Telegram Web Link
قال علي بن أبي طالب: «كنت مع النبي ﷺ بمكة، فخرجنا في بعض نواحيها، *فما استقبله جبلٌ ولا شجرٌ إلا وهو يقول: «السلام عليك يا رسول الله!».*
📚
ــــــــــــــــــــــــــــــ

هل الحجاب تخلف قصة رائعة
هل العرى هو التقدم والحداثة والتعبير عن العلم؟ وهل الحجاب هو التخلف والتأخر والرجعية؟ بالطبع لا تعالى معنا لتعرف هذة القصة الرائعة التى أفحمت بطلتها الأراء المناهضة للحجاب:

ﺩﻛﺘﻮﺭﺓ ﻣﺴﻠﻤﺔ ﻣﺤﺠﺒﺔ ﺳﺄﻟﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻮﻥ ﻣﺴﺘﻐﺮﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻟﺒﺎﺳﻬﺎ ﻻ ﻳﻌﻜﺲ ﻣﺪﻯ ﻋﻠﻤﻬﺎ ظنا ﻣﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ﺭﻣﺰ ﺗﺨﻠﻒ ﻭ ﺭﺟﻌﻴﺔ.

ﻓﺄﺟﺎﺑﺘﻬﻢ ﺑﻜﻞ ﺑﺴﺎﻃﺔ ﻭ ﺫﻛﺎﺀ ﻗﺎﺋﻠﺔ :
ﺇﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻛﺎﻥ ﺷﺒﻪ ﻋﺎﺭﻳﺎ ﻭ ﻣﻊ ﺗﻄﻮﺭ ﻓﻜﺮﻩ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﺪﺃ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﻣﺎ ﺃﺭﺗﺪﻳﻪ ﻫﻮ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻭ ﺍﻟﺮﻗﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﻭ ﻟﻴﺲ ﺗﺨلفا …!!

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺮﻱ ﻓﻬﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺑﻔﻜﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻷﻭﻟﻰ ..
ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﻱ ﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺍﻟﺒﻬﺎﺋﻢ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪﻣﺎ.



ــــــــــــــــــــ
2 - مسألة [ الصنبور ] ( الحنفية ) :
لما اخترع الصنبور، وتم تركيب صنابير الماء الجاري في أماكن الوضوء بالمساجد اعترض الفقهاء من المذاهب الثلاثة الشافعي والمالكي والحنبلي على الوضوء بغير الإبريق، إلا أتباع أبي حنيفة توضأوا منه فأصبح الصنبور ”حنفية“ نسبة إلى جماعة الحنفية الذين أخذوا بالتيسير .
وفي باب اللغة :
أثارت لفظة "الحنفية" كتسمية "لصنبور المياه" تاريخيًا الكثير من الجدل الذي يمتد لأكثر من قرن من الزمن ولمّا ينتهي بعد. ما هو أصل هذه الكلمة وتاريخها، ومن أين جاءت إلى لغتنا؟ تتبع اشتقاقها سيقودنا لتاريخ من التحولات الاجتماعية تظهر فيه كلمة الفقهاء وسلطة "النص الفقهي" وتأثيرهم الكبير على حياة الناس.
بالنسبة لعلماء اللغة العربية في القرن الماضي فإن لفظ "حنفية" هو لفظ مولد ودخيل على العربية، إذ يقول الشيخ رشيد عطية (1882-1956)، في كتابه "معجم عطية في العامي والدخيل" (دار الكتب العلمية-ص: 54): حنفية: "مولدة يراد بها أنبوبة ذات لولب تزج في ثقب من الحوض لاستفراغ الماء منه عند الحاجة. يُقرب منها الصُنبور وهو أنبوبة في الإداوة يشرب منها حديدًا كانت رصاصًا أو غيرهما".
ويتفق معه العالم اللغوي الشيخ رضا العامل (1872 – 1953) في معجمه الضخم "متن اللغة العربية 2/ 181" بقوله إن الحنفية لفظ "مولد" وهي أنبوب الماء في الميضأة، مكان الوضوء في المسجد، يضيف في كتاب آخر له بالقول سميت كذلك "نسبة إلى السادة الحنفية فإنهم يتوضأون منها ويتجنبون الوضوء من الميضأة".

علماء اللغة يضعون لفظة "الحنفية" ضمن الأخطاء الشائعة المستخدم بكثرة في اللغة العربية الفصحى، يقول محمد العدناني هو عضو شرف في مجمع اللغة العربية الأردني، في كتابه "معجم الأخطاء الشائعة". يُقال: ملأت الكأس من الحنفية، والصواب هو: ملأتها من الصنبور، والصنبور قصبة يشرب منها، سواء أكانت حديدًا أم رصاصًا أم غيرهما، أما كلمة "حنفية" فهي جمع لـ"حنفي" والحنيفي هو الذي يتبع مذهب أبي حَنيفة، ويجمع حنيفي أيضًا على أحناف. وفي المعجم الوسيط إن كلمة "الحَنفية" عامية، وصوابها الصنبور.
إذن، لا يوجد بهذا المعنى أصل للكلمة في اللغة العربية الفصحى، وإنما نجده في اللغة العامية واللغة الدارجة كما يشير العالم اللغوي الليبي علي فهمي خشيم في معجمه الضخم: "البرهان على عروبة اللغة المصرية القديمة ص 290": "فإن كلمة "حنبي" ـ بلفظ v اللاتينية بالباء المخففة ـ تعني: نافورة، بئر، نبع، ...، وعليه يرجح الدكتور خشيم أن "الحنفية: صنبور الماء والجمع حنفيات، هي من ميراث اللغة الدارجة وليست اللغة العربية الفصحى.
مما سبق نعلم أن لفظة "الحنفية" تم "اعتمادها" في مصر نجد أصولها في لغتها القديمة، وما يعزز وجهة نظرنا هذه هو العودة لتاريخ "شبكات المياه
ويقال أن أول من أدخل المياه من خزان عبر مواسير إلى صنابير كان محمد علي الكبير في مسجده الذي بناه في القلعة، وحدثت واقعة الاختلاف بين مذاهب السنة على الوضوء منها.
قال أ. محمد مبخوت عضو المجمع المؤازر :
في الأهرام اليومي ليوم السبت 21 من جمادي الاولى 1435 هــ 22 مارس 2014 السنة 138 العدد 46492 مقال عن أصل كلمة حنفية وأنها "تعود إلى سنة 1884 حين عَمَمَّت سلطات الاحتلال الإنجليزي المنشور ( رقم 68 لسنة 1884) باستبدال أماكن الوضوء في المساجد بصنابير متصلة بشبكة مياه الشرب النقية التي أقامتها. بناء على ( ما تقرر فى مجلس النظار عن مسألة المراحيض النقالى المقتضى إحداثها، وميض الجوامع اللازم استبدالها بحنفيات)، لاستخدام المياه النقية فى المساجد للوضوء بدلا من " الطاسة " تسهيلا على المصلين، ضمن شبكات عمومية لمياه الشرب والصرف الصحي بدأت الحكومة في تركيبها في المدن وأشرف عليها المهندسان " ويلكوكس" و" پرايس باي"، ولقي هذا التغيير في البداية معارضة مشايخ مذاهب الشافعية والمالكية والحنبلية "لاستبدال الميض التي ينال المتوضئون فيها بركة الشيخ الذي يفتتح الوضوء من مائها" ، واعتبروا التغيير "بدعة"، وأيضا "لأن انتشارها في الشوارع أدى لوجود بِرَك ماء عندما تمر فيها العربات التي تجرها الخيول " تُطرطِش الطين " في وجوه المؤمنين". لكن فقهاء "الحنفية" فضَّلوا الوضوء من الماء الجاري، لذا أطلق العامة اسم " الحنفية" على الصنبور. وانتشر اسم "الحنفية" بعد ذلك في بلدان عربية وإسلامية. وتضمن قرار مجلس النظار أيضا "إلزام ديوان الأوقاف بمصاريف الإحلال"، وتقرر استمرار استبدال الميض بحنفيات وعلى وجه السرعة. وأن تتم تجربة الطريقة الجديدة للمراحيض "في ثلاثة جوامع في مصر وجهتين أخريين بملاحظة نظارة الأشغال وبالاتفاق مع مهندس عموم الأوقاف لأجل معرفة مزاياها ومقدار تكاليفها".

(انظر التسعينية / ملقبات المسائل الفقهية/ لأبي عبد الله)
🍀 *#تدبـــر_ايــة * 🍀
‏﴿وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حَاضِرَا﴾
‏ما تعمله اليوم في الدنيا ؛
سيُعاد بثهُ ‏في الآخرة فأحسن
الأداء هنا ليحسُن ‏العرض هناك .
°•

*لكلِّ من فرّط في رمضان ..*
*‏مواساتُك في العشر آتية ..*

*‏فإنَّ العشر الأوائل من ذي الحجة دنت*
*‏فاستبشر خيرًا .. وإنّها والله لرحمة من الله أن يمُنَّ عليك ببلوغ العشر..* *فتأهب، وتعاهد قلبك من الآن.. جددهُ بالمسير إلى الله.*
🌺🌺🌺🌺🌺🌺🌺
🟢كان الإمام أحمد يمشي في الوحل ويتوقى فغاصت رجله فخاض !
فقال لأصحابه :
[ هكذا العبد لايزال يتوقى الذنوب ، فإذا واقعها خاض فيها ]

الآداب الشرعية ١/٢٨📚🌸🌸
قال النبي ﷺ :

(( سبقَ المُفرِّدونَ قالوا : وما المُفَرِّدونَ ؟ يا رسولَ اللهِ ! قال الذَّاكرون اللهَ كثيرًا ، والذَّاكراتُ ))

📚 صحيح مسلم - رقم: (2676)
‏قال الأصمعى:

‏سمعت أعرابية تقول لرجل تخاصمه: خَفِ الله، واعلم أنّ من ورائك حَكَمَاً لا يحتاج المدّعى عنده إلى إحضار البينة .

‏زهر الآداب ٤ / ٩١٤
🌺 ೄྀ࿐

••••🕋 ••🕋 ••🕋••🕋 ••🕋

‏يا ليتني في أرضِ مكّة أبتغي
فضل الإله مع الحجيج أُنادي

لبّيك يا الله جئت ملبّيا
جردت من كلّ الحياة فؤادي

🌺
╰┈➤ ❝[
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

صوم عشر ذي الحجة من الأمور المرغب فيها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشرة"، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء"، فإذا صام الإنسان في عشر ذي الحجة كان عمله من أفضل الأعمال.

(فتاوى نور على الدرب / ج7 / ص366).
*قـصـص وحــكايـات مــمـتـعه
ــــــــــــــــــــــــــــــ

قصة رائعة عن طاعة الزوج

قبل ان يسافر زوج الى عمله في التجاره قال لزوجته لاتخرجي من المنزل ابدا الى ان ارجع .

وكانت هذه القصه الحقيقيه على زمن النبي صل الله عليه واله وصحبه وسلم.

فذهب الزوج وحضر نفسه الى السفر لتجارة وسافر .
وبعد فتره دق باب البيت عليها فقالت من بالباب قال انا اخيكي ففتحت الباب وقالت له ادخل اخى العزيز ودخل اخاها ثم قال لها لقد جئت لزيارتك ولكن لامر مهم جدا ولا يحتاج هذا الامر هذا التاخير منكي فقالت خيرا اخي ان شاء الله فقال لها
ان اباكي يبلغك السلام ويقول لكي انه يريد ان يراكي .

فردت عليه قائله انا كذلك ايضا اشتاق الى رؤياكم ولكن زوجي منعني من الخروج قبل أن يسافر.

فقال لها ان هذا ابوكي ولكي حق ان تذهبي عنده وتطماني عليه .

فقالت ان زوجي منعني ولا يحق لي الخروج الا بإذنه.

فقال انظري في الامر لان اباكي مريض ويريد ان يراكي.

فعندما قال لها هكذا ارسلت الى النبي (صل الله عليه واله وصحبه وسلم) لتاخذ رائيه في ان تذهب الى ان تزور اباها وهو مريض.

فكان رد الجواب من النبي (صل الله عليه واله وصحبه وسلم) ان الزمي بيتك ولاتخرجين منه.

فارسلت الى اخيها جواب النبي (صل الله عليه واله وصحبه وسلم) فقال لها شأنك.

وفي اليوم التالى جائها اخوها وقال لها ان اباكي اشتد عليه المرض وهو مرض الموت وهو يريد ان يراكي قبل ان يموت .

فحزنت لذلك الخبر وارسلت الى النبي (صل الله عليه واله وصحبه وسلم) لاتستاذنه وان يجد لها مخرجا لكي تتمكن من زياره ابيها وهو في مرض موته .

فكان رد النبي (صل الله عليه واله وصحبه وسلم) ان الزمي بيتك ولاتخرجين منه الا بإذن زوجك.

واليوم التالي جائها اخيها وقال ان اباكي يحتضر ويريد رؤيتك فبكت وقال سوف اخبر رسول الله (صل الله عليه واله وصحبه وسلم) .

ليجد لي مخرجا فكان رد النبي (صل الله عليه واله وصحبه وسلم) ان الزمي بيتك ولاتخرجي منه الا باذن زوجك .

وبعد ساعات جائها اخوها وقال لها ان اباكي قد مات وهو مشتاق الى رؤياكي فتعالى معي احضري جنازته فارسلت الى النبي (صل الله عليه واله وصحبه وسلم) في ذلك فقال لها ان إلزمي بيتك ولاتخرجي منه فان جبرائيل عليه السلام اتانى وقد اخبرني بان اباكي في الجنه.

وقد غفر لكي وله الله جميع ذنوبكم بسبب طاعتك لزوجك فإلزمي بيتك وأطيعي زوجك فإن أباكي في الجنه بسبب طاعتك لزوجك ثم قال هنيئا لإمراة أطاعت زوجها وويل لإمرأة أغضبت زوجها.


ــــــــــــــــــــ
🌴🌴🌺🌺🌺🌴🌴🌺🌺🌺
‏قـال شجـاع بن الـولـيد - رحمه الله تعالى :

كـُنْتُ أَحـجُّ مع سُـفيان .

فمـا يَكَـادُ لسـانه يَفْـتُر مـِنَ الأمـر بالـمعروف والـنّهي عـن الـمنكر

ذاهبـا وراجعـا .

📕 سير أعلام النبلاء (٢٥٩/٧)
*قـصـص وحــكايـات مــمـتـعـة*
ــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة موسى عليه السلام – ج3
يتناول حياة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون، والأحداث العظيمة التي حدثت أثناء ضياعهم في صحراء سيناء.

نفسية بني إسرائيل الذليلة:
لقد مات فرعون مصر. غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل. ورغم موته، فقد ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل. من الصعب على سنوات القهر الطويلة والذل المكثف أن تمر على نفوس الناس مر الكرام. لقد عوّد فرعون بني إسرائيل الذل لغير الله. هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا بالعناد والجهل.
كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم، حين مروا على قوم يعبدون الأصنام. وبدلا من أن يظهروا استيائهم لهذا الظلم للعقل، ويحمدوا الله أن هداهم للإيمان. بدلا من ذلك التفتوا إلى موسى وطلبوا منه أن يجعل لهم إلها يعبدونه مثل هؤلاء الناس. أدركتهم الغيرة لمرأى الأصنام، ورغبوا في مثلها، وعاودهم الحنين لأيام الشرك القديمة التي عاشوها في ظل فرعون. واستلفتهم موسى إلى جهلهم هذا، وبيّن لهم أن عمل هؤلاء باطل، وأن الله فضل بني إسرائيل على العالمين فكيف يجحد هذا التفضيل ويجعل لهم صنما يعبدونه من دون الله. ثم ذكّرهم بفرعون وعذابه لهم، وكيف أن الله نجاهم منه، فكيف بعد ذلك يشركون بالله مالا يضر ولا ينفع.

موعد موسى لملاقاة ربه:
انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى عليه السلام، وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد فرعون وجنده. والسير بهم إلى الديار المقدسة. لكن القوم لم يكونوا على استعداد للمهمة الكبرى، مهمة الخلافة في الأرض بدين الله. وكان الاختبار الأول أكبر دليل على ذلك. فما أن رأوا قوما يعبدون صنما، حتى اهتزت عقيدة التوحيد في نفوسهم، وطلبوا من موسى أن يجعل لهم وثنا يعبدوه. فكان لا بد من رسالة مفصلة لتربية هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه. من أجل هذه الرسالة كانت مواعدة الله لعبده موسى ليلقاه. وكانت هذه المواعدة إعداد لنفس موسى ليتهيأ للموقف الهائل العظيم. فاستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام.
كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة، أضيف إليها عشر، فبلغت عدتها أربعين ليلة. يروض موسى فيها نفسه على اللقاء الموعود؛ وينعزل فيها عن شواغل الأرض؛ فتصفو روحه وتتقوى عزيمته. ويذكر ابن كثير في تفسيره عن أمر هذه الليالي: “فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛ قال المفسرون: فصامها موسى -عليه السلام- وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة، فأمره الله تعالى أن يكمل العشرة أربعين”.
كان موسى بصومه -أربعين ليلة- يقترب من ربه أكثر. وكان موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر. فطلب موسى أن يرى الله. ونحن لا نعرف أي مشاعر كانت تجيش في قلب موسى عليه الصلاة والسلام حين سأل ربه الرؤية. أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس إلى طلب المستحيل. فما بالك بالحب الإلهي، وهو أصل الحب؟ إن عمق إحساس موسى بربه، وحبه لخالقه، واندفاعه الذي لم يزل يميز شخصيته. دفعه هذا كله إلى أن يسأل الله الرؤية.
وجاءه رد الحق عز وجل: قَالَ لَن تَرَانِي
ولو أن الله تبارك وتعالى قالها ولم يزد عليها شيئا، لكان هذا عدلا منه سبحانه، غير أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب موسى. موقف اندفاع يبرره الحب ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى. أفهمه أنه لن يراه، لأن أحدا من الخلق لا يصمد لنور الله. أمره أن ينظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف يراه.
قال تعالى: (وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا)
لا يصمد لنور الله أحد. فدكّ الجبل، وصار مسوّى في الأرض. وسقط موسى مغشيا عليه غائبا عن وعيه. فلما أفاق قال سبحانك تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار وتدرك. وتبت إليك عن تجاوزني للمدى في سؤالك! وأنا أول المؤمنين بك وبعظمتك.
ثم تتداركه رحمة ربه من جديد. فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى. بشرى الاصطفاء. مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص. قال تعالى: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)
وقف كثير من المفسرين أمام قوله تعالى لموسى: (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي). وأجريت مقارنات بينه وبين غيره من الأنبياء. فقيل إن هذا الاصطفاء كان خاصا بعصره وحده، ولا ينسحب على العصر الذي سبقه لوجود إبراهيم فيه، وإبراهيم خير من موسى، أيضا لا ينطبق هذا الاصطفاء على العصر الذي يأتي بعده، لوجود محمد بن عبد الله فيه، وهو أفضل منهما.
ونحب أن نبتعد عن هذا الجدال كله. لا لأننا نعتقد أن كل الأنبياء سواء. إذا إن الله سبحانه وتعالى يحدثنا أنه فضل بعض النبيين على بعض، ورفع درجات بعضهم على البعض. غير أن هذا التفضيل ينبغي أن يكون منطقة محرمة علينا، ولنقف نحن في موقع الإيمان بجميع الأنبياء لا نتعداه. ولنؤد نحوهم فروض الاحترام على حد سواء. لا ينبغي أن يخوض الخاطئون في درجات المعصومين المختارين من الله. ليس من الأدب أن نفاضل نحن بين الأنبياء. الأولى أن نؤمن بهم جميعا.
ثم يبين الله تعالى مضمون الرسالة (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ) ففيها كل شيء يختص بموضوع الرسالة وغايتها من بيان الله وشريعته والتوجيهات المطلوبة لإصلاح حال هذه الأمة وطبيعتها التي أفسدها الذل وطول الأمد!

عبادة العجل:
انتهى ميقات موسى مع ربه تعالى. وعاد غضبان أسفا إلى قومه. فلقد أخبره الله أن قموه قد ضلّوا من بعده. وأن رجلا من بني إسرائيل يدعى السّامري هو من أضلّهم. انحدر موسى من قمة الجبل وهو يحمل ألواح التوراة، قلبه يغلي بالغضب والأسف. نستطيع أن نتخيل انفعال موسى وثورته وهو يحث خطاه نحو قومه.
لم يكد موسى يغادر قومه إلى ميقات ربه. حتى وقعت فتنة السامري. وتفصيل هذه الفتنة أن بني إسرائيل حين خرجوا من مصر، صحبوا معهم كثيرا من حلي المصريين وذهبهم، حيث كانت نساء بني إسرائيل قد استعرنه للتزين به، وعندما أمروا بالخروج حملوه معهم. ثم قذفوها لأنها حرام. فأخذها السامري، وصنع منها تمثالا لعجل. وكان السامري فيما يبدو نحاتا محترفا أو صائغا سابقا، فصنع العجل مجوفا من الداخل، ووضعه في اتجاه الريح، بحيث يدخل الهواء من فتحته الخلفية ويخرج من أنفه فيحدث صوتا يشبه خوار العجول الحقيقية.
ويقال إن سر هذا الخوار، أن السامري كان قد أخذ قبضة من تراب سار عليه جبريل -عليه السلام- حين نزل إلى الأرض في معجزة شق البحر. أي أن السامري أبصر بما لم يبصروا به، فقبض قبضة من أثر الرسول -جبريل عليه السلام- فوضعها مع الذهب وهو يصنع منه العجل. وكان جبريل لا يسير على شيء إلا دبت فيه الحياة. فلما أضاف السامري التراب إلى الذهب، ثم صنع منه العجل، خار العجل كالعجول الحقيقية. وهذه هي القصة التي قالها السامري لموسى عليه السلام.
بعد ذلك، خرج السامري على بني إسرائيل بما صنعه..
سألوه: ما هذا يا سامري؟
قال: هذا إلهكم وإله موسى!
قالوا: لكن موسى ذهب لميقات إلهه.
قال السامري: لقد نسي موسى. ذهب للقاء ربه هناك، بينما ربه هنا.
وهبت موجة من الرياح فدخلت من دبر العجل الذهب وخرجت من فمه فخار العجل. وعبد بنو إسرائيل هذا العجل. لعل دهشة القارئ تثور لهذه الفتنة. كيف يمكن الاستخفاف بعقول القوم لهذه الدرجة؟! لقد وقعت لهم معجزات هائلة. فكيف ينقلبون إلى عبادة الأصنام في لحظة؟ تزول هذه الدهشة لو نظرنا في نفسية القوم الذين عبدوا العجل. لقد تربوا في مصر، أيام كانت مصر تعبد الأصنام وتقدس فيما تقدس العجل أبيس، وتربوا على الذل والعبودية، فتغيرت نفوسهم، والتوت فطرتهم، ومرت عليهم معجزات الله فصادفت نفوسا تالفة الأمل. لم يعد هناك ما يمكن أن يصنعه لهم أحد. إن كلمات الله لم تعدهم إلى الحق، كما أن المعجزات الحسية لم تقنعهم بصدق الكلمات، ظلوا داخل أعماقهم من عبدة الأوثان. كانوا وثنيين مثل سادتهم المصريين القدماء. ولهذا السبب انقلبوا إلى عبادة العجل.
وفوجئ هارون عليه الصلاة والسلام يوما بأن بني إسرائيل يعبدون عجلا من الذهب. انقسموا إلى قسمين: الأقلية المؤمنة أدركت أن هذا هراء. والأغلبية الكافرة طاوعت حنينها لعبادة الأوثان. ووقف هارون وسط قومه وراح يعظهم. قال لهم: إنكم فتنتم به، هذه فتنة، استغل السامري جهلكم وفتنكم بعجله. ليس هذا ربكم ولا رب موسى (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي).
ورفض عبدة العجل موعظة هارون. لكن هارون -عليه السلام- عاد يعظهم ويذكرهم بمعجزات الله التي أنقذهم بها، وتكريمه ورعايته لهم، فأصموا آذانهم ورفضوا كلماته، واستضعفوه وكادوا يقتلونه، وأنهوا مناقشة الموضوع بتأجيله حتى عودة موسى. كان واضحا أن هارون أكثر لينا من موسى، لم يكن يهابه القوم للينه وشفقته. وخشي هارون أن يلجأ إلى القوة ويحطم لهم صنمهم الذي يعبدونه فتثور فتنة بين القوم. فآثر هارون تأجيل الموضوع إلى أن يحضر موسى.
كان يعرف أن موسى بشخصيته القوية، يستطيع أن يضع حدا لهذه الفتنة. واستمر القوم يرقصون حول العجل.
انحدر موسى عائدا لقومه فسمع صياح القوم وجلبتهم وهم يرقصون حول العجل. توقف القوم حين ظهر موسى وساد صمت. صرخ موسى يقول: (بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ).اتجه موسى نحو هارون وألقى ألواح التوراة من يده على الأرض. كان إعصار الغضب داخل موسى يتحكم فيه تماما.
مد موسى يديه وأمسك هارون من شعر رأسه وشعر لحيته وشده نحوه وهو يرتعش. قال موسى:
يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) (طه)
إن موسى يتساءل هل عصى هارون أمره. كيف سكت على هذه الفتنة؟ كيف طاوعهم على البقاء معهم ولم يخرج ويتركهم ويتبرأ منهم؟ كيف سكت عن مقاومتهم أصلا؟ إن الساكت عن الخطأ مشترك فيه بشكل ما. زاد الصمت عمقا بعد جملة موسى الغاضبة. وتحدث هارون إلى موسى. رجا منه أن يترك رأسه ولحيته. بحق انتمائهما لأم واحدة. وهو يذكره بالأم ولا يذكره بالأب ليكون ذلك أدعى لاستثارة مشاعر الحنو في نفسه.
أفهمه أن الأمر ليس فيه عصيان له. وليس فيه رضا بموقف عبدة العجل. إنما خشي أن يتركهم ويمضي، فيسأله موسى كيف لم يبق فيهم وقد تركه موسى مسؤولا عنهم، وخشي لو قاومهم بعنف أن يثير بينهم قتالا فيسأله موسى كيف فرق بينهم ولم ينتظر عودته.
أفهم هارون أخاه موسى برفق ولين أن القوم استضعفوه، وكادوا يقتلونه حين قاومهم. رجا منه أن يترك رأسه ولحيته حتى لا يشمت به الأعداء، ويستخف به القوم زيادة على استخفافهم به. أفهمه أنه ليس ظالما مثلهم عندما سكت عن ظلمهم.
أدرك موسى أنه ظلم هارون في غضبه الذي أشعلته غيرته على الله تعالى وحرصه على الحق. أدرك أن هارون تصرف أفضل تصرف ممكن في هذه الظروف. ترك رأسه ولحيته واستغفر الله له ولأخيه. التفت موسى لقومه وتساءل بصوت لم يزل يضطرب غضبا: (يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي).
إنه يعنفهم ويوبخهم ويلفتهم بإشارة سريعة إلى غباء ما عملوه. عاد موسى يقول غاضبا أشد الغضب: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ).
لم تكد الجبال تبتلع أصداء الصوت الغاضب حتى نكس القوم رءوسهم وأدركوا خطأهم. كان افتراؤهم واضحا على الحق الذي جاء به موسى. أبعد كل ما فعله الله تعالى لهم، ينكفئون على عبادة الأصنام؟! أيغيب موسى أربعين يوما ثم يعود ليجدهم يعبدون عجلا من الذهب. أهذا تصرف قوم، عهد الله إليهم بأمانة التوحيد في الأرض؟
التفت موسى إلى السامري بعد حديثه القصير مع هارون. لقد أثبت له هارون براءته كمسئول عن قومه في غيبته، كما سكت القوم ونكسوا رءوسهم أمام ثورة موسى، لم يبق إلا المسئول الأول عن الفتنة. لم يبق إلا السامري.
تحدث موسى إلى السامري وغضبه لم يهدأ بعد: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
إنه يسأله عن قصته، ويريد أن يعرف منه ما الذي حمله على ما صنع. قال السامري: بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ
رأيت جبريل وهو يركب فرسه فلا تضع قدمها على شيء إلا دبت فيه الحياة. فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ
أخذت حفنة من التراب الذي سار عليه جبريل وألقيتها على الذهب. فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي
هذا ما ساقتني نفسي إليه.
لم يناقش موسى، عليه السلام السامري في ادعائه. إنما قذف في وجهه حكم الحق. ليس المهم أن يكون السامري قد رأى جبريل، عليه السلام، فقبض قبضة من أثره. ليس المهم أن يكون خوار العجل بسبب هذا التراب الذي سار عليه فرس جبريل، أو يكون الخوار بسبب ثقب اصطنعه السامري ليخور العجل. المهم في الأمر كله جريمة السامري، وفتنته لقوم موسى، واستغلاله إعجاب القوم الدفين بسادتهم المصريين، وتقليدهم لهم في عبادة الأوثان. هذه هي الجريمة التي حكم فيها موسى عليه السلام: (قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا).
حكم موسى على السامري بالوحدة في الدنيا. يقول بعض المفسرين: إن موسى دعا على السامري بأن لا يمس أحدا، معاقبة له على مسه ما لم يكن ينبغي له مسه.
ونعتقد أن الأمر أخطر كثيرا من هذه النظرة السريعة. إن السامري أراد بفتنته ضلال بني إسرائيل وجمعهم حول عجله الوثني والسيادة عليهم، وقد جاءت عقوبته مساوية لجرمه، لقد حكم عليه بالنبذ والوحدة. هل مرض السامري مرضا جلديا بشعا صار الناس يأنفون من لمسه أو مجرد الاقتراب منه؟ هل جاءه النبذ من خارج جسده؟ لا نعرف ماذا كان من أمر الأسلوب الذي تمت به وحدة السامري ونبذ المجتمع له. كل ما نعرفه أن موسى أوقع عليه عقوبة رهيبة، كان أهون منها القتل، فقد عاش السامري منبوذا محتقرا لا يلمس شيئا ولا يمس أحدا ولا يقترب منه مخلوق. هذه هي عقوبته في الدنيا، ويوم القيامة له عقوبة ثانية، يبهمها السياق لتجيء ظلالها في النفس أخطر وأرعب.
نهض موسى بعد فراغه من السامري إلى العجل الذهب وألقاه في النار. لم يكتف بصهره أمام عيون القوم المبهوتين، وإنما نسفه في البحر نسفا. تحول الإله المعبود أمام عيون المفتونين به إلى رماد يتطاير في البحر. ارتفع صوت موسى: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) هذا هو إلهكم، وليس ذلك الصنم الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
بعد أن نسف موسى الصنم، وفرغ من الجاني الأصلي، التفت إلى قومه، وحكم في القضية كلها فأفهمهم أنهم ظلموا أنفسهم وترك لعبدة العجل مجالا واحدا للتوبة. وكان هذا المجال أن يقتل المطيع من بني إسرائي من عصى.
قال تعالى:
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم (54) (البقرة)
كانت العقوبة التي قررها موسى على عبدة العجل مهولة، وتتفق مع الجرم الأصلي. إن عبادة الأوثان إهدار لحياة العقل وصحوته، وهي الصحوة التي تميز الإنسان عن غيره من البهائم والجمادات، وإزاء هذا الإزهاق لصحوة العقل، تجيء العقوبة إزهاقا لحياة الجسد نفسه، فليس بعد العقل للإنسان حياة يتميز بها. ومن نوع الجرم جاءت العقوبة. جاءت قاسية ثم رحم الله تعالى وتاب. إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم .
أخيرا. سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ. تأمل تعبير القرآن الكريم الذي يصور الغضب في صورة كائن يقود تصرفات موسى، ابتداء من إلقائه لألواح التوراة، وشده للحية أخيه ورأسه. وانتهاء بنسف العجل في البحر، وحكمه بالقتل على من اتخذوه ربا. أخيرا سكت عن موسى الغضب. زايله غضبه في الله، وذلك أرفع أنواع الغضب وأجدرها بالاحترام والتوقير. التفت موسى إلى مهمته الأصلية حين زايله غضبه فتذكر أنه ألقى ألواح التوراة. وعاد موسى يأخذ الألواح ويعاود دعوته إلى الله.

رفع الجبل فوق رؤوس بني إسرائيل:
عاد موسى إلى هدوئه، واستأنف جهاده في الله، وقرأ ألواح التوراة على قومه. أمرهم في البداية أن يأخذوا بأحكامها بقوة وعزم. ومن المدهش أن قومه ساوموه على الحق. قالوا: انشر علينا الألواح فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها. فقال موسى: بل اقبلوها بما فيها. فراجعوا مرارا، فأمر الله تعالى ملائكته فرفعت الجبل على رءوسهم حتى صار كأنه غمامة فوقهم، وقيل لهم: إن لم تقبلوها بما فيها سقط ذلك الجبل عليكم، فقبلوا بذلك، وأمروا بالسجود فسجدوا. وضعوا خدودهم على الأرض وراحوا ينظرون إلى الجبل فوقهم هلعا ورعبا.
وهكذا أثبت قوم موسى أنهم لا يسلمون وجوههم لله إلا إذا لويت أعناقهم بمعجزة حسية باهرة تلقي الرعب في القلوب وتنثني الأقدام نحو سجود قاهر يدفع الخوف إليه دفعا. وهكذا يساق الناس بالعصا الإلهية إلى الإيمان. يقع هذا في ظل غياب الوعي والنضج الكافيين لقيام الاقتناع العقلي. ولعلنا هنا نشير مرة أخرى إلى نفسية قوم موسى، وهي المسئول الأول عن عدم اقتناعهم إلا بالقوة الحسية والمعجزات الباهرة. لقد تربى قوم موسى ونشئوا وسط هوان وذل، أهدرت فيهما إنسانيتهم والتوت فطرته. ولم يعد ممكنا بعد ازدهار الذل في نفوسهم واعتيادهم إياه، لم يعد ممكنا أن يساقوا إلى الخير إلا بالقوة. لقد اعتادوا أن تسيرهم القوة القاهرة لسادتهم القدامى، ولا بد لسيدهم الجديد (وهو الإيمان) من أن يقاسي الأهوال لتسييرهم، وأن يلجأ مضطرا إلى أسلوب القوة لينقذهم من الهلاك. لم تمر جريمة عبادة العجل دون آثار

اختيار سبعين رجلا لميقات الله:
أمر موسى بني إسرائيل أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه. اختار منهم سبعين رجلا، الخيّر فالخيّر، وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم. صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم. خرج موسى بهؤلاء السبعين المختارين لميقات حدده له الله تعالى. دنا موسى من الجبل. وكلم الله تعالى موسى، وسمع السبعون موسى وهو يكلم ربه.

ولعل معجزة كهذه المعجزة تكون الأخير، وتكون كافية لحمل الإيمان إلى القلوب مدى الحياة. غير أن السبعين المختارين لم يكتفوا بما استمعوا إليه من المعجزة. إنما طلبوا رؤية الله تعالى. قالوا سمعنا ونريد أن نرى. قالوا لموسى ببساطة: (يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً).

هي مأساة تثير أشد الدهشة. وهي مأساة تشير إلى صلابة القلوب واستمساكها بالحسيات والماديات. كوفئ الطلب المتعنت بعقوبة صاعقة. أخذتهم رجفة مدمرة صعقت أرواحهم وأجسادهم على الفور. ماتوا.

ــــــــــــــــــــ
وإذا طَلبت مِن الحوائج حاجة
‏فادعُ الإله وأحسِن الأعمالا

‏فَليُعطيَنَّكَ ما أراد بقدرةٍ
‏فهو اللطيف لما أراد فِعالا

‏إنّ العباد وشأنهم وأمورهم
‏بِيَدِ الإلهِ يُقَلِّبُ الأحوالا

‏فَدَعِ العبادَ ولا تكنْ بطِلابِهم
‏لَهِجًا تَضَعضَعُ للعباد سؤالا

🌹
2024/09/28 22:12:22
Back to Top
HTML Embed Code: