Telegram Web Link
قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْقَاضِي أَبُو بَكْر ابْن الْعَرَبِي الْـمَالِكِي (ت:543هـ): ((فَإِنْ قِيلَ: فَمَا عُذْرُ عُلَمَائِكُمْ فِي الِإفْرَاطِ بِالتَّعَلُّقِ بِأَدِلَّةِ الْعُقُولِ دُونَ الشَّرْعِ الْـمَنْقُول فِي مَعْرِفَةِ الرَّبِّ، وَاسْتَوْغَلُوا فِي ذَلِكَ؟.
قُلْنَا: لَـمْ يَكُنْ هَذَا لِأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِمْ، إِنَّ كِتَابَ اللهِ مِفْتَاحُ الْـمَعَارِفِ، وَمَعْدَنُ الْأَدِلَّةِ، لَقْدَ عَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ إِلَى غَيْرِهِ سَبِيلٌ، وَلَا بَعْدَهُ دَلِيلٌ، وَلَا وَرَاءَهُ لِلْمَعْرِفَةِ مِعْرَسٌ وَلَا مَقِيلٌ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ وَقَعَتْ فِي كِتَابِ اللهِ مُخْتَصَرَةً بِالْفَصَاحَةِ، مُشَاراً إِلَيْهَا بِالْبَلَاغَةِ، مَذْكُوراً فِي مَسَاقِهَا الْأُصُولَ، دُونَ التَّوَابِعِ وَالْـمُتَعَلَّقَاتِ مِنَ الْفُرُوعِ، فَكَمَّلَ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ الِاخْتِصَارَ، وَعَبَّرُوا عَنْ تِلْكَ الِإشَارَةِ بِتَتِمَّةِ الْبَيَانِ، وَاسْتَوْفُوا الْفُرُوعَ وَالْـمُتَعَلَّقَاتَ بِالْإِيرَادِ.
الثَّانِي: أَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يُبَصِّرُوا الْـمَلَاحِدَةَ، وَيُعَرِّفُوا الْـمُبْتَدِعَةَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعُقُولِ الَّتِي يَدَّعُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا مِعْيَارَهُمْ، لَا حَظَّ لَهُمْ فِيهَا، وَزَادُوا أَلْفَاظًا حَرَّرُوهَا بَيْنَهُمْ، وَسَاقُوهَا فِي سَبِيلِهِمْ، قَصْدًا لِلتَّقْرِيبِ، وَمُشَارَكَةً لَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ مُنَازَعَتِهِمْ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ كَيْفَ دَارَتْ الْحَالُ مَعَهُمْ مِنْ كَلَامِهِمْ بِمَنْقُولٍ أَوْ مَعْقُولٍ، فَإِنَّهُمْ فِيهِ عَلَى غَيْرِ تَحْصِيلٍ، وَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ بِتَتَبُّعِ أَدِلَّتِهِمْ فِي الْفُصُولِ.
فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَوْعَبَ الْقَوْلَ فِي حَدَثِ الْعَالَـمِ، وَنَبَّهَ بِاخْتِلَافِ الْأَعْرَاضِ عَلَيْهَا فِي الِانْتِقَالَاتِ، وَكَذَلِكَ كَرَّرَ الْقَوْلَ فِي دَلَالَةِ التَّوْحِيدِ بِالتَّمَانُعِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾[الْـمُؤْمِنُونَ:91]، وَقَوْلِهِ: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾[الْأَنْبِيَاء:22].
وَهَذَانِ الدَّلِيلَانِ هُمَا اللَّذَانِ بَسَطَ الْعُلَمَاءُ وَمَهَّدُوا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ فُصُولٍ وَتَوَابِعٍ، ثُمَّ تَكَلَّمُوا مَعَ الْـمُخَالِفِينَ بِمُجَرَّدِ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ غَيْر هَذَيْنِ لِيَرَى الْـمُلْحِدُ أَنَّهُ مَحْجُوجٌ بِكُلِّ طَرِيقٍ))[قَانُونُ التَّأْوِيل لِلْقَاضِي ابْن الْعَرَبِي (ص:501-503)] وَهَذَا كَلَامٌ نَفِيسٌ جِدًّا ولَا يَحْتَاجُ لِشَرْحٍ.
قال سيدنا عبدُ اللهِ بن خبيق رحمه الله تعالى: طُولُ الِاسْتِمَاعِ إِلَى الْبَاطِلِ يُطْفِئُ حَلَاوَةَ الطَّاعَةِ مِنَ الْقَلْبِ."حلية الأولياء"، عبد الله بن خبيق، ١٠/١٧٧، (١٤٨٦٤).
المسلمون بمن فيهم الصوفية لا ييأسون من الموتى : ( كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) " آخر سورة الممتحنة "
وهم يرون أن الموت مرحلة من مراحل السفر الإنساني الكادح إلى الله، فالميت عندهم حيّ حياة برزخية، وللميت علاقة أكيدة بالحي، بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من احاديث، رد الميت السلام على الزائر، ومعرفته، وبتشريع السلام على الميت عند قبره، ومحادثته صلى الله عليه وسلم لموتى ( القليب يوم بدر )، كما وردت في ذلك عدة أحاديث ثابتة.
ومن القرآن حسبك قوله تعالى : ( ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) " سورة آل عمران الآية : 17
فهناك إذن علاقة مؤصّلة بين الحىّ والميت، وإلا الدعاء والسلام على الميت موجهاً إلى الأحجار !!
ومعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل البقيع، والسلام عليهم وتكليمهم والدعاء لهم .
ولابن قيم الجوزية: ( تلميذ ابن تميمة، وحواريه، ووارث دعوته) له كتاب الروح وقد أثبت فيه كل مذهب الصوفية ، بما لا مزيد عليه ، في موضوع الحياة بعد الموت، وعلاقة الأرواح بالأحياء ، ولابن أبى الدنيا في ذلك تأليف مفيد . ا.هــ
أما المخالفون لذلك من أتباع النجدي فهم يرون انقطاع التواصل بين الأحياء والأموات ويقعون في تكفير أهل الايمان ممن يعتقد ما سبق بيانه فنسأل الله الهداية لنا ولهم.

مقتبس بتصرف من رائد العشيرة رحمه الله تعالى
الإمام الحافظ النووي شيخ الإسلام ومحرر مذهب الشافعية الكرام هو تماما مثل السلاح النووي في أمرين:

1_تفجرت علومه في كل مكتبة إسلامية فأبادت دويلات الجهل

2_يقتل معنويا من تعرض له ويقضي عليه فيصبح لا معنى له مصداقا للحديث( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)
قال الذهبي رحمه الله واصفا له: «الشيخ الإمام القدوة، الحافظ الزاهد، العابد الفقيه، المجتهد الرباني، شيخ الإسلام، حسنة الأنام».

منقول معبر
كتب فاسقٌ أرعن: لماذا بدعة الأشعرية مكفِّرة وبدع الخوارج والشيعة والقدرية والمرجئة (الذين لم يتلبسوا بتجهم) ليست مكفِّرة؟
وحاصل جوابه: أن كل هذه الفرق تمسكت بظواهر من الكتاب والسنة؛ فكانت معذورةً، بخلاف الأشاعرة؛ فإنهم ردوا الظواهر المنبئة بتحيز الله وانحصاره في جهةٍ في زعمه.
ثم كفَّر الأشاعرة بالنوع جملةً، وبالعين لمن قامت عليه الحجة.
=====
أقول: أخرج الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها: أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تلا قوله تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات؛ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) قال صلى الله عليه وسلم: "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه.. فأولئك الذين عنى الله؛ فاحذروهم".
فعلامة هؤلاء أنهم يجعلون المتشابه أصلًا، والمحكَم لغوًا، ثم يمتحنون الناس بالمتشابه، ويشيعونه بين الناس عوامهم وعالمهم، ثم إذا قيل لهم: (ليس كمثله شيءٌ) (ولم يكن له كفوًأ أحدٌ) (هل تعلم له سميا) أعرضوا عن ذلك ولووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون، وقالوا: بل له شبيهٌ، وله مماثلٌ من وجهٍ دون وجه.

أخرج البخاري بسنده عن عبد الله بن عمرو أنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم قومًا يتدارؤون؛ فقال: "هلك من كان قبلكم بهذا؛ ضربوا كتاب الله بعضه ببعضٍ، وإنما نزل كتاب الله يصدِق بعضه بعضًا؛ فلا تضربوا بعضه بعضًا، ما علمتم منه.. فقولوا، وما لا.. فكلوه إلى عالمه".
أما الزائغة قلوبهم؛ فضربوا محكم التنزيه بمتشابه التشبيه، واستدلوا بإجماع اليهود والنصارى، وتركوا ما عليه السلف الصالح من الانكفاف عن الخوض والتفسير؛ فقالوا بوهمهم في ذات الله تعالى وصفاته، ثم أدركوا مخالفة عقيدتهم لصريح المعقول.. فذموا العقل، الذي شرَّف الله وكرَّم في كتابه حيث امتدح أنبياءه به؛ فقال: (أولي الأيدي والأبصار)، وأمر به الخلق كافةً؛ كأمره بالإيمان؛ فحثََ بعلى التفكر والنظر والتعقل، وذمَّ من كان خِلوًا عنه؛ فقال: (أفلا تعقلون) وهو أحد الأدلة التي أمر الله أنبياءه أن يتخذوها، فذمهم للعقل.. ذمٌّ لأوامر الله تعالى، وذمٌ لما مدحه الله وأعلى رتبته، وذم لبعض عدة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

ثم لبَّسوا على الدهماء بأن العقل الذي اعتدَّ به العالمون هو آلة الإدراك؛ فقالوا: أيُّ عقل نقدم على الوحيين؟ عقل فلانٍ أو عقل علان؟ وجهلوا أو تجاهلوا أن مرادنا بالعقل: القواعد العقلية القطعية الدائرة بين النفي والإثبات، التي لا يشك في صحتها غبيٌّ غفلٌ عن العلوم؛ فمن ذا الذي يشك في أن الكل محتاجٌ لأجزائه حتى يوجد؟ ومن ذا الذي يتردد في أن الترجح بلا مرجحٍ باطلٌ، بخلاف الترجيح بلا مرجحٍ؟
====
ثم لا يخلو هذا الأرعن من معارضٍ له يقول: أنك عطلتَ آيات المعية التي تزيد على ثلاثين آية، وما المانع من معيةٍ حقيقية بالذات لا كالمعيات؟! ألستم جوَّزتم إزارًا ورداء لا كالأُزر والأردية، وجوَّزتم مللًا يليق به، وتأذيًا يليق به، هرولةً تليق به، وحدَّا يليق به، ومقدارًا يليق به؟!
ألستم عطلتم كل آيات التنزيه، وقلتم بالتشبيه صراحةً بين صورة آدم وصورة الحق تبارك وتعالى؟!

وأخيرًا؛ فإنه لا يغيب عن خاطر العالم أن التأويل لو كان تعطيلًا.. لكان الصحابة الذين صلوا العصر في طريقهم لبني قريظة معطلين، وحاشاهم، وحاشا سيد الخلق أن يقرهم على ذلك.

منقول ..
أنكرَ المعتزلة رؤية الله في الآخرة لأنها تستلزم المقابلة والجهة وغير ذلك مما هو معتاد في الدنيا
وأثبت المجسمة الرؤية وقالوا بما أنه يُرى إذن لا بد أن يكون في جهة ... الخ
*
وأثبت أهل السنة الرؤية وقالوا لا يلزم من إثباتها إثبات الجهة والمقابلة وما يتبع ذلك، لأن هذه شروط عادية لا عقلية، فيجوز حصول الرؤية بدونها
ومما رأيته شاهدا لمذهب أهل الحق ما رواه البخاري في صحيحه
(أقيموا صفوفكم وتراصوا، ‌فإني ‌أراكم ‌من وراء ظهري) فحصلت الرؤية دون مقابلة
وفي لفظ عند أحمد في مسنده: (إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ‌فإني ‌أراكم ‌من بين يدي ومن خلفي).
د‌َعِ الاعتِراضَ فَما أجهَلَك.!
حكى ابن كثير وابن رجب الحنبلي عن شيخ اسمه عفيف الدين يوسف بن البقال - وكان صالحا ورعا زاهدا - أنه قال:
كنت بمصر فبلغني ما وقع من القتل الذريع ببغداد في فتنة التتار، فأنكرت في قلبي وقلت: يا رب، كيف هذا وفيهم الأطفال ومن لا ذنب له؟
فرأيت في المنام رجلا وفي يده كتاب، فأخذته فقرأته، فإذا فيه هذه الأبيات، فيها الإنكار علي:
دع الاعتراض فما الأمر لك ... ولا الحكم في حركات الفلك
ولا تسأل الله عن فعله ... فمن خاض لجة بحر هلك
إليه تصير أمور العباد ... دع الاعتراض فما أجهلك .

البداية والنهاية (١٧/ ٤٨٠) ، وذيل طبقات الحنابلة (٤/ ١٠٣) .
# فائدة:-
كلمة " الأشعري" قد يستعمل بمعنى السُّني من أي طوائف أهل السُّنة الثَّلاث كان.
و في هذا يقول الشَّيخ محمد نور الدين الشَّافعي:
وَ قَصْدُنَا بِالأَشْعَرِيْ مَا شَمِلا
                        المَاتُرِيْديَّ وَ مَن تَحَنْبَلا
فَليْسَ بَيْنَهُمْ خِلافٌ يَقْتَضِيْ
                  تَبْدِيْعَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَارْتَضِ
نَصَّ عَلَى هَذا جَمَاعَةٌ فَلا
               تَبْغِ عَنِ الحُكْمِ الصَّحِيْحِ مَعْدَلَا
س/
يا شيخ: كيف نعتقد أنّ الله يدفع الضر ببركة ولي من الصالحين وهذا الولي نفسه قد مات مريضًا؟

ج/
يا صديقي: الكرامة ليست من فعل الولي، ولكنها من فعل الله يجريها على يديه
فهو عبد، راضٍ بما يجريه عليه سيده، إن كان مايجريه عليه ضراء صبر، وإن كان سراء شكر
فالله يخلق الشفاء في يديه إذا مرت على المريض إذا شاء الله، كما يخلق الحرق في النار إذا لامست القش، فهذا مخلوق وهذا مخلوق
والولي لا يكون وليا إلا بالرضا عن مولاه، وأن يكون اختيار الله له أحب إليه من اختياره لنفسه
والكرامة في حد ذاتها دليل على صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا كان الله يكرم الصالحين من أمته، أليس ذلك من أدلة صدق النبي نفسه؟
فإذا ما علمت أن الأمر كله بيد الله أرحت واسترحت

#تصحيح_مفاهيم
قال الامام النووي رحمه الله تعالى

في الاذكار: (يُسْتَحَبُّ الترضّي والترحّم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعبَّاد وسائر الأخيار، فيقال: رضي الله عنه، أو رحمهُ الله، ونحو ذلك. وأما ما قالهُ بعضُ العلماء: إن قوله رضي الله عنه مخصوص بالصحابة، ويقالُ في غيرهم: رحمهُ الله فقط؛ فليس كما قال، ولا يوافق عليه، بل الصحيحُ الذي عليه الجمهورُ استحبابهُ، ودلائله أكثر من أن تُحصر. فإن كان المذكور صحابياً ابن صحابي: قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما، وكذا ابن عباس، وابن الزبير، وابن جعفر، وأُسامة بن زيد، ونحوهم، لتشمله وأباه جميعاً)

وذكره في المجموع بنصه أيضاج٧ص٢١٢
وفي رد المحتار على الدر المختار:
( ويستحب الترضي للصحابة ) وكذا من اختلف في نبوته كذي القرنين ولقمان وقيل يقال صلى الله على الأنبياء وعليه وسلم كما في شرح المقدمة للقرماني . ( والترحم للتابعين ومن بعدهم من العلماء والعباد وسائر الأخيار وكذا يجوز عكسه ) الترحم وللصحابة والترضي للتابعين ومن بعدهم ( على الراجح ) ذكره القرماني 
وقَال الزَّيْلَعِيُّ: الأَْوْلَى أَنْ يَدْعُوَ لِلصَّحَابَةِ بِالرِّضَى، وَلِلتَّابِعَيْنِ بِالرَّحْمَةِ، وَلِمَنْ بَعْدَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالتَّجَاوُزِ؛ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُبَالِغُونَ فِي طَلَبِ الرِّضَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَجْتَهِدُونَ فِي فِعْل مَا يُرْضِيهِ، وَيَرْضَوْنَ بِمَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ الاِبْتِلاَءِ مِنْ جِهَتِهِ أَشَدَّ الرِّضَى، فَهَؤُلاَءِ أَحَقُّ بِالرِّضَى، وَغَيْرُهُمْ لاَ يَلْحَقُ أَدْنَاهُمْ وَلَوْ أَنْفَقَ مِلْءَ الأَْرْضِ ذَهَبًا.
ج٦ص٧٥٥
سلفية حقيقية، ومحبة صادقة؛ لا جفاء ولا جلافة فيها، ولا مكابرة:
قال الإمام الذهبي رحمه الله:
(فابذل مالك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده، والسلام عليه عند حجرته في بلده،
والتذ بالنظر إلى أُحُده، وأحبه؛ فقد كان نبيك ﷺ يحبه،
وتملأ بالحلول في روضته ومقعده،
فلن تكون مؤمنا حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم.
وقبِّل حجرًا مكرمًا نزل من الجنة، وضع فمك لاثمًا مكانًا قبَّله سيدُ البشر بيقين، فهنأك الله بما أعطاك، فما فوق ذلك مفخر.
ولو ظفرنا بالمحجن الذي أشار به الرسول ﷺ إلى الحجر ثم قبل محجنه: لحق لنا أن نزدحم على ذلك المحجن بالتقبيل والتبجيل.
ونحن ندري بالضرورة أن تقبيل الحجر أرفع وأفضل من تقبيل محجنه ونعله.
وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنسَ بن مالك أخذ يده فقبلها، ويقول: يد مست يد رسول الله ﷺ،
فنقول نحن -إذ فاتنا ذلك-: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مسته شفتا نبينا ﷺ لاثما له.
فإذا فاتك الحج وتلقيت الوفد: فالتزم الحاج وقبِّل فمه، وقل: فم مس بالتقبيل حجرا قبَّله خليلي ﷺ).

وقال عبد الله بن الإمام أحمد: "رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي ﷺ فيضعها على فيه يقبلها.
وأحسب أني رأيته يضعها على عينه، ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به.
ورأيته أخذ قصعة النبي ﷺ فغسلها في حب الماء، ثم شرب فيها، ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه".
فعلق الحافظ ‍الذهبي بقوله:
(قلت: أين المتنطع المنكر على أحمد؟!
وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي ﷺ ويمس الحجرة النبوية، فقال: لا أرى بذلك بأسًا!
أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج، ومن البدع).

وقال رادًّا على حجة رادًّا على الحجة الداحضة للبلداء وقد كان بهم خبيرا:
(فإن قيل: فهلا فعل ذلك الصحابة؟!
قيل: لأنهم عاينوه حيًّا، وتملوا به، وقبّلوا يده، وكادوا يقتتلون على وَضوئه، واقتسموا شعره المطهر يوم الحج الأكبر، وكان إذا تنخم لا تكاد نخامته تقع إلا في يد رجل فيدلك بها وجهه.
ونحن: فلما لم يصح لنا مثل هذا النصيب الأوفر: ترامينا على قبره بالالتزام والتبجيل، والاستلام والتقبيل.
ألا ترى كيف فعل ثابت البناني، الذي كان يقبل يد الصحابي خادم رسول الله أنس بن مالك ويضعها على وجهه ويقول : يدٌ مست يد رسول الله ﷺ.
وهذه الأمور لا يحركها من المسلم إلا فرط حبه للنبي ﷺ؛ إذ هو مأمور بحب الله ورسوله أشد من حبه لنفسه وولده والناس أجمعين).
قلت: وهذه الأخيرة هي المفصل والمحك، فدع عنك وسوسة الموسوسين وماديتهم البغيضة. وبالله التوفيق.
ولله در القائل:
ورُبّمَا أنكرَ ضيّقُ العَطَنْ ... والبَاعِ والبَحثِ عَليَّ فَطعَنْ
ولستُ إلّا مِن مَّشاهيرِ الكُتُبْ ... آخذُ، فلْيُزَكّها أو لِيَسُبْ
قال شيخ المذهب على الإطلاق، وإمام طبقته فمن بعدها باتفاق، وأحد أكابر أئمة السنة وشيوخ الإسلام، الإمام الفقيه الصوفي، الموفق ابن قدامة المقدسي (ت: ٦٢٠)، في سياق وصية طويلة سأله بعض الناس إياها:
"وإذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى تريد طلبها منه: فتوضأ وأحسن الوضوء، واركع ركعتين، وأثن على الله عز وجل، وصل على النبي ﷺ، ثم قل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم إني أسألك موجبات رحمتك ...
اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد ﷺ نبي الرحمة،
[يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي وربك عز وجل فيقضي لي حاجتي، ويذكر حاجته]". اهـ.
ولا عزاء للمحرومين، عافانا الله من سبيلهم.
يذكر ابن الجوزي في صيد الخاطر رحمه الله خواطر دقيقة محكمة،
"رأيت من البلاء العجاب، أن المؤمن يدعو فلا يجاب، فيكرر الدعاء وتطول المدة، ولا يرى أثراً للإجابة، فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر. وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طب. ولقد عرض لي من هذا الجنس، فإنه نزلت بي نازلة، فدعوت وبالغت، فلم أر الإجابة، فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده، فتارة يقول: الكرم واسع والبخل معدوم، فما فائدة تأخير الجواب؟ فقلت: اخسأ يا لعين، فما أحتاج إلى تقاضي، ولا أرضاك وكيلاً. ثم عدت إلى نفسي فقلت: إياك ومساكنة وسوسته، فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدِّر في محاربة العدو لكفى في الحكمة. قالت: فسلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة؟
فقلت: قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك، وللمالك التصرف بالمنع والعطاء، فلا وجه للاعتراض عليه.
والثاني: أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة، فربما رأيت الشيء مصلحة والحق أن الحكمة لا تقتضيه، وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب، من أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة، فلعل هذا من ذاك.
والثالث: أنه قد يكون التأخير مصلحة، والاستعجال مضرة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي).
والرابع: أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك، فربما يكون في مأكولك شبهة، أو قلبك وقت الدعاء في غفلة، أو لذنب ما صدقت في التوبة منه. فابحث عن بعض هذه الأسباب لعلك توقن بالمقصود.
والخامس: أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب، فربما كان في حصوله زيادة إثم، أو تأخير عن مرتبة خير، فكان المنع أصلح.
والسادس: أنه ربما كان فَقْدُ ما تفقدينه سبباً للوقوف على الباب واللجأ، وحصوله سبباً للاشتغال به عن المسؤول. وهذا الظاهر، بدليل أنه لولا هذه النازلة ما رأيناك على باب اللجأ. فالحق عز وجل عَلِمَ من الخلق اشتغالهم بالبر عنه، فلذعهم في خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه، يستغيثون به، فهذا من النعم في طي البلاء. وإنما البلاء المحض ما يشغلك عنه، فأما ما يقيمك بين يديه، ففيه جمالك.
وإذا تدبرت هذه الأشياء تشاغلت بما هو أنفع لك من حصول ما فاتك من رفع خلل، أو اعتذار من زلل، أو وقوف على الباب إلى رب الأرباب " انتهى. "صيد الخاطر" (ص/20-21).
وقال أيضا (ابن الجوزي): فالفقيه من علل بما يمكن، فإذا عجز، استطرح للتسليم، هذا شأن العبيد.
- فأما من يقول: لم فعل كذا؟ وما معنى كذا؟ فإنه يطلب الاطلاع على سر الملك، وما يجد إلى ذلك سبيلًا، لوجهين:
أحدهما: أن الله تعالى ستر كثيرًا من حكمه عن الخلق.
والثاني: أن ليس في قوى البشر إدراك حكم الله تعالى كلها فلا يبقى مع المعترض سوى الاعتراض المخرج إلى الكفر، قال تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [لحج: 15]، انتهى كلامه.
والمعنى للآية: من كان يعتقد أن الله تعالى لن يؤيد رسوله محمدًا بالنصر في الدنيا بإظهار دينه، وفي الآخرة بإعلاء درجته، وعذابِ مَن كذَّبه، فلْيَمدُدْ حبلا إلى سقف بيته وليخنق به نفسه، ثم ليقطع ذلك الحبل، ثم لينظر: هل يُذْهِبنَّ ذلك ما يجد في نفسه من الغيظ؟ فإن الله تعالى ناصرٌ نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم لا محالة.
#سلسلة_المسائل_العلمية:
#المسألة_الثانية_والثلاثون:
#توجيه_العلماء_لحديث_إذا_سمع_أحدكم_النداء:

وفيه ثلاثة فصول:
#الفصل_الأول:
#تمهيد_وتوطئة:
تمهيد وتوطئة:

بسم الله الرحمن الرحيم
توجيه العلماء لحديث إذا سمع أحدُكم النداء
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .وبعد ،،:
يفتى البعض بجواز الأكل والشرب في رمضان بعد أذان الفجر أو أثنائه مستدلين ببعض النصوص التي أخطئوا فهمها والتي تعارضها صراحة أحاديث الصحيحين وأقوال عامة أهل العلم – فوقعوا في المحظور وأوقعوا ، وعمدة فتواهم حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه أبو داود في سننه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " وكذلك استدلوا بما نقل عن الأعمش وإسحاق بن راهويه أنهما جوزا الأكل وغيره إلى طلوع الشمس .
وإليك أقوال أهل العلم التي توجه هذه النصوص التوجيه السليم دون الإفاضة حيث محلها المطولات .
والله نسأل أن يبصرنا جميعا بأمور ديننا وأن يهدينا سواء السبيل – آمين .
توطئة :
ما أن يظلّنا الشهر الكريم حتى يطالعنا البعض في كل إطلالة بفتيا تنتشر بين الناس بجواز الأكل والشرب عند أذان الفجر في رمضان مخالفين بذلك ظاهر قول الله تعالى :
"وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر." ، وصريح الأحاديث الصحيحة وأقوال عامّة أهل العلم المصرّحة بالمنع وحرمة الأكل والشرب بدخول الفجر ، فيجرّؤون العامة على تقحِّم المحرَّم فيأثمون ويبوؤون من أفتاهم بالجواز ، مستدلّين بالحديث الذي رواه أبوداوود عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضَعْه حتى يقضىَ حاجته منه." وهو حديث إن صحّ فلابدّ من حمله على أذان بلال الذي ليس هو بأذان إمساك كما يقول الإمام البيهقى .
فنقول :
أولاً :
إن كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطالبنا بترك الشبهات للاستبراء لديننا ، ويحذّرُنا من الحوم حول حما الحرام خشية الوقوع فيه (" فمن اتّقَى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام ..) فكيف بتقحِّم الحرام ومعارضة الحديث الصحيح الذي لا يحتمل غيره وتركه إلى حديث مُتَكَلّمٌ فيه ومُتَعَيّنٌ حمله على غيره ، فأين إذاً دعوى الإتباع !!! وفى طالع الشمس ما يغنيك عن زحل .
ثانياً :
الصيام من الواجبات المُضَيّقة كما هو معلوم ، والواجب المُضَيّق ما يتساوى فيه فعل العبادة ووقتها ، على معنى أنك لا تستطيع أن تصوم مرّتين في اليوم ولا تستطيع إعادة صيامك إذا فسد ، كالصلاة مثلاً التي يتّسع الوقت لإيقاعها والزيادة عليها ، أو استدراكها بالإعادة إذا فسدت ، وعلى ذلك فيجب الاحتياط للصيام ما لا يُحتاط لغيره لعدم إمكان استدراك فساده كما ذكرنا ، فإن كان الخروج مُستحباً من خلاف من أوجب شيئاً خالفه الجمهور فيه ، فكيف بمخالفة عمل عامة أهل العلم وما عليه الأمة ، أليست الحيطة هنا وجوباً لا مستحبا ؟
ثالثاً :
لنقف قليلاً عند هاتين العبارتين في الحديث الآنف ، ( إذا سمع أحدُكم النداء) النداء هو الأذان ، والمُؤذّن هو أمين الوقت الذي يُشعر الناس بدخول الوقت ، فما هي وسيلة مؤذّن اليوم الضابطة للوقت المشعرة بدخوله ؟
أليست الساعة والتوقيت المتعارف عليه ؟ وهى كذلك في رمضان وغيره ، إذن المُؤْذِنُ بدخول الوقت ليس المؤذّن باجتهاده كما في السابق بل ساعته وساعتي وساعتك ، والسؤال من يحسم دخول الفجر في رمضان صوت المؤذّن أم عقرب الساعة ؟ وماذا لو اختلف المؤذّنون ، هذا قبل دقيقة وهذا بعدها وذاك بعد دقيقتين أو دقائق فما الذي يحسم ذلك أليست الساعة ؟
أما العبارة الثانية ( حتى يقضى حاجته منه ) أي الإناء
نقول :الجواز هنا مُغَيّا بغاية وهى انقضاء حاجته ، والحكم مناط بانضباط العلة ، فما هو ضابط انقضاء حاجته ؟
ماذا لو كان نهماً ، فما هو ضابط الوقت حتى يقضى من الإناء حاجته ؟ فإن حدّدْتم وقتاً ، فَلِمَ لا يكون أقل أو أكثر مما حدّدتم ؟
اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا ، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

وللمتابعة:

https://www.tg-me.com/ahlussonna

للتواصل:
@ahlussonna_bot
#سلسلة_المسائل_العلمية:
#المسألة_الثانية_والثلاثون:
#توجيه_العلماء_لحديث_إذا_سمع_أحدكم_النداء:

#الفصل_الثاني:
تفسير قول الله تعالى (( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.))
قال الإمام الطبري في تفسيره :
" أولى التأويلَينِ بالآية ، التأويل الذي رُوى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الخيط الأبيض ، بياض النهار ، والخيط الأسود ، سواد الليل ." وهو معروف في كلام العرب ، قال أبو داو الإيادى:
( فلمّا أضاءت لنا سُدْفةٌ ### ولاح من الصبح خيطٌ أنارا )
◾️وأما الأخبار التي رُوِيَتْ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه شرب أو تسحّر ثم خرج إلى الصلاة ، فإنّه غير دافعٍ صحّة ما قلنا في ذلك ، لأنّه غير مستنكرٍ أن يكون شرب قبل الفجر ، ثم خرج إلى الصلاة ، إذ كانت الصلاة صلاة الفجر هي على عهده كانت تصلى بعد ما يطلع الفجر ، ويتبيّن طلوعه ، ويُؤَذّن لها قبل طلوعه .
وأمّا الخبر الذي رُوى عن حذيفة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتسحّر وأنا أرى مواقع النبل ، فإنه قد استُثْبِتَ فيه ، فقيل : أَبَعْدَ الصبح ؟ فلم يجبْ في ذلك بأنه كان بعد الصبح ، ولكنّه قال : هو الصبح ، وذلك من قوله ، يحتمل أن يكون معناه ، هو الصبح لقربه منه ، وإن لم يكن بعينه ، كما تقول العرب ، هذا فلان شبهاً ، وهى تشير إلى غير الذي سمّتْه ، فتقول : هو، هو تشبيهاً منها له به ، فكذلك قول حذيفة : هو الصبح : معناه ، هو الصبح شبهاً به وقرباً منه .
💫وقال ابن زيدٍ فى معنى الخيط الأبيض والأسود ، ما حدّثنى به يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ،
قال ابن زيد : ((حتى يتبّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.)) ، قال : الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل يكشف الليل ، والأسود ، ما فوقه .
وأمّا قوله((من الفجر )) فإنّه تعالى ذكره يعنى ، حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود الذي هو من الفجر ، وليس ذلك هو جميع الفجر ، ولكنه إذا تبيّن لكم أيّها المؤمنون من الفجر ذلك الخيط الأبيض الذي يكون من تحت الليل الذي فوقه سواد الليل ، فمن حينئذٍ فصوموا ، ثم أتمّوا صيامكم من ذلك الليل ، وبمثل ما قلنا فى ذلك كان ابن زيدٍ يقول : حدّثنى يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال ، قال ابن زيد فى قوله ((من الفجر)) قال :
ذلك الخيط الأبيض هو من الفجر نسبةً إليه ، وليس الفجرَ كلَّه ، فإذا جاء هذا الخيط وهو أوَّلُه ، فقد حلّت الصلاةُ ، وحَرُمَ الطعام والشراب على الصائم .
وفى قوله تعالى ذكره :
♦️(( وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، ثمّ أتمّوا الصيام إلى الليل .)) ، أوضح الدلالة على خطأ قولِ من قال ، حلالٌ الأكلُ والشربُ لمن أراد الصوم إلى طلوع الشمس ، لأنّ الخيط الأبيض من الفجر يتبيّن عند ابتداء طلوع أوائل الفجر ، وقد جعل الله تعالى ذكره ذلك حدّاً لمن لزمه الصوم في الوقت الذي أباح له الأكل الشرب والمباشرة ، فمن زعم أنّ له أن يتجاوز ذلك الحدّ ، قيل له ، أرأيت إن أجاز له آخر ذلك ضحوة أو نصف النهار.
💬وقال الإمام الفخر الرازي في تفسيره الآية السابقة :
فيه مسائل :
🔹المسألة الأولى :
روى أنّه لمّا نزلت هذه الآية قال عدىُّ بن حاتم ، أخذت عقالين أبيض و أسود فجعلتُهما تحت وسادتي ، وكنت أقوم من الليل فأنظر إليهما ، فلم يتبيّن ْ لي الأبيض من الأسود ، فلما أصبحتُ غدوتُ إلى رسول الله صلّى وسلّم ، فأخبرته فضحك ، وقال :
" إنّك لعريض القفا ، إنّما ذلك بياض النهار و سواد الليل ."، وإنما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنك لعريض القفا ، لأنّ ذلك مما يُستدل به على بلاهة الرجل ،
ونقول : يدل قطعاً على أنّه تعالى كنّى بذلك عن بياض أوّل النهار و سواد آخر الليل ، وفيه إشكال وهو أنّ بياض الصبح المشبّه بالخيط الأسود هو بياض الصبح الكاذب ، لأنه بياض مستطيل يشبه الخيط ، فأما الصبح الصادق فهو بياض مستدير في الأفق ، فكان يلزم بمقتضى هذه الآية أن يكون أول النهار من طلوع الصبح الكاذب ، وبالإجماع أنّه ليس كذلك .
وجوابه :
أنه لولا قوله تعالى في آخر الآية (( من الفجر)) لكان السؤال لازما، وذلك لأنّ الفجر إنّما يُسَمَّى فجراُ لأنّه ينفجر منه النور ، وذلك إنما يحصل في الصبح الثاني ، لا في الصبح الأوّل ، فلمّا دلّت الآية على أنّ هذا الخيط الأبيض يجب أن يكون من الفجر ، علمنا أنّه ليس المراد منه الصبح الكاذب ، بل الصبح الصادق ،
فإن قيل، فكيف يُشَبّه الصبح الصادق بالخيط مع أنّ الصبح الصادق ليس بمستطيل والخيط مستطيل
فجوابه :
أنّ القدْر من البياض الذي يحرم هو أوّل الصبح الصادق ، وأوّل الصبح الصادق لا يكون منتشراً بل يكون صغيرا ً دقيقا، بل الفرق بينه وبين الصبح الكاذب أنّ الصبح الكاذب يطلع دقيقاً ، والصادق يبدو دقيقا ، ويرتفع مستطيلا ، فزال السؤال .
🔹المسألة الثانية : لا شك أن كلمة "حتى" لانتهاء الغاية ، فدلت هذه الآية على أنّ حِل المباشرة والأكل والشرب ينتهي عند طلوع الصبح .
🔹المسألة الثالثة :
▫️زعم الأعمش أنّه يحلّ الأكل والشرب والجماع بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس قياساً لأوّل النهار على آخره ، فكما أنّ آخرَه بغروب القرص، وجب أن يكون بطلوع القرص، وقال في الآية أنّ المراد بالخيط الأبيض و الخيط الأسود ، النهار والليل، ووجه الشبه ليس إلا في البياض والسواد ، فأمّا أن يكون التشبيه في الشكل مراداً فهذا غير جائز، لأنّ ظلمة الأفق حال طلوع الصبح لا يمكن تشبيهه بالخيط الأسود في الشكل البتة ، فثبت أنّ المراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود هو النهار والليل ، ثم لمّا عن حقيقة الليل في قوله تعالى :
(( ثم أتمّوا الصيام إلى الليل )) وجدناها عبارة عن زمان غيبة الشمس بدليل أنّ الله تعالى سمَّى ما بعد المغرب ليلا ً مع بقاء الضوء فيه فثبت أن يكون الأمر في الطرف الأوّل من النهار كذلك ، فيكون قبل طلوع الشمس ليلا ، وأن لا يوجد النهار إلا عند طلوع القرص ، فهذا تقرير قول الأعمش ، ومن الناس من سلّم أنّ أوّل النهار إنّما يكون من طلوع الصبح ، فقاس عليه آخر النهار ، ومنهم من قال : لا يجوز الإفطار إلا بعد غروب الحمرة ، ومنهم من زاد عليه وقال : بل لا يجوز الإفطار إلا بطلوع الكواكب ، وهذه المذاهب قد انقرضت ، والفقهاء أجمعوا على بطلانها ، فلا فائدة في استقصاء الكلام فيها .
♦️أقوال السادة العلماء :
اتفق أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين على أن الصيام يدخل بطلوع الفجر أي أذان الفجر الثاني .
▫️قال الإمام المرغينانى رحمه الله تعالى فى كتابه الهداية :
ووقت الصوم من حين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، لقوله تعالى : (( وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط )) إلى أن قال ((ثم أتمّوا الصيام إلى الليل)) ، والخيطان بياض النهار وسواد الليل ( والصوم هو الإمساك عن الشرب والجماع نهاراً مع النيّة ) ، لأنّه في حقيقة اللغة :
هو الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، لورود الاستعمال فيه إلا أنّه زيد عليه النيّة في الشرع لتتميّزَ بها العبادة عن العادة ، واختصّ بالنهار لما تلونا ، ولأنّه لمّا تعذّر كان تعيين النهار أولى ليكون على خلاف العادة ، وعليه مبنى العبادة َ.
▫️قال الإمام السرخسي الحنفي رحمه الله تعالى في كتابه المبسوط معرفاً الصوم بأنه :
" إمساك مخصوص وهو الكفُّ عن قضاء الشهوتين شهوة البطن وشهوة الفرج من شخص مخصوص وهو أن يكون مسلماً طاهراٍ من الحيض والنفاس في وقت مخصوص وهو ما بعد طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس ."
وقال في موضع آخر من كتابه :" وجعل أول الوقت من حين يطلع الفجر بقوله تعالى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم ) الآية قال أبو عبيد الخيط الأبيض الصبح الصادق والخيط اللون ."
وقال الإمام القدوري الحنفي رحمه الله تعالى في مختصره المسمى بـ الكتاب :
" وَوَقتُ الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ."
▫️وعلق الإمام الغنيمي الحنفي رحمه الله تعالى في كتابه اللباب شرح الكتاب :
"ووقت الصوم حين طلوع الفجر الثاني الذي يقال له الصادق ، إلى غروب الشمس ، لقوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) إلى أن قال : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) والخَيْطَان : بياض النهار وسواد الليل ."
قال الإمام ابن رشد رحمه الله في بداية المجتهد :
وأمّا التي تتعلّق بزمان الإمساك ، فإنّهم اتفقوا على أنّ آخره غيبوبة الشمس لقوله تعالى : (( ثم أتمّوا الصيام إلى الليل )) واختلفوا في أوّله : فقال الجمهور : هو طلوع الفجر الثاني المستطيل الأبيض ، لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، أعنى حدَّه بالمستطيل ، ولظاهر قوله تعالى :
(( حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض.)) الآية ، وشذّت فرقةٌ ، فقالوا ، هو الأحمر الذي يكون بعد الأبيض ، وهو نظير الشفق الأحمر ، وهو مروِىٌّ عن أبى حنيفة ، وابن مسعود .
وسبب هذا الخلاف ، هو اختلاف الآثار في ذلك ، واشتراك اسم الفجر ، أعنى أنّه يقال على الأبيض و الأحمر.
وأمّا بقية الأقوال للفقهاء والآثار التى احتجّوا بها فسنوردها في الفصل الأخير من هذه المسألة وهو خلاصة مهمة تستدعي الانتباه والتنبيه عليها وسنأتي عليه غدا إن شاء الله تعالى والحمد لله رب العامين .


للمتابعة:

https://www.tg-me.com/ahlussonna

للتواصل:
@ahlussonna_bot
#سلسلة_المسائل_العلمية:
#المسألة_الثانية_والثلاثون:
#توجيه_العلماء_لحديث_إذا_سمع_أحدكم_النداء:

#الفصل_الثالث:
بسم الله الرحمن الرحيم
🔲متابعة في توجيه العلماء لحديث إذا سمع أحدُكم النداء وبقية الأقوال للفقهاء والآثار التى احتجّوا بها

▫️ومنها : حديث زِرِّ ، عن حذيفة ، قال " تسحّرْتُ مع النبي صلى الله عليه وسلّم ، ولو أشاء أن أقول ، هو النهار ، إلا أنّ الشمس لم تطلع ."
▫️وخرّج أبوداوود عن قيس بن طلق ،عن أبيه ، أنّه – عليه الصلاة والسلام قال :
" كلوا واشربوا ولا يَهيدَنّكم الساطع المصعَد ، فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر ." قال أبوداوود : هذا ما تفرّد به أهل اليمامة ، وهذا شذوذ ، فإنّ قوله تعالى : (( حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض)) الآية ، نصٌّ في ذلك ، أو كالنّصّ ، والذين رأوا أنّه الفجر الأبيض المستطيل هم الجمهور، وهو المعتمد .
🔸وقال القاضي أبو محمد بن عطية الأندلسي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الوجيز في تفسير الكتاب العزيز :
" واختلف في الحد الذي بتَبَيّنِهِ يجب الإمساكُ، فقال الجمهور - وبه أخذ الناس ومضت عليه الأمصار والأعصار ووردت به الأحاديث الصحاح - ذلك الفجر المعترض الآخذ في الأفق يمنه ويسره ، فبطلوع أوله في الأفق يجب الإمساك ، وهو مقتضى حديث ابن مسعود وسمرة بن جندب ."
🔸وقال الإمام الخرشي المالكي رحمه الله تعالى في حاشيته على مختصر الإمام خليل معرفا الصوم بأنه : "الإمساك عن شهوتي الفم والفرج أو ما يقوم مقامهما مخالفة للهوى في طاعة المولى في جميع أجزاء النهار بنية قبل الفجر ."
🔸وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه المجموع :
"هذا الذي ذكرناه من الدخول في الصوم بطلوع الفجر وتحريم الطعام والشراب والجماع به هو مذهبُنا ومذهبُ أبي حنيفة ومالك وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم قال ابن المنذر وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس وعلماء الأمصار قال وبه نقول .
🔹وروى عن حذيفة أنه لما طلع الفجر تسحّر ثم صلّى ، ورُوِىَ معناه عن ابن مسعود وقال مسروق لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق قال : وكان إسحاق يميل إلى القول الأول من غير أن يطعن على الآخرين قال إسحاق :
ولا قضاء على من أكل في الوقت الذي قال هؤلاء هذا كلام ابن المنذر . وحكي أصحابنا عن الأعمش واسحق بن راهويه أنهما جوَّزا الأكل وغيره إلى طلوع الشمس ولا أظنه يصح عنهما .
🔹واحتج أصحابنا والجمهور على هؤلاء بالأحاديث الصحيحة المشهورة المتظاهرة منها حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه قال لما نزلت ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) قلت : يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين عقالا أبيض وعقالا أسود أعرف الليل من النهار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنّ وسادك لعريض إنما هو سواد الليل وبياض النهار "
رواه البخاري ومسلم .
♦️وعن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال أُنزلت ( وكلوا واشربوا حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) ولم ينزلْ من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الأبيض والخيط الأسود ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما ، فأنزل الله تعالى من الفجر فعلموا أنه يعني به الليل من النهار " . رواه البخاري ومسلم .
🔸وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرّنّكُم أذانُ بلال ولا هذا العارض لعمود الصبح حتى يستطير " رواه مسلم .
🔹وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يمنعن أحدكم – أو أحد منكم – أذان بلال من سحوره فانه يؤذن أو ينادي بليل ليرجع قائمكم وينبه نائمكم " .
رواه البخاري ومسلم ." اهـ
◾️وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في كتابه المغنى :
"والصوم هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس وروي معنى ذلك عن عمر وابن عباس وبه قال عطاء وعوامُّ أهل العلم ، وروي عن علي رضي الله عنه أنه لما صلى الفجر قال :
الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود . وعن ابن مسعود نحوه ، وقال مسروق : لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق ، وهذا قول الأعمش .
ولنا ( أي دليلنا ) قول الله تعالى : ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) يعني بياض النهار من سواد الليل وهذا يحصل بطلوع الفجر قال ابن عبد البر في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
إن بلال يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " دليل على أن الخيط الأبيض هو الصباح وأن السحور لا يكون إلا قبل الفجر وهذا إجماع لم يخالف فيه إلا الأعمش وحده فشذّ ولم يعرِّجْ أحدٌ على قوله ، والنهار الذي يجب صيامه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، قال هذا قول جماعة علماء المسلمين ." اهـ
#خلاصة: ولقد لخص شيخنا د. محمد حسن هيتو حفظه الله تعالى أقوال الأئمة في كتابه فقه الصيام قائلا "اتفق الفقهاء على أن الصيام يدخل بطلوع الفجر الثاني ، وهو الفجر الصادق ، وهو الزمن الذي يؤذن فيه الأذان الثاني في عرفنا اليوم ، فبمجرد الأذان يصير الإنسان متلبساً بالصيام ، فيحرم عليه الطعام ، والشراب ، وكل منافٍ للصيام مما يجب الإمساك عنه ، وهذا ما عليه العمل في مختلف أمصار الإسلام على كرِّ الأعصار ، وهو مذهب أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وجماهير العلماء من الصحابة ، والتابعين فمَنْ بعدَهم .
▫️قال ابن المنذر : وبه قال عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، وعلماء الأمصار ، قال : وبه نقول،
والدليل على هذا ما رواه البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال :
لما نزلت (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) قلت : يا رسول الله ، إني أجعل تحت وسادتي عقالين ، عقالا أبيض وعقالا أسود ، أعرف الليل من النهار ، فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم " إن وسادك لعريض ، إنما هو سواد الليل ، وبياض النهار " .
🔹وما رواه البخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن ، أو قال : ينادي – بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم ، وليس الفجر أن يقول : هكذا – وجمع بعض الرواة كفيه – حتى يقول هذا ، ومد أصبعيه السبابتين ."
🔸وما رواه البخاري ، ومسلم ، ومالك ، والنسائي عن عائشة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن بلال يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم "
وفي رواية عنها وعن ابن عمر : أن بلال كان يؤذن بليل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر ".
◾️وفي رواية للبخاري ، ومسلم ، ومالك ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن بلال ينادي بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ، قال : وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى ، لا ينادي حتى يقال له : أصبحت ، أصبحت ."
▫️وروى النسائي عن أنيسة بنت حبيب الأنصارية رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أذّن ابن أم مكتوم فلا تأكلوا ولا تشربوا ، وإذا أذّن بلال كلوا واشربوا " .
فهذه الأحاديث كلها صحيحة صريحة في وجوب الامتناع عن الطعام بسماع النداء للصلاة ، فإذا سمع الصائم الأذان ، وجب عليه أن يترك طعامه وشرابه ، فإن استمر في طعامه فهو مفطر ، ويلزمه ما يلزم المفطر من الأحكام ، وإن كان في فمه لقمة طعام ، فإنه لا يجوز له أن يبتلعها ، أو جرعة ماء فإنه لا يجوز له أن يسيغها ، بل يجب عليه أن يقذفها ، وإلا اعتبر مفطراً فليتنبه المسلمون لهذا ، وليحرصوا عليه .اهـ
هذه بعض أقوال العلماء في بداية الصوم ومن أراد الاستزادة فعليه الرجوع إلى كتب المذاهب وكتب التفسير فسيسجد فيها بغيته .
♦️توجيه العلماء لحديث أبى داوود:♦️
🔲أما فيما يتعلق بشرح الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضى حاجته منه " فقد علق الإمام الخطابي رحمه الله في كتابه معالم السنن شرح سنن أبي داود قائلا :
🔸هذا على قوله أن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ، أو يكون معناه إن سمع الأذان وهو يشك في الصبح مثلُ أن يكون السماء متغيِّمة فلا يقع له العلم بأذانه أن الفجر قد طلع لعلمه أن دلائل الفجر معدومة ولو ظهرت للمؤذن لظهرت له أيضاً ، فإذا علم انفجار الصبح فلا حاجة إلى أوان الصبح أذان الصارخ لأنه مأمور بأن يمسك عن الطعام والشراب إذا تبين له الخيط الأبيض من الخيط السود من الفجر ."اهـ
وأخرج البيهقى في السنن الكبرى عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعْه حتى يقضِىَ حاجته منه ، قال ، وحدّثنا حمّاد بن سلمة عن عمار بن أبى عمّار عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مثلُه ،
#مهمة ▫️قال الرياحى في روايته وزاد ، وكان المؤذنون يؤذّنون إذا بزغ الفجر وكذلك رواه غيرُه عن حمّاد ، وهذا إن صحّ فهو محمول عند عوامِّ أهل العلم على أنّه صلّى الله عليه وسلّم عَلِمَ أنّ المنادى كان ينادى قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر ،وقول الراوي ، وكان المؤذّنون يؤذّنون إذا بزغ ، يحتمل خبراً منقطعاً ممّن دون أبى هريرة ، أو يكون خبراً عن الأذان الثاني ،
2025/07/14 03:21:09
Back to Top
HTML Embed Code: