Telegram Web Link
يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ) يسجدون للشمس ويتركون الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) وذكر العرش هنا لأنه ذكر عرش بلقيس من قبل، فحتى لا يغترّ إنسان بعرشها ذكر عرش الله سبحانه وتعالى.
فتعجب سليمان من كلام الهدهد، فلم يكن شائعا أن تحكم المرأة البلاد، وتعجب من أن قوما لديهم كل شيء ويسجدون للشمس، وتعجب من عرشها العظيم، فلم يصدق الهدهد ولم يكذبه إنما (قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) وهذا منتهى العدل والحكمة. ثم كتب كتابا وأعطاه للهدهد وقال له: (اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) ألق الكتاب عليهم وقف في مكان بعيد يحث تستطيع سماع ردهم على الكتاب.
يختصر السياق القرآني في سورة النمل ما كان من أمر ذهاب الهدهد وتسليمه الرسالة، وينتقل مباشرة إلى الملكة، وسط مجلس المستشارين، وهي تقرأ على رؤساء قومها ووزرائها رسالة سليمان..
قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31) (النمل)
هذا هو نص خطاب الملك سليمان لملكة سبأ..
إنه يأمر في خطابه أن يأتوه مسلمين.. هكذا مباشرة.. إنه يتجاوز أمر عبادتهم للشمس.. ولا يناقشهم في فساد عقيدتهم.. ولا يحاول إقناعهم بشيء.. إنما يأمر فحسب.. أليس مؤيدا بقوة تسند الحق الذي يؤمن به..؟ لا عليه إذن أن يأمرهم بالتسليم..
كان هذا كله واضحا من لهجة الخطاب القصيرة المتعالية المهذبة في نفس الوقت..
طرحت الملكة على رؤساء قومها الرسالة.. وكانت عاقلة تشاورهم في جميع الأمور: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ).
كان رد فعل الملأ وهم رؤساء قومها التحدي.. أثارت الرسالة بلهجتها المتعالية المهذبة غرور القوم، وإحساسهم بالقوة. أدركوا أن هناك من يتحداهم ويلوح لهم بالحرب والهزيمة ويطالبهم بقبول شروطه قبل وقوع الحرب والهزيمة (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ).
أراد رؤساء قومها أن يقولوا: نحن على استعداد للحرب.. ويبدو أن الملكة كانت أكثر حكمة من رؤساء قومها.. فإن رسالة سليمان أثارت تفكيرها أكثر مما استنفرتها للحرب..
فكرت الملكة طويلا في رسالة سليمان.. كان اسمه مجهولا لديها، لم تسمع به من قبل، وبالتالي كانت تجهل كل شيء عن قوته، ربما يكون قويا إلى الحد الذي يستطيع فيه غزو مملكتها وهزيمتها.
ونظرت الملكة حولها فرأت تقدم شعبها وثراءه، وخشيت على هذا الثراء والتقدم من الغزو.. ورجحت الحكمة في نفسها على التهور، وقررت أن تلجأ إلى اللين، وترسل إليه بهدية.. وقدرت في نفسها أنه ربما يكون طامعا قد سمع عن ثراء المملكة، فحدثت نفسها بأن تهادنه وتشتري السلام منه بهدية.. قدرت في نفسها أيضا إن إرسالها بهدية إليه، سيمكن رسلها الذين يحملون الهدية من دخول مملكته، وإذا سيكون رسلها عيونا في مملكته.. يرجعون بأخبار قومه وجيشه، وفي ضوء هذه المعلومات، سيكون تقدير موقفها الحقيقي منه ممكنا..
أخفت الملكة ما يدور في نفسها، وحدثت رؤساء قومها بأنها ترى استكشاف نيات الملك سليمان، عن طريق إرسال هدية إليه، انتصرت الملكة للرأي الذي يقضي بالانتظار والترقب.. وأقنعت رؤساء قومها بنبذ فكرة الحرب مؤقتا، لأن الملوك إذا دخلوا قرية انقلبت أوضاعها وصار رؤساءها هم أكثر من فيها تعرضا للهوان والذل..
واقتنع رؤساء قومها حين لوحت الملكة بما يتهددهم من أخطار..
وصلت هدية الملكة بلقيس إلى الملك النبي سليمان..
جاءت الأخبار لسليمان بوصول رسل بلقيس وهم يحملون الهدية.. وأدرك سليمان على الفور أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا معلومات عن قوته لتقرر موقفها بشأنه.. ونادى سليمان في المملكة كلها أن يحتشد الجيش.. ودخل رسل بلقيس وسط غابة كثيفة مدججة بالسلاح.. فوجئ رسل بلقيس بأن كل غناهم وثرائهم يبدو وسط بهاء مملكة سليمان.. وصغرت هديتهم في أعينهم.
وفوجئوا بأن في الجيش أسودا ونمورا وطيورا.. وأدركوا أنهم أمام جيش لا يقاوم..
ثم قدموا لسليمان هدية الملكة بلقيس على استحياء شديد. وقالوا له نحن نرفض الخضوع لك، لكننا لا نريد القتال، وهذه الهدية علامة صلح بيننا ونتمنى أن تقبلها. نظر سليمان إلى هدية الملكة وأشاح ببصره (فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) كشف الملك سليمان بكلماته القصيرة عن رفضه لهديتهم، وأفهمهم أنه لا يقبل شراء رضاه بالمال.
يستطيعون شراء رضاه بشيء آخر (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ثم هددهم (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ).
وصل رسل بلقيس إلى سبأ.. وهناك هرعوا إلى الملكة وحدثوها أن بلادهم في خطر.. حدثوها عن قوة سليمان واستحالة صد جيشه.. أفهموها أنها ينبغي أن تزوره وتترضاه.. وجهزت الملكة نفسها وبدأت رحلتها نحو مملكة سليمان..
جلس سليمان في مجلس الملك وسط رؤساء قومه ووزرائه وقادة جنده وعلمائه.. كان يفكر في بلقيس.. يعرف أنها في الطريق إليه.. تسوقها الرهبة لا الرغبة.. ويدفعها الخوف لا الاقتناع.. ويقرر سليمان بينه وبين نفسه أن يبهرها بقوته، فيدفعها ذلك للدخول في الإسلام. فسأل من حوله، إن كان بإمكان احدهم ان يحضر له عرش بلقيس قبل أن تصل الملكة لسليمان.
فعرش الملكة بلقيس هو أعجب ما في مملكتها.. كان مصنوعا من الذهب والجواهر الكريمة، وكانت حجرة العرش وكرسي العرش آيتين في الصناعة والسبك.. وكانت الحراسة لا تغفل عن العرش لحظة..
فقال أحد الجن أنا أستطيع إحضار العرش قبل أن ينتهي المجلس –وكان عليه السلام يجلس من الفجر إلى الظهر- وأنا قادر على حمله وأمين على جواهره.
لكن شخص آخر يطلق عليه القرآن الكريم “الذي عنده علم الكتاب” قال لسليمان أنا أستطيع إحضار العرش في الوقت الذي تستغرقه العين في الرمشة الواحدة.
واختلف العلماء في “الذي عنده علم الكتاب” فمنهم من قال أنه وزيره أو أحد علماء بني إسرائيل وكان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب. ومنهم من قال أنه جبريل عليه السلام.
لكن السياق القرآني ترك الاسم وحقيقة الكتاب غارقين في غموض كثيف مقصود.. نحن أمام سر معجزة كبرى وقعت من واحد كان يجلس في مجلس سليمان.. والأصل أن الله يظهر معجزاته فحسب، أما سر وقوع هذه المعجزات فلا يديره إلا الله.. وهكذا يورد السياق القرآني القصة لإيضاح قدرة سليمان الخارقة، وهي قدرة يؤكدها وجود هذا العالم في مجلسه.
هذا هو العرش ماثل أمام سليمان.. تأمل تصرف سليمان بعد هذه المعجزة.. لم يستخفه الفرح بقدرته، ولم يزهه الشعور بقوته، وإنما أرجع الفضل لمالك الملك.. وشكر الله الذي يمتحنه بهذه القدرة، ليرى أيشكر أم يكفر.
تأمل سليمان عرش الملكة طويلا ثم أمر بتغييره، أمر بإجراء بعض التعديلات عليه، ليمتحن بلقيس حين تأتي، ويرى هل تهتدي إلى عرشها أم تكون من الذين لا يهتدون.
كما أمر سليمان ببناء قصر يستقبل فيه بلقيس. واختار مكانا رائعا على البحر وأمر ببناء القصر بحيث يقع معظمه على مياه البحر، وأمر أن تصنع أرضية القصر من زجاج شديد الصلابة، وعظيم الشفافية في نفس الوقت، لكي يسير السائر في أرض القصر ويتأمل تحته الأسماك الملونة وهي تسبح، ويرى أعشاب البحر وهي تتحرك.
تم بناء القصر، ومن فرط نقاء الزجاج الذي صنعت منه أرض حجراته، لم يكن يبدو أن هناك زجاجا. تلاشت أرضية القصر في البحر وصارت ستارا زجاجيا خفيا فوقه.
يتجاوز السياق القرآني استقبال سليمان لها إلى موقفين وقعا لها بتدبيره: الأول موقفها أمام عرشها الذي سبقها بالمجيء، وقد تركته وراءها وعليه الحراس. والثاني موقفها أمام أرضية القصر البلورية الشفافة التي تسبح تحتها الأسماك.
لما اصطحب سليمان عليه السلام بلقيس إلى العرش، نظرت إليه فرأته كعرشها تماما.. وليس كعرشها تماما.. إذا كان عرشها فكيف سبقها في المجيء..؟ وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده بهذه الدقة ..؟
قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ؟)
قالت بلقيس بعد حيرة قصيرة: (كَأَنَّهُ هُوَ!)
قال سليمان: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ).
توحي عبارته الأخيرة إلى الملكة بلقيس أن تقارن بين عقيدتها وعلمها، وعقيدة سليمان المسلمة وحكمته. إن عبادتها للشمس، ومبلغ العلم الذي هم عليه، يصابان بالخسوف الكلي أمام علم سليمان وإسلامه.
لقد سبقها سليمان إلى العلم بالإسلام، بعدها سار من السهل عليه أن يسبقها في العلوم الأخرى، هذا ما توحي به كلمة سليمان لبلقيس..
أدركت بلقيس أن هذا هو عرشها، لقد سبقها إلى المجيء، وأنكرت فيه أجزاء وهي لم تزل تقطع الطريق لسليمان.. أي قدرة يملكها هذا النبي الملك سليمان؟!
انبهرت بلقيس بما شاهدته من إيمان سليمان وصلاته لله، مثلما انبهرت بما رأته من تقدمه في الصناعات والفنون والعلوم.. وأدهشها أكثر هذا الاتصال العميق بين إسلام سليمان وعلمه وحكمته.
انتهى الأمر واهتزت داخل عقلها آلاف الأشياء.. رأت عقيدة قومها تتهاوى هنا أمام سليمان، وأدركت أن الشمس التي يعبدها قومها ليست غير مخلوق خلقه الله تعالى وسخره لعباده، وانكسفت الشمس للمرة الأولى في قلبها، أضاء القلب نور جديد لا يغرب مثلما تغرب الشمس.
ثم قيل لبلقيس ادخلي القصر.. فلما نظرت لم تر الزجاج، ورأت المياه، وحسبت أنها ستخوض البحر، (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا) حتى لا يبتل رداؤها.
نبهها سليمان -دون أن ينظر- ألا تخاف على ثيابها من البلل. ليست هناك مياه. (إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ).. إنه زجاج ناعم لا يظهر من فرط نعومته..
اختارت بلقيس هذه اللحظة لإعلان إسلامها.. اعترفت بظلمها لنفسها وأسلمت (مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). وتبعها قومها على الإسلام.
أدركت أنها تواجه أعظم ملوك الأرض، وأحد أنبياء الله الكرام.
يسكت السياق القرآني عن قصة بلقيس بعد إسلامها.. ويقول المفسرون أنها تزوجت سليمان بعد ذلك.. ويقال أنها تزوجت أحد رجاله.. أحبته وتزوجته، وثبت أن بعض ملوك الحبشة من نسل هذا الزواج.. ونحن لا ندري حقيقة هذا كله.. لقد سكت القرآن الكريم عن ذكر هذه التفاصيل التي لا تخدم قصه سليمان.. ولا نرى نحن داعيا للخوض فيما لا يعرف أحد
هيكل سليمان:

من الأعمال التي قام بها سليمان –عليه السلام- إعادة بناء المسجد الأقصى الذي بناه يعقوب من قبل. وبنى بجانب المسجد الأقصى هيكلا عظيما كان مقدسا عند اليهود –ولا زالوا يبحثون عنه إلى اليوم. وقد ورد في الهدي النبوي الكريم أن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل ثلاثا، فأعطاه الله اثنتين ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة: سأله حكما يصادف حكمه –أي أحكاما عادلة كأحكام الله تعالى- فأعطاه إياه، وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، وأسأل الله أن تكون لنا.
وقد تفننت التوراة في وصف الهيكل.. وهذا بعض ما ورد في التوراة عنه:
كان هيكل سليمان في أورشليم هو مركز العبادة اليهودية، ورمز تاريخ اليهود، وموضع فخارهم وزهوهم.. وقد شيده الملك سليمان وأنفق ببذخ عظيم على بنائه وزخرفته.. حتى لقد احتاج في ذلك إلى أكثر من 180 ألف عامل (سفر الملوك الأول).. وقد أتى له سليمان بالذهب من ترشيش، وبالخشب من لبنان، وبالأحجار الكريمة من اليمن، ثم بعد سبع سنوات من العمل المتواصل تكامل بناء الهيكل، فكان آية من آيات الدنيا في ذلك الزمان.
وامتدت يد الخراب إلى الهيكل مرات عديدة، إذ كان هدفا دائما للغزاة والطامعين ينهبون ما به من كنوز، ثم يشيعون فيه الدمار، (سفر الملوك الثاني).. ثم قام أحد الملوك بتجديد بنائه تحببا في اليهود.. فاستغرق بناء الهيكل هذه المرة 46 سنة، أصبح بعدها صرحا ضخما تحيط به ثلاثة أسوار هائلة.. وكان مكونا من ساحتين كبيرتين: إحداهما خارجية والأخرى داخلية، وكانت تحيط بالساحة الداخلية أروقة شامخة تقوم على أعمدة مزدوجة من الرخام، وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين. وكانت الأروقة القائمة في الجهة الجنوبية من الهيكل ترتكز على 162 عمودا، كل منها من الضخامة بحيث لا يمكن لأقل من ثلاثة رجال متشابكي الأذرع أن يحيطوا بدائرته.. وكان للساحة الخارجية من الهيكل تسع بوابات ضخمة مغطاة بالذهب.. وبوابة عاشرة مصبوبة كلها على الرغم من حجمها الهائل من نحاس كونثوس. وقد تدلت فوق تلك البوابات كلها زخارف على شكل عناقيد العنب الكبيرة المصنوعة من الذهب الخالص، وقد استمرت هدايا الملوك للهيكل حتى آخر زمانه (سفر الملوك الأول)، فكان يزخر بالكنوز التي لا تقدر بثمن..
وفاته عليه السلام:

عاش سليمان وسط مجد دانت له فيه الأرض.. ثم قدر الله تعالى عليه الموت فمات.. ومثلما كانت حياة سليمان قمة في المجد الذي يمتلئ بالعجائب والخوارق.. كان موته آية من آيات الله تمتلئ بالعجائب والخوارق.. وهكذا جاء موته منسجما مع حياته، متسقا مع مجده، جاء نهاية فريدة لحياة فريدة وحافلة.
لقد قدر الله تعالى أن يكون موت سليمان عليه الصلاة والسلام بشكل ينسف فكرة معرفة الجن للغيب.. تلك الفكرة التي فتن الناس بها فاستقرت في أذهان بعض البشر والجن..
كان الجن يعملون لسليمان طالما هو حي.. فلما مات انكسر تسخيرهم له، وأعفوا من تبعة العمل معه..
وقد مات سليمان دون أن يعلم الجن، فظلوا يعملون له، وظلوا مسخرين لخدمته، ولو أنهم كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.
كان سليمان متكئا على عصاه يراقب الجن وهم يعملون. فمات وهو على وضعه متكئا على العصا.. ورآه الجن فظنوا أنه يصلي واستمروا في عملهم. ومرت أيام طويلة.. ثم جاءت دابة الأرض، وهي نملة تأكل الخشب.. وبدأت تأكل عصا سليمان.. كانت جائعة فأكلت جزء من العصا.. استمرت النملة تأكل العصا أياما.. كانت تأكل الجزء الملامس للأرض، فلما ازداد ما أكلته منها اختلت العصا وسقطت من يد سليمان.. اختل بعدها توازن الجسد العظيم فهوى إلى الأرض.. ارتطم الجسد العظيم بالأرض فهرع الناس إليه..
أدركوا أنه مات من زمن.. تبين الجن أنهم لا يعلمون الغيب.. وعرف الناس هذه الحقيقة أيضا.. لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، ما لبثوا يعملون وهم يظنون أن سليمان حي، بينما هو ميت منذ فترة..
بهذه النهاية العجيبة ختم الله حياة هذا النبي الملك

ــــــــــــــــــ
🌲🌲🌲🌲🌲🌲
كان المجاهدان إسماعيل هنية وإسماعيل أبو شنب يتنافسان أيهما ينال الشهادة أولاً..

استشهد أبو شنب
فحزن هنية عليه كثيراً..
فكتب الشهيد عبدالعزيز الرنتيسي رحمه الله قصيدة على لسان "أبو شنب" يقول فيها:

عزيزٌ دمع إخواني عليَّ
فكفكف من دموعك يا هنية
ولا تحزن فإن الحزن ولى
وأدبر في متاهات قصية

أنا في الخلد أسرح في رباها
وأمرح بين أفنان ندية
ترى الولدان من حولي سعاة
وكم زفت إلى قصري صبية
وأنهاراً من العسل المصفى
وفاكهةً وأصنافاً شهية
وكأساً من معين كم شربنا
ومن خمر معتقة نقية
وكم أهدى لنا الرحمن فيها
نعيماً والرضى أغلى هدية

فسر يا صاحبي فالركب يمضي
إلى فوز وجنات علية
لباس الخالدين بها حرير
وأثواب النعيم السندسية
تقدم يا أُخيَّ ولا تبالي
تقدم فالجهاد هو القضية

فإني قد وجدت الموت شهداً
وفي الرحمن ما أحلى المنية
تقدم يا سميي وكن عجولا
فكم لاقى السميُّ بها سَميَّة
نسيت -وربنا- سهر الليالي
ومر العيش والدنيا الدنية
وأياماً حوادثها جسام
وساعات ثوانيها عصية

هنا نلقى النعيم جوار ربي
ونلقى أحمد الهادي نبيَّه
يعانقني الأحبة من حماس
وحولي كل ذي نفس أبية
ومن لله قد سارت خطاه
وثارت فيه للدين الحمية
ومن أهدى له الرحمن قلباً
ونفساً كالسنا العالي زكية

هنا يا صاحبي أسمى نعيمٍ
ترى نفسَ الجزوع به رضية
ترى الدنيا وزخرفها حطاماً
وبؤساً لا تطيب به سجية
فكم عاش الملوك بها حياةً
برغم هنائهم كانت شقية
فكن كالراكب الماضي لعرس
له الدنيا وصهوتها مطية

تأبط حبل ربِّك والتزمه
فإنَّ الله لا ينسى وليَه
وقد تأتي السعادة من شقاء
وقد تأتيك بالخير البلية

بودي أن أعود وأن تراني
أزلزل في الكتيبة والسرية
فتجري من لدنا ريح حرب
بأمر الله عاتية قوية

بعزم كتائب القسام نمضي
ندك الغاصبين بلا روية
ونبني عزة الإسلام مجدا
ولا نبقي لمن كفروا بقية

ألا بلغ سلامي كل زند
لنصر الله هز البندقية
وشيخَ الثائرين وكلَّ كفٍّ
تعالت من سواعدنا الفتية

وللرنتيس شوقٌ من محب
وللزهار من قلبي التحية
لدمعك يا أخي في القلب وقع
يثير لواعج النفس الشجية
فلا تحزن وقل للناس إني
بقرب محمد خير البرية

وداعاً يا أخي و إلى لقاء
بجنات العلا الخضر البهية
فكفكف دمعك الجاري وعدني
بأن ترعى بهمتك الوصية

فما في الأرض بعد الدين شيءٌ
بأغلى من دموعك يا هنية

.....
*قـصـص وحــكايـات مــمـتـعـة*
ــــــــــــــــــــــــــــــ
سعيد بن الحارث يرى الجنة
قال هشام بن يحيي الكناني : غزونا الروم سنة 38 وعلينا مسلمة بن عبد الملك وكان معنا رجل يقال له : “سعيد بن الحارث” ذو حظ من عبادة يصوم النهار ويقوم الليل وما رأيته في ليل ولا نهار إلا في حالة إجتهاد – صلاة وذكر ودراسة القرآن – فأدركني وإياه النوبة ذات ليل في الحراسة ونحن محاصرون حصن الروم قد استصعب علينا أمره
فقلت له : نم قليلا فإنك لا تدري ما يحدث من أمر العدو فإن حدث شيء كنت نشيطا فنام إلى جانب الخباء وأقمت في موضعي أحرس فبينما أنا كذلك إذ

سمعت سعيدا يتكلم ويضحك ثم يمد يده اليمنى كأنه يأخذ شيئا ثم ردها بلطف وهو يضحك ثم قال : فالليلة ثم وثب من نومه وثبة استيقظت لها

وجعل يهلل ويكبر ويحمد الله فقلت له خيرا يا أبا الوليد إني قد رأيت منك اللية عجبا فحدثني بما رأيت قال أوتعفيني ؟

فذكّرته حق الصحبة
فقال : رأيت رجلين لم ير قط مثل صورتهما كمالا وحسنا فقالا لي : ياسعيد أبشر فقد غفر الله ذنبك وشكر سعيك وقبل عملك واستجاب دعاءك .. فانطلق معنا حتى نريك ما أعد الله لك من النعيم
فماذا رأى في الجنة ؟!
وظل سعيد يسرد ما رأى في الجنة من القصور والحور العين حتى انتهى إلى سرير عليه واحدة من الحور العين كأنها اللؤلؤ المكنون فقالت له : قد طال انتظارنا إياك فقلت لها أين أنت ؟

فقالت في جنة المأوى قال ومن أنت ؟ قالت أنا زوجتك الخالدة
قال فمددت يدي لأمسها فردتها بلطف وقالت : أما اليوم فلا .. إنك راجع إلى الدنيا فقلت : ما أحب أن أرجع فقالت : لا بد من ذلك وستقيم ثلاثا ثم تفطر عندنا في الليلة الثالثة إن شاء الله فقلت فالليلة .. الليلة قالت إنه كان أمرا مقضيا ثم نهضت عن مجلسها فوثبت لقيامها فإذا أنا قد استيقظت
قال هشام : فأحدث لله شكرا يا أخي فلقد أراك الله ثواب عملك

قال أسألك بالله إلا سترت علي ما دمت حيا فقلت نعم
ثم انطلق سعيد في النهار قتال مع صيام وفي الليل قيام مع بكاء إلى أن حان الموعد وأقبلت الليلة الثالثة فلم يزل يقاتل العدو يصيبهم ولا يمسونه وأنا أرعاه من بعيد لا أستطيع الدنو منه حتى إذا مالت الشمس للغروب تعمده رجل من فوق الحصن بسهم فوقع في نحره فخر صريعا وأنا أنظر إليه فأقبلت إليه مسرعا وقلت له : هنيئا لك بما تفطر الليلة .. ياليتني كنت معك
فعض شفته السفلى وأومأ إلي ببصره وهو يضحك يعني : اكتم أمري حتى أموت
ثم قال : الحمد لله الذي صدقنا وعده ……. وما تكلم بشيء بعدها
قال : فصحت بأعلى صوتي ياعباد الله .. لمثل هذا فليعمل العاملون وأخبرتهم بالخبر فبات الناس يذكرون حديثه ويحرض بعضهم بعضا ثم أصبحوا فنهضوا إالى الحصن بنية صادقة وقلوب مشتاقة إلى لقاء الله فما أضحى النهار حتى فتح الحصن ببركة هذا الرجل الصالح
ــــــــــــــــــ
🐎⚔️


خلافة_معاوية5

( مقتل الحسن )

كان الحسن بن علي .. رضي الله عنه ..
أشبه الناس وجها برسول الله صلى الله عليه و سلم
و كان رسول الله يحبه حبا عظيما ، و يدعو له فيقول

( اللهم إني أحبه فأحبه ، و أحب من يحبه)

أسامة بن زيد كان يحدث عن طفولته .. وهو في حجر رسول الله .. فيقول ( كان النبي يأخذني .. فيقعدني على فخذه و يقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمنا و يقول :

( اللهم ارحمهما .فإني أرحمهما)

و لكن الشيعة .الذين ادعوا محبة آل البيت
لم يرحموا الحسن ، و لم يوقروه

بينما كان أمير المؤمنين / معاوية .. رضي الله عنه .. يحب الحسن ، و يعرف له قدره .. فكان دائم الإكرام له .فكل عام يرسل إليه المكافآت ، و الأموال ..
فينفقها ( الحسن ) في سبيل الله .. فقد كان عظيم الكرم ، و الجود .. كجده صلى الله عليه و سلم

و أحيانا كان ( الحسن ) يسافر إلى دمشق ليزور معاوية .. فيحسن معاوية ضيافته ، و يغدق عليه العطاء ...، حتى أنه في إحدي تلك الزيارات كافأه ب 400 ألف درهم

هكذا كان سيدنا / معاوية يعرف قدر ( آل البيت )
و هكذا كانت محبته لهم ، و محبتهم له
فهو يعلم جيدا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

( الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة)

الناس كانوا يتعجبون ، وهم يشاهدون ( الحسن )
يخرج للحج ماشيا على قدميه ... فيقول لهم :

( إني لأستحيي من الله أن ألقاه ، و لم أمش إلى بيته)

ولكن أيادي الحقد الآثمة أبت إلا أن تقتطف
ريحانة رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فتمزقها

لقد تكررت محاولات اغتيال سيدنا ( الحسن )
عدة مرات .و لكن الله سبحانه كان ينجيه منها

إلى أن جاء ذلك اليوم ..
في عام 49 من الهجرة

حينما استيقظ ( الحسن ) على ألم شديدفي بطنه ..
كأن كبده يتقطع ..
فاجتمع عنده الناس .. ، فوجدوه يتلوى من شدة الألم ..
و أخذ يتقيأ كثيرا ..وقال لهم :

( لقد سقيت السم مرارا و ما سقيت مرة هي أشد علي من هذه )

فقال الناس( نادوا له الطبيب بسرعة )

فلما رآه الطبيب قال ( إن السم قد قطع أمعاءه )

* فجلس ( الحسين ) عند رأس أخيه حزينا ، و قال له :

( من الذي سقاك السم يا أخي )

فسأله الحسن ( أتريد أن تقتله )

فقال له ( نعم )

فقال له الحسن : (( إن كان هو الذي أظن .فالله أشد بأسا ، و أشد تنكيلا .. و إنما هذه الدنيا ليال فانية ،
فدعه يا أخي حتى ألتقي أنا وهو عند الله .
و إن لم يكن هو الذي أظنه ..، فلا أحب أن تقتل بي بريئاً )

كان الحسن يشك في شخص ما
ولكنه لم يكن متأكدا
لذلك لم يصرح باسمه حتى لا يقتل أحد به ظلما

و أخذ ( الحسن ) يتلوى ، و يتقيأ أربعين يوما

فلما كانت لحظة احتضاره ظهر عليه الجزع ...
فقال له الحسين :

( يا أخي .. ما هذا الجزع.
ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك حتى تقدم على أبويك
( علي و فاطمة ) .. ، و على جديك ( رسول الله و خديجة ).. ، و على أعمامك ( حمزة ، و جعفر ) ، و على خالاتك ( زينب ، و رقية ، و أم كلثوم )

فسري عن الحسن بهذا الكلام واطمأن
ثم قال :

(اللهم إني أحتسب نفسي عندك ) و فاضت روحه

توفي الحسن رضي الله عنه وهو في 47 من عمره
و اتهمت روايات الشيعة سيدنا معاوية و ابنه ( يزيد ) ..
بأن أحدا منهما هو الذي دبر لقتل الحسن
و لكنها كلها روايات ملفقة .. لا دليل عليها ..
، كما لا يقبلها عقل
فلماذا يقتله معاوية ، وقد تنازل له عن الخلافة

ولكن الذي يتقصى الحقائق .و يقرأ الأحداث ..
يجد أن كل أصابع الاتهام تشير بقوة إلى إحدي الطائفتين :

إما ( الشيعة )
فهم ناقمون عليه منذ تنازل عن الخلافة لمعاوية .. ،
و قد رأينا كيف طعنه أحدهم في الكوفة ..

أو ( الخوارج )
لأنهم يريدون الانتقام منه ..
فهو الذي قتل زعيمهم ( ابن ملجم ) قصاصا لأبيه ..
، كما انتقموا من قبل من ( سيدنا علي ) ..
ثأرا لإخوانهم الذين قتلهم في ( النهروان ) ...

** وفي النهاية ...
تبقى حقيقة ( مقتل الحسن ) سرا مدفونا معه
في ( البقيع ) .. إلى أن تجتمع الخصوم ..
.. في يوم لا ريب فيه ..
.عند ( الملك الحق ) الذي لا يظلم عنده أحد .

تابعونا
اللهم اني اسالك العفوا والعافيه في الدارين

🌹🌹
عندما يمتلئ قلبك حباً وتعلقاً بالله ، ويقيناً بوعده ، واطمئناناً بقربه ، وتوكلاً عليه ، ولجوءً لقوته ، وتفاؤلاً بفرج
ورحمته، وتسليماً لأمره ، فلن يجد الحزن له مكاناً في قلبك ، وسيتحول شعورك بالانكسار إلى امتنان لله الذي يمدك بقوته ، ثق في تدبير الله .
اللهم لطفًا يُظلنا كالغمام، وانشراحًا يُعانق أرواحنا فيُمطرها، وشفاءً وعافية لا يغادران أجسادنا أبدًا.🤍
◈❖ هدايـــات قرآنية ❖◈

{يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحًا ‌فملاقيه}
أي: ساعٍ بعملك إلى ربك سعيًا ‌فملاقيه بسعيك، فانظر في سعيك: يصلح للجنة ولقُربِه، أم للنار وبُعدِه؟!

تفسير التستري (ص: 190)
إِذْ نادى ربّهُ نِداءً خفِياً }

لا تحتاج لرفع الصوت أثناء الدُعاء
فهمسة التضرُع تهزُّ أبواب السَماء💭
🌼🍃
*📂عن عمرو بن ميمون قال :-سألت سليمان بن يسار*

*"عن الثوب يصيبه المني أنغسله أو نغسل الثوب كله"*
*قال سليمان*
*قالت عائشة:- "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصيب ثوبه فيغسله من ثوبه ثم يخرج في ثوبه إلى الصلاة وأنا أرى أثر الغسل فيه"*

*( 📓 ) الارواء 180 صحيح أبي داود 397 : وأخرجه البخاري ومسلم*
*تذكير*
*قل الذكر ولو مرة*
•┈┈••••┈┈•
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
و الله ذو الفضل العظيم

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال
رآني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أحرك شفتي فقال لي بأي شيء تحرك شفتيك يا أبا أمامة؟ فقلت أذكر الله يا رسول الله. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:

(ألا أخبرك بأكثر وأفضل من ذكرك بالليل والنهار:
قلت بلى يارسول الله قال تقول

سبحان الله عدد ما خلق
سبحان الله ملء ما خلق

سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء
سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء

سبحان الله عدد ما أحصى كتابه
سبحان الله ملء ما أحصى كتابه

سبحان الله عدد كل شيء
سبحان الله ملء كل شيء

الحمد لله عدد ما خلق
الحمد لله ملء ما خلق

الحمد لله عدد ما في الأرض والسماء
الحمد لله ملء ما في الأرض والسماء

الحمد لله عدد ما أحصى كتابه
الحمد لله ملء ما أحصى كتابه

الحمد لله عدد كل شيء
الحمد لله ملء كل شيء)

أخرجه النسائي وابن حبان والطبراني وغيرهم
وهو حديث صحيح

المرجع
صحيح الترغيب والترهيب
رقم (1575)
•┈┈••••┈┈•
🌺🌺🌺🌺🌺🌺
﴿ إِلّا مَن أَتَى اللَّهَ بِقَلبٍ سَليمٍ﴾
قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
"القلب السليم في جنة معجلة في الدنيا،
وفي جنة في البرزخ ، وفي جنة يوم المعاد .
و‏لا يتمّ له سلامته مطلقًا حتى يسلَم من خمسة أشياء :
•من شركٍ يناقض التوحيد
‏•وبدعةٍ تخالف السنّة
‏•وشهوةٍ تخالف الأمر
‏•وغفلةٍ تناقض الذِّكر
‏•وهوىً يناقض التجريد والإخلاص.
‏ [الجواب الكافي( ٢٨٣)].
بنجلاديش قصة حزينة لبلد مسلم..

الهند استقلت عن بريطانيا، وجاء الدور لتقسيمها..هندوس ومسلمون..الهندوس لديهم دولة وهي الهند..أما المسلمون فانفصلوا في دولة جديدة اسمها ‘‘باكستان‘‘ عام 1947..باكستان كانت مكونة من جزئين..باكستان الغربية..وباكستان الشرقية..لكن الطرفان كان بينهما عدواة من النشأة..صحيح كلا الشطرين مسلم..لكن لون البشرة يفرق..باكستان الغربية كانت تحتكر كل شيء..السلطة والثروة في يد العائلات البرجوازية الإقطاعية المتحالفة مع الجيش وهو الحاكم الأول..أما باكستان الشرقية فلون البشرة ‘‘أغمق‘‘ وبالتالي تصنيفهم الاجتماعي أقل..وأصبحوا هم قوام العمالة الفقيرة في الأغلب وليس لديهم تمثيل سياسي.

لغاية ما باكستان الشرقية قرّرت أنها تطالب بنصيبها في السلطة..وفعلًا شكّل زعيمها السياسي الأبرز ‘‘مجيب الرحمن‘‘ حزب اسمه ‘‘رابطة عوامي‘‘..,دخل به الإنتخابات البرلمانية عام 1970، وفاز بالأغلبية لكن الرئيس الباكستاني الجنرال ‘‘يحيى خان‘‘..رفض الاعتراف بالنتائج لمدة شهور طويلة..يقف الأمر عند ذلك الحد؟..أبدًا..قررت باكستان معاقبة إقليم ‘‘باكستان الشرقية‘‘..وأرسلت 200 ألف من جنود الجيش لقمع الناس..وفي 1971 وقعت مجزرة..لا..إبادة..إبادة ارتكبها مسلمون ضد مسلمين..الأرقام تتراوح بين 300-500 ألف قتيل سقطوا على يد الجيش الباكستاني في الإبادة المروّعة..كان القتل للتسلية..فقأ عيون وبقر بطون..وسرق الجنود الذهب والمصوغات من جيد النسوة بعد نحرهن..همجية وبربرية لا مثيل لها..

من تدّخل؟..الهند..لأن ملايين من سكان باكستان الشرقية فرّوا إليها واستقروا تحديدًا في ولاية آسام..فدخلت الهند معركة هائلة ضد باكستان..لا يصح أن نطلق عليها معركة..لأن الهند سحقت الجيش الباكستاني وأذلته بطريقة هائلة..وأسرت 80 ألف من جنوده..ولم تطلق سراحهم إلا بعدما وقع الرئيس ‘‘يحيى خان ‘‘وثيقة استسلام ذليلة أمام عريف هندي..واستقلت باكستان الشرقية..وأصبح لدينا لأول مرة جمهورية إسلامية جديدة تحت قيادة ‘‘مجيب الرحمن‘‘..جمهورية بنجلاديش..لكن الحلو لا يكتمل..والجنرالات تصارعوا على السلطة في بنجلاديش..وقُتل الأب المؤسس لبنجلاديش وزعيم التحرير ‘‘مجيب الرحمن‘‘..مجزرة هائلة أتت على 27 فرد من أسرته ولم ينج سوى فردان..أحدهما..كان إبنة مجيب الرحمن واسمها ‘‘حسينة‘‘.

طبعًا أحد المتآمرين على قتل مجيب الرحمن كان أحد أصدقائه وهو الجنرال ‘‘َضياء الرحمن‘‘..ونال فعلًا نصيبه من الكعكة واصبح رئيسًا للأركان..لكن ذلك لم يكن كافيًا له فانقلب على الرئيس الجديد..وأصبح هو رئيس الجمهورية..4 سنوات فقط وتم اغتياله..لكن المهم هنا أن ضياء الرحمن عكس السياسة الخارجية والداخلية لبنجلاديش..مجيب الرحمن أبو التحرير كان يحقد على باكستان ويدين للهند بكل الفضل..وحرص على علمانية الدولة من الدقيقة الأولى..أما رفيقه ضياء الرحمن لما وصل للسلطة..انقلب على الهند، وصالح الأحزاب الإسلامية البنجالية الموالية لباكستان، بل ووضع البسملة في الدستور البنغالي..وهكذا أصبحت بنجلاديش فصيلان..علماني موالي للهند..وإسلامي قريب من باكستان.

لكن ظاهرة الإنقلابات العسكرية انتهت عام 1990 بإزاحة الجنرال ‘‘حسين إرشاد‘‘..وتشكلت حكومة ديمقراطية منتخبة بقيادة من؟..خالدة ضياء أرملة الجنرال ‘‘َضياء الرحمن‘‘..وبعد بضع سنوات سوف تسقط حكومتها..من سوف يأتي؟..الشيخة حسينة ‘‘ إبنة مجيب الرحمن‘‘..وبدأت بنجلاديش حقبة ديمقراطية مزيفة سوداء..صراع بين سيدتين..ورثوا الخصوة من عن آبائهم..خالدة ضياء ابنة الجنرال ضياء الرحمن، الذي قتل مجيب الرحمن أبو الشيخة حسينة.تخيّل؟..من سنة 1991-2024..حكمت السيدتان بنجلاديش باستثناء 3 سنوات فقط..وطبعًا..النصيب الأكبر كان للشيخة حسينة..بينما حكمت خالدة ضياء فترتان فقط..ويعني كل واحدة فيهم تمسك السلطة تصدر حكمًا بالإعدام على أنصار الأخرى..ولأنها خناقة سيدات فقد تسربت لهما مكالمة فضائحية مدتها ساعة ونصف من الشتائم وكأنهما تردحان في حارة قبل بضع سنوات.

وطبعًا لا الحكم العسكري أتى بخير ولا الحكم الديمقراطي التمثيلي الصوري..لأن الأول معروف سمته والثاني كان مجرد كاموفلاج لعوار النخب الحاكمة..مجرد سلم لوصول للسلطة وتقييف القوانين للبطش والإعدامات والقتل باسم الأغلبية..وبين خالدة وحسينة..فقر وغليان شعبي..فقر مروع لدرجة أن سنة 2013 وقع مصنع اسمه رانا بلازا على رأس 1300 عامل فقتلوا في التو واللحظة..فضيحة تفجرت في العالم وسلطت الضوء على أزمة صناعة الملابس الفاخرة في بنجلاديش لصالح زارا وخلافه..تباع القطعة بعشرات الدولارات بينما دخل العامل البنغالي بضع سنتات دون ظروف أمان أو حماية.
لكن لما بحث الناس عن أصل القصة..اكتشفوا طبعًا أن صناعة الملابس الفارهة في بنجلاديش والتي يعمل بها 3 ونصف مليون شخص..هي بالأساس نتاج ثمرة فاسدة لتحالف العسكرين والبرجوازيين والنخب الحاكمة مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ضمن اتفاقات الألياف المتعددة عام 1976 والتي حولت البنغاليين لآلات عمل رخيصة مقابل الثراء الأوروبي..فصعب أن يتم تفكيك هكذا منظومة بالنوايا الطيبة لأن خلفها سلاح يدير القصة بالكامل ومصالح بعشرات المليارات..اليوم يخرج البنغاليون بمئات الألوف وتهرب الشيخة حسينة كما تقول الأنباء..لكن للأسف الشديد القصة أكبر من مجرد صراع داخلي..بين حرية وديمقراطية..هي قصة الهند وباكستان الكبرى حول صراع النفوذ في أقاليم شبه القارة وتخومها.. يُمكن للشيخة حسينة أن تختفي..لكن أبدًا مسببات الصراع لن تختفي بسهولة لأن كلفة مواجهتها ستكون دماء ملايين.
*قـصـص وحــكايـات مــمـتـعـة*
ــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ الغزالي مع والده في مرضه
حكى الشيخ الغزالي موقفا حدث له وهو طالب بالأزهر، يقول رحمه الله:
جاءتني (برقية) من البلد تطلب حضوري فورًا، فأدركت أن خطرًا داهم الأسرة، وسافرت وأنا مشتت الذهن، واسودّت أفكاري عندما رأيت دكان أبي –عن بُعد- وهو مغلق.
تحرّكت قدماي بلا وعي إلى البيت، ورأيت أبي يصرخ من “مغص كلوي” أصيب به، والأولاد من حوله حيارى، وقد أعطاه الطبيب بعض الأقراص المخدّرة، ولكن الآلام كانت أربى وأقسى، وقالوا: لا بد من جراحة تستخرج ما في الكلى من حصيَّات…
وفتحت الدكان ووقفت مكان أبي أعمل، وأنا خبير بذلك لأني في أثناء الإجازة الصيفية أساعده، ومضت عدة أيام ونحن نتروّى ونتدارس ما نصنع… أجور الأطباء فوق الطاقة، ولو أمكن إعدادها فإن الجراحة يومئذ غير مأمونة العقبى، وقد مات عمٌّ لي في جراحة مشابهة… ماذا نصنع؟
وحاصرني غم ثقيل، وأخذت شخوص الأشياء تتقلص أمام عيني، وثبتت بصيرتي على شيء واحد، الله وحسب! وكأنما كنت أكلم الناس وأنا حالم…
وجاء رجل يشتري بعض الأغذية، ولما قدمتها له قال لي بصوت ضارع: ليس معي ثمن الآن، وأقسم بالله أنه صادق، وأنه غدا يجيء بالثمن!
ووقر في نفسي أن الرجل محرج فقلت له: خذ البضاعة وهي مني إليك… وانصرف الرجل غير مصدّق ما سمع…!
أما أنا فذهبت إلى ركن في الدكان، وقلت: يا ربّ، نبيّك قال لنا: “داووا مرضاكم بالصدقة”! فأسألك أن تشفي أبي بهذه الصدقة…!
وجلست على الأرض أبكي، وبعد ساعة سمعت من يناديني من البيت –وكان قريباً- فذهبت على عجل وقد طاش صوابي…
وفوجئت بأبي يلقاني وراء الباب يقول: نزلت هذه الحصاة مني –وكانت حصاة أكبر قليلاً من حبة الفول- لا أدري ما حدث، لقد شفيت…!
وفي صباح اليوم التالي كنت في الكلية أحضر الدروس مع الزملاء…!
إن الذي يجيب المضطر إذا دعاه رحمني ورحم الأسرة كلها، فله الحمد

ــــــــــــــــــ
*قـصـص وحــكايـات مــمـتـعـة*
ــــــــــــــــــــــــــــــ

قصة داود عليه السلام
داود عليه السلام

نبذة:

‌‏آتاه الله العلم والحكمة وسخر له الجبال والطير يسبحن معه وألان له الحديد، كان عبدا خالصا لله شكورا يصوم يوما ويفطر يوما يقوم نصف الليل وينام ثلثه ويقوم سدسه وأنزل الله عليه الزبور وقد أوتي ملكا عظيما وأمره الله أن يحكم بالعدل.

سيرته:
حال بنو إسرائيل قبل داود:
قبل البدء بقصة داود عليه السلام، لنرى الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.

لقد انفصل الحكم عن الدين..فآخر نبي ملك كان يوشع بن نون.. أما من بعده فكانت الملوك تسوس بني إسرائيل وكانت الأنبياء تهديهم. وزاد طغيان بني إسرائيل، فكانوا يقتلون الأنبياء، نبيا تلو نبي، فسلط الله عليهم ملوكا منهم ظلمة جبارين، ألوهم وطغوا عليهم.

وتتالت الهزائم على بني إسرائيل، حتى انهم أضاعوا التابوت. وكان في التابوت بقية مما ترك آل موسى وهارون، فقيل أن فيها بقية من الألواح التي أنزلها الله على موسى، وعصاه، وأمورا آخرى. كان بنو إسرائيل يأخذون التابوت معهم في معاركهم لتحل عليهم السكينة ويحققوا النصر. فتشروا وساءت حالهم.

في هذه الظروف الصعبة، كانت هنالك امرأة حامل تدعو الله كثيرا أن يرزقها ولدا ذكرا. فولدت غلاما فسمته أشموئيل.. ومعناه بالعبرانية إسماعيل.. أي سمع الله دعائي.. فلما ترعرع بعثته إلى المسجد وأسلمته لرجل صالح ليتعلم منه الخير والعبادة. فكان عنده، فلما بلغ أشده، بينما هو ذات ليلة نائم: إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه. فهرع أشموئيل إلى يسأله: أدعوتني..؟ فكره الشيخ أن يفزعه فقال: نعم.. نم.. فنام..

ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة. وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك.

اختيار طالوت ملكا:
ذهب بنو إسرائيل لنبيهم يوما.. سألوه: ألسنا مظلومين؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين؟
قال: بلى..
قالوا: ابعث لنا ملكا يجمعنا تحت رايته كي نقاتل في سبيل الله ونستعيد أرضنا ومجدنا.
قال نبيهم وكان أعلم بهم: هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا؟
قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
قالوا: كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه؟
قال نبيهم: إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه.
قالوا: ما هي آية ملكه؟
قال لهم نبيهم: يسرجع لكم التابوت تجمله الملائكة.

ووقعت هذه المعجزة.. وعادت إليهم التوراة يوما.. ثم تجهز جيش طالوت، وسار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..

وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان.

كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟*****!

قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم.

وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل.

وكان الملك، قد قال: من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي.. ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..

وتقدم داود بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة).. تقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه، ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر. فأصاب جالوت فقتله. وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت.

جمع الله الملك والنبوة لداود:
بعد فترة أصبح داود -عليه السلم- ملكا لبني إسرائيل، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى.

وتأتي بعض الروايات لتخبرنا بأن طالوت بعد أن اشتهر نجم داوود أكلت الغيرة قلبه، وحاول قتله، وتستمر الروايات في نسج مثل هذه الأمور. لكننا لا نود الخوض فيها فليس لدينا دليل قوي عليها. ما يهمنا هو انتقال الملك بعد فترة من الزمن إلى داود.
2024/10/07 16:23:34
Back to Top
HTML Embed Code: