Telegram Web Link
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله ورعاه :

"يجب على كلٍّ مِن الزوجين أن يحمل أكبر قدرٍ من المحبَّة الخالصة التي تدفع كلَّ واحدٍ منهما ليكون عونًا لصاحبه في تفقُّد أحواله وقضاء حاجته وإعطائه مِن لسانه ما يحبُّ أن يسمعه منه ونحو ذلك.
كما يحمل كلٌّ منهما لصاحبه قدرًا من الرحمة يبذلها تجاه الآخر طيلة حياتهما الزوجية، فيوصي بها ويدعو إليها مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ. أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ [البلد: ١٧-١٨]، ولقوله صلَّى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»(١)، وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ»(٢).

🔗 الحقوق المشتركة بين الزوجين

___

(١) أخرجه البخاري في «الجنائز» باب قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «يُعَذَّبُ المَيِّتُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» إذا كان النوحُ مِن سُنَّته (١٢٨٤)، ومسلم في «الجنائز» (٩٢٣)، من حديث أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه البخاري في «الأدب» بابُ رحمة الولد وتقبيله ومعانقته (٥٩٩٧)، ومسلم في «الفضائل» (٢٣١٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
في حكم التيمُّم للحَرَج مع وجود الماء
السؤال:
في جامعتي لا يُوجَدُ مُصلًّى، فأُضطَرُّ إلى أخذِ سجَّادةٍ معي لصلاة الظهر والعصر بين الحِصَص الدراسيَّة عند دخول وقتَيْهما!!! ولكنَّ المياهَ معدومةٌ، ودوراتِ المياه ليست نظيفةً، وإِنِ افترَضْنا أنِّي اشتريتُ قارورةَ ماءٍ فأنا أَجِدُ مشقَّةً في نزع الخمار والوقتُ ضيِّقٌ، وأحيانًا أُضطَرُّ أَنْ أحافظ على الوضوء منذ خروجي مِنَ البيت إلى وقت صلاة العصر؛ فهل يُشرَع لي التيمُّمُ وتكون صلاتي صحيحةً؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا وُجِد الماءُ أو أَمكنَ شراؤُه عند فقدِه فلا يُعدَل عنه إلى التيمُّم؛ لأنَّ التيمُّمَ مشروعٌ بدلًا مِنَ الوضوء والغُسلِ عند اقتضائهما في أحوالٍ خاصَّةٍ(١).
وللمتوضِّئة بالماء ـ سواءٌ كان موجودًا أو مشترًى ـ أَنْ تمسح على خمارها كُلِّيًّا ـ إِنْ شاءَتْ ـ دون نزعِه؛ لحديثِ بلالٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الخُفَّيْنِ وَالخِمَارِ»(٢)؛ أو جزئيًّا وذلك بأَنْ تمسح على مُقدِّمةِ رأسِها وخمارها؛ لحديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى العِمَامَة»(٣).
ولا يجوز لها أَنْ تصلِّيَ داخِلَ الحماَّم لقول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا المَقْبَرَةَ وَالحَمَّامَ»(٤).
ولها أَنْ تختار أيَّ مكانٍ طاهرٍ في الأرض تُصلِّي فيه، وتتوارى عن الأنظار؛ لقول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»(٥)؛ والحكمةُ مِنَ التواري عن الأنظار بالنسبة للمرأة تتجلَّى في أَنْ لا يُنظَرَ إليها حين تتحجَّم عورتُها في حالة الركوع وفي حالة السجود خُصوصًا، فيُرَى منها تفاصيلُ جسمِها، فذلك التَّواري أحسنُ لها وأَوْلى.
أمَّا إذا لم يَسَعْها إيجادُ الماءِ وتَعذَّر عليها شراؤُه فلها أَنْ تتيمَّم بالتراب، فإِنْ لم تجد فتتيمَّمُ بغيره ممَّا صَعِد على وجه الأرض كالحجر أو الرَّمل أو نحوِ ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدٗا طَيِّبٗا فَٱمۡسَحُواْ بِوُجُوهِكُمۡ وَأَيۡدِيكُمۡ﴾ [النساء: ٤٣؛ المائدة: ٦] الآية.
وليس على المرأة قضاءٌ فيما إذا صَلَّتْ بالتيمُّم مع وجود الماء وعدمِ القدرة على استعماله.
لكِنْ يجب عليها أَنْ تقضيَ الصلواتِ التي صَلَّتها بالتيمُّم مع وجود الماء أو القدرةِ على شرائه واستعماله؛ لِلُزومِ شرطيَّة الوضوء وانتفاءِ عُذرِ التيمُّم؛ لقوله تعالى: ﴿إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِ‌ۚ وَإِن كُنتُمۡ جُنُبٗا فَٱطَّهَّرُواْ‌ۚ وَإِن كُنتُم مَّرۡضَىٰٓ أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوۡ جَآءَ أَحَدٞ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَآئِطِ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ﴾ [المائدة: ٦]، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»(٦)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ»(٧).
هذا، وإذا كانت محافظتُها على الوضوء منذ خروجها مِنَ البيت ـ كما صرَّحَتْ به ـ تؤدِّي إلى شغلِ قلبِها بمُدافَعةِ الأخبثين ـ البول والغائط ـ فإنه يُكرَهُ لها الصلاةُ وهي على هذه الحالةِ كراهةً تنزيهيَّةً ـ ما لم يكن شديدًا ـ ولا تَبطُل؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ»(٨).
هذا وفي الأخير، يجدر التنبيهُ إلى أنه تقدَّم في فتاوَى سابقةٍ بيانُ حكمِ دراسة الإناث في الجامعة لغير العلوم الشرعيَّة(٩).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٤ رمضان ١٤٤١ ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٧ مـــاي ٢٠٢٠م
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال الشيخ #محمد_فركوس -حفظه الله تعالى -:

«فالواجبُ على الزوج تركُ مُعاتَبَتِها على الأمورِ السابقةِ، والتنقيبِ عن العيوب الماضية التي يضرُّ ذكرُها، ويضطرب ـ بسببها ـ سقفُ الأسرةِ الزوجية؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: ٣٤]».

🔗 حقُّ تأديب الزوجة بين الإصلاح والتشفِّي.

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«فإنَّ ما صرَّحَتْ به النصوصُ الحديثيةُ أنَّ المرأةَ هي صاحبةُ الشأنِ الأَوَّل والقرارِ في الزواج فلا يَحِلُّ أن يُهْمَلَ رأيُها، أو أن يُغْفَل رضاهاّ، أو أن يُتَعَسَّف في عدمِ استشارتِها، والعاقلةُ لا تُؤخِّر أَمْرَ زواجِها إذا خَطَبَها كفءٌ صاحبُ دينٍ وشرفٍ وحُسْنِ سَمْتٍ، كما قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم:«إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ»».

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ العلامة #محمد_فركوس حفظه الله:

«السلفيَّة ليست مرحلةً زمنيةً تنقضي بموت أفرادها*، *ولكنْ منهجٌ متَّبعٌ وقدوةٌ صالحةٌ*، فالقدوة هم أصحاب القرون المفضَّلة، والمنهج هو الطريقة المتَّبعة في هذه الأزمنة، القائمة على تقرير العقيدة السليمة والاستدلالِ عليها والدفاع عنها. وعليه فإنَّ مجرَّد الانتماء إلى الكتاب والسنَّة مِن غير العمل بهما والاعتصامِ مِن الخروج عنهما بالتمسُّك بما كان عليه السلفُ من القرون المشهودِ لهم بالخيرية فهي مجرَّدُ دعوى باطلةٍ لا أساس لها مِن الصحَّة وهي مفرَّغةٌ مِن حقيقتها، لأنَّ العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والأسامي كما تقرر في القواعد أنَّ: «ادِّعاء المسمَّيات لا يلزم ثبوتُ الصفات» » .

🔗 في نصيحةٍ نافعةٍ ووصيَّةٍ جامعةٍ | من «آثار الإمام عبد الحميد بن باديس» ٣/ ٢٢٢ للشيخ عبد الحميد بن باديس (ت: ١٣٥٩ﻫ)

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله :

"الأصل أنَّ الحكم على الناس في الدنيا إنما هو بحسب ما ظهر منهم خيرًا أو سوءًا، أمَّا ما كان خفيًّا أو مستترًا فالمطالبة بالتنقيب عن بواطن الناس غيرُ مأمورٍ به شرعًا."

🔗 الكلمة الشهرية :٧٨

لَا تحذفِ أو تغيِّر شيئًا
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
في حُكم التَّأخُّر عن العمل بسبب الصَّلاة
السؤال:
أنا مديرٌ بمتوسِّطةٍ في إحدى ولايات الجزائر، يدرِّس ـ عندي ـ أستاذٌ يأتي ـ دائمًا ـ في الفترة المسائيَّة إلى العمل مُتأخِّرًا ببِضعِ دقائقَ، ولمَّا استفسرتُ منه ـ كتابيًّا ـ عن تأخُّرِه أجابَ أنه بسببِ أداءِ صلاة الظهر في المسجد جماعةً، فهل تأخُّرُه جائزٌ شرعًا؟ وهل عليَّ أَنْ أَقتطِعَ تأخُّرَه مِنْ مُرتَّبِه، أم ماذا عليَّ أَنْ أفعل؟ أفيدونا، جزاكم اللهُ خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالأصل المُقرَّرُ في الوظائف ذاتِ العِوَضِ دخولُهَا في باب الإجارة الخاصَّة المُقدَّرة بزمنٍ؛ إذ الأجيرُ الخاصُّ هو مَنْ قُدِّرَ عِوَضُه بزمنٍ مُقابِلَ المُعوَّض، وهذه الوظائفُ معدودةٌ مِنْ جملة الأمانات التي اؤتُمِنَ عليها المُكلَّفُ، وهو مأمورٌ بإيصالِ كُلِّ ما اؤتُمِنَ عليه إلى أصحابه؛ ويدلُّ عليه قولُه تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا﴾ [النساء: ٥٨]، قال ابنُ كثيرٍ ـ رحمه الله ـ في تفسيره لهذه الآية: «يُخبِرُ تعالى أنَّه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها .. وهذا يعمُّ جميعَ الأمانات الواجبةِ على الإنسان، مِنْ حقوق الله عزَّ وجلَّ على عباده مِنَ الصَّلَوَات والزَّكَوَات والكفَّارات والنُّذورِ والصِّيام، وغيرِ ذلك ممَّا هو مُؤتمَنٌ عليه لا يَطَّلِعُ عليه العبادُ، ومِنْ حقوق العباد بعضِهم على بعضٍ كالودائع وغيرِ ذلك ممَّا يَأتمِنُون به بعضَهم على بعضٍ مِنْ غيرِ اطِّلاعِ بيِّنةٍ على ذلك؛ فأَمَر اللهُ عزَّ وجلَّ بأدائها، فمَنْ لم يفعل ذلك في الدُّنيا أُخِذَ منه ذلك يومَ القيامة»(١).
فوقتُ العمل المُثمَّن ـ إذن ـ هو مِلكٌ للمُستأجِر وليس مِلكًا للأجير، بل هو أمانةٌ على عاتِقِه يجب عليه أداؤُها إلى مَنِ ائْتَمَنَه عليها، وبالوجه المطلوبِ والأكملِ، مِنْ غيرِ إضاعةِ شيءٍ مِنْ حقوقِ غيرِه المُرتبِطةِ بعمله؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ»(٢)، فلا يجوز للأجيرِ أَنْ يَبْخَسَ النَّاسَ أشياءَهم بإنقاصِ وقتِ غيرِه لمَنافِعِه الخاصَّةِ أو مصالحه الخارجةِ عن نطاقِ وظيفته إلَّا بسببٍ شرعيٍّ مُرخّصٍ له، أو عذرٍ يُقِرُّهُ النِّظامُ الوظيفيُّ.
هذا، ولا يخفى أنَّه لا يجوز ـ شرعًا ـ تأخيرُ الصَّلاةِ عن وقتِها؛ لأنَّ لها وقتًا مُحدَّدًا لا يجوز تَجاوُزُه إلَّا مِنْ عُذرٍ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا ١٠٣﴾ [النساء]؛ وقد جاء الوعيدُ الشَّديد لمَنْ ضيَّع الصَّلاةَ، وأخَّرها عن أجَلِها المُحدَّدِ، ولم يأتِ بها على الوجه المأمورِ به، وذلك في قوله تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ‌ۖ فَسَوۡفَ يَلۡقَوۡنَ غَيًّا ٥٩﴾ [مريم]؛ لذلك كان الواجبُ أَنْ يحرص المسلمُ على أداء الصَّلاة في وقتها وفي المسجد على أرجحِ أقوالِ أهل العلم، ولا يُقْدِمُ على تأخيرها إلَّا مِنْ عذرٍ، هذا مِنْ جهةٍ.
وعقدُ الإجارة ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ لا يُخوِّلُ له الجمعَ بين الصَّلاتين؛ لانتفاءِ الحَرَجِ والعذر المُبيحِ للجمع بينهما؛ والمعلومُ أنَّ الجمع بين الصَّلاتين مِنْ غيرِ حَرَجٍ أو عُذرٍ تلاعُبٌ بالشَّرع يعقبه إثمٌ ووعيدٌ لا يخرج عن معنَى إضاعة الصَّلاة الواردِ في الآية السَّابقة؛ لذلك نصَّ العلماءُ على أنَّ زمن الطَّهارة وأوقاتَ الصَّلوات ـ وهي مِنْ حقِّ الله على عباده ـ مُستثناةٌ ـ شرعًا ـ مِنْ مُدَّةِ عَقْد الإجارة؛ والقيامُ بها على الوجه الصَّحيح لا يُعَدُّ إخلالًا بالعقد المُتَّفَقِ عليه، كما أنَّه ليس على الأجير الخاصِّ ضمانٌ في مدَّةِ عَقْد الإجارة ـ على أرجحِ قولَيِ العلماء ـ ولا تنقص مِنْ أُجرَتِه شيئًا.
ويدخل في ذلك ـ أيضًا ـ إذا ما اشترط الأجيرُ على المُستأجِرِ شرطَ الصَّلاةِ في المسجد.
ومِنْ نصوص العلماء في استثناء الصَّلوات وشروطِها ولواحقها مِنَ الإجارة لِعملِ مُدَّةٍ قولُ ابنِ مُفلِحٍ ـ رحمه الله ـ: «"ولا ضمانَ على الأجير الخاصِّ" نصَّ عليه، "وهو الذي يُسلِّم نَفْسَه إلى المُستأجِر" أي: يقع عليه العقدُ مُدَّةً معلومةً يَستحِقُّ المُستأجِرُ نَفْعَها في جمعها، سوى فعلِ الصَّلوات الخمسِ في أوقاتها بسُنَنِها، وصلاةِ جمعةٍ وعِيدٍ، ولا يَستنيب؛ وسُمِّيَ خاصًّا لاختصاص المُستأجِرِ بنفعه تلك المُدَّةَ»(٣).
وقال زكريَّا الأنصاريُّ ـ رحمه الله ـ: «"زمن الطَّهارة و"الصَّلاة "المكتوبة ولو جمعةً، والرَّاتبة مُستثنًى في الإجارة" لِعملِ مُدَّةٍ، فلا تنقص مِنَ الأجرة شيء»(٤).
وعليه، فإِنْ أَذِن المُستأجِرُ للأجير أَنْ يُصلِّيَ في المسجد إِنْ لم يلحقه ضررٌ فهذا أَوْلى، ولا يحتاج إلى استئذانه إذا ما شَرَطه في العقد؛ فإِنْ كان عليه ضررٌ ولم يأذن فعلى الأجيرِ أَنْ يُصلِّي في مُؤسَّستِه جماعةً إِنْ تَيسَّر ذلك وخاصَّةً صلاة الظُّهر؛ لمكانِ حديثِ فَضَالةَ رضي الله عنه: «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنِي: «وَحَافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ»، قَالَ: قُلْتُ: «إِنَّ هَذِهِ سَاعَاتٌ لِي فِيهَا أَشْغَالٌ؛ فَمُرْنِي بِأَمْرٍ جَامِعٍ، إِذَا أَنَا فَعَلْتُهُ أَجْزَأَ عَنِّي»، فَقَالَ: «حَافِظْ عَلَى الْعَصْرَيْنِ»، وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا، فَقُلْتُ: «وَمَا الْعَصْرَانِ؟»، فَقَالَ: «صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا»»(٥)؛ فدلَّ على أنَّه إذا شَغَله شاغلٌ: فله أَنْ يُصلِّيَ في مكانِ شُغْله سوى الصُّبحِ والعصر، ولا يجوز له الذَّهابُ إلى المسجد إلَّا بإذنِ المُستأجِرِ أو بشرطٍ في عقد العمل ـ كما تقدَّم ـ.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٧ صفر ١٤٤١ﻫ
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2024/10/05 15:19:50
Back to Top
HTML Embed Code: