Telegram Web Link
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
قال المفتي أحمد يار خان النعيمي رحمه الله: إن إيمان آمنة رضي الله عنها أم النبي صلى الله عليه وسلم ثابت من آية قرآنية واضحة حينما سأل إبراهيم اللهَ تعالى ﴿وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ﴾[البقرة: 128] إلى أن سأل: ﴿رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ…
2-مَصيرُ أبَوَيْ رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-بَعْدَ مَوْتِهما-القَسمُ الثَّاني:
ب-نَقْدُ الحديثِ الشَّريفِ سَنَداً لِتَعارُضِهِ
معَ الأحاديثِ الصَّحيحةِ المُتَّفِقةِ معَ صريحِ القرآنِ الكريمِ:
1) أخرجَ البخاريُّ (4315) حديثاً في مَوْقِعَةِ (حُنَيْنٍ) أنَّ النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-لمَّا تُوَلَّى عَنهُ المُسلمونَ قالَ: «أنا النَّبيُّ لا كَذِب أنا ابنُ عبدِ المُطَّلِب»، وهنا يَتبيَّنُ أنَّ الرَّسولَ يَفْخَرُ بِبُنوَّتِه لِجَدِّهِ (عبدِالمُطَّلِبِ)؛ والثَّابتُ أنَّ اللهَ أنزلَ في كتابِه:
« وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ..»، [التَّوبة: 3]،
فَلَوْ كانَ جَدُّه -صلواتُ اللهِ عليهِ وسَلَّمَ مِنَ المشركينَ الخالدينَ في النَّارِ لتَبَرَّأ النَّبيُّ مِنهُ تَصديقاً لِنَصِّ القرآنِ، كما تَبرَّأُ النَّبيُّ إبراهيمُ
-عليهِ السَّلام- مِن أبيهِ: قالَ اللهُ-عَزَّ وجَلَّ-:
« وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ..»، [التَّوبة: 114]، فلا يُتَصَوَّرُ أنْ يَفخرَ النَّبيُّ بِجَدِّه المُشركِ وهوَ مُطالَبٌ بِالبراءةِ مِنهُ ما يُؤَكِّدُ أنَّهُ تُوُفِّيَ على التَّوحيدِ.
2) أخرجُ مُسلمٌ نفسُهُ (2276) قَوْلَ النَّبيِّ
-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحَديثِ:عَنْ وَاثِلةَ بنِ الأسْقِعِ-رضيَ اللهُ عنهُ-، يقولُ: سَمِعتُ رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:
«إنَّ اللهَ اصْطَفى كِنانةَ مِن وَلَدِ إسماعيلَ. واصْطَفى قُريْشاً مِن كِنانةَ. واصْطَفى مِن قُريْشٍ بَني هاشِمٍ. واصْطَفاني مِن بَني هاشمٍ». رواهُ مُسلمٌ،
وأخرجَهُ التَّرمذيُّ (3606)، وأحمدُ (16986) كِلاهُما بِلفظِه.
ولا أعلمُ مَعنَىً في الاصْطِفاءِ إلَّا النَّسبَ المُتَسَلْسِلَ الطَّاهرَ المُبَرَّأَ مِنَ الشِّركِ لأنَّ اللهَ -سُبحانَه- قالَ في كِتابِه العزيزِ:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ..»
« التَّوبة:28»،
فلا يُمكِنُ أنْ يَصْطَفِيَ اللهُ النَّجسَ؛ ولكنَّ الاصْطفاءَ لِلْمُوحِّدينَ الأطهارِ؛ وذلكَ ما يُؤكِّدُ توحيدَ آباءِ النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ كما يُؤكِّدُ بُطلانَ وَوَهمَ ماوَردَ في حَديثَيْ (مُسلمٍ).
3) قولُ اللهِ تعالى في كتابِه: «وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ»
[الشُّعراء: 219]،
جاءَ عَنِ ابنِ عباسٍ في التَّفسيرِ أنَّ المَعنى هوَ تَقَلُّبُ النَّبِي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-في أصلابِ أجدادِه مِنَ السَّاجدينَ قَبلَ مَولِدِه.
نَقْدُ السَّندِ في الحَديثَيْن:
1) هَذانِ الحَديثانِ مِن أفرادِ مُسلمٍ أيْ: ما انْفرَدَ بِهِ عَنِ البُخاريِّ ولم يُتابِعْهُ عليهِ إلَّا بعضُ كُتبِ السُّننِ والمَسانيدِ، وذلكَ بِنظرِ أهلِ الحديثِ يُعَدُّ نُزولاً عَن درجةِ الحديثِ الذي اتَّفقا عليهِ البخاريُّ ومسلمٌ مَعَ أنَّ رأيَنا في هَذهِ المَسألةِ بَخلافِ ذلكَ فَمِنَ الجَائزِ أيضاً اجتماعُهم على حديثٍ بِهِ عِلَلٌ كثيرةٌ؛ فالعِصمَةُ للهِ ورسولِه ولا لأحدٍ بعدَهُما.
2) هَذانِ الحَديثانِ (آحادٌ) وقد قرَّرَ الكثيرُ مِن علماءِ الحَديثِ قَديماً وحَديثاً أنَّ (الآحادَ) لا يُقامُ عليهِ عَملٌ ولا عَقيدةٌ، وليسَ هذا فَحَسْب؛ بلْ هو مُخالِفٌ كما أوْضَحْنا لِصريحِ القرآنِ والنَّقلِ.
3) أمَّا الرُّواةُ فَفي حَديثِ (أبي وأباكَ) الرَّاوي هو (حَمَّادُ بنُ سَلَمةَ) وقدْ وثَّقَه بعضُ العُلماءِ وردَّهُ بعضُهم، كما أنَّ البُخاريَّ نَفْسَه لم يَقبلْ أنْ يُخرِّجَ لهُ ولو حديثاً واحداً كتَّقريرٍ مِنهُ بَضَعفِ رِوايتِه؛ لأنَّه كانَ يُخطِئُ كثيراً وكان يَروي بِالمَعنى وليسَ باللَّفظِ، وجاءَ في (حَمَّادٍ) عِندَ عُلَماءِ الجَّرحِ والتَّعديلَ قولُ (أبو حاتمٍ) في الجَّرحِ والتَّعديلِ (9/66): «حمَّادُ ساءَ حِفظُهُ في آخرِ عُمُرِه»، أمَّا أهمُّ ما قيلَ فيهِ فقد قالَ (الزَّيْلَعِي) في نَصُبِ الرَّايةِ (1/285): «لَمَّا طَعنَ في السِّنِ ساءَ حِفظُه. فالاحتياطُ أنْ لا يُحتَجَّ بِهِ فيما يُخالِفُ الثِّقاتِ»، والكلامُ مَعناهُ مُهِمٌ وهوَ أن حديثَه إذا خالفَ الثِّقاتِ لا يُحتَجُّ بِهِ، وقدَ خالفَ القرآنَ الكريمَ بذاتِه، فأيُّ مُخالفةٍ بَعدُ.
الخُلاصةُ:
هذانِ الحديثانِ مَردودانِ لا يَصِحُّ مِنهُما شَيْءٌ لمُعارضَتِهما القرآنَ الكريمَ والأحاديثَ المُتَّفِقةَ مَعَ ظاهرِ آياتِه، لأنَّه لا يُمكنُ ردُّ النَّصِ القُرآنِيِّ الذي هو قَطْعِيُّ الثُّبوتَ وقَطعِيُّ الدِّلالةِ بِنصٍّ ظَنِّيِّ الثُبوتِ وظَنِيِّ الدَّلالةِ إنْ تعارضَا، فالآياتُ الكريماتُ لا تَحتمِلُ إلَّا الثُّبوتَ ولا يَحتَملُ مَعناها مَعنىً آخرَ غيرَ ظاهرِها.
منقول منقول
5
2025/09/15 23:19:24
Back to Top
HTML Embed Code: