Telegram Web Link
منقول عن الشيخ محمد الأزهري الحنبلي
===== (مغالطة) التفريق بين (التصوف السنّي) و(التصوف الفلسفي) =====

__ هناك فروق مصطنعة يُقيمها بعض الباحثين في التصوف،وحتى ممن يدعون الإنتماء إلى هذا المشرب،بين ما يسمونه (التصوف السني والتصوف الفلسفي).ولعمري إنها مكيدة أخرى من مكائد سوء الفهم وأحبولة من أحابيل التدجيل الجديد وتلبيساته أتتنا عبر بعض مدارس الإستشراق الغربي فأوهمهم أن هناك تصوفاً سنياً وآخر فلسفياً،وأن الأول شرعي والآخر ليس كذلك..وإذا كان ولا بد من إيقاع مقابلة بين التصوف السني وغيره،فالأولى أن يكون مع الطرقية المنحرفة أو المبتدعة التي ترى بعض مظاهرها في أشكال من التعبّد الشعبي البعيد عن نقاء التصوف وتزكية النفس التي يدعو إليها الإسلام.وهو أمر يجب معالجته بالهدوء وتوجيه الناس وجهة حسنة والأخذ بأيديهم إلى الخير،وإعادة الإعتبار لمؤسسات الصلاح والأضرحة وجعلها منابر للعلم والتربية الحقيقية،بدل مظاهر الشعوذة والخرافات التي تصاحبها.إن مشاعر الناس الدينية حقيقية رغم أن مصارفها خاطئة،ويستغلها البعض ممن لا دين له ولا ضمير لكسب المال والنفوذ.
والحقيقة أن هناك خلطاً واضحاً في أذهان هؤلاء الذين أرادوا (تسييس التصوف ومأسسته) على مساق معين،فأخطئوا وسحبوا الخطأ على من إعتقد في أقوالهم.أما التصنيفات الصوفية لمذهبهم ورجالاتهم فقد عبّر عنها الشيخ زروق في القاعدة (59) حيث يقول: (تعدد وجوه الحسن،يقضي بتعدد الإستحسان،وحصول الحسن لكل مستحسن.فمن ثَمّ كان لكل فريق طريق:
فللعامي تصوف،حوته كتب المحاسبي،ومن نحا نحوه.
وللفقيه تصوف،رامه إبن الحاج في مدخله.
وللمحدث تصوف،حام حوله إبن العربي المعافري في سراجه.
وللعابد تصوف،دار عليه الغزالي في منهاجه.
وللمتريض تصوف،نبّه عليه القشيري في رسالته.
وللناسك تصوف،حواه "القوت" و"الإحياء".
وللحكيم تصوف،أدخله الحاتمي في كتبه.
وللمنطق تصوف،نحا إليه إبن سبعين في تآليفه.
وللطبائعي تصوف،جاء به البوني في أسراره.
وللأصولي تصوف،قام الشاذلي بتحقيقه.
فليعتبر كل بأصله من محله.وبالله التوفيق.).
هذا كلام محرر نفيس..وقد بيّن هذا الفقيه الصوفي هنا أصل كل واحد من هؤلاء الأعلام،ولم يذهب مذهب هؤلاء الذين يضعون فروقاً مصطنعة بين تصوف سني وآخر فلسفي..
وهناك شبهة أخرى في هذا التقسيم،مُؤدّاها: أن التصوف السني مبني على (التربية والسلوك)،وأن التصوف الفلسفي مبني على (الأفكار المجردة والتأمل الفكري والعقلي بدون سلوك)..ونحن نُسائل من زعم هذا الزعم،هاتوا الدليل على أن إبن عربي وإبن سبعين والحلاج والسهروردي لم يكونوا أهل سلوك؟..فإبن عربي مثلاً بدأ موسوعته العرفانية (الفتوحات) بإيراد "عقيدته السنية" في مستهل هذا الكتاب،وختمه بالباب (560): "في وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى"،وهذا الباب كله وصايا مبناها على السلوك وتحقيق العلم الشرعي..
(من كتاب "بحوث حول كتب ومفاهيم الشيخ محيي الدين" للشيخ عبد الباقي مفتاح)
من السهل أن تنال العلم الظاهر بالقراءة والحفظ والتكرار حتى الفساق يستطيعون ذلك
(ان الله لينصر الدين بالرجل الفاجر)
وممكن تحصل اجازات واوراق وشهادات أكثر بكثير من الصحابة والعارفين...

لكن محال ان تصل الى التقوى والايمان القلبي ونور معرفة الله من غير صدق ومجاهدة وذكر ومذاكرة وصحبة للأولياء العارفين
(التقوى هاهنا) أي بالقلب لا باللسان والكلام

الشقشقة الكلامية والدعاوى العلمية
واستحضار الحجج في دحض الخصم يمكن أن يتقنها الذكي والخبير
اما المعرفة بالله ومراقبة الله والعيش بمقام الإحسان بعد التحقق بالايمان ومراتبه
لا يتقنها إلا موفّق روّض نفسه بعد العلم بالعمل والتزكية وهضم النفس ومجاهدتها والتواضع المتواصل...
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) صحبة الأولياء العارفين

(ومايلقاها الا الذين صبروا ومايلقاها الا ذو حظ عظيم)
المجاهدة والصدق والهمة

ماذا عن إنسان لا يتقن قراءة القرآن الكريم
وعرف بعض المسائل العلمية في الدين
وقرأ بعض الكتب وحصّل بعض الشهادات
صار يزدري أهل الذكر والمجاهدة والعمل بالعلم...
ويقول انتم لا تحتاجون العلم ابقوا على الذكر...
أليس هذا هو الكبر والازدراء بتعاليم القرآن وتوجيهاته...
ولو فتّشت سيرته لرأيت أنه بذرة كانت بداياتها من مجالس الذكر ..ثم انحرفت بعد بزوغ أغصان لم تتهذب...
عجيب التعزز بالعلم عند الغالين فيه الجافين عنه لذا كان صاحبه (بهذا الحال) اول من تسعّر به النار..

نسأل الله أن يحفظنا وإياكم ويثبتنا ويفتح علينا وعليكم
وَقَالَ الصَّاحِبُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَبَّادٍ :
مَا عَبَّرَ الْإِنْسَانُ عَنْ فَضْلِ نَفْسِهِ بِمِثْلِ مَيْلِهِ إلَى الْفَضْلِ وَأَهْلِهِ ، وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّوْقَاتِيُّ ... حَاضِرًا فَنَظَمَ الْمَعْنَى وَقَالَ :
وَمَا عَبَّرَ الْإِنْسَانُ عَنْ فَضْلِ نَفْسِهِ
بِمِثْلِ اعْتِقَادِ الْفَضْلِ فِي كُلِّ فَاضِلِ
وَإِنَّ أَخَسَّ النَّقْصِ أَنْ يَتَّقِيَ الْفَتَى
قَذَى النَّقْصِ عَنْهُ بِانْتِقَاصِ الْأَفَاضِلِ



الآداب الشرعية والمنح المرعية
محمد بن مفلح بن محمد المقدسي
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
عن الجدل الدائر حول الحنابلة والأشاعرة: لا يحتاج الحنابلة إلى دفاع النابتة، والمدلسة، والمتمسلفة الجدد، ولا أن يعرفوهم حقيقة مذهبهم وما عليه الأصحاب. فنحن أكثر من قرر وكرر: أن الحنابلة ليسوا أشاعرة. وهو أمر مشهور، ليس بحاجة إلى إعادة بعث وتشغيب. ولكن تعال…
‏دخل قوم على بلد ليحتلوها، فغيروا هويتها ولغتها وعاداتها وتقاليدها..
‏فقاومهم أهلها، وحاربوهم، ونفّروا الناس عنهم وعن تصديقهم والتطبيع معهم.

‏ومع تطاول الزمن وتقلبات الأيام التي يداولها الله بين الناس؛صدّق المحتلون أنفسهم وزعموا أنهم أصحاب البلد الأصليون، وراحوا يصفون السكان الأصليين بالأجانب!
‏وعبثوا بهويتهم وغيّروها وأعادوا كتابة تاريخهم على وفق رؤيتهم!

‏لا تعجب..

‏فهذا مَثَل قوم مبتوتين لا صلة لهم بمذاهب المسلمين المعتبرة،
‏انتسبوا إلى مذهب الحنابلة، فحرفوا مزاجه، وشوهوه، وساموه تحريفا وتدليسا.
‏ولعبوا بمتونه وكتبه في الطباعة والشرح والتحقيق.

‏ ‏ثم لما أخرج الله من يدافع عن المذهب، وينقله بأمانة كما تركه أصحابه، ويشرحه كما أرادوه، ويبذل جهده في درء التحريف عنه شرحا وتصنيفا وتحقيقا وإفتاء؛ رماهم المحتلون المحتالون بأنهم ( #الحنابلة_الجدد
وإنما هم الحنابلة حقا:
‏وارثو المذهب، ومحيوه، ومجددوه بعد التحريف، ومنقذوه من الاختطاف.
وهم القائلون بما قاله أئمة المذهب عبر القرون:
‏من الإمام أحمد وتلامذته، مرورا بركن المذهب القاضي أبي يعلى وتلامذته، ثم شيخي المذهب: المجد والموفق، ثم إمام طبقته فمن بعدهم الشمس ابن مفلح، ومنقح المذهب العلاء المرداوي، ثم عمدتي المتأخرين الحجاوي والفتوحي، ثم شارح المذهب وأمينه البهوتي، وهكذا من سلسلة الذهب الحنبلية، الذين هم أسعد الناس بمذهب إمامهم (الفقهي والعقدي).

‏وما على المنصف إلا مقابلة كلامهم وكلام القوم البهت المنتحلين؛ بكلام الحنابلة وكتبهم، ليعرف بنفسه: من ‌ #الحنابلة_الجدد ⁩ ، ومن الحنابلة حقا؟!
‏ومن الدعي، ومن الأصيل؟!

ثم لينظر ماذا كان موقف حملة المذهب وأئمته من أسلاف هؤلاء الأشقياء المحرفين لما ظهروا، وماذا كان موقف هؤلاء الأشقياء من رموز المذهب في زمانهم: تكفيرا وتبديعا وتضليلا وقتلا!

‏وليعلم أن الله حافظ دينه وتراث أمة سيدنا محمد ﷺ من عبث العابثين، ومخرجٌ من يجدد للناس دينهم مهما طال زمان العبث والفوضى.
وإن هي إلا سنة الله تعالى في دفع الناس بعضهم ببعض، وفي ابتلاءالمصلحين، والله متم نوره.

‏وكفى بهذا عبرة: أن عاقبة التطبيع مع الباطل ومهادنة أهله وخيمة، وأن السكوت عن الأفكار الرديئة -مهما تحجج الساكت- سبب في انتشارها وتجميل صورتها، حتى تدرس المعالم الأصلية، وتشتبه سبل الحق بسبل الباطل. والله المستعان.
العقائد الكشفية (قواعد أولية)
.
==(1)==

المسائل الغيبية تُعرف بالخبر، والعقائد تثبت بالخبر وتتأكد بالكشف فيزيدها الكشف تفصيلا بعد إجمال أو وضوحا بعد إبهام.

يقول الفخر الرازي في (التفسير الكبير): "إن الاعتقاد ينبغي أن يكون مبناه على اليقين، وكيف يجوز اتباع الظن في الأمر العظيم، وكلما كان الأمر أشرف وأخطر كان الاحتياط فيه أوجب وأحذر"

فما الذي دعا ثلة من العلماء الأكابر وسادات المتصوفة للقول بعقائد كالحقيقة المحمدية وأولية النور المحمدي، وكونه سار في الكون سريان الماء في العود؟

الذي دعاهم إلى ذلك مجموعة من الإشارات القرآنية والأحاديث النبوية التي تُكُلم فيها بين قائل بوضعها وبين قائل بقبولها وحسنها، بالإضافة إلى دليل الكشف.

ولأن أدلتها بهذه المثابة فإنها تدخل حلبة الصراع والأخذ والرد؛

(1) لأن الإشارة القرآنية "معارف سبحانية تنكشف من سجف العبارات للسالكين، وتنهل من سحب الغيب على قلوب العارفين" على حد قول العلامة الآلوسي رحمه الله .. فمن وافقهم في فهم الإشارة أو إدراكها أو تذوقها ذهب مذهبهم. ومن لا ، فلا.

(2) ولأن هذه الأحاديث لم تصل درجة التواتر المطلوب في العقائد، لكنها تأيدت عندهم بقرائن من الحديث أو القرآن أو الكشف المعتبر عند من اعتبره .. فمن قال بحسنها؛ قبلها ، وهذا بالنسبة له كاف في إثباتها وتقويتها، ومن لا، فلا.

(3) ولأن الكشف دليل معتبر لكن في حق النفس لا الغير، ولأن الكشف دليل بشروط معتبرة عند أهل العلم، ولأن الكشف قد يكون شيطانيا لا رحمانيا فليس بضروري الصدق .. فمن صدق عنده الكشف أو صدق من وقع له الكشف كمريد مع شيخه، أو مسلم حسن الظن بعالم؛ قال بمضمونه، ومن لا، فلا.

ومن جهة أخرى؛ فالحق يقال: إن تحويل الأمور الكشفية وذوقيات السادة المتصوفة إلى عقائد بحيث ينكَر على من لم يعتقدها = إلزام بقسمة لم يقسمها الله تعالى لكل الناس، بغض النظر عن صدق الكشف في نفسه أو عدم صدقه، الفكرة أن إلزام الناس بالكشف غير سديد، لأننا في الحقيقة لم نؤمر إلا باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإحسان الظن في العلماء والمجتهدين ما وسعنا هذا الإحسان ..

==(2)==

لدينا هنا طرفان .. وعلى كل طرف واجب شرعي؛؛

الطرف الأول: طرف صاحب الكشف ومن يصدقه = فهذا واجبه عدم إلزام الناس بكشفه؛ لأنه ليس بحجة على الغير، وظني في أصحاب الكشوف والأولياء المقربين: أنهم يعلمون ذلك حق العلم، لكن ربما يتحمس الأتباع فيكونون ملكيين أكثر من الملك .. فيُلزمون الناس بما لا يلزمهم عقلا ولا شرعا.

الطرف الثاني: طرف عموم المسلمين ممن ليس بصاحب كشف ولا هو مريد لصاحب كشف = فهذا واجبه إحسان الظن، وإيكال الأمر إلى الله، ويمكنه أن لا يصدق ولا يكذب .. أما عدم التصديق فلعدم ثبوت هذا الأمر عنده، وهذا واصح؛ وأما عدم التكذيب؛ فلمكانة الولي وإحسان الظن بالمسلم، لا سيما مَن ظاهره الصلاح، لا سيما من شهد له العلماء والأولياء. إلا إن كان في الكشف ما يراه مخالفة صريحة لقطعيات المعقول أو المنقول، فعندها يمكنه المناظرة بآدابها.

هذه قاعدة عامة تنفع في الخلافيات الحادثة والتي يتبارى فيها طرفان، طرف يريد أن يُلزم الناس بما يصدقه عن شيخه، وطرف يريد إنكار ما لا يفهمه بعقله أو يَرد من قبل على سمعه.

يقول العلامة ابن خلدون : "وقصرت مدارك من لم يشاركهم في طريقهم عن فهم أذواقهم ومواجدهم في ذلك، والناس بين منكر عليهم ومسلم لهم، وليس البرهان والدليل بنافع في هذه الطريق ردا وقبولا ؛ إذ هي من قبيل الوجدانيات ، وربما قصد بعض المصنفين بيان مذهبهم في كشف الوجود وترتيب حقائقه فأتى بالأغمض فالأغمض بالنسبة إلى أهل النظر والاصطلاحات والعلوم"

==(3)==

أدعو إلى شيء من التعقل وترك أبواب المنازعة رأسا .. فلن تنتج علما ولا عملا وليس فيها مصلحة ظاهرة ..

وقبل ذلك وبعده أدعو إلى الأدب ؛ فحظك من الدين مثل حظك من الأدب؛ وأول الأدب: أدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم، ومع حملة دينة وورثة حاله، وعدم الاستهانة بشهادات العلماء فليسوا بأهل سذاجة ولا عقليات مسطحة حتى تنطلي عليهم ما تراه ترهات وخرافات ..

فإن لم تقنع بصلاح القائلين بما يخالف وجهتك فاعتبر فيهم أصل الإسلام، فإن لم تعتبر فيهم أصل الإسلام فاجعل ما لا تدرك من كلامهم كأخبار بني إسرائيل التي لا نصدقها ولا نكذبها؛ وليس وراء ذلك حبة خردل من أدب وإنصاف!

كما أدعو لعدم الإغراب، وتحديث الناس بما يعقلون في وقت يجتث فيه الدين من قلوب المسلمين ويشوه في قلوب غيرهم؛ عملا بما رواه البخاري موقوفا على شيخ الأولياء، وشيخ مشايخ الطرق سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكذَّب اللهُ ورسولهُ"!

والله الهادي.
الدكتور أحمد الدمنهوري
من كرامات العارف الشيخ محمد زكريا البخاري رحمه الله

خطاب في النفس
يقول الشيخ أحمد محمد الفاضل:
كنا مرة في زيارته بعد صلاة الضحى في المسجد النبوي الشريف مع بعض الإخوة، ولعلنا أفطرنا عنده كما هي العاده في مَن زاره في هذا الوقت، فلا يخرج من عنده إلا بإكرام وهو الإفطار على مائدة الشيخ رحمه الله تعالى...

وبعد الظهر وسماع كلامه الطيب ومواعظه المؤثرة الناصحة توافدنا للسلام عليه والتبرك بتقبيل يده فكان الواحد يسلم عليه ثم يخرج دون أن يستوقفه الشيخ ويحدثه، فخاطبتُه  بقلبي قائلا:  شيخي أنا لا يكفيني هذا، أريد منك الدعاء ومزيدا من النظر أو كلاما نحو هذا،  فلما صرت بين يده وسلمت عليه استوقفني وأخذ يحاورني ويسألني وأطال في ذلك ثم دعا لي فقلت في خاطري: هذا ما اريده وقد حصل...!!
ومن كراماته الظاهرة ما حدث الشيخ ممدوح جنيد الحمصي المجاور بطابة في زيارة لحمص مع نفر من الإخوه في بيت عمر أبي عمر(الاثنين ٥ جماد الأول ١٤٣١)  بهذه الواقعة وأنا أحدث بها وأرويها بالمعنى عن الشيخ ممدوح.
قال الشيخ ممدوح أراد أولاد الشيخ عمر ملاحفجي الحلبي السفر لبخارى وما قاربها من تلك البقاع للتجارة، فعزم الشيخ عمر على السفر معهم، وليس له من قصد إلا زيارة بيت الشيخ زكريا في قرى بخارى الذي تركه الشيخ لما هاجر للمدينة المنورة مع أمه منذ سبعين سنة أو أكثر..!!

وعرف الشيخ عمر العنوان من الشيخ زكريا ورقمه على ورقية حملها معه، ولما حطّت الطائرة هناك، بحث عن العنوان فلم يحظ به..!!  فالتفت نحو المدينة المنورة ونادى يا شيخ زكريا أرنا كرامتك الآن..!!
وفجاة ظهر رجل شيخ مسن مقطوع الرجل وأقبل على الشيخ وأولاده قائلا: أنتم من طيبة؟  قلنا: نعم قال: من عند الشيخ زكريا البخاري..!!
فكاد الشيخ عمر يؤخذ عن نفسه حين سمع هذه الكلمات وانطلق بهم هذا الرجل الى قرية البخارى وداره،وتمتع الشيخ عمر برؤية دار الشيخ البخاري التي ولد فيها ونشأ...  ورأى نعتها كما وصفها الشيخ البخاري دار متواضعة دار من لبن، وهي على نهر يسمى جيحون، وفيها فاكهة وأعناب، فأكلوا من فاكهتها، وشربوا من مائها، وحملوا حفنات من ترابها للشيخ زكريا..
ولما رجع الشيخ عمر لطيبة ووضع تراب بين يدي الشيخ البخاري، أخذ الشيخ يشم التراب ويضعه على وجهه ويبكي.. تذكر معاهد الصبا والشباب في بلده التي فارقها.
ثم إن الشيخ عمر بعد مدة كان يحدث بما وقع معه في تلك الزيارة في مجلس البخاري والشيخ البخاري منصت لا يتكلم، وبينا الشيخ عمر يروي القصة، دخل المجلس الرجل المقطوع الرجل الذي دلّه على دار الشيخ وكانت هذه الزيارة الأولى للمدينة فأخذت الشيخ عمر حال عجيبة فلم يملك نفسه فنادى الله.

من كتاب ”من كرامات العلماء والعارفين المعاصرين“ للشيخ الدكتور أحمد محمد الفاضل.
لابد للرجل أن ينظر فيما تلبسه امرأته!
وهذا من جملة القوامة، وقد كثر ترك الرجال نسائهم يمشين بملابس مفتنة.

عن عمر رضي الله عنه قال : "لا تلبسوا نساءكم القَبَاطِي فإنه إلا يَشف يصف".
القباطي: ثياب مصر القبطية، وكانت خفيفة.
قال ابن منظور: " ومعناه أن قباطي مصر ثياب رقاق، وهي مع رقتها [غير] صفيقة النسج، فإذا لبستها المرأة لصقت بأردافها فوصفتها فنهى عن لبسها وأحب أن يكسين الثخان الغلاظ".
#سأل وهابي منحرف: هل الأشاعرة أهل السنة؟!
جاءه الجواب: أن الأشاعرة والسنة لا ينفكان أصلاً؛ لأنهم:
١- رواة السنـــــة
٢- علمــــاء السنة
٣- فقهــــاء السنة
٤- شـــراح السنة
٥- شيــوخ السنة
٦- محدثـو السنة
٧- حجــــة السنة
٨- حفـــاظ السنة
٩- حكــــام السنة
١٠- أمــــراء السنة
١١- رجــــال السنة
١٢- أصـــــل السنة
١٣- تنقيــــح السنة
١٤- تهذيــب السنة
١٥- تصنيـف السنة
١٥- تعظيم السنة
١٦- تصحيح السنة
١٧- تدويـــن السنة
١٨- تقسيـــم السنة
١٩- مصطلح السنة
٢٠- توضيـح السنة
٢١- نقـــــــل السنة
٢٢- بيــــــان السنة
٢٣- نشـــــــر السنة
٢٤- أهـــــــل السنة
٢٥- إسنــــاد السنة
٢٦- مسانيـد السنة
٢٧- حمَلـــــة السنة
٢٨- نقلـــــــة السنة
٢٩- حفظــــة السنة
٣٠- ســــــادة السنة
٣١- حمــــــاة السنة
أولَئِــــكَ آبائـــي فَجِئني بِمِثلِهِم
إِذا جَمَعَتنــا يا جَريــرُ المَجامِــعُ

نَمَوني فَأَشرَفتُ العَلايَةَ فَوقَكُم
بُحـــورٍ وَمِنّـا حامِلــونَ وَدافِــعُ
#الأشاعرة سادة الأمة ؛ وهم أصحاب الفضل العميم عليها بعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
قال الشيخ عبد العزيز الشهاوي حفظه الله تعالى معلقا على عبارة (التعلم):

من أخذ الفقه من الكتاب أخطأ في الأحكام
ومن أخذ النحو من الكتاب أخطأ في الكلام
ومن أخذ الطب من الكتاب قتل الأنام....

📸: حاشية الترمسي على المنهج القويم شرح مسائل التعليم
قول نبينا ﷺ (لا تطروني)

إن المنهي عنه ليس مطلق الإطراء، بل إطراءٌ مشابهٌ لإطراء النصارى لعيسى صلى الله على نبينا وعليه وسلم؛ من دعوى الألوهية ونحوها.

ابن حجر الهيتمي رضي الله عنه
*مِن نفحاتِ الرّبّانيّين بمناسبةِ الهجرة*
بسم الله وبعد:
قال [ابنُ الحاجّ] رحمهُ اللهُ تعالى: سَمِعْت سَيِّدِي أَبَا مُحَمَّدٍ - يعني ابن أبي جمرة صاحب مختصر البخاريّ رَحِمَهُما اللهُ تعالى - يَقُولُ:

انظُرْ إلَى سِرِّ مَا وَقَعَ مِنْ هِجْرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى الْمَدِينَةِ وَإِقَامَتِهِ بِهَا حَتَّى انْتَقَلَ إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَذَلِكَ أَنَّ حِكْمَةَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ مَضَتْ عَلَى *أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَتَشَرَّفُ الْأَشْيَاءُ بِهِ لَا هُوَ يَتَشَرَّفُ بِهَا* ،
فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي مَكَّةَ إلَى انْتِقَالِهِ إلَى رَبِّهِ تَعَالَى لَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ قَدْ تَشَرَّفَ بِمَكَّةَ ، إذْ أنَّ شَرَفَهَا قَدْ سَبَقَ بِآدَمَ وَالْخَلِيلِ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ،

فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُبَيِّنَ لِعِبَادِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْضَلُ الْمَخْلُوقَاتِ كَانَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ هِجْرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى الْمَدِينَةِ ، *فَتَشَرَّفَتْ الْمَدِينَةُ بِهِ أَلَا تَرَى إلَى مَا وَقَعَ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْبِقَاعِ الْمَوْضِعُ الَّذِي ضَمَّ أَعْضَاءَهُ الْكَرِيمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُه* ُ،

وَقَدْ علم أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَعْبَةِ وَغَيْرِهَا وَانْظُرْ إلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي بَاشَرَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَجِدْهَا أَبَداً تَتَشَرَّفُ بِحَسَبِ مُبَاشَرَتِهِ لَهَا وَبِقَدْرِ ذَلِكَ يَكُونُ التَّشْرِيفُ أَلَا تَرَى «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ فِي الْمَدِينَةِ : *تُرَابُهَا شِفَاءٌ*» . وَمَا ذَاكَ إلَّا لِتَرَدُّدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِتِلْكَ الْخُطَى الْكَرِيمَةِ فِي أَرْجَائِهَا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ ، أَوْ إغَاثَةِ مَلْهُوفٍ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ،

وَلَمَّا أَنْ كَانَ مَشْيُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَرَدُّدِهِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ عَظُمَ شَرَفُهُ بِذَلِكَ *فَكَانَت الصَّلَاةُ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ* ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ تَرَدُّدُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَيْنَ بَيْتِهِ وَمِنْبَرِهِ أَكْثَرَ مِنْ تَرَدُّدِهِ فِي الْمَسْجِدِ كَانَتْ تِلْكَ الْبُقْعَةُ الشَّرِيفَةُ بِنَفْسِهَا *رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ* ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : « *مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ*» انْتَهَى.

وَفِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا يُحَصِّلُ لِصَاحِبِهِ رَوْضَةً فِي الْجَنَّةِ.
وَالثَّانِي : أَنَّهَا بِنَفْسِهَا تُنْقَلُ إلَى الْجَنَّةِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.

نقلاً عن كتاب شواهد الحقّ للعلّامة المُحبّ الشيخ يوسف النّبهانيّ رحمهُ اللّه تعالى.

https://www.tg-me.com/ahlussonna
الدعاء المخصوص في دخول العام الهجري الجديد.... فمن الأذكار الثابتة في السُّنَّةِ النَّبَويّةِ عند دخولِ العام الهجريِّ الجديد ، ودخولِ الأشهر القمرية ما أخرجه الطبراني في الأوسط( ت 360هـ) (عن عَبْدُ اللهِ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: «كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، يَتَعَلَّمُونَ هَذَا الدُّعَاءَ إِذَا دَخَلْتِ السَّنَةُ أَوِ الشَّهْرُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ، وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ، وَالْإِسْلَامِ، وَرِضْوَانٍ مِنَ الرَّحْمَنِ، وَجَوَازٍ مِنَ الشَّيْطَانِ»
تخريجهُ: أخرجه البغويُّ(ت317هـ) وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلَّمون هذا الدعاء كما يتعلَّمون القرآن إذا دخل الشهرُ أو السَّنةُ: " اللَّهم أدْخِلْه علينا بالأمن والإيمانِ والسَّلامة والإسلام وجوار من الشيطان ورضوان من الرحمن"
حكمه: قال الهيثمي: (رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ).
قُلْتُ: وأظنُّ أنَّ الهيثميَّ نظر لمجموع طرقه؛ فعضده وقواه، وهو فعل جهابذة المحدثين عند جمع طرق الحديث.
2-ونصَّ الحافظُ ابنُ حجر في "الإصابة" أنَّه على شرط الصحيح-أي: البخاري-بعد تخريجه فقال: (وأخرج له أبو القاسم البغويّ) هذا موقوف على شرط الصحيح.
قُلْتُ: وهذا الخبر وإن كان موقوفاً على الصحابة رضي الله عنهم، لكنَّه يأخذ حكم المرفوع لأنه أمر عبادة؛ فالصحابة حريصون على هذا اللفظ المعين فيتعلمونه ويعلمونه غيرهم فكانوا: " يَتَعَلَّمُونَ هَذَا الدُّعَاءَ إِذَا دَخَلْتِ السَّنَةُ أَوِ الشَّهْرُ"، وفي لفظ: "كما يتعلمون القرآن "؛ وهو يدل على أنَّ هذا الدعاء له خصيصة ومزيَّة وهذا لا يثبت إلا عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم
وعليه: فالدعاء له أصل ثابت في السُّنَّةِ النَّبَويّةِ، وَيُسْتَحَبُّ للمسلم أن يقوله عند دخول السنة الهجرية ودخول الشهر.
ويعضده قوله صلى الله عليه وسلم في دخول الشهر خاصة كما أخرج الترمذيُّ وغيره عن طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، أَنَّ النَّبِيَّ ضلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأَى الهِلاَلَ قَالَ: "اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ، رَبِّي وَرَبُّكَ الله".
وأختم بفائدة وردت في النصوص المذكورة أعلاه:
1-إنَّ لفظة: "وجواز من الشيطان"، أرجح من لفظة: " وجوار من الشيطان.
2-جواز اللفظين –"وجواز" أو "وجوار"-من حيث اللغة والشرع:
فعلى الأول-وجواز-أي: أنت تطلب من الله أن يدخلك في رضوانه وتجز الشيطان أي تجعله خلفك وتنفذ منه أو أنك تطلب من الله أن يدخلك في رضوانه وأن يمنحك صكاً لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لك الشيطان هذه السنة.
وعلى الثاني-وجوار-أي: إنك تطلب من الله أن يدخلك في رضوانه وأن يمنعك ويحميك يؤمنك ويقيك من الشيطان.
وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيّدنا مُحمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
كتبه فهمي القزاز

https://www.tg-me.com/ahlussonna
#خطر_الفتوى !

قال الإمام أحمد: كان سفيان لا يكاد يفتي في الطلاق، ويقول من يحسن ذا؟! من يحسن ذا؟!

وقال أحمد: وددت أنه لا يسألني أحد عن مسألة. أو: ما شيء أشد علي من أن أسأل عن هذه المسائل. البلاء يخرجه الرجل عن عنقه ويقلدك، وخاصة مسائل الطلاق والفروج، نسأل الله العافية!

وقال سفيان: من فتنة الرجل إذا كان فقيها= أن يكون الكلام أحب إليه من السكوت!

وقال المروذي لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: إن العالم يظنونه عنده علم كل شيء! فقال: قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون!!

وأنكر الإمام أحمد على من يتهجم في المسائل والجوابات، وقال: ليتق اللهَ عبدٌ، ولينظر ما يقول وما يتكلم؛ فإنه مسؤول.
بحث لشهادات العلماء وتصريحاتهم الظاهرة البينة الواضحة بأن طائفة العلماء الذين يعرفون باسم: (الأشاعرة) هم طائفة علماء أهل السنة، ويبين أن طريقة الأشاعرة هي طريقة الفقهاء الثلاثة: المالكية والشافعية وعلية الحنابلة في أمور العقيدة الإسلامية، وأن الطائفة من العلماء التي تسمى بالماتريدية هي طائفة تمثل منهج فقهاء المذهب الحنفي في العقيدة، ويبين هذا البحث الجمعي والاستقرائي أن (الأشاعرة والماتريدية) يمثلان المنهج الموروث عن الصحابة والتابعين.
*
سلسلة شهادات علماء المذاهب الأربعة عبر العصور الإسلامية التي تبين تلقي الأشاعرة لعقيدتهم وطريقتهم عن كبار الصحابة والتابعين والفقهاء الأربعة المؤسسين للمذاهب الأربعة:

• الشهادة الأولى:
شهادة الشيخ الإمام قاضي القضاة في زمانه، أحد كبار علماء المذهب الشافعي في عصره، تاج الدين السبكي (ت: 771 هـ) حيث قال في كتابه المشهور "معيد النعم ومبيد النقم" (ص 75):
"وهؤلاء الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة ـ ولله الحمد ـ في العقائد يد واحدة، كلهم على رأي أهل السنة والجماعة، يدينون لله تعالى بطريق شيخ أهل السنة أبي الحسن الأشعري، رحمه الله، لا يحيد عنها إلا رعاع من الشافعية لحقوا بأهل الاعتزال، ورعاع من الحنابلة لحقوا بأهل التجسيم، وبرأ الله المالكية فلم نرَ مالكياَ إلا أشعرياً عقيدة.
وبالجملة عقيدة الأشعريّ هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي التي تلقاها علماء المذاهب بالقبول، ورضوها عقيدة.
وقد ختمنا كتابنا "جمع الجوامع" بعقيدة ذكرنا أن سلف الأمة عليها، وهي وعقيدة الطحاوي، وعقيدة أبي القاسم القشيري، والعقيدة المسماة بالمرشدة مشتركات في أصول أهل السنة والجماعة".

• الشهادة الثانية:
قال الإمام السُبْكِيُّ أيضاً في كتابه النفيس: "طبقات الشافعية" (3/222) في ترجمة الإمام أبي الحسن الأشعري:
"شيخنا وقدوتنا إلى الله تعالى، الشيخ أبو الحسن الأشعري البصري، شيخ طريقة أهل السنة والجماعة، وإمام المتكلمين، وناصر سنة سيد المرسلين، والذاب عن الدين، والساعي إلى حفظ عقائد المسلمين... ".
ثم قال في نفس المصدر، (ص 373):
" ذِكْرُ بيانِ أنَّ طريقةَ الشيخ (أبي الحسن الأشعري) هي التي عليها المعتبرون من علماء الإسلام، والمتميزون من المذاهب الأربعة في معرفة الحلال والحرام، والقائمون بنصرة دين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام:
قد قدمنا في تضاعيف الكلام ما يدل على ذلك، وحكينا لك مقالة الشيخ ابن عبد السلام، ومن سبقه إلى مثلها وتلاه على قولها، حيث ذكروا: أن الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة أشعريون.
هذه عبارة العز ابن عبد السلام شيخ الشافعية، وابن الحاجب شيخ المالكية، والحصيري شيخ الحنفية.
ومن كلام ابن عساكر حافظ هذه الأمة الثقة الثبت: هل من الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلا موافق للأشعري، ومنتسب إليه، وراض بحميد سعيه في دين الله، مثن بكثرة العلم عليه .... الخ".
ثم ذكر الإمام تاج الدين السُبْكِيُّ في (ص 374) بعض الفتاوي لعلماء كبار من علماء أهل السنة من الحنفية والشافعية وغيرهم تبين أن الأشاعرة والماتريدية هم الممثلون الحقيقيون لعقيدة أهل السنة والجماعة، ونحن نذكرها هنا لتزيد في إضاءة الطريق أمام المسلمين :
الفتوى الأولى: فتوى الإمام الكبير أبي القاسم القشيري:
"نص الفتوى: (بسم الله الرحمن الرحيم: اتفق أصحاب الحديث أن أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري كان إماماً من أئمة أصحاب الحديث، ومذهبه مذهب أصحاب الحديث، تكلم في أصول الديانات على طريقة أهل السنة، ورد على المخالفين من أهل الزيغ والبدعة، وكان على المعتزلة والروافض والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين من الملة سيفاً مسلولا، ومن طعن أو قدح أو لعنه أو سبه فقد بسط لسان السوء في جميع أهل السنة). بذلنا خطوطنا طائعين بذلك في هذا الدرج في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وأربعمائة، والأمر على هذه الجملة المذكورة في هذا الذكر، وكتبه عبد الكريم بن هوازن القشيري".
الفتوى الثانية: فتوى الإمام الكبير قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني الحنفي:
" نص السؤال: ما قول السادة الأئمة الأجلة في قوم اجتمعوا على لعن فرقة الأشعرية وتكفيرهم؟
نص الفتوى: (قد ابتدع وارتكب ما لا يجوز، وعلى الناظر في الأمور أعَزَّ اللهُ أنصارهُ الإنكارُ عليه، وتأديُبهُ بما يرتدع به هو وأمثاله عن ارتكاب مثله)، وكتب محمد بن علي الدامغاني".
وبعد نص هذه الفتوى، كتب الشيخ أبو إسحاق الشيرازي رحمه الله تعالى: (الأشعرية أعيان أهل السنة، ونصار الشريعة، انتصبوا للرد على المبتدعة من القدرية والروافض، فمن طعن فيهم فقد طعن على أهل السنة، وإذا رفع أمر من يفعل ذلك إلى الناظر في أمر المسلمين، وجب عليه تأديبه بما يرتدع به كل أحد).
الفتوى الثالثة: فتوى الإمام الكبير أبي إسحاق الشيرازي (ت: 496 هـ).
" نص الفتوى: (وأبو الحسن الأشعري إمام أهل السنة، وعامة أصحاب الشافعي على مذهبه، ومذهبه مذهب أهل الحق)".
ثم ذكر الإمام تاج الدين السبكي في نفس المصدر، (ص 377) نص كلام أحد كبار أئمة المذهب الحنفي، ومن المتقدمين في علم العقيدة وهو أبو العباس قاضي العسكر الحنفي، حيث قال:
"وقد أخذ عامة أصحاب الشافعي بما استقر عليه مذهب أبي الحسن الأشعري".
ثم ختم الإمام تاج الدين السبكي كلامه ببيان ما يؤكد أن الأشاعرة هم أهل السنة والجماعة فقال:
"سمعتُ الشيخَ الإمامَ رحمه الله يقول: ما تضمنته "عقيدة الطحاوي" هو ما يعتقــده الأشعـــري ... الخ.
قلت : أنا أعلم أن المالكية كلهم أشاعرة لا أستثني منهم أحداً، والشافعية غالبهم أشاعرة، لا أستثني إلا من لحق منهم بتجسيم أو اعتزال ممن لا يعبأ الله به، والحنفية أكثرهم أشاعرة ـ أعني يعتقدون عقد الأشعري، لا يخرج منهم إلا من لحق منهم بالمعتزلة، والحنابلة أكثر فضلاء متقدميهم أشاعرة، لم يخرج منهم عن عقيدة الأشعري إلا من لحق بأهل التجسيم، وهم في هذه الفرقة من الحنابلة أكثر من غيرهم.
وقد تأملت (عقيدة أبي جعفر الطحاوي)، فوجدت الأمر على ما قال الشيخ الإمام.
و(عقيدة الطحاوي) زعم أنها الذي عليه أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، ولقد جود فيها، ثم تفحصت كتب الحنفية فوجدت جميع المسائل التي بيننا وبين الحنفية خلاف فيها ثلاث عشر مسألة ، منها معنوي ست مسائل والباقي لفظي، وتلك الست المعنوية لا تقتضي مخالفتهم لنا ولا مخالفتنا لهم فيها تكفيراً ولا تبديعاً، صرح بذلك الأستاذ أبو منصور البغدادي وغيره من أئمتنا وأئمتهم، وهو غني عن التصريح لظهوره .... الخ".

• الشهادة الثالثة:
شهادة الإمام الكبير أبي إسحاق الشيرازي، أحد كبار فقهاء المذهب الشافعي صاحب كتابي: التنبيه، والمهذب في فقه الشافعية، حيث قال في كتابه: (الإشارة إلى مذهب أهل الحق) (ص275):
"فمن أعتقد غيرَ ما أشرنا إليه من اعتقاد أهل الحق المنتمين إلي الإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه فهو كافر، ومن نسب إليهم غير ذلك فقد كفرهم، فيكون كافراً بتكفيره لهم لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما كَفَّرَ رجلٌ رجلاً إلا باء به أحدهما"؛ إنْ كان كافراً إنه لكما قال وإنْ كان مسلماً لقد كفر بتكفيره إياه، فمن كان هذا اعتقاده ودينه فكيف يستحل المسلم أنْ يغتابه فضلاً عن أن يكفره ويلعنه ... الخ".
ثم قال الشيرازي في (ص 283):
"فمن كان في الفروع على مذهب الشافعي، وفي الأصول على اعتقاد الأشعري فهو مُعَلَّمُ الطريق، وهو على الحق المبين، كما أنشد بعض الأصحاب:
إذا كنت في علمِ الأصولِ موافقاً بعَقْدك قولَ الأشعريِّ المُســــــدَدِ
وعاملتَ مولاكَ الكريمَ مُخالصاً بقول الإمام الشافعي المؤيــــــــد
وأتقنتَ حرفَ ابنِ العلاءِ مجرداً ولمْ تعْدُ في الإعرابِ رأيَ المُبَرَدِ
فأنت على الحق اليقين موافــــقٌ شريعةَ خيرِ المرسلينَ محمـــــدِ"
• الشهادة الرابعة:
شهادة خاتمة المحققين، وعمدة ذوي الفضل من المدققين، الإمام الكبير السيد محمد بن محمد الحسيني الزبيدي، شارح إحياء علوم الدين لحجة الإسلام أبو حامد الغزالي، وشارح القاموس المحيط للفيروز آبادي، حيث قال في كتابه العظيم النفيس: (إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين) (ص 2/6):
"إذا أطلق "أهل السنة والجماعة "فالمراد بهم: "الأشاعرة والماتريدية"، قال الإمام المدقق المحقق الخيالي في حاشيته على شرح سعد الدين التفتازاني على العقائد النسفية (ص 14): "الأشاعـــرة: هم أهل السنة والجماعة، هذا هو المشهور في ديار خراسان والعراق والشام وأكثر الأقطار، وفي ديار ما وراء النهر يطلق ذلك على "الماتريدية" أصحاب الإمام أبي منصور الماتريدي.
وقال العلامة مصلح الدين مصطفى الكستلي: (ت 901هـ) في حاشيته على [شرح العقائد النسفية] (ص 17):
"المشهور من أهل السنة في ديار خراسان والعراق وأكثر الأقطار هم "الأشاعرة" أصحاب أبي الحسن الأشعري وفي ديار ما وراء النهر "الماتريدية"، أصحاب أبي منصور الماتريدي تلميذ أبي نصر العياضي تلميذ أبي بكر الجوزجاني صاحب أبي سليمان الجوزجاني صاحب محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة".
علق الإمام الزبيدي على ذلك، فقال:
"وقال ابن السبكي في [شرح عقيدة ابن الحاجب]: اعلم أن أهل السنة والجماعة كلهم قد اتفقوا على معتقد واحد فيما يجب ويجوز ويستحيل، وإن اختلفوا في الطرق والمبادي الموصلة لذلك أو في لمية ما هنالك، وبالجملة فهم بالاستقراء ثلاث طوائف:
الأولى: أهل الحديث، ومعتمد مباديهم الأدلة السمعية، أعني الكتاب والسنة والإجماع.
الثانية: أهل النظر العقلي والصناعة الفكرية، وهم الأشعرية والحنفية، وشيخ الأشعرية أبو الحسن الأشعري، وشيخ الحنفية أبو منصور الماتريدي.
الثالثة: أهل الوجدان والكشف، وهم الصوفية، ومباديهم مبادي أهل النظر والحديث في البداية، والكشف والإلهام في النهاية".
ثم قال الإمام الزبيدي:
" وليعلم أن كلاً من الإمامين: أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي-رضي الله عنهمــا-وجزاهما الله عن الإسلام خيراً، لم يبدعا من عندهما رأياً، ولم يشتقا مذهباً، إنما هما مقرران لمذهب السلف، مناضلان عما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحدهما قام بنصرة نصوص مذهب الشافعي، وما دلت عليه، والثاني قام بنصرة نصوص مذهب أبي حنيفة، ما دلت عليه، وناظر كل منهما ذوي البدع والضلالات حتى انقطعوا وولوا منهزمين وهذا في الحقيقة أصل الجهاد الحقيقي الذي تقدمت الإشارة إليه.
فالانتساب لهما إنما هو باعتبار أن كلا منهما عقد على طريق السلف نطاقاً، وتمسك وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار المقتدي به في تلك المسائل والدلائل يسمى أشعرياً وماتريدياً.
وذكر العز بن عبد السلام -سلطان العلماء وبائع الملوك -أن عقيدة الأشعري أجمع عليها الشافعية والمالكية والحنفية وفضلاء الحنابلة.
ووافقه ذلك من أهل عصره شيخُ المالكية في زمانه أبو عمرو بن الحاجب، وشيخُ الحنفية جمال الدين الحصيري، وأقره على ذلك التقيُّ السُبْكِيُّ فيما نقله عنه ولدُه التاجُ السُبْكِيُّ".
ثم قال الإمام الزبيدي:
"قال عبد الله الميورفي ما نصه: أهل السنة من المالكية والشافعية وأكثر الحنفية بلسان أبي الحسن الأشعري يناضلون، وبحجته يحتجون...".
ثم قال الزبيدي: "ولم يكن أبو الحسن أول متكلم بلسان أهل السنة إنما جرى على سنن غيره، أو على نصرة مذهب معروف، فزاد المذهب حجة وبياناً، ولم يبتدع مقالة اخترعها ولا مذهبا انفرد به، ألا ترى أن مذهب أهل المدينة نسب إلى مالك، ومن كان على مذهب أهل المدينة يقال له مالكي، وإنما جرى على سنن من كان قبله وكان كثير الاتباع لهم إلا أنه لما زاد المذهب بيانا وبسطاً عزي إليه.
وكذا أبو الحسن الأشعري، لا فرق، ليس له في مذهب السلف أكثر من بسطه وشرحه وتواليفه في نصرته".
ولقد بيَّن الإمامُ الزبيديُّ في (ص 13) الأصولَ التي اعتمدها وسار عليها كلٌّ من الإمام الأشعري والإمام الماتريدي في بناء مذهب أهل السنة والجماعة فقال:
"هذه المسائل التي تلقاها الإمامان: أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي، هي أصول الأئمة، رحمهم الله تعالى: فالأشعريُّ بَنَى كتبَه على مسائل من مذهب الإمامين مالك والشافعي، والماتريدي كذلك أخذها من نصوص أبي حنيفة".
ثم قال الإمام الزبيدي:
"فإن الإمام أبا حنيفة رضي الله عنه وصاحبيه محمد بن الحسن وأبا يوسف، هم أول من تكلم في أصول الدين، وأتقنوها بقواطع البراهين على رأس المائة الهجرية الأولى، فقد جاء في كتاب التبصرة البغدادية: أول متكلمي أهل السنة من الفقهاء أبو حنيفة، ألف فيه "الفقه الأكبر" و"الرسالة" في نصرة أهل السنة، وقد ناظر فرقة الخوارج والشيعة والقدرية والدهرية، وسافر إليهم لمناظرتهم وإقامة الحجة عليهم نيفاً وعشرين مرة ". انتهى من [شرح الزبيدي على إحياء علوم الدين].
• الشهادة الخامسة:
شهادة العلامة المحقق أحمد بن مصطفى المعروف بطاش كبرى زاده، أحد علماء الخلافة العثمانية في كتابه: (مفتاح السعادة ومصباح السيادة)، (ص2/132) حيث قال:
"ثم اعلم أن رئيس أهل السنة والجماعة في علم الكلام رجلان: أحدهما حنفي والآخر شافعي، أما الحنفي فهو أبو منصور محمد بن محمود الماتريدي، إمام الهدى، مات بسمرقند سنة: (333هـ)، وأما الآخر الشافعي فهو شيخ السنة، ورئيس الجماعة، إمام المتكلمين، وناصر سنة سيد المرسلين، والذاب عن الدين، والساعي في حفظ عقائد المسلمين، أبو الحسن الأشعري، إمام حبر، وتقيٌ بزٌ، منقي بأنوار اليقين من الوقوع في ورطات ما التبس، حامي جناب الشرع الشريف من الحديث المفترى، الذي قام في نصرة ملة الإسلام، فنصرها نصراً مؤزراً".

• الشهادة السادسة: شهادة الإمام العلامة عبد الوهاب الشعرانيّ في كتابه المسمى: (اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر)، في (ص3) حيث قال:
"واعلم يا أخي أن المراد بأهل السنة والجماعة في عرف الناس اليوم الشيخ أبو الحسن الأشعري ومن سبقه بالزمان كالشيخ أبي منصور الماتريدي وغيرهم رضي الله تعالى عنهم.
وقد كان الإمام الماتريدي إماما عظيما في السنة كالشيخ أبي الحسن الأشعري ولكن لما غلب أصحاب الشيخ أبي الحسن الأشعري على أصحاب الماتريدي كان الماتريدي أقل شهرة، فإن أتباع الماتريدي ما وراء نهر سيحون.
وأما أتباع الشيخ أبي الحسن الأشعري فهم منتشرون في أكثر بلاد الإسلام كخراسان والعراق والشام ومصر وغيرها من البلاد، فلذلك صار الناس يقولون: فلان عقيدته صحيحة أشعرية، وليس بين المحققين من كل من الأشعرية الماتريدية اختلاف محقق بحيث ينسب كل واحد صاحبه إلى البدعة والضلال، وإنما ذلك اختلاف في بعض المسائل ... الخ". بحذف يسير لبعض الكلمات.

• الشهادة السابعة:
شهادة الإمام العلامة المحقق أحمد الدردير في كتابه المشهور: (شرح الخريدة البهية) في العقائد، (ص 126) حيث قال:
فكل أمر بالقضاء والقدر وكل مقدور فما عنه مفــــر
فكن له مسلما كي تسلما واتبع سبيل الناسكين العلما
ثم علق على قوله: (الناسكين العلما) فقال: المراد "بالعُلما" هنا السلف الصالح ومن تبعهم بإحسان، وسبيلهم منحصر في اعتقاد وعلم وعمل على طبق العلم.
وافترق من جاء بعدهم من أئمة الأمة الذين يجب اتباعهم على ثلاث فرق:
فرقة نصبت نفسها لبيان الأحكام الشرعية العملية، وهم الأئمة الأربعة وغيرهم من المجتهدين، لكن لم يستقر من المذاهب المرضية سوى مذاهب الأئمة الأربعة: (أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد).
الفرقة الثانية: فرقة نصبت نفسها للاشتغال ببيان العقائد التي كان عليها السلف وهم: الأشعري والماتريدي ومن تبعهما.
الفرقة الثالثة: فرقة نصبت نفسها للاشتغال بالعمل والمجاهدات على طبق ما ذهب إليه الفرقتان المتقدمتان وهم الإمام أبو القاسم الجنيد ومن تبعه.
فهؤلاء الفرق الثلاثة هم خواص الأمة المحمدية، ومن عداهم من جميع الفرق على ضلال وإن كان البعض منهم يحكم له بالإسلام، فالناجي من كان في عقيدته على طبق ما بينه أهل السنة، وقلد في الأحكام إماماً من الأئمة الأربعة المرضية.
• الشهادة الثامنة:
شهادة الإمام عبد القاهر البغدادي: (ت 429هـ)، الملقب في الإسلام بالأستاذ لعلو قدره عند العلماء، حيث قال في كتابه المشهور والنفيس للغاية من بين كتب العقيدة عند أهل السنة (أصول الدين)، من (ص 307 إلى ص 310).
ويريد الإمام البغداديُّ أن يذكر لنا في هذه المسألة: مَنْ هُمْ أئمة أهل السنة الذين تخصصوا أكثر من غيرهم في علم العقيدة عبر العصور، من زمن الصحابة إلى عصره هو، وقد ذكر الإمام البغداديُّ مع كل إمام بعض التفصيل، وأما نحن فسنورد أسماء هؤلاء الأئمة سرداً وراء بعضهم البعض اختصاراً.
قال الإمام البغدادي [علم الكلام عند أهل السنة]:
" المسألة التاسعة: في ترتيب أئمة الدين في علم الكلام.
أول متكلمي أهل السنة من الصحابة علي بن أبي طالب لمناظرته الخوارج، ثم عبد الله بن عمر لكلامه في القدرية.
وأول متكلمي أهل السنة من التابعين عمر بن عبد العزيز وله رسالة بليغة في الرد على القدرية، ثم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وله كتاب في الرد على القدرية، ثم الحسن البصري وله رسالة بعثها إلى عمر بن عبد العزيز في ذم القدرية، ثم الإمام الشعبي، وكان أشد الناس على القدرية، ثم الزهري، وهو الذي أفتى عبدَ الملك بنَ مروان بدماء القدرية.
وبعد هؤلاء الأئمة الأعلام جاء علماء آخرون تخصصوا في علم العقائد أيضا ومنهم:
جعفر الصادق، وله كتاب في الرد على القدرية وكتاب في الرد على الخوارج ورسالة في الرد على الروافض.
وأول متكلمي أهل السنة الذين اشتغلوا بعلم العقائد والرد على المخالفين من الفقهاء:
أبو حنيفة ، وله كتاب في الرد على القدريةِ سماه: "الفقه الأكبر" .
الإمام الشافعي، وله كتابان في العقيدة، أحدهما في تصحيح النبوة للنبي صلى الله عليه وسلم والرد على البراهمة، والثاني في الرد على أهل الأهواء.
وبعد الإمام الشافعي قام تلاميذه كالحارث المحاسبي، والكرابيسي، وحرملة، والبويطي، وداود الأصبهاني في نصرة عقيدة أهل السنة والجماعة".
ثم قال الإمام البغدادي:
"ومن متكلمي أهل السنة الذين تخصصوا في العقيدة على مذهب أهل السنة في زمن خلافة المأمون عبد الله بن سعيد بن كلاب الذي دمر المعتزلة في مجلس المأمون وفضحهم.
ومن تلاميذه: عبد العزيز المكي الكتاني الذي فضح المعتزلة في مجلس المأمون، والحسين بن الفضل البجلي، وهو الذي لما خرج من العراق إلى خراسان قال الناس فيه: إنه قد خرج علم العراق كله إلى خراسان، والإمام الجنيد من تلاميذ عبد الله بن سعيد أيضاً.
وبعد ذكر الإمام البغدادي لسادات وعلماء أهل السنة قال:
" ثم بعدهم، شيخ النظر، وإمام الآفاق في الجدل والتحقيق، أبو الحسن الأشعري الذي صار شجاً في حلوق القدرية والنجارية، والجهمية، والمجسمة، والروافض، والخوارج.
وقد ملأ الدنيا كُتُبُهُ، وما رُزق أحدٌ من المتكلمين من التَبَعِ ما قد رُزِقَ لأن جميع أهل الحديث، ومن لم يتمعزل من أهل الرأي على مذهبه.
ومن تلامذته المشهورين: أبو الحسن الباهلي، وأبو عبد الله بن مجاهد، وهذان الاثنان تلاميذهما شموس الدنيا كالإمام الباقلاني، وأبو بكر بن فورك" .
أقول: ولقد تابع هؤلاء في نصرة مذهب أهل السنة الشاعرة علماء كثيرون منهم:
- إمام الحرمين الجويني.
- والإمام حجة الإسلام الغزالي.
- والإمام الكبير ابن الخطيب فخر الدين الرازي صاحب تفسير مفاتيح الغيب.
- والإمام الآمدي.
- والإمام ابن الحاجب.
- وسلطان العلماء العز بن عبد السلام.
- والإمام شرف الدين النووي.
- وأمير المؤمنين في علم الحديث ابن حجر العسقلاني.
- والإمام المحقق والمدقق سعد الدين التفتازاني.
- والإمام عضد الدين الإيجي.
- والإمام عبد الكريم الشهرستاني.
- والإمام المتكلم الفقيه المحدث البيهقي صاحب السنن الكبرى.
وهكذا كل من جاء بعد الإمام الأشعري من أتباع الحنفية والشافعية والمالكية وفضلاء الحنابلة كابن الجوزي وابن عقيل وغيرهم.
• الشهادة التاسعة:
وهي شهادة الإمام أبي منصور البغدادي أيضاً، حيث ذكر في كتابه النفيس: (الفرق بين الفرق) بحثا مستقلاً عن أهل السنة والجماعة، وشرح فيها ما يلي:
1- بيان أصناف أهل السنة والجماعة.
2- بيان تحقيق النجاة لأهل السنة والجماعة.
3- بيان قول أهل السنة في السلف الصالح من الأمة.
4- بيان عصمة أهل السنة عن تكفير بعضهم بعضا.
5- بيان فضائل أهل السنة، وأنواع علومهم، وذكر أئمتهم.
6- بيان آثار أهل السنة في الدين والدنيا، وذكر مفاخرهم فيهما.
ونحن ننصح عموم المسلمين وجماهيرهم، الصادقين في الانتماء إلى هذا الدين، المخلصين لله تعالى، الباحثين عن أهل الحق الرجوع إلى هذا الكتاب لمعرفة المزيد والمزيد عن أهل السنة والجماعة الذين هم الأشاعرة والماتريدية دون من خالفهم من الشيعة والروافض والخوارج والمعتزلة والمجسمة وأتباعهم من الوهابيين والسلفيين أتباع ابن تيمية الحراني.
ومن الكتب التي ننصح المسلمين بالرجوع إليها لمعرفة المزيد عن أهل السنة والجماعة كتاب عظيم القدر والفائدة وهو (التبصير في الدين) للإمام الكبير -حجة المتكلمين -المفسر أبي المظفر الإسفراييني المتوفى سنة (471 هـ)، حيث ذكر في آخر كتابه هذا مبحثاً كاملاً في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة وذكر فيه أيضاً ما لعلماء الأشاعرة من دور في نشر الدين والرد على المخالفين، ونحن ننقل بعض كلامه في هذا المقام مختصراً للفائدة، قال:
"وقيَّض اللهُ تعالى في عصرنا في كل إقليم من أقاليم العالم سادةً من أعلام أئمة الدين الذين صنفوا في نصرة الدين، وتقوية ما عليه أهل السنة والجماعة، والرد على أهل البدع فيما زوروه من الشبه مثل القاضي الإمام أبي بكر الباقلاني الأشعريّ ، وله تقريباً (50,000) خمسون ألف ورقة في نصرة الدين والرد على أهل الزيغ والبدع، ومثل الإمام أبي إسحاق الإسفرايينيّ الذي عقمت النساء أن يلدن مثله، ومثل الأستاذ أبي بكر بن فورك رضي الله عنه الذي لم ير مثله في نشر دينه وقوة يقينه، وله أكثر من مائة وعشرين تصنيفاً في نشر الدين والرد على الملحدين ومثل الإمام أبي منصور عبد القاهر البغدادي ، ما من علم من العلوم إلا وله فيه تصنيف ... الخ".
الشهادة العاشرة: شهادة سلطان العلماء، المجتهد المطلق، العز بن عبد السلام.
قال الإمام العز بن عبد السلام في عقيدته التي كتبها وذكرها السبكي في الطبقات: (8/291):
"واعتقاد الأشعري ـ رحمه الله ـ مشتمل على ما دلت عليه أسماء الله التسعة والتسعون التي سمى بها نفسه في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .... الخ".
وقال في آخر العقيدة هذه:
"فهذا جملة من اعتقاد الأشعري ـ رحمه الله تعالى ـ واعتقاد السلف وأهل الطريقة والحقيقة، نسبته إلى التفصيل الواضح كنسبة القطرة إلى البحر الطافح:
يعرفه الباحث من جنسه وسائر الناس له منكــــــــــــــــر
لقد ظهرت فلا يخفى على أحد إلا على أكمه لا يعرف القمر".
الشهادة الحادية عشر: شهادة العلامة ابن خلدون صاحب الكتاب الشهير: مقدمة ابن خلدون.
سرد العلامة ابن خلدون في مقدمته عقائد أهل السنة في (الفصل العاشر : في علم الكلام)، ثم ذكر بعض البدع التي انتشرت بين المسلمين – خصوصا في العقيدة، وخصوصا في صفات الله تعالى الواردة في القرآن والسنة – ومن هذه البدع فشو وانتشار التشبيه والتجسيم في حق الله تعالى على أيدي بعض أهل الأهواء أو ضعاف العقول، ونحن نريد أن نذكر شهادة ابن خلدون هذه، وكيف أن الإمام "أبا الحسن الأشعريّ" وقف في وجه هؤلاء، وردّ بدعتهم، وبدعة غيرهم من المجسمة والشيعة والفلاسفة والمعتزلة، فلما سرّ به أهل السنة وبفعله هذا انتسبوا إليه وأصبح اسمهم الأشاعرة.
عقائد أهل السنة التي ذكرها ابن خلدون:
الإيمان بالخالق، ووحدانيته في ذاته وصفاته وأفعاله.
اعتقاد تنزيه الله تعالى في ذاته وصفاته عن النقص.
اعتقاد أن الله تعالى لا يشبهه شيء لا في ذاته ولا في صفاته.
اعتقاد أن الله تعالى عالم قادر مريد مقتدر.
اعتقاد أن الله تعالى يعيد الخلائق بعد الموت تكميلا لعنايته.
اعتقاد بعثة الرسل إلى الناس لهدايتهم ونجاتهم من شقاء النار.
اعتقاد أن الجنة للمؤمنين والنار للكافرين.
ثم قال ابن خلدون:
"...هذه أمهات العقائد الإيمانية معللة بأدلتها العقلية وأدلتها من الكتاب والسنة كثير، وعن تلك الأدلة أخذها السلف وأرشد إليها العلماء وحققها الأئمة".
ثم قال ابن خلدون:
"... إلا إنه عرض بعد ذلك خلاف في تفاصيل هذه العقائد ، أكثر مثارها من الآي المتشابهة ، فدعا ذلك إلى الخصام والتناظر والاستدلال بالعقل وزيادة إلى النقل، فحدث بذلك (علم الكلام)".
ثم شرع ابن خلدون يوضح كيف أن بعض الناس أساءوا التعامل مع تلك الآيات المتشابهة في القرآن، فخرجوا عن الحق والصراط المستقيم إلى جانب آخر هو جانب البدعة، فقال:
"...ثم وردت في القرآن آي أخرى قليلة توهم التشبيه .... مرة في الذات ومرة في الصفات، فأما السلف فغلبوا أدلة التنزيه لكثرتها ووضوح دلالتها، وعلموا استحالة التشبيه:
ففريق شبهوا في الذات باعتقاد: اليد والقدم والوجه؛ عملا بظواهر وردت بذلك، فوقعوا في التجسيم الصريح، ومخالفة آي التنزيه المطلق، التي هي أكثر موارد، وأوضح دلالة، لأن معقولية الجسم تقتضي النقص والافتقار ... الخ.
قال ابن خلدون: "وفريق منهم ذهبوا إلى التشبيه في الصفات كإثبات الجهة، والاستواء، والنزول، والصوت والحرف وأمثال ذلك، وآل قولهم إلى التجسيم فنزعوا مثل الأولين إلى قولهم: صوت لا كالأصوات، جهة لا كالجهات، نزول لا كالنزول.... الخ".
ولما انتشرت بدع المشبهة والمعتزلة والشيعة في البلاد كما بيّن ابن خلدون، قام الإمام أبو الحسن الأشعري بنصرة السنة، والرد على المخالفين فقال:
"... وعظم ضرر هذه البدعة، ولقنها بعض الخلفاء عن أئمتهم-فحمل الناس عليها، وخالفهم أئمة السلف، فاستحل لخلافهم، إيسار كثير منهم ودماؤهم ، وكان ذلك سببا لانتهاض أهل السنة بالأدلة العقلية على هذه العقائد دفعا في صدور هذه البدع، وقام بذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام المتكلمين، فتوسط بين الطرق، ونفى التشبيه، وأثبت الصفات المعنوية، وقصر التنزيه على ما قصره عليه السلف .... الخ".
ثم قال ابن خلدون:
"... وكثر أتباع الشيخ أبي الحسن الأشعري، واقتفي طريقته من بعده تلميذه كابن مجاهد وغيره، وأخذ عنهم القاضي أبو بكر الباقلاني، فتصدر للإمامة في طريقتهم، وهذبها، ووضع المقدمات العقلية التي تتوقف عليها الأدلة والأنظار .... ثم جاء بعد القاضي أبي بكر الباقلاني إمام الحرمين أبو المعالي فأملى في الطريقة كتاب "الشامل" وأوسع القول فيه ثم لخصه في كتاب "الإرشاد" واتخذه الناس إماما لعقائدهم...الخ" .
وفي (الفصل السادس عشر)، ذكر ابن خلدون أن الطريقة الأسلم والأصوب والأقوام في فهم الآيات المتشابهة الواردة في القرآن الكريم هي طريقة الأشاعرة، لأنهم هم أهل السنة، وأهل السنة هم الأقدر على توجيه الآيات المتشابهات التوجيه السليم الذي لا يعارض قطعيات العقيدة الإسلامية فقال:
أولا: في رفض عقيدة المشبهة: " ... وأهل السنة من المتكلمين الأشعرية والحنفية، ورفضوا عقائدهم في ذلك ".
ثانيا: إن فهم المتشابهة يجب أن يكون وفق ما قرره أهل السنة الأشاعرة: "... وأما الظواهر الخفية الدلالة ... فإنْ حمَلْنَاها على ما ذهب إليه الأشعريةُ في تفاصيلهِ، وهم أهل السنة، فلا تشابه".
فهذه هي شهادة ابن خلدون رحمه الله تعالى ذكر فيها أن طريقة التشبيه والتجسيم لذاته تعالى وصفاته هي طريقة باطلة لأنها طريقة أهل البدعة، وأما السنة كل السنة فهي طريقة السلف الصالح ومن تبعهم على ذلك من الأشاعرة والماتريدية.
ونحن اليوم نواجه علوًا لرايةِ المشبهةِ والمجسمةِ من الوهابيةِ والسلفيةِ، وعلى أهل السنة القيامُ بحق دينهم، والرد عليهم، فهل في الأمة اليوم من أشعريٍّ آخرَ.
2025/04/13 13:40:06
Back to Top
HTML Embed Code: