Telegram Web Link
أرواح المؤمنين (ابن قيم الجوزية)
-------------------------------------------
"وقد تواترت الرؤيا من أصناف بني آدم على فعل الأرواح بعد موتها ما لا تقدر على مثله حال اتصالها بالبدن، مِن هز.يمة الجيو.ش الكثيرة بالواحد والاثنين والعدد القليل ونحو ذلك. وكم قد رُئِيَ النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر في النوم قد هَزَ.مت أرواحهم عسا.كر الك.فر والظلم، فإذ بجيو.شهم مغلوبة مكسورة، مع كثرة عَدَدهم وعُدَدهم، وضعف المؤمنين وقلتهم".
...
[الروح]، ابن قيم الجوزية.
لولا الأئمة : مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد.. رحمهم الله تعالى لما وصل إلينا فقه الصحابة رضي الله عنهم وفهمهم عن سيدنا رسول الله ﷺ.

والعلماء المحققون على أن مذاهب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لم تدوّن ولم تضبط بمنهج مستقل ، كما فعل أصحاب المذاهب الأربعة.

وإنما هي نقولات واختلافات معتبرة في الفهم ، ضبطها الأئمة بمناهج معتبرة لا ينكرها إلا معاند.

فلزوم أحد المذاهب الأربعة ، هو لزوم لمذهب السلف الصالح من خير القرون ، واستناد متين في الدين بضبط الأربعة المجتهدين الكمّل.

ومن ادعى أنه يستقي من الكتاب والسنة شيئاً لم يقرروه عندهم فدعواه باطلة.. ونظره قاصر.. ولم يقرأ.. إنما ينقل الإنكار عليهم دون تحقق ولا دراية.

منقول
فضيلة مجالس الذكر:

قال رسول الله ﷺ : «ما جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِساً يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ حَفَّتْ بِهِمُ المَلائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ عِنْدَهُ» .

وقال ﷺ: «ما مِنْ قَوْمٍ اجْتَمَعُوا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى لا يُرِيدُونَ بِذلِكَ إِلاَّ وَجْهَهُ إِلاَّ نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: قُومُوا مَغْفُوراً لَكُمْ قَدْ بُدِّلِتْ لَكُمْ سَيِّئَاتُكُمْ حَسَناتٍ» .

وقال أيضاً ﷺ : «ما قَعَدَ قَوْمٌ مَقْعَداً لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى النَّبِـيِّ إِلاَّ كَانَ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً يَوْمَ القِيَامَةِ» .

وقال داود عليه السلام: «إلهي إذا رأيتني أجاوز مجالس الذاكرين إلى مجالس الغافلين فاكسر رجلي دونهم فإنها نعمة تنعم بها عليَّ».

وقال ﷺ: «المَجْلِسُ الصَّالِحُ يُكَفِّرُ عَنِ المُؤْمِنِ أَلْفَيْ أَلْفِ مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ السُّوءِ» .

وقال أبو هريرة رضي الله عنه: إن أهل السماء ليتراءون بـيوت أهل الأرض التي يذكر فيها اسم الله تعالى كما تتراءى النجوم.

وقال سفيان بن عيـينة رحمه الله: إذا اجتمع قوم يذكرون الله تعالى اعتزل الشيطان والدنيا فيقول الشيطان للدنيا: ألا ترين ما يصنعون؟ فتقول الدنيا: دعهم فإنهم إذا تفرّقوا أخذت بأعناقهم إليك.

وعن أبـي هريرة رضي الله عنه أنه دخل السوق وقال: أراكم ههنا وميراث رسول الله ﷺ يقسم في المسجد؟ فذهب الناس إلى المسجد وتركوا السوق فلم يروا ميراثاً، فقالوا: يا أبا هريرة ما رأينا ميراثاً يقسم في المسجد؟ قال: فماذا رأيتم؟ قالوا: رأينا قوماً يذكرون الله عز وجل ويقرؤون القرآن، قال: فذلك ميراث رسول الله ﷺ .

وروى الأعمش، عن أبـي صالح، عن أبـي هريرة وأبـي سعيد الخدري عنه ﷺ أنه قال: «إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ فَضْلاً عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْماً يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا بُغْيَتَكُمْ فَيَجِيئُونَ فَيَحُفُّونَ بِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ فَيَقُولِ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَيُّ شَيْءٍ تَرَكْتُمْ عِبَادِي يَصْنَعُونَهُ؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ يَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ وَيُسَبِّحُونَكَ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَهَلْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لا. فَيَقُولُ جَلَّ جَلالُهُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي. فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدَّ تَسْبِـيحاً وَتَحْمِيداً وَتَمْجِيداً. فَيَقُولُ لَهُمْ: مِنْ أَيِّ شَيْءٍ يَتَعَوَّذُونَ؟ فَيَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ. فَيَقُولُ تَعَالَى: وَهَلْ رَأَوْها؟ فَيَقُولُونَ: لا. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْها. فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْها لَكَانُوا أَشَدَّ هَرَباً مِنْها وَأَشَدَّ نُفُوراً. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَيَّ شَيْءٍ يَطْلُبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: الجَنَّةَ. فَيَقُولُ تَعَالَى: وَهَلْ رَأَوْها؟ فَيَقُولُونَ: لا. فَيَقُولُ تَعَالَى: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْها. فَيَقُولُونَ: لَو رَأَوْها لَكَانُوا أَشَدَّ عَلَيْها حِرْصاً. فَيَقُولُ جَلَّ جَلالُهُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. فَيَقُولُونَ: كَانَ فِيهِمْ فُلانٌ لَمْ يُرِدْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: هُمُ القَوْمُ لا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ» .

https://www.tg-me.com/ahlussonna
لقد نظرتُ -بفضل الله تعالى- في أسانيد القرآن والحديث وعلوم الشريعة، فرأيتُ أسانيد المشارقة والمغاربةِ ، ونظرتُ في نُسخ الإجازات ؛ فرأيتُ مثلا في سند القرآن بأنّ مردَّ أسانيد المشارقة يرجع إلى الإمام إبراهيم العبيدي المالكي الأشعري الأحمدي الذي كان شيخ قرّاء الديار المصرية في القرن ١٨م ، ومردَّ أسانيد المغاربة يرجع إلى الإمام ابن عاشر الفاسي المالكي الأشعري الذي كتب نظماً في قواعد الإسلام الخمس ومبادئ التصوف وسماه : "المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" .

- ثمّ نظرتُ في كتب أشرف العلوم الدينية ؛ فإذا هي لم تتصل بنا إلا من طرق السادة الأشاعرة والماتريدية وكُتبهم ومصنّفاتهم ، وإليكَ بيان ذلك :

- فمنهم الطبراني ، والسمرقندي ، والثعلبي ، والثعالبي ، ومكّي ، والماوردي ، والقشيري ، والنيسابوري ، وابن العربي ، وابن عطية ، وابن الجوزي ، والفخر الرازي ، والقرطبي ، والبيضاوي ، والنسفي ، والخازن ، وأبو حيان ، والسمين الحلبي ، والزركشي ، وابن عرفة ، وجلال الدين المحلي ، والسيوطي ، وابن عادل الحنبلي ، والبقاعي ، وأبو السعود أفندي ، والخطيب الشربيني ، وابن عجيبة ، والمراغي ، والمارغني ، وابن عاشور ، وابن عاشر ، وابن حبان ، والدارقطني ، والبيقهي ، وابن عساكر ، وأبو نعيم الأصبهاني ، وأبو ذر الهروي ، والعز بن عبد السلام ، والمزّي ، وابن الصلاح ، والقاضي عياض ، والكرماني ، وابن بطال ، وابن حجر العسقلاني ، والقسطلاني ، والنووي ، والهيثمي ، وابن جماعة ، والعراقي ، والعييني ، وابن فورك ، وابن دقيق العيد ، والزيلعي ، والسخاوي ، ومرتضى الزبيدي ، وابن النجار ، والتفتزاني ، والجرجاني ، والكمال بن الهمام ، والخفاجي ، والكاساني ، وابن عابدين ، والرملي ، واللكنوي ، والدهلوي ، والباقلاني ، والباجي ، وابن الحاجب ، وابن عرفة ، وابن بطال ، وابن جزي ، وابن عطية ، وابن آجروم ، وابن سيده ، والقرافي ، والنفراوي ، والشاطبي ، وأحمد الصاوي ، وأحمد الدردير ، وابن مخلوف ، ومحمد بن علي السنوسي ، ويوسف الدجوي ، ومحمد عليش ، وابن شهبة ، وابن علان ، وابن العطار ، وابن النقيب ، وابن الرفعة ، وتقي الدين السبكي ، وتاج الدين السبكي ، وسراج الدين البلقيني ، وجلال الدين البلقيني ، وأبو حامد الغزالي ، والشهرستاني ، وأحمد المقري التلمساني ، وياقوت الحموي ، وابن الحاجب ، وابن الأثير ، وابن الأنباري ، وابن فارس ، وابن منظور ، وابن مالك ، وابن عقيل ، وابن هشام الأنصاري .

- وغيرهم كثير جداً ، ولم أقصد الاستقصاء ، لكن هؤلاء الذين يعوّل عليهم جميع طلبة العلمِ الشرعي في المَشرق والمغرب قاطبةً ، لا يجهلُ ذلكَ إلا عامّي لا يدري ما يقولُ ، أو مجادل أحمق ، فكيف يُعتقَد بضلالهم أو خطئهم جميعاً ولم يحفظِ اللهُ الإسلام إلا بهم ؟

- فإن قيل ( والقائلُ صبيٌّ متحمّسٌ أحمق لم يمرّ على أسماءِ من ذُكر ولم يستطع تهجيتها فضلاً عن معرفة أعيانها ) : الحقُّ لا يُعرَف بالرجال ! فنقول : فيمَ علمتَ الحقَّ ؟ فإن قال : باعتقادِ أئمة المذاهبِ الأربعة له ، وسفيان الثوري ، وابن عيينة ، وجماعة ! فنقول : قد وقعتَ فيما حاولتَ الفرارَ منه ، وعرَّفتَ بما نَهيتَ عنه ، فنسألُ الله العافيةَ ، وبالله التوفيق .
من خصائصه ﷺ أنّه يخُصُّ من شاء بما شاء:
عَنْ سَيِّدِنَا رَبِيْعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَميِّ رضي الله عنه قال: كُنْتُ أَبِيْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ فأَتَيْتُه بوَضُوْئِه، وحَاجَتِه فقالَ لِيْ: «سَلْ»، فقُلْتُ: أسْأَلُكَ مُرَافَقتَكَ فِيْ الجنَّةِ قال: «أَوْ غَيْرَ ذَلِك؟» قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ، قال: «فَأَعِنِّيْ عَلَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُوْد» "صحيح مسلم"، كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، ص 199، (1094).
قال العلامة الملا علي القاري رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث: وَيُؤْخَذُ من إطلاقه عليه السلام الأمرَ بالسؤال أنّ الله تعالى مكّنه من إعطاء كلّ ما أراد من خزائن الحقّ، ومن ثمّ عدّ أئمّتنا من خصائصه عليه السلام أنّه يخُصُّ من شاء بما شاء، كجَعلِه شهادةَ سيدنا خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله تعالى عنه بشهادتين،رواه البخاري . وكترخيصه في النياحة لأمّ عطية رضي الله تعالى عنها في آل فلان خاصّة، رواه مسلم. قَالَ الإمام النَّوَوِيّ رحمه الله تعالى: للشارع أنْ يَخُصَّ من العموم ما شاء، وبالتضحية بالعناق لسيدنا أبي بردة بن نِيَارٍ رضي الله تعالى عنه وغيرِه، وذكر ابْنُ سَبْعٍ رحمه الله تعالى في خصائصه ﷺ وغيرُهُ أنَّ الله تعالى أقطعه أرض الجنّة يعطي منها ما شاء لمن يشاء. "مرقاة المفاتيح"، كتاب الصلاة، باب السجود وفضله، ٢/٦١٥.
يقول الإمام البُوْصيري رحمه الله تعالى:
فإنَّ مِنْ جُوْدِكَ الدُّنْيا وضَرَّتَها
ومِنْ عُلُوْمِكَ عِلْمَ اللَّوْح والقلم
توسل النبي ﷺ بذاته الشريفة وبإخوانه النبيين صلى الله عليهم:

لما ماتت فاطمة بنت أسد أم علي رضي الله عنهما دخل عليها رسول الله ... الحديث، وفي آخره:
فلما فرغ من دخل رسول الله -قبرها- فاضطجع فيه وقال: «الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ولقنها حجتها، ووسع عليها مدخلها، [بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي] فإنك أرحم الراحمين»

📚 الطبراني في الكبير (٣٥١/٢٤) والأوسط (٧٦/١)
الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 280)
(...وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، هُوَ أَنَّهُ مُمَاسٌّ لَهُ، أَوْ مُتَمَكِّنٌ فِيهِ، أَوْ مُتَحَيِّزٌ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهِ، لَكِنَّهُ بَائِنٌ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ جَاءَ بِهِ التَّوْقِيفُ فَقُلْنَا بِهِ، وَنَفَيْنَا عَنْهُ التَّكْيِيفَ، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "


الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 308)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: هَذِهِ نُسْخَةُ الْكِتَابِ الَّذِي أَمْلَاهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ فِي مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِيمَا جَرَى بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَذَكَرَهَا وَذَكَرَ فِيهَا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] بِلَا كَيْفٍ، وَالْآثَارُ عَنِ السَّلَفِ فِي مِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ" وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقِ يَدُلُّ مُذْهِبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِلَيْهَا ذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَجَلِيُّ. وَمِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ. وَذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَعَلَ فِي الْعَرْشِ فِعْلًا سَمَّاهُ اسْتِوَاءً، كَمَا فَعَلَ فِي غَيْرِهِ فِعْلًا سَمَّاهُ رِزْقًا أَوْ نِعْمَةً أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَفْعَالِهِ. ثُمَّ لَمْ يُكَيِّفِ الِاسْتِوَاءَ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ لِقَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي، وَالتَّرَاخِي إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ، وَأَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى تُوجَدُ بِلَا مُبَاشَرَةٍ مِنْهُ إِيَّاهَا وَلَا حَرَكَةٍ. وَذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِي آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَالٍ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ: الِاعْتِلَاءُ، كَمَا يَقُولُ: اسْتَوَيْتُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ، وَاسْتَوَيْتُ عَلَى السَّطْحِ. بِمَعْنَى عَلَوْتُهُ، وَاسْتَوَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِي، وَاسْتَوَى الطَّيْرُ عَلَى قِمَّةِ رَأْسِي، بِمَعْنَى عَلَا فِي الْجَوِّ، فَوُجِدَ فَوْقَ رَأَسِي. وَالْقَدِيمُ سُبْحَانَهُ عَالٍ عَلَى عَرْشِهِ لَا قَاعِدٌ وَلَا قَائِمٌ وَلَا مُمَاسٌّ وَلَا مُبَايَنٌ عَنِ الْعَرْشِ، يُرِيدُ بِهِ: مُبَايَنَةَ الذَّاتِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الِاعْتِزَالِ أَوِ التَّبَاعُدِ، لِأَنَّ الْمُمَاسَّةَ وَالْمُبَايَنَةَ الَّتِي هِيَ ضِدُّهَا، وَالْقِيَامُ وَالْقُعُودُ مِنْ أَوْصَافِ الْأَجْسَامِ، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ [ص:309] يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى الْأَجْسَامِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ قَالَ: اسْتَوَى بِمَعْنَى: عَلَا، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ عُلُوًّا بِالْمَسَافَةِ وَالتَّحَيُّزِ وَالْكَوْنِ فِي مَكَانٍ مُتَمَكِّنًا فِيهِ، وَلَكِنْ يُرِيدُ مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] أَيْ: مَنْ فَوْقَهَا عَلَى مَعْنَى نَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَحْوِيهِ طَبَقٌ أَوْ يُحِيطُ بِهِ قُطْرٌ، وَوُصِفَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِذَلِكَ بِطَرِيقَةِ الْخَبَرِ، فَلَا نَتَعَدَّى مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ.
قُلْتُ: وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَكَلِمَةُ ثُمَّ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَوى عَلَيْهِ، لَا بِالِاسْتِوَاءِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: {ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} [يونس: 46] يَعْنِي: ثُمَّ يَكُونُ عَمَلُهُمْ فَيَشْهَدُهُ، وَقَدْ أَشَارَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ إِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ حِكَايَةً، فَقَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّهُ صِفَةُ ذَاتٍ، وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَزَلْ مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ، كَمَا أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ قَدْ حَدَثَتْ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِأَنْ قَدْ حَدَثَتْ، وَلَمَّا حَدَثَتْ بَعْدُ، قَالَ: وَجَوَابِي هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ وَأَنَّهُ فَوْقَ الْأَشْيَاءَ بَائِنٌ مِنْهَا، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَحُلُّهُ وَلَا يَحُلُّهَا، وَلَا يَمَسُّهَا وَلَا يُشْبِهُهَا، وَلَيْسَتِ الْبَيْنُونَةُ بِالْعُزْلَةِ تَعَالَى اللَّهُ رَبُّنَا عَنِ الْحُلُولِ وَالْمُمَاسَّةِ عُلُوًّا كَبِيرًا. قَالَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إِنَّ الِاسْتِوَاءَ صِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَنْفِي الِاعْوِجَاجَ عَنْهُ، وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورِ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الِاسْتِوَاءَ هُوَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرَّحْمَنَ غَلَبَ الْعَرْشَ وَقَهَرَهُ، وَفَائِدَتُهُ الْإِخْبَارُ عَنْ قَهْرِهِ مَمْلُوكَاتِهِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَقْهَرْهُ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْعَرْشَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ الْمَمْلُوكَاتِ، فَنَبَّهَ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى، قَالَ: وَالِاسْتِوَاءُ بِمَعْنَى الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ، كَمَا يُقَالُ: اسْتَوَى فُلَانٌ عَلَى النَّاحِيَةِ إِذَا غَلَبَ أَهْلَهَا، وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ:
قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ
[ص:310] يُرِيدُ: أَنَّهُ غَلَبَ أَهْلَهُ مِنْ غَيْرِ مُحَارَبَةٍ. قَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى الِاسْتِيلَاءِ، لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ غَلَبَةٌ مَعَ تَوَقُّعِ ضَعْفٍ، قَالَ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] وَالِاسْتِوَاءُ إِلَى السَّمَاءِ هُوَ الْقَصْدُ إِلَى خَلْقِ السَّمَاءِ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ إِلَى السَّمَاءِ اسْتِوَاءً جَازَ أَنْ تَكُونَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتِوَاءً.
ما أجمل قول ابن عساكر عن الإمام الأشعري:
( عقد الأشعري على السنة نطاقًا وتمسَّك به)


أين كان الإشاعرة قبل الأشاعرة؟
قال الإمام أبي السعود محمد بن صالح السباعي:
وأبو الحسن مالكي المذهب، وقيل: شافعي، والصحيح الأول، وأهل السنة ينتسبون إليه يكنون بالأشاعرة والأشعرية وكانوا قبل ظهوره يلقبون بالمثبته؛ لانهم أثبتوا ما نفته المعتزلة.

- وهذا كسؤالِ من سأل : ماذا كانت عقيدة الناس قبل المذاهب الأربعة !؟
أو ماذا كان يقرأ الناس قبل رش وحفص وعاصم وابن كثير..؟
- فإن قيل : كانوا على مذاهب من سبقهم من الصحابة والتابعين . أو قيل في القراءة كانوا على قراءة من قبلهم ثم صار لها قواعد باسم القراء..
- فنقول : وكذا في الاعتقاد ، إذ ليست الأشعرية ببدعٍ من الاعتقاد ، ولم يستحدث الأشاعرة عقيدة ، وإنما استحدثوا ألفاظاً للتعبير عما كان عليه الصحابة والتابعين في سبيل مواجهة الفلاسفة ، ولم تكن غاية لنفسها ، وإذا ثبت أنه لا مشاحة في الاصطلاح ؛ فلا إشكال .

فالأَشعريُّ لم يحِد عمن سلَف
وإنما بسَّطَ مذهب السّلف

يبني أصوله على الذكر الحكيم
والسنة الغرّاء والعقل السليم
فنِسبة المذهب قد كانت إليه
لنصب حجة وبرهان عليه

إذْ لم يزل يناضل المبتدعة
بالحق حتى أدبرت منقطعة
والآن جا فوق قرون عشرة
وهُو قدوة الهداة البررة
برغم أنف الحشوية الأُلى
ما إن يزال نهجهم مُسترذَلا

وكلما للحرب نارا أوقدوا
أطفأها الله العزيز الأحد
العلامة المجدد الشيخ : محمد الحسن بن أحمد الخديم الشمشوي اليعقوبي الجوادي الشنقيطي _أطال الله بقاءه_

جمع بتصرف
إن المعتمد من أقوال العلماء سلفًا وخلفًا وعليه عمل المسلمين أنَّ الإسراء والمعراج وقع في ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رجبٍ الأصمِّ.
#مقولة_الإمام_مالك_في_البدعة

والجواب باختصار:

أولا: مقولة الإمام مالك التي يحتج بها المخالف هنا، ذكرها الإمام الشاطبي بلا إسناد فقال: ((قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: "مَنِ ابْتَدَعَ فِي الْإِسْلَامِ بِدْعَةً يَرَاهَا حَسَنَةً، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3]، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا")) [الاعتصام (1 /64-65)]، فالمخالف يحتج بفهمه لقول الإمام مالك: "يَرَاهَا حَسَنَةً" على ذم البدعة الحسنة، وبالتالي إلحاق إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بالبدعة الضلالة؟!..

ولكن الرواية المسندة إلى الإمام مالك بن أنس كما ذكرها ابن حزم الظاهري (ت: 456هـ) بسنده إلى: ((ابن الماجشون أنه قال: قال مالك بن أنس: "من أحدث في هذه الأمة اليوم شيئا لم يكن عليه سلفها، فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم خان الرسالة لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3] الآية. فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا")) [الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم الظاهري (58/6)]..فأنت ترى الرواية المسندة إلى الإمام مالك ليس فيها ما ذكره الإمام الشاطبي: ((يَرَاهَا حَسَنَةً)) مع أن ((استحسان المبتدع أو استقباحه لا يُغيِّر مِن الأمر شيئا، إلا أن هذه اللَّفظة تُوهِم بادي الرأي أن كلام الإمام مُوَجَّه لمَن يقول بالبدعة الحسنة فاقتضى التَّنبيه)) [البدعة الحسنة بين إقرار السلف وإنكار الخلف للأستاذ عبد الوَهَّاب مْهِيَّة الحزائري (ص:119)]؟!..فتأمل..

ثانيا: على فرض صحة ثبوت عبارة ((يَرَاهَا حَسَنَةً)) على الوجه الذي ذكره الإمام الشاطبي..فلو كان مراد الإمام مالك ذم كل المحدثات حتى التي يشهد الشرع باعتبارها لما كان لعبارة ((يَرَاهَا حَسَنَةً)) معنى في كلامه!، وهذا لأن استحسان المبتدع أو استقباحه لا يُغيِّر مِن الأمر شيئا!، فعبارة ((يَرَاهَا حَسَنَةً)) تعني: يراها حسنة بمجرد رأيه والهوى لا بالشرع والأصول. والدليل هو أن الإمام قد استحسن بعض الأمور لم ترد في دليل خاص، وبالمثال يتضح المقال:

ثالثا: قال القاضي أبو الوليد الباجي المالكي (ت: 474هـ): ((رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي "الْعُتْبِيَّةِ": سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ عَطَسَ أَوْ رَأَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَحَمِدَ اللَّهَ، أَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: لَا أَنْهَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ - إذَنْ أَقُولُ لَهُ: لَا تَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى!)) [المنتقى (286/7)].

قال القاضي أبو الوليد ابن شد الجد المالكي (ت: 520هـ) في شرح قول الإمام مالك: ((وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ [=صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ] مَعَ حَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ الْعُطَاسِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ بِذَلِكَ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْقُرْبَةَ وَلَا احْتَسًبَ فِيهِ الثَّوَاب وَلَا قَصَدَ بِهِ تَعْظِيم حَقّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ - فَيَكُون ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ مَكْرْوهًا، وَيُحْتَمَلُ أًَنْ يَكُونَ لَمَّا عَطَسَ فَحَمِدَ اللّه تَذَكَّرَ سُنَّة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ - فِي أَمْرِ العَاطِس بِحَمْدِ اللَّهِ عِنْدَ عُطَاسِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ دَاعِيًا لَهُ عَلَى مَا سَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ لِأُمَّتِهِ، فَيَكُون ذَلِكَ مِن فِعْلِهِ حَسَنًا مُسْتَحْسَنًا. وَلَمَّا احْتَمَلَ صَلَاته عَلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الحَال وَجْهًا صَحِيحًا تَوَقَّفَ فِي الرِّوَايَةِ أنْ يَقُولَ: إِنَّهُ يَكْرَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنْ قُلْتُ ذَلِكَ كْنْتُ قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ -، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق)) [البيان والتحصيل للقاضي ابن رشد الجد (578/18)].

فها هو الإمام مالك يستحسن الصلاة والسلام على خير الأنام بعد العطاس على الوجه الذي ذكره أيمة المذهب، وهذا الاستحسان لم يرد بتوقيف منه صلى الله عليه وآله وسلم في دليل خاص كما يظهر من استقراء أحاديث السنة في كيفية تشميت العاطس.

إذن: فمراد الإمام مالك من مقولته تلك ذم البدعة التي لا تستند إلى دليل ولا يشهد لها أصل من أصول الدين، وهي البدعة المذمومة. وهذا ما يؤيد تخريج مقولة الإمام على الوجه المذكور أعلاه، ويدحض احتجاج المخالف بظاهرها للحكم ببدعية عمل المولد..

رابعا: بعض محدثات الإمام مالك بن أنس:
(1) قَالَ الْقَاضِي ابْنُ الْعَرَبِي (ت:543هـ) عِنْدَ الكَلاَمِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى﴾[طه:12] فِي أَحْكَامِهِ، مَا نَصُّهُ: ((إِنْ قُلْنَا: إِنَّ خَلْعَ الْنَّعْلَيْنِ كَانَ لِيَنَالَ بَرَكَةَ الْتَّقْدِيسِ فَمَا أَجْدَرَهُ بِالْصِّحَّةِ، فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْتَّنْزِيهَ عَنْ الْنَّعْلِ، وَاسْتَحَقَّ الْوَاطِئُ الْتَّبَرُّكَ بِالْمُبَاشَرَةِ، كَمَا لَا تُدْخَلُ الْكَعْبَةَ بِنَعْلَيْنِ، وَكَمَا كَانَ مَالِكُ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً بِالْمَدِينَةِ، بَرًّا بِتُرْبَتِهَا الْمُحْتَوِيَةِ عَلَى الْأَعْظُمِ الْشَّرِيفَةِ وَالْجُثَّةِ الْكَرِيمَةِ)) [أَحْكَامُ الْقُرْآنِ لِلْقَاضِي اِبن الْعَرَبِي الْإِشْبِيلِي (254/3)]..فأَحْدَثَ إِمَام دَار الْهِجْرَة سَيِّدنَا مَالِك بْن أَنَس طَرِيقَةً مُخْتَرَعَةً لَـمْ تُعْهَد قَبْلُ فِي تَعْظِيمِ حَضْرَةِ سَيِّدنَا الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم وَهُوَ فِي قَبْرِهِ الْشَّرِيفِ..

(2) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ): ((كَانَ مَالِكُ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ قَالَ: "مَا شَاءَ اللهُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ"، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾[الكهف:39] الآيَة، وَجَنَّتهُ: بَيْتهُ. وَقِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ عَلىَ بَابِ مَالِك مَكْتُوبًا، يُرِيدُ لِيَتَذَكَّرَ بِرُؤْيَتِهِ قَوْل ذَلِكَ مَتَى دَخَلَ)) [تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (130/1)] اِستَنْبَطَ الْإِمَام مَالِك ذِكْراً مُحْدَثًا انْطِلاَقًا مِنْ الآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَقَيَّدَهُ بِكَيْفِيَّةٍ مُحْدَثَةٍ لَـمْ تُعْهَد مِنْ قَبْلُ..

(3) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ): ((قَالَ الْزُّبَير بن حَبِيبٍ: كُنْتُ أَرَى مَالِكًا إِذَا دَخَلَ الْشَّهْر أَحْيَا أَوَّلَ لَيْلةٍ مِنْهُ، وَكُنْتُ أَظُنُّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَفْتَتِحَ بِهِ الْشَّهْر. وَقَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مَالِكٍ: كَانَ مَالِكُ يُصَلِّي كُلَّ لَيْلَةٍ حِزْبَهُ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَة الْـجُمُعَة أَحْيَاهَا كُلَّهَا)) [تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (50/2)]..اِلْتَزَمَ إِمَام دَار الْهِجْرَة مَالِك بْن أَنَس إِحْيَاء أول ليلة من الشهر بِالْعِبَادَةِ، ولَا دَلِيل عَلَى هَذَا الْتَّخْصِيص بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ مِنْ غَيْر عُمُومَاتِ الْنُّصُوص..

(4) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت:544هـ): ((كَانَ مَالِكُ إِذَا جَلَسَ لِلْحَدِيثِ تَوَضَّأَ، وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِ فِرَاشِهِ، وَسَرَّحَ لِـحْيَتَهُ، وَتَـمَكَّنَ فِي جُلُوسِهِ بِوَقَارٍ وَهَيْبَةٍ، ثُمَّ حَدَّثَ. فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أُعَظِّمَ حَدِيثَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ وَلَا أُحَدِّث بِهِ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ)) [تَرْتِيبُ الـمَدَارك (15/2)]..أَحْدَثَ إِمَام دَار الهِجْرَة سَيِّدنَا الْإِمَام مَالِك بْن أَنَس كَيْفِيَّةً جَدِيدَةً لَـمْ تَرِد فِي تَعْظِيم حَدِيث رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم!، والْتَزمَ الْتَّوْقِيتَ لِعِبَادَةِ الْوُضُوءِ بِصُورَةٍ مُحْدَثَةٍ..

..الخ

فهذه الأفعال كلها: "بِدْعَة ضَلَالَة" وفق توجيه المخالف لمقولة الإمام!، وهذا يدلك على براءة الإمام مالك من هذا الفهم السقيم لمقولته..

والله الموفق..
الشيخ ياسين بن ربيع
#البدعة
يامن سريت ليلا

يامن سريت ليلا مصاحبا جبريلا
للمسجد الاقصى في تلك الليلة

ياحبيبي يا محمد يا صادقا بالوعد
يااحمد يامؤيد من الفرد الصمد
ياصادق المقال ياذا المقام العالي
يا من حباه ربي بطيب الأفعال

يامن سريت ليلا...

صليت يامحمد بجمع المرسلين
كنت فيهم إماما وكانوا مقتدين
ثم بعد الصلاة سرت للسموات
فوق ظهر البراق لرب العالمين

يامن سريت ليلا.....
* ليلة الإسراء والمعراج :

سأل بعض الإخوة :
من أين أتى تحديد أن ليلةَ الإسراء والمعراج هي ليلةُ السابع والعشرين من شهر رجب ؟ وجرى اهتمام عموم المسلمين بهذه الليلة ؟
قلتُ:
هناك خلاف مشهور كبير في تحديدِ ليلةِ حصول (معجزة الإسراء والمعراج) ...في أكثر من 10 أقوال ....لعدم وجود نص صحيح صريح في تاريخ الحادثة ....
[ انتبه: الخلاف في تاريخ الحادثة وليس في حصولها ووقوعها ]

حتى جاء القرن السادس الهجري ....
فاختار العالم الحافظ أبو الفرج عبدالرحمن بن علي ( الشهير بابن الجوزي) الحنبلي أنها في ليلة 27 من رجب ....وكان لابن الجوزي شهرة كبيرة في العالم الإسلامي ...وكانت كتبه منتشرة ...ودروسه يحضرها الآلاف المؤلفة ....ويقيم في عاصمة الخلافة (بغداد) ...فانتشر هذا القول وجرى عمل الناس عليه ....
ورافق ذلك أنه كان نفس اختيار العالم الحافظ المحدث تقي الدين عبدالغني بن عبد الواحد ( الشهير بالحافظ المقدسي) الحنبلي....مؤلف كتاب:( عمدة الأحكام ) ـ وهو من الكتب الموثوقة لدى العلماء ـ ....وهو كان ذا شهرة واسعة أيضاً في ذلك الزمن ...وكانت إقامته بين ( دمشق) و( مصر) ....فأخذ الناس عنه اختياره هذا ....
وقد كانت وفاتهما متقاربة : توفي ابن الجوزي ببغداد سنة 597هـ/1203م.....وتوفي المقدسي بمصر سنة 600هـ/1207م

وجاء من بعدهما بزمن قريب الإمام العالم محي الدين يحيى بن شرف ( الشهير بالإمام النووي) الشافعي ....فاختار أيضاً أنها في ليلة27 من شهر رجب .....وهو من أكثر العلماء تأثيراً في زمانه ....فشاع القول وانتشر ...وجرى عليه عمل الناس وعموم الأمة .والنووي توفي في 676هـ/1277م .....

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من باب التوافق العجيب :
أن السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله دخل ( القدس) فاتحاً في ليلة ال27 من شهر رجب من عام 583هـ ....
اللهم عجل بتحرير بيت المقدس يا رب العالمين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ اختيار ابن الجوزي جاء في كتابه ( الوفا بتعريف فضائل المصطفى ص162) ...مع أنه في كتابه (المنتظم في التاريخ (2/ 259) لم يجزم بذلك .
ـ اختيار الحافظ المقدسي ذكره ابن كثير عنه في كتابه (البداية والنهاية 15/ 354) وقال:
" وقد اختاره الحافظ عبد الغني بن سرور المقدسي في سيرته " .
ـ اختيار النووي ورد في كتابه (روضة الطالبين وعمدة المفتين 3/ 498) وقال فيه: " ثم فرض الله تعالى من قيام الليل ما ذكره في أول سورة المزمل ثم نسخه بما في أواخرها ثم نسخه بإيجاب الصلوات الخمس ليلة الإسراء بمكة بعد النبوة بعشر سنين وثلاثة أشهر ليلة سبع وعشرين من رجب " ...على أنه من المهم التنبيه أن النووي نفسه قد اختار أنه في ربيع الثاني في (شرح صحيح مسلم) وأنه في ربيع الأول ( في فتاويه) .

والله ورسوله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

عبدالله سالم
2024/10/02 00:37:45
Back to Top
HTML Embed Code: