Telegram Web Link
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
في حكم تصرُّف المرأة في مالها بغيرِ إذن زوجِها
السؤال:
وَرِثَتِ امراةٌ مالًا مِنْ أبيها، فأرادت أَنْ تتصرَّف فيه بالبيعِ والهِبَةِ ونحوِ ذلك، فقِيلَ لها: يَلْزَمُكِ استئذانُ زوجكِ في ذلك؛ هل هذا القولُ صحيحٌ؛ أي: أنَّ المرأةَ مقيَّدةٌ باستئذانِ زوجها في تصرُّفها في مالها بالعطيَّة والمعاوضة، أم هي حُرَّةٌ ولها كاملُ التَّصرُّفِ فيه، أم يُفرَّق بين العطيَّةِ والمعاوضة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فللعلماء ـ في هذه المسألة إذا لم تكن المرأةُ سفيهةً ـ قولان:
القول الأوَّل: هو مذهب الجمهور القائلين بجوازِ تصرُّف المرأة في مالها بالتبرُّع والمعاوضة مُطلَقًا، وهي شقيقةُ الرَّجلِ في الحكمِ في هذا الباب، واستئذانُها زوجَها مُستحَبٌّ تطييبًا لخاطره وتأليفًا لقلبه، وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمَّد بنُ الحسن، والشافعيُّ وابنُ المنذر، وإحدى الروايتين عن أحمدَ وغيرُهم(١).
والقول الثاني: قول المانعين مِنْ تصرُّف المرأةِ في مالها(٢)، ويمكن تقسيمُهم إلى:
ـ مانعين مِنْ تصرُّفِ المرأة مُطلَقًا إلَّا بإذن زوجها ـ أوَّلًا ـ وهو منسوبٌ إلى طاوس بنِ كَيْسان ـ رحمه الله ـ.
ـ ومانعين مِنْ تصرُّفها في مالها إلَّا فيما هو تافهٌ وخسيسٌ دون المال الثَّمين والكثير ـ ثانيًا ـ وهو قولُ الليث بنِ سعدٍ ـ رحمه الله ـ.
ـ ومانعين مِنْ تصرُّفها في مالها بغيرِ عِوَضٍ إلَّا في حدودِ الثُّلثِ ـ ثالثًا ـ وهو قولُ مالكٍ ـ رحمه الله ـ وروايةٌ عن أحمد، وجعَلَ أصحابُ هذا القولِ الثُّلُثَ معيارًا للقليل الذي يجوز لها التَّصرُّفُ فيه دون افتقارٍ إلى إذن زوجِها.
ومُستنَدُ المانعين قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا»(٣)، وهذا وإِنِ احتمل أَنْ يكون المرادُ به: مِنْ مالِ زوجها أو بيتِه كما هو مصرَّحٌ به جليًّا في أحاديثَ أخرى فقد جاء التنصيصُ على مالِها مصرَّحًا به في قوله: «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ أَمْرٌ فِي مَالِهَا إِذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا»، وفي لفظ: «لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ فِي مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا إِذَا هُوَ مَلَكَ عِصْمَتَهَا»(٤)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْتَهِكَ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا»(٥)، ويشهد له ما رُوِيَ عن عَبْدِ اللهِ بْنِ يَحْيَى ـ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ـ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ جَدَّتَهُ خَيْرَةَ امْرَأَةَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُلِيٍّ لَهَا، فَقَالَتْ: «إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِهَذَا»، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ فِي مَالِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا، فَهَلِ اسْتَأْذَنْتِ كَعْبًا؟» قَالَتْ: «نَعَمْ»، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: «هَلْ أَذِنْتَ لِخَيْرَةَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِحُلِيِّهَا؟» فَقَالَ: «نَعَمْ»، فَقَبِلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا(٦).
وعُمدةُ مالكٍ ـ رحمه الله ـ القياسُ على الوصيَّةِ مِنْ قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ»(٧).
وأمَّا الجمهور فحُجَّتُهم جملةٌ مِنَ النُّصوص المبيحةِ لِتَصرُّف المرأةِ في مالها عطيَّةً أو هِبَةً أو وصيَّةً أو إبراءً مِنْ غيرِ اشتراطِ معاوضةٍ أو استئذانِ زوجِها ولا تقييدٍ بما دون الثُّلُث، ومِنْ بين تلك النصوص:
· قولُه تعالى: ﴿‌وَٱبۡتَلُواْ ‌ٱلۡيَتَٰمَىٰ حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغُواْ ٱلنِّكَاحَ فَإِنۡ ءَانَسۡتُم مِّنۡهُمۡ رُشۡدٗا فَٱدۡفَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ أَمۡوَٰلَهُمۡ﴾ [النساء: ٦]، لأنَّ الابتلاءَ المأمورَ به في الآية يكون باختباره بدفعِ شيءٍ يسيرٍ مِنْ مالِه له لِيَستنفِقَه، فإِنْ أُونِسَ منه توفيرٌ له وعقلٌ وحُسنُ النَّظرِ والتدبيرِ لِنَفْسه دُفِعَ إليه مالُه كُلُّه؛ فجعَلَ المَناطَ في دفعِ المالِ إليه هو إيناسَ الرُّشدِ فيما ابْتُلِيَ به واختُبِر، والنساءُ في ذلك كالرِّجال؛ والأصلُ أنَّ دَفْعَه إليها يقتضي تمكينَها مِنَ التَّصرُّف فيه كما شاءت دون قيدٍ ما دامت رشيدةً، إلَّا إذا قام الدليلُ؛ وأدلَّةُ المخالفين هي عند الجمهورِ ضعيفةٌ أو شاذَّةٌ لمُقابَلتِها لِمَا هو أقوى منها سندًا ودلالةً كما سيأتي في الأحاديث.
· وقولُه تعالى: ﴿‌وَلَكُمۡ ‌نِصۡفُ مَا تَرَكَ أَزۡوَٰجُكُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٞ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡنَۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصِينَ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٖ﴾ [النساء ١٢]؛ فذكَرَ تعالى أنَّ المرأة قد تُوصِي بجزءٍ مِنْ مالها، ولم تقترن هذه الوصيَّةُ بأيِّ شرطٍ أو حقٍّ له عليها بالاستئذان، وفي هذا المَقامِ آياتٌ قرآنيةٌ أخرى تفيدُ نفسَ المعنى السابقِ الَّذي استدلَّ به الجمهورُ؛ وأمَّا مِنَ الأحاديثِ التي استدلُّوا بها فأكتفي بما يأتي:
· حديثُ عائشة رضي الله عنها قالت: «إِنَّ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ(٨) نُجِّمَتْ(٩) عَلَيْهَا فِي خَمْسِ سِنِينَ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ وَنَفِسَتْ(١٠) فِيهَا: «أَرَأَيْتِ إِنْ عَدَدْتُ لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً: أَيَبِيعُكِ أَهْلُكِ فَأُعْتِقَكِ فَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي؟»، فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: «لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَنَا الوَلَاءُ»، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ»»(١١).
فعائشةُ رضي الله عنها تعاملت مع سادةِ بَرِيرةَ رضي الله عنهم بالبيع والشراء مِنْ غيرِ أَنْ تستأذنَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ابتداءً.
· وحديثُ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما قال: «شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ يَوْمَ العِيدِ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلَالٍ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، ووَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَقَالَ: «تَصَدَّقْنَ، فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ»، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الخَدَّيْنِ(١٢)، فَقَالَتْ: «لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟» قَالَ: «لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ»، قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ، يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ»(١٣).
فلمَّا أَقبلَ النساءُ يتصدَّقْنَ بالحُلِيِّ والخواتيم لم يستفصل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم منهنَّ: أَسْتَأذنَّ أزواجهنَّ في هذه الصَّدَقات والعطايا أم لم يستأذِنَّ؟ كما أنه لم يستفصل منهنَّ فيما أعطَيْنَه: أتجاوزَ الثُّلُثَ أم هو دونه أم مُساوٍ له، أم هو مِنَ الخسيس أم الثمين؟ و«تركُ الاستفصالِ في حكاية الحال مع قيامِ الاحتمال، يُنزَّل منزلةَ العموم في المقال، ويَحسُن به الاستدلالُ» كما جرى في القواعد.
وعُورِضَ هذا الاستدلالُ بأنَّ أزواجَهنَّ حاضرون معهنَّ، فجوابُه: أنَّه لو سُلِّم به لَنُقِلَ إلينا، ولكان الاستئذانُ حقًّا ثابتًا، والأصلُ بقاؤه حتَّى يُصرَّحَ بإسقاطه، فإذا لم يُصرَّح بإسقاطه بَقِيَ ثابتًا، وحيث إنَّه لم يُنقَلْ دلَّ على أنَّ تصرُّفاتِ النِّساء صحيحةٌ في حدِّ ذاتها، ويُحمَل الحقُّ إِنْ كان حقًّا على غير الوجوب مِنْ معنى النَّدبيَّة أو الأفضليَّة والكمالِ.
· وعَنْ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لِيَ مَالٌ إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ، فَأَتَصَدَّقُ؟» قَالَ: «تَصَدَّقِي، وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ»(١٤)، فالظاهرُ مِنَ الحديثِ أنَّه أَذِنَ لها أَنْ تتصدَّق مِنْ مالِ زوجها لكونها غيرَ سفيهةٍ، وبالأَوْلى مِنْ مالها، مِنْ دونِ أَنْ يكون ذلك استجابةً لأمرٍ منه صلَّى الله عليه وسلَّم كما في الحديث السابق، وقد بوَّب البخاريُّ لحديثِ أسماءَ في «كتاب الِهبَة وفضلِها والتحريض عليها» بقوله: «بابُ هِبَةِ المرأة لغيرِ زوجِها وعِتقِها إذا كان لها زوجٌ فهو جائزٌ إذا لم تكن سفيهةً، فإذا كانت سفيهةً لم يَجُزْ؛ قال الله تعالى: ﴿‌وَلَا ‌تُؤۡتُواْ ‌ٱلسُّفَهَآءَ ‌أَمۡوَٰلَكُمُ﴾ [النساء: ٥]».
هذا، وإذا قُورِنَتْ أدلَّةُ الجمهور بأدلَّة المخالفين لهم ـ بِغَضِّ النظر عن اختلاف المانعين فيما بينهم في التفاصيل ـ أَمكنَ التوفيقُ بين النصوص التي ظاهرُها التعارضُ بحملِ حديث النهي عن تصرُّف المرأةِ بالعطيَّة في مالِها إلَّا باستئذان زوجها على أحَدِ الأوجُهِ التالية:
ـ إمَّا أَنْ ينصبَّ النهيُ على المرأة السفيهة غيرِ الرشيدة التي لا تُحسِن التَّصرُّفَ في مالها، وتُهلِكُه في غيرِ وجهه الصحيح، بخلاف المرأة الرشيدة فليس شرطًا في تصرُّفها في مالها الخاصِّ استئذانُ زوجها؛ لأنَّ النساء ـ في الغالب ـ أقلُّ بصرًا بشؤون المال وموقعِ المصلحة فيه، فقد تريد أَنْ تُغنِيَ فقيرًا فتَدَعُ أهلَها في حاجةٍ يتكفَّفون الناسَ، وقد يأتيها محتالٌ أو دجَّالٌ يميلُ بقلبِها بما يُظهِرُه مِنَ المَسكَنةِ فتُحسِنُ به الظنَّ، أو تَحسبهُ ممَّنْ تَحمَّل حمالةً لِيُصلِحَ بين النَّاسِ، وحقيقتُه خلافُ ذلك: إمَّا متأكِّلٌ أو متموِّلٌ أو يدعو إلى دعوةِ ضلالةٍ، بخلافِ الرَّجلِ فهو في العادةِ أبصرُ بما فيه الرُّشدُ والمصلحةُ، وأحذرُ مِنْ مواقع الغَبْنِ والغَرَرِ والهَلَكةِ والسَّرَف.
ـ وإمَّا أَنْ يكون النهيُ شاملًا بعمومه المرأةَ الرشيدةَ وغيرَها، ولكن يكون النَّهيُ على غير وجه الإلزام والحتم وإنَّما على وجه الكراهة، فيُستحَبُّ للمرأة الاستئذانُ ولا يجبُ، و«الجمعُ ـ ما أَمكنَ ـ أَوْلى مِنَ الترجيح».
ـ أو يكون النهيُ للإلزام ويُستثنى منه اليسيرُ الذي يُعلَم ـ في الغالب ـ أنَّ الزوجَ لا يمنعها منه بحسَبِ حاله وحالِها، وما خرَجَ عن ذلك وكان كثيرًا فالإذنُ فيه مِنَ الزوج قد يكون إذنًا عامًّا أعطاه لزوجته وفوَّض إليها التَّصرُّفَ في مالها إمَّا بقيدٍ ذكَرَه لها كمقدارٍ معيَّنٍ، أو يَكِلُ ذلك إلى ما آنَسَه مِنْ حُسنِ تصرُّفها وتقواها وفِطنَتِها، لا سيَّما إِنْ كانت عاقلةً لبيبةً مِنْ كُمَّلِ النساء.
وجديرٌ بالتنبيه: أنَّه ليس للزوج أَنْ يستعملَ حقَّ استئذانِ زوجته له للتسلُّط على ما تملكه بالتعسُّف والضِّرار والعضل في قراراته ومنعِها ممَّا لها فيه نفعٌ أخرويٌّ أو دنيويٌّ، ما لم يكن في التَّصرُّف الذي تريده مخالفةٌ شرعيَّةٌ خَفِيَتْ عليها فيُبيِّنُ لها حُكمَه أو تهاونت فيها فيَعِظُها فيه، أو ما يضرُّ بها أو بغيرها فيُوقِفُها عليه ويُبيِّنه لها، أو يَكُنْ غيرُه أَصلحَ لها منه فيُرشِدُها إليه ويَدُلُّهَا عليه، كما أنَّ العِشرةَ الزوجيَّة مطلوبٌ استدامتُها، واستئذانُ المرأةِ زوجَها للتصرُّف فيما تملِكُه مِنْ أسباب الاستدامةِ ومُوجِباتِ مواصلتِها بالحُسنى دون أيِّ إخلالٍ يُخِلُّ بها ويُعكِّرُ صَفْوَها.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٢ مِنَ المحرَّم ١٤٤٥ﻫ
المـوافق ﻟ: ٢٠ يــوليـــو ٢٠٢٣م
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
قال الشيخ العلّامة #محمد_فركوس حفظه الله :

«من أُصِيبت نِيَّتُهُ في صميم صِدْقِ طلب العلم بكَدَرٍ و زَغَلٍ ، و جعل تحصيله له مَطِيَّةً لأغراض و أعراض : من طلب الدنيا و المال و الرئاسة و الظهور و التفوق و السُّمعة و الرياء و المحمدة و غيرها من المقاصد السيئة ، فإن إرادته تشُوبُها شوائب الفساد و البطلـان و تزول من جرَّائها بركة العلم و ترتفع خيريته ، عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

( مَنْ تعلَّمَ علْمًا مما يُبْتَغى بِهِ وجْهُ اللهِ، لا يَتَعَلَّمُهُ إلّا ليصيبَ بِهِ عرَضًا منَ الدنيا، لم يجدْ عَرْفَ الجنةِ يومَ القيامَةِ ) (١) يعني ريحها».

🔗 عدة الداعية الى الله .
(١) صحيح الجامع ٦١٥٩.

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال العلامة #محمد_فركوس حفظه الله تعالى:

" الوقت عزيز، والناس تحتاج من يعينها و يدلها على طريق الخير ".

🔗 الأربعاء ٢٦ ربيع الآخر ١٤٤٣

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال العلامة #محمد_فركوس حفظه الله:

«نبت في هذا الجيل شباب تتلمذوا على أصناف الفقهاء أو أخذوا من الكتب والأشرطة والوسائل الأخرى ، أو تتلمذ بعضهم على بعض ، بعيدا عن مجالس العلم ومحاضن الأدب حيث فسح لهم مجال الخوض في أعراض الدعاة والمشايخ والأئمة عبر شبكات التشهير والتعيير بلا أخطمة ولا أزمة بدعوى النصيحة ، وكثر التعالم واشتد الغرور ، وبلغ القدح في الأعراض أوجه وذروته ، وقل الأدب ، واضطربت الحقائق ، وانحرفت في أذهان العديد منهم المفاهيم الشرعية ، واختل التوازن العقلي ، وآثروا أن يجعلوا أنفسهم أبواقا للفتنة ومطية لصد طريق الإصلاح فظهر الفساد ولما ينتشر ...والحمد لله على منه وفضله ، وصدق من قال { أكثر ما يفسد الناس : نصف متكلم ، ونصف متفقه ، ونصف متطبب ، ونصف نحوي : هذا يفسد الأدبان ، وهذا يفسد البلدان ، وهذا يفسد الأبدان ، وهذا يفسد اللسان }».

🔗 مسائل تذكيرية على مسائل منهجية (ص: ٣٧٩/٣٨٠)

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله :

‏"العلماء وَرَثةُ الأنبياء، فاحترامُهم وتقديرهم وتوقيرهم والتأدُّب معهم سنَّةٌ ماضيةٌ حضَّ عليها النبيﷺ ودَرَج عليها سلفُ الأمَّة".

🔗 الكلمة الشهرية : ١١١

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس-حفظه الله- :

«التوبة بداية العبد التقيِّ ونهايتُه، لا تفارقه ولا يزال فيها إلى الممات، وحقيقةُ التوبة: الندم على ما سلف من الذنوب،: والإقلاعُ عنها في الحال، والعزمُ على أن لا يعاودها في المستقبل، والتحلُّل من الآدميِّ إن كانت في حقِّه».

🔗 الكلمة الشهرية١١

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
في حكم تزويج المُعاق
السؤال:
أصمُّ وصمَّاءُ يريدان الزَّواجَ، غيرَ أنَّ أولياءَهما يحولان دون ذلك خشيةَ أَنْ تصابَ ذُرِّيتُهما بالصَّمَمِ، فما حكمُ ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فيُفرَّقُ في المُعاقِين بين مَنْ يكون معه عقلُه، ومَنْ يكون غائبَ العقل كُلِّيًّا أو جُزئيًّا، ويظهرُ ذلك على التَّفصيلِ الآتي:
· أوَّلًا: مُعاقٌ مع بقاء العقل:
يمكنُ ـ بالجملة ـ ضبطُ عموم الإعاقاتِ الَّتي في هذا المعنى بهذا الضَّابطِ وهو: أنَّ كُلَّ إعاقةٍ عضويَّةٍ يكون العقلُ فيها سالِمًا غيرَ زائلٍ؛ فإنَّ حُكمَ المُعاقِ الَّذي معه عقلُه في الزَّواجِ هو حكمُ الصَّحيح؛ غير أنَّه لا يجوز إخفاءُ إعاقةِ المُعاقِ ـ رجلًا كان أو امرأةً ـ عن شريكه في الزَّواج؛ لأنَّه مِنَ العيوبِ الَّتي يجب بيانُها في النِّكاح، فيجب أَنْ يعلَم به شريكُه قبل العقدِ؛ درءًا للغِشِّ والخِيانةِ، ودفعًا للتَّدليس والغرر، وإلَّا كان لشريكه الخيارُ في أَنْ يَرُدَّ النِّكاحَ ويفسخَ العقدَ لقول عُمَرَ رضي الله عنه: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ غُرَّ بِهَا رَجُلٌ ‌بِهَا ‌جُنُونٌ ‌أَوْ ‌جُذَامٌ ‌أَوْ ‌بَرَصٌ فَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا، وَصَدَاقُ الرَّجُلِ عَلَى وَلِيِّهَا الَّذِي غَرَّهُ»(١).
ومثال هذه الإعاقَة: فُقدانُ بعضِ الحواسِّ كالعَمَى، والصَّمَمِ، والبَكَمِ، أو إصابةٌ بشللٍ في اليدِ أو عرجٍ في الرِّجل ونحو ذلك، فإنَّ هذه الإعاقاتِ لا تمنعُ صاحِبَها مِنَ الزَّواج، ولا يَلزَمُ مِنْ ذلك أَنْ تكون مع ذُرِّيَّتِهم تلك الإعاقاتُ نفسُها أو غيرُها؛ لأنَّها ليست مِنْ قبيل الأمراض المُعدِيَةِ أو الوراثيَّة كبعضِ حالاتِ ضعفِ البصر والَّتي لا تُعَدُّ مِنْ جملة الإعاقات.
ويدلُّ على هذا ما كان في المُجتمَعِ النَّبويِّ مِنَ الأصمِّ والأعرجِ والمُقعَدِ والكفيفِ وغيرهم مِنْ صحابةِ رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، ولم يمنعهُم ذلك مِنَ الزَّواجِ وإنجابِ الذُّرِّيَّة الصَّالحة(٢).
· ثانيًا: مُعاقٌ زائلُ العقلِ:
فالمُعاقُ إعاقةً مُزيلةً للعقلِ وهو ما يُعبَّر عنه بالمُختَلِّ عقليًّا أو بالمُتخلِّفِ ذِهنيًّا، فحكمُه حكمُ المَجنونِ: يجوزُ له الزَّواجُ، غيرَ أنَّه يُشترَطُ في زواجِه جُملةٌ مِنَ الشُّروط، وهي تتمثَّلُ في النِّقاطِ الآتية:
ـ الشَّرطُ السَّابق وهو أَنْ يكون شريكُه في الزَّواج على عِلمٍ تامٍّ بأحوالِ المُعاقِ ذِهنيًّا ودِرايةٍ بوضعيَّتِهِ الصِّحِّيَّةِ والعقليَّة لأنَّ لهم الخيارَ في القبول أو الرَّفض، تفاديًا لكُلِّ طارئٍ قد يلحَقهم مِنْ: غررٍ أو ضررٍ أو مفسدةٍ ـ كما سَبَق بيانُه ـ.
ـ أَنْ يأمَنَ الشَّريكُ في الزوجيَّةِ مِنْ بَطْشِ المُعاقِ المُتخلِّفِ ذِهنيًّا، ويحصلَ له الثِّقةُ والاطمئنانُ بعدمِ إذايتِه، إذ المَعلومُ أنَّ مَنْ يتَّصفُ بالعُنف والشِّدَّة والاعتداءِ بمختلفِ وسائلِه لا تَصلحُ معه إقامةُ حياةٍ زوجيَّةٍ مطمئنَّةٍ بعيدةٍ عن الخوفِ والاضطراب ولو كان معه عقلُه؛ لذلك يُمنَعُ مِنَ الزَّواج ـ والحالُ هذه ـ بسبب ترتُّبِ الأذى والضَّرر، ولا يخفى تقعيدًا أنَّ «التَّحْرِيمَ يَتْبَعُ الخُبْثَ وَالضَّرَرَ» وأنَّ «الضَّررَ مدفوعٌ ومرفوعٌ» لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»(٣).
ـ أَنْ يكون أحدُ الطَّرَفين سليمَ العقلِ، أي: أَنْ يتزوَّجَ متخلِّفُ العقلِ أو زائلُهُ امرأةً سليمةَ العقلِ، وبالعكس، ولا يجوزُ أَنْ يكون كِلَا الطَّرَفَيْن مجنونًا ولا مختلَّ العقل، لانتفاءِ تحقيقِ المَصلحةِ المَرجوَّةِ مِنَ الزَّواج، بل إنَّ في اجتماعِهما في محلٍّ واحدٍ سببًا لحصولِ الأَذى بينهما، ووقوعِ الضَّرر لهما ولذُرِّيَّتِهما إِنْ قُدِّر بينهما ولدٌ، والضَّررُ منفيٌّ بالنَّصِّ المُتقدِّمِ.
هذا، وعلى أولياءِ المُعاقينَ في حواسِّهم أو في بعضِ حركاتِهم أَنْ يعلَموا أنَّ في زواجِ المُعاقِ زيادةً في العنايةِ به والاهتمامِ بشُؤونِه، والشُّعورِ بأنَّ إعاقَتَهُ لا تُصيِّره يختلِفُ عن غيره مِنَ الأصحَّاءِ، بل هو والصَّحيحُ سيَّانِ لا فَرْقَ بينهما، وخاصَّةً أنَّ مقاصدَ الزَّواجِ ليست محصورةً في الاستمتاعِ فحَسْب، بل تكمنُ ـ أيضًا ـ في تحقيقِ مقاصدَ أخرى نبيلةٍ مِنْ: تحقيقِ سكونِ النَّفسِ بين الزَّوجين، والمَودَّةِ والرَّحمة، والرِّعايةِ والتَّكافُل، وإنجابِ الولدِ الصَّالحِ وغيرها، وهذه المَقاصدُ هي الغاياتُ مِنَ الزَّواجِ الَّتي ترمي إليها شريعةُ الإسلامِ، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةً﴾ [الرُّوم: ٢١].
فالحاصل: أنَّه يجوز للصُّمِّ أو البُكم أو العُميِ أو الشُّلِّ أو العُرْجِ أو البُتْرِ أَنْ يتزوَّجَ بعضُهم ببعضٍ إذا لم يكن كلاهما زائلَ العقلِ، وبالأَوْلى إذا كان كلاهما معه عقلُه، لِمَا في زواجهم: مِنْ إحسانٍ إليهم، وجبرٍ لخاطرِهم، وتحقيقٍ للمقاصدِ الشَّرعيَّة السَّالفةِ البيانِ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١١ شعبان ١٤٤٥هـ
المُوافـق ﻟ: ٢١ فبراير ٢٠٢٤م
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
إن_التمكين_في_الأرض_يكون_بإقامة_العبودية_لله_فيها
<unknown>
إنّ التمكين في الأرض يكون بإقامة العبودية للّه فيها لا بالوسائل المحرمة.

االشيخ: #نورالدين_يطو حفظه الله.

#شرح_الأربعين_النووية (١٦٠).

https://www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
2024/06/28 02:29:16
Back to Top
HTML Embed Code: