Telegram Web Link
#مسائل_الفقه | #مسائل_السلوك
س: ما حكم الجلوس في المسجد والتفرغ للدعاء والذكر عشية عرفة لغير الحاج؟ فقد انتشر مقطع فيه التحذير من ذلك وأنه بدعة.

الجواب: هذا عمل مشروع لا يصحّ وصفه بأنه بدعة، بل هو سنة من سنن الخلفاء الراشدين، وثبت فعله عن جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
- قال الحسن البصري: «أول من عرف بأرضنا ابن عباس كان يتعد عشية عرفة، فيقرأ القرآن البقرة آية آية، وكان مثجا عالما». رواه عبد الرزاق، وروى نحوه ابن أبي شيبة مختصراً.
- وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان عن موسى ابن أبي عائشة، قال: (رأيت عمرو بن حريث جالساً على المنبر عشية عرفة). رواه ابن سعد.
قال أحمد بن حنبل: أول من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث.
فأما ابن عباس فإنّه لما عرّف بأهل البصرة كان أميراً عليها، وإمارته للبصرة كانت في أول سنة من خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وبقي أميراً عليها حتى قتل علي رضي الله عنه، وكان علي بالكوفة، فالأمر قريب منه، فإقرار علي بن أبي طالب لابن عباس على التعريف بأهل البصرة ، دليل على أن ذلك سنة من سنن الخلفاء الراشدين.
وكان في البصرة في زمانه جماعة من الصحابة فلم ينكروا عليه.
وأما عمرو بن حريث رضي الله عنه فصحابي جليل وقارئ فقيه، ولد قبل الهجرة بسنة أو سنتين، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من القراء في زمن عمر بن الخطاب، وكان عمر يأمره بإمامة النساء في رمضان ثم انتقل إلى الكوفة
وابتنى بها داراً كبيرة قريباً من المسجد الكبير، وعلّم بها، وبورك له في ماله وولده، وكان زياد بن أبيه إذا خرج إلى البصرة استخلف عمرو بن حريث على الكوفة، وهو أوّل من عرّف بها.

ويوم عرفة يسنّ صيامه لغير الحاج، ومكث الصائم في المسجد من الأعمال المشروعة لحفظ صيامه، والدعاء والذكر، وقد صحّ عن أبي هريرة رضي الله عنه من أنه كان هو وأصحابه إذا صاموا مكثوا في المسجد.
- قال إسماعيل بن مسلم العبدي، عن أبي المتوكل الناجي قال: «كان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد».
وقالوا: «نطهر صيامنا». رواه أحمد في الزهد، وابن أبي شيبة في مصنفه، وهناد في الزهد، وغيرهم.
فهذا في عموم الأيام التي يصام فيها، ويوم عرفة أولى بهذا المعنى، أن يحفظ الصيام فيه؛ لأنه صيام فاضل، له أجر لم يذكر لغيره من الأيام في صيام النفل، فالاحتياط لحفظ صيام يوم عرفة أولى من غيره.
- وقال حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن حرملة أنه رأى سعيد بن المسيب عشية عرفة مسنداً ظهره إلى المقصورة، ويستقبل الشام حتى تغرب الشمس. رواه ابن أبي شيبة.
وسعيد بن المسيب من كبار أصحاب أبي هريرة، ومن علماء التابعين، وكان يمكثُ في المسجد عشية عرفة حتى تغرب الشمس.
فهذا دليل على أن المكث في المسجد يوم عرفة سنة مشتهرة، فدعوى من يدعي أنها بدعة محدثة دعوى فيها جفاء.
نعم روي عن بعض التابعين كالحكم وحماد وإبراهيم النخعي، أنهم قالوا: إنها محدثة، لكن هذا له وجهان:
أحدهما: أنه نظير إحداث صلاة التراويح، فإنَّ صلاة التراويح لم تكن تقام جماعة في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولا في صدر خلافة عمر، وإنما جمعهم عمر بن الخطاب فأحيا سنة بُدئ العمل بها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما تركها النبي صلى الله عليه وسلم لئلا تفرض على أمته، فعمل عمر بن الخطاب هو إحياء تلك السنة، وكذلك يقال في تعريف أهل الأمصار عشية عرفة.
والوجه الآخر: أنه متجّه لمعنى مضاهاة أهل الموقف بعرفة ، وأن يخرج الناس في الأمصار في صعيد، ويخطب به خطيب، ويمكثون للدعاء؛ وهذا نحو ما روى عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة قال: قال عدي بن أرطاة للحسن: ألا تخرج بالناس فتعرّف بهم؟ وذلك بالبصرة.
قال: فقال الحسن: «إنما المعرَّف بعرفة».
فهذا ظاهر في أنه للخروج ومضاهاة عمل أهل الموقف، وهو بدعة لا ريب، فإذا كان معه لباس إحرام وتلبية فهو بدعة منكرة.
والحسن هو الذي روى عن ابن عباس أنه أوّل من عرّف بالبصرة؛ وجوابه هذا دليل على تفريقه بين التعريف البدعي والتعريف الجائز.
فمن التعريف البدعي الخروج إلى صعيد يُعرّف به؛ ولذلك قال: إنما المعرّف بعرفة.
- قال زبيد اليامي: (ما كنا نعرّف إلا في مساجدنا). رواه ابن أبي شيبة.
وهذا يدلّ بمفهومه على الإنكار على من كان يخرج للتعريف في الأمصار في صعيد بارز يتّعد الناس فيه.
وعليه يحمل قول جماعة من التابعين: (إنما المعرّف بمكة).
وأما المكث في المسجد للذكر والدعاء وحفظ الصيام ؛ فهو عمل مشروع لا ينكر، غير أنه ينبغي أن يُعلم أنه من الأعمال التي يأخذ المرء فيها بالأصلح لقلبه والأنفع له؛ فإن كان مكثه في المسجد أدعى لحضور القلب واجتماعه على الذكر والدعاء والتفرغ من الشواغل فيستحبّ له، وإن كان مكثه في البيت أنفع له وأصلح لحاله فليمكث في بيته.
ولذلك لما سُئل الإمام أحمد عن التعريف في الأمصار قال: (لا بأس به، إنما هو دعاء وذكر لله. فقيل له: تفعله أنت؟ قال: أما أنا فلا).
وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة.
- وقال ابن عون: كانوا يسألون محمدا عن إتيان المسجد عشية عرفة فيقول: «لا أعلم به بأسا، فكان يقعد في منزله فكان حديثه في تلك العشية حديثه في سائر الأيام». رواه ابن أبي شيبة.
أي: أن ابن سيرين كان يختار هو لنفسه المكث في بيته، لكنه مع ذلك كان لا يرى بأساً بمن أتى المسجد وعرّف فيه، ولو كان المكث في المسجد عشية عرفة بدعة لكان بها بأس.
والمقصود أن من العلماء من كان يختار المكث في بيته، ومنهم من كان يختار المكث في المسجد، فلا يثرب على من أراد أن يمكث في بيته ويحفظ صيامه، ولا على من أراد أن يمكث في المسجد ويدعو، إنما يتبع المرء ما كان أصلح لقلبه.
والذي ينهى عنه إنما هو الغلو في ذلك، بأن يجعل التعريف مضاهياً لموقف أهل الموقف في عشية عرفة، كأن يلبس له الإحرام، أو يلبى فيه، أو يحدث فيه ما يحدث من الأذكار الجماعية؛ أو يخرج الناس إلى صعيد يقفون فيه كوقوف أهل عرفة بعرفة؛ فذلك كله من البدع المنكرة.
#مسائل_الفقه
س: ما حكم الجمع بين نية صيام يوم عرفة ونية قضاء يوم من رمضان؟

الجواب: صيام قضاء رمضان واجب، ويشترط فيه نية معيّنة تُبيّت من الليل لحديث ابن عمر رضي الله عنه مرفوعاً: (من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له).
فإذا عُيّن اليوم لصيام القضاء؛ فهل يصحّ أن يجمع معه نية نفل معيّن؟
فيه خلاف بين أهل العلم، والمسألة فيها أصلان مؤثران في الحكم
الأصل الأول: أنه لا يجوز الجمع بين نيتين معيّنتين في صيام واحد، فلا يجوز أن يصوم بنية القضاء ونية كفارة اليمين مثلاً.
والأصل الثاني: أن من صام يوماً فاضلاً بنيّة مطلقة فقد أدرك الثواب المترتب على صيام ذلك اليوم، ومن ذلك أن من صام يوم عاشوراء وهو لا يعلم أنه يوم عاشوراء فإنه يكون ممن وقع عليه أنه صام يوم عاشوراء؛ فيُرجى له أن يدرك الثواب المترتب عليه، وكذلك يقال في يوم عرفة.
وعلى ذلك فلا يصحّ أن يجمع الصائم بين نيّتين معيّنتين، لكن إذا صامه قضاء فقد وقع الخلاف بين العلماء هل يدرك ثواب النفل أو لا يدركه؟
فمن ذهب إلى أنه يدركه احتجّ بأنه يصدق عليه أنه صام يوم عرفة.
ومن قال: لا يدركه؛ ذهب إلى أنّ منطوق الحديث يدل على صومه تطوعاً، وأن الفضل مترتب على نيّة يحتسبها العبد تطوّعاً لله تعالى.
والأحوط أن يصوم يوم عرفة تطوّعاً لفضيلة الوقت، ويجعل للقضاء يوماً آخر.
أعاود بالتهاني أهل عيدي
فأنتم بهجة العيد السعيد
تقبل ربنا منا ومنكم
وآتانا من الفضل المزيد

#تباريق | #عيد_الأضحى_١٤٤٥
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الخمسون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 19 من ذي الحجة 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الحادي والخمسون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 26 من ذي الحجة 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في العقيدة.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الثاني والخمسون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 3 محرم 1446 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في أصول التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_علوم_القرآن | #عد_الآي
س: مذهب ابن عباس في البسملة أنها آية، وقوله: (إن من تركها فقد ترك مئة وأربع عشرة آية!)
هل مراده أنها آية معدودة من السورة؟ أم آية مستقلة؟

الجواب:
ابن عبّاس رضي الله عنهما كان يعدّ البسملة آية من الفاتحة، وقد أُخذ ما عُرف بالعدّ المكي عن عبد الله بن كثير الداري عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما، والبسملة فيه معدودة آية من الفاتحة.
ولم يعدّها آية من أيّ سورة سوى الفاتحة.
وهذا الأثر المذكور في السؤال بهذا اللفظ عن ابن عباس ليس له أصل، وإنما أورده الزمخشري في تفسيره بلا إسناد، وقد غلّطه العلماء في ذلك.
وروى البيهقي في شعب الإيمان من طريق حنظلة بن عبد الله السدوسي، عن شهر بن حوشب عن ابن عباس أنه قال: (من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله عز وجلّ).
وهذا إسناد ضعيف جداً؛ لضعف حنظلة وشهر.
وروى ابن بشران في أماليه، وابن الأعرابي في معجمه، وأبو إسحاق الثعلبي في تفسيره، من طريق سليم بن مسلم المكي قال: حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن طلحة بن عبيد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ترك {بسم الله الرحمن الرحيم} فقد ترك آية من كتاب الله عز وجل، وقد عُدَّ مما عُدَّ عليَّ من أمّ الكتاب: {بسم الله الرحمن الرحيم}). وهذا إسناد تالف، آفته سليم بن مسلم المكي المعروف بالخشّاب جهميٌّ متروك الحديث.
لكن روى البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل أنهما قالا: (من ترك {بسم الله الرحمن الرحيم} في فواتح السور؛ فقد ترك مئة وثلاث عشرة آية من القرآن).
وذلك أنّ سورة براءة لم تُكتب البسملة فيها في المصاحف العثمانية.
ولا ريب أنّ البسملة آية من كتاب الله تعالى، وقد روي في ذلك أحاديث عدّة منها ما في صحيح مسلم من حديث علي بن مسهر، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله قال: «أنزلت علي آنفاً سورة؛ فقرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم . إنا أعطيناك الكوثر. فصل لربك وانحر. إن شانئك هو الأبتر}». رواه مسلم.
والصحابة قد جردوا المصحف مما سوى القرآن؛ فلم يكتبوا فيه أسماء السور ولا عدد آياتها، ولم تكن المصاحف منقوطة ولا مشكولة، وإنما استحدث النقط والشكل وأسماء السور وعدد آياتها بعد.
لكن القول بأنّ البسملة آية من كتاب الله لا يقتضي أنّها آية في كلّ سورة، وكذلك كتابتها في المصاحف في أوّل كلّ سورة لا يقتضي أنها معدودة من آيات تلك السور.
وإنما عدّت البسملة آية من الفاتحة في العدّ الكوفي والعدّ المكي، وسائر أهل العدد لا يعدونها آية من الفاتحة.
والخلاف في عدّ الآي كالخلاف في القراءات؛ يقال بصحّة الجميع ولا يعارض بينها.
وأمّا باقي السور فلا خلاف بين أهل العدد في ترك عدّ البسملة آيةً منها، وإن كانوا يقرؤون بها في أوّل كل سورة غير براءة لأنّ افتتاح السور بالبسملة سنّة، والبسملة في أوّل سورة براءة فيها رواية عن عاصم.
#مسائل_الفقه | #كتاب_الشهادات
س: هل تقبل شهادة النساء في غير الأموال؟

الجواب:
- قال ابن شهاب الزهري وقتادة: « لا تجوز شهادة النساء في حدٍ، ولا نكاح، ولا طلاق » رواه عبد الرزاق.
وهذ قول صحيح يحصر مواضع ردّ شهادة النساء، ويطلق القول بقبولها فيما عداها، لكن صياغة بعض الفقهاء لهذا القول وما في معناه من الآثار صياغة عموم بإطلاق القول بردّ شهادة النساء في غير الأموال صياغة معلولة غير صحيحة.
ومن التزم منع قبول شهادة النساء في غير الأموال فقد التزم ما ليس عليه دليل صحيح يُستند إليه، بل سيقع في مخالفة صريحة لأحاديث وآثار ثبت فيها قبول شهادة النساء في غير الأموال.

ولو تُرك الأخذُ بشهادة النساء في غير الأموال لضاعت كثير من الحقوق، والشريعة الإسلامية لا تقرر ما يعين على العدوان ويحول دون إقامة العدل.

- قال شيخنا ابن عثيمين في الشرح الممتع: (وقال بعض أهل العلم: بل إن المرأتين تقومان مقام الرجل إلا في الحدود من أجل الاحتياط لها، واستدل هؤلاء بعموم قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل» [رواه البخاري] وأطلق ولم يفصل، ثم إن الله تعالى ذكر العلة في اشتراط العدد في النساء، وهي -أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى- ولم يذكر أن العلة المال، بل العلة أن تقوّى المرأة بالمرأة فتذكِّرَها إذا نسيت، وهذا يكون في الشهادة في الأموال وفي غير الأموال إلا ما سُلِكَ فيه طريق الاحتياط، ويكون كذلك في المرأة معها رجل أو ليس معها رجل، وهذا القول هو الراجح، فالقول الصحيح أن المرأتين تقومان مقام الرجل مطلقاً، إلا في الحدود للاحتياط لها)ا.هـ. [15 / 453 ]
وأما قول بعض الفقهاء: إن شهادة النساء في غير الأموال لا تقبل؛ فهو قول مرجوح، ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة، ولا إجماع صحيح، ولا قول صحابي، بل روي عن عليّ بن أبي طالب خلافه، وأما التابعون فلهم أقوال في هذه المسألة في بعضها إجمال، ولا يصحّ أن يُجعل قول بعضهم حجّة على بعض، وإنما يحتجّ بالأدلّة الصحيحة التي جعل لها الشارع حجيةً لتحفظ حقوق الناس ومصالحهم.
ولا سيما إذا كانت في واقعة تكون بين النساء لا يطلع عليها الرجال عادةً.
فالقواعد الشرعية للطرق الحكمية قاضية بقبول شهادة النساء العدول في غير الأموال، وهو قول جمهور الفقهاء، وينظر [كتاب الطرق الحكمية لابن القيم:130]
- وقد استدلَّ البخاري في صحيحه لقبول شهادة النساء في غير الأموال بقبول النبي صلى الله عليه وسلم شهادة امرأة واحدة في الرضاعة، وشهادة النساء في تعديل بعضهن كما في حادثة الإفك، وبوّب على تلك الأحاديث (باب شهادة النساء).
- وقال القاضي حفص بن غياث النخعي، عن أبي طلق، عن أخته هند بنت طلق قالت: كنت في نسوة وصبيّ مسجَّى؛ فقامت امرأةٌ فمرَّت فوطِئَتْه؛ فقالت أمّ الصبي: قتلتِه والله، فشهد عند عليّ عشر نسوة - أنا عاشرتهن - فقضى عليٌّ عليها بالدية وأعانها بألفين). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه [5 / 466 ]
- وقال محمد بن نصر المروزي: (قال سفيان [الثوري]: إذا شهد امرأتان ورجل على رجل بالسرقة أُخذ السارق بالمالِ وليس عليه القطع؛ لأنَّ شهادات النساء لا تجوز في الحدود.
قال أبو عبد الله: أجمع أصحابنا عامتهم على هذا). [اختلاف الفقهاء:499]
فهذا محمد بن نصر المروزي قد حكى الإجماع على قبول شهادة النساء في ثبوت السرقة، وبناء حكم المطالبة بالمال عليها دون القطع، وذلك لأن القطع من الحدود، وثبوت الجناية لا يلزم منه الحكم بالقطع.
- وقال سحنون التنوخي في المدوّنة الكبرى على مذهب الإمام مالك [ 4 / 4 ]: (قلت: أرأيت شهادة النساء في قتل الخطأ، أتجوز في قول مالك: قال: نعم).
والمسؤول هو عبد الرحمن بن القاسم العتقي من أخص أصحاب مالك.
- وقال ابن عبدوس المالكي في المجموعة كما في الزيادات والنوادر لابن ابي زيد القيرواني [8 / 394 ]: (قال ابن القاسم وأشهب وعبد الملك: تجوز شهادة النساء في قتل الخطأ وجراحاته.
قال أشهب: وتجوز شهادتهن مع رجل في كل خطأ، أو عمد لا قَوَد فيه، وإن لم يكن معهن رجلٌ حلف المجروح واستحق دية جرحه).
- وقال ابن عبد البر في الكافي (2 / 907 ): (وتجوز شهادة النساء العدول بعضهن على بعض في المواضع التي لا يحضرها الرجال مثل المآتم والأعراس والحمامات).
- وقال ابن القيم في شرح ما يحتاج إليه الحاكم: (البينة التي هي طريق الحكم بين المتنازعين، وهي كلّ ما تبيّن له صدق أحدهما يقيناً أو ظناً من إقرار أو شهادة... [إلى أن قال:] أو شهادة النساء منفردات حيث لا رجل معهن كالحمامات والأعراس على الصحيح الذي لا يجوز القولُ بغيره). [بدائع الفوائد:4 / 13 ]
- وقال برهان الدين ابن مفلح: (ونص الإمام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه على قبول شهادة المرأة في الحمام يدخله النساء بينهن جراحات). [النكت على مشكل المحرر: 2 / 331 ]
- وقال ابن هانئ: (سألت أبا عبد اللَّه [أحمد بن حنبل] عن شهادة أربع نسوة فيما لم يظهر عليه الرجال؟
فقال: إذا لم يكن شيء مما يظهر عليه الرجال جازت إذا لم تكن ظهرت منهن خيانة ولا سوء). [مسائل ابن هانئ:1323].

والخلاصة أنّ شهادة النساء العدول في غير الحدود والنكاح والطلاق مقبولة شرعاً ومنتجة لأثرها إذا سلمت من الطعن المؤثر.
#مسائل_التفسير | معنى المساجد في قول الله تعالى: {وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا}
في معنى المساجد أربعة أقوال:
القول الأول: المساجِد هي الأماكن المخصصة للصلاة، سواء أكانت مبنية أم محددة في الأرض؛ كما في الحديث الصحيح: (من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة).
فهذه المساجد التي هي مواضع الصلاة والذكر والدعاء هي لله تعالى وحده؛ فلا يجوز أن يشرك مع الله فيها أحد، وهذا قول جمهور المفسرين.
وهذا القول له ثلاث حجج:
الأولى: أنّه هو المعنى المعهود في الذهن عند إطلاق هذه الكلمة.
والثانية: أنه هو المعنى المعهود في القرآن لهذه الكلمة.
والثالثة: أنه أقرب إلى مقصد الآية؛ فإنّ المشركين وضعوا في المسجد الحرام أصناماً لهم كثيرة يدعونها من دون الله؛ والمساجد إنما تبنى لعبادة الله تعالى وحده.

القول الثاني: المساجِد جمعُ مسجَد، وهو الموضع الذي يُسجد فيه من الأرض، يقال: هذا مسجَده، وهذه مساجِده؛ أي مواقع سجوده على الأرض.
وهذا القول ذكره أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة.
وحجة هذا القول: أنّ كلّ موضع يسجد فيه الساجد فإنما هو لله تعالى؛ فلا يجوز أن يُسجد في أرض الله لغير الله.

القول الثالث: هي مواضع السجود من جسد الإنسان، وهذا القول مروي عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس البكري وذكره الفراء وجهاً في التفسير.
وحجة هذا القول: أنّ هذه الأعضاء هي المساجد التي يسجد بها الساجد، مفردها مسجَد، وهي {لله} لأن الله تعالى هو الذي خلقها؛ فلا يجوز أن تسجد هذه الأعضاء إلا الله.
كما يقال: مسامع جمع مسمَع، ومنابت الشعر، جمع منبَت، ويقال: مغابن، ومفاتن، وغيرها.
وقال جرير بن عطية:
وقد دَميَت مواقعُ ركبتيها من التبراك …………
أي ما يمسّ الأرض من ركبتيها عند بروكها؛ فسماها مواقِع.

القول الرابع: المساجد مصدر كالمضارب فهي بمعنى السجود يقال سجدت سجوداً ومسجِداً ومساجِد، وهذا قول ابن قتيبة رحمه الله في تأويل مشكل القرآن.
وهذا القول له حجتان:
- إحداهما: أنّ المساجد أي السجدات التي تُسجد يجب أن تكون لله تعالى وحده، وهذا كما يقال: العبادة لله أي: لا لغيره، والحجّ لله أي: لا لغيره.
- والأخرى: أنّ المساجد التي يسجدها العبد إنما تنفع صاحبها إذا كانت لله تعالى، وأما ما يكون منه من سجود لغير الله تعالى فإنه باطل لا ينفعه، وتقرير المعنى على هذا الوجه: أنّ المساجِد المعتبرة النافعة إنما هي المساجِد التي تكون لله تعالى وحده.
وفيه أنّ كل سجود لغير الله تعالى فهو باطل، كما قال تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} وقال: {وقدمنا إلى ما علموا من عمل فجعلناه هباء منثوراً}.

والخلاصة أنّ المساجِد يصحّ أن تكون جمع مسجِدٍ بكسر الجيم، وأن تكون جمع مسجَدٍ بفتح الجيم.

والمسجِد بكسر الجيم يُطلق على معنيين:
أحدهما: المكان المخصص للصلاة والذكر والدعاء.
والآخر: مصدر ميمي للسجود، يقال: سجد يسجُدُ سجوداً ومسجِداً.

والمسجَد بفتح الجيم يُطلق على معنيين:
أحدهما: موضع السجود على الأرض، والجمع مساجِد.
والآخر: العضو الذي يُسجد عليه، ويُجمع على مساجِد.

وهذه الأوجه كلّها صحيحة من جهة اللغة، قد استوفت شروط قبول القول في التفسير، والصيغة الصرفية لمفردة {المساجد} تحتملها كلها، لكن القول الأول هو أولى الأقوال وأظهرها وأقربها إلى مقصد الآية، مع صحة الأوجه الأخرى في تفسير هذه الآية.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الثالث والخمسون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 10 محرم 1446 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في علوم القرآن
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
2024/09/27 02:24:40
Back to Top
HTML Embed Code: