قال الحسن البصري رضي الله عنه:
(أكثروا الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، وأين ما كنتم؛ فإنكم لا تدرون في أي وقت تنزل البركة).
[«شعب الإيمان» للإمام البيهقي (647)]
(أكثروا الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، وأين ما كنتم؛ فإنكم لا تدرون في أي وقت تنزل البركة).
[«شعب الإيمان» للإمام البيهقي (647)]
❤17👍2🥰2
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى :
*أشدّ أنواع العقوبة على المعصية: سلب الإيمان، ولذّة المناجاة، ونسيان القُرآن، وإهمال الإستغفار*
📚ذمّ الهوى (٢١٠)
*أشدّ أنواع العقوبة على المعصية: سلب الإيمان، ولذّة المناجاة، ونسيان القُرآن، وإهمال الإستغفار*
📚ذمّ الهوى (٢١٠)
😢10💔4
(1)
هل مات الإمام على عقيدة غير العقيدة التي كان عليها بعد توبته من الإعتزال ؟
يرى البعض أن الإمام أبا الحسن الأشعري رحمه الله تعالى قد مرّ في حياته بثلاث مراحل:
الإمام الأشعري رحمه الله تعالى عَلَمٌ من أعلام المسلمين يشار إليه بالبنان، وتعقد على كلماته الخناصر، فهو ليس بنكرة من الناس، ولا برجل مجهول يخفى على الناس أمره لا سيما في قضية مثل هذه التي نحن بصددها، فلو كان الأمر كما جاء في الدعوى، وأنه مر بثلاث مراحل في حياته فلا بد أن يكون المؤرخون قد ذكروا هذا وبينوه، ولكان ـ حتماً ـ قد اشتهر عنه وانتشر كما ذاع وانتشر أمر رجوعه عن الاعتزال إذ لم يَبْقَ أحد ممن ترجم له إلا وذكر قصة صعوده المنبر وتبرِّيه من الاعتزال، فهل ذكر أحد من المؤرخين شيئاً عن رجوع الإمام عن منهج عبدالله بن سعيد بن كلاّب؟.
عند الرجوع إلى كتب التاريخ لا نجد أي إشارة إلى هذا لا من قريب ولا من بعيد، بل نجد المؤرخين كلهم مطبقين على أن الإمام أبا الحسن بعد هجره للاعتزال والمعتزلة رجع إلى مذهب السلف الصالح، وصنف على طريقتهم كتبه اللاحقة الإبانة وغيرها من الكتب التي صنفها في نصرة مذهب أهل الحق.
قال الإمام أبو بكر بن فورك رحمه الله تعالى (تبيين كذب المفتري ص127):
(انتقل الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري رضي الله عنه من مذاهب المعتزلة إلى نصرة مذاهب أهل السنة والجماعة بالحجج العقلية، وصنَّف في ذلك الكتب..) اهـ.
وقال عنه ابن خلكان (وفيات الأعيان 3/284):
(هو صاحب الأصول والقائم بنصرة مذهب السنة… وكان أبو الحسن أولاً معتزلياً ثم تاب من القول بالعدل وخلق القرآن في المسجد الجامع بالبصرة يوم الجمعة) اهـ.
وفي سير أعلام النبلاء (15/89) قال عنه الذهبي:
(وبلغنا أن أبا الحسن تاب وصعد منبر البصرة، وقال: إني كنت أقول بخلق القرآن… وإني تائب معتقد الردّ على المعتزلة) اهـ.
وعند العلامة ابن خلدون رحمه الله (المقدمة ص853):
(إلى أن ظهر الشيخ أبو الحسن الأشعري وناظر بعض مشيختهم ـ أي المعتزلة ـ في مسائل الصلاح والأصلح، فرفض طريقتهم وكان على رأي عبدالله بن سعيد بن كلاّب وأبي العباس القلانسي والحارث المحاسبي من أتباع السلف وعلى طريقة السنة) اهـ.
فأثبت أن الإمام بعد رجوعه عن الاعتزال كان على رأي عبدالله بن كلاّب والقلانسي والمحاسبي وهؤلاء كلهم على طريقة السلف والسنة.
وهكذا كل كتب التاريخ التي ترجمت للإمام أبي الحسن، مثل تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وطبقات الشافعية للسبكي وشذرات الذهب لابن العماد والكامل لابن الأثير وتبيين كذب المفتري لابن عساكر وترتيب المدارك للقاضي عياض وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة وطبقات الشافعية للأسنوي والديباج المذهب لابن فرحون ومرآة الجنان لليافعي وغيرها، كلها مطبقة على أن الإمام أبا الحسن بعد توبته من الاعتزال رجع إلى مذهب السلف والسنة.
أضف إلى ذلك، أن رجوع الإمام المزعومَ هذا لو ثبت عنه لكان أولى الناس بمعرفته ونقله هم أصحابه وتلامذته، لأن أولى الناس بمعرفة الرجل هم خاصته وأصحابه وأتباعه الملازمون له، فهؤلاء هم أقرب الناس إليه وأعرفهم بأحواله وأقواله وآرائه، لا سيما في قضية مهمة مثل هذه القضية التي تتوفر الدواعي على نقلها، وتتحفز الأسماع على تلقفها، خاصة من إمام كبير مثل الإمام أبي الحسن، وعند الرجوع إلى أقوال أصحابه وأصحاب أصحابه أيضاً لا نجد أي إشارة تفيد ذلك، بل نجدهم متفقين على أن الإمام كان بعد هجره للاعتزال على منهج السلف والسنة الذي كان عليه المحاسبي وابن كلاب والقلانسي والكرابيسي وغيرهم، فهذه مؤلفات ناصر مذهب الأشعري القاضي أبي بكر الباقلاني رحمه الله تعالى كالإنصاف والتمهيد وغيرها، ومؤلفات ابن فورك ومؤلفات أبي بكر القفال الشاشي وأبي إسحق الشيرازي وأبي بكر البيهقي وغيرهم من أصحاب الإمام وأصحاب أصحابه وتلاميذهم ليس فيها أي ذكر أو إشارة لهذا الأمر الذي هو من الأهمية بمكان، فهل يعقل أن يرجع الإمام عن مذهبه ويهجره ثم لا يكون لهذه الحادثة المهمة أي ذكر عند أحد من أصحابه وتلاميذه وهو من هو جلالة وقدراً؟! أم تُراه قد رجع عن ذلك سرّاً وهو الذي حين قرر هجر مذهب المعتزلة اعتلى منبر المعتزلة نفسَه ليعلن ذلك على الملأ؟!
كلا، ليس الأمر كما جاء في هذه الدعوى، بل الحق الذي لا مرية فيه هو أن الإمام لم يمرّ في حياته إلا بمرحلتين، الاعتزال ثم الرجوع إلى طريق السلف، وليس لمن يقول بخلاف هذا الأمر من دليل ولا شبهة دليل.
ومن يقول بهذه الدعوى يعتمد في قوله هذا على أسلوب الإمام في تأليف كتاب الإبانة وبعض الرسائل الأخرى، فقد اتبع الإمام فيها طريق التفويض الذي هو طريق جمهور السلف، فبنوا على هذا الأسلوب مخالفة الإمام الأشعري لآراء ابن كُلاّب الذي يتهمونه بأنه لم يكن على طريق السلف.
هل مات الإمام على عقيدة غير العقيدة التي كان عليها بعد توبته من الإعتزال ؟
يرى البعض أن الإمام أبا الحسن الأشعري رحمه الله تعالى قد مرّ في حياته بثلاث مراحل:
الإمام الأشعري رحمه الله تعالى عَلَمٌ من أعلام المسلمين يشار إليه بالبنان، وتعقد على كلماته الخناصر، فهو ليس بنكرة من الناس، ولا برجل مجهول يخفى على الناس أمره لا سيما في قضية مثل هذه التي نحن بصددها، فلو كان الأمر كما جاء في الدعوى، وأنه مر بثلاث مراحل في حياته فلا بد أن يكون المؤرخون قد ذكروا هذا وبينوه، ولكان ـ حتماً ـ قد اشتهر عنه وانتشر كما ذاع وانتشر أمر رجوعه عن الاعتزال إذ لم يَبْقَ أحد ممن ترجم له إلا وذكر قصة صعوده المنبر وتبرِّيه من الاعتزال، فهل ذكر أحد من المؤرخين شيئاً عن رجوع الإمام عن منهج عبدالله بن سعيد بن كلاّب؟.
عند الرجوع إلى كتب التاريخ لا نجد أي إشارة إلى هذا لا من قريب ولا من بعيد، بل نجد المؤرخين كلهم مطبقين على أن الإمام أبا الحسن بعد هجره للاعتزال والمعتزلة رجع إلى مذهب السلف الصالح، وصنف على طريقتهم كتبه اللاحقة الإبانة وغيرها من الكتب التي صنفها في نصرة مذهب أهل الحق.
قال الإمام أبو بكر بن فورك رحمه الله تعالى (تبيين كذب المفتري ص127):
(انتقل الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري رضي الله عنه من مذاهب المعتزلة إلى نصرة مذاهب أهل السنة والجماعة بالحجج العقلية، وصنَّف في ذلك الكتب..) اهـ.
وقال عنه ابن خلكان (وفيات الأعيان 3/284):
(هو صاحب الأصول والقائم بنصرة مذهب السنة… وكان أبو الحسن أولاً معتزلياً ثم تاب من القول بالعدل وخلق القرآن في المسجد الجامع بالبصرة يوم الجمعة) اهـ.
وفي سير أعلام النبلاء (15/89) قال عنه الذهبي:
(وبلغنا أن أبا الحسن تاب وصعد منبر البصرة، وقال: إني كنت أقول بخلق القرآن… وإني تائب معتقد الردّ على المعتزلة) اهـ.
وعند العلامة ابن خلدون رحمه الله (المقدمة ص853):
(إلى أن ظهر الشيخ أبو الحسن الأشعري وناظر بعض مشيختهم ـ أي المعتزلة ـ في مسائل الصلاح والأصلح، فرفض طريقتهم وكان على رأي عبدالله بن سعيد بن كلاّب وأبي العباس القلانسي والحارث المحاسبي من أتباع السلف وعلى طريقة السنة) اهـ.
فأثبت أن الإمام بعد رجوعه عن الاعتزال كان على رأي عبدالله بن كلاّب والقلانسي والمحاسبي وهؤلاء كلهم على طريقة السلف والسنة.
وهكذا كل كتب التاريخ التي ترجمت للإمام أبي الحسن، مثل تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، وطبقات الشافعية للسبكي وشذرات الذهب لابن العماد والكامل لابن الأثير وتبيين كذب المفتري لابن عساكر وترتيب المدارك للقاضي عياض وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة وطبقات الشافعية للأسنوي والديباج المذهب لابن فرحون ومرآة الجنان لليافعي وغيرها، كلها مطبقة على أن الإمام أبا الحسن بعد توبته من الاعتزال رجع إلى مذهب السلف والسنة.
أضف إلى ذلك، أن رجوع الإمام المزعومَ هذا لو ثبت عنه لكان أولى الناس بمعرفته ونقله هم أصحابه وتلامذته، لأن أولى الناس بمعرفة الرجل هم خاصته وأصحابه وأتباعه الملازمون له، فهؤلاء هم أقرب الناس إليه وأعرفهم بأحواله وأقواله وآرائه، لا سيما في قضية مهمة مثل هذه القضية التي تتوفر الدواعي على نقلها، وتتحفز الأسماع على تلقفها، خاصة من إمام كبير مثل الإمام أبي الحسن، وعند الرجوع إلى أقوال أصحابه وأصحاب أصحابه أيضاً لا نجد أي إشارة تفيد ذلك، بل نجدهم متفقين على أن الإمام كان بعد هجره للاعتزال على منهج السلف والسنة الذي كان عليه المحاسبي وابن كلاب والقلانسي والكرابيسي وغيرهم، فهذه مؤلفات ناصر مذهب الأشعري القاضي أبي بكر الباقلاني رحمه الله تعالى كالإنصاف والتمهيد وغيرها، ومؤلفات ابن فورك ومؤلفات أبي بكر القفال الشاشي وأبي إسحق الشيرازي وأبي بكر البيهقي وغيرهم من أصحاب الإمام وأصحاب أصحابه وتلاميذهم ليس فيها أي ذكر أو إشارة لهذا الأمر الذي هو من الأهمية بمكان، فهل يعقل أن يرجع الإمام عن مذهبه ويهجره ثم لا يكون لهذه الحادثة المهمة أي ذكر عند أحد من أصحابه وتلاميذه وهو من هو جلالة وقدراً؟! أم تُراه قد رجع عن ذلك سرّاً وهو الذي حين قرر هجر مذهب المعتزلة اعتلى منبر المعتزلة نفسَه ليعلن ذلك على الملأ؟!
كلا، ليس الأمر كما جاء في هذه الدعوى، بل الحق الذي لا مرية فيه هو أن الإمام لم يمرّ في حياته إلا بمرحلتين، الاعتزال ثم الرجوع إلى طريق السلف، وليس لمن يقول بخلاف هذا الأمر من دليل ولا شبهة دليل.
ومن يقول بهذه الدعوى يعتمد في قوله هذا على أسلوب الإمام في تأليف كتاب الإبانة وبعض الرسائل الأخرى، فقد اتبع الإمام فيها طريق التفويض الذي هو طريق جمهور السلف، فبنوا على هذا الأسلوب مخالفة الإمام الأشعري لآراء ابن كُلاّب الذي يتهمونه بأنه لم يكن على طريق السلف.
❤10
تُرى هل ما في الإبانة التي هي على طريق جمهور السلف، وهي من أواخـر كتب الإمام أو هـي آخرها([2]), ما يناقض ما كان عليه عبدالله بن سعيد بن كلاّب؟ أو بتعبير آخر، هل كان ابن كلاّب على خلاف طريق السلف الذي ألَّف الإمام الأشعري الإبانة عليه؟
نجيب عليه في المنشور التالي إن شاء الله تعالى.
نجيب عليه في المنشور التالي إن شاء الله تعالى.
❤9
فائدة مهمة:
قال ابن عقيل رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز ولا أقول العوام بل العلماء كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يونس فكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع ، حتى ما يمكنوهم من الجهر بالبسملة والقنوت ، وهي مسألة اجتهادية فلما جاءت أيام النظام ، ومات ابن يونس وزالت شوكة الحنابلة استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة ، فاستعدوا بالسجن ، وآذوا العوام بالسعايات ، والفقهاء بالنبذ بالتجسيم قال : فتدبرت أمر الفريقين فإذا بهم لم تعمل فيهم آداب العلم وهل هذه إلا أفعال الأجناد ، يصولون في دولتهم ، ويلزمون المساجد في بطالتهم .
قال ابن عقيل رأيت الناس لا يعصمهم من الظلم إلا العجز ولا أقول العوام بل العلماء كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يونس فكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع ، حتى ما يمكنوهم من الجهر بالبسملة والقنوت ، وهي مسألة اجتهادية فلما جاءت أيام النظام ، ومات ابن يونس وزالت شوكة الحنابلة استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة ، فاستعدوا بالسجن ، وآذوا العوام بالسعايات ، والفقهاء بالنبذ بالتجسيم قال : فتدبرت أمر الفريقين فإذا بهم لم تعمل فيهم آداب العلم وهل هذه إلا أفعال الأجناد ، يصولون في دولتهم ، ويلزمون المساجد في بطالتهم .
❤4
يسن التبرك بجميع آثاره صلى الله عليه وسلم بإجماع أمته، ومنها قبره
ومن اعتقد أن التبرك مرادف للمسح فهذا جاهل بكلام العرب وبكلام العلماء، وبواقع الأمر
بل التبرك عمل قلبي، ينشأ عن اتباعه صلى الله عليه وسلم في هديه، واتباع آثاره
ورسول الله صلى الله عليه وسلم كله بركة
وليس من التبرك: مسحُ قبرِه صلى الله عليه وسلم، بل مسح قبره مكروه
نعم، مسحه بنية إزالة نحو الغبار عليه: مسنون.
فطلب بركته صلى الله عليه وسلم هو غاية من يريد اتباعه صلى الله عليه وسلم
ومنها اتباع ما ذكره الأئمة من الأدب مع قبره صلى الله عليه وسلم، ومع غير قبره، والتزام آدابه كما ذكرها الأئمة، كل مذهب بحسب اجتهاد أئمته، ومنهم ساداتنا الشافعية رضي الله عنهم أجمعين، ولا تغتر بمن ينقل ما لا يعقله
وقد قال عتبان بن مالك لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (فخط لي مسجدا)
قال النووي: (أي: أعلم لي على موضع لأتخذه مسجدا، أي موضعا أجعل صلاتي فيه متبركا بآثارك والله أعلم.
وفي هذا الحديث: أنواع من العلم تقدم كثير منها ففيه التبرك بآثار الصالحين).
وفي صحيح مسلم (فخرج بلال بوضوء فمن نائل وناضح فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ).
قال النووي: (فمن نائل بعد ذلك وناضح تبركا بآثاره صلى الله عليه وسلم وقد جاء مبينا في الحديث الآخر فرأيت الناس يأخذون من فضل وضوئه ففيه التبرك بآثار الصالحين).
والألفاظ في الأحاديث كثيرة جدا جدا، وفي عبارات العلماء ما لا أستطيع أن أحصيه كثرة
ولا يصح تقرير مذهب غير الشافعية في هذا الملتقى المخصص للشافعية
وفي الإمام أحمد: قال الإمام الذهبي الشافعي وهو الناقد البصير، تلميذ ابن تيمية رحمهما الله تعالى في سير أعلام النبلاء ط الرسالة (11/ 212): (ومن آدابه:
قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيضعها على فيه يقبلها.
وأحسب أني رأيته يضعها على عينه، ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به.
ورأيته أخذ قصعة النبي -صلى الله عليه وسلم- فغسلها في حب الماء، ثم شرب فيها.
ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه.
قلت: أين المتنطع المنكر على أحمد، وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ويمس الحجرة النبوية، فقال: لا أرى بذلك بأسا.
أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع).
وقال أيضا (11/ 337): (الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل، قال:
أعطى بعض ولد الفضل بن الربيع أبا عبد الله - وهو في الحبس - ثلاث شعرات، فقال: هذه من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فأوصى أبو عبد الله عند موته أن يجعل على كل عين شعرة، وشعرة على لسانه، ففعل ذلك به عند موته).
وقال الإمام الذهبي في ترجمة عبيدة السلماني التابعي من السير (4/ 42): (قال محمد: وقلت لعبيدة: إن عندنا من شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا من قبل أنس بن مالك.
فقال: لأن يكون عندي منه شعرة، أحب إلي من كل صفراء وبيضاء على ظهر الأرض.
قلت: هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب، وهو أن يؤثر شعرة نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس.
ومثل هذا يقوله هذا الإمام بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بخمسين سنة، فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره بإسناد ثابت، أو شسع نعل كان له، أو قلامة ظفر، أو شقفة من إناء شرب فيه.
فلو بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شيء من ذلك عنده، أكنت تعده مبذرا أو سفيها؟ كلا.
فابذل ما لك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده والسلام عليه عند حجرته في بلده، والتذ بالنظر إلى أُحُدِه وأَحِبَّه، فقد كان نبيك -صلى الله عليه وسلم- يحبه، وتملأ بالحلول في روضته ومقعده، فلن تكون مؤمنا حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم.
وقبل حجرا مكرما نزل من الجنة، وضع فمك لاثما مكانا قبله سيد البشر بيقين، فهنأك الله بما أعطاك، فما فوق ذلك مفخر.
ولو ظفرنا بالمحجن الذي أشار به الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الحجر ثم قبل محجنه، لحق لنا أن نزدحم على ذلك المحجن بالتقبيل والتبجيل.
ونحن ندري بالضرورة أن تقبيل الحجر أرفع وأفضل من تقبيل محجنه ونعله.
وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده، فقبلها، ويقول:
يد مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فنقول نحن إذ فاتنا ذلك: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مسته شفتا نبينا -صلى الله عليه وسلم- لاثما له.
فإذا فاتك الحج، وتلقيت الوفد، فالتزم الحاج، وقبل فمه، وقل: فم مس بالتقبيل حجرا قبله خليلي -صلى الله عليه وسلم-).
ومن الجهل عدم فهم الفرق بين التبرك، وبين المسح، حتى ظنا شيئا واحدا
وحاولوا نشر هذا الجهل، مع أنه لا لغة ولا واقع يشهد لهذا المعنى، والله المستعان
والله أعلم
ومن اعتقد أن التبرك مرادف للمسح فهذا جاهل بكلام العرب وبكلام العلماء، وبواقع الأمر
بل التبرك عمل قلبي، ينشأ عن اتباعه صلى الله عليه وسلم في هديه، واتباع آثاره
ورسول الله صلى الله عليه وسلم كله بركة
وليس من التبرك: مسحُ قبرِه صلى الله عليه وسلم، بل مسح قبره مكروه
نعم، مسحه بنية إزالة نحو الغبار عليه: مسنون.
فطلب بركته صلى الله عليه وسلم هو غاية من يريد اتباعه صلى الله عليه وسلم
ومنها اتباع ما ذكره الأئمة من الأدب مع قبره صلى الله عليه وسلم، ومع غير قبره، والتزام آدابه كما ذكرها الأئمة، كل مذهب بحسب اجتهاد أئمته، ومنهم ساداتنا الشافعية رضي الله عنهم أجمعين، ولا تغتر بمن ينقل ما لا يعقله
وقد قال عتبان بن مالك لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (فخط لي مسجدا)
قال النووي: (أي: أعلم لي على موضع لأتخذه مسجدا، أي موضعا أجعل صلاتي فيه متبركا بآثارك والله أعلم.
وفي هذا الحديث: أنواع من العلم تقدم كثير منها ففيه التبرك بآثار الصالحين).
وفي صحيح مسلم (فخرج بلال بوضوء فمن نائل وناضح فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ).
قال النووي: (فمن نائل بعد ذلك وناضح تبركا بآثاره صلى الله عليه وسلم وقد جاء مبينا في الحديث الآخر فرأيت الناس يأخذون من فضل وضوئه ففيه التبرك بآثار الصالحين).
والألفاظ في الأحاديث كثيرة جدا جدا، وفي عبارات العلماء ما لا أستطيع أن أحصيه كثرة
ولا يصح تقرير مذهب غير الشافعية في هذا الملتقى المخصص للشافعية
وفي الإمام أحمد: قال الإمام الذهبي الشافعي وهو الناقد البصير، تلميذ ابن تيمية رحمهما الله تعالى في سير أعلام النبلاء ط الرسالة (11/ 212): (ومن آدابه:
قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيضعها على فيه يقبلها.
وأحسب أني رأيته يضعها على عينه، ويغمسها في الماء ويشربه يستشفي به.
ورأيته أخذ قصعة النبي -صلى الله عليه وسلم- فغسلها في حب الماء، ثم شرب فيها.
ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه.
قلت: أين المتنطع المنكر على أحمد، وقد ثبت أن عبد الله سأل أباه عمن يلمس رمانة منبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ويمس الحجرة النبوية، فقال: لا أرى بذلك بأسا.
أعاذنا الله وإياكم من رأي الخوارج ومن البدع).
وقال أيضا (11/ 337): (الخلال: أخبرني عصمة بن عصام، حدثنا حنبل، قال:
أعطى بعض ولد الفضل بن الربيع أبا عبد الله - وهو في الحبس - ثلاث شعرات، فقال: هذه من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فأوصى أبو عبد الله عند موته أن يجعل على كل عين شعرة، وشعرة على لسانه، ففعل ذلك به عند موته).
وقال الإمام الذهبي في ترجمة عبيدة السلماني التابعي من السير (4/ 42): (قال محمد: وقلت لعبيدة: إن عندنا من شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا من قبل أنس بن مالك.
فقال: لأن يكون عندي منه شعرة، أحب إلي من كل صفراء وبيضاء على ظهر الأرض.
قلت: هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب، وهو أن يؤثر شعرة نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس.
ومثل هذا يقوله هذا الإمام بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بخمسين سنة، فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره بإسناد ثابت، أو شسع نعل كان له، أو قلامة ظفر، أو شقفة من إناء شرب فيه.
فلو بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شيء من ذلك عنده، أكنت تعده مبذرا أو سفيها؟ كلا.
فابذل ما لك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده والسلام عليه عند حجرته في بلده، والتذ بالنظر إلى أُحُدِه وأَحِبَّه، فقد كان نبيك -صلى الله عليه وسلم- يحبه، وتملأ بالحلول في روضته ومقعده، فلن تكون مؤمنا حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم.
وقبل حجرا مكرما نزل من الجنة، وضع فمك لاثما مكانا قبله سيد البشر بيقين، فهنأك الله بما أعطاك، فما فوق ذلك مفخر.
ولو ظفرنا بالمحجن الذي أشار به الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الحجر ثم قبل محجنه، لحق لنا أن نزدحم على ذلك المحجن بالتقبيل والتبجيل.
ونحن ندري بالضرورة أن تقبيل الحجر أرفع وأفضل من تقبيل محجنه ونعله.
وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده، فقبلها، ويقول:
يد مست يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فنقول نحن إذ فاتنا ذلك: حجر معظم بمنزلة يمين الله في الأرض مسته شفتا نبينا -صلى الله عليه وسلم- لاثما له.
فإذا فاتك الحج، وتلقيت الوفد، فالتزم الحاج، وقبل فمه، وقل: فم مس بالتقبيل حجرا قبله خليلي -صلى الله عليه وسلم-).
ومن الجهل عدم فهم الفرق بين التبرك، وبين المسح، حتى ظنا شيئا واحدا
وحاولوا نشر هذا الجهل، مع أنه لا لغة ولا واقع يشهد لهذا المعنى، والله المستعان
والله أعلم
❤4👍1
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
(1) هل مات الإمام على عقيدة غير العقيدة التي كان عليها بعد توبته من الإعتزال ؟ يرى البعض أن الإمام أبا الحسن الأشعري رحمه الله تعالى قد مرّ في حياته بثلاث مراحل: الإمام الأشعري رحمه الله تعالى عَلَمٌ من أعلام المسلمين يشار إليه بالبنان، وتعقد على كلماته…
(2)
تُرى هل ما في الإبانة التي هي على طريق جمهور السلف، وهي من أواخـر كتب الإمام أو هـي آخرها([2]), ما يناقض ما كان عليه عبدالله بن سعيد بن كلاّب؟ أو بتعبير آخر، هل كان ابن كلاّب على خلاف طريق السلف الذي ألَّف الإمام الأشعري الإبانة عليه؟
الرد على القضية الثانية:
هل كان عبدالله بن سعيد بن كلاّب منحرفاً عن طريق السنة والسلف؟
نسلم أولاً أن الإمام الأشعري بعد تركه للاعتزال كان على طريق عبدالله بن سعيد بن كلاب، وهذا أمر يوافقنا عليه أصحاب الدعوى، ولكنهم يخالفوننا في أن طريق ابن كلاب وطريق السلف هما في حقيقة الأمر طريق واحد، لأن ابن كلاب كان من أئمة أهل السنة والجماعة السائرين على طريق السلف الصالح.
قال التاج السبكي في الطبقات (الطبقات 2 /300):
(وابن كلاّب على كل حال من أهل السنة…. ورأيت الإمام ضياء الدين الخطيب والد الإمام فخر الدين الرازي قد ذكر عبدالله بن سعيد في آخر كتابه “غاية المرام في علم الكلام ” فقال: ومن متكلمي أهل السنة في أيام المأمون عبدالله بن سعيد التميمي الذي دمّر المعتزلة في مجلس المأمون وفضحهم ببيانه) اهـ.
وقال الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى (تبيين كذب المفتري ص405):
(قرأت بخطِّ علي بن بقاء الورّاق المحدث المصري رسالة كتب بها أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني الفقيه المالكي- وكان مقدَّم أصحاب مالك رحمه الله بالمغرب في زمانه- إلى علي بن أحمد بن إسماعيل البغدادي المعتزلي جواباً عن رسالة كتب بها إلى المالكيين من أهل القيروان يظهر نصيحتهم بما يدخلهم به في أقاويل أهل الاعتزال، فذكر الرسالة بطولها في جزءٍ وهي معروفة، فمن جملة جواب ابن أبي زيد له أن قال: ونسبتَ ابن كلاّب إلى البدعة، ثم لم تحكِ عنه قولاً يعرف أنه بدعة فيوسم بهذا الاسم، وما علمنا من نسب إلى ابن كلاّب البدعة، والذي بلغنا أنه يتقلّد السنة ويتولّى الردَّ على الجهمية وغيرهم من أهل البدع يعني عبدالله بن سعيد بن كلاّب) اهـ.
وهذه شهادة عظيمة من الإمام ابن أبي زيد رحمه الله لابن كلاب أنه يتقلَّد السنة ويردُّ على المبتدعة، وأنه لم يعلم من نسب إليه البدعة.
وعلّق العلامة الكوثري رحمه الله تعالى في هامش الصفحة معرِّفاً بابن كلاب قال (المصدر السابق): (.. كان إمام متكلمة السنة في عهد أحمد، وممن يرافق الحارث بن أسد، ويشنع عليه بعض الضعفاء في أصول الدين..) ثم بيّن المسائل التي يشنع عليه بسببها وأن كلامه فيها ليس ببعيد عن الشرع والعقل.
وقال ابن قاضي شهبة (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1 / 78):
(كان من كبار المتكلمين ومن أهل السنة، وبطريقته وطريقة الحارث المحاسبي اقتدى أبو الحسن الأشعري) اهـ.
وقال عنه جمال الدين الأسنوي (طبقات الشافعية للأسنوي 2 /178):
(كان من كبار المتكلمين ومن أهل السنة… ذكره العبادي في طبقة أبي بكر الصيرفي، قال: إنه من أصحابنا المتكلمين) اهـ.
وقال الإمام الحافظ الذهبي (سير أعلام النبلاء 11 /175):
(والرجل أقرب المتكلمين إلى السنة، بل هو في مناظريهم) اهـ.
علّق الشيخ شعيب الأرنؤوط على هذا الكلام قائلاً: (كان إمام أهل السنة في عصره، وإليه مرجعها، وقد وصفه إمام الحرمين في كتابه ” الإرشاد ” بأنه من أصحابنا) اهـ.
ولقد مر معنا قول العلامة ابن خلدون (المقدمة ص 853):
(إلى أن ظهر الشيخ أبو الحسن الأشعري…. وكان على رأي عبدالله بن سعيد بن كلاّب وأبي العباس القلانسي والحارث المحاسبي من أتباع السلف وعلى طريقة السنة) اهـ.
فوصفه بأنه من أتباع السلف، وأن الإمام الأشعري كان على رأيه ورأي القلانسي والمحاسبي وهؤلاء من أتباع السلف وعلى طريق السنة.
وقال العلامة كمال الدين البياضي رحمه الله تعالى (إشارات المرام من عبارات الإمام ص23):
(لأن الماتريدي مفصّل لمذهب الإمام ـ يعني أبا حنيفة ـ وأصحابِه المظهرين قبل الأشعري لمذهب أهل السنة، فلم يخلُ زمان من القائمين بنصرة الدين وإظهاره.. وقد سبقه ـ يعني الأشعري ـ أيضاً في ذلك ـ يعني في نصرة مذهب أهل السنة ـ الإمام أبو محمد عبدالله بن سعيد القطان..) اهـ.
أي أن الإمام ابن كلاب كان قبل الإمام أبي الحسن في نصرة الدين وإظهار السنة.
وقال الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان 3 /291) في ترجمته، بعد أن نقل قول ابن النديم: إنـه ـ يعني ابن كلاب ـ من الحشوية.
قال الحافظ:(يريد من يكون على طريق السلف في ترك التأويل للآيات والأحاديث المتعلقة بالصفات، ويقال لهم المفوضة) اهـ.
وقال الإمام الشهرستاني رحمه الله تعالى (الملل والنحل ص81):
تُرى هل ما في الإبانة التي هي على طريق جمهور السلف، وهي من أواخـر كتب الإمام أو هـي آخرها([2]), ما يناقض ما كان عليه عبدالله بن سعيد بن كلاّب؟ أو بتعبير آخر، هل كان ابن كلاّب على خلاف طريق السلف الذي ألَّف الإمام الأشعري الإبانة عليه؟
الرد على القضية الثانية:
هل كان عبدالله بن سعيد بن كلاّب منحرفاً عن طريق السنة والسلف؟
نسلم أولاً أن الإمام الأشعري بعد تركه للاعتزال كان على طريق عبدالله بن سعيد بن كلاب، وهذا أمر يوافقنا عليه أصحاب الدعوى، ولكنهم يخالفوننا في أن طريق ابن كلاب وطريق السلف هما في حقيقة الأمر طريق واحد، لأن ابن كلاب كان من أئمة أهل السنة والجماعة السائرين على طريق السلف الصالح.
قال التاج السبكي في الطبقات (الطبقات 2 /300):
(وابن كلاّب على كل حال من أهل السنة…. ورأيت الإمام ضياء الدين الخطيب والد الإمام فخر الدين الرازي قد ذكر عبدالله بن سعيد في آخر كتابه “غاية المرام في علم الكلام ” فقال: ومن متكلمي أهل السنة في أيام المأمون عبدالله بن سعيد التميمي الذي دمّر المعتزلة في مجلس المأمون وفضحهم ببيانه) اهـ.
وقال الحافظ ابن عساكر رحمه الله تعالى (تبيين كذب المفتري ص405):
(قرأت بخطِّ علي بن بقاء الورّاق المحدث المصري رسالة كتب بها أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني الفقيه المالكي- وكان مقدَّم أصحاب مالك رحمه الله بالمغرب في زمانه- إلى علي بن أحمد بن إسماعيل البغدادي المعتزلي جواباً عن رسالة كتب بها إلى المالكيين من أهل القيروان يظهر نصيحتهم بما يدخلهم به في أقاويل أهل الاعتزال، فذكر الرسالة بطولها في جزءٍ وهي معروفة، فمن جملة جواب ابن أبي زيد له أن قال: ونسبتَ ابن كلاّب إلى البدعة، ثم لم تحكِ عنه قولاً يعرف أنه بدعة فيوسم بهذا الاسم، وما علمنا من نسب إلى ابن كلاّب البدعة، والذي بلغنا أنه يتقلّد السنة ويتولّى الردَّ على الجهمية وغيرهم من أهل البدع يعني عبدالله بن سعيد بن كلاّب) اهـ.
وهذه شهادة عظيمة من الإمام ابن أبي زيد رحمه الله لابن كلاب أنه يتقلَّد السنة ويردُّ على المبتدعة، وأنه لم يعلم من نسب إليه البدعة.
وعلّق العلامة الكوثري رحمه الله تعالى في هامش الصفحة معرِّفاً بابن كلاب قال (المصدر السابق): (.. كان إمام متكلمة السنة في عهد أحمد، وممن يرافق الحارث بن أسد، ويشنع عليه بعض الضعفاء في أصول الدين..) ثم بيّن المسائل التي يشنع عليه بسببها وأن كلامه فيها ليس ببعيد عن الشرع والعقل.
وقال ابن قاضي شهبة (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1 / 78):
(كان من كبار المتكلمين ومن أهل السنة، وبطريقته وطريقة الحارث المحاسبي اقتدى أبو الحسن الأشعري) اهـ.
وقال عنه جمال الدين الأسنوي (طبقات الشافعية للأسنوي 2 /178):
(كان من كبار المتكلمين ومن أهل السنة… ذكره العبادي في طبقة أبي بكر الصيرفي، قال: إنه من أصحابنا المتكلمين) اهـ.
وقال الإمام الحافظ الذهبي (سير أعلام النبلاء 11 /175):
(والرجل أقرب المتكلمين إلى السنة، بل هو في مناظريهم) اهـ.
علّق الشيخ شعيب الأرنؤوط على هذا الكلام قائلاً: (كان إمام أهل السنة في عصره، وإليه مرجعها، وقد وصفه إمام الحرمين في كتابه ” الإرشاد ” بأنه من أصحابنا) اهـ.
ولقد مر معنا قول العلامة ابن خلدون (المقدمة ص 853):
(إلى أن ظهر الشيخ أبو الحسن الأشعري…. وكان على رأي عبدالله بن سعيد بن كلاّب وأبي العباس القلانسي والحارث المحاسبي من أتباع السلف وعلى طريقة السنة) اهـ.
فوصفه بأنه من أتباع السلف، وأن الإمام الأشعري كان على رأيه ورأي القلانسي والمحاسبي وهؤلاء من أتباع السلف وعلى طريق السنة.
وقال العلامة كمال الدين البياضي رحمه الله تعالى (إشارات المرام من عبارات الإمام ص23):
(لأن الماتريدي مفصّل لمذهب الإمام ـ يعني أبا حنيفة ـ وأصحابِه المظهرين قبل الأشعري لمذهب أهل السنة، فلم يخلُ زمان من القائمين بنصرة الدين وإظهاره.. وقد سبقه ـ يعني الأشعري ـ أيضاً في ذلك ـ يعني في نصرة مذهب أهل السنة ـ الإمام أبو محمد عبدالله بن سعيد القطان..) اهـ.
أي أن الإمام ابن كلاب كان قبل الإمام أبي الحسن في نصرة الدين وإظهار السنة.
وقال الحافظ ابن حجر في (لسان الميزان 3 /291) في ترجمته، بعد أن نقل قول ابن النديم: إنـه ـ يعني ابن كلاب ـ من الحشوية.
قال الحافظ:(يريد من يكون على طريق السلف في ترك التأويل للآيات والأحاديث المتعلقة بالصفات، ويقال لهم المفوضة) اهـ.
وقال الإمام الشهرستاني رحمه الله تعالى (الملل والنحل ص81):
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
(1) هل مات الإمام على عقيدة غير العقيدة التي كان عليها بعد توبته من الإعتزال ؟ يرى البعض أن الإمام أبا الحسن الأشعري رحمه الله تعالى قد مرّ في حياته بثلاث مراحل: الإمام الأشعري رحمه الله تعالى عَلَمٌ من أعلام المسلمين يشار إليه بالبنان، وتعقد على كلماته…
(حتى انتهى الزمان إلى عبدالله بن سعيد الكلابي وأبي العباس القلانسي والحارث بن أسد المحاسبي وهؤلاء كانوا من جملة السلف، إلا أنهم باشروا علم الكلام وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية وبراهين أصولية، وصنَّف بعضهم ودرَّس بعضٌ، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه مناظرة في مسألة من مسائل الصلاح والأصلح، فتخاصما وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيَّد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهباً لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعرية) اهـ.
بل نزيد على ما مرَّ ونقول: ليس الإمام الأشعري وحده الذي كان على طريق الإمام ابن كلاب، كلا، بل كان على نفس المعتقد أئمة كبار مثل الإمام البخاري رحمه الله تعالى.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى (الفتح 1/293):
(البخاري في جميع ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن كأبي عبيدة والنضر بن شميل والفراء وغيرهم، وأما المباحث الفقهية فغالبها مستمدة له من الشافعي وأبي عبيـد وأمثالهـما، وأما المسائـل الكلامية فأكثرها من الكرابيـسي وابن كُـلاَّب ونحـوهما) اهـ.
هذه نصوص واضحة بينة في أن الإمام عبدالله بن سعيد بن كلاب كان على طريق السلف والسنة.
القرآن كلام الله غير مخلوق، واللفظ به مخلوق:
فإذا كان الأمر كذلك كما بيّن هؤلاء الأئمة، فما السبب في اتهام عبدالله بن سعيد بن كلاب بمخالفة طريق السلف؟
يقول ابن عبدالبر في بيان شيء من ذلك أثناء ترجمة الإمام الكرابيسي (الانتقاء ص165):
(وكانت بينه ـ يعني الكرابيسي ـ وبين أحمد بن حنبل صداقة وكيدة، فلمّا خالفه في القرآن عادت تلك الصداقة عداوة، فكان كلُّ واحد منهما يطعن على صاحبه، وذلك أن أحمد كان يقول: من قال القرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال القرآن كلام الله ولا يقول غير مخلوق ولا مخلوق فهو واقفي، ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع. وكان الكرابيسي وعبدالله بن كلاّب وأبو ثور وداود بن علي وطبقاتهم يقولون: إن القرآن الذي تكلم الله به صفة من صفاته لا يجوز عليه الخلق، وإن تلاوة التالي وكلامه بالقرآن كسب له وفعل له وذلك مخلوق وإنه حكاية عن كلام الله… وهجرت الحنبلية أصحاب أحمد بن حنبل حسيناً الكرابيسي وبدّعوه وطعنوا عليه وعلى كل من قال بقوله في ذلك) اهـ.
هذا هو سبب الطعن والتشنيع على عبدالله بن كلاّب ووصْـفِه بأنه لم يكن على طريق السنة والسلف، إلا أن هذا القول الذي بُـدّع بسببه لا يقتضي وصفه بالبدعة أو أنه على غير طريق السلف، لا سيما أن مسألة اللفظ بالقرآن كان يقول بها ثلة من أكابر أمة الإسلام مثل الذين ذكرهم ابن عبدالبر، وممن كان يقول بذلك أيضاً الإمام البخاري والإمام مسلم والحارث المحاسبي ومحمد بن نصر المـروزي وغيرهم، وما الفتنة التي حدثت بين البخاري وشيخه الذهلي إلا بسبب هذه المسألة، نعني مسألة اللفظ، ولقد صنّف الإمام البخاري في هذه المسألـة كتابـه ” خلق أفعال العباد ” لإثبات رأيه فيها والردّ على مخالفيه.
أما الإمام مسلم فقد كان يظهر القول باللفظ ولا يكتمه. (انظر سير أعلام النبلاء 12 /453 وما بعدها، 12/572).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في ترجمة الكرابيسي (طبقات الفقهاء الشافعيين 1/133):
(وأن أحمد بن حنبل كان تكلم فيه بسبب مسألة اللفظ، وكان هو أيضاً يتكلم في أحمد، فتجنَّب الناس الأخذ عنه لهذا السبب. قلت: الذي رأيت عنه أنه قال كلام الله غير مخلوق من كل الجهات إلا أن لفظي بالقرآن مخلوق، ومن لم يقلْ [ أي يعتقد ]: إن لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر. وهذا هو المنقول عن البخاري وداود بن على الظاهري، وكان الإمام أحمد يسدُّ في هذا البابَ لأجل حسم مادة القول بخلق القرآن) اهـ.
وممن كان يقول باللفظ أيضاً الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى، وهي من المسائل التي نقم عليه بسببها بعض متعصبة الحنابلة، قال الحافظ ابن كثير رحمـه الله تعالى (المصدر السابق 1/226):
(كان قد وقع بينه – الطبري – وبين الحنابلة أظنه بسبب مسألة اللفظ، واتهم بالتشيع، وطلبوا عقد مناظرة بينهم وبينه، فجاء ابن جرير لذلك ولم يجئ منهم أحد، وقد بالغ الحنابلة في هذه المسألة وتعصبوا لها كثيراً، واعتقدوا أن القول بها يفضي إلى القول بخلق القرآن، وليس كما زعموا، فإن الحق لا يحتاط له بالباطل، والله أعلم) اهـ. (وانظر في محنة ابن جرير مع الحنابلة البداية والنهاية 11/145، الكامل لابن الأثير 7/8، السير 14/272 ـ 277، الوافي بالوفيات 2/284).
نعم، فإن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق وهو صفة من صفات ذاته العلية، إلا أنه لا يصحُّ أن يحتاط لهذا الحق بالباطل الذي هو إنكار حدوث وخلق ما قام بالمخلوق، ثم التشنيع على من يقول بذلك!
على أية حال الحق في هذه القضية مع الكرابيسي وابن كلاّب والبخاري ومسلم وأبي ثور وداود والمحاسبي والطبري وغيرهم ممن كان على طريقهم، أما الإمام أحمد رضي الله عنه – ومن قال بقوله – فكلامه محمول على سدّ باب الذريعة لكي لا يتوسل بالقول باللفظ إلى القول بخلق القـرآن.
بل نزيد على ما مرَّ ونقول: ليس الإمام الأشعري وحده الذي كان على طريق الإمام ابن كلاب، كلا، بل كان على نفس المعتقد أئمة كبار مثل الإمام البخاري رحمه الله تعالى.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى (الفتح 1/293):
(البخاري في جميع ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن كأبي عبيدة والنضر بن شميل والفراء وغيرهم، وأما المباحث الفقهية فغالبها مستمدة له من الشافعي وأبي عبيـد وأمثالهـما، وأما المسائـل الكلامية فأكثرها من الكرابيـسي وابن كُـلاَّب ونحـوهما) اهـ.
هذه نصوص واضحة بينة في أن الإمام عبدالله بن سعيد بن كلاب كان على طريق السلف والسنة.
القرآن كلام الله غير مخلوق، واللفظ به مخلوق:
فإذا كان الأمر كذلك كما بيّن هؤلاء الأئمة، فما السبب في اتهام عبدالله بن سعيد بن كلاب بمخالفة طريق السلف؟
يقول ابن عبدالبر في بيان شيء من ذلك أثناء ترجمة الإمام الكرابيسي (الانتقاء ص165):
(وكانت بينه ـ يعني الكرابيسي ـ وبين أحمد بن حنبل صداقة وكيدة، فلمّا خالفه في القرآن عادت تلك الصداقة عداوة، فكان كلُّ واحد منهما يطعن على صاحبه، وذلك أن أحمد كان يقول: من قال القرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال القرآن كلام الله ولا يقول غير مخلوق ولا مخلوق فهو واقفي، ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع. وكان الكرابيسي وعبدالله بن كلاّب وأبو ثور وداود بن علي وطبقاتهم يقولون: إن القرآن الذي تكلم الله به صفة من صفاته لا يجوز عليه الخلق، وإن تلاوة التالي وكلامه بالقرآن كسب له وفعل له وذلك مخلوق وإنه حكاية عن كلام الله… وهجرت الحنبلية أصحاب أحمد بن حنبل حسيناً الكرابيسي وبدّعوه وطعنوا عليه وعلى كل من قال بقوله في ذلك) اهـ.
هذا هو سبب الطعن والتشنيع على عبدالله بن كلاّب ووصْـفِه بأنه لم يكن على طريق السنة والسلف، إلا أن هذا القول الذي بُـدّع بسببه لا يقتضي وصفه بالبدعة أو أنه على غير طريق السلف، لا سيما أن مسألة اللفظ بالقرآن كان يقول بها ثلة من أكابر أمة الإسلام مثل الذين ذكرهم ابن عبدالبر، وممن كان يقول بذلك أيضاً الإمام البخاري والإمام مسلم والحارث المحاسبي ومحمد بن نصر المـروزي وغيرهم، وما الفتنة التي حدثت بين البخاري وشيخه الذهلي إلا بسبب هذه المسألة، نعني مسألة اللفظ، ولقد صنّف الإمام البخاري في هذه المسألـة كتابـه ” خلق أفعال العباد ” لإثبات رأيه فيها والردّ على مخالفيه.
أما الإمام مسلم فقد كان يظهر القول باللفظ ولا يكتمه. (انظر سير أعلام النبلاء 12 /453 وما بعدها، 12/572).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في ترجمة الكرابيسي (طبقات الفقهاء الشافعيين 1/133):
(وأن أحمد بن حنبل كان تكلم فيه بسبب مسألة اللفظ، وكان هو أيضاً يتكلم في أحمد، فتجنَّب الناس الأخذ عنه لهذا السبب. قلت: الذي رأيت عنه أنه قال كلام الله غير مخلوق من كل الجهات إلا أن لفظي بالقرآن مخلوق، ومن لم يقلْ [ أي يعتقد ]: إن لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر. وهذا هو المنقول عن البخاري وداود بن على الظاهري، وكان الإمام أحمد يسدُّ في هذا البابَ لأجل حسم مادة القول بخلق القرآن) اهـ.
وممن كان يقول باللفظ أيضاً الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى، وهي من المسائل التي نقم عليه بسببها بعض متعصبة الحنابلة، قال الحافظ ابن كثير رحمـه الله تعالى (المصدر السابق 1/226):
(كان قد وقع بينه – الطبري – وبين الحنابلة أظنه بسبب مسألة اللفظ، واتهم بالتشيع، وطلبوا عقد مناظرة بينهم وبينه، فجاء ابن جرير لذلك ولم يجئ منهم أحد، وقد بالغ الحنابلة في هذه المسألة وتعصبوا لها كثيراً، واعتقدوا أن القول بها يفضي إلى القول بخلق القرآن، وليس كما زعموا، فإن الحق لا يحتاط له بالباطل، والله أعلم) اهـ. (وانظر في محنة ابن جرير مع الحنابلة البداية والنهاية 11/145، الكامل لابن الأثير 7/8، السير 14/272 ـ 277، الوافي بالوفيات 2/284).
نعم، فإن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق وهو صفة من صفات ذاته العلية، إلا أنه لا يصحُّ أن يحتاط لهذا الحق بالباطل الذي هو إنكار حدوث وخلق ما قام بالمخلوق، ثم التشنيع على من يقول بذلك!
على أية حال الحق في هذه القضية مع الكرابيسي وابن كلاّب والبخاري ومسلم وأبي ثور وداود والمحاسبي والطبري وغيرهم ممن كان على طريقهم، أما الإمام أحمد رضي الله عنه – ومن قال بقوله – فكلامه محمول على سدّ باب الذريعة لكي لا يتوسل بالقول باللفظ إلى القول بخلق القـرآن.
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
(1) هل مات الإمام على عقيدة غير العقيدة التي كان عليها بعد توبته من الإعتزال ؟ يرى البعض أن الإمام أبا الحسن الأشعري رحمه الله تعالى قد مرّ في حياته بثلاث مراحل: الإمام الأشعري رحمه الله تعالى عَلَمٌ من أعلام المسلمين يشار إليه بالبنان، وتعقد على كلماته…
قال الإمام الذهبي (السير 12/82، وانظر أيضاً السير 11/510):
(ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي وحرره في مسألة اللفظ وأنه مخلوق هو حق، لكن أباه الإمام أحمد لئلا يُتذرع به إلى القول بخلق القرآن فسدّ الباب) اهـ.
وقال أيضاً (ميزان الاعتدال 1/544): (وكان يقول ـ يعني الكرابيسي ـ القرآن كلام الله غير مخلوق، ولفظي به مخلوق، فإن عنى التلفظ فهذا جيد، فإن أفعالنا مخلوقة، وإن قصد الملفوظ بأنه مخلوق فهذا الذي أنكره أحمد والسلف وعدّوه تجهماً) اهـ.
ولا ريب أن مراد الكرابيسي وابن كلاّب والبخاري ومسلم وأبي ثور وداود ومن كان على قولهم لاريب أن مرادهم هو الأول، وعلى الجملة فإن القضية أهون من أن يُبـدَّع من أجلها.
وقال أيضا (السير 11/510) بعد أن نقل قول الحافظ أبي بكر الأعين: مشايخ خراسان ثلاثة: قتيبة، وعلي بن حجر، ومحمد بن مهران الرازي، ورجالها أربعة: عبدالله بن عبدالرحمن السمرقندي ومحمد بن إسماعيل البخاري قبل أن يظهر منه ما ظهر… الخ
قال الذهبي معلّقاً عليه: (والذي ظهر من محمد – يعني البخاري – أمرٌ خفيف من المسائل التي اختلف فيها الأئمة في القول في القرآن وتسمّى مسألة أفعال التالين، فجمهور الأئمة والسلف والخلف على أن القرآن كلام الله المنزل غير مخلوق وبهذا ندين الله) اهـ.
ولا يلزم من هجر الإمام أحمد لهؤلاء الأئمة أن يكونوا على غير طريق السلف، لا سيما أن الحق معهم فيما ذهبوا إليه كما قرَّرَه الإمام الذهبي.
وقال أيضا ( سير أعلام النبلاء 11/290 ):
( فقد كان هذا الإمام [ يعني أحمد ] لا يرى الخوض في هذا البحث خوفا من أن يُتذرّع به إلى القول بخلق القرآن، والكف عن هذا أولى. آمنا بالله تعالى وبملائكته وبكتبه ورسله وأقداره والبعث والعرض على الله يوم الدين. ولو بسط هذا السطر وحُرِّرَ وقُرِّرَ بأدلته لجاء في خمس مجلدات، بل ذلك موجود مشروح لمن رامه. والقرآن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين. ومعلوم أن التلفظ شيء من كسب القارئ غير الملفوظ، والقراءة غير الشيء المقروء، والتلاوة وحسنها وتجويدها غير المتلو، وصوت القارئ من كسبه فهو يُحدث [ يعني يفعل، وليس الإحداث المرادف للخلق كما تقول المعتزلة ] التلفظ والصوت والحركة والنطق، وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة، ولم يحدث كلمات القرآن ولا ترتيبه ولا تأليفه ولا معانيه ).
ثم روى عن الحاكم بسنده إلى فوران صاحب أحمد أنه قال :
سألني الأثرم وأبو عبدالله المعيطي أن أطلب من أبي عبدالله [ يعني أحمد ] خلوة، فأسأله فيها عن أصحابنا الذين يفرقون بين اللفظ والمحكي. فسألته ، فقال : القرآن كيف تُصُرِّفَ في أقواله وأفعاله فغير مخلوق، فأما أفعالنا فمخلوقة. قلت [ القائل فوران ]: فاللفظية تعدُّهم يا أبا عبدالله في جملة الجهمية ؟ فقال : لا . الجهمية الذين قالوا: القرآن مخلوق اهـ.
وفي الأسماء والصفات للبيهقي ص266 عن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول: ( من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو كافر ) علق الحافظ البيهقي قائلا : ( قلت : هذا تقييد حفظه عنه ابنه عبدالله وهو قوله: يريد به القرآن. فقد غفل عنه غيره ممن حكى عنه في اللفظ خلاف ما حكينا حتى نسب إليه ما تبرأ منه فيما ذكرنا ) اهـ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى ( خلق أفعال العباد ص 43 ) :
( فأما ما احتج به الفريقان لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم أن كلام الله غير مخلوق وما سواه مخلوق، وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجنبوا أهل الكلام والخوض والتنازع إلا فيما جاء به العلم وبيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ا.هـ
وإننا متيقنون بأنهم رحمهم الله تعالى لم يقولوا هذا القول دون أن تدعو لذلك حاجة، كلا، وحاشاهم أن يتكلموا بشيء سكت عنه الصحابة والتابعون، لكنهم لمَّا رأوا الناس تقحموا هذا الباب، وخاضوا في هذا الأمر، وحملوه على غير وجهه، اضطروا إلى الكلام فيه تبياناً للحق، وكفّاً للناس عن ذلك.
قال العلامة الكوثري رحمه الله تعالى (في تعليقه على تبيين كذب المفتري هامش(2) من الصفحة / 406):
(أما كلام أحمد في ابن كلاب وصاحبه [ يعني الحارث المحاسبي ] فلكراهته الخوض في الكلام وتورُّعِه منه، ولكن الحق أن الخوض فيه عند الحاجة متعيِّنٌ على خلاف ما يرتئيه أحمد) اهـ.
الخلاصة أن الأمر خفيف كما وصفه الحافظ الذهبي، وأن هذه المسألة مما اختلفت فيها أقوال الأئمة، وهم متفقون جميعاً على أن القرآن الذي هو صفة الرحمن وكلامه تعالى غيرمخلوق.
بهذا يتبين أن الإمام ابن كلاّب لم يكن وحده في هذا الأمر الذي ذهب إليه، بل كان على رأيه كبار أئمة الدين، وبهذا يُعلم أيضاً أنه لم يبتدع أو يخالف منهج السلف والسنة، بل هو من أكابر أهل السنة والجماعة السائرين على خطى السلف الصالح كما مرّ من أقوال العلماء فيه.
فإذا كان الأمر كذلك، فمن أين جاء القول بأن الإمام الأشعري قد ترك طريقته وآراءه؟!
(ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي وحرره في مسألة اللفظ وأنه مخلوق هو حق، لكن أباه الإمام أحمد لئلا يُتذرع به إلى القول بخلق القرآن فسدّ الباب) اهـ.
وقال أيضاً (ميزان الاعتدال 1/544): (وكان يقول ـ يعني الكرابيسي ـ القرآن كلام الله غير مخلوق، ولفظي به مخلوق، فإن عنى التلفظ فهذا جيد، فإن أفعالنا مخلوقة، وإن قصد الملفوظ بأنه مخلوق فهذا الذي أنكره أحمد والسلف وعدّوه تجهماً) اهـ.
ولا ريب أن مراد الكرابيسي وابن كلاّب والبخاري ومسلم وأبي ثور وداود ومن كان على قولهم لاريب أن مرادهم هو الأول، وعلى الجملة فإن القضية أهون من أن يُبـدَّع من أجلها.
وقال أيضا (السير 11/510) بعد أن نقل قول الحافظ أبي بكر الأعين: مشايخ خراسان ثلاثة: قتيبة، وعلي بن حجر، ومحمد بن مهران الرازي، ورجالها أربعة: عبدالله بن عبدالرحمن السمرقندي ومحمد بن إسماعيل البخاري قبل أن يظهر منه ما ظهر… الخ
قال الذهبي معلّقاً عليه: (والذي ظهر من محمد – يعني البخاري – أمرٌ خفيف من المسائل التي اختلف فيها الأئمة في القول في القرآن وتسمّى مسألة أفعال التالين، فجمهور الأئمة والسلف والخلف على أن القرآن كلام الله المنزل غير مخلوق وبهذا ندين الله) اهـ.
ولا يلزم من هجر الإمام أحمد لهؤلاء الأئمة أن يكونوا على غير طريق السلف، لا سيما أن الحق معهم فيما ذهبوا إليه كما قرَّرَه الإمام الذهبي.
وقال أيضا ( سير أعلام النبلاء 11/290 ):
( فقد كان هذا الإمام [ يعني أحمد ] لا يرى الخوض في هذا البحث خوفا من أن يُتذرّع به إلى القول بخلق القرآن، والكف عن هذا أولى. آمنا بالله تعالى وبملائكته وبكتبه ورسله وأقداره والبعث والعرض على الله يوم الدين. ولو بسط هذا السطر وحُرِّرَ وقُرِّرَ بأدلته لجاء في خمس مجلدات، بل ذلك موجود مشروح لمن رامه. والقرآن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين. ومعلوم أن التلفظ شيء من كسب القارئ غير الملفوظ، والقراءة غير الشيء المقروء، والتلاوة وحسنها وتجويدها غير المتلو، وصوت القارئ من كسبه فهو يُحدث [ يعني يفعل، وليس الإحداث المرادف للخلق كما تقول المعتزلة ] التلفظ والصوت والحركة والنطق، وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة، ولم يحدث كلمات القرآن ولا ترتيبه ولا تأليفه ولا معانيه ).
ثم روى عن الحاكم بسنده إلى فوران صاحب أحمد أنه قال :
سألني الأثرم وأبو عبدالله المعيطي أن أطلب من أبي عبدالله [ يعني أحمد ] خلوة، فأسأله فيها عن أصحابنا الذين يفرقون بين اللفظ والمحكي. فسألته ، فقال : القرآن كيف تُصُرِّفَ في أقواله وأفعاله فغير مخلوق، فأما أفعالنا فمخلوقة. قلت [ القائل فوران ]: فاللفظية تعدُّهم يا أبا عبدالله في جملة الجهمية ؟ فقال : لا . الجهمية الذين قالوا: القرآن مخلوق اهـ.
وفي الأسماء والصفات للبيهقي ص266 عن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال : سمعت أبي يقول: ( من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو كافر ) علق الحافظ البيهقي قائلا : ( قلت : هذا تقييد حفظه عنه ابنه عبدالله وهو قوله: يريد به القرآن. فقد غفل عنه غيره ممن حكى عنه في اللفظ خلاف ما حكينا حتى نسب إليه ما تبرأ منه فيما ذكرنا ) اهـ.
وقال الإمام البخاري رحمه الله تعالى ( خلق أفعال العباد ص 43 ) :
( فأما ما احتج به الفريقان لمذهب أحمد ويدعيه كل لنفسه فليس بثابت كثير من أخبارهم، وربما لم يفهموا دقة مذهبه، بل المعروف عن أحمد وأهل العلم أن كلام الله غير مخلوق وما سواه مخلوق، وأنهم كرهوا البحث والتنقيب عن الأشياء الغامضة، وتجنبوا أهل الكلام والخوض والتنازع إلا فيما جاء به العلم وبيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ا.هـ
وإننا متيقنون بأنهم رحمهم الله تعالى لم يقولوا هذا القول دون أن تدعو لذلك حاجة، كلا، وحاشاهم أن يتكلموا بشيء سكت عنه الصحابة والتابعون، لكنهم لمَّا رأوا الناس تقحموا هذا الباب، وخاضوا في هذا الأمر، وحملوه على غير وجهه، اضطروا إلى الكلام فيه تبياناً للحق، وكفّاً للناس عن ذلك.
قال العلامة الكوثري رحمه الله تعالى (في تعليقه على تبيين كذب المفتري هامش(2) من الصفحة / 406):
(أما كلام أحمد في ابن كلاب وصاحبه [ يعني الحارث المحاسبي ] فلكراهته الخوض في الكلام وتورُّعِه منه، ولكن الحق أن الخوض فيه عند الحاجة متعيِّنٌ على خلاف ما يرتئيه أحمد) اهـ.
الخلاصة أن الأمر خفيف كما وصفه الحافظ الذهبي، وأن هذه المسألة مما اختلفت فيها أقوال الأئمة، وهم متفقون جميعاً على أن القرآن الذي هو صفة الرحمن وكلامه تعالى غيرمخلوق.
بهذا يتبين أن الإمام ابن كلاّب لم يكن وحده في هذا الأمر الذي ذهب إليه، بل كان على رأيه كبار أئمة الدين، وبهذا يُعلم أيضاً أنه لم يبتدع أو يخالف منهج السلف والسنة، بل هو من أكابر أهل السنة والجماعة السائرين على خطى السلف الصالح كما مرّ من أقوال العلماء فيه.
فإذا كان الأمر كذلك، فمن أين جاء القول بأن الإمام الأشعري قد ترك طريقته وآراءه؟!
❤2
أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
(1) هل مات الإمام على عقيدة غير العقيدة التي كان عليها بعد توبته من الإعتزال ؟ يرى البعض أن الإمام أبا الحسن الأشعري رحمه الله تعالى قد مرّ في حياته بثلاث مراحل: الإمام الأشعري رحمه الله تعالى عَلَمٌ من أعلام المسلمين يشار إليه بالبنان، وتعقد على كلماته…
وهذا السؤال يجرنا إلى الحديث عن القضية الثالثة.
([1]) نحن نقول هذا من باب التسليم الجدلي، وإلا فإن الذي رجحه المحققون من الباحثين أن كتاب اللمع ألَّفه الإمام الأشعري بعد الإبانة. انظرمقدمة كتاب اللمع للأستاذ حمودة غرابة.
وانظر قول العلامة الكوثري في تعليقه على السيف الصقيل (ص123 )، وفي تعليقه على تبيين كذب المفتري (ص392)، والمقدمة التي وضعنها الدكتورة فوقية حسين على كتاب الإبانة ص79-80 وما بعدها.
([2]) انظر الهامش ص18.
([1]) نحن نقول هذا من باب التسليم الجدلي، وإلا فإن الذي رجحه المحققون من الباحثين أن كتاب اللمع ألَّفه الإمام الأشعري بعد الإبانة. انظرمقدمة كتاب اللمع للأستاذ حمودة غرابة.
وانظر قول العلامة الكوثري في تعليقه على السيف الصقيل (ص123 )، وفي تعليقه على تبيين كذب المفتري (ص392)، والمقدمة التي وضعنها الدكتورة فوقية حسين على كتاب الإبانة ص79-80 وما بعدها.
([2]) انظر الهامش ص18.
بسبب انتشار الزيغ والضلال في الفهم والتبديع في الاعتقاد ونسبة الجهة لله ..
لا بد من بيان
أن الفوقية هي فوقية مكانة لا فوقية مكان
وعلو ملك وسلطان لا علو مكان وجهة
قال الإمام الطبري (1 / 192) في تفسير قوله تعلى ( ثم استوي إلى السماء ) بعد أن ذكر معاني الاستواء في اللغة، ما نصّه: (علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته....علا عليها علو ملك وسلطان، لا علو انتقال وزوال)
إذن فالفوقية إما فوقية مكانة وإما مكان والله منزه عن الثانية..
والاستلزام من فوق للحيز ان قُصِد به المكان
فإن أطلقت بلا قيد فالمراد المكانة ونفي المكان ولا إشكال، فمن فهم من فوق المكان فقد لزمه الحيز والحلول...وهذا محال
ولا أحد من أهل السنة الأشاعرة ينكر علو الله تعالى ولا استواءه على عرشه، ولا فوقيته، وإنما نقول: استوى على عرشه استواء يليق به بالمعنى الذي أراده بلا كيف، وليس بجلوس ولا استقرار ولا مماسة، ونقول: هو تعالى فوق خلقه فوقية مكانة لا مكان. إذ هو خالق المكان.
ولا يوجد في كتاب من كتب أهل السنة الأشاعرة أن الله بذاته في كل مكان، بل ننفي عنه المكان لأنه خالق المكان.
ونقول بنفي الجهة عن الله تعالى واستحالة ذلك في حقه تعالى.
ولا أحد من أهل السنة الأشاعرة ينفي أو ينكر صفاتِ الباري التي أثبتها لنفسه سبحانه من خلال الوحيين الشريفين، بل نؤمن بها ونثبتها لكن نفوض علم معانيها لله تعالى أو نؤولها بشروط.
ومذهب السلف الذي هو أحد قولي الأشاعرة عبارة عن تفويض المعنى ونفي الكيف، ولم يرد مطلقا عن واحد من الصحابة أو التابعين كلمة «حقيقة» أي له يد حقيقة أو عين حقيقة!!.
وإليك نصين لاثنين من كبار الأشاعرة فيهما تقرير ذلك:
قال الإمام البيهقي في "الاعتقاد" (ص: 117): «وفي الجملة يجب أن يعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء اعتدال عن اعوجاج ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشيء من خلقه، لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف بلا أين، بائن من جميع خلقه، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان، وأن مجيئه ليس بحركة، وأن نزوله ليس بنقلة، وأن نفسه ليس بجسم، وأن وجهه ليس بصورة، وأن يده ليست بجارحة، وأن عينه ليست بحدقة، وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف، فقلنا بها ونفينا عنها التكييف، فقد قال: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11] ، وقال: {ولم يكن له كفوا أحد} [الإخلاص: 4] ، وقال: {هل تعلم له سميا} [مريم: 65]».
وقال ابن حجر رحمه الله تعالى في "الفتح" (6/ 136): (ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله أن لا يوصف بالعلو؛ لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى والمستحيل كون ذلك من جهة الحس)
لا بد من بيان
أن الفوقية هي فوقية مكانة لا فوقية مكان
وعلو ملك وسلطان لا علو مكان وجهة
قال الإمام الطبري (1 / 192) في تفسير قوله تعلى ( ثم استوي إلى السماء ) بعد أن ذكر معاني الاستواء في اللغة، ما نصّه: (علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته....علا عليها علو ملك وسلطان، لا علو انتقال وزوال)
إذن فالفوقية إما فوقية مكانة وإما مكان والله منزه عن الثانية..
والاستلزام من فوق للحيز ان قُصِد به المكان
فإن أطلقت بلا قيد فالمراد المكانة ونفي المكان ولا إشكال، فمن فهم من فوق المكان فقد لزمه الحيز والحلول...وهذا محال
ولا أحد من أهل السنة الأشاعرة ينكر علو الله تعالى ولا استواءه على عرشه، ولا فوقيته، وإنما نقول: استوى على عرشه استواء يليق به بالمعنى الذي أراده بلا كيف، وليس بجلوس ولا استقرار ولا مماسة، ونقول: هو تعالى فوق خلقه فوقية مكانة لا مكان. إذ هو خالق المكان.
ولا يوجد في كتاب من كتب أهل السنة الأشاعرة أن الله بذاته في كل مكان، بل ننفي عنه المكان لأنه خالق المكان.
ونقول بنفي الجهة عن الله تعالى واستحالة ذلك في حقه تعالى.
ولا أحد من أهل السنة الأشاعرة ينفي أو ينكر صفاتِ الباري التي أثبتها لنفسه سبحانه من خلال الوحيين الشريفين، بل نؤمن بها ونثبتها لكن نفوض علم معانيها لله تعالى أو نؤولها بشروط.
ومذهب السلف الذي هو أحد قولي الأشاعرة عبارة عن تفويض المعنى ونفي الكيف، ولم يرد مطلقا عن واحد من الصحابة أو التابعين كلمة «حقيقة» أي له يد حقيقة أو عين حقيقة!!.
وإليك نصين لاثنين من كبار الأشاعرة فيهما تقرير ذلك:
قال الإمام البيهقي في "الاعتقاد" (ص: 117): «وفي الجملة يجب أن يعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء اعتدال عن اعوجاج ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشيء من خلقه، لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف بلا أين، بائن من جميع خلقه، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان، وأن مجيئه ليس بحركة، وأن نزوله ليس بنقلة، وأن نفسه ليس بجسم، وأن وجهه ليس بصورة، وأن يده ليست بجارحة، وأن عينه ليست بحدقة، وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف، فقلنا بها ونفينا عنها التكييف، فقد قال: {ليس كمثله شيء} [الشورى: 11] ، وقال: {ولم يكن له كفوا أحد} [الإخلاص: 4] ، وقال: {هل تعلم له سميا} [مريم: 65]».
وقال ابن حجر رحمه الله تعالى في "الفتح" (6/ 136): (ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله أن لا يوصف بالعلو؛ لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى والمستحيل كون ذلك من جهة الحس)
❤12
طرفة مع لصٍّ فقيه
خرج قاضي أنطاكية ليلاً إلى مزرعةٍ له ، فلما سار من البلد اعترضه لصٌّ فقال له : دع ما معك وإلا أوقعتُ بك المكروه !!
فقال القاضي : أيَّدَك الله ؛
إن لأهل العلم حرمة ،
وأنا قاضي البلد ، فَمُنَّ عليَّ !!!
فقال اللصُّ : الحمد لله الذي أمكنني منك لأني منك على يقين أنك ترجع إلى كفاية من الثياب والدواب !!
أما غيرك فربما كان ضعيف الحال فقيراً لا يجد شيئاً !!!
فقال له القاضي : أين أنت مِمَّا يُروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«الدين دين الله والعباد عباد الله ، والسُّنَّة سُنَّتي ، فمَن ابتدع فعليه لعنة الله ».؟!
وقطعُ الطريق بدعة ، وأنا أشفق عليك أن تدخل تحت اللعنة ..!!
فقال اللصُّ : يا سيدي هذا حديث مُرْسَل ، لم يُرْوَ عن نافع ، ولا عن ابن عمر !!
ولو سلّمته لك تسليم عدل أو تسليم انقطاع ؛ فما بالك بلصٍّ متلصص مما لا قوت له ولا يرجع إلى كفاية عنده ؟!!!
إن ما معك هو حلال لي؛ روى مالك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :« لو كانت الدنيا دماً عبيطاً لكان قوت المؤمنين منها حلالاً ».
ولا خلاف عند جميع العلماء أن للإنسان أن يُحييَ نفسَه وعيالَه بمال غيره إذا خَشِي الهلاك !!!!
وأنا واللهِ أخشى الهلاك على نفسي وفيما معك إحيائي وإحياء عيالي ، فسَلِّمه لي وانصَرِف سالماً ..!!!
فقال القاضي : إذا كانت هذه حالتك فدعني أذهب إلى مزرعتي، فأنزِلُ إلى عبيدي وخدمي وآخُذُ منهم ما أستتر به ، وأدفع إليك جميع ما معي ..!!!
فقال اللصُّ : هيهات !
فمثلك مثل الطير في القفص،
فإذا خرج إلى الهواء خرج عن اليد ، وأخاف أن أُخلي عنك فلا تدفع لي شيئاً !!!!
فقال القاضي :
أنا أحلف لك أني أفعل ذلك ..
فقال اللصُّ : حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما -
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
« يمين المُكرَه لا تُلْزِم ».
وقال تعالى :
(إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) فادفع ما معك !!!!!!!
فأعطاه القاضي الدابة والثياب دون السراويل ..
فقال اللصُّ :
سَلِّم السراويل ، ولا بُدَّ منها !!!!
فقال القاضي :
إنه قد آنَ وقتُ الصلاة وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « ملعون مَن نظر إلى سوأة أخيه ».
وقد آنَ وقتُ الصلاةِ ولا صلاة لعريان !!!
والله تبارك وتعالى يقول :
(يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) وقيل في التفسير :
هي الثياب عند الصلاة ..
فقال اللصُّ :
أمَّا صلاتك فهي صحيحة !!
حدَّثَنَا مالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
« العراة يُصلُّون قياماً، ويقوم إمامهم وسطهم »..
وقال مالك : لا يُصلُّون قياماً ؛ يُصلون متفرقين متباعدين ؛
حتى لا ينظر أحد منهم إلى سوأة البعض !!
وقال أبو حنيفة : يصلون قعوداً ! وأما الحديث الذي ذكرتَ فهو حديث مُرْسَلٌ ولو سلّمته لكان محمولاً على النظر على سبيل التلذُّذ وأما أنت فحالك حال اضطرار ، لا حال اختيار ..!!!!
فقال القاضي : أنت القاضي وأنا المستقضي، وأنت الفقيه ، وأنا المستفتي، وأنت المفتي !!!
خُذ ما تريد ، ولا حول ولا قوة
إلا بالله !!! فأخذها اللص !!
📚 الأذكياء لابن الجوزي
خرج قاضي أنطاكية ليلاً إلى مزرعةٍ له ، فلما سار من البلد اعترضه لصٌّ فقال له : دع ما معك وإلا أوقعتُ بك المكروه !!
فقال القاضي : أيَّدَك الله ؛
إن لأهل العلم حرمة ،
وأنا قاضي البلد ، فَمُنَّ عليَّ !!!
فقال اللصُّ : الحمد لله الذي أمكنني منك لأني منك على يقين أنك ترجع إلى كفاية من الثياب والدواب !!
أما غيرك فربما كان ضعيف الحال فقيراً لا يجد شيئاً !!!
فقال له القاضي : أين أنت مِمَّا يُروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«الدين دين الله والعباد عباد الله ، والسُّنَّة سُنَّتي ، فمَن ابتدع فعليه لعنة الله ».؟!
وقطعُ الطريق بدعة ، وأنا أشفق عليك أن تدخل تحت اللعنة ..!!
فقال اللصُّ : يا سيدي هذا حديث مُرْسَل ، لم يُرْوَ عن نافع ، ولا عن ابن عمر !!
ولو سلّمته لك تسليم عدل أو تسليم انقطاع ؛ فما بالك بلصٍّ متلصص مما لا قوت له ولا يرجع إلى كفاية عنده ؟!!!
إن ما معك هو حلال لي؛ روى مالك عن ابن عمر - رضي الله عنهما - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :« لو كانت الدنيا دماً عبيطاً لكان قوت المؤمنين منها حلالاً ».
ولا خلاف عند جميع العلماء أن للإنسان أن يُحييَ نفسَه وعيالَه بمال غيره إذا خَشِي الهلاك !!!!
وأنا واللهِ أخشى الهلاك على نفسي وفيما معك إحيائي وإحياء عيالي ، فسَلِّمه لي وانصَرِف سالماً ..!!!
فقال القاضي : إذا كانت هذه حالتك فدعني أذهب إلى مزرعتي، فأنزِلُ إلى عبيدي وخدمي وآخُذُ منهم ما أستتر به ، وأدفع إليك جميع ما معي ..!!!
فقال اللصُّ : هيهات !
فمثلك مثل الطير في القفص،
فإذا خرج إلى الهواء خرج عن اليد ، وأخاف أن أُخلي عنك فلا تدفع لي شيئاً !!!!
فقال القاضي :
أنا أحلف لك أني أفعل ذلك ..
فقال اللصُّ : حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما -
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
« يمين المُكرَه لا تُلْزِم ».
وقال تعالى :
(إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) فادفع ما معك !!!!!!!
فأعطاه القاضي الدابة والثياب دون السراويل ..
فقال اللصُّ :
سَلِّم السراويل ، ولا بُدَّ منها !!!!
فقال القاضي :
إنه قد آنَ وقتُ الصلاة وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « ملعون مَن نظر إلى سوأة أخيه ».
وقد آنَ وقتُ الصلاةِ ولا صلاة لعريان !!!
والله تبارك وتعالى يقول :
(يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) وقيل في التفسير :
هي الثياب عند الصلاة ..
فقال اللصُّ :
أمَّا صلاتك فهي صحيحة !!
حدَّثَنَا مالك عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
« العراة يُصلُّون قياماً، ويقوم إمامهم وسطهم »..
وقال مالك : لا يُصلُّون قياماً ؛ يُصلون متفرقين متباعدين ؛
حتى لا ينظر أحد منهم إلى سوأة البعض !!
وقال أبو حنيفة : يصلون قعوداً ! وأما الحديث الذي ذكرتَ فهو حديث مُرْسَلٌ ولو سلّمته لكان محمولاً على النظر على سبيل التلذُّذ وأما أنت فحالك حال اضطرار ، لا حال اختيار ..!!!!
فقال القاضي : أنت القاضي وأنا المستقضي، وأنت الفقيه ، وأنا المستفتي، وأنت المفتي !!!
خُذ ما تريد ، ولا حول ولا قوة
إلا بالله !!! فأخذها اللص !!
📚 الأذكياء لابن الجوزي
👏6🤣6❤4😁2🔥1
قال الإمام موفق الدين
بن قدامة المقدسي
رحمه الله تعالى:
قال الإمام الشافعي
رحمه الله تعالى
في الآيات والأحاديث المتشابهة:
«ٱمنت بالله،
وبما جاء عن الله،
على مراد الله.
وٱمنت برسول الله،
وبما جاء عن رسول الله،
على مراد رسول الله.»
صلى الله عليه وسلم.
بنصه من كتاب
«لمعة الاعتقاد» (٦٢).
للإمام ابن قدامة المقدسي
بن قدامة المقدسي
رحمه الله تعالى:
قال الإمام الشافعي
رحمه الله تعالى
في الآيات والأحاديث المتشابهة:
«ٱمنت بالله،
وبما جاء عن الله،
على مراد الله.
وٱمنت برسول الله،
وبما جاء عن رسول الله،
على مراد رسول الله.»
صلى الله عليه وسلم.
بنصه من كتاب
«لمعة الاعتقاد» (٦٢).
للإمام ابن قدامة المقدسي
❤15👍4
الجهر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الأذان
قال الحافظ السخاوي الشافعي وهو تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه “القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع” (ص92): ” قد أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك فيها على الأذان وإلا المغرب فإنهم لا يفعلونه أصلاً لضيق وقتها …”، إلى أن قال: “وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع، واستُدِل للأول بقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} ومعلوم أن الصلاة والسلام من أَجَلّ القُرّب لا سيما وقد تواردت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فصل الدعاء عقب الأذان والثلث الأخير من الليل وقرب الفجر ” والصواب” أنه بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسن نيته
قال الحافظ السخاوي الشافعي وهو تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه “القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع” (ص92): ” قد أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك فيها على الأذان وإلا المغرب فإنهم لا يفعلونه أصلاً لضيق وقتها …”، إلى أن قال: “وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع، واستُدِل للأول بقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} ومعلوم أن الصلاة والسلام من أَجَلّ القُرّب لا سيما وقد تواردت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فصل الدعاء عقب الأذان والثلث الأخير من الليل وقرب الفجر ” والصواب” أنه بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسن نيته
❤28👍2
*قال الشيخ العلامة الفقيه محمد حسن هيتو حفظه الله تعالى:* "حدثنا أشياخنا عن طريقة التدريس في الأزهر قبل أن يطور ويدمر، أن الطالب كان لا يدخله إلَّا وهو حافظ للقرآن في الكتاتيب، فإذا دخله قرأ في السنة الأولى من كتب النحو الآجرومية بأربعة شروح لها. وفي السنة الثانية يقرأ قطر الندى. وفي السنة الثالثة يقرأ شذور الذهب. وفي السنة الرابعة يقرأ شرح ابن عقيل على ألفيه ابن مالك ويحفظها كما يحفظ الفاتحة. وفي السنة الخامسة والسادسة من دراسته يقرأ شرح الأشموني على الألفية. فإذا نجح في هذا، وانتهى منه شرع في السنة السابعة والثامنة بدراسة المطول على السعد في البلاغة. وهكذا كان يدرس ويتدرج في الكتب في شتى العلوم. وهذا يعني أن الطالب الذي قرأ هذه السلسلة المتتابعة من الآجرومية إلى الأشموني، لا شك في أنه قد درس من قواعد لغة العرب ما يجعله في مصاف الأئمة الكبار فيها، ولا سيما أنه كان يتلقى هذه العلوم في الصغر في دراسته الابتدائية والثانوية. ولذلك فقد وجدت في جيل الأساتذة الأزهريين الذين أدركوا تلك المرحلة الأزهرية من أساتذتي، وجدت فيهم أئمة في اللغة ولم أجد فيهم أساتذة كما يعرفُ الطلابُ اليوم في أساتذة الجامعات. وهكذا كان يُدَرَّس الفقه، فكان الطالب يدرس أولا حاشية الباجوري على ابن قاسم في الفقه الشافعي، ثم يدرس حاشية الشرقاوي على التحرير، ثم يدرس المنهج وشرحه لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، ثم يدرس المنهاج للإمام النووي بشرح الإمام جلال الدين المحلي الذي يعتبر الذروة في الدقة والإتقان والإحكام في الفقه. وهذا كله في الدراسة الابتدائية والثانوية، فإذا ارتقى إلى الدراسة العالية، بدأ بدراسة الفقه الخلافي والأدلة ومناقشتها. ولذلك كان يصل الطالب إلى الدراسة العالية بعد الثانوية وهو إمام في المذهب، لا يقل عن كبار أئمته المبرزين فيه".
*المتفيهقون، للعلامة هيتو: ص٥٧-٥٨.*
*المتفيهقون، للعلامة هيتو: ص٥٧-٥٨.*
❤16
حكى الإمام المفسر أبو إسحاق الثعلبي (ت427هـ) في تفسيره الكشف والبيان قال:
كان لهارون الرشيد غلام نصراني متطبب، وكان أحسن خلق الله وجهًا، وأكملهم أدبًا، وأجمعهم للخصال التي يتوسل بها إلى الملوك.
وكان الرشيد مولعًا بأن يُسْلِمَ، وهو يمتنعُ، وكان الرشيد يُمَنِّيه الأماني، فيأبى.
فقال له ذات يوم: مالك لا تؤمن؟
قال: لأنَّ في كتابكم حُجَّةً على ما أنْتَحِلُه.
قال: وما هو؟
قال: قوله: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء:171] أفغير هذا دين النصارى؟ إن عيسى جزء منه.
فتسَقَّمَ قلبُ الرشيد لذلك، ودعا العلماءَ والفقهاء، فلم يكن منهم من يزيل تلك الشُّبْهَة، حتَّى قيل له: قدِمَ حُجَّاجُ خراسان، وفيهم رجلٌ يقال له: علي بن الحسين بن واقد، من أهل مَرْوَ إمامٌ في علم القرآن.
فدعاه وجمع بينه وبين الغلام، فسأل الغلامَ، فأعاد قوْلَهُ، فاستعجم علَى علِيِّ بن الحُسين في الوقت جوابها، فقال: يا أمير المؤمنين، قد علم الله سبحانه في سابق علمه أن مثل هذا الخبيث يسألني في مجلسك عن هذا، وأنَّه لم يخل كتابه عن جوابه، وليس يحضرني في الوقت، ولله على ألا أطعم حتَّى آتي الذي فيها من حقها إن شاء الله.
فدخل بيتًا مظلمًا، وأغلق عليه بابه، واندفع في قراءة القرآن، حتَّى بلغ سورة الجاثية {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ}[الجاثية:13] فصاح بأعلى صوته: افتحوا الباب، فقد وجدْتُ.
ففتحوا، ودعا الغلامَ، وقرأ عليه الآية بين يدي الرشيد، وقال: إن كان قوله: {وَرُوحٌ منْه} يوجب أن عيسى بعض منه، وجب أن يكون ما في السماوات وما في الأرض بعضًا منه.
فانقطع النصراني، وأسْلَم، وفرح الرشيدُ فرحًا شديدًا، ووصَلَ علي بن الحسين بصلة فاخرة، فلما عاد إلى مرو صنف كتاب "النظائر في القرآن"، وهو كتاب لا يوازيه في بابه كتاب. انتهى.
وقد اختصرَ السمين الحلبي في درّه المصون هذه القصة فقال: إن بعض النصارى ناظرَ عليَّ بن الحسين بن واقد المروزي وقال: في كتاب الله ما يشهد أن عيسى جزءٌ من الله، وتلا: (وَرُوحٌ مِنْهُ)[النساء: 171]، فعارضَهُ ابن واقد بقوله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ)[الجاثية: 13]، وقال: يلزم ان تكون تلك الأشياء جزءًا من الله تعالى، وهو محالٌ بالاتفاق. فانقطعَ النصراني وأسلمَ. فانظر كيف سلَّم النصراني ببطلان حمل "مِنْ" على الظاهر حتى أسلم. انتهى.
ففي هذه المناظرة إثباتُ أن بعض النصارى كان يحتجّ ببعض الآيات المتشابهات في كتاب الله تعالى على المسلمين، واحتجاجهم بها ليس موقوفا على إيمانهم بصِدْقها، بل هو من قبيل المعارضة والمجادلة الباطلة ومن فهمهم السقيم لآيات الكتاب العزيز.
وقد ذكر الإمام الطبري وابن جزي وغيرهما في تفسير قوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ)[آل عمران: 7] أن الآية نزلت في نصارى نجران، فإنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أليس في كتابك أن عيسى كلمة الله وروح منه؟ قال: نعم. قالوا: فحسْبنا إذنْ.
كان لهارون الرشيد غلام نصراني متطبب، وكان أحسن خلق الله وجهًا، وأكملهم أدبًا، وأجمعهم للخصال التي يتوسل بها إلى الملوك.
وكان الرشيد مولعًا بأن يُسْلِمَ، وهو يمتنعُ، وكان الرشيد يُمَنِّيه الأماني، فيأبى.
فقال له ذات يوم: مالك لا تؤمن؟
قال: لأنَّ في كتابكم حُجَّةً على ما أنْتَحِلُه.
قال: وما هو؟
قال: قوله: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء:171] أفغير هذا دين النصارى؟ إن عيسى جزء منه.
فتسَقَّمَ قلبُ الرشيد لذلك، ودعا العلماءَ والفقهاء، فلم يكن منهم من يزيل تلك الشُّبْهَة، حتَّى قيل له: قدِمَ حُجَّاجُ خراسان، وفيهم رجلٌ يقال له: علي بن الحسين بن واقد، من أهل مَرْوَ إمامٌ في علم القرآن.
فدعاه وجمع بينه وبين الغلام، فسأل الغلامَ، فأعاد قوْلَهُ، فاستعجم علَى علِيِّ بن الحُسين في الوقت جوابها، فقال: يا أمير المؤمنين، قد علم الله سبحانه في سابق علمه أن مثل هذا الخبيث يسألني في مجلسك عن هذا، وأنَّه لم يخل كتابه عن جوابه، وليس يحضرني في الوقت، ولله على ألا أطعم حتَّى آتي الذي فيها من حقها إن شاء الله.
فدخل بيتًا مظلمًا، وأغلق عليه بابه، واندفع في قراءة القرآن، حتَّى بلغ سورة الجاثية {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ}[الجاثية:13] فصاح بأعلى صوته: افتحوا الباب، فقد وجدْتُ.
ففتحوا، ودعا الغلامَ، وقرأ عليه الآية بين يدي الرشيد، وقال: إن كان قوله: {وَرُوحٌ منْه} يوجب أن عيسى بعض منه، وجب أن يكون ما في السماوات وما في الأرض بعضًا منه.
فانقطع النصراني، وأسْلَم، وفرح الرشيدُ فرحًا شديدًا، ووصَلَ علي بن الحسين بصلة فاخرة، فلما عاد إلى مرو صنف كتاب "النظائر في القرآن"، وهو كتاب لا يوازيه في بابه كتاب. انتهى.
وقد اختصرَ السمين الحلبي في درّه المصون هذه القصة فقال: إن بعض النصارى ناظرَ عليَّ بن الحسين بن واقد المروزي وقال: في كتاب الله ما يشهد أن عيسى جزءٌ من الله، وتلا: (وَرُوحٌ مِنْهُ)[النساء: 171]، فعارضَهُ ابن واقد بقوله تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ)[الجاثية: 13]، وقال: يلزم ان تكون تلك الأشياء جزءًا من الله تعالى، وهو محالٌ بالاتفاق. فانقطعَ النصراني وأسلمَ. فانظر كيف سلَّم النصراني ببطلان حمل "مِنْ" على الظاهر حتى أسلم. انتهى.
ففي هذه المناظرة إثباتُ أن بعض النصارى كان يحتجّ ببعض الآيات المتشابهات في كتاب الله تعالى على المسلمين، واحتجاجهم بها ليس موقوفا على إيمانهم بصِدْقها، بل هو من قبيل المعارضة والمجادلة الباطلة ومن فهمهم السقيم لآيات الكتاب العزيز.
وقد ذكر الإمام الطبري وابن جزي وغيرهما في تفسير قوله تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ)[آل عمران: 7] أن الآية نزلت في نصارى نجران، فإنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أليس في كتابك أن عيسى كلمة الله وروح منه؟ قال: نعم. قالوا: فحسْبنا إذنْ.
❤10
قال ابن الحاج المالكي في المدخل(1/ 60): "حكي عن بعض العلماء والصلحاء أنه دُخِل عليه، وهو في سياق الموت فقال لأصحابه: انووا بنا حجا انووا بنا جهادا انووا بنا رباطا وجعل يعدد لهم أنواع البر وكثر ......
فقالوا له: يا سيدنا كيف وأنت على هذا الحال؟ فقال: - رحمه الله - إن عشنا وفينا وإن متنا حصل لنا أجر النية.
هكذا ينبغي أن يكون النظر في النية وتنميتها بما تقدم ذكره، والغافل المسكين صحيح معافى، وهو في عمى عن أعمال البر ساهٍ عن نفسه وعن عمله".
فقالوا له: يا سيدنا كيف وأنت على هذا الحال؟ فقال: - رحمه الله - إن عشنا وفينا وإن متنا حصل لنا أجر النية.
هكذا ينبغي أن يكون النظر في النية وتنميتها بما تقدم ذكره، والغافل المسكين صحيح معافى، وهو في عمى عن أعمال البر ساهٍ عن نفسه وعن عمله".
❤4
🖋قال العلامة البجيرمي رضي الله عنه:
إن العجلة من الشيطان إلا في خمسة مواضع؛ فإنها سنة رسول الله ﷺ:
١-قرى الضيف
٢- وتجهيز الميت
٣-وتزويج البكر
٤-وقضاء الديون
٥-والتوبة من الذنب
وقد نظمها بعضهم فقال:
لقد طلب التعجل في أمور
قضاء الدين، مع تزويج بكر
وتجهيز لميت، ثم طعم
لضيف، توبة من فعل نكر
📚حاشية البجيرمي على الخطيب (٤/ ٤٩٨)
إن العجلة من الشيطان إلا في خمسة مواضع؛ فإنها سنة رسول الله ﷺ:
١-قرى الضيف
٢- وتجهيز الميت
٣-وتزويج البكر
٤-وقضاء الديون
٥-والتوبة من الذنب
وقد نظمها بعضهم فقال:
لقد طلب التعجل في أمور
قضاء الدين، مع تزويج بكر
وتجهيز لميت، ثم طعم
لضيف، توبة من فعل نكر
📚حاشية البجيرمي على الخطيب (٤/ ٤٩٨)
❤11
💡تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم
🌱 قال إبراهيم بن حبيب -رحمه الله- موصيا ابنه:
” يا بني إيتِ الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إلي لك من كثير من الحديث “.
📚 [الجامع للخطيب (1/ 80)].
🌱 قال الإمام مالك بن أنس -رحمه الله تعالى-:
” كانت أمي تعممني وتقول لي: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه “.
📚[ترتيب المدارك وتقريب المسالك (130/1)].
🌱 قال عبدالله بن المبارك -رحمه الله تعالى-:
” طلبت الأدب ثلاثين سنة، وطلبت العلم عشرين سنة، وكانوا يطلبون الأدب قبل العلم “.
📚 [غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 198)].
🌱 قال الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى-:
” كان يجتمعُ في مجلس أحمد بن حنبل -رحمه الله- زُهاء خمسة آلاف أو يزيدون، نحو خمس مئة يكتبون، والباقون يتعلَّمون منه حُسْنَ الأدب والسَّمْت “.
📚 [السير (2/ 947)].
🌱 قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى :
” كاد الأدب يكون ثلثي العلم “.
📚 [صفة الصفوة (4/ 145)].
🌱 قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله تعالى-:
” نحن إلى قليل من الأدَب أحوجُ منا إلى كثيرٍ من العلم “.
📚 [مدارج السالكين (2/ 376)].
🌱 قال عبد الله بن وهب -رحمه الله تعالى-:
” ما تعلَّمنا من أدبِ مالكٍ أكثرُ مما تعلّمنا من علمه “.
📚 [سير أعلام النبلاء (8/ 113)].
🌱 قال إبراهيم بن حبيب -رحمه الله- موصيا ابنه:
” يا بني إيتِ الفقهاء والعلماء، وتعلم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إلي لك من كثير من الحديث “.
📚 [الجامع للخطيب (1/ 80)].
🌱 قال الإمام مالك بن أنس -رحمه الله تعالى-:
” كانت أمي تعممني وتقول لي: اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل علمه “.
📚[ترتيب المدارك وتقريب المسالك (130/1)].
🌱 قال عبدالله بن المبارك -رحمه الله تعالى-:
” طلبت الأدب ثلاثين سنة، وطلبت العلم عشرين سنة، وكانوا يطلبون الأدب قبل العلم “.
📚 [غاية النهاية في طبقات القراء (1/ 198)].
🌱 قال الإمام الذهبي -رحمه الله تعالى-:
” كان يجتمعُ في مجلس أحمد بن حنبل -رحمه الله- زُهاء خمسة آلاف أو يزيدون، نحو خمس مئة يكتبون، والباقون يتعلَّمون منه حُسْنَ الأدب والسَّمْت “.
📚 [السير (2/ 947)].
🌱 قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى :
” كاد الأدب يكون ثلثي العلم “.
📚 [صفة الصفوة (4/ 145)].
🌱 قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله تعالى-:
” نحن إلى قليل من الأدَب أحوجُ منا إلى كثيرٍ من العلم “.
📚 [مدارج السالكين (2/ 376)].
🌱 قال عبد الله بن وهب -رحمه الله تعالى-:
” ما تعلَّمنا من أدبِ مالكٍ أكثرُ مما تعلّمنا من علمه “.
📚 [سير أعلام النبلاء (8/ 113)].
❤9
ذكر الإمام الذهبي فى تاريخه عند ترجمة (مسعود بن محمد الهمذاني) أنه كان من خيار الناس، وكان كثيرًا ما يصفح عن الناس بقوله: (الماضي لا يُذكر).
قيل: إنّه رُؤيَ في المنام بعد موته،
فقيل له : ما فعل الله بك؟
قال : أوقفني بين يديه، وقال لي: يا مسعود، الماضي لا يُذْكَر،
انطلقوا به إلى الجنة).
"تاريخ الإسلام" للذهبي ج12 ص1128
قيل: إنّه رُؤيَ في المنام بعد موته،
فقيل له : ما فعل الله بك؟
قال : أوقفني بين يديه، وقال لي: يا مسعود، الماضي لا يُذْكَر،
انطلقوا به إلى الجنة).
"تاريخ الإسلام" للذهبي ج12 ص1128
❤17👍1