Telegram Web Link
Forwarded from ضحى
السؤال:
أحسن الله إليكم،
كيف يتصرف المعلم مع الطالب الذي تجاوز الحد في مسألة (التعلق بالمعلم)، وظهر هذا الأمر في أفعاله وأقواله، مع تنبيه المعلم له تعريضا وتصريحا ومحاولته لإصلاح مثل هذا التعلق المذموم؟

هل للمعلم أن يحرمه من حضور دروسه؟
هل له أن يحظره مثلا خاصة إذا خاف المعلم من أن يحمله تصرف الطالب على ترك الصبر والوقوع في الغضب أو سوء القول والفعل؟

الجواب:
أولا هذا الحب الذي جاوز الحد ووصل إلى التعلق المذموم هذا حب فاسد

والعلماء قد تكلموا في علاج الحب الفاسد، ومن أحسنهم كلاما في ذلك ابن قيم رحمه الله في كتاب الجواب الكافي.

والخلاصة أن الحب الفاسد علاجه في ثلاثة أمور -من الأمور التجربية-

-     الأمر الأول: أن يعالج بما هو أحب إليه منه، فإن الإنسان لا يترك محبوبا إلا لمحبوب أعلى منه، فيبين له أن هذا الحب المذموم يفوت عليه محاب أعظم.
-     والأمر الثاني: أن يبين له أن هذا الحب المذموم يستجلب عليه خطرا ينبغي له أن يتخوفه وأن عاقبته سيئة

وإذا حصلت البصيرة بذلك بأن هذا الحب الفاسد يفوت محبوبا أعظم ويستجلب لصاحبه خطرا تسوء به عاقبته فإن ذلك من أعظم الزاجر له على ترك هذا الحب الفاسد أو الشفاء منه.

-     والأمر الثالث: قطع أسباب هذا التعلق قدر المستطاع بالهجر وبانصراف الهمة عنه وصبرها على ذلك.

وهذه الأمور الثلاثة التي توصل لها العلماء في كتب السلوك كان من العرب من يعرفها بفطرته وقد لخصتها أم الضحاك المحاربية في أبيات لها في علاج التعلق فقالت:

سَألتُ المحبّين الّذي تحمّلوا*
تَباريحَ هَذا الحبّ في سالف الدهرِ

فَقُلتُ لَهم ما يُذهب الحبّ بعدما*
تَبوّأ ما بينَ الجَوانحِ والصدرِ

فَقالوا شفاء الحبّ حبٌّ يُزيلهُ* مِن آخر أو نأيٌ طويلٌ على هجرِ

أَو اليأس حتّى تذهل النفسُ بَعدما*
رَجت طَمعاً واليأس عونٌ على الصبرِ.
 
هذا من جهة تبصير من وقع في هذا فالأمر، الأول أن يبصره بهذا ثم يعالج بما هو أصلح له، ينظر في مقدار المخالفة التي وقع فيها ومقدار التعلق.

ثم ليكن الذي يتولى ذلك غير الذي تعلق به، فإن ذلك أوقع في العلاج حتى يخف الأمر مع الوقت تدريجيا، بإذن الله تعالى تخف سورة هذا التعلق وأن يبين له أيضا من الأخطار أن من تعلق شيئا دون الله عذب به فالإنسان قد يتعلق بشخص أو بعمل من الأعمال حتى يرتكب بسببها بعض المحرمات أو يترك لسببها بعض الواجبات فيعاقب على ذلك ويحصل له عذاب قد يطول وقد يشتد عليه بسبب هذا التعلق وهذا مصداق بأن من تعلق شيئا دون الله عذب به. 
#مسائل_السلوك
س: ما الفرق بين الفهم والذكاء؟ وهل يمكن حصول الفهم من غير ذكاء؟

الجواب:
الذكاء قدرة عقلية ولطافة ذهنية يستعان بها على التوصل إلى الفهم الصحيح.
فالذكاء يقوم مقام الوسيلة إلى الغاية القريبة وهي الفهم.
والفهم منه فهم صحيح، وفهم خاطئ.
وليس من شرط تحقق الذكاء حصول نتيجة الفهم الصحيح؛ فكم من ذكيّ أخطأ، وكم من شخص غير معدود في الأذكياء أصاب عين الحقيقة.
والذكاء إذا أطلق على الخاصة الذين لديهم هذه اللطافة الذهنية فليس من شرط حصول الفهم تحقق الذكاء.
وإذا أريد به ما يحصل به التمييز العقلي الذي هو مناط التكليف فهو متحقق في عامة المكلفين، لكنه لا يطلق على ذلك إلا من باب التوسّع في العبارة.
ولا بد في الفهم من قدرٍ من التمييز العقلي الذي يصحّ به التكليف؛ لأنه لا يحصل الفهم إلا به.

وكذلك يقال فيما يترتب على التفريق بين الفهم والذكاء؛ فليس الذكاء شرطاً في حصول اليقين والبصيرة في الدين، لكنّه حجّة على من لم ينتفع بذكائه.
ولذلك فإنّ من لم يوصله ذكاؤه إلى فهم ينتفع به في دينه ودنياه فليس له من حقيقة الذكاء إلا اسمه، وكان الغبي المنتفع بفهمه أسعد بعقله منه.
السبيل الوحيد لضمان تحسّن أحوالك في حياتك، وحصول العاقبة الحسنة في شؤونك، هو الاستجابة لربّك.
فالله تعالى هو ربّك الذي خلقك لتعبده وحده لا شريك له؛ ولتتبع هداه حتى تفوز بثوابه وتسلم من عقابه؛ فهذا الأصل هو الذي تدور عليه حياة المكلفين وعواقب أعمالهم؛ فمن جعل هذا الأصل هو منطلقه الذين ينطلق منه سلم من عذاب كثير، وآفات خطيرة.

والدليل على هذه القاعدة قول الله تعالى: {للذين استجابوا لربّهم الحسنى}
وهذه الآية على وجازة ألفاظها ففيها من المعاني الكثيرة ما يبهر العقول، ويذهل الألباب.
وقد أفردت في تفسيرها رسالة تجدونها على هذا الرابط:
https://www.tg-me.com/aibndakhil/1512

ومن أجلّ هدايات هذه الآية أنّ الاستجابة وجزاءَها يقع فيهما التفاضل كثيراً.
- فأحسن الناس حالاً ومآلاً أحسنهم استجابة لله تعالى، ومن قصّر أو خالف في الاستجابة نقص جزاؤه بحسب تقصيره وتفريطه.
1: فالاستجابة الحسنة التامّة جزاؤها الحُسنى التي لا أحسن منها ؛ وهي استجابة أهل الإحسان؛
فلهم أطيب الحياة في الدنيا، ولهم الفردوس الأعلى في الجنة.
وهؤلاء لما سارعوا إلى الاستجابة لربهم أسرع الله إليهم بالإجابة.
2: والاستجابة الصحيحة التي تبرأ بها الذمة ويسلم بها العبد من المأثم وإن لم تكن فاضلة على الوجه الأحسن يتفاضل أصحابها على درجات كثيرة، ويجمعهم وصف التقوى؛ فلهم ما وعد الله به عباده المتقين.
3: والاستجابة التي فيها تقصير وتفريط ومخالفات لا يخرج صاحبها عن دائرة الإسلام وتحقيق أصل الدين يلحق صاحبها من العذاب بقدر ما فرّط فيه ويناله من الثواب بقدر استجابته، ومآله إلى الجنة بإذن الله بما معه من الإسلام، وهذا حال أصحاب الكبائر من المسلمين؛ فهم قد استجابوا لله تعالى بالتوحيد وترك الشرك، وقصّروا في الاستجابة له في بعض شرائع الدين حتى ارتكبوا بعض الكبائر، وتباطؤوا وتأخروا في الاستجابة له في بعض الفرائض فلحقهم من النقص والسوء في أحوالهم وعواقب أمورهم بقدر تفريطهم.
قال الله تعالى: {هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون}
- وقال الحسن البصري: (لا يجعل الله عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه). رواه الإمام أحمد في الزهد.
- وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر: (إن الذنوب لاحقة بأهلها). رواه ابن أبي خيثمة.
أي: سيدركهم أثرها في أحوالهم وعواقب أمورهم ما لم يتخلصوا منها بالتوبة وما يمحوها أو يعفو الله عنهم.


وتقديم الجار والمجرور في قول الله تعالى: {للذين استجابوا لربهم} دليل على أنّ هذا الجزاء منحة خاصة لأهل الاستجابة، وأنّ من لم يستجب لربّه فليس له نصيب من هذا الجزاء، بل هو بين العذاب الظاهر والعذاب الباطن؛ وقد يجتمعان عليه.
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل


#مسائل_التفسير #مسائل_السلوك
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس السادس والستون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 10 جمادى الأولى 1446 هـ، من الساعة الثامنة إلى الساعة التاسعة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
2024/11/15 12:56:30
Back to Top
HTML Embed Code: