Telegram Web Link
· ومَنْ رأى أنَّها ليست مِنْ جنسِ كلام النَّاسِ، ولا يكادُ يَبينُ منها حرفٌ محقَّقٌ، فأَشبهت الصوتَ الغُفْل الذي لا تقطيعَ فيه، وإنَّما هي مِنْ جنسِ الحركاتِ؛ قال بعدمِ بطلانها، وهو الصَّحيح الذي قوَّاه ابنُ حجرٍ(٨)، وقد رجَّحه ابنُ تيميَّة بالتَّفصيل الآتي:
«اللَّفظ على ثلاثِ درجاتٍ:
أحَدُها: أَنْ يدلَّ على معنًى بالوضع إمَّا بنفسه وإمَّا مع لفظٍ غيرِه ﻛ: في وعن، فهذا الكلام مِثلُ: يدٍ ودمٍ وفمٍ وخُذْ.
الثاني: أَنْ يدلَّ على معنًى بالطَّبع كالتَّأوُّه والأنين والبكاء ونحوِ ذلك.
الثالث: أَنْ لا يدلَّ على معنًى لا بالطَّبع ولا بالوضع كالنَّحنحة، فهذا القسمُ كان أحمدُ يفعله في صلاتهِ..»، ثمَّ تَعرَّض ـ رحمه الله ـ لِسردِ أقوالٍ في ذلك وأدلَّتِها، وفرَّق بين القهقهة والبكاء؛ وبيَّن أنَّ عدم التَّسوية بينهما لِمَا في القهقهة مِنْ منافاة الصَّلاة وهتكِ حُرمتِها فقال:
«وَقَد تَبَيَّنَ أَنَّ هذه الأَصوَاتَ الحَلْقِيَّةَ التي لا تدلُّ بِالوضعِ فيها نزاعٌ في مذهبِ أبي حنيفةَ وَمالكٍ وأحمد، وأنَّ الأَظهرَ فيها جميعًا أنَّها لَا تُبطِلُ، فإنَّ الأَصواتَ مِنْ جنسِ الحركاتِ، وكما أَنَّ العملَ اليسيرَ لا يُبْطِلُ فالصَّوتُ اليسيرُ لا يُبطِلُ، بخلافِ صَوتِ القَهْقَهَةِ فإنَّهُ بمنزِلةِ العملِ اليسيرِ، وذلكَ يُنافي الصَّلاةَ، بل القَهْقَهَةُ تُنافي مقصودَ الصَّلاةِ أكثرَ؛ وَلهذا لا تجوزُ فيها بحالٍ، بخلافِ العملِ الكثيرِ فإنَّهُ يُرخَّصُ فيه للضَّرورةِ»(٩).
هذا، وينبغي على الإمام أَنْ يُجاهِدَ نفسَه على أَنْ يجتنبَ الحركاتِ والأصواتَ الحَلْقِيَّةَ في صلاته مهما أَمكنَه، لئلَّا يشوِّشَ بها على النَّاس استماعَهم منه الآياتِ المتلوَّةَ، لفهمِ كلام الله تعالى والاستفادةِ منه والاتِّعاظِ والاعتبارِ والعملِ به، وأمَّا الذي يَغلِبُه مِنْ ذلك ولا طاقةَ له بِدَفعِه فلا يَضرُّه؛ إذ ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَا﴾ [الطلاق: ٧].
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٤ مِنْ ربيعٍ الآخِر ١٤٤٤هـ
المُـوافق ﻟ: ٠٨ نــوفمبر ٢٠٢٢م
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
تذكير ..

📌 فوائد من مجلس شيخنا فركوس حفظه الله | ليوم ٠٦ رمضان ١٤٤٤ هـ ..

السؤال ١: حول حكم صيغ السكنات ...
الجواب:

قال العلامة محمد علي فركوس حفظه الله:
"بالنسبة للسكن التساهمي؛ فيه ٣ أطراف، المستفيد والدولة والبنك، فالدولة تساهم بقسط إعانة للمستفيد، ويبقى يدفع للمقاول حتى ينجز سكنه، فإن لم يكن له مال؛ يبحث عن طرف ثالث (البنك)، وهذا لا يتعامل معه إلا بالطريق الربوي (قروض)، فالمنع آت من هذا الطرف، فلو قدر على دفع هذه الأقساط بقرض خارجي -خارج عن إطار البنوك- أو باستلاف مال ممن يثقون فيه، أو كان عنده مال يسدد به حتى إتمامه؛ كان ذلك جائزا.

المشكل في السكن التساهمي هو دخول البنك كطرف ثالث بقروضه الربوية، فإذا استطاع أن يحيد عن هذا ويكمل البناء بأموال أخرى أو قروض ليست ربوية أو إعانات فيكون السكن صحيحا ..

أما بالنسبة لسكنات عدل؛ فهي عبارة عن عقود تتضمن عقدين، إيجار ينتهي بالتمليك، فتضمن عقدين -شرطين-،
١- إيجار ليس فيه تمليك.
٢- تمليك يدل على أنه يستفيد منه كمالك.
كأنه قال: اعقد هذا العقد معي، وأنت تملك ولا تملك ..
- الإيجار فيه تمليك المنفعة لا العين.
الملكية: فيها تمليك العين والمنفعة.

والعلماء قالوا: إذا تضمن العقد عقدين -شرطين- فإنه يبطل، كذا قال القرافي وغيره ...

وهذه المسألة فيها ٦ أقوال لأهل العلم، بعضهم يجيز، وآخر بشروط، وآخر يمنع ... والصحيح ماذهبت إليه اللجنة الدائمة، اعتمادا على الأحاديث التي تنص على النهي عن صفقتين في صفقة (إيجار وبيع في آن واحد)، يؤجر لك فلما ينتهي وقت الإيجار يعرض عليه البيع، مثلما عليه السكن الاجتماعي الآن، إن شاء اشترى وإن شاء يبقى يؤجر، فإن اشترى كان عقدا آخر، فالسكنات الاجتماعية لا غبار عليها ...

* المخرج من هذا: إذا كان بإمكانه دفع هذه الأقساط؛ فيشتريه مباشرة، ويعطى له العقد مباشرة دون إيجار، فيصبح عقدا واحدا، سواء كتبوها عقدا بالإيجار ينتهي بالتمليك أو لا، إن قبلوا به ذلك ودفع هذه الأقساط؛ فأرجو أن يصح هذا العقد لأنه صار مالكا ..

كذا من لم يكن عارفا للحكم، أو عرف من خلال الأقوال الأخرى -من الستة المذكورة سالفا- ، ثم تبين له بعد حصوله واستفادته  أن القول بالمنع أولى وأرجح، ففي هذه الحال إما يدفع، وإن لم يستطع وكانت حاجته ملحة، فإذا استمر أرجو له الحصول على هذا السكن حلالا زلالا، لكن تبقى بعض التبعات؛ فكان حريا به أن يسأل قبل الدخول في هذه المعاملة، لقول الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإنما شفاء العي السؤال)."
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«الطعن في ذوي الفضل، والقدح في فيهم، سبيل أهل الزيغ والضلال، لأن الطعن في حملة الدين هو طعن في الدين».

🔗 الإرشاد إلى مسائل الأصول والاجتهاد صـ71

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

"القَدَرُ لا يمنع العملَ ولا يُوجِبُ الاتِّكالَ، بل يُوجِبُ الجِدَّ والحِرْصَ على الأعمالِ الصالحةِ".

🔗 الفتوى : ٢٧٨

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

« المرأة إذا عمِلت أنفقَت ‏وإذا أنفقَت تَرجَّلت ولا يُمكن لِرجُلين أن يعيشا تحتَ سقفٍ واحد».

🔗 المجالس الصباحية

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«مشروعية الرقية تستوجب تحقيق معايير معلومة تظهر في الوجوه الاتية:

① الوجه الأول: تجريد الرقية من الشركيات.

② الوجه الثاني: خلو الراقي من الصفات القادحة في الدين و العدالة، فلا يجوز طلب الرقية من ساحر أو كاهن أو عراف أو منجم أو رمال أو نحوهم ممن يدعون علم شيء من المغيبات.

③ الوجه الثالث: وضوح الرقية في عباراتها و معانيها، وفي هيئتها، أي: أن تكون صافية من كل العبارات المنهي عنها.

وقد نقل ابن حجر رحمه الله إجما ع العلماء على جواز الرقى عند تحقق اجتماع ثلاثة شروط:

(1) أن تكون بكلام الله أو بأسمائه و صفاته.

(2) أن تكون باللسان العربي أو بما يعرف معناه من غيره.

(3) أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى.

④ الوجه الرابع: اعتقاد عدم تأثير الرقية بذاتها استقلالا في رفع البلاء، ودفع المضار، و الشفاء من الأسقام، وإنما يكون تأثيرها بتقدير الله تعالى».

🔗 المنية في توضيح ما أشكل من الرقية.

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
قال الشيخ #محمد_فركوس حفظه الله:

«مَنْ سبَّ الوقتَ وقبَّح الزمنَ وذمَّ الدهرَ فقَدْ سبَّ الفاعلَ وهو اللهُ تعالى» .

🔗 الفتوى رقم: ٧١٥

لَا تحذف ولَا تُضف 🧷
www.tg-me.com/a9wal_ferkousse
#جــديــــد

السؤال :

أحدهم يستحلّ منك حيث قال عنك كلاما ثم عرف أنه ظلمك بهذا ..

الجواب:

"على كل؛ هي بحسب ردّه:
إن قال أنا لا أسمع لفلان؛ ويعتقد الأعلميّة في غيري فله ذلك، لأن العلماء يختلفون في المجتهدين هل هم على قدر سواء عند العوام؟!
بمعنى: هل يسأل واحدا يكفي؟! للآية: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون} الآية، وهؤلاء المجتهدون بالنسبة للمقلّد هم أهل الذّكر ..
هذا مذهب الجمهور بالنسبة للعامة؛ سواء سأل هذا أو هذا؛ فيجوز له ذلك.

أمّا الإمام أحمد وابن حزم، وغيره .. قال لا يجوز له في البلد إلا أن يسأل الأعلم، ويُعرف -الأعلم- عن غيره بالشّهرة، وبتعيين بعض الفقهاء له، ويُبيّنون مكانته .. فيعرفه العاميّ هذا.

إذن فيه خلاف بين أهل العلم في هذا، فابن حزم وأحمد ومن وافقهم .. يقولون أنّه لا يجوز أن يسأل إلا الأعلم، للآية، وأهل الذّكر ليسوا على قدر واحد، فالعامي يسأل الأعلم.

في مادة علم أصول الفقه موجودة هذه في باب الاجتهاد .. هل المجتهدون على نفس المستوى عند المستفتي؟!
خلاف عند أهل العلم.

إذا ظهر له أن فيه أعلم بأماراته وأدلّته، وبما يعرف الرجل .. نعم، لكن إذا قال أن هذا غير موجود، فهذا أمر آخر ..

الرّاجح عندي الأخذ بالأعلميّة، وهو -أي الأعلم- ربّما موجود في الحجاز، أو في أيّ وطن آخر .. لا يستطيع أن يصله، فهو في حكم المعدوم.
ويمكن أن يكون أعلم في مادة -علم- ناقصا في أخرى، فالقول هذا صحيح من جوانب، وغير صحيح من أخرى ..

إذن تصحيح مثل هذه الأمور في من يأخذ عنه ومن يدع؛ لابد له من توجيه سليم حتى يفهم الأمر.

لا يقدح في الشخص إن قال: آخذ من هذا ولا آخذ من هذا .. لكن أن يرميه بأشياء وتُهم فهذا لا يجوز، كأن يقول أنّه متعصّب، ولا يأخذ بالدّليل .. فهذا فيه قدح فيه ..
أما أن يقول: آخذ بالأعلم فلا بأس، شرط أن يكون صادقا في ذلك ..

تجد ربّما عالما في مسائل الصلاة أو غير ذلك .. لهذا قالوا المفتي الأكمل أولى من الناقص أو المتجزّئ، فيمكن أن يكون الاجتهاد بالجزء ..

الجمهور يرَون أن الاجتهاد حالة، ممكن تجد من يعرف أصول المواريث مثلا، فعند عرض مسألة في المواريث تجده فقيها ..

أمّا الشّوكاني وغيره؛ قالوا: لابد أن يكون مجتهدا في الكلّ، لا في مسألة أو باب ..

فالجمهور وابن القيّم ومن وافقهم قالوا: يجوز أن يكون مجتهدا في باب دون باب، والمجتهد في الكلّ أولى، والأعلميّة في جميع الأبواب لا في واحد.

المتفنّن في باب يمكن أن يعرف الجزئيات الّتي لا يعرفها الآخر فيه، وقد تجد في النّهر ما لا تجد في البحر، فتجد جزئيات لم يكن مطّلعا عليها صاحب العلوم الواسعة يعرفها الّذي تعمّق في هذا الباب.

في الجملة: صاحب الأعلميّة يكون في كلّ المسائل، فالعلوم مرتبطة مع بعض، ولا علم إلا بالكليّات.

تتكلّم في باب العبادات، أو المعاملات الماليّة مثلا، وغيرها .. فتجد أن لها علاقة بالمواريث، والجنايات، وغير ذلك .. فالّذي يكون محدودا في باب واحد لا يعرفها كلّها، ويعرفها الّذي يكون جامعا للعلوم ..

إذا أحسّ هذا أنّه تعدّى بالكلام؛ عذره مقبول، وأنا لا أعتبره قدحا أو طعنا، فنشعر دائما أن في أنفسنا نقصا، ففيه من هو أعلم منّا في مسألة، أو باب، أو غيرها .. فهو بحسبه .."



الجزائر في:  ٢٨ مِنْ ذي الحجة ١٤٤٥ﻫ
المُــــوافـــــق ﻟ:  ٤يوليو ٢٠٢٤م
غدا أو بعد غد يدخل شهر الله المحرم، وهو أحد الأشهر الحرم، يستحب الإكثار فيه من الصيام.
فقد أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَرْفَعُهُ، قَالَ: « سُئِلَ -أي النبي صلى الله عليه وسلم- أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟
فَقَالَ: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ ».
وفي رواية عنده: أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ ».
لماذا قال شهر الله، والشهور كلها لله؟
قال أبو عبيد: أراه قد نسبه إلى الله، وقد علمنا أن الشهور كلَّها لله، ولكن إنما يُنسب إليه تبارك وتعالى كل شيء يَعظُم ويَشرُف، فهذه الإضافة على جهة التعظيم له، وذلك أن الله جعله حراما، لا يحل فيه قتال، ولا سفك دم، وفيه عاشوراء. انتهى
في حكم صيام شهر الله المحرَّم
السؤال:
هل يُشرَعُ صيامُ شهرِ مُحرَّمٍ كُلِّه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فَقَبْلَ الجوابِ على سؤالكم فينبغي التنبيهُ على خطإٍ شائعٍ في إطلاق لفظِ «محرَّم» مجرَّدًا عن الألف واللَّام؛ ذلك لأنَّ الصوابَ إطلاقُه معرَّفًا، بأَنْ يقال: «المحرَّم»، لورود الأحاديث النبويَّة بها معرَّفةً؛ ولأنَّ العربَ لم تذكر هذا الشهرَ في مقالهم وأشعارهم إلَّا معرَّفًا بالألف واللام، دون بقيَّة الشهور؛ فإطلاقُ تسمِيَتِه إذًا سماعيٌّ وليس قياسيًّا.
هذا، وشهر المحرَّم محلٌّ للصيام؛ لذلك يُستحَبُّ الإكثارُ مِنَ الصيام فيه؛ لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»(١).
ويتأكَّد استحبابُ صومِ عاشوراءَ وهو اليومُ العاشرُ مِنَ المحرَّم لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ»(٢)؛ وصيامُ عاشوراءَ يكفِّر السَّنَةَ الماضية لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاء، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»(٣)؛ ويُستحَبُّ أَنْ يتقدَّمَه بصومِ يومٍ قبلَه وهو التاسعُ مِنَ المحرَّم؛ لحديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ ـ إِنْ شَاءَ اللهُ ـ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ»»، قَالَ: «فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»(٤)، وفي روايةٍ: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ»(٥)؛ كما يُستحَبُّ له أَنْ يصوم يومًا بعده وهو اليومُ الحادي عَشَرَ لِمَا رُوِيَ موقوفًا صحيحًا عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما مِنْ قوله: «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاء، وَخَالِفُوا [فيه] اليَهُودَ، صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا»(٦)؛ قال الحافظ ـ رحمه الله ـ: «..صيامُ عاشوراءَ على ثلاثِ مَراتِبَ: أدناها: أَنْ يُصامَ وَحْدَه، وفوقَه: أَنْ يُصامَ التاسعُ معه، وفوقَه: أَنْ يُصامَ التاسعُ والحادي عَشَرَ»(٧).
وجديرٌ بالتنبيه أنَّ شهرَ اللهِ المحرَّمَ يجوز الصيامُ فيه مِنْ غيرِ تخصيصِ صومِ يومِ آخِرِ العامِ بِنيَّةِ توديع السَّنَةِ الهجريَّة القمريَّة، ولا أوَّلِ يومٍ مِنَ المحرَّم بِنيَّةِ افتتاح العام الجديد بالصيام، باستثناءِ ما ذُكِرَ مِنْ تخصيص عاشوراءَ ويومَيِ المخالفة فيهما لليهود؛ ومَنْ خصَّص آخِرَ العامِ وأوَّلَ العامِ الجديد بالصيام إنما استند على حديثٍ موضوعٍ: «مَنْ صَامَ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ ذِي الحِجَّةِ وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنَ المُحَرَّمِ، فَقَدْ خَتَمَ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَافْتَتَحَ السَّنَةَ المُسْتَقْبَلَةَ بِصَوْمٍ؛ جَعَلَ اللهُ لَهُ كَفَّارَةَ خَمْسِينَ سَنَةً»(٨)، وهو حديثٌ مكذوبٌ ومُختلَقٌ على النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم؛ قال أبو شامة: «ولم يأتِ شيءٌ في أوَّلِ ليلة المحرَّم، وقد فَتَّشْتُ فيما نُقِل مِنَ الآثارِ صحيحًا وضعيفًا وفي الأحاديثِ الموضوعة، فلم أَرَ أحَدًا ذَكَر فيها شيئًا؛ وإنِّي لَأتخوَّف ـ والعياذُ بالله ـ مِنْ مُفْتَرٍ يختلق فيها»(٩).
فلا يُشرَع ـ إذن ـ في شهر المحرَّم ولا في عاشوراءَ شيءٌ إلَّا الصيام؛ أمَّا أداءُ عُمرةِ أوَّل المحرَّم، أو التزامُ ذِكرٍ خاصٍّ أو دعاءٍ، أو إحياءُ ليلةِ عاشوراءَ بالتعبُّد والذِّكر والدعاءِ، فلم يَثبُت في ذلك شيءٌ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن التابعين الكرام؛ قال صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(١٠).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٠٤ مِنَ المحرَّم ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١١/ ٠١/ ٢٠٠٨م
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
استقبلوا عامكم بروحٍ وثَّابةٍ، واجتنبوا حسرة التأسُّف على ما فات، فإنَّها تُضعف النَّفس عن العمل لما هو آت.

غرّة شهر المحرم ١٤٤٦
📝 الشيخ صالح العصيمي
الدُّعَاءُ
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: «فَالعَارِفُ يَجْتَهِدُ فِي تَحْصِيلِ أََسْبَابِ الإِجَابَةِ مِنَ الزَّمَانِ وَالمَكَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلاَ يَمَلُّ وَلاَ يَسْأَمُ، وَيَجْتَهِدُ فِي مُعَامَلَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ وَقْتِ الشِّدَّةِ، فَإِنَّهُ أَنْجَحُ، فَالوَاجِبُ النَّظَرُ فِي الأُمُورِ، فَإِنْ عَدِمَ الإِجَابَةَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ إِمَّا لِعَدَمِ بَعْضِ المُقْتَضِي أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ فَيَتَّهِمُ نَفْسَهُ لاَ غَيْرَهَا، وَيَنْظُرُ فِي حَالِ سَيِّدِ الخَلاَئِقِ وَأَكْرَمِهِمْ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَيْفَ كَانَ اجْتِهَادُهُ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ وَغَيْرِهَا، وَيَثِقُ بِوَعْدِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، وَلْيَعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمَّى» [«الآداب الشّرعيّة» لابن مفلح: (1/ 149)].
الموقع الرسمي للشيخ فركوس حفظه الله
2024/10/01 16:40:04
Back to Top
HTML Embed Code: