#مسائل_التفسير
تفسير قول الله تعالى: {حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) }
- قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكانوا قومًا بورًا} يقول: « هلكى». رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
- وقال مجاهدٍ: « {وكانوا قومًا بورًا} يقول: هلكى ». رواه ابن جرير.
- قال شهر بن حوشب: {وكانوا قومًا بورًا} قال: « معناه فسدتم ». رواه ابن أبي حاتم.
- وقال قتادة: « {وكانوا قومًا بورًا} والبور: الفاسد وإنّه واللّه ما نسي قومٌ قطّ ذكر اللّه إلا باروا وفسدوا ». رواه ابن أبي حاتم.
- وقال معمر عن الحسن البصري: « هم الّذين لا خير فيهم ». رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم.
- وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: « البور الّذي ليس فيه من الخير شيءٌ ». رواه ابن جرير.
هذه المفردة {بورا} جمعت خمسة معانٍ جمعاً بديعاً من غير تعارض، ونبهت على صفة أولئك القوم، وحالهم، وسبب هلاكهم، وبينت عاقبة أمرهم في بيان بديع يأخذ بالألباب، وهو من دلائل إعجاز القرآن، وبركة ألفاظه، وسعة معانيه.
المعنى الأول: {قوماً بورا} أي لا خير فيهم، وهو قول الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
ومنه يقال للأرض التي لا نبت فيها أرض بور.
وكذلك حال أولئك الكفار فهم قوم لا خير فيهم، ولا عمل صالح لهم ينفعهم؛ وقلوبهم خالية من الإيمان خلو الأرض البور من النبات النافع.
والمعنى الثاني: هلكى، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وهو قول مجاهد، وأبي عبيدة معمر بن المثنى واختيار البخاري.
أي ضلّ سعيهم، وخاب رجاؤهم، وكُتب لهم الشقاء الأبدي.
ومنه قول أمية بن أبي الصلت:
كل دين يوم القيامة عند ... الله إلا دين الحنيفة بور
والمعنى الثالث: {بوراً} أي فاسدون، وهو قول قتادة وشهر بن حوشب ويحيى بن سلام البصري.
ومنه قولهم: بارت السلعة إذا فسدت، وهذا كالتنبيه على سبب هلاكهم.
والمعنى الرابع: الخسار والكساد، وهو قول الخليل بن أحمد، ومنه قول الله تعالى: {يرجون تجارة لن تبور} أي لن تكسد ولن يخسر صاحبها.
قال الكسائي: ومنه الحديث: « أنه كان يتعوذ من بوار الأيّم»، وذلك أن تكسد فلا تجد زوجاً، ذكره ابن فارس في مقاييس اللغة.
والمعنى الخامس: {قوماً بوراً} أي: لا رادع لهم عن غيّهم، ولا وازع يزعهم عن تقحّم الموبقات، ومنه الأرض البور التي ليس عليها قيّم يصلحها على أحد المعاني، ومنه قول ابن الزبعرَى:
يا رسول المليك إنَّ لساني ... راتقٌ ما فتقت إذ أنا بور
إذ أتبع الشيطان في سنن الغيّ ... ومن مال ميله مثبور
وقد جمع أبو إسحاق الزجاج أربعة أوجه فقال: (وقوله تعالى: {وكانوا قوما بورا} قيل في التفسير " هلكى، والبائر في اللغة الفاسد، والذي لا خير فيه، وكذلك أرض بائرة متروكة من أن يزرع فيها).
تفسير قول الله تعالى: {حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) }
- قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وكانوا قومًا بورًا} يقول: « هلكى». رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
- وقال مجاهدٍ: « {وكانوا قومًا بورًا} يقول: هلكى ». رواه ابن جرير.
- قال شهر بن حوشب: {وكانوا قومًا بورًا} قال: « معناه فسدتم ». رواه ابن أبي حاتم.
- وقال قتادة: « {وكانوا قومًا بورًا} والبور: الفاسد وإنّه واللّه ما نسي قومٌ قطّ ذكر اللّه إلا باروا وفسدوا ». رواه ابن أبي حاتم.
- وقال معمر عن الحسن البصري: « هم الّذين لا خير فيهم ». رواه عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم.
- وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: « البور الّذي ليس فيه من الخير شيءٌ ». رواه ابن جرير.
هذه المفردة {بورا} جمعت خمسة معانٍ جمعاً بديعاً من غير تعارض، ونبهت على صفة أولئك القوم، وحالهم، وسبب هلاكهم، وبينت عاقبة أمرهم في بيان بديع يأخذ بالألباب، وهو من دلائل إعجاز القرآن، وبركة ألفاظه، وسعة معانيه.
المعنى الأول: {قوماً بورا} أي لا خير فيهم، وهو قول الحسن وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
ومنه يقال للأرض التي لا نبت فيها أرض بور.
وكذلك حال أولئك الكفار فهم قوم لا خير فيهم، ولا عمل صالح لهم ينفعهم؛ وقلوبهم خالية من الإيمان خلو الأرض البور من النبات النافع.
والمعنى الثاني: هلكى، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وهو قول مجاهد، وأبي عبيدة معمر بن المثنى واختيار البخاري.
أي ضلّ سعيهم، وخاب رجاؤهم، وكُتب لهم الشقاء الأبدي.
ومنه قول أمية بن أبي الصلت:
كل دين يوم القيامة عند ... الله إلا دين الحنيفة بور
والمعنى الثالث: {بوراً} أي فاسدون، وهو قول قتادة وشهر بن حوشب ويحيى بن سلام البصري.
ومنه قولهم: بارت السلعة إذا فسدت، وهذا كالتنبيه على سبب هلاكهم.
والمعنى الرابع: الخسار والكساد، وهو قول الخليل بن أحمد، ومنه قول الله تعالى: {يرجون تجارة لن تبور} أي لن تكسد ولن يخسر صاحبها.
قال الكسائي: ومنه الحديث: « أنه كان يتعوذ من بوار الأيّم»، وذلك أن تكسد فلا تجد زوجاً، ذكره ابن فارس في مقاييس اللغة.
والمعنى الخامس: {قوماً بوراً} أي: لا رادع لهم عن غيّهم، ولا وازع يزعهم عن تقحّم الموبقات، ومنه الأرض البور التي ليس عليها قيّم يصلحها على أحد المعاني، ومنه قول ابن الزبعرَى:
يا رسول المليك إنَّ لساني ... راتقٌ ما فتقت إذ أنا بور
إذ أتبع الشيطان في سنن الغيّ ... ومن مال ميله مثبور
وقد جمع أبو إسحاق الزجاج أربعة أوجه فقال: (وقوله تعالى: {وكانوا قوما بورا} قيل في التفسير " هلكى، والبائر في اللغة الفاسد، والذي لا خير فيه، وكذلك أرض بائرة متروكة من أن يزرع فيها).
#مسائل_التفسير
م: تفسير قول الله تعالى: {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}
- قال مجاهد: ( أصحاب القبور الّذين في القبور قد يئسوا من الآخرة). رواه ابن جرير.
- وقال شعبة، عن سماكٍ عن عكرمة (الكفّار إذا دخلوا القبور فعاينوا ما أعدّ اللّه لهم من الخزي يئسوا من رحمة الله). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال الحسن البصري: (الكفّار الأحياء قد يئسوا من الأموات). رواه ابن جرير.
- وقال الضحاك بن مزاحم: (من مات من الّذين كفروا فقد يئس الأحياء منهم أن يرجعوا إليهم، أو يبعثهم اللّه). رواه ابن جرير.
-وقال قتادة: (اليهود قد يئسوا أن يبعثوا كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا). رواه عبد الرزاق.
هذه الآثار المروية عن السلف ترجع إلى قولين قائمين على وجهين صحيحين في معنى {من} في قوله تعالى: {من أصحاب القبور}
أحدهما: {من} بيانية، والمعنى: كما يئس الكفار الذين هم من أصحاب القبور من أسباب النجاة في الآخرة لما عاينوا العذاب، وهذا اليأس سببه موتهم على الكفر، وعلى هذا قول مجاهد وعكرمة.
والقول الآخر: {من} للتعدية، والمعنى: كما يئس الكفار الأحياء من لقاء إخوانهم من الكفار المقبورين، لكفر الأحياء منهم بالبعث والنشور، وعلى هذا قول الحسن البصري، والضحاك، وقتادة.
فهذان القولان كلّ قول منهما على وجهٍ صحيح ؛ فيجمع بينهما من غير تعارض، ولا نرجّح أحدهما على الآخر.
م: تفسير قول الله تعالى: {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ}
- قال مجاهد: ( أصحاب القبور الّذين في القبور قد يئسوا من الآخرة). رواه ابن جرير.
- وقال شعبة، عن سماكٍ عن عكرمة (الكفّار إذا دخلوا القبور فعاينوا ما أعدّ اللّه لهم من الخزي يئسوا من رحمة الله). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال الحسن البصري: (الكفّار الأحياء قد يئسوا من الأموات). رواه ابن جرير.
- وقال الضحاك بن مزاحم: (من مات من الّذين كفروا فقد يئس الأحياء منهم أن يرجعوا إليهم، أو يبعثهم اللّه). رواه ابن جرير.
-وقال قتادة: (اليهود قد يئسوا أن يبعثوا كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا). رواه عبد الرزاق.
هذه الآثار المروية عن السلف ترجع إلى قولين قائمين على وجهين صحيحين في معنى {من} في قوله تعالى: {من أصحاب القبور}
أحدهما: {من} بيانية، والمعنى: كما يئس الكفار الذين هم من أصحاب القبور من أسباب النجاة في الآخرة لما عاينوا العذاب، وهذا اليأس سببه موتهم على الكفر، وعلى هذا قول مجاهد وعكرمة.
والقول الآخر: {من} للتعدية، والمعنى: كما يئس الكفار الأحياء من لقاء إخوانهم من الكفار المقبورين، لكفر الأحياء منهم بالبعث والنشور، وعلى هذا قول الحسن البصري، والضحاك، وقتادة.
فهذان القولان كلّ قول منهما على وجهٍ صحيح ؛ فيجمع بينهما من غير تعارض، ولا نرجّح أحدهما على الآخر.
##مسائل_التفسير
م: تفسير قول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}
- قال ابن عباس: « أنا ممن يعلم تأويله ». رواه ابن جرير، وابن المنذر.
- وقال عروة بن الزبير: « إنّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله، ولكنهم يقولون: {آمنا به كل من عند ربنا} ». رواه ابن جرير.
- وقال مجاهد: « {والراسخون في العلم} يعلمون تأويله، ويقولون: آمنا به ». رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، وابن جرير، وابن المنذر.
هذه الأقوال قد يُظنّ أنها مختلفة اختلاف تضاد، لكن لكلّ قول وجه صحيح؛ فهذه الآية فيها وقفان صحيحان يعتمد الوقف على كل واحد منهما على المراد بالمتشابهات:
الوقف الأول: الوقف على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}، فتكون الواو في قوله تعالى: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} استئنافية، ويكون المراد بالمتشابهات ما لا يعلمه إلا الله من حقائق الغيبيات من كيفية صفات الله تعالى، وتفصيل ما يكون في اليوم الآخر، ونحو ذلك مما استأثر الله بعلمه واشتبه على الناس معرفة حقيقته.
والوقف الثاني: الوقف على {الراسخون في العلم}، فتكون الواو في قوله تعالى: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} عاطفة؛ ويكون المراد بالمتشابهات ما يشتبه على كثير من الناس من مسائل العلم ويعلمه العلماء؛ لأنهم يعلمون تأويله بما أرشدهم الله إليه من ردّ المحكم إلى المتشابه، وإن وقع بينهم تفاضل في ذلك العلم.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (صنف أحمد كتابا في " الردّ على الزنادقة والجهمية " فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله، وفسّر تلك الآيات كلّها، وذمّهم على أنهم تأوّلوا ذلك المتشابه على غير تأويله، وعامّتها آيات معروفة قد تكلَّم العلماء في تفسيرها؛ مثل الآيات التي سأل عنها نافع بن الأزرق ابن عباس.
قال الحسن البصري: « ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم فيم أنزلت، وماذا عني بها"».
ومن قال من السلف: إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله؛ فقد أصاب أيضاً، ومراده بالتأويل ما استأثر الله بعلمه، مثل وقت الساعة، ومجيء أشراطها، ومثل كيفية نفسه، وما أعدَّه في الجنة لأوليائه)ا.هـ.
وابن عباس قد اشتهر عنه القول بالوقف الثاني، وروي عنه ما يوافق القول الأول، بل رويت عنه قراءة صحيحة أخرجها عبد الرزاق في مصنفه [وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به]، وهذه القراءة ليس فيها إلا معنى الوقف الثاني.
فصحة القولين عن ابن عباس دليل على أنه يذهب إلى تعدد الوجوه في التفسير.
م: تفسير قول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}
- قال ابن عباس: « أنا ممن يعلم تأويله ». رواه ابن جرير، وابن المنذر.
- وقال عروة بن الزبير: « إنّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأويله، ولكنهم يقولون: {آمنا به كل من عند ربنا} ». رواه ابن جرير.
- وقال مجاهد: « {والراسخون في العلم} يعلمون تأويله، ويقولون: آمنا به ». رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، وابن جرير، وابن المنذر.
هذه الأقوال قد يُظنّ أنها مختلفة اختلاف تضاد، لكن لكلّ قول وجه صحيح؛ فهذه الآية فيها وقفان صحيحان يعتمد الوقف على كل واحد منهما على المراد بالمتشابهات:
الوقف الأول: الوقف على قوله تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله}، فتكون الواو في قوله تعالى: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} استئنافية، ويكون المراد بالمتشابهات ما لا يعلمه إلا الله من حقائق الغيبيات من كيفية صفات الله تعالى، وتفصيل ما يكون في اليوم الآخر، ونحو ذلك مما استأثر الله بعلمه واشتبه على الناس معرفة حقيقته.
والوقف الثاني: الوقف على {الراسخون في العلم}، فتكون الواو في قوله تعالى: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به} عاطفة؛ ويكون المراد بالمتشابهات ما يشتبه على كثير من الناس من مسائل العلم ويعلمه العلماء؛ لأنهم يعلمون تأويله بما أرشدهم الله إليه من ردّ المحكم إلى المتشابه، وإن وقع بينهم تفاضل في ذلك العلم.
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (صنف أحمد كتابا في " الردّ على الزنادقة والجهمية " فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله، وفسّر تلك الآيات كلّها، وذمّهم على أنهم تأوّلوا ذلك المتشابه على غير تأويله، وعامّتها آيات معروفة قد تكلَّم العلماء في تفسيرها؛ مثل الآيات التي سأل عنها نافع بن الأزرق ابن عباس.
قال الحسن البصري: « ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم فيم أنزلت، وماذا عني بها"».
ومن قال من السلف: إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله؛ فقد أصاب أيضاً، ومراده بالتأويل ما استأثر الله بعلمه، مثل وقت الساعة، ومجيء أشراطها، ومثل كيفية نفسه، وما أعدَّه في الجنة لأوليائه)ا.هـ.
وابن عباس قد اشتهر عنه القول بالوقف الثاني، وروي عنه ما يوافق القول الأول، بل رويت عنه قراءة صحيحة أخرجها عبد الرزاق في مصنفه [وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به]، وهذه القراءة ليس فيها إلا معنى الوقف الثاني.
فصحة القولين عن ابن عباس دليل على أنه يذهب إلى تعدد الوجوه في التفسير.
#مسائل_التفسير
م: تفسير قول الله تعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله}
- قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: « {خلاف رسول الله} أي بعده، قال الحارث بن خالد:
عقب الربيع خلافَهم فكأنما... بسط الشواطب بينهن حصيرا ».
- وقال أبو جعفر النحاس: « الخلاف: المخالفة، والمعنى من أجلِ مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقول: جئتك ابتغاء العلم ».
فهذا القولان وإن دلا على معنيين مختلفين فكلّ معنى مخرّج على وجه صحيح من الإعراب؛ فيجمع بينهما، وبيان ذلك:
أنّ {خلاف} لها وجهان في الإعراب في هذا الموضع:
الوجه الأول: ظرف مكان بمعنى بعد، قعدوا خلافه أي: بعده، وتخلّفوا عن الغزو معه، وعلى هذا الوجه قول أبي عبيدة معمر بن المثنى.
والوجه الثاني: مفعول لأجله؛ أي: قعدوا عن الغزو خلافاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعصياناً لأمره، ومشاقّةً له، وعلى هذا الوجه قول أبي جعفر النحاس، وما اختاره ابن جرير الطبري.
والوجهان صحيحان لأنّ أولئك المنافقين تخلّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدوا خلفَه مخالفة له، ومفردة {خلاف} تصلح للمعنيين بهذين الوجهين من الإعراب.
وقد قرئ في غير العشر [ خَلْف ] بفتح الخاء وسكون اللام، وقرئ [ خُلْفَ ] بضم الخاء وسكون اللام؛ فقراءة [ خَلْف ] بمعنى بعد على الوجه الأول، وقراءة [ خُلْف ] بمعنى مخالفة على الوجه الثاني، وقراءة {خلاف} جامعة للمعنيين، وصالحة للوجهين من الإعراب.
م: تفسير قول الله تعالى: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله}
- قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: « {خلاف رسول الله} أي بعده، قال الحارث بن خالد:
عقب الربيع خلافَهم فكأنما... بسط الشواطب بينهن حصيرا ».
- وقال أبو جعفر النحاس: « الخلاف: المخالفة، والمعنى من أجلِ مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقول: جئتك ابتغاء العلم ».
فهذا القولان وإن دلا على معنيين مختلفين فكلّ معنى مخرّج على وجه صحيح من الإعراب؛ فيجمع بينهما، وبيان ذلك:
أنّ {خلاف} لها وجهان في الإعراب في هذا الموضع:
الوجه الأول: ظرف مكان بمعنى بعد، قعدوا خلافه أي: بعده، وتخلّفوا عن الغزو معه، وعلى هذا الوجه قول أبي عبيدة معمر بن المثنى.
والوجه الثاني: مفعول لأجله؛ أي: قعدوا عن الغزو خلافاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعصياناً لأمره، ومشاقّةً له، وعلى هذا الوجه قول أبي جعفر النحاس، وما اختاره ابن جرير الطبري.
والوجهان صحيحان لأنّ أولئك المنافقين تخلّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدوا خلفَه مخالفة له، ومفردة {خلاف} تصلح للمعنيين بهذين الوجهين من الإعراب.
وقد قرئ في غير العشر [ خَلْف ] بفتح الخاء وسكون اللام، وقرئ [ خُلْفَ ] بضم الخاء وسكون اللام؛ فقراءة [ خَلْف ] بمعنى بعد على الوجه الأول، وقراءة [ خُلْف ] بمعنى مخالفة على الوجه الثاني، وقراءة {خلاف} جامعة للمعنيين، وصالحة للوجهين من الإعراب.
{واتقوا الله لعلكم تفلحون}
{واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}
{وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}
{وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون}
الفلاح جامع لمعنيين:
أحدهما: النجاة من سخط الله وعذابه
والآخر: الفوز برضوان الله وثوابه الكريم
ومن رام أسباب الفلاح فليتدبر هذه الآيات.
{واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}
{وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}
{وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون}
الفلاح جامع لمعنيين:
أحدهما: النجاة من سخط الله وعذابه
والآخر: الفوز برضوان الله وثوابه الكريم
ومن رام أسباب الفلاح فليتدبر هذه الآيات.
المهارات_الأساسية_في_التفسير_7_صفر_1446هـ.pdf
14.9 MB
كتاب "المهارات الأساسية في التفسير"
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس السادس والخمسون
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 9 صفر 1446 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في أصول التفسير
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 9 صفر 1446 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في أصول التفسير
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_العقيدة | #مسائل_التفسير
قال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)}
والبلاغ المبين هو الذي يبيّن المعنى ويُفهم منه مراد المتكلم.
والبيان التام يقتضي ثلاثة أمور متلازمة:
الأمر الأول: العلم التام بكل ما يلزم بيانه.
الأمر الثاني: النصح والأمانة.
الأمر الثالث: الفصاحة وأداء المعاني بالألفاظ الدالة عليها.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد كمَّل هذه المقامات أحسن التكميل؛ فمن قدح في شيء منها فقد قدح في بيان النبي صلى الله عليه وسلم وتبليغه آيات ربّه جلّ وعلا.
ومن ادّعى أنّ النصوص تدلّ على خلاف ظاهرها وحقيقة معناها فإنما هو لتقصيره في النظر أو قصوره عن إدراك المعنى الصحيح المدلول عليه بظاهر النص.
- قال ابن القيم رحمه الله: (مع كمال علم المتكلم، وفصاحته وبيانه، ونصحه يمتنع عليه أن يريد بكلامه خلاف ظاهره وحقيقته).
وذكر في "الصواعق المرسلة" مناظرة أخبره بمضمونها عبد الله بن عبد الحليم ابن تيمية أخو شيخ الإسلام مع معطّل من أهل الأهواء يتأوّل الصفات؛ وخلاصتها أنّ المتأوّل الذي يسوّغ تأويل معاني نصوص الصفات إلى معانٍ غير ظاهرة قد أساء الظنّ بالله ورسوله، وذلك أنّ الحقّ إما أن يكون في المعاني الظاهرة المدلول عليها باللسان العربي أو في غيرها؛ فإن كان في غيرها فإما أن يعلم الشارع أنّ كلامه يدلّ على غير الحق أو لا يعلم:
فإن قال: لا يعلم فهذا تجهيل وكفر.
وإن قال يعلم: فيقال: إما أن ينصح للناس ويريد بيان الحق لهم أو لا يريد ذلك:
فإن قال: لا يريد فهذا ضلال وكفر.
وإن قال: يريد ؛ فيقال: هل كان يحسن بيان ما يريده من الحق أو لا يحسن؟
فإن قال: لا يحسن؛ فهذا قدح في الفصاحة والبيان.
وإن قال: يحسن؛ فيقال: فيمتنع أن يكون الحقّ في غير المعاني الظاهرة من كلامه.
وقد أعجبني هذا التأصيل فقلتُ في نظمه:
وكلُّ حمْلٍ قاصرِ .. على خلاف الظاهرِ
فالحامل المقصّرُ ... أو قاصرٌ لا يبصِرُ
تأويله لمن نظرْ .. توهّم لا يعتبرْ
بل مقتضٍ للقدحِ .. في العلم أو في النصحِ
أو أنه يُعييهِ .. بيان ما يعنيهِ
وكلّ ذاك باطلُ .. لا يرتضيه عاقلُ
قال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (12)}
والبلاغ المبين هو الذي يبيّن المعنى ويُفهم منه مراد المتكلم.
والبيان التام يقتضي ثلاثة أمور متلازمة:
الأمر الأول: العلم التام بكل ما يلزم بيانه.
الأمر الثاني: النصح والأمانة.
الأمر الثالث: الفصاحة وأداء المعاني بالألفاظ الدالة عليها.
والنبي صلى الله عليه وسلم قد كمَّل هذه المقامات أحسن التكميل؛ فمن قدح في شيء منها فقد قدح في بيان النبي صلى الله عليه وسلم وتبليغه آيات ربّه جلّ وعلا.
ومن ادّعى أنّ النصوص تدلّ على خلاف ظاهرها وحقيقة معناها فإنما هو لتقصيره في النظر أو قصوره عن إدراك المعنى الصحيح المدلول عليه بظاهر النص.
- قال ابن القيم رحمه الله: (مع كمال علم المتكلم، وفصاحته وبيانه، ونصحه يمتنع عليه أن يريد بكلامه خلاف ظاهره وحقيقته).
وذكر في "الصواعق المرسلة" مناظرة أخبره بمضمونها عبد الله بن عبد الحليم ابن تيمية أخو شيخ الإسلام مع معطّل من أهل الأهواء يتأوّل الصفات؛ وخلاصتها أنّ المتأوّل الذي يسوّغ تأويل معاني نصوص الصفات إلى معانٍ غير ظاهرة قد أساء الظنّ بالله ورسوله، وذلك أنّ الحقّ إما أن يكون في المعاني الظاهرة المدلول عليها باللسان العربي أو في غيرها؛ فإن كان في غيرها فإما أن يعلم الشارع أنّ كلامه يدلّ على غير الحق أو لا يعلم:
فإن قال: لا يعلم فهذا تجهيل وكفر.
وإن قال يعلم: فيقال: إما أن ينصح للناس ويريد بيان الحق لهم أو لا يريد ذلك:
فإن قال: لا يريد فهذا ضلال وكفر.
وإن قال: يريد ؛ فيقال: هل كان يحسن بيان ما يريده من الحق أو لا يحسن؟
فإن قال: لا يحسن؛ فهذا قدح في الفصاحة والبيان.
وإن قال: يحسن؛ فيقال: فيمتنع أن يكون الحقّ في غير المعاني الظاهرة من كلامه.
وقد أعجبني هذا التأصيل فقلتُ في نظمه:
وكلُّ حمْلٍ قاصرِ .. على خلاف الظاهرِ
فالحامل المقصّرُ ... أو قاصرٌ لا يبصِرُ
تأويله لمن نظرْ .. توهّم لا يعتبرْ
بل مقتضٍ للقدحِ .. في العلم أو في النصحِ
أو أنه يُعييهِ .. بيان ما يعنيهِ
وكلّ ذاك باطلُ .. لا يرتضيه عاقلُ
تنبيه:
كنت قد كتبت كتاباً قبل بضع سنين بعنوان "مهارات التفسير" وهو في المهارات المتقدمة في التفسير، وبعد إخراج كتاب "المهارات الأساسية في التفسير" غيّرت اسم الكتاب الأول إلى "المهارات المتقدمة في التفسير"
وهذا رابط احتماله:
https://www.tg-me.com/aibndakhil/1485
كنت قد كتبت كتاباً قبل بضع سنين بعنوان "مهارات التفسير" وهو في المهارات المتقدمة في التفسير، وبعد إخراج كتاب "المهارات الأساسية في التفسير" غيّرت اسم الكتاب الأول إلى "المهارات المتقدمة في التفسير"
وهذا رابط احتماله:
https://www.tg-me.com/aibndakhil/1485
#مسائل_التفسير
تفسير قول الله تعالى: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)}
هذه الآية بديعة عجيبة، وهي من دلائل إحكام القرآن، وحسن بيانه، وبركة ألفاظه ومعانيه
{لا يصدعون} قُرئت على أحرف تحتمل معاني متعددة، ولذلك اختلف المفسرون فيها على أقوال:
القول الأول: {لا يُصَدَّعون}: أي لا يصيبهم الصداع بسببها، وهو قول سعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة.
والصداع من الخمر يأتي بسبب شربها، وبسبب انقطاعها، وقد نُفي عنهم الأمران، وعن هنا تفيد السببية كما في قول الله: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة}.
القول الثاني: {لا يُصَدَّعون} من التصديع، وهو التفريق، أي لا يُفرّقون عنها كما يُفرَّق أهل الخمر في الدنيا، وعن هنا تفيد المجاوزة.
والقول الأول والثاني تحتملهما القراءة المشهورة {لا يُصَدَّعون عنها} وهي قراءة الجمهور.
القول الثالث: المعنى: لا يتفرّقون عنها، وهذا القول موافق لقراءة مروية عن مجاهد: [لا يَصَّدعون] بفتح الياء، وأصلها يتصدّعون أي يتفرقون؛ فلا يتفرقون عنها من شدة لذتها ومن تآلفهم عليها، ووفرتها، فهي ليست كخمر الدنيا التي يحصل التفرّق عنها بفنائها وبآفاتها وباختصام شاربيها وتنازعهم.
القول الرابع: لا يُفرِّقون غيرَهم عنها، وهو معنى موافق لقراءة من قرأ [لا يُصَدِّعون عنها] بضم الياء وكسر الدال مشددة؛ فهم من كَرَمهم ووفرتها لا يُفرّقون غيرهم عنها، ولا يشحّون بها كما يشح أهل الخمر في الدنيا بخمورهم.
و"عن" في هذا القول والذي قبله للمجاوزة أيضاً.
وقوله تعالى: {ولا يُنزفون} قرئ بفتح الزاي وكسرها، ولذلك اختلف المفسرون فيها على قولين:
القول الأول: لا يُنزَفون، أي لا تذهب عقولهم وتُنزف من الخمر فيسكرون كما يسكر أهل الدنيا بخمرهم، وهو قول سعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك، وقتادة.
- قال أبو إسحاق الزجاج: (والنزيف السكران، وإنما قيل له نزيف ومنزوف لأنه نزف عقله).
واستشهد أبو عبيدة على هذا المعنى بقول الأبيرد الرياحي:
لعمري لئن أنزفتموا أو صحوتم ... لبئس الندامى كنتم آل أبجرا
والقول الثاني: لا يُنزِفون، أي لا ينفد شرابهم ولا يفنى عن كثرة الشرب فهم في أمان من سُكرها وفنائها كما قال الله تعالى: {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون}. وقد قرئ بالقراءتين في هذا الموضع أيضاً، وفيهما المعنيان المذكوران.
فمن نظر في هذه المعاني وتنوعها واتّساقها علم أنه لا يقوم مقام حرف "عن" حرف آخر من الحروف تتّسع دلالته لهذه المعاني كلها، وتبيّن تصديق القرآن بعضه لبعض، وتوافق القراءات، وتنوّع معاني الحروف بتعدّد ما تحتمله المفردات من المعاني. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تفسير قول الله تعالى: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)}
هذه الآية بديعة عجيبة، وهي من دلائل إحكام القرآن، وحسن بيانه، وبركة ألفاظه ومعانيه
{لا يصدعون} قُرئت على أحرف تحتمل معاني متعددة، ولذلك اختلف المفسرون فيها على أقوال:
القول الأول: {لا يُصَدَّعون}: أي لا يصيبهم الصداع بسببها، وهو قول سعيد بن جبير، والضحاك، وقتادة.
والصداع من الخمر يأتي بسبب شربها، وبسبب انقطاعها، وقد نُفي عنهم الأمران، وعن هنا تفيد السببية كما في قول الله: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة}.
القول الثاني: {لا يُصَدَّعون} من التصديع، وهو التفريق، أي لا يُفرّقون عنها كما يُفرَّق أهل الخمر في الدنيا، وعن هنا تفيد المجاوزة.
والقول الأول والثاني تحتملهما القراءة المشهورة {لا يُصَدَّعون عنها} وهي قراءة الجمهور.
القول الثالث: المعنى: لا يتفرّقون عنها، وهذا القول موافق لقراءة مروية عن مجاهد: [لا يَصَّدعون] بفتح الياء، وأصلها يتصدّعون أي يتفرقون؛ فلا يتفرقون عنها من شدة لذتها ومن تآلفهم عليها، ووفرتها، فهي ليست كخمر الدنيا التي يحصل التفرّق عنها بفنائها وبآفاتها وباختصام شاربيها وتنازعهم.
القول الرابع: لا يُفرِّقون غيرَهم عنها، وهو معنى موافق لقراءة من قرأ [لا يُصَدِّعون عنها] بضم الياء وكسر الدال مشددة؛ فهم من كَرَمهم ووفرتها لا يُفرّقون غيرهم عنها، ولا يشحّون بها كما يشح أهل الخمر في الدنيا بخمورهم.
و"عن" في هذا القول والذي قبله للمجاوزة أيضاً.
وقوله تعالى: {ولا يُنزفون} قرئ بفتح الزاي وكسرها، ولذلك اختلف المفسرون فيها على قولين:
القول الأول: لا يُنزَفون، أي لا تذهب عقولهم وتُنزف من الخمر فيسكرون كما يسكر أهل الدنيا بخمرهم، وهو قول سعيد بن جبير، ومجاهد، والضحاك، وقتادة.
- قال أبو إسحاق الزجاج: (والنزيف السكران، وإنما قيل له نزيف ومنزوف لأنه نزف عقله).
واستشهد أبو عبيدة على هذا المعنى بقول الأبيرد الرياحي:
لعمري لئن أنزفتموا أو صحوتم ... لبئس الندامى كنتم آل أبجرا
والقول الثاني: لا يُنزِفون، أي لا ينفد شرابهم ولا يفنى عن كثرة الشرب فهم في أمان من سُكرها وفنائها كما قال الله تعالى: {لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون}. وقد قرئ بالقراءتين في هذا الموضع أيضاً، وفيهما المعنيان المذكوران.
فمن نظر في هذه المعاني وتنوعها واتّساقها علم أنه لا يقوم مقام حرف "عن" حرف آخر من الحروف تتّسع دلالته لهذه المعاني كلها، وتبيّن تصديق القرآن بعضه لبعض، وتوافق القراءات، وتنوّع معاني الحروف بتعدّد ما تحتمله المفردات من المعاني. والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
#مسائل_الفقه
س: إذا قالت المرأة: عليّ الخلع إن فعلت كذا وكذا، وهي مازحة، وتستطيع الوفاء بذلك؛ فهل يجب عليها الوفاء أو عليها كفارة ؟
الجواب:
هذا منكر من القول لا يجوز للمرأة أن تتفوّه به، وإذا كانت قد نوت به النذر فهو نذر معصية ونذر فيما لا تملك، وينعقد النذر ولو كانت مازحة، وعليها التوبة وكفارة يمين، ولا يحلّ لها الوفاء به، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ». رواه البخاري ومسلم من حديث طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن محمد عن عائشة.
وعليها الكفارة لعموم حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كفارة النذر كفارة اليمين» رواه مسلم وأبو داوود من حديث أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة.
ولحديث بكير بن عبد الله بن الأشج، عن كريب، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من نذر نذرا لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية، فكفارته كفارة يمين ». رواه أبو داوود وغيره مرفوعاً وموقوفاً والراجح وقفه، وله حكم الرفع.
والمرأة لا تملك أن تخلع زوجها من تلقاء نفسها، وإنما تخالعه بأن يتراضيا على الخلع فإن رضيا به وأمضاه زوجها وقع الخلع، والمرأة لا تملك حلّ عقدة النكاح، وإنما ذلك للزوج أو للحاكم بحكم شرعي بأن يفسخ العقد بعوض أو بغير عوض للأسباب المعتبرة شرعاً.
وطلب المرأة الخلع من غير ما بأس كمثل سؤالها الطلاق من غير ما بأس، وقد ورد فيه وعيد شديد، فهذا النذر نذر معصية وفيما لا تملك.
وقد أجمع العلماء على أنّ نذر المعصية لا يحلّ الوفاء به، واختلفوا في الكفارة على قولين:
القول الأول: عليه كفارة يمين، وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأحمد، وأحد قولي الشافعي اختاره البيهقي.
ويحتج له بحديث ابن عباس، وعموم حديث عقبة.
والقول الثاني: ليس عليه كفارة، وهو قول مالك والمشهور عن الشافعي.
والراجح لزوم الكفارة، والله تعالى أعلم.
س: إذا قالت المرأة: عليّ الخلع إن فعلت كذا وكذا، وهي مازحة، وتستطيع الوفاء بذلك؛ فهل يجب عليها الوفاء أو عليها كفارة ؟
الجواب:
هذا منكر من القول لا يجوز للمرأة أن تتفوّه به، وإذا كانت قد نوت به النذر فهو نذر معصية ونذر فيما لا تملك، وينعقد النذر ولو كانت مازحة، وعليها التوبة وكفارة يمين، ولا يحلّ لها الوفاء به، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه ». رواه البخاري ومسلم من حديث طلحة بن عبد الملك الأيلي، عن القاسم بن محمد عن عائشة.
وعليها الكفارة لعموم حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كفارة النذر كفارة اليمين» رواه مسلم وأبو داوود من حديث أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة.
ولحديث بكير بن عبد الله بن الأشج، عن كريب، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « من نذر نذرا لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية، فكفارته كفارة يمين ». رواه أبو داوود وغيره مرفوعاً وموقوفاً والراجح وقفه، وله حكم الرفع.
والمرأة لا تملك أن تخلع زوجها من تلقاء نفسها، وإنما تخالعه بأن يتراضيا على الخلع فإن رضيا به وأمضاه زوجها وقع الخلع، والمرأة لا تملك حلّ عقدة النكاح، وإنما ذلك للزوج أو للحاكم بحكم شرعي بأن يفسخ العقد بعوض أو بغير عوض للأسباب المعتبرة شرعاً.
وطلب المرأة الخلع من غير ما بأس كمثل سؤالها الطلاق من غير ما بأس، وقد ورد فيه وعيد شديد، فهذا النذر نذر معصية وفيما لا تملك.
وقد أجمع العلماء على أنّ نذر المعصية لا يحلّ الوفاء به، واختلفوا في الكفارة على قولين:
القول الأول: عليه كفارة يمين، وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأحمد، وأحد قولي الشافعي اختاره البيهقي.
ويحتج له بحديث ابن عباس، وعموم حديث عقبة.
والقول الثاني: ليس عليه كفارة، وهو قول مالك والمشهور عن الشافعي.
والراجح لزوم الكفارة، والله تعالى أعلم.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس السابع والخمسون
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 16 صفر 1446 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في تدبر القرآن.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 16 صفر 1446 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في تدبر القرآن.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.