Telegram Web Link
#مسائل_الحديث | #فقه_الحديث
سؤال: ألا يمكن إلحاق ما ورد من أحاديث تتعلق بما يُسمى بالطب النبوي بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث تأبير النخل: (أنتم أعلم بدنياكم) بدليل أو بقرينة, أنه كان صلى الله عليه وسلم كثير الأمراض حتى إن عائشة رضي الله عنها تعلمت الطب وصناعة الأعشاب من كثرة دخول الأطباء عليه، بل إنه صلى الله عليه وسلم مات مريضا؟
وأستغفر الله وأتوب إليه إن أسأت الأدب في السؤال لكنه سؤال يراودوني كثيرا.


الجواب: هذا السؤال مهم، وفقه الهدى فيه مهم، وذلك لأجل ما يحصل من توّهم التعارض بين الأحاديث المروية في الطب النبوي وما توصّل إليه الطبّ الحديث.
والأصل الذي يجب أن يستصحبه كلّ مؤمن أنّ خبر النبي صلى الله عليه وسلم حقّ، وأنه معصوم من أن يقرّ على خبر لا يصحّ.
وأنه لا تعارض بين ما ثبت من الأحاديث الصحيحة في الطبّ النبوي وبين الطبّ الصحيح.
وما ادّعي التعارض أو توهّم فإنّ ذلك لا يخرج عن أحد ثلاثة أمور:
1: إما ألا يكون الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحاً.
2: وإما ألا تكون دلالته على تلك المسألة دلالة صحيحة.
3: وإما ألا يكون ما ذكر من كلام الأطباء صحيحاً، وكم من دراسة طبية عورضت بغيرها مما فيه تصحيح وتقويم لما فيها من أخطاء.

فهذا من حيث التأصيل يجب ألا يغيب عن كلّ مؤمن.
وأما من حيث التطبيق فإنّنا نجد أنّ الأحاديث التي تروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في الطب على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: أحاديث صحيحة.
والصنف الثاني: أحاديث ضعيفة، وهي كثيرة في هذا الباب، بل الغالب على الأحاديث المروية في هذا الباب الضعف.
والصنف الثالث: أحاديث مختلف فيها؛ فمن أهل العلم من يصححها، ومنهم من يضعّفها، فهذه الأحاديث محلّ اجتهاد ونظر لدى أهل العلم بالسنة.

فما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيُنظر فيه من جهتين:
الأولى: وجوب الإيمان بأنه حق؛ فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من أن يقرّ على خطأ،
- قال أبو مالك عبيد الله بن الأخنس النخعي: حدثني الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: كنت أكتب كلَّ شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم - أريد حفظه - فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كلَّ شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ يتكلَّم في الغضب والرضا؟!
فأمسكت عن الكتاب؛ فذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأومأ بإصبعه إلى فيه؛ فقال: (( اكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق )). رواه أحمد، وابن أبي شيبة، والدارمي، وأبو داوود، وغيرهم، وأصله في الصحيحين.
فالذي يخرج من لسان النبي صلى الله عليه وسلم حق لا ريب فيه، لكن ينبغي أن يفقه هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يوضَع موضعه؛ فإنّ الخطأ في الفهم لا يقتضي الخطأ في النص؛ فمن فهم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم على غير وجهه أو نزله على غير موضعه؛ فالخطأ من فهمه هو، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
ونحن لدينا أصل نتمسّك به في هذا الباب، وهو أن النبي صلى عليه وسلم معصوم من الخطأ في البلاغ بإجماع العلماء، وهذا على مرتبتين في التبليغ:
- إما ابتداء لا يقع منه الخطأ، وهذا أكثر ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- وإما مآلاً؛ وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد يقع منه سهو ونسيان وخطأ في الاجتهاد، لكنه معصوم من أن يُقر على هذا الخطأ، بل لا بدّ أن يرد ما يصوّب هذا الخطأ من كلام الله تعالى أو كلام نبيه صلى الله عليه وسلم.
فآل الأمر إلى أنّ كلَّ حديث يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو حق.
النبي صلى الله عليه وسلم قد يجتهد، وهو إمام المجتهدين، وقد يصيب في اجتهاده وقد يخطئ؛ فما أصاب فيه فقد أقرّه الله تعالى عليه، وما أخطأ فيه فلا بدّ أن يرد ما يصوّب هذا الخطأ، ويبيّن الحقّ فيه؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من أن يقرّ على خطأ.
فما ورد تصويب النبي صلى الله عليه وسلم فيه فلا يجوز الاحتجاج بما كان منه من سهو أو نسيان أو خطأ، كما لا يجوز الاحتجاج بالنص المنسوخ بعد العلم بالناسخ.
ومن ذلك حديث تأبير النخل؛ فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد فيه، ولم يقرَّ على ما أخطأ فيه، ولذلك رجع عنه؛ فكان رجوعه هو الحق, فآل الأمر إلى أنَّ آخر الأمر هو الحق، وما رجع عنه فلا يجوز الاحتجاج به.
وهذه المسألة لها نظائر:
منها: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد في غزوة العسرة فأذن لبعض المنافقين، ولم يقرّ على هذا الإذن، ونزل قول الله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد في الانصراف إلى دعوة بعض صناديد قريش في الوقت الذي جاءه فيه ابن أمّ مكتوم يطلب العلم والهدى فتولى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وتصدّى لأولئك الصناديد؛ فنزل قول الله تعالى: {عبس وتولى أن جاءه الأعمى . وما يدريك لعله يزّكى ...} الآيات.
وفيها تصويب له في اجتهاده صلى الله عليه وسلم.
ومنها: اجتهاده صلى الله عليه وسلم في إقرار أصحابه على أخذ الغنائم يوم بدر قبل الإثخان في العدو؛ فنزل قول الله عز وجل: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، ثم إنَّ الله عزَّ وجل أحلَّ لهم الغنائم, ولم تحل لنبي قبله.
ومنها: اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على عبد الله بن أبي بن سلول وكان رأس المنافقين؛ فنزل قول الله عز وجل {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ }, فكان آخر الأمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي على المنافقين.
والمقصود أنّ المسائل التي اجتهد فيها النبي صلى الله عليه وسلم فأخطأ كانت مسائل معدودة، وكان وقوع الخطأ منه فيها لحكم عظيمة؛ فمنها ما ينتفع بها الحكّام بعده إذا وقع منهم خطأ، ومنها تكون منفعته لعموم المسلمين.
لكن آل الأمر إلى أنَّ كلّ اجتهاد أخطأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإنّه لم يقرَّ عليه، ولم يُترك الأمر دون بيان للأمة.
فنخلص من ذلك أنّ كلَّ ما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن منسوخاً، فهو حجة مقبولة، وحق لا باطل فيه, وهذا بإجماع العلماء، ليس بينهم خلاف في ذلك.
ومن ذلك ما يكون في الطب النبوي وغيره فإذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في الطب النبوي وغيره فهو حق مقبول.
لكن في أمور التطبب ليس كل من وصف له الدواء يعرف كيف يستعمله، والمتطبب وليس من أهل الطبّ لا يحلّ له أن يغرّر بالناس ويصف لهم الوصفات الطبية، ولا سيما الوصفات العامة التي تختلف أحوال المرضى في قابليتها والانتفاع بها.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((‌من ‌تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن))، وهذا الحديث رواه أبو داوود وابن ماجه والنسائي والحاكم في المستدرك وغيرهم من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، مرفوعاً، وقد حسّنه بعض أهل العلم.
فالمتطبب قد يقرأ وصفات طبية، وقد يقرأ أحاديث في الطب النبوي؛ فيستعملها في غير مواضعها، أو بمقادير لا تناسب المريض، فيكون الخطأ من فهمه، ومن تعاطيه الطب على غير معرفة.
فإذا ورد بيان أنّ عشبة من الأعشاب نافع من مرض كذا وكذا؛ ولم يبيّن مقدار ما يأخذه المريض؛ فإنّ تحديد ذلك يُرجع فيه إلى أهل المعرفة بالطبّ بما يناسب كلّ مريض بخصوصه.
فإذا أتى شخص وتجاوز هذا الأصل، وتطبب في الناس على غير معرفة فأسرف في المقدار، أو لم يحسن تخزين ذلك الدواء وحفظه بما يُحفظ به مثله عند أهل المعرفة بالطب؛ فالخطأ من جهله وتطببه على غير معرفة، وليس من النصّ النبوي.
فإذا تضرر أحد من تطببه فهو ضامن.
وليس كل من تكلم في طبّ الأعشاب يعدُ طبيباً، فإنّ مدّعي ذلك كثير، ولكن من عرف بالطبّ وجرّب حتى استفاضت عنه المعرفة بالطبّ، أو شهد له أهل المعرفة بالطبّ؛ فهو طبيب مؤتمَن.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الثاني والأربعون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 16 رمضان 1445 هـ، من الساعة العاشرة إلى الساعة الحادية عشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: تدبر القرآن.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#مسائل_الفقه | #أحكام_الزكاة
س: هل يجوز شراء سلال غذائية أو ملابس من أموال الزكاة لدفعها إلى المحتاجين؟
ج: الزكاة حقّ لأهلها تُدفع لهم نقداً أو من أعيان ما تجب الزكاة فيه إذا كانت من بهيمة الأنعام أو الحبوب والثمار، ولا يجوز لمن يعطي الزكاة أن يتصرف في ذلك المال من غير إذنهم ، ولا يجوز له أن يحرجهم في ذلك.
فالمحتاج له أولوياته في الإنفاق، وربما كانت له احتياجات خاصة لا يودّ أن يطّلع عليها أحد، ومال الزكاة حقّ له لا يجوز أن يتصرّف فيه أحد إلا بإذنه إذا كان راشداً، وإذا كان صغيراً أو لا يعقل لكبر أو مرض أو جنون فتدفع الزكاة لوليّه المؤتمن عليه، وهو ينفقه عليه بحسب ما يرى من احتياجه.
وإذا عُرف عن أهل بيت أنهم ينفقون أموال الزكاة في المعاصي وما يضرّهم كالمخدرات ونحوها؛ فإنّ الزكاة تدفع لقريب لهم راشد يؤتمن على صرفها فيما يحتاجون إليه، ويقوم مقام الوليّ لهم.
فهذه حالة خاصة يوكل التصرف فيها إلى من يقوم مقام الوليّ، وأما في حال من لا يُتّهم في رشده فلا يجوز التصرف في مال الزكاة الذي يُدفع إليه إلا بإذنه، قال الله تعالى: {فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم}، فعلّق دفع المال بإيناس الرشد، ومال الزكاة كمال اليتيم في هذه المسألة لعدم الفارق.
وبناء على ذلك فالأصل أنه لا يجوز أن يُشترى لمستحقي الزكاة ما لم يأذنوا به ولو كان فيما يرى المزكّي أنه مما يحتاجونه من الطعام والشراب واللباس.
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الثالث والأربعون
🔹موعد المجلس:
الثلاثاء 23 رمضان 1445 هـ، من الساعة العاشرة إلى الساعة الحادية عشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
#تباريق | إفتاء المستفتي
الاستفتاء:
جحافل النور تتلو آية السَّحَرِ
فيسجد الكونُ في طينٍ وفي مطرِ
والنفس تعصف والأفكار حائرة
ولستُ موسى، ولا في الناس كالخضِرِ
وما بلغتُ، وكلُّ الناس ذلك بل:
"ظلمتُ نفسيْ" ورثناها على قَدَرِ
فأفتني؛ هل على المظلوم من أسف؟
أم هل له اليوم عند الله من وَزَرِ؟
           عوض🌹

الجواب:
يا مُتعبَ النفس أطفئ ثورة الفِكَر
واصبر وصابر ورابطْ ويكَ واصطبرِ
واثبتْ ولا تُطمع الشيطان في زلَلٍ
من كيده فلتكن في غاية الحَذَرِ
لله فيما ترى من أمره حِكَمٌ
لا يبلغ العبد فيها منتهى النَّظَرِ
وربّ ذي حَيرةٍ حرّان مكتئبٍ
لو أبصر الغيب لم يلحقْه من كدَرِ
قد بيّن الله ما يجلو العمى وهدى
ماذا على مَن هداه الله من ضرر
فلا يضيعُ له ما كان من عمَلٍ
ولا يضلُّ ولا يشقى مدى السَّفَرِ
مَنْ حَسْبه الله - فاعلمْ - لن يضيّعَه
قد أحكم الله أمر الخلق بالقَدَرِ
"حديث "التمسوا ليلة القدر في آخر ليلة من رمضان" حديث صحيح أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، وابن نصر المروزي في قيام الليل من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
تقبل الله منا ومنكم
‏وكل عام أنتم بخير
#مجالس_الأسئلة_العلمية| المجلس الرابع والأربعون
🔹موعد المجلس: الثلاثاء 7 شوال 1445 هـ، من الساعة التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء بتوقيت الرياض.
🔹موضوع المجلس: مسائل في أصول التفسير.
🔹 أستقبل أسئلتكم في التعليقات، وأسأل الله التوفيق والسداد.
2024/11/15 07:36:03
Back to Top
HTML Embed Code: