻀَﺎﻩِ ﻧَﻌَﻤًﺎ ﻟَﻘَﺴَﻤْﺘُﻪُ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢْ ، ﺛُﻢَّ ﻻَ ﺗَﺠِﺪُﻭﻧِﻲ ﺑَﺨِﻴﻼً ﻭَﻻَ ﻛَﺬُﻭﺑًﺎ
ﻭَﻻَ ﺟَﺒَﺎﻧًﺎ ‏» ، ﻭﺃﻫﺪﺕ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨَّﺒﻲِّ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴَّﻼﻡ ﺷﻤﻠﺔً
ﻣﻨﺴﻮﺟﺔ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ : ‏(ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃَﻛْﺴُﻮﻙَ ﻫَﺬِﻩِ .
ﻓَﺄَﺧَﺬَﻫَﺎ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻣُﺤْﺘَﺎﺟًﺎ ﺇِﻟَﻴْﻬَﺎ ، ﻓَﻠَﺒِﺴَﻬَﺎ ،
ﻓَﺮَﺁﻫَﺎ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺭَﺟُﻞٌ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺼَّﺤَﺎﺑَﺔِ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﺃَﺣْﺴَﻦَ ﻫَﺬِﻩِ
ﻓَﺎﻛْﺴُﻨِﻴﻬَﺎ . ﻓَﻘَﺎﻝَ ‏« ﻧَﻌَﻢْ ‏» . ﻓَﻠَﻤَّﺎ ﻗَﺎﻡَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
– ﻻَﻣَﻪُ ﺃَﺻْﺤَﺎﺑُﻪُ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﻣَﺎ ﺃَﺣْﺴَﻨْﺖَ ﺣِﻴﻦَ ﺭَﺃَﻳْﺖَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲَّ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃَﺧَﺬَﻫَﺎ ﻣُﺤْﺘَﺎﺟًﺎ ﺇِﻟَﻴْﻬَﺎ ، ﺛُﻢَّ ﺳَﺄَﻟْﺘَﻪُ ﺇِﻳَّﺎﻫَﺎ ، ﻭَﻗَﺪْ ﻋَﺮَﻓْﺖَ
ﺃَﻧَّﻪُ ﻻَ ﻳُﺴْﺄَﻝُ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﻓَﻴَﻤْﻨَﻌَﻪُ . ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺭَﺟَﻮْﺕُ ﺑَﺮَﻛَﺘَﻬَﺎ ﺣِﻴﻦَ ﻟَﺒِﺴَﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ
– ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻟَﻌَﻠِّﻰ ﺃُﻛَﻔَّﻦُ ﻓِﻴﻬَﺎ ‏)، ﻭﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻳُﺆْﺛِـﺮ ﻏﻴﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻴﻌﻄﻲ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﻳﻤﻀﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸَّﻬﺮ
ﻭﺍﻟﺸَّﻬﺮﺍﻥ ﻻ ﻳُﻮﻗَﺪ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻧﺎﺭٌ – . ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺮﻣﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺮﻣًﺎ ﻓﻲ ﻣﺤﻠِّﻪ، ﻳﻨﻔﻖ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻟﻠﻪ ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ، ﺇﻣَّﺎ ﻟﻔﻘﻴﺮ، ﺃﻭ ﻣﺤﺘﺎﺝ،
ﺃﻭ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻭ ﺗﺄﻟﻴﻔًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﺃﻭ ﺗﺸﺮﻳﻌًﺎ ﻟﻸﻣَّﺔ، ﻭﻏﻴﺮ
ﺫﻟﻚ .
ﻓﻤﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﻛﺮﻣﻪ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﺳﺨﺎﺀ ﻧﻔﺴﻪ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻣﺎ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼِّﻔﺔ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ ﺇﻟَّﺎ ﺟﺰﺀٌ ﻣِﻦ ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﺼِّﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺗﺼﻒ ﺑﻬﺎ
ﺣﺒﻴﺒﻨﺎ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻼ ﺃﺑﻠﻎ ﻣﻤَّﺎ ﻭﺻﻔﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ
ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ‏( ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ ‏) ‏[ ﺍﻟﻘﻠﻢ : 4 ‏] . ﻭﻫﺎ ﻫﻲ
ﺧﺪﻳﺠﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ - ﺗﺼﻒ ﻛﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ : ﻛﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ
ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏(ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ ﺧَﺪِﻳﺠَﺔُ ﻛَﻼَّ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪِ ﻣَﺎ ﻳُﺨْﺰِﻳﻚَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺃَﺑَﺪًﺍ ، ﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﺘَﺼِﻞُ
ﺍﻟﺮَّﺣِﻢَ ، ﻭَﺗَﺤْﻤِﻞُ ﺍﻟْﻜَﻞَّ ، ﻭَﺗَﻜْﺴِﺐُ ﺍﻟْﻤَﻌْﺪُﻭﻡَ ، ﻭَﺗَﻘْﺮِﻯ ﺍﻟﻀَّﻴْﻒَ ، ﻭَﺗُﻌِﻴﻦُ
ﻋَﻠَﻰ ﻧَﻮَﺍﺋِﺐِ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ‏) .
ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻛﻠﻬﺎ ﻧﺎﺷﺌﺔ ﻋﻦ ﺑﺎﻟﻎ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﺍﻟﺠﻮﺩ؛ ﺇﺫ ﻫﻲ
ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻌﻨﻲ ﺍﻟﺒﺬﻝ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ . ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻒ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ - ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻛﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻔﻲ ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ‏( ﻋَﻦِ ﺍﺑْﻦِ ﻋَﺒَّﺎﺱٍ
ﻗَﺎﻝَ ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃَﺟْﻮَﺩَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ،
ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺃَﺟْﻮَﺩُ ﻣَﺎ ﻳَﻜُﻮﻥُ ﻓِﻲ ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ﺣِﻴﻦَ ﻳَﻠْﻘَﺎﻩُ ﺟِﺒْﺮِﻳﻞُ ، ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﻠْﻘَﺎﻩُ
ﻓِﻲ ﻛُﻞِّ ﻟَﻴْﻠَﺔٍ ﻣِﻦْ ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ﻓَﻴُﺪَﺍﺭِﺳُﻪُ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥَ ، ﻓَﻠَﺮَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ – ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﺃَﺟْﻮَﺩُ ﺑِﺎﻟْﺨَﻴْﺮِ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺮِّﻳﺢِ ﺍﻟْﻤُﺮْﺳَﻠَﺔِ‏)
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ
ﻭﻟﻮ ﺗﺄﻣَّﻠﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﻴﺮﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎﻩ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻳﺤﺚُّ
ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﻔﺎﻕ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ، ﻓﺎﻟﻜﺮﻡ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻌﺔ، ﻭﺍﻟﺴﺨﺎﺀ ﺳﺒﺐ
ﺍﻟﻨﻤﺎﺀ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻟﺼﺤﺎﺑﺘﻪ ﻭﻣِﻦْ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺃُﻣَّﺘَﻪ ﺗﻌﻠﻴﻤًﺎ ﻟﻬﻢ
ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﻟﻨﻔﻮﺳﻬﻢ : ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ ‏( ﻋَﻦْ ﺃَﺑِﻰ ﻫُﺮَﻳْﺮَﺓَ ﻗَﺎﻝَ ﻗَﺎﻝَ
ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ‏« ﻣَﺎ ﻣِﻦْ ﻳَﻮْﻡٍ ﻳُﺼْﺒِﺢُ ﺍﻟْﻌِﺒَﺎﺩُ ﻓِﻴﻪِ
ﺇِﻻَّ ﻣَﻠَﻜَﺎﻥِ ﻳَﻨْﺰِﻻَﻥِ ﻓَﻴَﻘُﻮﻝُ ﺃَﺣَﺪُﻫُﻤَﺎ ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺃَﻋْﻂِ ﻣُﻨْﻔِﻘًﺎ ﺧَﻠَﻔًﺎ . ﻭَﻳَﻘُﻮﻝُ
ﺍﻵﺧَﺮُ ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﺃَﻋْﻂِ ﻣُﻤْﺴِﻜًﺎ ﺗَﻠَﻔًﺎ ‏» . ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻴﺎﺓ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻠﻬﺎ
ﻛﺬﻟﻚ ﺗﻄﺒﻴﻘًﺎ ﻋﻤﻠﻴًّﺎ ﻟﻤﺎ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻪ ﻭﻳﻘﻮﻟﻪ، ﻓﻨَﻌِﻢَ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﻇﻞِّ
ﺗﻌﺎﻟﻴﻤﻪ ﺑﺎﻷﻣﻦ ﻭﺍﻷﻣﺎﻥ، ﻭﺻﻮﺭ ﻛﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻭﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﻧﺪﺭﻙ ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺪﻳﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﺇﺫ ‏( ﻳَﻘُﻮﻝُ
ﻣَﺎ ﺳُﺌِﻞَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ – ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻋَﻦْ ﺷَﻲْﺀٍ ﻗَﻂُّ ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻻَ ‏)
ﻓﻬﺬﺍ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻋﻤﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺭﺩِّ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻠﺴﺎﺋﻠﻴﻦ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ
ﺃﺷﺪِّ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻳُﻄْﻠَﺐُ ﻣﻨﻪ . ﻭﺿﺮﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻘﺪﻭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀﻩ ﻣﺎﻝُ
ﺍﻟﺒﺤﺮﻳﻦ -ﻭﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﺃُﺗﻲ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ – ﻓﻘﺎﻝ : “ﺍﻧْﺜُﺮُﻭﻩُ ﻓِﻲ
ﺍﻟْﻤَﺴْﺠِﺪِ” . ﻓﻜﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺎﻟﻌﻄﺎﺀ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺴﻌﺪ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ “ : ﻣَﺎ ﻳَﺴُﺮُّﻧِﻲ ﺃَﻥَّ ﻋِﻨْﺪِﻱ ﻣِﺜْﻞَ ﺃُﺣُﺪٍ ﺫَﻫَﺒًﺎ، ﺗَﻤْﻀِﻲ ﻋَﻠَﻲَّ
ﺛَﺎﻟِﺜَﺔٌ ﻭَﻋِﻨْﺪِﻱ ﻣِﻨْﻪُ ﺩِﻳﻨَﺎﺭٌ ﺇِﻻَّ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﺃَﺭْﺻُﺪُﻩُ ﻟِﺪَﻳْﻦٍ، ﺇِﻻَّ ﺃَﻥْ ﺃَﻗُﻮﻝَ ﺑِﻪِ ﻓِﻲ
ﻋِﺒَﺎﺩِ ﺍﻟﻠﻪِ : ﻫَﻜَﺬَﺍ، ﻭَﻫَﻜَﺬَﺍ، ﻭَﻫَﻜَﺬَﺍ . ﻋَﻦْ ﻳَﻤِﻴﻨِﻪِ ﻭَﻋَﻦْ ﺷِﻤَﺎﻟِﻪِ ﻭَﻣِﻦْ
ﺧَﻠْﻔِﻪِ ”…
ﺃﻗﻮﻝ ﻗﻮﻟﻲ ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ
ﻭﻟﻜﻢ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ‏( ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺠﻮﺩ
ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ ‏) ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻹﺳﻼﻡ
ﻭﺍﻹﻳﻤﺎﻥ .ﻭﻟﻚ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﺃﻥ ﺟﻌﻠﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻩ ﺍﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ . ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ . ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ
ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ . ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ
ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﻮﺩﻩ ﻭﻛﺮﻣﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳﺒﺒًﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺇﺳﻼﻡ
ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ؛ ﻷﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻳُﻌﻄﻲ ﻋﻄﺎﺀ ﻣَﻦْ ﻻ ﻳﺨﺸﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮ، ﻓﻌﻦ ﺃﻧﺲ
ﻗﺎﻝ “ : ﻣَﺎ ﺳُﺌِﻞَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻹِﺳْﻼَﻡِ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﺇِﻻَّ ﺃَﻋْﻄَﺎﻩُ . ﻗَﺎﻝَ :
ﻓَﺠَﺎﺀَﻩُ ﺭَﺟُﻞٌ ﻓَﺄَﻋْﻄَﺎﻩُ ﻏَﻨَﻤًﺎ ﺑَﻴْﻦَ ﺟَﺒَﻠَﻴْﻦِ، ﻓَﺮَﺟَﻊَ ﺇِﻟَﻰ ﻗَﻮْﻣِﻪِ، ﻓَﻘَﺎﻝَ : ﻳَﺎ
ﻗَﻮْﻡِ، ﺃَﺳْﻠِﻤُﻮﺍ؛ ﻓَﺈِﻥَّ ﻣُﺤَﻤَّﺪًﺍ ﻳُﻌْﻄِﻲ ﻋَﻄَﺎﺀً ﻻَ ﻳَﺨْﺸَﻰ ﺍﻟْﻔَﺎﻗَﺔَ ” .
ﻭﻣﻦ ﺻﻮﺭ ﻛﺮﻡ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺮُّﺑَﻴِّﻊ ﺑﻨﺖ ﻣُﻌَﻮِّﺫ ﺍﺑﻦ ﻋﻔﺮﺍﺀ - ﺭﺿﻲ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ - ﻗﺎﻟﺖ : ﺃﺗﻴﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺑِﻘِﻨَﺎﻉٍ ﻣﻦ ﺭُﻃَﺐٌ، ﻭَﺃَﺟْﺮٍ ﻣﻦ ﻗﺜَّﺎﺀٍ
ﺯُﻏْﺐٍ ، ﻓﺄﻋﻄﺎﻧﻲ ﻣﻞﺀ ﻛﻔﻪ ﺣﻠﻴًّﺎ . ﺃﻭ ﻗﺎﻟﺖ : ﺫﻫﺒًﺎ . ﻭَﻗَﺎﻝَ : “ ﺗَﺤَﻠَّﻲْ
ﺑِﻬَﺬَﺍ ” . ﻭﻫﺬﺍ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﻠﻎ ﻛﺮﻣﻪ ؛ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﻮﺩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ
ﺃﺗﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺭﻏﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﻳﻘﺒَﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻬﺪﻳﺔ
ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺿﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻭﻳﻜﺎﻓﺌُﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻜﺎﻓﺄﺓ
ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ . ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﺮﻳﺼًﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﻡ
ﻭﺍﻟﻌﻄﺎﺀ، ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻤﻮﺕ ! ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻎ ﺑﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺮﻡ ﻻ ﻳﺪﺍﻧﻴﻬﺎ ﻛﺮﻡ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﺖ
ﻋﺎﺋﺸﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ :- ﺍﺷﺘﺪَّ ﻭﺟﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﻨﺪﻩ ﺳﺒﻌﺔ
ﺩﻧﺎﻧﻴﺮ ﺃﻭ ﺗﺴﻌﺔ، ﻓﻘﺎﻝ : “ ﻳَﺎ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔُ، ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠَﺖْ ﺗِﻠْﻚَ ﺍﻟﺬَّﻫَﺐُ؟ ” ﻓﻘﻠﺖُ :
ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻱ . ﻗﺎﻝ : “ﺗَﺼَﺪَّﻗِﻲ ﺑِﻬَﺎ .” ﻗﺎﻟﺖ : ﻓﺸُﻐِﻠْﺖُ ﺑﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : “ ﻳَﺎ
ﻋَﺎﺋِﺸَﺔُ، ﻣَﺎ ﻓَﻌَﻠَﺖْ ﺗِﻠْﻚَ ﺍﻟﺬَّﻫَﺐُ؟ .” ﻓﻘﻠﺖ : ﻫﻲ ﻋﻨﺪﻱ . ﻓﻘﺎﻝ : “ ﺍﺋْﺘِﻨِﻲ
ﺑِﻬَﺎ .” ﻗﺎﻟﺖ : ﻓﺠﺌﺖُ ﺑﻬﺎ، ﻓﻮﺿﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻔِّﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : “ ﻣَﺎ ﻇَﻦُّ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ
ﺃَﻥْ ﻟَﻮْ ﻟَﻘِﻲَ ﺍﻟﻠﻪَ ﻭَﻫَﺬِﻩِ ﻋِﻨْﺪَﻩُ؟” ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﺣﺒﺎﻥ . ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻛﺮﻡ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺣﻨﻴﻦ ﻣﺒﻠﻐﻪ ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﺘﻨﺰ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻟﻨﻔﺴﻪ، ﻭﻳﻮﺯﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﺕ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ
ﺟﻨﻮﺩﻩ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺟﻴﺪًﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﻏﺎﻳﺔ،
ﻓﺎﺳﺘﺨﺪﻣﻪ ﻓﻲ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻗﻠﻮﺏ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻣﻜﺔ ﻛﺄﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ، ﻭﺣﻜﻴﻢ ﺑﻦ
ﺣِﺰﺍﻡ، ﻭﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ ﺃﺧﻮ ﺃﺑﻲ ﺟﻬﻞ، ﻭﺍﻟﻨﻀﻴﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺃﺧﻮ
ﺍﻟﻨﻀﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺤﺎﺭﺙ ﺷﻴﻄﺎﻥ ﻗﺮﻳﺶ ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺃﻟﺪِّ
ﺃﻋﺪﺍﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ، ﻭﻛﻤﺎ ﺃﻋﻄﻰ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ ﻛﻌُﻴﻴﻨﺔ ﺑﻦ
ﺣﺼﻦ ﺯﻋﻴﻢ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺑﻨﻲ ﻓﺰﺍﺭﺓ، ﻭﺍﻷﻗﺮﻉ ﺑﻦ ﺣﺎﺑﺲ ﺯﻋﻴﻢ ﺑﻨﻲ ﺗﻤﻴﻢ ؛
ﻓﻜﺎﻥ ﺟﻮﺩﻩ ﻭﻛﺮﻣﻪ ﺳﺒﺒًﺎ ﻣﻦ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺭﺳﻮﺥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ
ﻫﺆﻻﺀ، ﻭﻏﺪﺕ ﻛﻠﻤﺔ ﺃﻧﺲ ﺧﻴﺮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻬﻢ “ :ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ
ﻟﻴﺴﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﺇﻻَّ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻤﺎ ﻳﺴﻠﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ
ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ” .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﺮﻓًﺎ ﻭﻧﺴﺒًﺎ،
ﻭﺃﺟﻮﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺃﻛﺮﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﻭﺍﻹﻧﻔﺎﻕ، ﻛﻤﺎ ﺗﺮﻭﻱ ﻋﻨﻪ
ﺍﻟﺴﻴﺪﺓ ﻋﺎﺋﺸﺔ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ - ‏( ﻓﻌَﻦْ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﺫَﺑَﺤُﻮﺍ ﺷَﺎﺓً
ﻓَﻘَﺎﻝَ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲُّ -ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ‏« ﻣَﺎ ﺑَﻘِﻰَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ‏» . ﻗَﺎﻟَﺖْ ﻣَﺎ ﺑَﻘِﻰَ
ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺇِﻻَّ ﻛَﺘِﻔُﻬَﺎ . ﻗَﺎﻝَ ‏« ﺑَﻘِﻰَ ﻛُﻠُّﻬَﺎ ﻏَﻴْﺮَ ﻛَﺘِﻔِﻬَﺎ ‏» . ‏[ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ‏] . ﻭﻫﺬﺍ
ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﺼﺪﻕ ﺑﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻘﻲ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻭﻻ ﻳﻔﻨﻰ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺍﺳﺘﻌﻤﻠﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ‏( ﻣَﺎ ﻧَﻘَﺺَ ﻣَﺎﻝُ ﻋَﺒْﺪٍ ﻣِﻦْ ﺻَﺪَﻗَﺔٍ ‏) ‏[ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ‏] .
ﻓﺎﻟﺮَّﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻳﻘﺪِّﻡ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻨَّﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻟﻠﻘﺪﻭﺓ
ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ، ﻻﺳﻴَّﻤﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻼﺣﻆ ﺃﻧَّﻪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻋﻄﺎﺀﺍﺗﻪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴَّﺔ،
ﻣﻄـﺒِّــﻘًﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺼُّﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻮﻟﻴَّﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻌﺎﺩﺗﻪ
ﻭﻣﺴﺮَّﺗﻪ ﻋﻈﻴﻤﺘﻴﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﺒﺬﻝ ﻛﻞَّ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻩ ﻣِﻦ ﻣﺎﻝ .
ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ: ” ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺮَّﻓﻴﻌﺔ
ﻭﺁﺩﺍﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .“
ﺧﻄﺒﺔ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻌﻨﻮﺍﻥ : ” ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺮَّﻓﻴﻌﺔ ﻭﺁﺩﺍﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ .“
ﺃﺧﻼﻕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺮَّﻓﻴﻌﺔ ﻭﺁﺩﺍﺑﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ــــــــــــــ
ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻋﻠﻰ ﺇِﻓﻀﺎﻟﻪ، ﻭﺃﺷﻜﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺍﻟﻲ ﺁﻻﺋِﻪ،
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺎﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻓﺄﺷﻬﺪ ﺃﻥْ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﻭﻻ ﻧِﺪ ﻭﻻ ﻧَﻈﻴﺮ، ﻭﺃﺻﻠِّﻲ ﻭﺃﺳﻠِّﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ
ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ، ﻭﺧﺎﺗﻢ ﺃﻧﺒﻴﺎﺋﻪ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻓﺄﺷﻬﺪ
ﺃﻥَّ ﻣﺤﻤﺪًﺍ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟَﻤﻴﻦ ﺭﺣﻤﺔ، ﻭﺃُﺛَﻨِّﻲ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ
ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻣِﻦ ﺁﻝ ﺑﻴﺘﻪ، ﻭﻣﻌﻬﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻷﺋﻤﺔ
ﺍﻟﻤﻴﺎﻣﻴﻦ ﺍﻟﺒَﺮﺭﺓ، ﻭﺃﻃﻠﺒﻬﺎ ﻣِﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﺒﻌًﺎ، ﻓﺎﻟﻠﻬﻢ ﺍﺳﺘﺠﺐ.
ﺃﻣَّﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﻴﺎ ﺃﻣَّﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :
ﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺭﺑُّﻜﻢ ــ ﺟﻞَّ ﻭﻋﻼ – ﺩﺍﻋﻴًﺎ ﻟﻜﻢ ﻭﻣُﺮﻏِّﺒًﺎ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ
ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: } ﻟَﻘَﺪْ ﻛَﺎﻥَ ﻟَﻜُﻢْ ﻓِﻲ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃُﺳْﻮَﺓٌ ﺣَﺴَﻨَﺔٌ ﻟِﻤَﻦْ ﻛَﺎﻥَ
ﻳَﺮْﺟُﻮ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺍﻟْﻴَﻮْﻡَ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَ {.
ﻓﺄﺑﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ : ﺃﻥَّ ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺟﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻵﺧﺮ،
ﻓﺈﻥَّ ﻣﺎ ﻣﻌﻪ ﻣَﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﺧﻮﻑِ ﺍﻟﻠّﻪ، ﻭﺭﺟﺎﺀِ ﺛﻮﺍﺑﻪ، ﻭﺧﻮﻑِ
ﻋﻘﺎﺑﻪ، ﻳﺤﺜُّﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺄﺳِّﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺪﺍﺀِ ﻭﺍﻻﻫﺘﺪﺍﺀ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠّﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍﺗﻪ ﻭﺃﻗﻮﺍﻟﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ.
ﻓﺎﻗﺘﺪﻭﺍ ﻭﺗﺄﺳَّﻮﺍ ﻭﺍﻫﺘﺪﻭﺍ ﺑِﻪ ــ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﺭﺑِّﻲ ﻭﺳﻼﻣﻪ ﻋﻠﻴﻪ ــ ﻓﻲ
ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻣﻮﺭﻩ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻪ، ﻻﺳِﻴَّﻤﺎ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﺃﺩﺑَﻪ
ﺍﻟﺮَّﻓﻴﻊ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ، ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺫﺍ
ﺧُﻠﻖ ﻋﻈﻴﻢ ﻋﺎﻝٍ ﻛﺮﻳﻢ، ﻭﺃﺩﺏ ﻃﻴِّﺐ ﺟﻠﻴﻞ، ﻻ ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻭﻻ
ﻣﺜﻴﻞ، ﺷَﻬﺪَ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺭﺑُّﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺃﻭَّﻝ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻘﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ ﻓﻲ
ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺫﻟﻚ: } ﻭَﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﻌَﻠَﻰ ﺧُﻠُﻖٍ ﻋَﻈِﻴﻢٍ {.
ﻭﺷَﻬﺪ ﻟﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﻣَﻦ ﻋﺎﺷﺮﻩ ﻭﺧﺎﻟﻄﻪ ﻭﺟﺎﻟﺴﻪ، ﻭﻫُﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ــ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ــ، ﻓﺼﺢَّ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺮﺍﺀ ﺑﻦ ﻋﺎﺯﺏ ﻭﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ــ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ــ ﺃﻧَّﻬﻤﺎ ﻗﺎﻻ: )) ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ
ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺃَﺣْﺴَﻦَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﺧُﻠُﻘًﺎ (( ، ﻭﺻﺢَّ ﻋﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻫﺸﺎﻡ ــ ﺭﺣﻤﻪ
ﺍﻟﻠﻪ ــ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﺳَﺄَﻟْﺖُ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﻓَﻘُﻠْﺖُ :
ﺃَﺧْﺒِﺮِﻳﻨِﻲ ﻋَﻦْ ﺧُﻠُﻖِ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ؟ ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ :
ﻛَﺎﻥَ ﺧُﻠُﻘُﻪُ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥَ ((.
ﻭﺗﻌﻨﻲ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﺑﺬﻟﻚ : ﺃﻧَّﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻛﺎﻥ
ﻳﺘﺄﺩﺏ ﺑﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣِﻦ ﺁﺩﺍﺏ ﻃﻴِّﺒﺔ، ﻭﻳﺘﺨﻠَّﻖ ﺑِﻤﺎ ﺫُﻛِﺮ ﻓﻴﻪ
ﻣِﻦ ﺃﺧﻼﻕ ﻋﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻳَﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﻣِﻦ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﻭﻣﺤﺎﺳﻦ
ﻭﺻﻔﺎﺕ ﻃﻴِّﺒﺔ ﺟﻠﻴﻠﺔ، ﺗُﺰﻳِّﻨﻪ ﻭﺗﺮﻓﻌﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ.
ﻭﺷَﻬﺪ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺒﻞ ﺃﻥْ ﻳُﺒﻌﺚ، ﻓﺼﺢَّ ﺃﻥَّ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺮﻭﻡ
ﻫِﺮﻗﻞ ﻗﺎﻝ ﻷﺑﻲ ﺳُﻔﻴﺎﻥ ﻗﺒﻞ ﺇﺳﻼﻣﻪ : )) ﻭَﺳَﺄَﻟْﺘُﻚَ : ﻫَﻞْ ﻛُﻨْﺘُﻢْ
ﺗَﺘَّﻬِﻤُﻮﻧَﻪُ ﺑِﺎﻟﻜَﺬِﺏِ ﻗَﺒْﻞَ ﺃَﻥْ ﻳَﻘُﻮﻝَ ﻣَﺎ ﻗَﺎﻝَ، ﻓَﺰَﻋَﻤْﺖَ : ﺃَﻥْ ﻻَ، ﻓَﻌَﺮَﻓْﺖُ
ﺃَﻧَّﻪُ ﻟَﻢْ ﻳَﻜُﻦْ ﻟِﻴَﺪَﻉَ ﺍﻟﻜَﺬِﺏَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻭَﻳَﻜْﺬِﺏَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻠَّﻪِ ((، ﻭﺻﺢَّ
ﺃﻧَّﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻌﺒَّﺪ ﻓﻲ ﻏﺎﺭ ﺣِﺮﺍﺀ ﻗﺒﻞ
ﺃﻥْ ﻳُﺒﻌﺚ، ﻧﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤَﻠَﻚُ ﺟﺒﺮﻳﻞ ــ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ــ، ﻓﺠَﺮﻯ
ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﺟَﺮﻯ، ﻭﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﻲ ﺧﻮﻑ ﺷﺪﻳﺪ ﻳﺮﺗَﻌﺪ، ﻳُﺨﺒِﺮ
ﺯﻭﺟﻪ ﺃﻡّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺧﺪﻳﺠﺔ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﺑﺄﻧَّﻪ ﺧَﺸِﻲ
ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻘﺎﻟﺖ ﺗُﺜَﺒِّﺘُﻪ : )) ﻛَﻠَّﺎ ﺃَﺑْﺸِﺮْ، ﻓَﻮَﺍﻟﻠﻪِ، ﻟَﺎ ﻳُﺨْﺰِﻳﻚَ ﺍﻟﻠﻪُ
ﺃَﺑَﺪًﺍ، ﻭَﺍﻟﻠﻪِ، ﺇِﻧَّﻚَ ﻟَﺘَﺼِﻞُ ﺍﻟﺮَّﺣِﻢَ، ﻭَﺗَﺼْﺪُﻕُ ﺍﻟْﺤَﺪِﻳﺚَ، ﻭَﺗَﺤْﻤِﻞُ
ﺍﻟْﻜَﻞَّ، ﻭَﺗُﻜْﺴِﺐُ ﺍﻟْﻤَﻌْﺪُﻭﻡَ، ﻭَﺗَﻘْﺮِﻱ ﺍﻟﻀَّﻴْﻒَ، ﻭَﺗُﻌِﻴﻦُ ﻋَﻠَﻰ ﻧَﻮَﺍﺋِﺐِ
ﺍﻟْﺤَﻖِّ ((، ﺑﻞ ﺇﻥَّ ﺗﺘﻤﻴﻢ ﺻﺎﻟﺢِ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﻣﻜﺎﺭِﻣﻬﺎ ﻣِﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ
ﺑﻌﺜﺘﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ، ﻭﺇﺭﺳﺎﻟﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻫُﺪﻯً ﻭﺭﺣﻤﺔ، ﻓﻘﺪ ﺻﺢَّ ﻋﻨﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﺑُﻌِﺜْﺖُ ﻟِﺄُﺗَﻤِّﻢَ ﺻَﺎﻟِﺢَ
ﺍﻟْﺄَﺧْﻠَﺎﻕِ ((.
ﻓﻤِﻦ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻄﻴِّﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ :
ﻟِﻴﻦُ ﺍﻟﺠﺎﻧِﺐ ﻭﺍﺳﺘﻌﻤﺎﻝُ ﺍﻟﻠِّﻴﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻓﻼ ﻳُﻌﺎﻣﻠﻬﻢ
ﺑﺎﻟﺨﺸﻮﻧﺔ ﻭﺍﻟﻐِﻠﻈﺔ، ﻭﻻ ﻳُﻘﺎﺑﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌُﻨﻒ ﻭﺍﻟﺸِّﺪﺓ ﻭﺍﻟﻔَﻈﺎﻇﺔ، ﻭﻻ
ﻳُﻬﻴﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴِّﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺸِّﺘﺎﺋﻢ، ﻭﻻ ﻳَﻌﺘﺪﻱ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻷﺫﻳﺔ ﻭﺍﻟﻀَّﺮﺏ،
ﺑﻞ ﺗﺮﺍﻩ ﺣﺴَﻦَ ﺍﻟﻤﻌﺎﺷﺮﺓ ﻣﻌﻬﻢ، ﻟﻄﻴﻒَ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻥْ ﺣﺎﺩﺛﻬﻢ، ﺭﻓﻴﻘًﺎ
ﺑِﻬﻢ، ﺳﻬﻠًﺎ ﻻ ﻳُﺜﻘِﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﺳﻤﺤًﺎ ﻻ ﻳﻐﻤﻬﻢ، ﻭﻗﺪ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﻠﻪ ــ ﻋﺰَّ
ﻭﺟﻞَّ ــ ﺧﻠﻘﻪ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﻣُﻤﺘﻨًّﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻘﺎﻝ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: } ﻓَﺒِﻤَﺎ ﺭَﺣْﻤَﺔٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻟِﻨْﺖَ ﻟَﻬُﻢْ ﻭَﻟَﻮْ ﻛُﻨْﺖَ ﻓَﻈًّﺎ ﻏَﻠِﻴﻆَ
ﺍﻟْﻘَﻠْﺐِ ﻟَﺎﻧْﻔَﻀُّﻮﺍ ﻣِﻦْ ﺣَﻮْﻟِﻚَ {.
ﻭﻫﺬﺍ ﺧﺎﺩﻣﻪ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ــ ﻗﺪ ﺧﺪﻣﻪ ﺳِﻨﻴﻦ
ﻋﺪﻳﺪﺓ، ﺛﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ ﻣﻌﻪ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ:
)) ﺧَﺪَﻣْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻋَﺸْﺮَ ﺳِﻨِﻴﻦَ، ﻭَﺍﻟﻠﻪِ
ﻣَﺎ ﻗَﺎﻝَ ﻟِﻲ : ﺃُﻓًّﺎ ﻗَﻂُّ، ﻭَﻟَﺎ ﻗَﺎﻝَ ﻟِﻲ ﻟِﺸَﻲْﺀٍ : ﻟِﻢَ ﻓَﻌَﻠْﺖَ ﻛَﺬَﺍ؟ ﻭَﻫَﻠَّﺎ
ﻓَﻌَﻠْﺖَ ﻛَﺬَﺍ؟ ﻭَﻟَﺎ ﻋَﺎﺏَ ﻋَﻠَﻲَّ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﻗَﻂُّ (( ، ﻭﻓﻲ ﻟﻔﻆ ﺁﺧﺮ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ
ﺻﺤﻴﺢ ﻋﻨﻪ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ــ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﺧَﺪَﻣْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ
ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻋَﺸْﺮَ ﺳِﻨِﻴﻦَ، ﻟَﺎ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣَﺎ ﺳَﺒَّﻨِﻲ ﺳَﺒَّﺔً
ﻗَﻂُّ (( ، ﻭﺻﺢ ﻋﻨﻪ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ــ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﻛَﺎﻥَ ﺭَﺳُﻮﻝُ
ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻣِﻦْ ﺃَﺣْﺴَﻦِ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﺧُﻠُﻘًﺎ، ﻓَﺄَﺭْﺳَﻠَﻨِﻲ
ﻳَﻮْﻣًﺎ ﻟِﺤَﺎﺟَﺔٍ، ﻓَﻘُﻠْﺖُ : ﻭَﺍﻟﻠﻪِ ﻟَﺎ ﺃَﺫْﻫَﺐُ، ﻭَﻓِﻲ ﻧَﻔْﺴِﻲ ﺃَﻥْ ﺃَﺫْﻫَﺐَ ﻟِﻤَﺎ
ﺃَﻣَﺮَﻧِﻲ ﺑِﻪِ ﻧَﺒِﻲُّ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ، ﻓَﺨَﺮَﺟْﺖُ ﺣَﺘَّﻰ ﺃَﻣُﺮَّ
ﻋَﻠَﻰ ﺻِﺒْﻴَﺎﻥٍ ﻭَﻫُﻢْ ﻳَﻠْﻌَﺒُﻮﻥَ ﻓِﻲ ﺍﻟﺴُّﻮﻕِ، ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ
ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻗَﺪْ ﻗَﺒَﺾَ ﺑِﻘَﻔَﺎﻱَ ﻣِﻦْ ﻭَﺭَﺍﺋِﻲ، ﻗَﺎﻝَ : ﻓَﻨَﻈَﺮْﺕُ ﺇِﻟَﻴْﻪِ
ﻭَﻫُﻮَ ﻳَﻀْﺤَﻚُ، ﻓَﻘَﺎﻝَ : ﻳَﺎ ﺃُﻧَﻴْﺲُ ﺃَﺫَﻫَﺒْﺖَ ﺣَﻴْﺚُ ﺃَﻣَﺮْﺗُﻚَ؟ ﻗَﺎﻝَ ﻗُﻠْﺖُ :
ﻧَﻌَﻢْ، ﺃَﻧَﺎ ﺃَﺫْﻫَﺐُ، ﻳَﺎ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ (( ، ﻭﺻﺢَّ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﺠَﺪﻟﻲ ــ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ــ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﺳَﺄَﻟْﺖُ ﻋَﺎﺋِﺸَﺔَ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻨﻬﺎ ــ ﻋَﻦْ ﺧُﻠُﻖِ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻓَﻘَﺎﻟَﺖْ : ﻟَﻢْ
ﻳَﻜُﻦْ ﻓَﺎﺣِﺸًﺎ ﻭَﻟَﺎ ﻣُﺘَﻔَﺤِّﺸًﺎ ﻭَﻟَﺎ ﺻَﺨَّﺎﺑًﺎ ﻓِﻲ ﺍﻷَﺳْﻮَﺍﻕِ، ﻭَﻟَﺎ ﻳَﺠْﺰِﻱ
ﺑِﺎﻟﺴَّﻴِّﺌَﺔِ ﺍﻟﺴَّﻴِّﺌَﺔَ، ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻳَﻌْﻔُﻮ ﻭَﻳَﺼْﻔَﺢُ .((
ﻭﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒَﻮﻱ ﺣﺴَّﻨﻪ ﺍﻟﺘِّﺮﻣﺬﻱُّ ﻭﺍﻟﺒﻐَﻮﻱ ﻭﺍﻟﻤُﻨﺬﺭﻱ
ﻭﺍﻟﻤُﻨﺎﻭﻱ ﻭﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ــ ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ــ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ــ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ــ ﺃﻥَّ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : )) ﺃَﻟَﺎ
ﺃُﺧْﺒِﺮُﻛُﻢْ ﺑِﻤَﻦْ ﻳَﺤْﺮُﻡُ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ، ﺃَﻭْ ﻣَﻦْ ﺗُﺤَﺮَّﻡُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﻨَّﺎﺭُ؟ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ
ﻫَﻴِّﻦٍ ﻟَﻴِّﻦٍ ﻗَﺮِﻳﺐٍ ﺳَﻬْﻞٍ ((.
ﻭﻣِﻦ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻄﻴِّﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ :
ﺍﻹﻋﺮﺍﺽُ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴُّﻔﻬﺎﺀ ﺇﺫﺍ ﺧﺎﻃﺒﻮﻩ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳَﻠﻴﻖ ﻣِﻦ
ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﺃﻭ ﻋﺎﻣﻠﻮﻩ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳَﺤﺴُﻦ ﻣِﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ، ﻓﻴَﺤﺘﻤِﻞ ﺃﺫﺍﻫﻢ، ﻭﻻ
ﻳَﻠﺘﻔِﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺃﻭ ﻓﻌﻠﻮﺍ، ﻭﻻ ﻳُﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ، ﻭﻻ ﻳَﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ
ﻣﻘﺎﺑﻠﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ، ﺍﻣﺘﺜﺎﻟًﺎ ﻷﻣْﺮ ﺭﺑِّﻪ ــ ﻋﺰَّ ﻭﺗﻘﺪَّﺱ
ــ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: } ﺧُﺬِ ﺍﻟْﻌَﻔْﻮَ ﻭَﺃْﻣُﺮْ
ﺑِﺎﻟْﻌُﺮْﻑِ ﻭَﺃَﻋْﺮِﺽْ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﺠَﺎﻫِﻠِﻴﻦَ { .
ﻓﺄﻣَﺮ ﺍﻟﻠّﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ : ﺃﻥْ ﻳُﻘﺎﺑَﻞ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ
ﺑﺎﻹﻋﺮﺍﺽ ﻋﻨﻪ، ﻭﻋﺪﻡِ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺟﻬﻠﻪ ﺑﺠﻬﻞٍ ﻣﺜﻠﻪ، ﻓﻤَﻦ ﺁﺫﺍﻙ ﺑﻘﻮﻟﻪ
ﺃﻭ ﻓِﻌﻠﻪ ﻻ ﺗُﺆﺫِﻩ، ﻭﻣَﻦ ﺣَﺮَﻣَﻚ ﻻ ﺗَﺤِﺮِﻣﻪ، ﻭﻣَﻦ ﻗﻄﻌَﻚ ﻓَﺼِﻠْﻪُ،
ﻭﻣَﻦ ﻇﻠﻤﻚ ﻓﺎﻋﺪﻝ ﻓﻴﻪ ﺃﻭ ﺍﻋْﻒُ ﻋﻨﻪ، ﻭﻣَﻦ ﺗﻜﻠَّﻢ ﻓﻴﻚ ﻏﺎﺋﺒًﺎ ﺃﻭ
ﺣﺎﺿﺮًﺍ ﻓﻌﺎﻣﻠﻪ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠِّﻴﻦ، ﻭﻣَﻦ ﻫﺠَﺮﻙ ﻭﺗﺮَﻙ ﺧﻄﺎﺑﻚ ﻓﻄﻴِّﺐ
ﻟﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ، ﻭﺍﺑﺬُﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ.
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﻭﺻﻒ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﻟﻤُﺘﻘﻴﻦ ﺍﻟﻤﺨﻠَﺼﻴﻦ: } ﻭَﺇِﺫَﺍ
ﺧَﺎﻃَﺒَﻬُﻢُ ﺍﻟْﺠَﺎﻫِﻠُﻮﻥَ ﻗَﺎﻟُﻮﺍ ﺳَﻠَﺎﻣًﺎ {، ﺃﻱ : ﺧﺎﻃَﺒﻮﻫﻢ ﺑﺨﻄﺎﺏ ﻃﻴِّﺐ
ﺟﻤﻴﻞ ﻳَﺴْﻠﻤﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻣِﻦ ﺍﻹﺛﻢ، ﻭﻳَﺴْﻠﻤﻮﻥ ﻣِﻦ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ
ﺑﺠﻬﻠﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺪﺡ ﻟﻬﻢ، ﺑﺎﻟﺤِﻠﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻭﻣُﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻤُﺴﻲﺀ
ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻌﻔﻮِ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﺎﻫﻞ، ﻭﺭَﺯﺍﻧﺔِ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺻﻠﻬﻢ ﺇﻟﻰ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻝ.
ﻭﻗﺪ ﺻﺢَّ ﻋﻦ ﺃﻡَّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﺃﻧَّﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ:
)) ﻣَﺎ ﺿَﺮَﺏَ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﻗَﻂُّ ﺑِﻴَﺪِﻩِ،
ﻭَﻟَﺎ ﺍﻣْﺮَﺃَﺓً، ﻭَﻟَﺎ ﺧَﺎﺩِﻣًﺎ، ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻥْ ﻳُﺠَﺎﻫِﺪَ ﻓِﻲ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟﻠﻪِ، ﻭَﻣَﺎ ﻧِﻴﻞَ
ﻣِﻨْﻪُ ﺷَﻲْﺀٌ ﻗَﻂُّ، ﻓَﻴَﻨْﺘَﻘِﻢَ ﻣِﻦْ ﺻَﺎﺣِﺒِﻪِ، ﺇِﻟَّﺎ ﺃَﻥْ ﻳُﻨْﺘَﻬَﻚَ ﺷَﻲْﺀٌ ﻣِﻦْ
ﻣَﺤَﺎﺭِﻡِ ﺍﻟﻠﻪِ، ﻓَﻴَﻨْﺘَﻘِﻢَ ﻟِﻠَّﻪِ ﻋَﺰَّ ﻭَﺟَﻞَّ (( ، ﻭﺻﺢ ﻋﻦ ﺃﻧﺲ ﺑﻦ ﻣﺎﻟﻚ ــ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ــ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ: ‏(‏( ﻛُﻨْﺖُ ﺃَﻣْﺸِﻲ ﻣَﻊَ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ
ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻭَﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺑُﺮْﺩٌ ﻧَﺠْﺮَﺍﻧِﻲٌّ ﻏَﻠِﻴﻆُ ﺍﻟﺤَﺎﺷِﻴَﺔِ، ﻓَﺄَﺩْﺭَﻛَﻪُ
ﺃَﻋْﺮَﺍﺑِﻲٌّ ﻓَﺠَﺒَﺬَﻩُ ﺑِﺮِﺩَﺍﺋِﻪِ ﺟَﺒْﺬَﺓً ﺷَﺪِﻳﺪَﺓً، ﺣَﺘَّﻰ ﻧَﻈَﺮْﺕُ ﺇِﻟَﻰ ﺻَﻔْﺤَﺔِ
ﻋَﺎﺗِﻖِ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻗَﺪْ ﺃَﺛَّﺮَﺕْ ﺑِﻬَﺎ ﺣَﺎﺷِﻴَﺔُ
ﺍﻟﺒُﺮْﺩِ ﻣِﻦْ ﺷِﺪَّﺓِ ﺟَﺒْﺬَﺗِﻪِ، ﺛُﻢَّ ﻗَﺎﻝَ : ﻳَﺎ ﻣُﺤَﻤَّﺪُ ﻣُﺮْ ﻟِﻲ ﻣِﻦْ ﻣَﺎﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ
ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻋِﻨْﺪَﻙَ، ﻓَﺎﻟْﺘَﻔَﺖَ ﺇِﻟَﻴْﻪِ ﺭَﺳُﻮﻝُ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﺛُﻢَّ
ﺿَﺤِﻚَ، ﺛُﻢَّ ﺃَﻣَﺮَ ﻟَﻪُ ﺑِﻌَﻄَﺎﺀٍ (( ، ﻭﺻﺢَّ ﻋﻦ ﺃﻡِّ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ــ
ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ــ ﺃﻧَّﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ: )) ﻣَﺎ ﺭَﺃَﻳْﺖُ ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺻَﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ
ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠَّﻢَ ﻣُﻨْﺘَﺼِﺮًﺍ ﻣِﻦْ ﻣَﻈْﻠِﻤَﺔٍ ﻇُﻠِﻤَﻬَﺎ ﻗَﻂُّ ((.
ﻭﺍﺣﺘﻤﺎﻝُ ﺃﺫﻳﺔِ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﺩﻓﻌُﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﻔﺢ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ، ﻭﻣﻘﺎﺑﻠﺘُﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼَّﺒﺮ
ﻭﺍﻟﺤِﻠﻢ، ﻭﺭﺃﺑُﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠِّﻴﻦ ﻭﺍﻟﻔِﻌﺎﻝ ﺍﻟﻄﻴِّﺒﺔ ــ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﻣِﻦ
ﺃﺟْﺮٍ ﻛﺒﻴﺮ، ﻭﺛﻮﺍﺏٍ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﺣﺴَﻨﺎﺕٍ ﻣُﺘﺰﺍﻳﺪﺓ ــ، ﻓﻬﻮ ﻳُﺼﻠِﺢ
ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ، ﻭﻳُﺰﻳِﻞ ﺃﺣﻘﺎﺩﻫﺎ ﻭﺃﺿﻐﺎﻧﻬﺎ، ﻓﻴﻨﻘَﻠِﺐ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﻳﻖ،
ﻭﺍﻟﻤُﺒﻐِﺾ ﺇﻟﻰ ﻣُﺤٍﺐ، ﻭﻣﺘﺘﺒِّﻊ ﺍﻟﺰَّﻻﺕ ﺇﻟﻰ ﺳَﺎﺩّ ﻟﻬﺎ، ﻭﺳﺎﺗِﺮ
ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ــ ﺟﻞَّ ﻭﻋﺰَّ ــ ﻣُﺤﺮِّﺿًﺎ ﻭﻣُﺸﻮِّﻗًﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﻄﻴِّﺐ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻓُﺼِّﻠﺖ: } ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺴْﺘَﻮِﻱ ﺍﻟْﺤَﺴَﻨَﺔُ
ﻭَﻟَﺎ ﺍﻟﺴَّﻴِّﺌَﺔُ ﺍﺩْﻓَﻊْ ﺑِﺎﻟَّﺘِﻲ ﻫِﻲَ ﺃَﺣْﺴَﻦُ ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺑَﻴْﻨَﻚَ ﻭَﺑَﻴْﻨَﻪُ
ﻋَﺪَﺍﻭَﺓٌ ﻛَﺄَﻧَّﻪُ ﻭَﻟِﻲٌّ ﺣَﻤِﻴﻢٌ ﻭَﻣَﺎ ﻳُﻠَﻘَّﺎﻫَﺎ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺻَﺒَﺮُﻭﺍ ﻭَﻣَﺎ ﻳُﻠَﻘَّﺎﻫَﺎ
ﺇِﻟَّﺎ ﺫُﻭ ﺣَﻆٍّ ﻋَﻈِﻴﻢٍ {.
ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺼﻠﺔ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣِﻦ ﺧﺼﺎﻝ ﺧﻮﺍﺹ ﺍﻟﺨَﻠﻖ، ﻭﻣِﻦ
ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻜﺎﺭﻡ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺪﻓﻊُ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ، ﻭﻣﻘﺎﺑﻠﺔُ
ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ ﻣﺎ ﻳُﻠَﻘَّﺎﻫﺎ ﻭﻳُﻮﻓَّﻖ ﻟﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻَﺒﺮﻭﺍ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗَﻜﺮﻩ، ﻭﺃﺟﺒﺮﻭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳُﺤَﺒﻪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻣﺠﺒُﻮﻟﺔٌ
ﻋﻠﻰ ﻣُﻘﺎﺑﻠﺔ ﺍﻟﻤُﺴﻲﺀ ﺑﺈﺳﺎﺀﺗﻪ، ﻭﻋﺪﻡ ِﺍﻟﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﻘﺎﺑَﻠﺔ
ﺇﺳﺎﺀﺗﻪ ﺑﺎﻹﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﺻَﺒَﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺍﻣﺘﺜﻞ ﺃﻣْﺮ
ﺭﺑِّﻪ، ﻭﻋﺮَﻑ ﺟﺰﻳﻞ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻭﻋﻠِﻢ ﺃﻥَّ ﻣﻘﺎﺑﻠﺘَﻪ ﻟﻠﻤﺴﻲﺀ ﺑﺠِﻨﺲ
ﻋﻤﻠﻪ، ﻻ ﻳُﻔﻴﺪﻩ ﺷﻴﺌًﺎ، ﻭﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﻌﺪﺍﻭﺓ ﺇﻻ ﺷِﺪَّﺓ، ﻭﺃﻥَّ ﺇﺣﺴﺎﻧﻪ
ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻮﺍﺿﻊٍ ﻗﺪْﺭَﻩ، ﺑﻞ ﻣَﻦ ﺗﻮﺍﺿﻊ ﻟﻠﻪ ﺭﻓﻌﻪ، ﻫﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﻓﻌَﻞ ﺫﻟﻚ، ﻣُﺘﻠﺬِّﺫًﺍ ﻣُﺴﺘﺤﻠِﻴًﺎ ﻟﻪ .
ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥَّ ﻣِﻦ ﺗﻘﻮﺍﻩ ﺃﻥْ ﺗﺘﺨﻠَّﻘﻮﺍ ﺑﻜﻞ ﺧُﻠﻖ
ﺟﻤﻴﻞ، ﻭﺗﻨُﺰِّﻫﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺧُﻠﻖ ﺭﺫﻳﻞ، ﻓﺈﻥَّ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻻ ﻳَﺰﺍﻝ
ﻳﺘﺮﻗَّﻰ ﺑﺄﺧﻼﻗﻪ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻳﺮﺗﻔﻊ ﺑﺂﺩﺍﺑﻪ ﺍﻟﺴَّﺎﻣﻴﺔ، ﻭﻳَﺜْﻘُﻞ ﻣﻴﺰﺍﻧﻪ
ﺑﻤﻜﺎﺭﻣﻪ، ﻭﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻳَﺴْﻔُﻞ ﻓﻲ ﺃﺧﻼﻗﻪ، ﻭﻳَﻨﺰﻝ ﻓﻲ ﺁﺩﺍﺑﻪ، ﻭﻳَﻨﺤﻂُّ
ﻓﻲ ﻣﻜﺎﺭﻣﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳَﻬﺒِﻂ ﺇﻟﻰ ﺃﺳْﻔﻞ ﺍﻟﺪَّﺭﻛﺎﺕ، ﻭﺗَﺜْﻘُﻞ ﺻﺤﻴﻔﺘﻪ
ﺑﺎﻵﺛﺎﻡ ﻭﺍﻟﺨﻄﻴﺌﺎﺕ.
ﻓﺎﻟﻠﻬﻢ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ ﻭﺗﺠﺎﻭﺯ ﻋﻦ ﺳﻴﺌﺎﺗﻨﺎ، ﺇﻧﻚ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ.
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ : ــــــــــــــ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻴﻢِ ﺍﻟﺤﻠﻴﻢ، ﺍﻟﻮﺩﻭﺩِ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ، ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞَ ﺍﻷﺩﺏ
ﺍﻟﺸَّﺮﻋﻲَّ ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ، ﻭﻣَﻦَّ ﺑِﻪ ﻋﻠﻰ ﻣَﻦ ﺷﺎﺀ ﻣِﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ
ﻓﻬﺪﺍﻫﻢ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﻴﻞ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺃﻛﻤﻞ ﺍﻵﺩﺍﺏ، ﻭﺧَﺬَﻝَ ﻣَﻦ ﺷﺎﺀ
ﻣَﻨﻬﻢ ﺑﺤﻜﻤﺘﻪ ﻓﺎﻧﺤﻄﻮﺍ ﻓﻲ ﺃﺳﺎﻓﻞ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﺭﺫﺍﺋﻞ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ،
ﻭﺷَﺮِﺱ ﺍﻟﻄﺒﺎﻉ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﻣﺤﻤﺪ
ﺃﺣﺴَﻦِ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺧُﻠﻘُﺎ، ﻭﺃﻋﻼﻫﻢ ﺃﺩﺑًﺎ، ﻭﺃﻓﻀﻠﻬﻢ ﻃِﺒﺎﻋًﺎ، ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩَّﺑَﻪ
ﺭﺑُّﻪ ﻓﺄﺣﺴﻦَ ﺗﺄﺩﻳﺒَﻪ، ﻭﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺧُﻠﻘﻪ ﻭﻭﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﻌﻈﻴﻢ ﻟﻴُﻘﺘﺪﻯ
ﺑِﻪ ﻓﻴﻪ، ﻭﻳُﻨﺴَﺞَ ﻋﻠﻰ ﻣِﻨﻮﺍﻟﻪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺸﺮ
ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺩ .
ﺃﻣَّﺎ ﺑﻌﺪ، ﻓﻴﺎ ﺃُﻣَّﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :
ﺇﻧَّﻜﻢ ﻟﺘﻌﻠﻤﻮﻥ ﻣﺎ ﻟﻸﺩﺏ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ، ﻭﺍﻟﺨُﻠﻖ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺮﻓﻴﻊ، ﻣِﻦ ﺁﺛﺎﺭ
ﻃﻴِّﺒﺔ ﺟﻠﻴﻠﺔ، ﻭﻗَﺒﻮﻝٍ ﻭﺍﺣﺘﻔﺎﺀ، ﻭﺫِﻛﺮ ٍﻋﺎﻃﺮٍ ﻇﺎﻫﺮ، ﻭﺗﺸﺮﻳﻒٍ
ﻭﺗﻜﺮﻳﻢ، ﻭﻣﻨﺰﻟﺔٍ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺭﻓﻴﻌﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻭﻋﻨﺪ ﻋﺒﺎﺩﻩ،
ﺻﻐﻴﺮِﻫﻢ ﻭﻛﺒﻴﺮِﻫﻢ، ﺫﻛﺮﻫِﻢ ﻭﺃﻧﺜﺎﻫﻢ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮﺓ،
ﻭﺗﻌﻠﻤﻮﻥ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻨُّﺼﻮﺹ ﺍﻟﻨَّﺒﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤُﺮﻏِّﺒﺔ ﻓﻲ ﺣُﺴﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ
ﻭﺗﺘﻤﻴﻤﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻤُﺤﺮِّﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺨﻠُّﻖ ﺑِﻬﺎ ﻭﺗﻄﻴﻴﺒﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻤُﺮﻫِّﺒﺔ ﻣِﻦ
ﺳﻮﺀ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﻭﻣِﻦ ﺍﻟﺘﻠﻮُّﺙ ﺑِﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺃﻭﺣﺎﻟﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺛﺒﺖ
ﺃﻥَّ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ــ ﻃﻠﺐ ﻣِﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﻮﺻﻴﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: )) ﺍﺗَّﻖِ ﺍﻟﻠَّﻪِ
ﺣَﻴْﺜُﻤَﺎ ﻛُﻨْﺖَ، ﻭَﺃَﺗْﺒِﻊِ ﺍﻟﺴَّﻴِّﺌَﺔَ ﺍﻟﺤَﺴَﻨَﺔَ ﺗَﻤْﺤُﻬَﺎ، ﻭَﺧَﺎﻟِﻖِ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﺑِﺨُﻠُﻖٍ
ﺣَﺴَﻦٍ (( ، ﻭﺻﺢَّ ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ــ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ــ ﺳﺄﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺒِﺮِّ ﻭﺍﻹﺛﻢ، ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ:
)) ﺍﻟْﺒِﺮُّ ﺣُﺴْﻦُ ﺍﻟْﺨُﻠُﻖِ، ﻭَﺍﻟْﺈِﺛْﻢُ ﻣَﺎ ﺣَﺎﻙَ ﻓِﻲ ﺻَﺪْﺭِﻙَ، ﻭَﻛَﺮِﻫْﺖَ ﺃَﻥْ
ﻳَﻄَّﻠِﻊَ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ((، ﻭﺛﺒﺖ ﺃﻧَّﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺳُﺌِﻞ ﻋﻦ
ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳُﺪﺧِﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺠﻨَّﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ:
)) ﺗَﻘْﻮَﻯ ﺍﻟﻠَّﻪِ، ﻭَﺣُﺴْﻦُ ﺍﻟﺨُﻠُﻖِ (( ، ﻭﺛﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥَّ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﺧﻼﻗًﺎ ﻣِﻦ ﺧِﻴﺎﺭ ﺍﻷﻣَّﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: )) ﺇِﻥَّ ﻣِﻦْ ﺧِﻴَﺎﺭِﻛُﻢْ ﺃَﺣْﺴَﻨَﻜُﻢْ ﺃَﺧْﻼَﻗﺎً (( ، ﻭﺛﺒﺖ ﻋﻨﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧَّﻪ ﺃﻋﻠَﻢ ﻋﻦ ﺣُﺴﻦ ﺍﻟﺨُﻠﻖ ﻭﻣﺎ ﻟﻪ ﻣِﻦ ﺛِﻘﻞٍ
ﻓﻲ ﻣﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : )) ﻣَﺎ
ﺷَﻲْﺀٌ ﺃَﺛْﻘَﻞُ ﻓِﻲ ﻣِﻴﺰَﺍﻥِ ﺍﻟﻤُﺆْﻣِﻦِ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ ﻣِﻦْ ﺧُﻠُﻖٍ ﺣَﺴَﻦٍ،
ﻭَﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻟَﻴُﺒْﻐِﺾُ ﺍﻟﻔَﺎﺣِﺶَ ﺍﻟﺒَﺬِﻱﺀَ (( ، ﻭﺛﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧَّﻪ ﺃﺑَﺎﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻭﻣﺎ ﻳُﺪﺭﻛﻪ ﻣِﻦ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ
ﺣُﺴﻦ ﺧُﻠﻘﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: )) ﺇِﻥَّ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻦَ ﻟَﻴُﺪْﺭِﻙُ
ﺑِﺤُﺴْﻦِ ﺧُﻠُﻘِﻪِ ﺩَﺭَﺟَﺔَ ﺍﻟﺼَّﺎﺋِﻢِ ﺍﻟْﻘَﺎﺋِﻢِ (( ، ﻭﺛﺒﺖ ﺃﻥَّ ﺃﺣﺐَّ ﺍﻷﻣَّﺔ ﺇﻟﻰ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﺃﻗﺮﺑَﻬﻢ ﻣﺠﻠﺴًﺎ ﻣِﻨﻪ ﻳﻮﻡ
ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺃﺣﺴﻨﻬﻢ ﺧُﻠﻘًﺎ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: )) ﺃَﻟَﺎ
ﺃُﺧْﺒِﺮُﻛُﻢْ ﺑِﺄَﺣَﺒِّﻜُﻢْ ﺇِﻟَﻲَّ ﻭَﺃَﻗْﺮَﺑِﻜُﻢْ ﻣِﻨِّﻲ ﻣَﺠْﻠِﺴًﺎ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟْﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ؟
ﻓَﺴَﻜَﺖَ ﺍﻟْﻘَﻮْﻡُ، ﻓَﺄَﻋَﺎﺩَﻫَﺎ ﻣَﺮَّﺗَﻴْﻦِ ﺃَﻭْ ﺛَﻠَﺎﺛًﺎ، ﻗَﺎﻝَ ﺍﻟْﻘَﻮْﻡُ : ﻧَﻌَﻢْ ﻳَﺎ
ﺭَﺳُﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ، ﻗَﺎﻝَ : ﺃَﺣْﺴَﻨُﻜُﻢْ ﺧُﻠُﻘﺎً (( ، ﻭﺑﻴَّﻦ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﻣﻨﺰﻟﺔ ﺣُﺴﻦ ﺍﻟﺨُﻠﻖ ﻣِﻦ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻓﺜﺒﺖ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ: )) ﺃَﻛْﻤَﻞُ ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨِﻴﻦَ ﺇِﻳﻤَﺎﻧًﺎ ﺃَﺣْﺴَﻨُﻬُﻢْ ﺧُﻠُﻘﺎً (( ، ﺑﻞ ﺇﻥِ ﻣَﻦ
ﺣَﺴُﻦ ﺧُﻠﻘﻪ ﻣﻮﻋﻮﺩ ﺑﺒﻴﺖ ﻓﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻨَّﺔ، ﺣﻴﺚ ﺛﺒﺖ ﻋﻦ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻧَّﻪ ﻗﺎﻝ : )) ﺃَﻧَﺎ ﺯَﻋِﻴﻢٌ ﺑِﺒَﻴْﺖٍ ﻓِﻲ ﺭَﺑَﺾِ
ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ﻟِﻤَﻦْ ﺗَﺮَﻙَ ﺍﻟْﻤِﺮَﺍﺀَ ﻭَﺇِﻥْ ﻛَﺎﻥَ ﻣُﺤِﻘًّﺎً، ﻭَﺑِﺒَﻴْﺖٍ ﻓِﻲ ﻭَﺳَﻂِ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ
ﻟِﻤَﻦْ ﺗَﺮَﻙَ ﺍﻟْﻜَﺬِﺏَ ﻭَﺇِﻥْ ﻛَﺎﻥَ ﻣَﺎﺯِﺣﺎً، ﻭَﺑِﺒَﻴْﺖٍ ﻓِﻲ ﺃَﻋْﻠَﻰ ﺍﻟْﺠَﻨَّﺔِ ﻟِﻤَﻦْ
ﺣَﺴَّﻦَ ﺧُﻠُﻘَﻪُ (( .
ﺃُﻣَّﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :
ﻟﻘﺪ ﺛﺒﺖ ﺃﻥَّ ﻣﻦ ﺩﻋﺎﺀ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ
ﻳﺪﻋﻮ ﺑِﻪ: )) ﺍﻟﻠﻬُﻢَّ ﺃَﺣْﺴَﻨْﺖَ ﺧَﻠْﻘِﻲ، ﻓَﺄَﺣْﺴِﻦْ ﺧُﻠُﻘِﻲ (( ، ﻓﺎﻟﻠﻬﻢ
ﺍﻫﺪﻧﺎ ﻷﺣﺴﻦ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻻ ﻳﻬﺪﻱ ﻷﺣﺴﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻧﺖ، ﻭﺍﺻﺮﻑ ﻋﻨَّﺎ
ﺳﻴﺌﻬﺎ ﻻ ﻳَﺼﺮﻑ ﻋﻨَّﺎ ﺳﻴﺌﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻧﺖ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧَّﺎ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣِﻦ
ﺍﻟﺸِّﻘﺎﻕ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﻭﺳﻮﺀ ﺍﻷﺧﻼﻕ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﻓﻊ ﺍﻟﻀﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺘﻀﺮﺭﻳﻦ
ﻣِﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﻘﺘﻞ ﻭﺍﻻﻗﺘﺘﺎﻝ، ﻭﺍﺭﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ
ﺍﻟﺨﻮﻑ ﻭﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﺘﺸﺮﺩ، ﻭﺍﺭﻓﻊ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻷﻭﺑﺌﺔ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺽ،
ﻭﺍﺭﺯﻗﻬﻢ ﺇﻳﻤﺎﻧًﺎ ﻣﺘﺰﺍﻳﺪًﺍ، ﻭﺻﺒﺮًﺍ ﻭﺛﺒﺎﺗًﺎ، ﻭﺛﻘﺔ ﺑﻚ، ﻭﺗﻮﻛﻠًﺎ ﻋﻠﻴﻚ،
ﻭﺃﻋﺬﻧﺎ ﻭﺇﻳَّﺎﻫُﻢ ﻣٍﻦ ﺍﻟﻔﺘﻦ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻣِﻨﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺑﻄﻦ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻨﺎ
ﻭﻵﺑﺎﺋﻨﺎ ﻭﺃﻣﻬﺎﺗﻨﺎ، ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺃﻫﻠﻴﻨﺎ ﺫﻛﻮﺭًﺍ ﻭﺇﻧﺎﺛًﺎ، ﺻﻐﺎﺭًﺍ ﻭﻛﺒﺎﺭًﺍ، ﺍﻟﻠﻬﻢ
ﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﻣِﻨﻬﻢ ﺣﻴًّﺎ ﻓﺰﺩﻩ ﺇﻳﻤﺎﻧًﺎ ﺑﻚ ﻭﻳﻘﻴﻨًﺎ، ﻭﺗﻘﻮﻳﺔً ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺘﻚ
ﻭﺇﻗﺒﺎﻟًﺎ، ﻭﻣَﻦ ﻛﺎﻥ ﻣِﻨﻬﻢ ﻣَﻴْﺘًﺎ ﻓﺎﺭﺯﻗﻪ ﻣِﻨﻚ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﺍﺳﻌﺔ، ﺗَﻔﺴﺢ
ﻟﻪ ﺑِﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ، ﻭﺗﺠﻌﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﻣِﻦ ﺍﻟﻤﺜﻨﻌﻤِﻴﻦ، ﻭﺗﺪﺧﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ
ﺟﻨَّﺔ ﻋﺪﻥ، ﻭﺗﻌﻄﻴﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣُﻠﻜُﺎ ﻛﺮﻳﻤًﺎ، ﻭﺭﺿﻮﺍﻧًﺎ ﻣِﻨﻚ ﺃﻛﺒﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ
ﺃﺻﻠﺢ ﻭﻻﺗﻨﺎ ﻭﻧﻮَّﺍﺑﻬﻢ ﻭﺟﻨﺪَﻫﻢ، ﻭﺃﻋﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ، ﻭﺳﺪِّﺩﻫﻢ ﺇﻟﻰ
ﻣﺮﺍﺿﻴﻚ، ﺇﻧﻚ ﺳﻤﻴﻊ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ .
ﻭﺃﻗﻮﻝ ﻗﻮﻟﻲ ﻫﺬﺍ، ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ
🎤
*خطبــة جمعــة بعنــوان :*
*بشائر.النصر.والفرج.القريب.ee*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌

*الخطبــة.الأولــى.tt*
الحمد لله الذي يرانا ويسمعنا ، الحمد لله القادر على أن يُذل عدونا ويرفعنا ، الحمد لله الذي في بيتٍ من بيوته ألَّفنا وجمَّعنا ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد e النبي الأمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، سلام على من سكن الغار وقال لصاحبه : (لا تحزن إن الله معنا)،،،

عبـــــــاد الله : أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم وطاعته وأحذركم ونفسي من عصيان الله ومخالفة أمره لقوله جلّ جلاله)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( (سورة آل عمران: 102) ،،،

معاشـــر الموحدين :
أنا مســجد لله بيــــــــــت عبادة
عاري الملابس ليـــس فيَّ حصيـــــر

هجر المؤذنُ والجماعة جانبـــــــي
وجفانيَ التهليــــــــل والتكـــبير

الشـــمع في ربع الكنائس مُشــــعلٌ
وفناء ربعي مُظلــــــــــــم ديــجور

بالأمــس للقرآن فيَّ عبــــــــــارة
واليوم للشـــــــــــــيطان فيَّ عبور

سأغمض عينيَّ في هذه الخطبة عن الألم، وأعيش معكم في ومضة من بريق الأمل،

فالديـــن منصور وممتحنٌ فــــــلا
تعجبْ فهذه ســـنَّة الرحــــــمن

أيها الأخ المبــــارك :
- اسمع إلى بشائر الرحمن : )يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (سورة الصف: 8) ،،،

اسمع قول ربك)وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ،إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) (سورة الصافات:171- 173)،،،

- سأخرج بكم من واقع مرير مشوّه إلى مستقبل قريب عظيم يحاكي تاريخ أمتنا المجيد، يوم كنّا خير أمّة أُخرجت للناس ،،،

- سأتجاهل المؤامرة )إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً، وَأَكِيدُ كَيْداً( (سورة الطارق:15- 16)، ) وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ( (سورة الأنفال: من الآية 30) ، )وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ ( (سورة إبراهيم: 46)، وكلّي أمل أن تصحو الأمة من غفوتها، وأن تنهض من كبوتها وهي تتنسم عبير النصر يشرق من جديد،،،

معاشــــر الموحدين :
روى أحمد بسند صحيح عن النبي e أنه قال : (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدرٍ ولا وبرٍ إلا أدخله الله هذا الدين، بعزِّ عزيز أو بذُلِّ ذليل ، عزَّاً يُعزُّ الله به الإسلام، وذُلا يذلُّ الله به الشرك )

الخير باقٍ في هذه الأمة العظيمة ، ولن نرى هذا الخير إلا إذا خلعنا كل منظار أسود نحجب به الرؤية عن عيوننا، روى مسلم عن النبي e أنه قال : (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)

الفرج قادم بعون الله)إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً( (سورة الشرح: 6)، ولن يكون فرجاً عابرا أو نصراً عبثيا دونما تمكين، كلا، بل هو نصر وعزٌّ وتمكين بعون الله ، روى أحمد بسنده عن النبي e أنه قال : (بشِّر هذه الأمة بالسناء والنصر والتمكين)،،،

إلى الذين يتشوقون للقاء العدو: صبرٌ جميل ولسوف تُفتح الحدود والسدود رغم أنوف الأعراب المتكبرين ، روى البخاري ومسلم عن النبي e أنه قال : (لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبأ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله ، هذا يهودي خلفي تعال فاقتله ، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)،،،

أيها الإخوة المؤمنـــــون :
- إن بشائر النصر كثيرة كثيرة ،،،

- هذا الشباب الذي باع الدنيا بالآخرة ، ورجع إلى الله يملأ بيوت الله ،،،

شبابٌ ذللوا سُبل المعـــــــالي
وما عرفوا ســــــــوى الإسلام دينا

تعهّدهم فأنبتهم نبـــــــاتا
تقيَّاً مؤمنا حُرَّا كريمـــــــــــــــا

- هذا الوعي المبارك الذي يفضح كل كيد ودهاء يروُجه الطغاة في كل مكان ، وعيٌ

أصيل يُرجع كل حدث إلى أصله من الكتاب والسنة ،،،

- تلك التجمعات المباركة التي تُحيي في الأمة فريضة الرحمن وسُنة النبي العدنان ، تجمعات لحفظ القرآن والسنة، وأخرى لنشر الدعوة إلى الله ، وثالثة تطارد البدعة في مهدها، وأخرى تُجاهد في سبيل الله ، وخامسة تُحقق رسالة سيدنا شعيب عليه السلام:   ) إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ( (سورة هود: من الآية 88)،،، - ورجال من الأمة رهنوا حياتهم لفضح كيد الكائدين يحدوهم قول الله : )وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ(
 (سورة الأنعام: 55)،،،
- وللمنابر دورها في التوعية والتوجيه والتحريض على كل فضيلة وبرٍّ ومعروف ، رغم ما يحيط هذه المنابر من هجمات شرسة ، إلا أن الصدح بالحق يعلو ولا يُعلى عليه ، لأنها أخذت إذنها من الله تعالى قبل أن تأخذ الأذن من أي أحدٍ سواه : )فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ( (سورة النور: 36)،،،

أيها الأخ المبــــــارك :
إننا لنعجب ممن يتّهمون الخطباء بأنهم يستغلون المنابر استغلالا خاطئا، وأقول لهؤلاء: عن أيِّ منابر تتحدثون ، عن منبر الإذاعة المسموم، أم عن منبر التلفاز الملوث، أم عن منبر الصحافة المأجور، يا قوم: لم يبقى لنا سوى منبر رسول الله ، منبر الجمعة الشريفة ، أم تحسدوننا عليه،،،

جرِّبوا أن تتطهروا من الحدثين، وأن تطهروا قلوبكم للرحمن ، ولكم علينا أن نفسح لكم لتقوموا مقامنا هذا ، وأقسم لكم إنكم لن تقولوا غير قولنا لأن منبر الطُّهر يرفض كل كلام ساذج رخيص ،،،

أيها الإخوة المؤمنـــون :
- إنني أجد صورة الأمل بالغد المشرق تتجسد في صورة طفلة صغيرة محجبة تخرج من بيوتكم كل صباح،  فتاة تسخر بكل تبرُّج اعتادته الكبيرة السافرة،،،

- إنني أجد صورة الأمل في كل طفل يتخرَّج من مراكز القرآن يحفظ جزءا من القرآن ، يرتل قول الله )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ( (سورة الحِجْر: 9) ، أو قول الله)إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدىً( (سورة الكهف: 13)،،،

- إنني أجد صورة الأمل في كل قناة فضائية جديدة تُعلن التوحيد في الآفاق، وتُحيي في الأمة القيم الكريمة والخلق الحسن ،،،

- إنني أجد صورة الأمل في كل نشرة أو ملصق أو شريط يُذكر الناس بالله ويحثهم على الصلاة على رسول الله e ،،،

أيها الأحبــــة في الله :
إنني أجد تحولا ملموساً نحو الأفضل، ليس على مستوى ركن الصلاة فقط، بل إن هناك إشارات كريمة نحو رجوع الناس الى الإسلام كافة، فنرى احتراما أكثر من ذي قبل للصوم والزكاة والحج، ومن مختلف قطاعات الأمة ذكورها وإناثها شيبها وشبابها،،،

والحمد لله رب العــــــالمين

إن كل تحوُّل إيجابي في عموم المسلمين يُقدم خطوة كريمة نحو التضييق على شلَّة الإجرام التي تستولي على مقدَّرات كل بلد من بلاد المسلمين ،،،

وكلما تعاظم سيلُنا المبارك ، كلما تصاغرت بطانة السوء بعون الله تعالى،،،

أيها الأخ المبــــــارك :
بشائر الفرج كثيرة كثيرة
ولعل من أعظمها تنامي فجور الأعداء واستعلاؤهم على الله تعالى، إن كفرهم وسواد قلوبهم وتماديهم على الله تعالى باب واسع من أبواب خزيهم وخسارتهم في الدنيا قبل الآخرة،،،

لقد أصبح لسان حال الطواغيت في كل مكان)فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى( (سورة النازعات: 24)، والجواب على هذا الكبر والجور حاضرٌ لكل فرعون ماض كان أو معاصر)فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى( (سورة النازعات: 25)، ففي أمريكا وحدها يتم اغتصاب 1900 فتاة يوميا ،     20 % منهن يغتصبن من قِبل آبائهن ، وفي نيويورك وحدها يتم تسجيل 93 إصابة جديدة بمرض الايدز يوميا،،،

)فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً( (سورة مريم: 84)،،،

مجتمعات متهالكة حشوها المخدر والمسكر، بيوتات أوهى من بيت العنكبوت، لا قيمة عندهم لأيٍّ من الضرورات الخمس المحترمة في ديننا، لا قيمة لعرض ولا لعقل ولا لدين ولا لمال ولا لنفس، كل شيء عندهم خاضع للمسخ والسلب والنهب والتحقير) إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً( (سورة الفرقان: من الآية)،،،

معاشــــر الطيبين :
بشائر النصر كثيرة كثيرة ، وما الهجمة الصريحة الوقحة على حبيبكم محمد e إلا دليل من أدلة اقتراب الفرج ، يقول ابن تيمية : (كنا إذا استعصت علينا حصون العدو نتباشر بشتيمة عدونا لرسولنا صلى الله عليه وسلم فإذا بدؤوا بسبّ الرسولe وشتيمته بدأ الوهن يحلُّ بهم )إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ( (سورة النور: من الآية 11) ،،،

  جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون فينتفعون ،،،

أقول قولي هذا واستغفر
الله لي ولكم فاستغفروه،،،


*الخطبــة.الثانيـــة.tt*
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ومن وفى وبعد،،،


أيها الأحبــــــة في الله :
روى ابن كثير حكاية ما حلَّ بالمسلمين عام 656 هـ  لمّا نزل التتار بلاد الإسلام فقال : (وصل التتار إلى بغداد عاصمة الخلافة ، فحاصروها ثم قتلوا الخليفة وجنده وحاشيته ، واستباحوا بغداد أربعين يوما )،،،
أتدرون كم قتل التتار مدة مكثهم في بغداد خلال الأربعين يوما ذبحا بالسكاكين وطعنا بالرماح وإغراقا في نهر دجلة؟، لقد قتلوا مليون و800 ألف مسلم، حتى إن نتن الجثث وصل الشام ، فمات بسببه خلقٌ كثير نتيجة سريان الهواء الفاسد إليهم، أربعين يوماً ليس أربع سنوات، أربعين يوماً حصدت هناك الأخضر واليابس، والعدو هو العدو بثوب جديد،،،

لكنني ومن منطلق الحديث حول البشائر، أقول لكم: لولا الواحد القهار ثم ثبات إخوانكم المجاهدين اليوم في العراق لأعاد التاريخ نفسه، آلاف القتلى في جيوش التحالف المشؤوم وتشوهات نفسية كبيرة تصيب من بقي منهم حيّا ، لما يرون يوميا من شجاعة إخوانكم واستبسالهم في سبيل الله تعالى،،،

أيها الأحبة فـي الله :
بشائر الفرج كثيرة كثيرة ، لا أكاد أحصيها في خطبة واحدة،،،

مواصلة الجهاد والبذل والتضحية في فلسطين رغم كثرة المصاب من الشهداء والجرحى والأسرى نعم/ الأسرى الذين زادوا عن 8000 أسير، وهم يصنعون من الليمون الحامض شرابا حلوا يسقونه لنا، صار سجنهم خلوة ، وقد أحيا فيهم معاني الرجولة والإباء، وتحكم دولة الاغتصاب على واحد منهم ب36 مؤبد يضاف إليها 400 عام ثم هو يستقبل الحكم بابتسامة مشرقة، يسخر بها من جلاديه،،،

مواصلة الجهاد، يُضاف إليها برنامج إصلاحي سياسي تربوي اجتماعي يؤكد للعالم أجمع، أن المجاهد رجل ، رجلٌ بما تحمل كلمة رجل من المعاني، رجل في ميدان الجهاد ورجل في ميادين السياسة والتربية والدعوة والإصلاح ، كلها بشائر من حولنا تُعزز في نفوسنا حقيقة خالدة ثابتة: أن المستقبل لهذا الدين،،،

وأن من ركب سفينة نوح نجا، ومن تنكّب غرق حتى لو كان ابن النبي عليه السلام،،

بشائر ترفع المعنويات، نتصبّر بها حتى يأتي أمر الله ) لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ(

(سورة الزمر: من الآية 20)،،،

وعندئذ يُصبح  )الذين كفروا على ما أســــرّوا فـــي أنفسهم نادمين(،،،

)ويســـألونك متى هو؟ قلْ عســــــــــى أن يكــون قريبا(،،،

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
=========================
خطبة بعنوان :

🔵 *(( فضل عشر ذي الحجة ))*🔴

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد ه ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون}[آل عمران:102]
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء:1]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }[الأحزاب:70-71]
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله..
يقول تعالى في محكم التنزيل: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ الله وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون}[القصص:68].
قال العلامة السعدي رحمه الله: هذه الآيات، فيها عموم خلقه لسائر المخلوقات، ونفوذ مشيئته بجميع البريات، وانفراده باختيار من يختاره ويختصه، من الأشخاص، والأوامر والأزمان والأماكن، وأن أحدا ليس له من الأمر والاختيار شيء. اهـ
وإن مما اختاره الله سبحانه وتعالى من الأزمان وفضله على غيره لهي أيام عشر ذي الحجة فهي أيام مباركة والأجور فيها مضاعفة والأعمال الصالحة فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله .
فلعظمتها أقسم الله بها في كتاب الكريم فقال سبحانه: {وَالْفَجْر * وَلَيَالٍ عَشْر * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْر }[الفجر:1-3]
قال المفسر ابن كثير والمفسر البغوي وغيرهما: الليالي العشر هي عشر من ذي الحجة.اهـ
" والفجر": قال ابن كثير، قال مسروق ومجاهد ومحمد بن كعب: هو فجر يوم النحر خاصة وهو خاتمة الليالي العشر. اهـ
وقال بعضهم: هو فجر يوم عرفة.
الشاهد من هذا أن هذه الأيام هي أفضل أيام السنة إطلاقا , فقد روى البزار عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل أيام الدنيا العشر" يعني عشر ذي الحجة. الحديث .
(1): تلقى هذه الخطبة في أول العشر أو قبل دخول العشر بيوم أو يومين.

وهي الأيام المعلومات التي خصها الله بالذكر فقال: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ }[الحج:27].
قال ابن كثير، عن ابن عباس: هي أيام العشر. اهـ
وقال البغوي: قيل لها معلومات للحرص على علمها بحسابها من أجل وقت الحج في آخرها. اهـ
ـ فمن فضلها أن الله شرع مناسك الحج فيها وفيها أفضل أيام السنة وهو يوم النحر ويوم عرفة.
فقد ثبت عند ابن حبان عن عبد الله بن قُرْط رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر".
وأما يوم عرفة فقد ثبتت أحاديث كثيرة في فضله, سيأتي ذكرها في خطبة مستقلة إن شاء الله تعالى.
ـ ومن فضائل العشر أنها في أحد الأشهر الحرم التي عظمها الله وخصها في كتابه فقال: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}[التوبة:36].
قال المفسر البغوي قال قتادة: العمل الصالح أعظم أجرا في الأشهر الحرم والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن . اهـ
ـ فمن فضائلها ـ وهو مقصودنا في خطبتنا هذه ـ أن العمل الصالح فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله, فقد البخاري وأبو داود واللفظ لأبي داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى الله مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ , قَالُوا: يَا رَسُولَ الله وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ..
ففي هذا الحديث بيان أن الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة وذكر وقراءة للقرآن وغيرها أفضل من الجهاد في سبيل الله,ويستثنى ما جاء في الحديث :"إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"أي أنه أنفق ماله في سبيل الله وقتل في سبيل الله فيكون هذا أفضل.
قال الحافظ: والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة و قناة 1️⃣💥التمسك بالسنة نجاة💥:
الحج ولا يتأتى ذلك في غيره. اهـ
وخصت بنحر الهدي والأضاحي وهي عبادة عظيمة قرنها الله بالصلاة كما في قوله تعالى:" فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ" [الكوثر : 2]
وفيها يوم التروية ويوم عرفة ويوم العيد, وخصت بالتكبير والتهليل والذكر في سائر الأوقات وبأصوات مرتفعة وجعل الله الأعمال فيها مشتركة بين الحجاج وغيرهم ممن لم يستطع الحج وذلك من فضل الله سبحانه وتعالى على جميع خلقه, لاسيما أن الله جعل حنينًا واشتياقًا عند كل مسلم لزيارة بيته الحرام واداء تلك المناسك العظيمة, فلما لم يمكن في مقدور جميع الناس من ذلك ,شرع لهم أعمالًا صالحة يشاركون فيها الحجيج في أيام العشر.

منها: أنهم يكبرون ويهللون ويرفعون أصواتهم فيها.
ومنها: أنهم يشاركون الحجيج بالهدايا فيضحون ويمسكون عن قص أظافرهم وشعورهم أيام العشر حتى يضحوا.
ومنها: أنهم يشاركون أهل عرفة بصيام يوم عرفة وقد جعل الله صيام ذلك اليوم يكفر ذنوب سنتين,لكن أهل عرفة بعرفة لا يصومونه فإن الأفضل في حقهم أن يفطروا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم, ويكفيهم من الفضل وقوفهم في ذلك المشهد العظيم.
وغير ذلك من الفضائل المشتركة بين الحجيج وغيرهم في أيام العشر المباركات.
فما أحكم الله وما أكرمه , ففي ذلك فليتنافس المتنافسون.
فقد كان سعيد بن جبير رحمه الله يجتهد في هذه العشر اجتهادا حتى لا يكاد يقدر عليه, لكن حال كثير من الناس اليوم يجتهدون هذه الأيام في الدنيا اجتهادا لا يكادون يقدرون عليه وذلك أن الله ابتلى الناس بمواسم العيد فصارأكثر انشغال الناس بالتجارات في هذه الأيام توفيرا لمتطلبات العيد إلا من رحم الله.
وهكذا في العشر الأواخر من رمضان فإن الناس يستعدون لمتطلبات عيد الفطر فينشغلون عن العبادات ,ولم يجتهدوا في العشر ولا في ليالي العشر إلا من ثبته الله ووفقه وآثر الباقي على الفاني, فالمطلوب هو المقاربة والسداد والجمع بين الأمرين وأن يخفف المسلم من أعمال الدنيا ويجتهد في أعمال الآخرة في هذه الأيام والليالي المباركات.
"قاربوا وسددوا ,القصدَ القصدَ تبلغوا"
فيا أيها الناس اغتنموا هذه الأيام بطاعة الله واجتنبوا ما نهى الله عنه ,ما هي إلا أيام قليلة ,عشرة أيام في السنة ,والسنة ثلاثمائة وستون يوما جعل الله منها مواسم مباركة, الأجور فيها مضاعفة,وتنزل فيها الرحمات, ولله فيها نفحات,وترفع فيها الدرجات ,وتكفر فيها الذنوب والسيئات ,لا يحرم خيرها إلا محروم فلا تلهينكم الدنيا بزخارفها فإنها زائلة, وما عند الله باق، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِالله الْغَرُور}[فاطر:5]
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون}[المنافقون:9] .

فسابق أيها المسلم فإنك في ميدان السباق, وزارع فإنك في أرض المزارعة, وعما قريب ستنتقل إلى دار الحصاد, واعمل فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل, فأنت مسافر إلى الله ,وعما قريب ستنتقل إلى دار الإقامة فانتقل بخير ما بحضرتك.
قال تعالى: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم}[الحديد:21]. فباب الخير واسع والأعمال الصالحة كثيرة فلا تقتصر على عمل واحد فأكثر من الأعمال الصالحة فإنك لا تدري ما هو العمل الذي يكون خالصا لله وإنك لا تدري ما هو العمل الذي يكون مقبولا عند الله وإنك لا تدري ماهو العمل الذي يدخلك الله به الجنة وما هو العمل الذي ينجيك من عذاب الله.
فإن مما ننبه عليه أن كثيرًا من الناس قد حصروا العمل الصالح في هذه الأيام بالصيام فقط وأهملوا بقية الأعمال من صدقة وذكر وقراءة للقرآن وزيارة للأرحام وإحسان إلى الخلق, ولا شك أن الصيام عمل صالح يدخل تحت الحديث ,لكن ينبغي الإكثار من الأعمال الصالحة في هذه الأيام .
فحافظوا على النوافل والأذكار ,وحافظوا على سنة الفجر فإنها خير مما طلعت عليه الشمس وغيرها من الرواتب,فإن من حافظ عليها بنى الله له بيتا في الجنة ,وصلوا الفجر في جماعة تكونوا في ذمة الله ,ومن قعد في مصلاه بعد صلاة الفجر وذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كان ذلك كحجة وعمرة تامتين ,ثم صلوا ما كتب لكم من الضحى ثم انطلقوا إلى عمالكم مكبرين مهللين في طرقكم وأعمالكم كونوا مع الله في جميع أحوالكم يكن الله معكم.
قال تعالى:" فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ" [النساء : 103]
وإذا كنتم في أعمالكم فلا تغفلوا عن ذكر الله كما قال تعالى:" فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [الجمعة : 10]
ومن أهم ما تحافظون عليه هو الفرائض والواجبات والصلاة مع الجماعات فإنها من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى لما روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الله قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ..." الحديث.
الشاهد من الحديث أن أحب ما يتقرب به العبد إلى الله هو الفرائض.
ومن الأعمال الصالحة في هذه الأيام هو صيام يوم عرفة فإن صيامه أفضل من الجهاد في سبيل الله لأنه عمل صالح في أيام العشر ,ويكفر الله به ذنوب سنتين.
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي قتادة الانصاري رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة فقال: "يكفر السنة الماضية والباقية".
فصيام هذا اليوم مستحب استحبابا شديدا لمن لم يكن من أهل عرفات أما من كان من أهل عرفات فيستحب له الفطر على الصحيح لفعل النبي صلى الله عليه وسلم, ويكفي الواقف بعرفة شرفا وفخرا أنه في ذلك المشهد العظيم الذي يغفر الله فيه لأهل عرفات ويضمن لهم التبعات ويباهي بهم ملائكته وغير ذلك من فضائل يوم عرفة.
نسأل الله أن يوفقنا للأعمال الصالحة وأن يجعلها لوجهه الكريم خالصة وأن يجعلها في ميزان حسناتنا مقبولة والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام الأولين والآخرين وسيد المرسلين وقائد الغر المحجلين وشفيع رب العالمين بعثه الله رحمة للعالمين ليخرجهم من الظلمات إلى النور وهو البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين..
أما بعد:
فإن من أفضل الأعمال الصالحة التي هي أفضل من الجهاد في سبيل الله في هذه الأيام لهو ذكر الله ,قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُون}[البقرة:152] .
وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا، عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْإنفاق الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ، فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ " قَالُوا: وَذَلِكَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «ذِكْرُ الله عَزَّ وَجَلَّ».
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله.
والأدلة في فضل الذكر كثيرة لا يسع المقام لذكرها,وإنما ننوه بفضله تنويهًا ,فذكرُ الله له فضل عظيم عموما, وخصوصا في هذه الأيام, فأكثر يا عبد الله من ذكر الله وشكره على نعمه وعلى ما رزقك من بهيمة الأنعام قال تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيق لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير }[الحج:27-28]
وروى الطبراني عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَهَلَّ مُهِلٌّ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ، وَلَا كَبَّرَ مُكَبِّرٌ قَطُّ إِلَّا بُشِّرَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ».
والذي يبشره بالجنة هم الملائكة الكرام.
فيستحب في هذه الأيام رفع الأصوات بالتكبير والتهليل كما يشرع للحاج رفع الصوت بالتلبية, ويكون الذكر في هذه الأيام مطلقا في سائر الأوقات ,ومقيدا بعد الصلوات من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ,فقد كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهم يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما,والحديث في صحيح البخاري.
وكَانَ عُمَرُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ ، وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا.
وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ.
وَكُنَّ

النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزَ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ.والحديث رواه البخاري تعليقا.
وأما النساء فيكبرن بأصوات منخفضة حتى لا يسمعهن الرجال.
وأما صيغ التكبير التي جاءت عن الصحابة رضوان الله عليهم فهي: الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد , الله أكبر وأعز وأجل.
وجاء عن بعض السلف: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحانه الله بكرة وأصيلا .
ومن الأعمال الصالحة في هذه الأيام التقرب إلى الله بالأضاحي وتجهيزها وتسمينها, وسيأتي في شأنها خطبة مستقلة إن شاء الله تعالى.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك, اللهم وفقنا من الأعمال ما ترضى وجنبنا ما تسخطه وتأبى ,واختم لنا بالحسنى وارزقنا الإخلاص والتقوى وأرشدنا سبل الهدى واجعلنا من ورثة جنة المأوى والحمد لله العلي الأعلى.
📙 من كتاب زاد الخطيب والداعية
من خطب المناسبات السنوية
لأبي عبدالرحمن موفق الفاضلي العودي 

💦

اللهم فقهنا في ديننا وانصر كتابك وسنة نبيك وارحنا من أهل الزيغ والإنحراف
بسم الله الرحمن الرحيم
*خطبة الجمعة*

25 من ذي القعدة 1443هـ الموافق 24 يونيو 2022م

*الخطبة الأولى* : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ، يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له الولي الحميد المبدئ المعيد الفعال لما يريد يحكم فلا معقب لحكمه ويقضي فلا راد لفضائه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أوصيكم ونفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والبعد عن معصيته والجهاد في سبيله والوفاء بما أوجبه الله علينا من واجبات وحقوق والالتزامات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) وبعد فيا أيها المؤمنون الكرام أقف بحضراتكم مع موضوع من أهم المواضيع المتعلقة بحياة جميع الناس رجالا ونساء ألا وهي المسؤولية ، المسؤولية التي تعني أن الإنسان مسؤول بمعنى محاسب في الدنيا والآخرة على كل ما يتعلق بذمته من العقود والعهود والمواثيق والاتفاقات والوظائف والأعمال والواجبات والحقوق والالتزامات والمهمات الفردية والجماعية فروض العين وفروض الكفاية حقوق الفرد وحقوق المجتمع فكل ما يجب على العبد أداؤه تجاه خالقه، أو ما يجب عليه أداؤه تجاه نفسه، أو ما يجب عليه أداؤه تجاه بني جنسه، بل ما يجب عليه أداؤه تجاه غير بني جنسه من الدواب وغيرها مسؤولية يسأل عنها الإنسان ويحاسب عليها أمام ربه ودينه ومجتمعه ونفسه اللوامة ، فكل الأمانات يبنى عليها مسؤوليات قال الله تعالى: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ففي الآية تحذير من الإخلال بالمسؤولية وأن الإخلال بها خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وقال: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} فالإنسان مسؤول عن جوارحه، محاسب على ما اجترح بها من خير أو شر . وقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} فالإنسان مسؤول عما يقطعه على نفسه من العهود والوعود وما يلزم به نفسه من المواثيق مع الآخرين . قال الله تعالى: {وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فيها دلالة على أن الإنسان مسؤول محاسب على كل أعماله وقال : {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}  فهذه الآية تدل على أن المحاسبة على المسؤوليات تعم الرسل والمرسل إليهم كلا حسب ما ألقي عليه من التبعات والمسؤوليات. وقد صورت لنا الأحاديث النبوية الشريفة أن المسؤولية لا يخلو منها مكلف، وأنها تشمل جميع مناحي الحياة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « كلكم راع ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته،، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته»، قال: فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والرجل في مال أبيه راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» رواه البخاري، ومسلم فالمسؤولية أمر لا يخلو منه مكلف أبدًا، والحديث دال على أن أكبر مسؤولية سعة وخطرا ولزوما وإثما وضررا وهي مسؤولية الدولة وموظفيها من الرئاسة إلى الموظف الصغير كل مسؤول عن عمله ، فالدولة مسؤولة عن شعبها ومصالحهم وحقوقهم وضرورات حياتهم وحسن إدارتهم وتحقيق العدل فيما بينهم (فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته) ، وكذا الرجل في بيته، وعلى أهله وأولاده مسؤول «والرجل في بيته راع وهو مسؤول عن رعيته»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول» أخرجه الحاكم في المستدرك، فعلى الأب والأم تقع المسؤولية رعاية مادية ومعنوية لأبنائهم قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ، وفي
الحديث «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع» أخرجه أحمد، وحسنه الأرناؤوط. ، وكذا (المرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها) ، مسؤولة عن حفظ الرجل، والقيام على أولاده إرشادًا وتوجيها وتربية، وحفظ ماله، وصون عرضه، وهذه من أعظم المهام وصدق الله (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)
والمعلم مسؤول عما تحت يده من الأبناء فهو المربي الذي على يده تتخرج الأجيال، وفي مدرسته تصنع النفوس وعلى كاهله يشيد مستقبل الأمة وصدق الشاعر . أرأيت أشرفَ أو أجلَّ من الذي ** يبني وينشئ أنفسًا وعقولا
فعلى المعلم أن يحسن أداء المسؤولية المناطة به تعليما وتهذيبا وتربية وسلوكا وما أحسن ما قاله الشافعي رحمه الله: (ومن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم) فترك تعليم المستحقين ظلم وخيانة للمسؤولية واستهتار بها. كما أن على المعلم أن يقوم بواجب التربية، وأن يكون قدوة لطلابه وأن يعالج كل قصور عند الطالب في مجال الإيمان أو العبادة أو الأخلاق أو غيرها
وأصحاب الإعلام مسؤولون عما يقومون به في توجيه الرأي العام، وترسيخ القناعات ، وعلى عاتقهم أمانة ومسؤولية عظيمة، لقد كان شعر حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير رضي الله عنهم جزء من المعركة  العسكرية والفكرية فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اهجوا قريشًا؛ فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل، وقال لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله» رواه مسلم فعلى رجال الإعلام أن ينافحوا عن الإسلام وعن الوطن وعن الأخلاق وعن القيم في زمن سخر فيه الأعداء من تعاليم الدين وكثرة فيه الشبهات والضلالات سواء من قبل عصابة الحوثي الإجرامية الإرهابية أو من غيرهم من المنظمات والقنوات ولهم في حسان بن ثابت وكعب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم أسوة حسنة، وعليهم تجويد الأداء وابتكار ما يشد المشاهد والسامع، ولقد كان الخطباء والشعراء يبدعون في مقابلة الوفود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتفوقون عليهم حتى قال قائلهم : خطيبهم أخطب من خطيبنا، وشاعرهم أشعر من شاعرنا ) ، وعلى أصحاب الأقلام أن يعلموا أنهم مسؤولون عما يكتبون ومحاسبون على ما يخطون، وما أحسن قول القائل:
وما من كاتب إلا سيفنى ** ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه
فالكلمة والمقالة مسؤولية عظيمة؛ لأنها تؤثر في القراء وتوجههم، فإن استعملت في الخير كانت سلاحًا ماضيا يقيم الحق وينصر العدل، وإن استعملت في الشر كانت معول هدم ودمار. ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )، وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ، فإن الدعاة والعلماء والمربين والناصحين مسؤولون كذلك وهم صمام أمان المجتمع، فالمجتمع الذي لا يقوم فيه واجب النصيحة والدعوة وحراسة الدين مهدد بالخطر، قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} كما أن أهل العلم بصفة خاصة تقع على عاتقهم هذه المسؤولية العظيمة قال الله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} وعلى أئمة المساجد وخطباء المنابر تقع مسؤولية عظيمة، فإن خطبة الجمعة أداة فاعلة في توجيه المجتمع وتحريكه، فمتى ما كان الخطيب موفقًا في اختيار الموضوع متفاعلا معه مؤمنا بقضيته محركا بها عواطف الجماهير ، كان قائما بالمسؤولية، ومتى جعل من خطبة الجمعة وظيفة يؤديها وهو غير مكترث لها، كان مضيعًا للمسؤولية
والموظف الذي وقع عقدا مع أي مؤسسة من مؤسسات الدولة أو غيرها من المؤسسات ذات النفع العام مسؤول أيضا فإذا أدى حق الوظيفة من الالتزام بالدوام وسرعة الإنجاز في قضاء حوائج المواطنين فقد وفى ، وإن ضيع أوقات المراجعين وحوائجهم فهو آثم فعن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به» رواه مسلم ، والتكاليف الشرعية أيها المؤمنون كلها أمانات تترتب عليها مسؤوليات فالصلاة مسؤولية قال الله تعالى: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} ، والصوم مسؤولية قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} والزكاة وحقوق الفقراء والمساكين والمجاهدين مسؤولية قال تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وكذا سائر التشريعات في العقائد والاخلاق والمعاملات أمانات ومسؤوليات يجب الوفاء بها ، وإليكم نموذج واحد فقط من الشعور بالمسؤولية وسرعة المبادرة إلى القيام بها من نساء الصحابة نتعلم  فعن صفية بنت شيبة قالت: بينا نحن عند عائشة، فذكرنا نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة رضي الله عنها: إن لنساء قريش لفضلا، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار؛ أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} فانقلب إليهن رجالهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها، يتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقًا وإيمانًا بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان" فأين نحن جميعا من الشعور بالمسؤولية فإذا أديت أيها المسلم ما عليك فلا عليك ، أما إذا قصرت وأهملت وضيعت فهي المسؤولية والحساب والعقاب والنار ، واسمع إلى قول الله (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) وفي الحديث عن أنس عند ابن حبان (إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع ) فيجب أن نتذكر بأن فوز الدنيا والآخرة مرتهن بالقيام بالمسؤوليات على الوجه الأكمل، وخسارة الدنيا والآخرة في التهرب من المسؤوليات، أو الإخلال بها ، فمن شمر عن ساعد الجد أعانه الله ووفقه فكان من القائمين بما أوجب الله عليهم المفلحين في الدنيا والآخرة الذين يستظلون تحت ظل عرش الرحمن يوم القيامة
ونذكر باستثمار العشر الأول من ذي الحجة فهي من أفضل الاعمال ففي الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ - يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ - " قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: " وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلا رَجُلًا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ " أخرجه ابن ماجة والترمذي وأبو داود ، جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .... ثم الدعاء والصلاة على النبي والدعوة للجهاد بالمال دعما للجبهات ... وأقم الصلاة
*من أروع الخـطــــــب*
*في فضل عشر ذي الحجة*
👇👇👇👇👇👇👇👇
*مـرحبــــــاً بأفضــل أيـــــام الدنيـــــــا*
👆👆👆👆👆👆👆👆
👈الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي خلق الأرض والسماوات،الحمد لله الذي عَلـِـمَ العثرات فسترها على أهلها وأنزل الرحمـات،ثم غفرها لهم ومحا السيئات،فله الحمد ملء خزائن البركات،وله الحمد ما تتابعت في القلب النبضات، وله الحمد ما تعاقبت الخطوات،وله الحمد عدد حبات الرمال في الفلوات،وله الحمد عدد نسمات الهواء في الأرض والسماوات،وعدد الحركات والكائنات.
*سبحـانه..سبحـانه..سبحـانه*
الطير سبَّحه والوحش مجّده والموج كبّـره والحوت ناداه
والنمل تحت الصخور الصُّمّ قدّسه والنحل يهتف حمداً في خلاياه.
الناس يعصونه جهراً فيسترهم..والعبد ينسى وربي ليس ينساه.
وأشهد أن لا إله إلا الله،لا مفرج للكربات إلا هو،ولا سامع للأصوات إلا هو،ولا قاضي الحاجات إلا هو
ما نزل غيثٌ إلا بمداد حكمته..وما انتصر دينٌ إلا بمداد عزته..وما اقشعرت القلوب إلا من عظمته..وما انهمرت دموع المحبين إلا من خشيته.
وأشهد أنّ سيدنا محمداً عبده ورسوله،قام بمهَمّـته، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته، وأقام اعوجاج الخلق بشريعته وعاش للتوحيد ففاز بخُلّته..وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته،وانتشر الخير ببعثته
جاء الحبيب إلى الوجود يتيماً
والكون في درب الظلام سقيماً
فأنار للكون العليل ظلامهُ
بشريعةٍ لا تقبل التقسيما
فهي الشفاء لكل قلبٍ موجَعٍ
ومزاجها بين الورى تسنيماً
يا مؤمنين بأنّ أحمدَ مُرسَلٍ
صلوا عليه وسلموا تسليماً
أيها المسلمــون: ما أجمل مواسم الخير
وما أعظم فرحة الصالحين بقدوم هذه المواسم
ولله درّ قومٌ عرفوا قدر هذه المواسم فاستعدوا لها، وأخلصوا الطاعة فيها، وما توانوا في اللحظات، فحافظوا على الأوقات فرحمهم الله أحياءً وأموات.
وأحسن الله عزاء من عرف مواقيت هذه المواسم لكنه بارد الهمة، فاتر القوى،كسول الجوارح والأعضاء ؛فهو بحق ميت الأحياء؛ فهو من الأحياء بالأبدان..لكنه يشبه الأموات في عدم الزيادة من القربات وكأنه خُتم على عمله فلا يستطيع زيادة في الحسنات ولا نقصاً من السيئات ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عباد الله : بين أيديكم عَشْرٍ فَاضِلَةٍ، أَيَّامُهَا نَفِيسَةٌ، وَسَاعَاتُهَا ثَمِينَةٌ؛ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ قَدْرًا، وَأَعْلَاهَا مَنْزِلَةً وَذِكْرًا؛ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لِعِبَادِهِ وَفَضْلًا؛ لِيُعَمِّرَهَا الْمُتَسَابِقُونَ بِمَا يُقَرِّبُهُمْ مِنْهُ، وَيَسْتَغِلَّهَا الْمُنَافِسُونَ بِمَا يُحَبِّبُهُمْ إِلَيْهِ، وَالْعَاقِلُ الْبَصِيرُ لَا يَقْبَلُ أَنْ تَمُرَّ عَلَيْهِ مِثْلُ هَذِهِ الْمِنَحِ الرَّبَّانِيَّةِ وَالْهَدَايَا الْإِلَهِيَّةِ مُرُورًا عَابِرًا دُونَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ مِمَّا أَوْدَعَهُ الْمَنَّانُ الْكَرِيمُ فِيهَا، وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ فأهلاً ومرحباً بأفضل أيام الدنيا
أيها المسلمون: بين أيديكم موسمٌ عظيم لم يذكر الله فضله في كتابه فقط
ولا النبي-صلى الله عليه وسلم- في سنته فقط
بل أنّ الله-جل في علاه- أقسم به وهذه أعظم فضيلة.والله لا يقسم إلا بعظيم فهل وراء هذا تعظيم؟!
قال تعال: " والفجر وليالٍ عشر"
قال المفسرون: المراد بها عشر ذي الحجة.
وقال تعالى:" ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلومات..." قال ابن عباس- رضي الله عنهما- أيامٍ معلومات: أيام العشر.
فيا أفضل الأيام والليالي ماذا يقول فيكِ النبي الغالي؟!
بماذا حثّ ورغّب أمته في اغتنام أيام العشر المعظّمة؟!
هل بتضييع الأوقات بالسهر على القنوات؟!
أم بمتابعة الأفلام والمسلسلات؟!
أم بمشاهدة تصفيات المباريات؟
أم بالسهر على المواقع والملاهي وشبكات التواصل الاجتماعي؟!
كلا وألف كلا أن يأمر بهذا نبي فكيف بخاتم وأفضل النبيين!!
إنّه رحمة للعالمين لا يحث ولا يرغّب إلا ما فيه رحمة لأمته.
فيا أبا القاسم يا رسول الله ما فضيلة عشر ذي الحجة؟
عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :" مـا من أيـام العمـل الصالـح فيها أحبُّ إلى الله-عز وجل- من هذه الأيام"-يعني أيام العشر- قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري.
فهل يحتاج هذا الكلام إلى توضيح ؟
وبعبارة أخرى هل هناك أوضح من هذا الكلام؟
إنّه أوضح من الشمس وضحاها..وأبين من القمر إذا تلاها والنهار إذا جلّاها
والحق شمسٌ والعيون نواظرٌ**لا تختفي إلا على العميانِ
2024/09/22 15:32:58
Back to Top
HTML Embed Code: