Telegram Web Link
اتفق الفقهاء على أن غيبة المبتدع كالحشوية والرافضة والمعتزلة لا إثم فيها فليتنبه ذوو اللبانة إذا ما نسبوا لولي من الأولياء الاحتراز عن الغيبة فقيد الحيثية مراعى أي الاحتراز من غيبة من لا تحل غيبته شرعا..

وغيبَة الرجل سواء كان حَيا وَمَيتًا تُبَاح لغَرَض شَرْعِي لَا يُمكن الْوُصُول إِلَيْهِ إِلَّا بهَا وَهِي سِتَّة :

1 : التظلم فَيجوز للمظلوم أَن يتظلم إِلَى السُّلْطَان وَالْقَاضِي وَغَيرهمَا مِمَّن لَهُ ولَايَة أَو قدرَة على إنصافه من ظلامه فَيَقُول فلَان ظَلَمَنِي كَذَا .
2 : الِاسْتِعَانَة على تَغْيِير الْمُنكر ورد العَاصِي إِلَى الصَّوَاب فَيَقُول لمن يَرْجُو مِنْهُ إِزَالَة الْمُنكر فلَان يفعل كَذَا فأزجره .
3 : الاستفتاء فَيَقُول للمفتي ظَلَمَنِي أبي بِكَذَا فَمَا سَبَب الْخَلَاص مِنْهُ
تحذير الْمُؤمنِينَ من الشَّرّ ونصيحتهم .
4 : جرح الشُّهُود عِنْد القَاضِي وجرح رَوَاهُ الحَدِيث وَهُوَ جَائِز بِالْإِجْمَاع بل وَاجِب للْحَاجة .
5 : إِذا رأى متفقها يتَرَدَّد إِلَى المبتدع أَو فَاسق يَأْخُذ عَنهُ الْعلم وَخَافَ أَن يتَضَرَّر المتفقه بذلك فنصحه بِبَيَان حَاله .
6 : أَن يكون مجاهرا بِفِسْقِهِ أَو بدعته فَيجوز ذكره بِمَا يُجَاهر بِهِ دون غَيره من الْعُيُوب .

بتصرف : الرفع والتكميل في الجرح والتعديل : ص 55 ــ 56 .
🔰 هكذا كانوا يعظّمون أهل العلم

وصف الحافظ ابن كثير دخول قاضي قضاة الشافعية في عصره الإمام تاج الدين السبكي إلى دمشق فقال:
"في يوم الأربعاء التاسع والعشرين من جمادى الأولى قدم من ناحية «الكسوة»، وقد تلقاه جماعة من الأعيان إلى «الصنمين» وما فوقها، فلما وصل إلى «الكسوة» كثر الناس جدا، وقاربها قاضي قضاة الحنفية الشيخ جمال الدين بن السراج، فلما أشرف من «عقبة سجورا» تلقاه خلائق لا يحصون كثرة، وأشعلت الشموع حتى مع النساء، والناس في سرور عظيم، فلما كان قريبا من «الجسورة» تلقته السناجق الخليفتية مع الجوامع، والمؤذنون يكبرون، والناس في سرور كثير، ولما قارب «باب النصر» وقع مطر عظيم، والناس معه لا تسعهم الطرقات، يدعون له، ويفرحون بقدومه، فدخل «دار السعادة»، وسلم على نائب السلطنة، ثم دخل الجامع بعد العصر، ومعه شموع عظيمة، والرؤساء أكثر من العامة".

📕 البداية والنهاية ٧١٢/١٨ .
كان الحشوية يرفعون للإمام الرازي وهو في مجلس وعظه رقاعًا تتضمن شتمه، ولعنه، والطعن في عرضه؛ حتى بلغ من فجورهم في الخصومة أن رفعوا إليه يومًا رقعةً كتبوا فيها أن ابنه يفسق، ويزني، وإن امرأته كذلك.

فما كان منه إلا أن قال: «إن هذه القصة تتضمن أن ابني يفسق، ويزني، وذلك مظنة الشباب؛ فإنه شعبة من الجنون، ونرجو من الله تعالى إصلاحه، والتوبة، وأما امرأتي فهذا شأن النساء إلا من عصمه الله، وأنا شيخ ما في للنساء مستمتع، هذا كله يمكن وقوعه، وأما أنا فوالله لا قلت إن الباري -سبحانه- وتعالى جسم، ولا شبهته بخلقه، ولا حيزته، ولله الحمد أن ابني لا يقول إن الله جسم، ولا يشبه به خلقه، ولا زوجتي تعتقد في ذلك، ولا غلامي؛ فأي الفريقين أوضح سبيلًا؟».


طبقات الشافعية للسبكي
خاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأمة من عدة أمور ليس من بينها الشرك .. ما بال أقوام يخافون على الأمة أكثر من نبيها؟
1- أخاف عليكم الدنيا أن تنافسوها...
2- خاف من رجل قرأ القرآن أو بعض العلم وظهرت بهجته عليه ثم رمى الآخرين بالشرك..
3- خاف علينا الشرك الأصغر

قال صلى الله عليه وسلم: (..وإنِّي لَسْتُ أخْشى علَيْكُم أنْ تُشْرِكُوا، ولَكِنِّي أخْشى عَلَيْكُمُ الدُّنْيا أنْ تَنافَسُوها،...). وفي رواية عنده: (..وإنِّي واللَّهِ ما أخافُ علَيْكُم أنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي..) صحيح البخاري (٤٠٤٢)
روى ابن حبان ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (2907) ، والبزار (2793) عن حذيفة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ( إنَّ مَا أَتَخَوَّفُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى إِذَا رُئِيَتْ بَهْجَتُهُ عَلَيْهِ ، وَكَانَ رِدْئًا لِلْإِسْلَامِ ، غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ، وَسَعَى عَلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ ، وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ ) ، قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ، الْمَرْمِيُّ أَمِ الرَّامِي؟ قَالَ: ( بَلِ الرَّامِي )" .*●قال ابن كثير رحمه الله :" إِسْنَادٌ جَيِّدٌ " و أخرجه البزار في مسنده بلفظ قريب، والطبراني في الكبير والصغير بنحوه، وابن أبي عاصم في السنة.

(إنَّ أخوفَ ما أخافُ علَيكم الشِّركُ الأصغرُ قالوا: وما الشِّركُ الأصغرُ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الرِّياءُ...) الترغيب والترهيب (١/٥٢) • إسناده جيد.. حتى الألباني وابن عثيمين قلدوا هذا القول بتجويده

وقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [فَوَاللهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ]. رَواهُ البُخاريُّ وغيرُهُ


ومن يبتدع في الخوف في الشرك على الأمة ويتوسع في رمي الأمة فلا وسّع الله عليه لأنه مبتدع يزيد على كلام رسول الل صلى الله عليه وسلم.. وعلى الحريص أن يكون مقتديا بخوف رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ولا يزيد.
#سلسلة_المسائل_العلمية:
#المسألة_الخامسة_والأربعون:
حكم فضلات النبي صلى الله عليه وسلم
لله در ابن دقيق العيد حين قال:
أتانا قوم من الأعراب تفقهوا
وليس لهم في الفقه قبل ولا بعد
يقولون هذا عندنا غير جائز
ومن انتم حتى يكون لكم عند

الفقه هو الفهم .. (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين).
دعوى التفقه غير حقيقة الفقه ..
والتفقه بالدين لا يستقرأ الشاذ من المسائل
لقد طهَّر الله تعالى حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم وبرَّأه من جميع الأقذار الحِسّية والمعنوية، ولذا فإن عامة أصحاب المذاهب الأربعة قالوا بطهارة فضلاته صلى الله عليه وسلم، ورجح القاضي عياض في "الشفا" الاستدلال على طهارتها، وذكَر الخطيب الشربيني أنه المعتمد في مذهب الشافعية،
تعالوا لنستقرأ الأقوال المعتمدة التي استقر عليها الفقهاء في المذاهب الأربعة بخصوص طهارة دمه صلي الله عليه وسلم :

(1) السادة المالكية، قالوا: "الأنبياء - عليهم الصلاة - والسلام أجسادهم، بل جميع فضلاتهم طاهرة اتفاقا حتى بالنسبة لهم؛ لأن الطهارة متى ثبتت لذاتٍ فهي مُطلقةٌ واستنجاؤهم تنزيهٌ وتشريعٌ"
(الدسوقي على الشرح الكبير 54/1)

(2) السادة الأحناف، قالوا: "فضلاته عليه الصلاة والسلام طاهرة كما جزم به البغوي وغيره وهو المُعتمد".
(الفتاوى الحامدية /لابن عابدين 331/2)

(3) السادة الحنابلة، قالوا: "والنجس مِنَّا طاهرٌ منهُ صلى الله عليه وسلم". (البهوتي/كشف القناع 31/5).

(4) السادة الشافعية، قالوا: "الفضلات من النبي صلى الله عليه وسلم طاهرةٌ كما جزم به البغويُّ وغيره، وصححه القاضي وغيره، وهو المعتمد". (الاقناع / الشربيني 1/ 314).
وقال الرملي في النهاية:
"جزم البغوي وغيره بطهارتها وصححه القاضي وغيره ونقله العمراني عن الخراسانيين وصححه السبكي والبارزي والزركشي وقال ابن الرفعة إنه الذي اعتقده وألقى الله به وقال البلقيني إن به الفتوى". (نهاية المحتاج/الرملي 1/242).
وهذا قول شيخ الإسلام زكريا الانصاري في أسنى المطالب 3/ 106).

انتهى الأمر أن المعتمد عند الشافعية الطهارة ولا يصح نقل ما قيل قبل الإستقرار على المعتمد المعول عليه..

فقد جاء في الفتاوى الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي ج٤ ص١١٧

ﺳﺌﻞ) ﻫﻞ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻧﺠﺎﺳﺔ ﻓﻀﻼﺗﻪ – ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ – ﻛﻐﻴﺮﻩ ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺠﻤﻬﻮﺭ ﻭﺻﺤﺤﻪ اﻟﺸﻴﺨﺎﻥ ﺃﻡ ﻻ؟

(ﻓﺄﺟﺎﺏ) ﺑﺄﻥ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻃﻬﺎﺭﺗﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﺟﺰﻡ ﺑﻪ اﻟﺒﻐﻮﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻭﺻﺤﺤﻪ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﺴﻴﻦ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻭﻧﻘﻠﻪ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ ﻋﻦ اﻟﺨﺮاﺳﺎﻧﻴﻴﻦ ﻭﺻﺤﺤﻪ اﻟﺒﺎﺭﺯﻱ ﻭاﻟﺴﺒﻜﻲ ﻭاﻟﺸﻴﺦ ﻧﺠﻢ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳﻔﺮاﻳﻴﻨﻲ ﻭﻏﻴﺮﻫﻢ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ اﻟﺒﻠﻘﻴﻨﻲ: ﻭﺑﻪ اﻟﻔﺘﻮﻯ، ﻭﻗﺎﻝ اﺑﻦ اﻟﺮﻓﻌﺔ: ﺇﻧﻪ اﻟﺬﻱ ﺃﻋﺘﻘﺪﻩ ﻭﺃﻟﻘﻰ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﻗﺎﻝ اﻟﺰﺭﻛﺸﻲ: ﻭﻛﺬا ﺃﻗﻮﻝ ﻭﻳﻨﺒﻐﻲ ﻃﺮﺩﻩ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻧﺒﻴﺎء.
وأيضًا صرح بذلك السبكي وقال بأنه المعتمد عند الشافعية وكذا الرملي.. فلما التدليس!

وقال الهيتمي:
[ وَاخْتَارَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَمُتَأَخِّرُونَ طَهَارَةَ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَطَالُوا فِيهِ
قال المحشي
(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ جَمْعٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وِفَاقًا لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَخِلَافًا لِلشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدِ النَّظَافَةِ...
وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: تَكَاثَرَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ (أي على طهارة فضلاته عليه الصلاة والسلام)، وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ فِي خَصَائِصِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ انْتَهَى.

وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ (شهاب الدين الرملي)- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الاستحباب ومزيد النظافة. ..انتهى.
وفي العقود الدرية لابن عابدين:
... لِأَنَّ ‌فَضَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام ‌طَاهِرَةٌ ‌كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ شَرِبَتْ بَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَنْ يَلِجَ النَّارَ بَطْنُكِ صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ دَمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَاهِرٌ لِأَنَّ أَبَا طَيْبَةَ شَرِبَهُ وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ غُلَامٌ حِينَ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَمَ حِجَامَتِهِ لِيَدْفِنَهُ فَشَرِبَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ خَالَطَ دَمُهُ دَمِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحَةِ وَذَكَرَهَا فُقَهَاؤُنَا وَتَبِعَهُمْ الشَّافِعِيَّةُ كَالشِّرْبِينِيِّ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ وَفُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فَكَانَتْ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَحَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ فَضَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام تُنْجِي مِنْ النَّارِ فَكَيْفَ مَنْ رُبِّيَ مِنْ دَمِهَا وَلَحْمِهَا وَرُبِّيَ فِي بَطْنِهَا وَمَنْ كَانَ أَصْلُ خِلْقَتِهِ الشَّرِيفَةِ مِنْهُ يَدْخُلُ النَّارَ هَذَا مَا جَرَى بِهِ لِسَانُ الْقَلَمِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
ابن عابدين في العقود الدرية
وفي حاشية البيجوري:
"... ويستثنى من ذلك (أي النجاسات): فضلاته ﷺ فهي طاهرة على المعتمد ولأن بركة الحبشية شربت بوله ﷺ فقال لها: "لن تلج النار بطنك". صححه الدارقطني
ولأن أبا طيبة ابن الزبير شرب دمعه ﷺ وهو غلام، حين أعطاه النبي ﷺ دم حجامته ليدفنه فشربه، فقال له ﷺ:" من خالط دمه دمي لم تمسه النار ".
حاشية الإمام البيجوري الشافعي على ابن قاسم.
قال العلامة الحجّاوي" والنجسُ منا طاهرٌ منه صلى الله عليه وسلم "، وهو المعتمد أيضا في مذهب الحنفية؛ فقد شربَ بعضُ الصحابة - رضي الله عنهم- من بوله، واستنجاؤه وتطهُّره - صلى الله عليه وسلم- من الخارج من السبيلين لا يدل بالقطع على نجاسة الخارج؛ لاحتمال التعليم، ولأنه ليس كل ما غُسل موضعه من الجسم أو نُظِّف فهو نجس، فالمُخاط يُزال ويُغسل أثره وهو طاهر، وتُغسل الأيدي بعد الطعام، وتُنظَّف الأسنان بالسواك وما عليها ليس نجسًا.
ومن مُستتبَعات ذلك أن الذُّباب كان لا يقع على جسمه الشريف ولا على شيء من ثيابه، كما نصَّ عليه أصحاب الشمائل، ورووا فيه بعض الآثار. منها:

مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن الأبجر، وهو أبو سعيد الخدري، وهو من كبار الصحابة، شرب دم النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ومصِّه إياه، وتسويغه صلى الله عليه وسلم ذلك له وقوله له: «لن تصيبه النار» فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من مس دمه دمي لم يخالطه ذنب، وقتل رضي الله عنه شهيدا في هذه الغزوة. رواه الطبراني في معجمه الأوسط عن أبي سعيد الخدري، ورواه البيهقي عن عمر بن السائب.. وشرب عبد الله بن الزبير دم حجامته، فقال له عليه السلام: «ويل لك من الناس، وويل لهم منك» ولم ينكر عليه؛ رواه الحاكم والبزار، والدارقطني والبيهقي والبغوي، والطبراني وسنده جيد، والعجب من ابن الصلاح أنه قال: هذا حديث لم أجد له أصلا بالكلية وهو في هذه الأصول وقد روي نحو من هذا عنه في امرأة شربت بوله، فقال لها: «لن تشتكي وجع بطنك أبدا.» والحديث رواه الحاكم وأقره الذهبي والدارقطني
- ولم يأمر واحدا منهم بغسل فم، ولا نهاه عن عود.
وحديث هذه المرأة، التي شربت بوله صحيح، ألزم الدارقطني مسلما، والبخاري، إخراجه في الصحيح، واسم هذه المرأة «بركة» «4» ، واختلف في نسبها، وقيل: هي أم أيمن وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم. ...ملخصاً بتصرف من الشفا بتعريف حقوق المصطفى(1/ 157)
وهذه الأحوال وإن لم تتكرر كثيراً إلا أن لها دلالة واضحة على ما قدّمناه، وفيها ما يتوافق مع جمال وجلال المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو ما جعل أصحاب الشمائل وأكثر العلماء والفقهاء يميلون إلى القول بالطهارة لأنه يتناسب مع الكمال النبوي الذي خصّ الله به الحبيب صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيراً.

https://www.tg-me.com/ahlussonna
قال الإمام تقي الدين السبكي:

الله مستغاثٌ والغوثُ منه خَلقاً وإيجاداً
والنبي ﷺ مستغاثٌ والغوثُ منه تسبُّباً وكَسباً

[شفاء السقام]
ما معتمد المذهب الشافعي في مسألة دمِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وفضلاته؟

————

قال شهاب الدين الرملي رضي الله عنه في شرح المنهاج:
"وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَجَاسَةَ الْفَضَلَاتِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَا صَحَّحَاهُ وَحَمَلَ الْقَائِلُ بِذَلِكَ الْأَخْبَارَ الَّتِي يَدُلُّ ظَاهِرُهَا لِلطَّهَارَةِ كَعَدَمِ إنْكَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شُرْبَ أُمِّ أَيْمَنَ بَوْلَهُ عَلَى التَّدَاوِي.
لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِطَهَارَتِهَا، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ، وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّهُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَلْقَى اللَّهَ بِهِ.

وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ بِهِ الْفَتْوَى، وَصَحَّحَهُ الْقَايَاتِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ،

وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: تَكَاثَرَتْ الْأَدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ، وَعَدَّهُ الْأَئِمَّةُ فِي خَصَائِصِهِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي كُتُبِ كَثِيرٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَقَدْ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ انْتَهَى.
وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدِ النَّظَافَةِ."

فتأمل قول الحافظ ابن حجر: "فلا يلتفت إلى خلافه وإن وقع في كتب كثير من الشافعية، فقد استقر الأمر من أئمتهم على القول بالطهارة"
وقول الشهاب الرملي: "وهو المعتمد"

وقد نصّ الشبراملسي في حاشيته على أن معتمد المذهب الشافعي طهارة ذلك من جميع الأنبياء كما ذهب إليه الزركشي.

ثم اقرأ نصّ الخطيب الشربيني على المعتمد أيضًا، يقول:
"فَائِدَة هَذِه الفضلات من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاهِرَة كَمَا جزم بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيره وَصَححهُ القَاضِي وَغَيره ((وَهُوَ الْمُعْتَمد)) خلافًا لما فِي الشَّرْح الصَّغِير وَالتَّحْقِيق أَنَّهَا لَيست من النَّجَاسَة لِأَن بركَة الحبشية شربت بَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لن تلج النَّار بَطْنك صَححهُ الدَّارَقُطْنِيّ
وَقَالَ أَبُو جَعْفَر التِّرْمِذِيّ دم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَاهِر لِأَن أَبَا طيبَة شربه وَفعل مثل ذَلِك ابْن الزبير وَهُوَ غُلَام حِين أعطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دم حجامته ليدفنه فشربه فَقَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خالط دَمه دمي لم تمسه النَّار"

ثم اقرأ نصّ الإمام الباجوري على المعتمد أيضًا، يقول:
"ويستثنى من ذلك (أي من النجاسات): فضلاته ﷺ فهي طاهرة على ((المعتمد))
ولأن بركة الحبشية شربت بوله ﷺ فقال لها: "لن تلج النار بطنك".(صححه الدارقطني)
ولأن أبا طيبة وابن الزبير (وهو غلام) شربا دمه ﷺ ، حين أعطاه النبي ﷺ دم حجامته ليدفنه فشربه، فقال له ﷺ:" من خالط دمه دمي لم تمسه النار".

وهؤلاء جميعًا جاؤوا بعد الإمام النووي، وقرأوا كلامه، لكنهم نصوا نصًّا على أن معتمد المذهب الشافعي والذي عليه الفتوى على خلاف ما نسبه النووي للجمهور.

ولسنا نقول: إن ما قاله الجمهور الذين تحدّث عنهم النووي رضي الله عنه سوء أدب منهم، معاذ الله، بل من قال هذا مخطئ وهو الذي ينبغي أن يرمى بسوء الأدب مع ورثة النبي صلى الله عليه وسلم.

لكننا نقول إن محل مثل هذا الكلام: مجالس العلم، في كتاب الطهارة.
حيث السامع إما عالم وإما طالب علم، كل واحدٍ منهم يعرف سياق الكلام، ويعرف كمال الأدب مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، وكيف يعبّر وكيف يختار ألفاظه، فهو بين أجر وأجرين.

أما نزع هذا الكلام من سياقه ورميه على ملايين العوام بل على غير المسلمين من الملحدين وغيرهم، لنقول بغير سياق ولا مناسبة ولا فائدة: إن دم النبي صلى الله عليه وسلم كذا كذا!!
ثم جعل هذا عادة مستمرة يصبحنا ويمسينا بها بعض السفهاء، فكلّما شعر بالملل استخرج مثل هذا الكلام ونشره على الملايين؛
فهذا هو سوء الأدب البالغ، وهو أذى للنبي صلى الله عليه وسلم، وكل من كان في قلبه أدنى تعظيم وحياء من حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرضى برمي الكلام في مثل هذا السياق، فليس كل ما يعرف يقال، ولا في كل مقام يحسن المقال.

وفاعل هذه القبائح يريد أن يخلط بين المقامين ليوهم الناس أننا نتهم علماء المسلمين بسوء الأدب عياذًا بالله، وليخفي سوء أدبه هو خلف ذلك، وإني لأقطع بأن واحدًا من هؤلاء العلماء مهما كان رأيه في المسألة لو رأى طريقته في تناولها وفتح الباب للتعليقات القبيحة من كلّ من هبّ ودبّ -حتى أن في التعليقات ملاحدة يضعون كوميكس على سيدنا أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم- لأفتى بتعزيره تعزيرًا شديدًا.
#أئمة_أهل_السنة الكبار
** نص الإمام ابن عساكر على مدح الأئمة الثلاثة ( الأشعري والباقلاني والغزالي ) وتنصيبهم مجددّي رأس مئتهم بقول عطر حيث قال في تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري :
١ - وَكَانَ على رَأس الْمِئَة الثَّالِثَة أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ؛ لِأَن قِيَامه بنصرة السّنة إِلَى تَجْدِيد الدّين أقرب فَهُوَ الَّذِي انتدب للرَّدّ على الْمُعْتَزلَة وَسَائِر أَصْنَاف المبتدعة المضللة وحالته فِي ذَلِك مشتهرة ، وَكتبه فِي الرَّد عَلَيْهِم مَشْهُورَة مشتهرة.
٢ - وعلى رَأس الْأَرْبَع مئَة القاضي ابن الباقلاني؛ لِأَنَّهُ أشهر مَكَانا وَأَعْلَى فِي رتب الْعلم شَأْنًا وَذكره أكبر من أَن يُنكر وَقدره أظهر من أَن يستر وتصانيفه أشهر من أَن تشهر وتآليفه أَكثر من أَن تذكر.
٣- وَعِنْدِي أَن الَّذِي كَانَ على رَأس الْخمس مئَة الإِمَام أَبُو حَامِد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْغَزالِيّ الطوسي الْفَقِيه لِأَنَّهُ كَانَ عَالما فَقِيها فَاضلا أصوليا كَامِلا مصنفا عَاقِلا انْتَشَر ذكره بِالْعلمِ فِي الْآفَاق ، وبرز على من عاصره بخراسان وَالشَّام وَالْعراق...

تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الأشعري (ص: 53)
شيخ جليل في موريتانيا كان يصلي بالناس ويقنُت في صلاة الصبح كما هو مشهور في مذهب الإمام مالك رضي الله عنه ، فاعترض أحد الغلاة الجاهلين بأن هذا بدعة وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت إلا في النوازل ...فسأله الشيخ : هل أكملت تعليمك؟
قال : لا، تركت مدارس الكفر والطاغوت ...
قال الشيخ : هل عندك بيت ؟
قال :لا ، فقد تركت أهل بيتي لأنهم أصحاب معاصي ...
قال الشيخ : أين تعمل ؟
قال : لا أعمل ، لا آخذ رزقا حراما من الدولة ...
قال الشيخ : ألك زوجة ؟
قال : لا ، فالصالحات قليلات ...
فقال الشيخ : لأجلك كنت أقنت ، جاهل ولا بيت عندك ، ولا زوج لك ، ولا رزق لك ، اجتمعت فيك نوازل ونوازل ونوازل ، ولو كان أئمة السلف بين أظهرنا لقنتوا لأجلك في الصلوات الخمس ...
قال تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى في طبقات الشافعيةالكبرى: (1)

《...وقد وصل حال المجسمة في زماننا إلى أن كتب بعضهم شرح صحيح مسلم للنووي!!
وحذف من كلام الإمام النووي ما تكلم به من أحاديث الصفات، فإن النووي رحمه الله تعالى أشعري العقيدة، فلمْ تحمل قوى هذا الكاتب أن يكتب الكتاب على وضع الذي صنفه مصنفه،
وهذا عندي من كبائر الذنوب، فإنه تحريف للشريعة وفتح باب لا يؤمن معه بكتب الناس وما في أيديهم من المصنفات، فقبح الله فاعله وأخزاه، فقبح اللَّه فَاعله وأخزاه وَقد كَانَ فِي غنية عَن كِتَابَة هَذَا الشَّرْح وَكَانَ الشَّرْح فِي غنية عَنهُ.》
(الطبقات الكبرى/2_19)
قال تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى في طبقات الشافعية:(2)
《...وَفِي المبتدعة لَا سِيمَا المجسمة زِيَادَة لَا تُوجد فِي غَيرهم وَهُوَ أَنهم يرَوْنَ الْكَذِب لنصرة مَذْهَبهم وَالشَّهَادَة عَلَى من يخالفهم فِي العقيدة بِمَا يسوؤه فِي نَفسه وَمَاله بِالْكَذِبِ تأييدا لاعتقادهم ويزداد حنقهم وتقربهم إِلَى اللَّه بِالْكَذِبِ عَلَيْهِ بِمِقْدَار زِيَادَته فِي النّيل مِنْهُم فَهَؤُلَاءِ لَا يحل لمُسلم أَن يعْتَبر كَلَامهم...وَقد تزايد الْحَال بالخطابية وهم المجسمة فِي زَمَاننَا هَذَا فصاروا يرَوْنَ الْكَذِب عَلَى مخالفيهم فِي العقيدة لَا سِيمَا الْقَائِم عَلَيْهِم بِكُل مَا يسوؤه فِي نَفسه وَمَاله...وَبَلغنِي أَن كَبِيرهمْ استفتى فِي شَافِعِيّ أيشهد عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ فَقَالَ أَلَسْت تعتقد أَن دَمه حَلَال قَالَ نعم قَالَ فَمَا دون ذَلِك دون دَمه فاشهد وادفع فَسَاده عَن الْمُسلمين...فَهَذِهِ عقيدتهم ويرون أَنهم الْمُسلمُونَ وَأَنَّهُمْ أهل السّنة وَلَو عدوا عددا لما بلغ علماؤهم وَلَا عَالم فيهم عَلَى الْحَقِيقَة مبلغا يعْتَبر ويكفرون غَالب عُلَمَاء الْأمة ثمَّ يعتزون إِلَى الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مِنْهُم برِئ وَلكنه كَمَا قَالَ بعض العارفين ورأيته بِخَط الشَّيْخ تقى الدّين ابْن الصّلاح إمامان ابتلاهما الله بأصحابهما وهما بريان مِنْهُم أَحْمد ابْن حَنْبَل ابْتُلِيَ بالمُجَسِّمَة وجعفر الصَّادِق ابْتُلِيَ بالرافضة...ثمَّ هَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ هُوَ عَلَى طَريقَة النَّوَوِيّ رَحمَه اللَّه وَالَّذِي أرَاهُ أَن لَا تقبل شَهَادَتهم عَلَى سني، فَإِن قلت هَل هَذَا رأى الشَّيْخ أَبِي حَامِد وَمن تَابعه أَن أهل الْأَهْوَاء كلهم لَا تقبل لَهُم شَهَادَة!
قلت: لَا بل هَذَا قَول بِأَن شَهَادَتهم عَلَى مخالفيهم فِي العقيدة غير مَقْبُولَة وَلَو كَانَ مخالفهم فِي العقيدة مبتدعاً...》
طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (2/ 16-17)
قال الإمام النووي رضي الله عنه:

ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله ﷺ [ويتوسل به في حق نفسه، ويستشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى]، ومن أحسن ما يقول ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي [مستحسنين له] قال: "كنت جالساً عند قبر رسول الله ﷺ فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً}، وقد جئتك مستغفراً من ذنبي [مستشفعاً بك إلى ربي] ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف فحملتني عيناي فرأيت النبي ﷺ في النوم فقال: "يا عتبي الحق الأعرابي فبشره بأن الله تعالى قد غفر له"
الجواب على من يقول أن آحاد السنة توجب العمل ولا توجب العلم وأنه لا حاجة لأحاديث الآحاد لأنها ظنية لا توجب العلم!!؟

أولا:
من قال أن خبر الآحاد يفيد بذاته (بدون اعتبار قرائن أخرى) العلم اليقيني غير ابن حزم والالباني؟
أليس المراد بالعلم اليقيني الواجب اعتقاده والذي يكفر جاحده؟
فمن قال أن هذا يثبت بالاحاد من حيث كونه آحادا؟


في «شرح الورقات في أصول الفقه - المحلي» (ص193):
«والآحاد وهو مقابل المتواتر هو الذي يوجب العمل ولا يوجب العلم لاحتمال الخطأ فيه»
«خلاصة الأفكار شرح مختصر المنار» (ص130):
«وخبر الواحد وهو الذي في اتصاله بنا شبهة صورة ومعنى، وعرف بما لم يبلغ حد الشهرة.
*وحكمه: أنه يوجب العمل، ولا يوجب العلم»*

«كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي» (2/ 370):
«‌‌(باب خبر الواحد)
وهو الفصل الثالث من القسم الأول، وهو كل خبر يرويه الواحد أو الاثنان فصاعدا لا عبرة للعدد فيه بعد أن يكون دون المشهور والمتواتر، *وهذا يوجب العمل ولا يوجب العلم يقينا عندنا،* وقال بعض الناس لا يوجب العمل؛ لأنه لا يوجب العلم، ولا عمل إلا عن علم قال الله تعالى {ولا تقف ما ليس لك به علم} [الإسراء: 36] ، وهذا؛ لأن صاحب الشرع موصوف بكمال القدرة فلا ضرورة له في التجاوز عن دليل يوجب علم اليقين بخلاف المعاملات؛ لأنها من ضروراتنا وكذلك الرأي من ضروراتها فاستقام أن يثبت غير موجب علم اليقين

‌‌[كشف الأسرار]
(وهذا) أي خبر الواحد يوجب العمل، ولا يوجب العلم يقينا أي لا يوجب علم يقين، ولا علم طمأنينة، وهو مذهب أكثر أهل العلم وجملة الفقهاء»

«التلويح على التوضيح لمتن التنقيح» (2/ 6):
«والثالث، وهو خبر الواحد)
يوجب العمل دون علم اليقين وقيل لا يوجب شيئا منهما وقيل يوجبهما جميعا ووجه ذلك أن الجمهور ذهبوا إلى أنه ‌يوجب ‌العمل ‌دون ‌العلم»

وفي «نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر» (ص44 ت عتر):

فالأول: المتواتِر، وهو المفيدُ للعلم اليقيني [الضروري]
...واليقين: هو الاعتقادُ الجازمُ المطابق»

«نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر» (ص51 ت عتر):
«وفيها -أيْ الآحادِ- المقبولُ وهو ما يجب العملُ به عندَ الجمهور وفيها المردودُ، وهو الذي لم يَرْجَحْ صِدْقُ المُخْبِر به، لتوقُّفِ الاستدلال بها على البحث عن أحوال رُواتِها، دونَ الأَوّلِ وهو المتواتِر فكلُّه مقبولٌ، لإفادته القَطْعَ بصِدْقِ مُخْبِرِه، بخلاف غيرهِ من أخبار الآحاد.
لكنْ إنما وَجَبَ العملُ بالمقبول منها لأنها إمَّا أنْ يوجدَ فيها أصلُ صفةِ القبول، وهو ثبوتُ صدقِ الناقِلِ، أو أصلُ صفةِ الرَّدِّ، وهو ثبوتُ كَذِبِ الناقِلِ، أَوْ لا.
*فالأول: يَغْلِبُ على الظَّنِّ صِدْقُ الخَبَرِ* لِثُبُوتِ صِدْقِ ناقِلِه فيؤخَذُ به»
قال الدكتور نور الدين عتر رحمه الله:
«قوله: "يغلبُ على الظنِّ": المراد أنه يثبتُ في العِلْمِ ثبوتًا مُحتمِلًا لأن يكونَ فيه خطأُ الراوي، لكنّ هذا الاحتمالَ ضعيف فلا يؤخَذُ به. وهذا النوع من العلم يظنه العامَّةُ يقينًا، وقد تعجَّبَ بعضُ المُتَمَجْهِدين من تعبير العلماء بهذا، واعتَرضَ عليهم، فدَلَّ على أنه لا يُمَيِّزُ الِعلْمَ اليقيني القَطْعيَّ مِنْ عِلْمِ غَلَبَةِ الظَّنِّ، لِبُعْدِهِ عن أُصولِ العلمِ وموازينِ المعرفة ومراتِبهما، وأَعْجَبُ من ذلك استدلالُ بعضِ العصريين بالآيات التي تذمُّ اتباعَ الظن.
وهذا خلطٌ بين المعنى الذي قصدَه القرآنُ وهو اتباعُ الوَهْمِ والحَدْسِ بلا حُجَّةٍ ولا بُرهانٍ، وبين المعنى الذي قصدَهُ العلماءُ وهو معنًى اصطلاحيٌّ لنوعٍ من العِلْم الناشئ عن الدليل، لكن فيه احتمالٌ ضعيف. فلا قِيْمةَ لهذا الاحتمال. تَأمّلْ ذلك فإنه مهم»
والله اعلم
يقول الإمام ابن الحاج المالكي:
رسول الله -ﷺ- بَشَريُّ الظاهر مَلَكِيُّ الباطن.


القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم بشرٌ مثلنا، هكذا بإطلاق دون سياق يقيد المراد = قولٌ كفريّ، ظاهره إنكار النبوّة، وهو عين قول الكفار لأنبيائهم "ما أنتم إلا بشر مثلنا" .

والله عزّ وجلّ قال: "قل إنما أنا (بشرٌ مثلكم) (يوحى إليّ)"

فمن ذكر أوله وسكت عن ثانيه؛ كان كمن قال للناس: "لا تقربوا الصلاة" وزعم أن هذا كلام الله تعالى في القرآن، والحق أنه كلام الشيطان في وساوسه.
أما كلام الله تعالى فهو: "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"
ومن شَهِدَ "بشر مثلكم" ولوازمها، ولم يشهد "يوحى  إليّ" ولوازمها؛ كان محجوبًا بحُجُبٍ كثيفة من الجهل والجلافة وسوء الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم.

والمراد بالآية الكريمة: بشر مثلكم لست إلهًا ولا ملكا ولا غير ذلك، بل من جنسكم.

يقول الطبري: " يقول تعالى ذكره: قل لهؤلاء المشركين يا محمد: إنما أنا بشر مثلكم من بني آدم لا علم لي إلا ما علمني الله"

ولكن ليس معناها أنني مثلكم في كل الخصائص الجسمانية فضلًا عن الخصائص الروحانية، بل في الحديث الشريف:
"إيَّاكم والوصالَ إيَّاكم والوصالَ قالوا : فإنَّكَ تواصِلُ يا رسولَ اللَّهِ قالَ : ((إنِّي لستُ كَهَيئتِكُم)) إنِّي أبيتُ يُطعمُني ربِّي ويَسقيني"

فتأمل قوله: إني لست كهيئتكم، لتعلم زيغ من تعلّق بقوله تعالى "بشر مثلكم" ففهمه على غير وجهه.

وفي البخاري:
"فوالله ما يخفى عليَّ خشوعكم ولا ركوعكم، ((إني لأراكم من وراء ظهري))"

وغير ذلك من الأحاديث التي لا يحصرها العدّ!
فاعلم أنه صلى الله عليه وسلم ليس بشرًا مثلنا من كلّ وجه، بل هو بشرٌ مثلنا لكنه يوحى إليه فلم يبق مثلنا، وإنما اختصّ بعظيم المراتب والخواص والمكارم والفضائل والكمالات ورفيع الدرجات مما لا يطيق العقل حدّه وتخيّله وتصوّره، صلى الله عليه وعلى من صلّى عليه وسلم
إذن بشر كان يواصل الطعام لأيام فهل أنت كذلك
بشر يرى من خلفه كما يرى من أمامه فهل انت كذلك بشر صعد إلى السماوات السبع إلى سدره المنتهى فهل انت كذلك
بشر يبيت عند ربه ويسقيه فهل أنت كذلك
بشر ليس كالبشر بشر رد الله له الشمس
وبشر كان يواصل العباده في الليل ولا يتوقف ويقول أفلا أكون عبدا شكورا فهل انت كذلك وخصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم يمكن ان ترجع اليها في كتابه خصائص للإمام السيوطي لكنكم لا تقرؤون أو اذا قرأتم  لا ترضون بهذه الكتب التي وضعت وبينت خصوصيه النبي صلى الله عليه وسلم..
تامل أن البشريه حقيقه عند النبي صلى الله عليه وسلم لكن الخصوصيه حقيقه كبيره وعظيمه حجب عنها من تحاكم الى عقله برد هذه الخصوصيه فكان محجوبا
وبالأدلة مثلا النّبي صلى الله عليه وسلم: يرى من خلفه ، كما يرى من أمامه

عن سيِّدنا أنسٍ رضي الله تعالى عنه، أنَّ النَّبيَّ ﷺ كان يقول: «اسْتَوُوا اسْتَوُوا اسْتَوُوا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِي كَمَا أَرَاكُمْ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ» "سنن النسائي"، كتاب الإمامة، كم مرة يقول استووا، صـ142، (810).
وعن أبي هريرة صَلّى رَسولُ اللهِ ﷺ يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَقالَ: يا فُلانُ، ألا تُحْسِنُ صَلاتَكَ؟ ألا يَنْظُرُ المُصَلِّي إذا صَلّى كيفَ يُصَلِّي؟ فإنَّما يُصَلِّي لِنَفْسِهِ، إنِّي واللَّهِ لأُبْصِرُ مِن ورائِي كما أُبْصِرُ مِن بَيْنِ يَدَيَّ.".صحيح مسلم ٤٢٣

قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه للحديث للحديث السابق : " قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدْرَاكًا فِي قَفَاهُ يُبْصِر بِهِ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَدْ اِنْخَرَقَتْ الْعَادَة لَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَكْثَر مِنْ هَذَا، وَلَيْسَ يَمْنَع مِنْ هَذَا عَقْل وَلَا شَرْع ، بَلْ وَرَدَ الشَّرْع بِظَاهِرِهِ فَوَجَبَ الْقَوْل بِهِ . قَالَ الْقَاضِي : قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى وَجُمْهُور الْعُلَمَاء : هَذِهِ الرُّؤْيَة رُؤْيَة بِالْعَيْنِ حَقِيقَة ” انتهى من شرح صحيح الإمام مسلم للإمام النووي  رحمه الله (4/149).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح : " وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَقِيلَ : الْمُرَاد بِهَا الْعِلْم : إِمَّا بِأَنْ يُوحَى إِلَيْهِ كَيْفِيَّة فِعْلهمْ ، وَإِمَّا أَنْ يُلْهَم , وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْعِلْم لَوْ كَانَ مُرَادًا لَمْ يُقَيِّدهُ بِقَوْلِهِ مِنْ وَرَاء ظَهْرِي . وَقِيلَ الْمُرَاد أَنَّهُ يَرَى مَنْ عَنْ يَمِينه وَمَنْ عَنْ يَسَاره مِمَّنْ تُدْرِكهُ عَيْنه مَعَ اِلْتِفَات يَسِير فِي النَّادِر , وَيُوصَف مَنْ هُوَ هُنَاكَ بِأَنَّهُ وَرَاء ظَهْره , وَهَذَا ظَاهِر التَّكَلُّف , وَفِيهِ عُدُول عَنْ الظَّاهِر بِلَا مُوجِب …..
وَالصَّوَاب الْمُخْتَار : أَنَّهُ مَحْمُول عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّ هَذَا الْإِبْصَار إِدْرَاك حَقِيقِيّ خَاصّ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، اِنْخَرَقَتْ لَهُ فِيهِ الْعَادَة , وَعَلَى هَذَا عَمَل الْمُصَنِّف فَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيث فِي عَلَامَات النُّبُوَّة , وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَام أَحْمَد وَغَيْره " انتهى من " فتح الباري لابن حجر " (1/514) .
وهل هذه الرؤيا حال الصلاة وغيرها أم فقط وقت الصلاة  ؟ هنا قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وَظَاهِر الْحَدِيث أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَصّ بِحَالَةِ الصَّلَاة ، وَيحْتَمَل أَنْ يَكُون ذَلِكَ وَاقِعًا فِي جَمِيع أَحْوَاله، وَقَدْ نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِد" انتهى من  فتح الباري لابن حجر (1/515)


https://www.tg-me.com/ahlussonna
📝 مِن عجائبِ القَصَص الفقهية:

ماتَتِ امْرأةٌ وجنينُها يَضْطرِبُ في بَطنِها، فسُئل عنها "أشهب" و"ابن القاسم"، وكلاهما مِن أئمة المذهب، فأفتى "أشهب" بالبَقْر (بقر البطن)، وأفتى "ابن القاسم" بِعَدَمِه.
فعَمِلُوا فيها بقَول "أشهب"، فخَرَج الجنينُ حيًّا، وكَبِرَ وصارَ عالِمًا يُعلّم العِلْم، ويَتّبِع قولَ "أشهب" ويَدَع قول "ابن القاسم".
وذكَرُوا عنه أيضًا أنّه كان يأتي "ابنَ القاسم" ويقول: السلام عليك يا مَن قَتَلْتَنِي وأحْيَانِي الله.
(الفواكه الدواني ص302)
2024/09/29 10:32:52
Back to Top
HTML Embed Code: