في كتاب الفتاوى الهندية العالمكيرية:


وَلَوْ ضَحَّى بِشَاتَيْنِ فَالْأَصَحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ بِهِمَا، فَإِنَّهُ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ لَا بَأْسَ فِي الْأُضْحِيَّةِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي النَّوَازِلِ رَجُلٌ ضَحَّى بِشَاتَيْنِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ لَا تَكُونُ الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ،

وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ: تَكُونُ الْأُضْحِيَّةُ بِهِمَا،

وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ،

رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِالْأُضْحِيَّةِ بِالشَّاةِ
وَالشَّاتَيْنِ،

وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُضَحِّي كُلَّ سُنَّةٍ بِشَاتَيْنِ وَضَحَّى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بِمِائَةِ بَدَنَةٍ» كَذَا فِي الْمُحِيطِ
🪻فائدة على أهل الله عائدة🪻
*حديث ُالنزول ِفي يوم عرفة*
====================
روى ابنُ حبانَ في صحيحِه وغيرُه عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ "*ما من يومٍ أفضلُ عند الله من يومِ عرفة ينزلُ اللهُ إلى السماءِ الدنيا فيُباهي بأهلِ الأرضِ أهلَ السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي شُعثًا غُبرًا ضاحِين، جاؤوا من كلِّ فجٍّ عميقٍ يرجُونَ رحمتي ولم يرَوْا عذابي، فلم يُرَ يومٌ أكثرُ عتقًا من النارِ من يومِ عرفة "*

نقل القاضي عياضٌ والحافظُ النوويُّ والطِّيبيُّ والمازِريُّ والمُلّا عليٌّ القاريّ وغيرُهم في تفسير "*ينزلُ اللهُ إلى السماء الدنيا** معنَيَين:

- *الأولُ* أنّ ءاثارَ رحمتِه وكرامتِه عزّ وجل تدنو من العباد.

- *والثاني* أنه تعالى يأمر الملائكةَ بالدُّنُوِّ إلى الأرض ويُنزِلُ معهم ما يشاءُ من الرحمة.

وعلى التفسيرين فإنه يجبُ تنزيهُ الله عزّ وجلّ عن الحركةِ والسكون والاتصالِ والانفصالِ والقُربِ والبُعدِ بالحسِّ والمسافةِ والتحوّلِ والانتقالِ والزّوالِ والحلولِ {*ليس كمثله شىءٌ وهو السميع البصير*}.

ومن اعتقدَ النزولَ الحسيَّ في حقّ الله أو الحركةَ فقد كذّبَ القرآنَ ومَن كذّبَ القرآنَ خارجٌ من المِلّة.

اللهُ تعالى خالقُ الأحجام فليس حجمًا بالمرة وخالقُ صفاتِ المخلوقات فلا تشبهُ صفاتُه صفاتِ خلقِه البتّة.

والله لا يتغيّرُ لأنّ التغيّرَ أقوى علاماتِ الحدوث.

ومعنى "*فيُباهي بأهلِ الأرض أهلَ السماء*" يُظهرُ للملائكةِ فضلَ بعضِ عبادِه.

وأما قولُه "*شُعثًا غُبرًا ضاحِين*"
فالشُّعثُ جمعُ أشعث وهو مَن تفرّقَ شعَرُ رأسِه مِن عدمِ غسلِه ودهنِه

والغُبرُ: جمعُ أغبَرَ وهو مَن التصقَ الغبارُ بأعضائِه كما هو عادةُ المسافرين على الدّوابّ ومشيًا.

وضاحِينَ جمعُ ضاحٍ وهو البارزُ للشمسِ يصيبُه حرُّها.

والمرادُ أنهم جاؤوا متقَشِّفين مُتذَلّلينَ للهِ تعالى .

اللهم اجعلنا من عتقاء هذه الأيامِ المباركة إنك أنت الغفورُ الرحيم.
========================
https://www.tg-me.com/ahlussonna
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
ونسأل الله أن يفرج عن المسلمين وخاصة أهل غزة وفلسطين المنكوبين..وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال...
🔽 مسألة
هل التكبير الجماعي في الأعياد بدعة ؟

الجواب: لا ، بل الأمر فيه سعة،
والدليل ما يلي:

1️⃣ حديث أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ). رواه البخاري.

2️⃣ قال الإمام البخاري رحمه الله:
"كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتجّ منى تكبيراً، وكنّ النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد".
وفي رواية ابن أبي شيبة: (حتى ترتجّ منى تكبيراً واحدا)
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": قوله "ترتج" أي: تضطرب وتتحرك، وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات".

3️⃣ كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر، يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
[اخرجه البخاري].

قال الإمام الشافعي رحمه الله في "الأم":
"إذا رأوا هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد والأسواق والطرق والمنازل، ومسافرين ومقيمين، في كل حال، وأين كانوا، وأن يظهروا التكبير".
المسلم يعظم المدينة المنورة والمسجد النبوي والروضة الشريفة، والروضة أصبحت الآن داخل المسجد النبوي، ولذا فإن المسجد النبوي الشريف أفضل بقعة على وجه الأرض، بل هو أفضل مكان في الوجود، وذلك لأن المسجد النبوي الآن يحتوي على القبر الشريف الذي يضم الجسد الطاهر للنبي ﷺ، والمكان الذي يضم جسد أعظم المخلوقات هو أفضل الأمكنة على الإطلاق، قال العلماء: إنه أفضل بقاع الأرض حتى المسجد الحرام، وحتى الكعبة المشرفة، وإنه أفضل من السماوات حتى العرش والكرسي، فمن ذلك ما ذكره الإمام السبكي، حيث يقول: «أما المدفن الشريف فلا يشمله حكم المسجد، بل هو أشرف من المسجد، وأشرف من مسجد مكة (يعني بيت الله الحرام) وأشرف من كل البقاع، كما حكى القاضي عياض الإجماع على ذلك، أن الموضع الذي ضم أعضاء النبي ﷺ لا خلاف في كونه أفضل .. ثم قال: ونظم بعضهم :
جزم الجميع بأن خير الأرض ما ... قد أحاط ذات المصطفى وحواها
ونعم لقد صدقوا بساكنها علت ... كالنفس حين زكت زكا مأواها»
[فتاوى السبكي، ج 1 ص 278] والذي قال هذه الأبيات هو محمد بن عبد الله البسكري المغربي.
فهو أفضل البقاع، وهو وثاني مسجد الحرمين الشريفين، اختار موقعه رسول الله ﷺ فور وصوله إلى المدينة مهاجرًا، وشارك في بنائه بيديه الشريفتين مع أصحابه رضوان الله عليهم، وصار مقر قيادته، وقيادة الخلفاء الراشدين من بعده، ومنذ ذلك التاريخ وهو يؤدي رسالته موقعًا متميزًا للعبادة، ومدرسة للعلم والمعرفة ومنطلقًا للدعوة، وظل يتسع ويزداد، ويتبارى الملوك والأمراء والحكام في توسعته وزيادته حتى الآن.
ومن تعظيم المؤمن للأماكن كذلك يعظم المسجد الأقصى، أو القدس الشريف، أو بيت المقدس وهي تلك المساحة التي تضم المسجد الأقصى الحالي ومسجد قبة الصخرة والمدرسة العمرية، وهي نفس المساحة التي يريد اليهود بناء هيكلهم عليها، فهذه مجتمعة هي مساحة المسجد الأقصى، والتي قال تعالى عنها : ﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الإسراء :1].

وهي تلك الأرض المقدسة التي أمر الله اليهود بدخولها في زمن موسى عليه السلام، قال تعالى: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِى كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة :21].

وهو ثاني مسجد وضع في الأرض للناس بعد المسجد الحرام، فعن يزيد التيمي قال : سمعت أبا ذر يقول : «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض ؟ قال : المسجد الحرام. قلت : ثم أي ؟ قال : المسجد الأقصى. قلت : كم بينهما ؟ قال أربعون عاما. ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصل» [رواه البخاري ومسلم]

وكان الإهلال منه بعمرة أفضل من الإهلال من أي مكان آخر، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «من أهل من المسجد الأقصى بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه ابن حبان في صحيحه]

ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا ومسجد الحرام ومسجد الأقصى» [رواه البخاري ومسلم] فيتضاعف أجر الصلاة في هذه المساجد دون غيرها من المساجد، ولذا فلا تقصد مساجد بالسفر رغبة في تضاعف أجر الصلاة فيها إلا هذه المساجد، وليس في هذا الحديث تحرم السفر وشد الرحال لغير المساجد الثلاثة.

أما السفر لزيارة مسجد غير هذه الثلاثة من باب السياحة والتعلم وغير ذلك فهو جائز كمن زار دمشق لزيارة المسجد الأموي مثلا، أو زار القاهرة لزيارة جامعة الأزهر، أو غير ذلك، كما يجوز للإنسان أن يسافر لغير المساجد الثلاثة من طلب العلم وطلب الرزق والسياحة وغير ذلك من أسباب السفر المعروفة.

وقد اتفق العلماء في هذا الفهم وننقل قول الشيخ سليمان بن منصور المشهور (بالجمل) : «(لا تشد الرحال( أي للصلاة فيها فلا ينافي شد الرحال لغيرها... إلى أن قال : قال النووي : ومعناه لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة، ونقله عن جمهور العلماء. وقال العراقي : من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط؛ فإنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة، وأما قصد غير المساجد من الرحلة لطلب العلم وزيارة الصالحين, والإخوان, والتجارة والتنزه ونحو ذلك فليس داخلًا فيه.

وقد ورد ذلك مصرحا به في رواية الإمام أحمد صلي الله عليه وسلم، وابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا : «لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام, والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» وفي رواية : «لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها» ... إلخ قال السبكي : وليس في الأرض بقعة فيها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة.
قال : ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكمًا شرعيًا، وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها، بل لزيارة، أو علم، أو نحو ذلك من المندوبات، أو المباحات، وقد التبس ذلك على بعضهم، فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة كسيدي أحمد البدوي ونحوه داخل في المنع وهو خطأ; لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه ، فمعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد، أو إلى مكان من الأمكنة؛ لأجل ذلك المكان، إلا إلى الثلاثة المذكورة، وشد الرحال لزيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل لمن في المكان فليفهم ا هـ . برماوي» [حاشية الجمل 2/361].

فالمسلم يقدس الأزمان المباركة ورأينا ذلك في شهر رمضان والأشهر الحرام ويوم الجمعة، ويومي عرفة وعاشورا، وغير ذلك من الأزمان، كما أنه يقدس الأماكن المباركة ورأينا ذلك في الكعبة المكرمة ومكة، وفي المدينة المنورة وفي القدس الشريف، وفي المقال القادم نرى تقديس المؤمن للأشخاص المباركة والأشياء المباركة.
قال الإمام البيهقي رحمه الله:

يجب أن يُعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى، ليس باستواء اعتدال عن اعوجاج، ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشيء من خلقه، لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف وبلا أين، بائن من جميع خلقه، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان، وأن مجيئه ليس بحركة، وأن نزوله ليس بنُقلة، وأن نفسه ليس بجسم، وأن وجهه ليس بصورة، وأن يده ليست بجارحة، وأن عينه ليست بحدقة، وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها، ونفينا عنها التكييف، فقد قال: ﴿ليس كمثله شىء﴾، وقال: ﴿ولم يكن له كفوا أحد﴾، وقال: ﴿هل تعلم له سميا﴾
وأما قوله ﷺ: " لا تجعلوا قبري عيدا" .

فالمراد لا تملوا زيارة قبري حتى لا تزوروه إلا في بعض الأوقات كالعيد .. بل أكثروا من زيارتي في سائر الأوقات.

- الملا علي القاري رحمه الله تعالى.
حديث :
*((من زار. قبري وجبت له شفاعتي)).*
رواه ابن خزيمة في صحيحه.
والدارقطني في سننه.
والبيهقي في سننه.
وابن عدي في الكامل.
والدولابي في الكنى والأسماء.
والترمذي الحكيم في نوادر الأصول.
وضعفه بعض العلماء.
و قال الإمام الذهبي:
«طرقها كلها لينة، لكن *يتقوى بعضها ببعض».*
ولذلك *صححه ابن خزيمة.*
ولذلك قال الحافظ الفقيه الإمام السبكي: *«حسن أو صحيح».*
وقال الإمام ابن الملقن: *«إسناده جيد».*
انظر:
التخليص الحبير للحافظ ابن حجر العسقلاني (٢/ ٢٦٧).
المقاصد الحسنة رقم (١١٢٥).
كشف الخفاء رقم (٢٤٨٤).
🌙 *لا تبكوا على الإسلام إذا وليه أهله.*

*ثبت عن أبي أيّوب الأنصاري رضي الله عنه أنّه جاء إلى قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوضع وجهه على قبر النّبيّ، فمرّ مروان بن الحكم فقال: "ماذا تصنع؟" لم يعرفه أنّه هو أبو أيوب الأنصاريّ، أنّ هذا الذي وضع وجهه على قبر النّبيّ، ما عرفه هو. فالتفت أبو أيّوب فقال: "إنّي لم آت الحجر وإنّما أتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، إنّي سمعته يقول: "لا تبكوا على الإسلام إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله"، معنى كلام سيّدنا أبي أيوب الأنصاريّ أنّ قصده بوضع وجهه على قبر النّبيّ هو التبرك بالنبي والشّوق إليه، ليس قصده الحجر لذاته ما قصد الحجر لذاته يقول إنّي لم أقصد الحجر لذاته لكن بل قصدت التبرك بالنّبيّ هذا معنى كلامه، وهذا الذي استنكر هذا لما رءاه واضعًا وجهه على قبر النّبيّ هو مروان بن الحكم الأموي الذي كان أميرًا على المدينة أيّام معاوية وأشار بقوله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تبكوا على الإسلام إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله".*

مسند أحمد (٥/٤٢٢):(عن داود بن أبي صالح ورواه الحاكم(٤/٥٦٠) وقال :هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه
وقال #الذهبي في التلخيص :صحيح
سئل الشهاب ابن حجر رحمه الله تعالى:
هل لمقلد الشافعي رضي الله عنه مثلا أن يقلد غيره بعد العمل وقبله، مع تتبع الرخص أولا، وقد صرح الآمدي وابن الحاجب بامتناعه بعد العمل اتفاقا؟
فأجاب بقوله:
لمقلد غير إمامه أحوال ذكرها الإمام السبكي أخذا من كلامهم.
أحدها: أن يعتقد رجحان مذهب الغير في تلك المسألة فيجوز اتباعا للراجح في ظنه.
الثانية: أن يعتقد رجحان مذهب إمامه، أو لا يعتقد رجحان واحد منهما، فيجوز أيضا سواء قصد الاحتياط لدينه مثلا، كالحيلة إذا قصد بها التخلص من الربا كبيع الجمع بالدراهم، وشراء الخبيث بها، ولا كراهة حينئذ بخلاف الحيلة على غير هذا الوجه فإنها مكروهة.
الثالثة: أن يقصد بتقليده الرخصة فيما دعت حاجته إليه، فيجوز أيضا إلا أن يكون يعتقد رجحان مذهب إمامه وأنه يجب تقليد الأعلم.
الرابعة: أن يقصد مجرد الترخص من غير أن يغلب على ظنه رجحانه فيمتنع كما قاله السبكي. قال: لأنه حينئذ متبع لهواه لا للدين.
الخامسة: أن يكثر فيه ذلك بحيث يصير متتبعا للرخص بأن يأخذ من كل مذهب بالأسهل. منه، فيمتنع أيضا لأنه يشعر بانحلال ربقة التكليف.
السادسة: أن يجتمع من ذلك حقيقة مركبة ممتنعة بالإجماع، فيمتنع، كأن يقلد شافعي مالكا في طهارة الكلب، ويمسح بعض رأسه، لأن صلاته حينئذ لا يقول بها مالك لعدم مسح كل الرأس، ولا الشافعي لنجاسة الكلب، وزعْم الكمال ابن الهمام جواز نحو ذلك = ضعيف وإن برهن عليه.
السابعة: أن يعمل بتقليده الأول ويستمر على آثاره ثم يريد أن يقلد غير إمامه مع بقاء تلك الآثار كحنفي أخذ بشفعة الجوار عملا بمذهبه، ثم تستحق عليه، فيريد العمل بمذهب الشافعي فلا يجوز لتحقق خطئه إما في الأول أو الثاني مع أنه شخص واحد مكلف . ...إلخ.

الفتاوى الحديثية 1/83
اتفق الفقهاء على أن غيبة المبتدع كالحشوية والرافضة والمعتزلة لا إثم فيها فليتنبه ذوو اللبانة إذا ما نسبوا لولي من الأولياء الاحتراز عن الغيبة فقيد الحيثية مراعى أي الاحتراز من غيبة من لا تحل غيبته شرعا..

وغيبَة الرجل سواء كان حَيا وَمَيتًا تُبَاح لغَرَض شَرْعِي لَا يُمكن الْوُصُول إِلَيْهِ إِلَّا بهَا وَهِي سِتَّة :

1 : التظلم فَيجوز للمظلوم أَن يتظلم إِلَى السُّلْطَان وَالْقَاضِي وَغَيرهمَا مِمَّن لَهُ ولَايَة أَو قدرَة على إنصافه من ظلامه فَيَقُول فلَان ظَلَمَنِي كَذَا .
2 : الِاسْتِعَانَة على تَغْيِير الْمُنكر ورد العَاصِي إِلَى الصَّوَاب فَيَقُول لمن يَرْجُو مِنْهُ إِزَالَة الْمُنكر فلَان يفعل كَذَا فأزجره .
3 : الاستفتاء فَيَقُول للمفتي ظَلَمَنِي أبي بِكَذَا فَمَا سَبَب الْخَلَاص مِنْهُ
تحذير الْمُؤمنِينَ من الشَّرّ ونصيحتهم .
4 : جرح الشُّهُود عِنْد القَاضِي وجرح رَوَاهُ الحَدِيث وَهُوَ جَائِز بِالْإِجْمَاع بل وَاجِب للْحَاجة .
5 : إِذا رأى متفقها يتَرَدَّد إِلَى المبتدع أَو فَاسق يَأْخُذ عَنهُ الْعلم وَخَافَ أَن يتَضَرَّر المتفقه بذلك فنصحه بِبَيَان حَاله .
6 : أَن يكون مجاهرا بِفِسْقِهِ أَو بدعته فَيجوز ذكره بِمَا يُجَاهر بِهِ دون غَيره من الْعُيُوب .

بتصرف : الرفع والتكميل في الجرح والتعديل : ص 55 ــ 56 .
🔰 هكذا كانوا يعظّمون أهل العلم

وصف الحافظ ابن كثير دخول قاضي قضاة الشافعية في عصره الإمام تاج الدين السبكي إلى دمشق فقال:
"في يوم الأربعاء التاسع والعشرين من جمادى الأولى قدم من ناحية «الكسوة»، وقد تلقاه جماعة من الأعيان إلى «الصنمين» وما فوقها، فلما وصل إلى «الكسوة» كثر الناس جدا، وقاربها قاضي قضاة الحنفية الشيخ جمال الدين بن السراج، فلما أشرف من «عقبة سجورا» تلقاه خلائق لا يحصون كثرة، وأشعلت الشموع حتى مع النساء، والناس في سرور عظيم، فلما كان قريبا من «الجسورة» تلقته السناجق الخليفتية مع الجوامع، والمؤذنون يكبرون، والناس في سرور كثير، ولما قارب «باب النصر» وقع مطر عظيم، والناس معه لا تسعهم الطرقات، يدعون له، ويفرحون بقدومه، فدخل «دار السعادة»، وسلم على نائب السلطنة، ثم دخل الجامع بعد العصر، ومعه شموع عظيمة، والرؤساء أكثر من العامة".

📕 البداية والنهاية ٧١٢/١٨ .
كان الحشوية يرفعون للإمام الرازي وهو في مجلس وعظه رقاعًا تتضمن شتمه، ولعنه، والطعن في عرضه؛ حتى بلغ من فجورهم في الخصومة أن رفعوا إليه يومًا رقعةً كتبوا فيها أن ابنه يفسق، ويزني، وإن امرأته كذلك.

فما كان منه إلا أن قال: «إن هذه القصة تتضمن أن ابني يفسق، ويزني، وذلك مظنة الشباب؛ فإنه شعبة من الجنون، ونرجو من الله تعالى إصلاحه، والتوبة، وأما امرأتي فهذا شأن النساء إلا من عصمه الله، وأنا شيخ ما في للنساء مستمتع، هذا كله يمكن وقوعه، وأما أنا فوالله لا قلت إن الباري -سبحانه- وتعالى جسم، ولا شبهته بخلقه، ولا حيزته، ولله الحمد أن ابني لا يقول إن الله جسم، ولا يشبه به خلقه، ولا زوجتي تعتقد في ذلك، ولا غلامي؛ فأي الفريقين أوضح سبيلًا؟».


طبقات الشافعية للسبكي
خاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمة من عدة أمور ليس من بينها الشرك .. ما بال أقوام يخافون على الأمة أكثر من نبيها؟
1- أخاف عليكم الدنيا أن تنافسوها...
2- خاف من رجل قرأ القرآن أو بعض العلم وظهرت بهجته عليه ثم رمى الآخرين بالشرك..
3- خاف علينا الشرك الأصغر

قال صلى الله عليه وسلم: (..وإنِّي لَسْتُ أخْشى علَيْكُم أنْ تُشْرِكُوا، ولَكِنِّي أخْشى عَلَيْكُمُ الدُّنْيا أنْ تَنافَسُوها،...). وفي رواية عنده: (..وإنِّي واللَّهِ ما أخافُ علَيْكُم أنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي..) صحيح البخاري (٤٠٤٢)
روى ابن حبان ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2907) ، والبزار (2793) عن حذيفة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ( إنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى إِذَا رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ رِدْئًا لِلْإِسْلَامِ ، غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ، وَسَعَى عَلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ ، وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ ) ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ، الْمَرْمِيُّ أَمِ الرَّامِي؟ قَالَ: ( بَلِ الرَّامِي )" .*●قال ابن كثير رحمه الله :" إِسْنَادٌ جَيِّدٌ " و أخرجه البزار في مسنده بلفظ قريب، والطبراني في الكبير والصغير بنحوه، وابن أبي عاصم في السنة.

(إنَّ أخوفَ ما أخافُ علَيكم الشِّركُ الأصغرُ قالوا: وما الشِّركُ الأصغرُ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الرِّياءُ...) الترغيب والترهيب (١/٥٢) • إسناده جيد.. حتى الألباني وابن عثيمين قلدوا هذا القول بتجويده

وقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [فَوَاللهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ]. رَواهُ البُخاريُّ وغيرُهُ


ومن يبتدع في الخوف في الشرك على الأمة ويتوسع في رمي الأمة فلا وسّع الله عليه لأنه مبتدع يزيد على كلام رسول الل صلى الله عليه وسلم.. وعلى الحريص أن يكون مقتديا بخوف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ولا يزيد.
#سلسلة_المسائل_العلمية:
#المسألة_الخامسة_والأربعون:
حكم فضلات النبي صلى الله عليه وسلم
لله در ابن دقيق العيد حين قال:
أتانا قوم من الأعراب تفقهوا
وليس لهم في الفقه قبل ولا بعد
يقولون هذا عندنا غير جائز
ومن انتم حتى يكون لكم عند

الفقه هو الفهم .. (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين).
دعوى التفقه غير حقيقة الفقه ..
والتفقه بالدين لا يستقرأ الشاذ من المسائل
لقد طهَّر الله تعالى حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم وبرَّأه من جميع الأقذار الحِسّية والمعنوية، ولذا فإن عامة أصحاب المذاهب الأربعة قالوا بطهارة فضلاته صلى الله عليه وسلم، ورجح القاضي عياض في "الشفا" الاستدلال على طهارتها، وذكَر الخطيب الشربيني أنه المعتمد في مذهب الشافعية،
تعالوا لنستقرأ الأقوال المعتمدة التي استقر عليها الفقهاء في المذاهب الأربعة بخصوص طهارة دمه صلي الله عليه وسلم :

(1) السادة المالكية، قالوا: "الأنبياء - عليهم الصلاة - والسلام أجسادهم، بل جميع فضلاتهم طاهرة اتفاقا حتى بالنسبة لهم؛ لأن الطهارة متى ثبتت لذاتٍ فهي مُطلقةٌ واستنجاؤهم تنزيهٌ وتشريعٌ"
(الدسوقي على الشرح الكبير 54/1)

(2) السادة الأحناف، قالوا: "فضلاته عليه الصلاة والسلام طاهرة كما جزم به البغوي وغيره وهو المُعتمد".
(الفتاوى الحامدية /لابن عابدين 331/2)

(3) السادة الحنابلة، قالوا: "والنجس مِنَّا طاهرٌ منهُ صلى الله عليه وسلم". (البهوتي/كشف القناع 31/5).

(4) السادة الشافعية، قالوا: "الفضلات من النبي صلى الله عليه وسلم طاهرةٌ كما جزم به البغويُّ وغيره، وصححه القاضي وغيره، وهو المعتمد". (الاقناع / الشربيني 1/ 314).
وقال الرملي في النهاية:
"جزم البغوي وغيره بطهارتها وصححه القاضي وغيره ونقله العمراني عن الخراسانيين وصححه السبكي والبارزي والزركشي وقال ابن الرفعة إنه الذي اعتقده وألقى الله به وقال البلقيني إن به الفتوى". (نهاية المحتاج/الرملي 1/242).
وهذا قول شيخ الإسلام زكريا الانصاري في أسنى المطالب 3/ 106).

انتهى الأمر أن المعتمد عند الشافعية الطهارة ولا يصح نقل ما قيل قبل الإستقرار على المعتمد المعول عليه..

فقد جاء في الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي ج٤ ص١١٧

ﺳﺌﻞ) ﻫﻞ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻓﻀﻼﺗﻪ – ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻛﻐﻴﺮﻩ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻭﺻﺤﺤﻪ اﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﺃﻡ ﻻ؟

(ﻓﺄﺟﺎﺏ) ﺑﺄﻥ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻃﻬﺎﺭﺗﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺟﺰﻡ ﺑﻪ اﻟﺒﻐﻮﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻭﺻﺤﺤﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﺴﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻭﻧﻘﻠﻪ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﺨﺮاﺳﺎﻧﻴﻴﻦ ﻭﺻﺤﺤﻪ اﻟﺒﺎﺭﺯﻱ ﻭاﻟﺴﺒﻜﻲ ﻭاﻟﺸﻴﺦ ﻧﺠﻢ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻔﺮاﻳﻴﻨﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ اﻟﺒﻠﻘﻴﻨﻲ: ﻭﺑﻪ اﻟﻔﺘﻮﻯ، ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﺮﻓﻌﺔ: ﺇﻧﻪ اﻟﺬﻱ ﺃﻋﺘﻘﺪﻩ ﻭﺃﻟﻘﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻗﺎﻝ اﻟﺰﺭﻛﺸﻲ: ﻭﻛﺬا ﺃﻗﻮﻝ ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻃﺮﺩﻩ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻧﺒﻴﺎء.
وأيضًا صرح بذلك السبكي وقال بأنه المعتمد عند الشافعية وكذا الرملي.. فلما التدليس!

وقال الهيتمي:
[ وَاخْتَارَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَمُتَأَخِّرُونَ طَهَارَةَ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَطَالُوا فِيهِ
قال المحشي
(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ جَمْعٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وِفَاقًا لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَخِلَافًا لِلشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدِ النَّظَافَةِ...
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: تَكَاثَرَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ (أي على طهارة فضلاته عليه الصلاة والسلام)، وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ فِي خَصَائِصِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ انْتَهَى.

وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ (شهاب الدين الرملي)- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الاستحباب ومزيد النظافة. ..انتهى.
وفي العقود الدرية لابن عابدين:
... لِأَنَّ ‌فَضَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام ‌طَاهِرَةٌ ‌كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ شَرِبَتْ بَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَنْ يَلِجَ النَّارَ بَطْنُكِ صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ دَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَاهِرٌ لِأَنَّ أَبَا طَيْبَةَ شَرِبَهُ وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ غُلَامٌ حِينَ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَمَ حِجَامَتِهِ لِيَدْفِنَهُ فَشَرِبَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ خَالَطَ دَمُهُ دَمِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحَةِ وَذَكَرَهَا فُقَهَاؤُنَا وَتَبِعَهُمْ الشَّافِعِيَّةُ كَالشِّرْبِينِيِّ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ وَفُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فَكَانَتْ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَحَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ فَضَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام تُنْجِي مِنْ النَّارِ فَكَيْفَ مَنْ رُبِّيَ مِنْ دَمِهَا وَلَحْمِهَا وَرُبِّيَ فِي بَطْنِهَا وَمَنْ كَانَ أَصْلُ خِلْقَتِهِ الشَّرِيفَةِ مِنْهُ يَدْخُلُ النَّارَ هَذَا مَا جَرَى بِهِ لِسَانُ الْقَلَمِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
ابن عابدين في العقود الدرية
وفي حاشية البيجوري:
"... ويستثنى من ذلك (أي النجاسات): فضلاته ﷺ فهي طاهرة على المعتمد ولأن بركة الحبشية شربت بوله ﷺ فقال لها: "لن تلج النار بطنك". صححه الدارقطني
ولأن أبا طيبة ابن الزبير شرب دمعه ﷺ وهو غلام، حين أعطاه النبي ﷺ دم حجامته ليدفنه فشربه، فقال له ﷺ:" من خالط دمه دمي لم تمسه النار ".
حاشية الإمام البيجوري الشافعي على ابن قاسم.
قال العلامة الحجّاوي" والنجسُ منا طاهرٌ منه صلى الله عليه وسلم "، وهو المعتمد أيضا في مذهب الحنفية؛ فقد شربَ بعضُ الصحابة - رضي الله عنهم- من بوله، واستنجاؤه وتطهُّره - صلى الله عليه وسلم- من الخارج من السبيلين لا يدل بالقطع على نجاسة الخارج؛ لاحتمال التعليم، ولأنه ليس كل ما غُسل موضعه من الجسم أو نُظِّف فهو نجس، فالمُخاط يُزال ويُغسل أثره وهو طاهر، وتُغسل الأيدي بعد الطعام، وتُنظَّف الأسنان بالسواك وما عليها ليس نجسًا.
ومن مُستتبَعات ذلك أن الذُّباب كان لا يقع على جسمه الشريف ولا على شيء من ثيابه، كما نصَّ عليه أصحاب الشمائل، ورووا فيه بعض الآثار. منها:

مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن الأبجر، وهو أبو سعيد الخدري، وهو من كبار الصحابة، شرب دم النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ومصِّه إياه، وتسويغه صلى الله عليه وسلم ذلك له وقوله له: «لن تصيبه النار» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من مس دمه دمي لم يخالطه ذنب، وقتل رضي الله عنه شهيدا في هذه الغزوة. رواه الطبراني في معجمه الأوسط عن أبي سعيد الخدري، ورواه البيهقي عن عمر بن السائب.. وشرب عبد الله بن الزبير دم حجامته، فقال له عليه السلام: «ويل لك من الناس، وويل لهم منك» ولم ينكر عليه؛ رواه الحاكم والبزار، والدارقطني والبيهقي والبغوي، والطبراني وسنده جيد، والعجب من ابن الصلاح أنه قال: هذا حديث لم أجد له أصلا بالكلية وهو في هذه الأصول وقد روي نحو من هذا عنه في امرأة شربت بوله، فقال لها: «لن تشتكي وجع بطنك أبدا.» والحديث رواه الحاكم وأقره الذهبي والدارقطني
- ولم يأمر واحدا منهم بغسل فم، ولا نهاه عن عود.
وحديث هذه المرأة، التي شربت بوله صحيح، ألزم الدارقطني مسلما، والبخاري، إخراجه في الصحيح، واسم هذه المرأة «بركة» «4» ، واختلف في نسبها، وقيل: هي أم أيمن وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم. ...ملخصاً بتصرف من الشفا بتعريف حقوق المصطفى(1/ 157)
وهذه الأحوال وإن لم تتكرر كثيراً إلا أن لها دلالة واضحة على ما قدّمناه، وفيها ما يتوافق مع جمال وجلال المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو ما جعل أصحاب الشمائل وأكثر العلماء والفقهاء يميلون إلى القول بالطهارة لأنه يتناسب مع الكمال النبوي الذي خصّ الله به الحبيب صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيراً.

https://www.tg-me.com/ahlussonna
قال الإمام تقي الدين السبكي:

الله مستغاثٌ والغوثُ منه خَلقاً وإيجاداً
والنبي ﷺ مستغاثٌ والغوثُ منه تسبُّباً وكَسباً

[شفاء السقام]
ما معتمد المذهب الشافعي في مسألة دمِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وفضلاته؟

————

قال شهاب الدين الرملي رضي الله عنه في شرح المنهاج:
"وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَجَاسَةَ الْفَضَلَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ وَحَمَلَ الْقَائِلُ بِذَلِكَ الْأَخْبَارَ الَّتِي يَدُلُّ ظَاهِرُهَا لِلطَّهَارَةِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُرْبَ أُمِّ أَيْمَنَ بَوْلَهُ عَلَى التَّدَاوِي.
لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ.

وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ بِهِ الْفَتْوَى، وَصَحَّحَهُ الْقَايَاتِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ،

وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: تَكَاثَرَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ فِي خَصَائِصِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ انْتَهَى.
وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدِ النَّظَافَةِ."

فتأمل قول الحافظ ابن حجر: "فلا يلتفت إلى خلافه وإن وقع في كتب كثير من الشافعية، فقد استقر الأمر من أئمتهم على القول بالطهارة"
وقول الشهاب الرملي: "وهو المعتمد"

وقد نصّ الشبراملسي في حاشيته على أن معتمد المذهب الشافعي طهارة ذلك من جميع الأنبياء كما ذهب إليه الزركشي.

ثم اقرأ نصّ الخطيب الشربيني على المعتمد أيضًا، يقول:
"فَائِدَة هَذِه الفضلات من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاهِرَة كَمَا جزم بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيره وَصَححهُ القَاضِي وَغَيره ((وَهُوَ الْمُعْتَمد)) خلافًا لما فِي الشَّرْح الصَّغِير وَالتَّحْقِيق أَنَّهَا لَيست من النَّجَاسَة لِأَن بركَة الحبشية شربت بَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لن تلج النَّار بَطْنك صَححهُ الدَّارَقُطْنِيّ
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر التِّرْمِذِيّ دم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاهِر لِأَن أَبَا طيبَة شربه وَفعل مثل ذَلِك ابْن الزبير وَهُوَ غُلَام حِين أعطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دم حجامته ليدفنه فشربه فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خالط دَمه دمي لم تمسه النَّار"

ثم اقرأ نصّ الإمام الباجوري على المعتمد أيضًا، يقول:
"ويستثنى من ذلك (أي من النجاسات): فضلاته ﷺ فهي طاهرة على ((المعتمد))
ولأن بركة الحبشية شربت بوله ﷺ فقال لها: "لن تلج النار بطنك".(صححه الدارقطني)
ولأن أبا طيبة وابن الزبير (وهو غلام) شربا دمه ﷺ ، حين أعطاه النبي ﷺ دم حجامته ليدفنه فشربه، فقال له ﷺ:" من خالط دمه دمي لم تمسه النار".

وهؤلاء جميعًا جاؤوا بعد الإمام النووي، وقرأوا كلامه، لكنهم نصوا نصًّا على أن معتمد المذهب الشافعي والذي عليه الفتوى على خلاف ما نسبه النووي للجمهور.

ولسنا نقول: إن ما قاله الجمهور الذين تحدّث عنهم النووي رضي الله عنه سوء أدب منهم، معاذ الله، بل من قال هذا مخطئ وهو الذي ينبغي أن يرمى بسوء الأدب مع ورثة النبي صلى الله عليه وسلم.

لكننا نقول إن محل مثل هذا الكلام: مجالس العلم، في كتاب الطهارة.
حيث السامع إما عالم وإما طالب علم، كل واحدٍ منهم يعرف سياق الكلام، ويعرف كمال الأدب مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، وكيف يعبّر وكيف يختار ألفاظه، فهو بين أجر وأجرين.

أما نزع هذا الكلام من سياقه ورميه على ملايين العوام بل على غير المسلمين من الملحدين وغيرهم، لنقول بغير سياق ولا مناسبة ولا فائدة: إن دم النبي صلى الله عليه وسلم كذا كذا!!
ثم جعل هذا عادة مستمرة يصبحنا ويمسينا بها بعض السفهاء، فكلّما شعر بالملل استخرج مثل هذا الكلام ونشره على الملايين؛
فهذا هو سوء الأدب البالغ، وهو أذى للنبي صلى الله عليه وسلم، وكل من كان في قلبه أدنى تعظيم وحياء من حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرضى برمي الكلام في مثل هذا السياق، فليس كل ما يعرف يقال، ولا في كل مقام يحسن المقال.

وفاعل هذه القبائح يريد أن يخلط بين المقامين ليوهم الناس أننا نتهم علماء المسلمين بسوء الأدب عياذًا بالله، وليخفي سوء أدبه هو خلف ذلك، وإني لأقطع بأن واحدًا من هؤلاء العلماء مهما كان رأيه في المسألة لو رأى طريقته في تناولها وفتح الباب للتعليقات القبيحة من كلّ من هبّ ودبّ -حتى أن في التعليقات ملاحدة يضعون كوميكس على سيدنا أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم- لأفتى بتعزيره تعزيرًا شديدًا.
2024/06/26 17:48:50
Back to Top
HTML Embed Code: