Telegram Web Link
*تنزيه الله عن الجسمية.*
قال الحافظ الفقيه الحنبليّ أبو الفرج بن الجوزيّ(1):
*ومن المعلوم أن الاستواء إذا كان بمعنى الاستقرار والقعود لا بد فيه من المماسة،*
*والمماسة إنما تقع بين جسمين أو جِرمين،*
*والقائل بهذا شبَّه وجسَّم،*
*وما أبقى في التجسيم والتشبيه بقية،*
*كما أبطل دلالة:*
*﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾* اﻫ.

(دفع شبه التشبيه، ابن الجوزي، ص128).

وَصَانِعُ العَالَمِ لاَ يَحْوِيــــهِ قُطْرٌ تَعَـالَى الله عَنْ تَشْبِيـهِ
قَدْ كَان مَوْجُوداً وَلاَ مَـكَانَا وَحُكْمُهُ الآنَ عَلَى مَا كَانـَا
سُبـْحَانَهُ جَلَّ عَنِ المَكَــانِ وَعَزَّ عَنْ تَغَـيُّرِ الزَّمَــانِ

قال الإمام أبو الفضل عبد الواحد بن عبدالعزيز البغدادي التّميمي رئيس الحنابلة ببغداد في كتابه اعتقاد الإمام أحمد (ص 45) " وأنكر (أي أحمد) على من يقول بالجسم وقال إنّ الأسماء مأخوذة من الشّريعة واللّغة وأهل اللّغة وضعوا هذا الاسم على ذي طول وعرض وسمك وتركيب وصورة وتأليف.........
والله خارج عن ذلك كلّه فلم يجز أن يسمّى جسما لخروجه عن معنى الجسميّة ولم يجئ في الشّريعة ذلك فبطل "......
أدلة جواز الدعاء عند قبور الانبياء والصالحين.
----
الدعاء عند قبور الصالحين سنة مستحبة واردة عن الصحابة والسلف وعلماء المسلمين جيلا بعد جيل.
----
واستحباب الدعاء ومشروعيته عند قبور الصالحين مما توارد عليه فعل الصحابة والسلف والأئمة، لا كما يزعم من خالفهم.

سؤال:
هل ثبت أن أحد الصحابة كان يفعل ويدعو عند قبر سيدنا النبي ﷺ؟
الجواب: نعم
فمن الصحابة:
١.الصحابي الجليل أسامة بن زيد
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال رأيت أسامة بن زيد عند حجرة عائشة يدعو فجاء مروان فأسمعه كلاما فقال أسامة أما إني سمعت رسول الله ﷺ يقول إن الله يبغض الفاحش البذيء.
رواه ابن حبان في صحيحه، وحسنه الضياء المقدسي في المختارة وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد، وأحد أسانيد الطبراني رجاله ثقات.

فهذا سيدنا أسامة بن زيد الصحابي الجليل يدعو عند قبر سيدنا رسول الله وصاحبيه، فينقم ذلك عليه مروان فيغلظ له في القول، فيقول له الصحابي الجليل: إن الله يبغض الفاحش البذيء، فما يفعله المخالفون اليوم هو منهج مروان بن الحكم لا منهج الصحابة الكرام، فها هو سيدنا أسامة عند حجرة عائشة يدعو!!.

٢. الصحابي سيدنا عبد الله بن عمر
روى الإمام مالك في “الموطأ” عن عبد الله بن دينار أن سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه كان إذا أراد سفرا أو قدم من سفر جاء قبر النبي ﷺ فصلى عليه ودعا ثم انصرف، قال محمد: “هكذا ينبغي أن يفعله إذا قدم المدينة يأتي قبر النبي ﷺ “.
فتأمل صنيع سيدنا ابن عمر عندما يأتي القبر النبوي كما جاء في الرواية: “جاء قبر النبي ﷺ فصلى عليه ودعا ثم انصرف”.
فابن عمر رضي الله عنهما أيضا وفق كلام ابن تيمية والمخالفين ضال مضل؛ لأنه يتحرى الدعاء عند القبر النبوي وهذا ضلال عند القوم!..

٣.جملة من الصحابة بأمر من أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها
روى الدارمي بسند رجاله ثقات عن أبي الجوزاء أوس بن عبد الله، قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا، فشكوا إلى عائشة فقالت: “انظروا قبر النبي فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، قال: ففعلوا، فمطرنا مطرا حتى نبت العشب، وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم، فسمي عام الفتق.

وقد أورد الإمام الدارمي هذه الرواية عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها تحت عنوان: باب ما أكرم الله تعالى نبيه ﷺ بعد موته”، وهو دليل منه رحمه الله وإقرار منه بمشروعية التوسل به والدعاء عند قبره الشريف بعد الموت، فهل الإمام الدارمي بتبويبه هذا مشرك قبوري؟!.، وحسنها الإمام البغوي في شرح السنة.
----
ومن السلف:
١.الإمام محمد بن الحسن
٢.روى أبو نعيم في ترجمة سيدنا طلحة بن عبيد الله كما (معرفة الصحابة 1/100) قال: “حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا أبو بكر ابن أبي عاصم، قال: «قد رأيت جماعة من أهل العلم والفضل إذا هم أحدهم بأمر قصد إلى قبره فسلم عليه فدعا بحضرته فيكاد يعرف الإجابة، وأخبرنا مشايخنا به قديما أنهم رأوا من كان قبلهم يفعله»”.

٣.الإمام الشافعي
وثبت عن علي بن ميمون أنه قال: سمعت الشافعي، يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم، يعني زائرا، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى”. راجع: تاريخ بغداد (1/ 445)، أخبار أبي حنيفة وأصحابه (1/ 94)، الطبقات السنية في تراجم الحنفية (1/ 46).

فها هو الإمام الشافعي يدعو الله تعالى عند قبر أبي حنيفة، فهل ابن تيمية والوهابية أفهم من الإمام الشافعي؟!.

٣.وروى ابن النجار في الدرة الثمينة في أخبار المدينة (1/ 169) عن عوسجة قال: كنت أدعو ليلة إلى زاوية دار عقيل بن أبي طالب التي تلي باب الدار، فمر بي جعفر بن محمد، فقال لي: أعن أثر وقفت هاهنا؟ قلت: لا، قال: هذا موقف النبي ﷺ بالليل إذا جاء يستغفر لأهل البقيع”.
قال ابن النجار: “وداره الموضع الذي دفن فيه”.
وقال ابن فرحون المالكي معلقا على هذه الرواية كما في إرشاد السالك إلى أفعال المناسك (2/ 791): “واعلم أن الدعاء عند قبر عبد الله بن جعفر من المواضع المشهورة باستجابة الدعاء، وقد جرب ذلك”
٤.وسئل الإمام أحمد بن حنبل عمن رأى القبر أيقف قائما أو يجلس فيدعو؟ قال: “أرجو أن لا يكون به بأس”.
فها هو الإمام أحمد بن حنبل يفصح بأنه لا بأس بالدعاء عند القبر للميت أو لنفسك قاعدا أو قائما، كما رواه ولده أبو الفضل صالح في كتابه مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية ابن أبي الفضل صالحى (1/ 309).

٥.وقال سيدنا إبراهيم الحربي عن قبر سيدنا معروف الكرخي: قبر معروف الترياق المجرب. راجع: تاريخ بغداد (1/ 134)، طبقات الحنابلة لأبي يعلى (1/ 382)، وفيات الأعيان (5/ 232)، سير أعلام النبلاء (9/ 343).
ومن العلماء
١.الحافظ الذهبي وقد قال الحافظ الذهبي معقبا على قبر معروف الكرخي: “يريد إجابة دعاء المضطر عنده؛ لأن البقاع المباركة يستجاب عندها الدعاء، كما أن الدعاء في السحر مرجو، ودبر المكتوبات، وفي المساجد”.

وفي ترجمة الإمام أبي الفضل التميمي الهمذاني الحافظ المتوفى 384ه
قال الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ (3/ 129): “توفي في شعبان سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، والدعاء عند قبره مستجاب“.
فالإمام شيخ الإسلام الحافظ الذهبي وفق كلام ابن تيمية والمخالفون ضال مضل؟!!.

٢.وذكر شمس الدين ابن خلكان في ترجمة محمود بن عماد الدين زنكي، الملقب بالملك العادل في وفيات الأعيان (5/ 184): “وسمعت من جماعة من أهل دمشق يقولون: “إن الدعاء عند قبره مستجاب، ولقد جربت ذلك فصح، رحمه الله تعالى”.

فها هو الإمام ابن خلكان يورد هذا عن العلماء من قبل ابن تيمية وهو يحكي أن هذا مجرب عنده.
٣.ويقول الإمام المقرئ الحاذق شمس الدين ابن الجزري عن قبر الإمام الشاطبي إمام القراءات كما في غاية النهاية في طبقات القراء (2/ 23): “وقبره مشهور معروف، يقصد للزيارة، وقد زرته مرات، وعرض علي بعض أصحابي الشاطبية عند قبره، ورأيت بركة الدعاء عند قبره بالإجابة – رحمه الله ورضي عنه”.
فماذا يقول المخالفون المعاصرة عن الإمام ابن الجزري إمام القراءات؟!.
هل يرونه على بدعة وضلالة وأنه قبوري خالف السلف حين يعتقد هذا؟!.
----
فاستحباب الدعاء ومشروعيته عند قبور الصالحين مما توارد عليه فعل الصحابة والسلف والأئمة، لا كما يزعم ابن تيمية والمخالفون .

ومن تتبع ما جاء عن السلف ظفر بالمزيد، وما نقلته دليل على استقرار المسألة عند أهل العلم، وأن ابن تيمية ما كان منصفا ولا أمينا في نقله، وأن المخالفين لما انساقوا خلفه خرجوا عن الجادة وعن المنهج العلمي المعتبر، حتى صوروا الحق باطلا والباطل حقا، ونسأل الله تعالى لنا ولهم الهداية، والله تعالى أعلى وأعلم.
----
الحمدلله على نعمة الإسلام ونعمة أهل السنة ومنهجهم ونعمة علمائها وطريقتهم.
الطالب السلفي إذا أراد طلب العلم فإنه يقرأ:

في النحو كتب الأشاعرة.
و في الصرف كتب الأشاعرة .
و في المعاني و البيان و البديع كتب الأشاعرة .
و في المنطق كتب الأشاعرة .
و في أصول الفقه كتب الأشاعرة .
و في الفقه كتب الأشاعرة.
و في علوم القران كتب الأشاعرة.
و في علوم الحديث كتب الأشاعرة.
و في التفسير كتب الأشاعرة.
و في شرح الحديث كتب الأشاعرة.
و في التاريخ كتب الأشاعرة .
و في الأدب كتب الأشاعرة .....
ثم اذا اغلق الكتاب سب الأشاعرة و ضللهم و بدعهم .
....
من دعاء الخليل عليه السلام بعد بناء الكعبة المشرفة ما نقله لنا القرآن الكريم:
*"وأرِنا مَناسِكَنا"*

أرنا: بمعنى أظهرها لنا ودلنا عليها..
و أرنا: بمعنى علمنا..

. المَنسَكُ بِفَتْحِ السِّينِ بِمَعْنى الفِعْلِ..
وبِكَسْرِ السِّينِ بِمَعْنى المَواضِعِ..

. ومعنى هذا الدعاء العظيم:
الأوَّلُ:
المَواضِعُ الَّتِي تُقامُ فِيها شَرائِعُ الحَجِّ تُسَمّى: مَناسِك..
فالمعنى: أظْهِرْها لِأعْيُنِنا حَتّى نَراها..
فالمَناسِك هي المَواقِفُ والمَواضِعُ الَّتِي يُقامُ فِيها شَرائِعُ الحَجِّ كَمِنًى وعَرَفاتٍ والمُزْدَلِفَةِ ونَحْوِها.. وقد أعلمها جبريل لخليل الرحمن عليه السلام..

الثّانِي:
مَعْناهُ عَلِّمْنا شَرائِعَ حجِّنا إذْ أمَرْتَنا بِبِناءِ البَيْتِ لِنَحُجَّهُ ونَدْعُوَ النّاسَ إلى حَجِّهِ، فَعَلِّمْنا شَرائِعَهُ وما يَنْبَغِي لَنا أنْ نَأْتِيَهُ فِيهِ مِن عَمَلٍ وقَوْلٍ..
فمعنى أرنا : علمنا
كقوله سبحانه: ﴿ألَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ [الفُرْقانِ: ٤٥]، ﴿ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأصْحابِ الفِيلِ﴾ [الفِيلِ: ١] .

ألم تر: أي ألم تعلم..
فالمَناسِكَ هي أعْمالُ الحَجِّ كالطَّوافِ والسَّعْيِ والوُقُوفِ.

قالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: *”«خُذُوا عَنِّي مَناسِكَكم..» “ .*
ظاهِرُ الكَلامِ يَدُلُّ عَلى الفِعْلِ، أمَرَهم بِأنْ يَتَعَلَّمُوا أفْعالَهُ في الحَجِّ لا أنَّهُ أرادَ: خُذُوا عَنِّي مَواضِعَ نُسُكِكم..

. والنُّسُكُ هو التَّعَبُّدُ، يُقالُ لِلْعابِدِ ناسِكٌ وسُمِّيَت أعْمالُ الحَجِّ مَناسِكَ...
وأصْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ مِنَ العِبادَةِ والتَّقَرُّبِ إلى اللَّهِ تَعالى، واللُّزُومِ لِما يُرْضِيهِ..
وجُعِلَ ذَلِكَ عامًّا لِكُلِّ ما شَرَعَهُ اللَّهُ تَعالى لِإبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلام

. والخلاصة:
*﴿وأرِنا مَناسِكَنا﴾* أيْ: عَلِّمْنا كَيْفَ نَعْبُدُكَ، وأيْنَ نَعْبُدُكَ وبِماذا نَتَقَرَّبُ إلَيْكَ حَتّى نَخْدُمَكَ بِهِ كَما يَخْدُمُ العَبْدُ مَوْلاهُ...

مفاتيح الغيب
بتصرف
مسألة:
كلام العلماء بعضهم في بعض يطوى و لا يروى


اعلم رحمك الله أن العصمة للأنبياء عليهم الصلاة و السلام وحدهم و كل من سواهم من صحابيا كان أو تابعيا أو إماما متبعا من أئمة الإسلام يجوز عليهم الخطأ ،و يقع منهم داء الحسد في بعض الأحيان ،و قد أنذر النبي صلى الله عليه و سلم بذلك فقد روى عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:

( دبّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء ، البغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم أفشوا السلام بينكم).

و للأسف فقد نجح الشيطان بجعل العداوة و البغضاء بين بعض العلماء الفضلاء ،فتكلموا في بعضهم بعضا بكلام لا يليق ،فمن هنا قرر العلماء (أن كلام العلماء بعضهم في بعض يطوى و لا يروى)

قال العلامة أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله تعالى :

(هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب قوله من جهة الفقه والنظر)

قال وقد صح عن ابن معين من طرق أنه كان يتكلم في الشافعي على ما قدمت لك حتى نهاه أحمد بن حنبل وقال له لم ترى عيناك قط مثل الشافعي. رحمه الله تعالى.

و صح عن ابن أبي ذئب أنه قال في مالك (يستتاب مالك فإن تاب و إلا قتل).

وقال في سير أعلام النبلاء(5/275-276): (ذكر قتادة عند يحيى، فقال: لا يزال أهل البصرة بشر ما كان فيهم قتادة.
قلت: كلام الاقران يطوى ولا يروى، فإن ذكر تأمله المحدث، فإن وجد له متابعا، وإلا أعرض عنه.)اهـ

فمن صح إمامته فلا يلفت إلى من يطعن فيه ،و لذا لم يلتفت أحد إلى أقوال الكوثري في ابن حجر و خطيب البغدادي بل عادت أقواله عارا عليه.

و لم يلتفتوا إلى قول ابن العربي في ابن حزم (وجدت في العراق فتنة الباطنية و لما رجعت إلى الأندلس وجدت فتنة الظاهرية يرأسها رجل سخيف جاهل يقال له ابن حزم)

هذا قول ابن العربي في ابن حزم مع أن والده كان من أخص تلاميذ ابن حزم و لذلك علق الحافظ الذهبي على قول ابن العربي و قال:
(لم ينصف ابن العربي شيخ أبيه في العلم و لا تكلم فيه بالقسط و ابن العربي مع جلالة قدره و سعة علمه إلا أنه لا يبلغ رتبة ابن حزم و لا يكاد أصلا، فابن حزم كان أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام.

و لم يلتفت العلماء إلى تضعيف ابن أبي حاتم لإمام المحدثين البخاري رحمه الله .

وقال الإمام السبكي في " قاعدة الجرح والتعديل ": 12: ومما ينبغي أن يتفقد حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح.

فربما خالف الجارح المجروح في العقيدة، فجرحه لذلك.
ومن أمثلة ذلك قول ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل في البخاري: تركه أبو زرعة وأبو حاتم من أجل مسألة اللفظ، فيا لله والمسلمين، أيجوز لاحد أن يقول: البخاري متروك ؟ ؟ ! وهو حامل لواء الصناعة، ومقدم أهل السنة والجماعة.
ثم يا لله والمسلمين ! أتجعل ممادحه مذام ؟ ! فإن الحق في مسألة اللفظ معه، إذ لا يستريب عاقل من المخلوقين في أن تلفظه من أفعاله الحادثة التي هي مخلوقة لله تعالى، وإنما أنكرها الامام أحمد رضي الله عنه لبشاعة لفظها).

و لم يلتفتوا إلى ما وقع بين الإمام السيوطي و قرينه السخاوي رحمهم الله تعالى، بل استفادوا منهما جميعا.

و الأمثلة في هذا الباب كثيرة
الاختلاف، والخلاف.
١= الاختلاف: هو أن يكون الطريق مختلفاً، والمقصود واحداً.
والخلاف: هو أن يكون الطريق
والمقصود مختلفين.

٢- الاختلاف: ما يستند إلى دليل.
والخلاف: ما لا يستند إلى دليل.

٣= الاختلاف: من ٱثار الرحمة.
والخلاف: من ٱثار البدعة.

الإنصاف فيما أُثير فيه الخلاف
ص(١٦)؛ نقلاً عن الكليات للكفوي.
"يُسَن صيام التِسع مِن ذي الحِجة"

حثّ النبي صلى الله عليه وسلم على بذل الأعمال الصالحة في الأيام العشر من ذي الحجة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟) قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: (وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) رواه البخاري.

فالحديث أطلق هذه الأعمال الصالحة ولم يقيدها بعمل صالح معين، فتشمل قراءة القرآن والذكر والتسبيح وصلة الرحم والصيام؛ قال الحافظ ابن حجر: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك في غيره".
[فتح الباري 3 /390].
ويستدل من حديث ابن عباس السابق أيضا ورود لفظة الأيام، واليوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ومعلوم أن أفضل عمل النهار الصوم، كما أن أفضل عمل الليل القيام، ولذلك سن قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان، فيكون صيام العشر الأوائل من ذي الحجة مندوباً قياساً على ذلك.

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم هذه العشر ويحافظ على صيامهن؛ فعن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ" رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه، وقد تكلم المحدثون في أسانيد أحاديث فضل صوم الأيام العشر من ذي الحجة، فلم يثبت فيها شيء صحيح. انظر: [نصب الراية 2/ 156]، ولكن ذلك لا يمنع فضل صوم هذه الأيام؛ لدلالة حديث البخاري رحمه الله السابق على عموم فضل الأعمال الصالحة فيه ومنها الصيام.

وأما ما رواه مسلم بإسناده عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ)، فقد أجاب عنه العلماء، قال الإمام النووي: "قول عائشة: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط)، وفي رواية لم يصم العشر، قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة، قالوا: وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحباباً شديداً، لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله...، فيتأول قولها لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائماً فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر الاثنين من الشهر والخميس. ورواه أبو داود وهذا لفظه وأحمد والنسائي" [شرح النووي على مسلم 8/ 71].

وقال ابن حجر في [فتح الباري 2/ 460]: "لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله؛ خشية أن يفرض على أمته".
الإمام الرملي رضي الله عنه

سئل عمن قال: إن الله في جهة، هل هو مسلم وإن لزمه التجسيم، لأن لازم المذهب ليس بمذهب أم لا؟


فأجاب: بأن القائل المذكور مسلم وإن كان مبتدعاً

[فتاوى الرملي (20/4)]
من التنطع أن يُنظر لوضع اليد على الجبهة التي هي ليست الا من قبيل الإجلال والتوقير
على أنها من معاني السجود!!
وينسى هذا المتنطع الانحناء لتقبيل اليد الذي هو أيضا من حيث الظاهر من معاني الخضوع والركوع ...
وهذا المعاني التي هي من خصوصيات العبودية لله لا تثبت لغيره جل وعلا الا بنية صرفها لغيره
وحاشا أن يقصِد البار بأبيه وأمه العبادة بالسجود حين يقبل يديهما ومثلها يد شيخه أو الشيخ الكبير ...
إنما هو يطبق توجيه الآية الكريمة: (وقضى ربك أن لاتعبدوا إلا إياه *وبالوالدين إحسانا* ..)
الكلام بين يدي العلماء

✍️قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله :
«إذا رأيت الشاب يتكلم عند المشايخ، وإن كان قد بلغ من العلم مبلغاً، فآيس من خيره؛ فإنه قليل الحياء».
📒 [المدخل للبيهقي «ص٣٨٨»]

✍️ قال الإمام الزاهد العابد إبراهيم بن أدهم رحمه الله :
« كُنَّا إِذَا رَأَيْنَا الْحَدَثَ يَتَكَلَّمُ مَعَ الْكِبَارِ أَيسْنَا مِنْ أخَلَاقِهِ وَمنْ كُلِّ خَيْرٍ عِنْدَهُ » .
📒 [حلية الأولياء «٢٨/٨»].
قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا ومن توهم للحق مكانا فهو مشبه.
✍️ نقل عنه ذلك النفراوي في الرسالة والحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري.

⬅️ وذكر الإمام أبو حنيفة في الفقه الأبسط ص25 ما نصه: كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق المكان ولا أين ولا مكان ولا خلق ولا شيء وهو خالق كل شيء. وهذا ثبت بالإسناد المتصل عنه، رضي الله عنه.

⚠️ أما ما يروى عنه أنه قال: من قال لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض فقد كفر، لأن الله تعالى يقول "الرحمن على العرش استوى" فهذه لا تصح عنه لأنها توهم أن للحق مكانا، وقد رواها عن أبي حنيفة أبو مطيع البلخي، وأبو مطيع البلخي هذا يقول عنه الذهبي أنه كذاب ووضاع، وقال الإمام أحمد عنه: لا ينبغي أن يروى عنه شيء، وقال يحيى بن معين عنه: ليس بشيء. ذكر الذهبي ذلك في كتاب ميزان الاعتدال المجلد الرابع ص574، وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب لسان الميزان عن أبي مطيع البلخي: قال أبو حاتم: كان كذابا.
#هل يصح الجمع بين الاضحية والعقيقة ؟
قولان للفقهاء:
1- جمهور الفقهاء يمنعون الجمع بين الاضحية والعقيقة وهو قول الشافعية والمالكية ورواية عند الحنابلة
وحجة أصحاب هذا القول : أن كلاً منهما – أي : العقيقة والأضحية – مقصود لذاته فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى ، ولأن كل واحدة منهما لها سبب مختلف عن الآخر ، فلا تقوم إحداهما عن الأخرى ، كدم التمتع ودم الفدية .
قال الهيتمي رحمه الله في "تحفة المحتاج شرح المنهاج" (9/371) : " وَظَاهِرُ كَلَامِ َالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِشَاةٍ الْأُضْحِيَّةَ وَالْعَقِيقَةَ لَمْ تَحْصُلْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْأُضْحِيَّةِ الضِّيَافَةُ الْعَامَّةُ وَمِنْ الْعَقِيقَةِ الضِّيَافَةُ الْخَاصَّةُ وَلِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي مَسَائِلَ كَمَا يَأْتِي وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ حُصُولَهُمَا وَقَاسَهُ عَلَى غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَابَةِ عَلَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَبْنَى الطَّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ فَلَا يُقَاسُ بِهَا غَيْرُهَا " انتهى .
وقال الحطاب رحمه الله في "مواهب الجليل" (3/259) : "إِنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ أَوْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً ، فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ : قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ : قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْفِهْرِيُّ إذَا ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعَقِيقَةِ لَا يُجْزِيهِ ، وَإِنْ أَطْعَمَهَا وَلِيمَةً أَجْزَأَهُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إرَاقَةُ الدَّمِ ، وَإِرَاقَتُهُ لَا تُجْزِئُ عَنْ إرَاقَتَيْنِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَلِيمَةِ الْإِطْعَامُ ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْإِرَاقَةِ ، فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ . انْتَهَى " انتهى .
2- تجزئ الأضحية عن العقيقة . وهو رواية عن الإمام أحمد، وبه قال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتادة رحمهم الله . والرملي من الشافعية
وحجة أصحاب هذا القول : أن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح ، فدخلت إحداهما في الأخرى ، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد .
روى ابن أبي شيبة رحمه الله في "المصنف" (5/534) : عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : إذَا ضَحُّوا عَنْ الْغُلَامِ فَقَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهُ مِنْ الْعَقِيقَةِ .
وعَنْ هِشَامٍ وَابْنِ سِيرِينَ قَالَا : يُجْزِئُ عَنْهُ الْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْعَقِيقَةِ .
وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ : لَا تُجْزِئُ عَنْهُ حَتَّى يُعَقَّ .
وفي "كشاف القناع" (3/30) : " وَلَوْ اجْتَمَعَ عَقِيقَةٌ وَأُضْحِيَّةٌ ، وَنَوَى الذَّبِيحَةَ عَنْهُمَا ، أَيْ : عَنْ الْعَقِيقَةِ وَالْأُضْحِيَّة ِ أَجْزَأَتْ عَنْهُمَا نَصًّا [أي : نص عليه الإمام أحمد]"
وقال الإمام الرملي من الشافعية : ولو نوى بالشاة المذبوحة الأضحية والعقيقة حصلا خلافا لمن زعم خلافه.
لاتسقط الجمعة لو صادف العيد بيومها عند جماهير الفقهاء في عامة المذاهب الفقهية .
قال فقهاؤنا رضي الله عنهم :

صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم انطبقت عليه شروط وجوب الجمعة، ولذا إذا وافق أول أيام عيد الفطر أو عيد الأضحى يوم الجمعة، فيجب إقامة صلاة الجمعة ولا تسقط بصلاة العيد؛ لأن صلاة الجمعة فرض، وصلاة العيد سنة مؤكدة، والسنة لا تُسقط الفريضة ولا تجزئ عنها، وذلك لقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} الجمعة/9.
وقد حدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن وافق يومُ العيد يومَ الجمعة، فكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه صلى الصلاتين، وخطب الخطبتين، ولم يترك الجمعة ولا العيد، وذلك أمر مشهور معروف في كتب السنة والحديث، وهو ما ذهب إليه جماهير فقهاء المسلمين من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة.
وإنما رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك الجمعة ذلك اليوم لأهل العوالي الذين بعدت منازلهم عن المسجد النبوي، ويشقّ عليهم الذهاب والإياب مرتين للصلاتين، فرخص لهم أن يصلوا الظهر في أحيائهم، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ؛ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ) رواه أبو داود.
وقد حمل جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية هذا الحديث على أنه واردٌ في حقّ من أتى لصلاة العيد من خارج المدينة المنورة؛ ممن لا تجب عليهم الجمعة ابتداءً؛ كونهم قاطنين خارج المدن والعمران، فهؤلاء إن انتظروا حتى يصلوا الجمعة كان في ذلك مشقة عليهم، وكذلك لو رجعوا إلى أهلهم ثم جاؤوا لصلاة الجمعة؛ فرخص لهم حينئذ في ترك الجمعة.
جاء في [مغني المحتاج 1/ 539]: "ولو وافق العيد يوم جمعة فحضر أهل القرية الذين يبلغهم النداء لصلاة العيد ولو رجعوا إلى أهلهم فاتتهم الجمعة فلهم الرجوع وترك الجمعة يومئذ على الأصح، فتستثنى هذه من إطلاق المصنف، نعم لو دخل وقتها قبل انصرافهم كأن دخل عقب سلامهم من العيد فالظاهر كما قال شيخنا أنه ليس لهم تركها".
وجاء في [البناية شرح الهداية 3/ 97]:"ثم المراد من اجتماع العيدين هاهنا اتفاق كون يوم الفطر أو يوم الأضحى في يوم الجمعة...، ولا يترك بواحد منهما: أي من العيد والجمعة، أما الجمعة فلأنها فريضة، وأما العيد فلأن تركها بدعة وضلال...، قوله: وإنما مجمعون، دليل على أن تركها لا يجوز، وإنما أطلق لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخيرهم عثمان، لأنهم كانوا أهل أبعد قرى المدينة، وإذا رجع أهل القرى قبل صلاة الجمعة لا بأس به".
🌙🌟
بمناسبة عيد الأضحى المبارك
أرسل إليكم أطيب التهاني وأجمل الأماني،
سائلًا المولى عز وجل أن يعيده علينا وعليكم
بالخير واليمن والبركات،
وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال،
ويجعل أيامكم كلها أفراح وسعادة.
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
🕋🌹🐑
مَنْ قَالَ لَكَ إِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً سَمِعْتَ عَشْراً، فَقُلْ إِنْ قُلْتَ عَشْراً لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً.
وَ مَنْ شَتَمَكَ فَقُلْ لَهُ إِنْ كُنْتَ صَادِقاً فِيمَا تَقُولُ فَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَغْفِرَ لِي، وَ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فِيمَا تَقُولُ فَاللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَغْفِرَ لَكَ.
وَ مَنْ وَعَدَكَ بِالْخَنَا فَعِدْهُ بِالنَّصِيحَةِ وَ الرِّعَاءِ.

الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه
29 يونيو 2016 ·
قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة (1/144) في ترجمة ابن تيمية:
"أحمد بن عبد الحليم ولد سنة 661هـ، وتحوّل به أبوه من حرّان سنة 67 فسمع من ابن عبد الدائم والقاسم الإربلي والمسلم بن علان وابن أبي عمرو والفخر في ءاخرين وقرأ بنفسه.
وأوّل ما أنكروا عليه من مقالاته في شهر ربيع الأول سنة 698 قام عليه جماعة من الفقهاء بسبب الفتوى الحموية وبحثوا معه ومُنع من الكلام، ثم حضر مع القاضي إمام الدين القزويني فانتصر له وقال هو وأخوه جلال الدين: من قال عن الشيخ تقي الدين شيئًا عزرناه.
ثم طُلِب ثاني مرة في سنة 705 إلى مصر فتعصّب عليه بيبرس الجاشنكير وانتصر له سلار، ثم ءال أمره أن حبس في خزانة البنود مدة، ثم نقل في صفر سنة 709 إلى الإسكندرية، ثم أُفرج عنه وأُعيد إلى القاهرة، ثم أُعيد إلى الإسكندرية، ثم حضر الناصر من الكرك فأطلقه ووصل إلى دمشق في ءاخر سنة 712 وكان السبب في هذه المحنة أن مرسوم السلطان ورد على النائب بامتحانه في معتقده لما وقع إليه من أمور تنكر في ذلك، فعقد له مجلس في سابع رجب وسئل عن عقيدته فأملى منها شيئًا، ثم أحضروا العقيدة التي تُعرف بالواسطية فقرىء منها وبحثوا في مواضع، ثم اجتمعوا في ثاني عشرة وقرروا الصفي الهندي يبحث معه، ثم أخّروه وقدّموا الكمال الزملكاني، ثم انفصل الأمر على أنه شهد على نفسه أنه شافعي المعتقد، فأشاع أتباعه أنه انتصر، فغضب خصومه ورفعوا واحدًا من أتباع ابن تيمية إلى الجلال القزويني نائب الحكم بالعادلية فعزره، وكذا فعل الحنفي باثنين منهم.
ثم في ثاني عشري رجب قرأ المِزيُّ فصلاً من كتاب أفعال العباد للبخاري في الجامع فسمعه بعض الشافعية فغضبوا وقالوا نحن المقصودون بهذا ورفعوه إلى القاضي الشافعي فأمر بحبسه، فبلغ ابن تيمية فتوجه إلى الحبس فأخرجه بيده، فبلغ القاضي فطلع إلى القلعة فوافاه ابن تيمية فتشاجرا بحضرة النائب واشتط ابن تيمية على القاضي لكون نائبه جلال الدين ءاذى أصحابه في غيبة النائب، فأمر النائب من ينادي أن من تكلّم في العقائد فُعِل كذا به وقصد بذلك تسكين الفتنة، ثم عقد لهم مجلس في سلخ رجب، وجرى فيه بين ابن الزملكاني وابن الوكيل مباحثة فقال ابن الزملكاني لابن الوكيل: ما جرى على الشافعية قليل حتى تكون أنت رئيسهم، فظن القاضي نجم الدين بن صصرى أنه عناه فعزل نفسه وقام، فأعاده الأمراء وولاه النائب وحكم الحنفي بصحة الولاية ونفّذها المالكي، فرجع إلى منزله وعلم أن الولاية لم تصحّ، فصمّم على العزل فرسم النائب لنوّابه بالمباشرة إلى أن يرد أمر السلطان.
ثم وصل بريدي في أواخر شعبان بعوده، ثم وصل بريدي في خامس رمضان بطلب القاضي والشيخ وأن يرسلوا بصورة ما جرى للشيخ في سنة 698 ثم وصل مملوك النائب وأخبر أن الجاشنكير والقاضي المالكي قد قاما في الإنكار على الشيخ وأن الأمر اشتدّ بمصر على الحنابلة حتى صفع بعضهم. ثم توجه القاضي والشيخ إلى القاهرة ومعهما جماعة فوصلا في العشر الأخير من رمضان وعقد مجلس في ثالث عشر منه بعد صلاة الجمعة، فادعى على ابن تيمية عند المالكي، فقال هذا عدوي ولم يجب عن الدعوى فكرّر عليه فأصرّ، فحكم المالكي بحبسه فأُقيم من المجلس وحبس في برج، ثم بلغ المالكي أن الناس يترددون إليه فقال: يجب التضييق عليه إن لم يقتل وإلا فقد ثبت كفره، فنقلوه ليلة عيد الفطر إلى الجبّ، وعاد القاضي الشافعي إلى ولايته ونُودِيَ بدمشق من اعتقد عقيدة ابن تيمية حلّ دمه وماله خصوصًا الحنابلة، فنُودي بذلك وقُرىء المرسوم وقرأها ابن الشهاب محمود في الجامع. ثم جمعوا الحنابلة من الصالحية وغيرها وأشهدوا على أنفسهم أنهم على معتقد الإمام الشافعي.
وذكر ولد الشيخ جمال الدين بن الظاهري في كتاب كتَبَهُ لبعض معارفه بدمشق أن جميع من بمصر من القضاة والشيوخ والفقهاء والعلماء والعوام يحطون على ابن تيمية إلاّ الحنفي فإنه يتعصّب له وإلا الشافعي فإنه ساكت عنه، وكان من أعظم القائمين عليه الشيخ نصر المنبجي لأنه كان بلغ ابن تيمية أنه يتعصّب لابن العربي فكتب إليه كتابًا يعاتبه على ذلك. فما أعجبه لكونه بالغ في الحطّ على ابن العربي وتكفيره فصار هو يحطّ على ابن تيمية ويغري به بيبرس الجاشنكير، وكان بيبرس يفرط في محبة نصر ويعظمه، وقام القاضي زين الدين بن مخلوف قاضي المالكية مع الشيخ نصر وبالغ في أذية الحنابلة، واتّفق أن قاضي الحنابلة شرف الدين الحرّاني كان قليل البضاعة في العلم فبادر إلى إجابتهم في المعتقد واستكتبوه خطه بذلك، واتفق أن قاضي الحنفية بدمشق وهو شمس الدين ابن الحريري انتصر لابن تيمية وكتب في حقّه محضرًا بالثناء عليه بالعلم والفهم، وكتب فيه بخطه ثلاثة عشر سطرًا من جملتها أنه منذ ثلاثمائة سنة ما رأى الناس مثله فبلغ ذلك ابن مخلوف فسعى في عزل ابن الحريري فعزل وقرّر عوضه شمس الدين الأذرعي، ثم لم يلبث الأذرعي أن عزل في السنة المقبلة. وتعصب سلار لابن تيمية وأحضر القضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنفي وتكلم معهم في إخراجه فاتفقوا على أنهم يشترطون فيه شروطًا وأن يرجع عن بعض العقيدة فأرسلوا إليه مرّات فامتنع من الحضور إليهم واستمر، ولم يزل ابن تيمية في الجبّ إلى أن شفع فيه مهنا أمير ءال فضل، فأخرج في ربيع الأول في الثالث وعشرين منه وأحضر إلى القلعة ووقع البحث مع بعض الفقهاء فكتب عليه محضر بأنه قال أنا أشعري. ثم وجد بخطه ما نصه: الذي اعتقد أن القرءان معنى قائم بذات الله وهو صفة من صفات ذاته القديمة وهو غير مخلوق وليس بحرف ولا صوت، وأن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [سورة طه] ليس على ظاهره ولا أعلم كنه المراد به بل لا يعلمه إلا الله، والقول في النزول كالقول في الاستواء. وكتبه أحمد بن تيمية. ثم أشهدوا عليه أنه تاب مما ينافي ذلك مختارًا وذلك في خامس عشري ربيع الأوّل سنة 707، وشهد عليه بذلك جمع جمّ من العلماء وغيرهم وسكن الحال وأفرج عنه وسكن القاهرة.
ثم اجتمع جمع من الصوفيّة عند تاج الدين بن عطاء فطلعوا في العشر الأوسط من شوال إلى القلعة وشكوا من ابن تيمية أنه يتكلم في حقّ مشايخ الطريق وأنه قال لا يُستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم، فاقتضى الحال أن أمر بتسييره إلى الشام فتوجه على خيل البريديّ، وكل ذلك والقاضي زين الدين بن مخلوف مشتغل بنفسه بالمرض وقد أشرف على الموت، وبلغه سفر ابن تيمية فراسل النائب فردّه من بلبيس وادعى عليه عند ابن جماعة وشهد عليه شرف الدين ابن الصابوني، وقيل إن علاء الدين القونوي أيضًا شهد عليه فاعتقل بسجن بحارة الديلم في ثامن عشر شوال إلى سلخ صفر سنة 709، فنقل عنه أن جماعة يترددون إليه وأنه يتكلم عليهم في نحو ما تقدم، فأمر بنقله إلى الإسكندرية فنقل إليها في سلخ صفر وكان سفره صحبة أمير مقدم، ولم يمكن أحد من جهته من السفر معه وحبس ببرج شرقي. ثم توجه إليه بعض أصحابه فلم يمنعوا منه فتوجهت طائفة منهم بعد طائفة، وكان موضعه فسيحًا فصار الناس يدخلون إليه ويقرءون عليه ويبحثون معه قرأت ذلك في تاريخ البرزالي، فلم يزل إلى أن عاد الناصر إلى السلطنة فشفع فيه عنده، فأمر بإحضاره فاجتمع به في ثامن عشر شوال سنة تسع فأكرمه وجمع القضاة وأصلح بينه وبين القاضي المالكي، فاشترط المالكي أن لا يعود، فقال له السلطان قد تاب، وسكن القاهرة وتردد الناس إليه، إلى أن توجه صحبة الناصر إلى الشام بنية الغزاة في سنة 712 وذلك في شوال فوصل دمشق في مستهل ذي القعدة، فكانت مدة غيبته عنها أكثر من سبع سنين وتلقّاه جمع عظيم فرحًا بمقدمه، وكانت والدته إذ ذاك في قيد الحياة.
ثم قاموا عليه في شهر رمضان سنة 719 بسبب مسألة الطلاق وأكد عليه المنع من الفتيا، ثم عقد له مجلس ءاخر في رجب سنة عشرين، ثم حبس بالقلعة ثم أُخرج في عاشوراء سنة 721.
ثم قاموا عليه مرة أخرى في شعبان سنة 726 بسبب مسألة الزيارة واعتقل بالقلعة فلم يزل بها إلى أن مات في ليلة الاثنين والعشرين من ذي القعدة سنة 728" اهـ.
ثم قال :"وكان يتكلم على المنبر على طريقة المفسّرين مع الفقه والحديث فيورد في ساعة من الكتاب والسُّنّة واللُّغة والنظر ما لا يقدر أحد على أن يورده في عدة مجالس كأنّ هذه العلوم بين عينيه فيأخذ منها ما يشاء ويذر، ومن ثَمّ نسب أصحابه إلى الغلو فيه واقتضى له ذلك العجب بنفسه حتى زها على أبناء جنسه واستشعر أنه مجتهد فصار يرد على صغير العلماء وكبيرهم قويّهم وحديثهم حتى انتهى إلى عمر فخطّأه في شىء، فبلغ الشيخ إبراهيم الرَّقي فأنكر عليه فذهب إليه واعتذر واستغفر، وقال في حق عليّ أخطأ في سبعة عشر شيئًا خالف فيها نص الكتاب منها اعتداد المتوفى عنها زوجها أطول الأجلين. وكان لتعصبه لمذهب الحنابلة يقع في الأشاعرة حتى إنه سبّ الغزالي فقام عليه قوم كادوا يقتلونه.
ولما قدم غازان بجيوش التتر إلى الشام خرج إليه وكلّمه بكلام قوي، فهمّ بقتله ثم نجا، واشتهر أمره من يومئذ. واتفق أن الشيخ نصرًا المنبجي كان قد تقدّم في الدولة لاعتقاد بيبرس الجاشنكير فيه، فبلغه أن ابن تيمية يقع في ابن العربي لأنه كان يعتقد أنه مستقيم وأن الذي ينسب إليه من الاتحاد أو الإلحاد من قصور فهم من ينكر عليه، فأرسل ينكر عليه وكتب إليه كتابًا طويلاً ونسبه وأصحابه إلى الاتحاد الذي هو حقيقة الإلحاد، فعظم ذلك عليهم وأعانه عليه قوم ءاخرون ضبطوا عليه كلمات في العقائد مغيرة وقعت منه في مواعظه وفتاويه، فذكروا أنه ذكر حديث النزول فنزل عن المنبر درجتين فقال كنزولي هذا فنسب إلى التجسيم، وردّه على من توسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو استغاث، فأشخص من دمشق في رمضان سنة خمس وسبعمائة فجرى عليه ما جرى وحبس مرارًا فأقام على ذلك نحو أربع سنين أو أكثر وهو مع ذلك يشتغل ويفتي، إلى أن اتّفق أن الشيخ نصرًا قام على الشيخ كريم الدين الآملي شيخ خانقاه سعيد السعداء فأخرجه من الخانقاه، وعلى شمس الدين الجزري فأخرجه من تدريس الشريفيّة، فيقال إن الآملي دخل الخلوة بمصر أربعين يومًا فلم يخرج حتى زالت دولة بيبرس وخمل ذكر نصر وأطلق ابن تيمية إلى الشام. وافترق الناس فيه شيعًا فمنهم من نسبه إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية والواسطية وغيرهما من ذلك كقوله إن اليد والقدم والساق والوجه صفات حقيقيّة لله وإنه مستوٍ على العرش بذاته، فقيل له: يلزم من ذلك التحيّز والانقسام، فقال: أنا لا أسلّم أن التحيز والانقسام من خواص الأجسام، فألزم بأنه يقول بتحيّز في ذات الله. ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُستغاث به وأن في ذلك تنقيصًا ومنعًا من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أشد الناس عليه في ذلك النور البكري فإنه لما عقد له المجلس بسبب ذلك قال بعض الحاضرين يعزر، فقال البكري: لا معنى لهذا القول فإنه إن كان تنقيصًا يقتل وإن لم يكن تنقيصًا لا يعزر. ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في عليّ ما تقدّم ولقوله: إنه كان مخذولاً حيثما توجه، وإنه حاول الخلافة مرارًا فلم ينلها وإنما قاتل للرياسة لا للديانة، ولقوله: إنه كان يحب الرياسة، وإن عثمان كان يحب المال، ولقوله: أبو بكر أسلم شيخًا لا يدري ما يقول وعليّ أسلم صبيّا والصبي لا يصح إسلامه على قول". انتهى كلام ابن حجر.
2025/07/07 18:55:46
Back to Top
HTML Embed Code: