#وعظه
قال أبو عمرو :
أيها الناس تقووا بهذه النعم - التي أصبحتم فيها - على الهرب من : { نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ }
فإنَّكم في دار الثواء فيها قليل ، وأنتم فيها مرتحلون ، خلائف بعد القرون الذين استقبلوا من الدنيا أنْفَسَها وزهرتها .
فهم كانوا أطول منكم أعمارًا ، وأمدَّ أجسامًا ، وأعظم آثارًا ، فجدَّدوا الجبال ، وجابوا الصخور ، ونقَّبوا في البلاد ، مؤيَّدين ببطش شديد ، وأجساد كالعماد .
فما لبثت الأيام والليالي أن طَوَتْ مدَّتهم ، وعفَّت آثارهم ، وأخْوَتْ منازلهم ، وأنْسَتْ ذكرهم ، فما تحسُّ منهم من أحد ، ولا تسمع لهم رِكزا .
كانوا بلهو الأمل آمنين ، ولميقات يومٍ غافلين ، ولصباح قومٍ نادمين .
ثم إنَّكم قد علمتم الذي نزل بمساحتهم بياتًا من عقوبة الله ﷻ ، فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين ، وأصبح الباقون ينظرون في آثار نقمة ، وزوال نعمة ، ومساكن خاوية ، فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ، وعبرة لمن يخشى .
وأصبحتم من بعدهم في أجل منقوص ، ودنيا مقبوضة ، في زمان قد ولى عفوه ، وذهب وخاؤه ، فلم يبق منه إلا حمَّةُ شرّ ، وصبابه كدر ، وأهاويل غِير ، وعقوبات عِبر ، وأرسال فتن ، وتتابع زلازل ، ورُذَالة خلف ، بهم ظهر الفساد في البر والبحر .
فلا تكونوا أشباهًا لمن خدعه الأمل ، وغرَّه طول الأجل ، وتبلَّغ بالأماني .
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن وعى نُذُرَه وانتهى ، وعقل مثواه فمهَّد لنفسه .
*
الثواء : الإقامة والبقاء
عفَّت : ذهبت ولم يبق لها أثر
الركز : الصوت الخفي أو الضعيف
عفوه : العفو : أجل المال وأطيبه ، والمراد : السعة والرفاهية
حمَّة : هي السم
[ سير أعلام النبلاء ٧ / ١١٧ ]
[ تاريخ ابن عساكر ٣٥ / ٢٠٨ ]
قال أبو عمرو :
أيها الناس تقووا بهذه النعم - التي أصبحتم فيها - على الهرب من : { نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ }
فإنَّكم في دار الثواء فيها قليل ، وأنتم فيها مرتحلون ، خلائف بعد القرون الذين استقبلوا من الدنيا أنْفَسَها وزهرتها .
فهم كانوا أطول منكم أعمارًا ، وأمدَّ أجسامًا ، وأعظم آثارًا ، فجدَّدوا الجبال ، وجابوا الصخور ، ونقَّبوا في البلاد ، مؤيَّدين ببطش شديد ، وأجساد كالعماد .
فما لبثت الأيام والليالي أن طَوَتْ مدَّتهم ، وعفَّت آثارهم ، وأخْوَتْ منازلهم ، وأنْسَتْ ذكرهم ، فما تحسُّ منهم من أحد ، ولا تسمع لهم رِكزا .
كانوا بلهو الأمل آمنين ، ولميقات يومٍ غافلين ، ولصباح قومٍ نادمين .
ثم إنَّكم قد علمتم الذي نزل بمساحتهم بياتًا من عقوبة الله ﷻ ، فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين ، وأصبح الباقون ينظرون في آثار نقمة ، وزوال نعمة ، ومساكن خاوية ، فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ، وعبرة لمن يخشى .
وأصبحتم من بعدهم في أجل منقوص ، ودنيا مقبوضة ، في زمان قد ولى عفوه ، وذهب وخاؤه ، فلم يبق منه إلا حمَّةُ شرّ ، وصبابه كدر ، وأهاويل غِير ، وعقوبات عِبر ، وأرسال فتن ، وتتابع زلازل ، ورُذَالة خلف ، بهم ظهر الفساد في البر والبحر .
فلا تكونوا أشباهًا لمن خدعه الأمل ، وغرَّه طول الأجل ، وتبلَّغ بالأماني .
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن وعى نُذُرَه وانتهى ، وعقل مثواه فمهَّد لنفسه .
*
الثواء : الإقامة والبقاء
عفَّت : ذهبت ولم يبق لها أثر
الركز : الصوت الخفي أو الضعيف
عفوه : العفو : أجل المال وأطيبه ، والمراد : السعة والرفاهية
حمَّة : هي السم
[ سير أعلام النبلاء ٧ / ١١٧ ]
[ تاريخ ابن عساكر ٣٥ / ٢٠٨ ]
#عقيدته
كتب إلي القاضي عبد الواسع الشافعي ، وعدة ، عن أبي الفتح المندائي أنبأنا عبيد الله بن محمد بن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أنبأنا جدي في كتاب " الأسماء والصفات " له ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا محمد بن علي الجوهري ببغداد ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم ، حدثنا محمد بن كثير المصيصي : سمعت الأوزاعي يقول : كنا - والتابعون متوافرون - نقول : إن الله تعالى فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته .
[سير أعلام النبلاء]
كتب إلي القاضي عبد الواسع الشافعي ، وعدة ، عن أبي الفتح المندائي أنبأنا عبيد الله بن محمد بن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أنبأنا جدي في كتاب " الأسماء والصفات " له ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا محمد بن علي الجوهري ببغداد ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم ، حدثنا محمد بن كثير المصيصي : سمعت الأوزاعي يقول : كنا - والتابعون متوافرون - نقول : إن الله تعالى فوق عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته .
[سير أعلام النبلاء]
#عقيدته
حَدَّثَنِي أَبِي وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، نا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ، وَمَالِكًا، وَسَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَقُولُونَ: «لَيْسَ لِلْإِيمَانِ مُنْتَهًى هُوَ فِي زِيَادَةٍ أَبَدًا وَيُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ مُسْتَكْمَلُ الْإِيمَانِ وَأَنَّ إِيمَانَهُ كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ»
[السنة لعبدالله ص٢٧٢]
حَدَّثَنِي أَبِي وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، نا مَهْدِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ، وَمَالِكًا، وَسَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَقُولُونَ: «لَيْسَ لِلْإِيمَانِ مُنْتَهًى هُوَ فِي زِيَادَةٍ أَبَدًا وَيُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَقُولُ أَنَّهُ مُسْتَكْمَلُ الْإِيمَانِ وَأَنَّ إِيمَانَهُ كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ»
[السنة لعبدالله ص٢٧٢]