Telegram Web Link
عن النبي ﷺ أنه قال: خالفوا اليهود صوموا يومًا قبله ويومًا بعده[1]

وفي رواية أخرى: صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده[2].

وصح عنه ﷺ أنه سئل عن صوم عاشوراء فقال: يكفر الله به السنة التي قبله[3].
🔴غدًا بإذن الله
الاثنين: صيام تاسوعاء الثلاثاء : صيام عاشوراء
إنّ لمْ تقدروا علىٰ صيامهم فـذكِّروا لعلّ أحدهم يصوم وتأخذوا الأجر ..🌹
في حكم التوسعة والسرورِ في ليلة عاشوراء
السـؤال:
جرتِ العادةُ عندنا أنّ الكثيرَ من العائلات تقوم بإعداد طعامٍ خاصٍّ (كالكُسْكُسِ باللَّحم أو الشَّخْشُوخَةِ أو غيرِها) ليلةَ عاشوراء سواءٌ صاموا أو لم يصوموا، فما حكم صُنْعِ هذا الطعام؟ وما حكم تلبيةِ الدعوةِ إليه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فَيَـوْمُ عاشوراء من بركات شهر الله المحرَّم وهو اليوم العاشرُ منه، وإضافة الشهر إلى الله تعالى تدلّ على شرفه وفضلِه؛ لأنّ الله تعالى لا يُضيف إليه إلاّ خواصَّ مخلوقاته، قال صلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمِ»(١)، وحُرمة العاشِرِ منه قديمةٌ، وفضلُه عظيمٌ، ففيه أنجى اللهُ موسى عليه الصلاة والسلام وقومَه، وأغرق فرعونَ وجنودَه، فصامَهُ موسى عليه الصلاةُ والسلامُ شكرًا لله، وكانت قريشٌ في الجاهلية تصومُه، وكانت اليهودُ تصومُه كذلك، فقال لهم رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ»(٢)، فصامه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأَمَرَ بصيامِه، وكان صيامُه واجبًا على أقوى الأقوال وأرجحِها، ثمّ صار مستحبًّا بعد فرض صيام شهر رمضان، ويستحبُّ صومُ التاسعِ معه، مخالفةً لليهود في إفراد العاشر، وفضلُه العظيم تكفير السَّنَة الماضية، فهذا هو الثابت في السُّنَّة المطهّرة، ولا يُشرع في هذا اليوم شيءٌ غيرُ الصيام.
أمّا محدثاتُ الأمور التي ابتدعَتْهَا الرافضةُ(٣) من التعطّش والتحزّن ونحوِ ذلك من البدع، فاتخذوا هذا اليومَ مأتمًا، ومن قابلهم الناصبة(٤) بإظهار الفرح والسرور في هذا اليوم وتوسيع النفقات فيه، فلا أصلَ لهؤلاء وهؤلاء يمكن الاعتماد عليه، إلاّ أحاديث مُختلَقَة وُضعتْ كذبًا على النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أو ضعيفة لا تقوى على النهوض.
وقد بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ذلك بقوله: «مِثْلُ ما أحدثه بعضُ أهلِ الأهواء في يوم عاشوراء، من التعطّش والتحزّن والتجمّع، وغيرِ ذلك من الأمور المحدثة التي لم يُشَرِّعْهَا اللهُ تعالى ولا رسولُه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ولا أحدٌ من السلف ولا من أهلِ بيتِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ولا من غيرهم… وكانت هذه مُصيبةً عند المسلمين -أي: قتلَ الحسين رضي الله عنه- يجب أن تُتَلَقَّى بما تُتَلَقَّى به المصائب من الاسترجاع المشروع، فأحدثَتْ بعضُ أهل البدع في مثل هذا اليوم خلافَ ما أَمَرَ اللهُ به عند المصائب، وَضَمُّوا إلى ذلك الكذبَ والوقيعةَ في الصحابة البُرَآءِ من فتنة الحُسَين رضي الله عنه وغيرِها أمورًا أخرى ممَّا يكرهُهُ الله ورسوله.. وأمّا اتخاذ أمثال أيام المصائب مآتم فهذا ليس في دين المسلمين بل هو إلى دين الجاهلية أقرب» إلى أن قال -رحمه الله-: «وأحدثَتْ بعضُ الناس فيه أشياءَ مستنِدةً إلى أحاديثَ موضوعةٍ لا أصلَ لها مثلَ: فضلُ الاغتسالِ فيه، أو التكحّلُ، أو المصافحةُ، وهذه الأشياء ونحوُها من الأمور المبتدَعَة كلُّها مكروهةٌ، وإنما المستحبّ صومه.. والأشبه أنّ هذا الوضع لَمَّا ظهرت العصبية بين الناصبة والرافضة فإنّ هؤلاء اتخذوا يوم عاشوراء مأتمًا، فوضع أولئك فيه آثارًا تقتضي التوسّع فيه واتخاذه عيدًا، وكلاهما باطل»(٥).
وإذا عُلم اقتصار مشروعيةِ هذا اليوم في الصيام فقط فلا يجوز تلبيةُ دعوة من اتخذه مأتمًا، ولا من اتخذه عيدًا؛ لأنه لا يجوز لأحد أن يغيّرَ من شريعة الله شيئًا لأجل أحدٍ أو يزيدَ عليها ويستدركَ.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٦ من المحرَّم ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٤ فبراير ٢٠٠٧م
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
للصائمين اليوم لا تنسوا بأن للصائم دعوة لا ترد
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الإثنين ٠٩ المحرم ١٤٤٦ هـ)

س: ذكر ابن القيّم -رحمه الله- أن العبد ينكث توبته لبقاء بذرة من الجاهليّة فيه .. فكيف يتخلّص من هذا؟! ..

ج: "الأصل أن الإنسان إن عرف الخير والهدى، وانتقل إليه؛ ترك جميع متعلّقات الكفر، والضلال، والغي، والفساد ..

لكن تارة تجد من ينشأ نشأة جاهليّة، أو يكون بين أحضان الكفار، ويترعرع في محيطهم وينمو، وتثبت فيه عموم أفكارهم ومعتقداتهم وغيرها؛ إذا رأى الحق، واستنار به؛ تتبعه بعض الخصال غير الطيّبة، يجرّها معه من حيّز الضّلال إلى حيّز الهدى، وتبقى معه، فيجب أن يتعرّف عليها، ويزيلها.

لهذا تجد أحاديث تبيّن أن حديث العهد بالشّرك تبقى بعض رواسب الجاهلية موجودة فيه، كحديث ذات أنواط، لمّا سألوا النّبي -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل لهم ذات أنواط؛ وكانوا حديثي عهد بالشرك، أو بالإسلام، فعندما يكون حديث عهد بالإسلام يكون حديث عهد بالشّرك وبالجاهلية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (.. قلتم -والّذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل  {اجعل لنا إله كما لهم آلهة} ..) الحديث، فهم ظنّوا أن الأمر فيه خير، ولم يكونوا قد تزوّدوا بعدو بالتّوحيد الخالص .. وبقيت معهم هذه الرّواسب، فطلبوا هذا، وبيّن لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّها من رواسب الجاهلية والشّرك.

عائشة -رضي الله عنها- قالت -فيما معنى الحديث-: تأتينا لحوم من أرض أهلها حديثو عهد بشرك؛ لا ندري أذُكر اسم الله عليها أم لا، يعني أن الغالب الأعمّ حديثو عهد بالإسلام؛ لا يذكرون اسم الله على الحيوان عند ذبحه، فهم أسلموا؛ لكن يحتاجون وقتا لأداء كل الأحكام على الوجه المطلوب شرعا، فقال النّبي -صلى الله عليه وسلم-: (سمُّوا الله عليه أنتم وكُلوا) الحديث.
فحديث العهد بالإسلام لا ندري إن ذكر اسم الله عليها أم لا، وهذا يدلّ على أن هذه الرّواسب موجودة.

في المواقف أيضا تكون هذه الرّواسب، وممّا ذكر النّبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها- أن قال: (لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لنقضت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم ..) الحديث، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- خشي أن تقول العرب أن النبي هدم الكعبة .. فامتنع ذاك الوقت، لأن الإسلام لم يتمكّن منهم تمكّنا كاملا، فبقيت هكذا، ولم تشمل حجر إسماعيل -وهو داخل فيها أصلا- وأهل الجاهليّة بنوها على ذاك الشكل، وما أراد النّبي -صلى الله عليه وسلم- إعادتها؛ لأن قومه كانوا حديثي عهد بالإسلام، وخشي أن تحصل مواقف غير حسنة، أو كلام غير سليم .. وانتظر إلى حين أن يتمكّن منهم الإسلام.

الّذي ينتقل كذلك من مذهب عقدي إلى آخر؛ فبانتقاله تبقى معه رواسب المذهب الأول، كما قال شيخ الإسلام ابن تيميه -رحمه الله- عن أبي الحسن الأشعري؛ كان معتزليّا، ثم انتقل إلى مذهب جمعه بين المعتزلة والكلابيّة، ثم رجع في إبانته إلى مذهب أحمد بن حنبل -رحمه الله-، ورجوعه ذاك في بعض القضايا، وبعضها قال وصال وجال فيها لم يُعلم عنه أنه رجع عنها، أو لم يبيّن فيها موقفه منها، فبقيت من معتقداته السابقة؛ نظرا لأن الوقت لم يسعه للنّظر في كل الجزئيات.

عند الانتقال من الكفر إلى الإسلام، أو من مذهب عقدي إلى غيره، أو من مذهب فقهي إلى غيره (من الشافعي إلى المالكي ..)، تجد في الشخص الّذي ترعرع وشبّ على مذهب ما كثيرا من الأقوال لم ينظر إليها في مذهبه الجديد؛ تبقى على الأول الّذي كان فيه، هذا أهون، لكن بالنسبة للشّرك والإسلام لابد أن يتعلّم لازالته -أي الشّرك- كما علّمهم النّبي -صلى الله عليه وسلم-.
فيجب أن يتعلّم المسائل الّتي تتعلّق بعقيدته، ودينه، وإصلاحه .. فيُزيل كل هذه الرّواسب، خاصّة إذا كانت عنده شبهات في هذا .."
🔶 [يوم عاشوراء]

✍🏻 قال الشيخ فركوس -حفظه الله-:

🔴 ‏ فَيَـوْمُ عاشوراء من بركات شهر الله المحرَّم وهو اليوم العاشرُ منه، وإضافة الشهر إلى الله تعالى تدلّ على شرفه وفضلِه؛ لأنّ الله تعالى لا يُضيف إليه إلاّ خواصَّ مخلوقاته، قال صلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمِ»(مسلم)،

🔴‏ وحُرمة العاشِرِ منه قديمةٌ، وفضلُه عظيمٌ، ففيه أنجى اللهُ موسى عليه الصلاة والسلام وقومَه، وأغرق فرعونَ وجنودَه، فصامَهُ موسى عليه الصلاةُ والسلامُ شكرًا لله، وكانت قريشٌ في الجاهلية تصومُه، وكانت اليهودُ تصومُه كذلك، فقال لهم رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ»(البخاري ومسلم)، فصامه رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وأَمَرَ بصيامِه، وكان صيامُه واجبًا على أقوى الأقوال وأرجحِها، ثمّ صار مستحبًّا بعد فرض صيام شهر رمضان،

🔴‏ ويستحبُّ صومُ التاسعِ معه، مخالفةً لليهود في إفراد العاشر، وفضلُه العظيم تكفير السَّنَة الماضية، فهذا هو الثابت في السُّنَّة المطهّرة، ولا يُشرع في هذا اليوم شيءٌ غيرُ الصيام)).

📚 [موقع الشيخ فركوس حفظه الله (الفتوى592)].
صيام يوم عاشوراء = كفارة ذنوب سنة ماضية!

فلا تضيّع هذه الفرصة؛
ولا تغفل عن صيامِه غدًا 💭
للصائمين اليوم ان لكم دعوة لا ترد فاجعلوا لكم سويعة تتقربون فيها من الله بقراءة القرآن و الذكر و الدعاء بإلحاح و يقين ... سبحانه أمره بين الكاف و النون لا يعجزه شيء في الأرض و لا في السماء .. ادعوه تقربا و تذللا و طاعة و طمعا سبحانه حاشاه ان يرد عبدا أتاه تائبا ، نادما و متضرعا. فاللهم تقبلنا قبولا حسنا و اغفر لنا و اعف عنا و تب علينا إنك أنت الغفور الرحيم و اقض حوائجنا يا عزيز يا كريم. و صل اللهم و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا.
في حكم تركيبِ عَيْنٍ اصطناعيَّةٍ
السؤال:

بنتٌ صغيرةٌ عمياءُ العَين، وبِعَينها المُصابةِ ضُمورٌ، وهي خارجةٌ عن مكانها، سيُجرَى لها عمليَّةٌ لِنزعِ هذه العَين المُصابة ثمَّ بعد هذه العمليَّةِ الأولى سيُجرى لها عمليَّةٌ ثانيةٌ لتركيبِ عَينٍ اصطناعيَّةٍ طِبِّيَّةٍ مِنْ زجاجٍ مكانَ العين المُصابة على وجه التجميل، فما هو الحكم الشَّرعيُّ في وضعِ هذه العَينِ الاصطناعيَّة لهذه الفتاة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقَدْ ذكَرْتُ في فتوَى سابقةٍ(١) أنَّ الجراحة التَّجميليَّةَ إِنْ كانت حاجيَّةً أو ضروريَّةً، المَقصودُ منها: العَودة بجزءٍ مُتضرِّرٍ مِنْ أعضاء الجسم مُحسَّنًا إلى حالته الآدميَّة الطَّبيعيَّةِ بعلاجِ داءٍ أو عيبٍ، أو إزالةِ تَشَوُّهٍ ورفعِ ضررٍ حِسِّيٍّ أو معنويٍّ جازتِ العمليَّةُ للحاجةِ أو الضَّرورةِ؛ ولا تخرجُ جراحةُ العَينِ قَصْدَ تركيبِ عينٍ اصطناعيَّةٍ ـ بهذا الاعتبار ـ عن هذا الحكم، إذ لا أَعلمُ خلافًا بين أهل العلم في أنَّ مِنْ مُستثنَيَاتِ تغييرِ خَلْق الله تعالى ما وَرَدَ في جوازه نصٌّ شرعيٌّ كأحاديثِ سننِ الفطرة، وما يحصل به الضررُ والأذيَّةُ كمَنْ لها «سِنٌّ زائدةٌ أو طويلةٌ تُعيقُها في الأكل، أو إصبعٌ زائدةٌ تُؤذِيها أو تُؤلِمُها»(٢).

بخلافِ ما إِنْ كان لطلبِ الحُسْنِ وزيادةِ الجَمال فذلك غيرُ جائزٍ: كتغيير لونِ القُزَحِيَّةِ ونحوِ ذلك على ما تقدَّم بيانُه في الفتوى المُشارِ إليها، اللهم إلَّا إِنْ كان التشويهُ مُنَفِّرًا يترتَّبُ عليه ضررٌ معنويٌّ كما هو شأنُ هذه البنتِ الصغيرة.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٧ مِنْ ذي القعدة ١٤٤٢هـ
موقع الشيخ فركوس حفظه الله
✍️ الشيخ فركوس:

نسأل اللهَ تعالى أَنْ يَهْدِيَنَا للحقِّ ويُقيمَنا عليه، ويَرْزُقَنا الإخلاصَ في السرِّ والعَلَن، والاتِّباعَ في العمل، والسدادَ في القول، وأَنْ يُعيذَنا مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ، وأَنْ يُصْلِحَ أَمْرَ آخِرِ هذه الأمَّةِ كما أَصْلَحَ أوَّلَها، وأَخْتِمُ بكلام اللَّالَكائيِّ ـ رحمه الله ـ وهو يَصِفُ أهلَ السنَّةِ والحديثِ في ثباتهم على الحقِّ المُبين وسلامةِ اعتقادهم ووحدةِ منهجهم بما نصُّه: «والحمد لله الذي كمَّل لهذه الطائفةِ سهامَ الإسلام، وشرَّفهم بجوامعِ هذه الأقسام، وميَّزَهم مِنْ جميع الأنام؛ حيث أعَزَّهم اللهُ بدِينِه، ورَفَعَهم بكتابه، وأعلى ذِكْرَهم بسُنَّتِه، وهداهم إلى طريقته وطريقةِ رسوله؛ فهي الطائفةُ المنصورة، والفِرْقةُ الناجية، والعُصْبةُ الهادية، والجماعةُ العادلة المتمسِّكةُ بالسنَّة، التي لا تُريدُ برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بديلًا، ولا عن قوله تبديلًا، ولا عن سُنَّتِه تحويلًا، ولا يَثْنِيهم عنها تَقلُّبُ الأعصار والزمان، ولا يَلْوِيهم عن سَمْتِها تغيُّرُ الحدثان، ولا يصرفهم عن سَمْتِها ابتداعُ مَنْ كادَ الإسلامَ ليَصُدَّ عن سبيل الله ويَبْغِيَها عِوَجًا، ويَصْرِفَ عن طُرُقِها جدلًا ولجاجًا، ظنًّا منه كاذبًا، وتَمَنِّيًا باطلًا أنه يُطْفِئُ نورَ الله، ﴿وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ ٨﴾ [الصف]»
لا تنسوا اخوانكم في غزة في دعائكم
البيان الأخويُّ الحميم
على حدث غزَّة الأليم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرْسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فإنَّ المآسيَ المُحْزِنةَ والأحداثَ الداميةَ المُؤْلمةَ التي يُعايِشهَا قِطاعُ «غَزَّةَ» والأراضِي الفلسطينيةُ ـ حاليًّا ـ ما هي إلَّا حلقةٌ متواصلةٌ من سلسلة المؤامراتِ الصهيونيةِ ومخطَّطاتها المدمِّرةِ لإشاعةِ الفوضى، وإثارةِ الفتن والوقيعةِ بين الشعب الفلسطينيِّ ودولتِه وشعوبِ المنطقة، بل مع عامَّةِ المسلمين، مصحوبًا بالإرهاب الفكريِّ والعسكريِّ بتأييدِ الدولِ القويَّةِ وتعزيزها في تنفيذِ مخطَّطاتها الهادفة إلى إضعافِ شوكةِ المسلمين، وتشتِيتِ صفِّ الفلسطينيين، وكسرِ إرادةِ شعبهم وتمييعِ قضيَّتهم.

هذا، وإنَّ إدارة موقع الشيخِ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ تتتبَّع ـ بكلِّ ألمٍ وأسًى ـ ما حصل ويحصل لإخواننا المسلمين في الأراضي الفلسطينية وفي قطاع «غَزَّةَ» منْ غمَّةٍ ونكبةٍ، وتقتيلٍ وتشريدٍ، وتفجيرٍ وتدميرٍ، وغيرِ ذلك من تنفيذٍ للتدبيراتِ العدوانيةِ والمخطَّطاتِ الإرهابية اليهودية، وما يمدُّها به إخوانها في الغيِّ من طاقةٍ مادِّيةٍ وبشريةٍ ومعنويةٍ، فإنها تعكسُ الحقدَ الدفينَ الذي يُكنُّهُ عمومُ الكفَّار للمسلمين.

وانطلاقًا مِن واجبِ الأخوَّة الإيمانية، فإنَّ الموقفَ الشرعيَّ يُوجبُ على المسلمينَ الوقوفَ مع إخوانهم الفلسطينيِّين في البأساء والضرَّاء وحينَ البأسِ، عملًا بقولهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ﴾ [الحجرات: ١٠] وأنْ يُحبُّوا لهم ما يُحبُّون لأنفسهم، ويَكرهوا لهم ما يكرهون لأنفسهم لقوله ﷺ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»(١)، ولقوله ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ: إِذَا اشْتَكَىٰ مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»(٢)، وقوله ﷺ: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»(٣).

كما يستدعي الموقفُ الشرعيُّ التعاونَ على نصرتهم ـ بصدقٍ وإخلاصٍ ـ لإزالةِ العدوان ورفعِ الظلم والأذى والطغيانِ، كُلٌّ بحسبِ قدرته وحجمِ استطاعته، سواءٌ بالتعاونِ المادِّيِّ لقوامِ أبدانهم بالتغذية والتداوي وتقويةِ شوكتهم، أو بالتعاونِ المعنويِّ، والتآزرِ معهم بنصرة قضيَّتهم على نطاقٍ خاصٍّ أو عامٍّ، سواءٌ في المؤتمرات والمحافل الدولية أو القارِّيَّةِ أو الإقليمية أو الشعبية، ومِنَ الدعم المعنويِّ: التوجُّهُ إلى الله تعالى بالدعاء لهم بكشفِ غمَّةِ آلامهم ومحنتهم ومأساتهم، ورفعِ بليَّتهم وشدَّتِهم، وإصلاحِ أحوالهم، وتحقيقِ آمالهم، ولمِّ شملهم، وترشيدِ أقوالهم، وتسديدِ أعمالهم لِمَا يُحِبُّه اللهُ ويرضى، فإنَّ الرجوعَ إلى الله تعالى بإخلاصٍ وصدقٍ وتقوى، والاستعانةَ بالصبرِ والصلاةِ، مع إعداد العُدَّة المادِّيةِ، ومشاورةِ أهلِ العلم والرشاد، لَهُو مِنْ أعظمِ أسباب النصرِ، ونزولِ الرحمةِ، وكشفِ الغُمَّةِ، والتوفيقِ والسدادِ.

هذا، وأخيرًا نُوصِي إخوانَنَا المسلمين في فلسطينَ أنْ يجمعوا كلمتَهم على الحقِّ، ويَلُمُّوا شَمْلَهم وشعثَهم، وأنْ يوحِّدوا جهودهم، ويفرزُوا صفوفَهم، ليميزُوا بين الصديقِ والعدوِّ، والخبيثِ والطيِّبِ، ليكونُوا صفًّا منيعًا ضدَّ تحدِّي عدوِّهم الذي يتربَّص بهمُ الدوائرَ، ليفوِّتوا عليه مخطَّطَه الإجرامِيَّ ومشاريعَهُ العدوانية.

نسألُ اللهَ تعالى العليَّ القديرَ أنْ يُصْلِحَ أحوالَ المسلمين في فلسطين والعراق، وسائرِ بلادِ المسلمين، وأنْ يجمعَ كلمتَهم على التوحيد والتقوى والدين، وأن يَكشفَ محنتَهم ويُسدِّدَ خُطاهم، وينصرَهم على أعداء الإسلام والمسلمين، اللَّهمَّ اجعَلْ كيدَ أعدائك في نحورهم، ونعوذُ بكَ اللَّهمَّ مِن شرورهم.

وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين.

الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
📌سئل الشيخ فركوس قبل سنة عن حكم تهنئة البنت لاجتيازها شهادة الباكالوريا..  فكان مما أجاب به:

"  إذا كانت هذه البنت سترتاد الجامعة لدراسة العلوم الشرعية ممكن تهنئها، لكن أن تذهب للاختلاط والعمل في المؤسسات؛ فهذا ليس من أصلها الشرعي، وأصلها الشرعي كما جاء في الآية: "و قرن في بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى.

فما وافق الشرع وافقناه، وما خالفه خالفناه من غير محاباة ولا استعطاف، لكن الشخص عندما يؤدي المهمة يؤديها بقناعته، إذا اقتنع أن الأصل قرارها في البيت، فالواجب أن  يقول لها اذهبي لدراسة الشريعة ولا تدرسي في الاختلاط ، أما إذا كان خالها مثلا أو عمها أو أحد أقاربها  ويعرف أنها ستتجه إلى غير هذه الطريق فلا يهنؤها لأنه مقتنع بعدم الجواز فكيف يهنئها بما يعتقد عدم جوازه؟ بل ينصحها ويقول لها:  أن الدراسة ليست مكان لها، والاختلاط حرام، وأن عزة المرأة في البيت، وأن تكون ملتزمة وتربي أبناءها.. "

📖المجلس / منقول.
-

﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾

أولى الناس بنبينا محمد ﷺ يوم القيامة هم أكثرهم صلاةً عليه في الدنيا ، فمن أراد الفوز بشفاعته ﷺ فليكثر من الصلاة عليه ﷺ

اللهم صل و سلم و بارك على نبينا محمد عدد ما ذكره الذاكرون و عدد ما غفل عن ذكره الغافلون
روى أبو داود عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم الجمعة ثنتا عشرة -يريد ساعة- لا يوجد مسلم يسأل الله عز وجل شيئاً إلا أتاه الله عز وجل فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر. قال الشيخ الألباني: صحيح.
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الخميس ١٢ المحرم ١٤٤٥ هـ)

ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- في الواسطية عن بعض أهل السنة اختلافهم في عثمان وعليّ في الأفضلية ..

"استقرّ قولهم جميعا على ذلك، بمعنى أنه في زمنهم قد يحصل الخلاف، لكن إذا كان هذا المخالف عاد إلى قول الجميع؛ فلا اعتبار للخلاف.

الّذي لا يجوز الإجماع عليه هو الّذي بقي الخلاف فيه مستمرّا، لكن إن قال قولا، وعاد مع القوم؛ لم يعد هناك من يخالف، وأصبح إجماعا على أمر استقرّوا عليه ..
فأصبح أهل السنة والجماعة يقولون بالتّرتيب، أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي -رضي الله عنهم-

قولهم في الأصول: إذا اختلف الصحابة على قولين؛ لا يجوز الإجماع على أحد القولين، وإذا اختلف الصحابة على قولين؛ لا يجوز إحداث قول ثالث.
القول الثالث: إذا كان قولا مفصِّلا جاز، أي لم يخرج عن القولين، فالقول الثالث إذا كان لا ذاك ولا ذاك باطل، لأنهم في اختلافهم يجتمعون على شيء، والقول الثالث يخرج عن الإجماع، والحق لا يخرج عنهم.

مثلا: يختلفون في الجدّ هل يرث بالتأصيل، بأن يرث ما يرث الأب، وهو منزّل منزلة الأب، أي لا يرث الأشقاء معه، أم أنه يأخذ السّدس، خلاف بين الصحابة -رضي الله عنهم-

• أبو بكر، وابن عباس .. -رضي الله عنهم- يقولون إنه ينزّل منزلة الأب، ويحجب حجب حرمان الإخوة الأشقاء، والإخوة لأب؛ فلا يرثون مع الجد شيئا.
• زيد وغيره يقولون أنّه يرث السّدس.

لو يأتي أحد ويقول أن الأشقاء يرثون، والجد لا يرث؛ هذا معارض للإجماع، فهم يُجمِعون على أنه يرث، ويختلفون هل يرث الكلّ أو الجزء.
إذا جاء قول ثالث أنه لا يرث فهو قول مخالف مرفوض، أمّا إذا جاء قول مفصّل فنعم.

أيضا مسألة التّسمية على الذبيحة:
• هناك القول بأن كل ذبيحة لا يُذكر اسم الله عليها فهي ميتة لا يجوز أكلها، وجعلوا التسميّة شرطا.
• قول قالوا أن من ترك التّسمية على الذبيحة فإنها على سبيل الاستحباب؛ تصحّ الذبيحة ويجوز أكلها.

إحداث قول وسط؛ بأنه لو تركها عمدا لا تصحّ الذّبيحة، ولو تركها نسيانا وسهوا تصحّ؛ هذا قول مفصِّل، لم يخرج عن القولين.

فاعتبروا أن العمديّة في حكم الشرطيّة، والنسيان والسهو في حكم الاستحباب.

في الإجماع: إذا اختلف الصحابة -رضي الله عنهم- وبقي هذا الخلاف أو الرأي يلتزم به كل واحد، وبقي على ذلك؛ نقول أنه لا يجوز الإجماع على أحدهما.

مثلا: كان الخلاف بين ابن مسعود وأبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- في الرّجل الّذي أخذ لبنا من ثدي امراته، فقال أبو موسى الأشعري هي أمّك من الرضاعة، وكان له رأي، ولمّا سأل هذا الرجل ابن مسعود قال: ليس الّذي أفتى به أبو موسى الأشعري، فأخذه إليه وقال: أتراه هذا اللبن أنشز عظما أو أنبت له لحما؟! (يعني هل هو في مرحلة النمو -من باب التفسير-)
فرجع أبو موسى عن ذلك، وقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر بين أظهركم (لم يفعل كما يحدث الآن في مجتمعنا، فمن نصحه كتب عليه، وجمع جماعة ..).
والحبر يعني العالم، فهنا رجع، ولا نستطيع أن نقول أن فيه قولان .. إلا مسألة سالم في رضاع الكبير -على تفصيل- .."
من أحكام المصحف الإلكتروني
السؤال:
انتشرت في المجتمعات الإسلامية الهواتفُ الذكيَّة، وتتضمَّن بعضَ التطبيقاتِ الشرعية، ومنها إمكانية القراءة مِن مصحفٍ كاملٍ، فهل إذا فتح القارئُ المصحفَ مِن الهاتف الذكيِّ يأخذ حُكْمَ المصحف المتعارَفِ عليه؟ فإذا كان كذلك فهل يؤجَر الناظرُ فيه كما يؤجَر الناظر في المصحف المطبوع؟ وهل يجوز الدخولُ به إلى بيت الخلاء؟ وهل يصحُّ للمُحْدِث مَسُّه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فيمكن تعريفُ المصحف بالاصطلاح الحديث بأنه الوسائلُ المادِّية الجامعةُ للقرآن الكريم المطابِقِ في ترتيب آياته وسُوَره للهيئة أو الرسم اللَّذَين أجمعت عليهما الأمَّةُ في خلافة عثمانَ بنِ عفَّانَ رضي الله عنه.
ويظهر مِن التعريف السابق شمولُه لكلِّ أنواع المصاحف: قديمةً كانت كالمصحف الورقيِّ المعهود الذي هو الأوراق والحروف الجامعة للقرآن المكتوبةُ بين دفَّتين حافظتَيْن، أو حديثةً كالمصحف المحمَّل على الشرائح الإلكترونية والأقراص المُدْمَجة، ويدخل في ذلك ـ أيضًا ـ النتوءاتُ المستعمَلةُ بإبرة برايل في الكتابة على الأوراق الخاصَّة بها، وهو المصحف الخاصُّ بالمكفوفين.
هذا، وإذا كان المصحف الإلكترونيُّ يتَّصف ببعض المواصفات المغايِرة للمصحف الورقيِّ في تركيبه وحروفه؛ فإنه ـ والحالُ هذه ـ لا يأخذ حُكْمَ المصحف الورقيِّ إلَّا بعد تشغيل الجهاز وظهورِ الآيات القرآنية المخزَّنة في ذاكرة المصحف الإلكترونيِّ، فإن ظهر المصحفُ الإلكترونيُّ معروضًا بهيئته المقروءة فإنَّ القراءة فيه كالقراءة في المصحف الورقيِّ يُنال بها الأجرُ المذكور في حديث ابن مسعودٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ ﴿الم﴾ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ»(١)، وحديث عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ فَلْيَقْرَأْ فِي الْمُصْحَفِ»(٢)، وغيرِها مِن الأحاديث الصحيحةِ الدالَّةِ على فضل تلاوة القرآن والإكثارِ منها.
ومِن جهة الحَظْر مِن الدخول بالمصحف الإلكترونيِّ إلى الخلاء مِن غير حاجةٍ أو ضرورةٍ فإنه يصدق عليه حكمُ المنع ما دام الجهازُ أو الهاتف النقَّال في حال التشغيل وعرضِ الآيات القرآنية، ويدخل في الحظر ـ أيضًا ـ مسُّه بنجاسةٍ أو وضعُه عليها أو تلطيخُه بها، ذلك لأنَّ حرمة القرآن قائمةٌ فيه مع تشغيله وظهور آياته وسُوَره.
غير أنَّ أحكام الحَظْرِ السابقةَ تنتفي عن المصحف الإلكترونيِّ في حالِ غَلْقِ الجهاز وانتهاءِ ظهور الآيات بانتهاء انعكاسها على الشاشة، وهو في تلك الحال مِن عدم التشغيل لا يُعَدُّ مصحفًا ولا تترتَّب عليه أحكامُ المصحف الورقيِّ.
ومِن جهةٍ أخرى يجوز للمُحْدِث حدثًا أصغرَ أو أكبرَ أن يَمَسَّ أجزاءَ الهاتف النقَّال أو غيرِه مِن الأجهزة المشتمِلة على البرنامج الإلكترونيِّ للمصحف، ويستوي في ذلك حالُ الإغلاق وحالُ التشغيل، ذلك لأنَّ الحروف القرآنية للمصحف الإلكترونيِّ الظاهرةَ على شاشته ما هي إلَّا ذبذباتٌ إلكترونيةٌ مشفَّرةٌ، معالَجةٌ على وجهٍ متناسقٍ، بحيث يَمتنِع ظهورُها وانعكاسُها على الشاشة إلَّا بواسطة برنامجٍ إلكترونيٍّ.
وعليه فمَسُّ زجاجة الشاشة لا يُعَدُّ مسًّا حقيقيًّا للمصحف الإلكترونيِّ، إذ لا يُتصوَّر مباشرةُ مَسِّه بما تقدَّم بيانُه، بخلاف المصحف الورقيِّ، فإنَّ مَسَّ أوراقه وحروفِه يُعَدُّ مسًّا مباشِرًا وحقيقيًّا له، لذلك لا يُؤْمَر المُحْدِثُ بالطهارة لِمَسِّ المصحف الإلكترونيِّ إلَّا على وجه الاحتياط والتورُّع.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١١ رجب ١٤٣٥ﻫ
الموافق ﻟ: ١٠ مـاي ٢٠١٤م
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس -حفظه الله- (الجمعة ١٣ المحرم ١٤٤٦ هـ)

س: قال بعض أهل العلم أنّه يُشرع للإمام ختم خطبة الجمعة بقوله تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان ..} الآية، وقد ثبت هذا من فعل عمر بن عبد العزيز، وأنّه مضى عليه العمل .. فما ضابط قولهم مضى عليه العمل؟!

ج: "ما جرى عليه العمل قد يُقصد به عمل أهل المدينة، لكن عملهم على قسمين:

• ما كان موجودا في زمن النّبي -صلى الله عليه وسلم- وبقي من الأمور؛ كمقادير الزكاة، وغيرها .. فهذا عليه التّعويل.

• أمّا ما لم يكن مبنيّا على أفعال، أو أشياء كانت موجودة .. إنّما على مسائل، من أقوال أو أفعال .. لا يكون هذا عمل أهل المدينة فيه إلا إذا كان فيه دليل من الكتاب أو السنة، فعملهم ليس حجّة في المسائل الاجتهاديّة، لكن في المسائل الموجودة نعم.
في المسائل الاجتهادية لا، لأن الصحابة -رضي الله عنهم- تفرّقوا في الأمصار.

كذلك قول جرى عليه العمل؛ لا تقبل هذه العبارة إلا إذا كانت حقيقتها موجودة، بمعنى إجماع أهل المدينة عليه.
والإجماعات هذه لا نأخذ بها هكذا، فإجماع أهل المدينة ليس بحجة إلا على قول مالك.

ثانيا: إذا جاء دليل صحيح نعم، نقول به، أما إذا فعل الخطيب هذا مرّة؛ لا يلزم إلا إذا كان الفاعل هو النّبي -صلى الله عليه وسلم- فعله، أو قال به مرّة، فيؤخذ ما لم يَرِد دليل منع.
والعمل عند التّعارض بالأقوال لا بالأفعال.

تقول أنّ هذا من فعله -عمر بن عبد العزيز- ما أدري، لكن السنة معروفة.
هل فعله النّبي -صلى الله عليه وسلم- أو الخلفاء الراشدون من بعده؟!
هل كانوا يختمون خطبهم بهذا؟!
لم يثبت هذا، وإذا سلّمنا أنّه ختمها هكذا؛ فليس معناه دائما، فلا مانع مرّة، إنّما التّكرار يحتاج إلى دليل، لأنّه تقييد للخطبة بخاتمة بصورة مكرّرة، ومنهم من يزيد ذكر آيات أخرى .. وهناك من يزيد، وتبقى هكذا ..

هذه لم تَرِد في خطب النّبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يصلنا منها شيء، ودين الله محفوظ، فلو كانت لجاءتنا، أمّا ما لم يأتنا؛ فإذا فعله تارة لا بأس، لكن أن يُقيّد الخطبة بهذا فلا، إنّما يختم بكفارة المجلس (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك)، أو الصلاة على النّبي -صلى الله عليه وسلم-، وما يقيّد به يحتاج إلى دليل."
في ضابط جواز رفع اليدين في الدعاء
السؤال:
هل يوجد ضابطٌ لمعرفة متى يجوز رفعُ اليدين في الدعاء ومتى يُمنع؟ وهل يجوز الاقتصار على رفع اليدين في دعاء الاستسقاء دون غيره عملاً بحديث أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلاَّ فِي الاسْتِسْقَاءِ»(١)؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فيُعَدُّ رفعُ اليدين في الدعاء -في الجملة- مِن آداب الدعاء ومِن أسباب الإجابة، ذلك لورود أحاديثَ كثيرةٍ تدلُّ على مشروعيته، وهي ثابتةٌ مِن أقواله وأفعاله بلغت مبلغَ التواتر المعنويِّ. قال النوويُّ -رحمه الله-: «قد ثبت رفعُ يديه صلَّى الله عليه وسلَّم في الدعاء في مواطنَ غيرِ الاستسقاء، وهي أكثرُ مِن أن تُحصر، وقد جمعتُ منها نحوًا مِن ثلاثين حديثًا مِن الصحيحين أو أحدهما»(٢)، وقال السيوطيُّ -رحمه الله-: «فقد رُوي عنه صلَّى الله عليه وسلَّم نحوُ مائة حديثٍ فيه رفعُ يديه في الدعاء، وقد جمعتُها في جزءٍ، لكنَّها في قضايا مختلفةٍ؛ فكلُّ قضيَّةٍ منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها -وهو الرفع عند الدعاء- تواتَرَ باعتبار المجموع»(٣).
ومِن الأحاديث القولية الثابتة عنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ، أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا»(٤)، وقال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: ٥١]، وَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟» الحديث(٥).
ومِن الأحاديث الفعلية أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ»(٦)، ومِن ذلك صنيعُ خالدِ بنِ الوليد رضي الله عنه مع بني جَذِيمَةَ وفيه: «فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ» مَرَّتَيْنِ»(٧)، وفي فتح مكَّةَ: «رَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ»(٨)، وفي قصَّة الكسوف: «فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَدْعُو»(٩)، وفي دعائه لأهل البقيع: «فَرَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ»(١٠)، وفي حديث أسامة رضي الله عنه: «كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو، فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا، فَتَنَاوَلَ الخِطَامَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَهُ الأُخْرَى»(١١)، وفي حديث القنوت(١٢) رفع يديه -أيضًا- وغيرها مِن الأحاديث الصحيحة.
وهذه الأحاديث المتواترة معنًى قد جاء مِن حديث أنسٍ رضي الله عنه ما يعارضها في الظاهر، ونصُّ حديثه: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلاَّ فِي الاسْتِسْقَاءِ»(١٣).
وقد جمع العلماء بينهما -توفيقًا بين الأدلَّة- مِن جهتين:
الأولى: أنَّ المنفيَّ في حديث أنسٍ رضي الله عنه هو صفةٌ خاصَّةٌ، تلك الصفةُ التي سمَّاها ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما: الابتهالَ، فإنَّ رَفْعَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ليديه في الاستسقاء كان شديدًا بحيث يخالف غيرَه بالمبالغة فيه فيُرى فيه بياضُ إبطيه، وينحني فيه بدنُه، ومِن ثَمَّ فإنَّ نَفْيَ صفةٍ خاصَّةٍ لا يَلزم منه نفيُ أصل الرفع، ومع ذلك فإنَّ هذه الصفة الخاصَّة لم تكن قاصرةً على دعاء الاستسقاء، بل ثبتت في مواطنَ أخرى، ففي قصَّة ابن اللُّتْبِيَّة: «ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ»»(١٤)، وقد روى أبو داود في «المراسيل»(١٥) مِن حديث أبي أيُّوبَ سليمانَ بنِ موسى الدمشقيِّ -رحمه الله-: «لم يُحفظ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه رفع يديه الرفعَ كلَّه إلاَّ في ثلاثة مواطنَ: الاستسقاء، والاستنصار، وعشيَّةَ عرفة، ثمَّ كان بعدُ رفعٌ دون رفعٍ».
2024/10/04 15:31:54
Back to Top
HTML Embed Code: