Telegram Web Link
المرأة في مشروع الصماد لبناء الدولة

كتبت/ سعاد الشامي
_______

لطالما بحثت الحياة عن العظماء الذين تكون لهم البصمات القوية والأدوار الفاعلة في وضع المشاريع لاستخلاف الانسان عليها وعمارتها ؛ وعظمة الدور البشري في قيادة معركة الحياة لا تأتي تلقائيا فهي غالبا ما تكون منحة آلهية و مكافأة سماوية تتوج مطاف البناء الروحي وتكلل خطوات البناء المادي في تكوين الثائرين والأحرار.

في التاريخ الإنساني المعاصر يعد الرئيس الشهيد صالح الصماد سلام الله عليه أسطورة من أساطير العظمة والرقي والعطاء ؛ لأنه الإنسان الذي يعجز البيان عن نقل حقيقته ويقصر الفكر في وصف أبجديته ؛ فهو من خريجي مدرسة القران الكريم التي أعاد وضع مداميكها حسين العصر ؛ تلك المدرسة التي صنعت العظماء في زمن الانحدار ؛ وأثمرت الأبطال في زمن الضعف والإنكسار ؛ وتبنّت الرجال في زمن الارتجال ؛ وأعدّت القادة الأحرار في عصر التبعية والإرتهان . فكان الصماد رجلاً بحجم وطن . وقد توفرت فيه كل خصائص القائد العسكري والسياسي العبقري والخبير الإداري والمستشار الاقتصادي والأخصائي الأجتماعي ؛ لذلك كان نعم الرئيس لشعب يعيش في أحلك الظروف وأشدها سوادا وبؤسا ؛ وقد قادها قرابة عامين بقوة شخصيته وعظمة أخلاقه وسعة ثقافته ورصيد خبرته وكفاءة قيادته وإتساع مداركه وشمولية معرفته لكل مجالات الحياة . ونجح نجاحا باهرا في قيادة الوطن ؛ وتأسيس أركان قوية لتعزيز الصمود وتقوية مواجهة العدوان الإجرامي والإنطلاق نحو بناء الدولة اليمنية العادلة وحلم اليمن المنشود بالإستقرار والنهوض عبر تأسيسه لمشروع أسماه: "يد تبني ويد تحمي" .

وما كان للشهيد الصماد عليه السلام أن يطلق مشروع إستراتيجي بهذا الأسلوب القوي الذي يحفظ سيادة الوطن ويجسد معاني التعاون والتآلف بين أفراد المجتمع دون الإهتمام بالمرتكزات الرئيسية التي سيتوقف عليها البناء النهضوي ونجاحه بوصول اليمن إلى حيث المجد والقوة والانتصار والعزة وبالتالي لم تكن المرأة بإعتبارها مكون اساسي وشريك فعال في المجتمع أن تغيب عن تصور ورؤية الشهيد الرئيس الصماد رضوان الله عليه لمشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة .

فلقد إهتم الصماد سلام الله عليه بدور المرأة اليمنية العظيم في بناء المجتمع القوي في كل المجالات والذي برز بشكل مُشَرِّف خلال فترة العدوان بمواقف وتضحيات مقدسة قل نظيرها في أي مكان آخر ؛ فنظر إليها بعين الشكر والتكريم والتقدير المصاحب لجهودها الجبارة والجوهرية ؛ ومن منظور الشراكة الملزمة لها بالمزيد من البذل والعطاء في كل المجالات المتاحة أمامها سوى كانت علمية أو عملية ؛ ثقافية أو سياسية ؛ والتي تفرضها المسؤولية الدينية والوطنية والإنسانية الملقاه على عاتق الجميع في التصدي لهذا العدوان السافر الذي يستهدف الجميع بلا استثناء.

ولذلك نجد الشهيد الصماد سلام الله عليه يصف المرأة اليمنية بقوله " المرأة اليمنية أثبتت أنها النموذج الأرقى والأنصع على تاريخ البشرية " وكان ذلك أثناء لقائه ببعض القيادات النسوية من مختلف المكونات السياسية ؛ لم يقلها الصماد يومها من باب المجاملة أو رفع المعنويات ولكنها كانت حروفاً صادقة جسدت سلوكيات المرأة اليمنية على واقع مظلومية جائرة لوطن جريح يتعرض لأبشع عدوان في تاريخ البشرية .

لقد نظر الشهيد الرئيس الصماد للمرأة اليمنية من منطلق ثقافته القرانية ومنهج آل البيت عليهم السلام والتي فيها الزهراء عليها السلام وزينب الكبرى والصغرى ورقية وسكينة عليهن السلام وهن يجسدن الكمال في القيم الإنسانية والوعي الثوري والعطاء الاسري ونظر إلى المرأة اليمنية من إرث تاريخه الوطني من خلال بلقيس وأروى بنت أحمد باعتبار إمكانياتها القيادية والريادية والإدارية . ونظر رضوان الله عليها للمرأة اليمنية من واقع ما تقدمه اليوم من صمود وثبات وعطاء في مواجهة العدوان السعودي الامريكي فكان لابد من أن يحتفي بها ويشدد على دورها ويؤكد على مكانتها كشريك أساسي وفاعل في مشروعه الوطني الرائد : "يد تحمي ويد تبني" .

فسلام الله على روح الشهيد الصماد وسلام على المرأة اليمنية المجاهدة والمعطاءة.
الوهابية جبهة التضليل الديني

كتبت/ سعاد الشامي
_______

التضليل الديني أو إغواء الناس بإسم الدين سياسة من سياسات الباطل في مواجهة الحق ، وكان إبليس هو أول من مارس سياسية التضليل الديني ضد الانسان وذلك عندما حز في نفسه ما آل اليه حال آدم وقد سكن الجنة وصار يتمتع بما فيها من كل ما تشتهي الأنفس ، وتلذ الأعين ، بينما هو مطرود من رحمة الله ، ومبعد عن الجنة ، فقرر وهو يتربص بآدم وزوجه النكاية بهما مستخدما الخطاب الديني ( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا ) جاعلاً من ذلك مدخلاً لحملة الاغواء الأولى؛ ومستخدما الإغراء بالصفة الملائكية بما فيها من عبادة خالصة لله ووسيلته لذلك التضليل .

ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم ما زال التضليل الديني الإسلوب الأكثر إستخداما في غواية البشر وإقعادهم عن صراط الله المستقيم والوسيلة الأنسب لتحقيق الأهداف الجوهرية التي تدور حولها حيل ومكائد الشيطان وهو من توعدهم بالغواية، ليشاركه اليوم ذات المهمة أولياؤه من اليهود و الأمريكان ومن والاهم من المسلمين والذي قال الله فيهم ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السَّبِيلَ (النساء-44) ، فالإنسان بطبيعته متدين وبفطرته يميل الى الإيمان ، لذلك استمروا في التزييف للكتب السماوية والتحريف للشرائع الآلهيه في كل الأمم البشرية ، ولذلك كان لا بد للنظام الاستكباري العالمي البريطاني الأمريكي وبرغم كونه نظام علماني إمبريالي أن ينزع القداسة والكرامة الإنسانية ، فكان لزاما عليه وهو يسعى الى تحقيق هدفه في الهيمنة العالمية واستعمار الشعوب اللجوء الى وسيلة التضليل الاولى بإستخدام الدين ، وما كان ليتحقق له ذلك إلا بعملية اختراق وتسلل إلى عقول وقلوب الأمة عبر منظومة يتحكم بها من داخل الأمة التي تحمل لواء الدين وترفع الشعارات الاسلامية لتقوم بعملية التضليل ؛ فتبدأ بتفريغ الرسالة السماوية من القيم السوية وتنتهي بعملية التعبئة الخاطئة ، وقد نجح في ذلك عن طريق إنتاج الوهابية كجماعة لا مذهب لها ولا مرجعية معتمدة وتقديمها للمسلمين بصورة مزخرفة بالمال ومسميات جذابة بالمظاهر وهي في الحقيقة حصان طروادة وفي داخله الضلال .

فاليوم ونحن في نهاية العام الرابع ودول العدوان تمارس على يمن الإيمان أبشع الجرائم الإنسانية وتنتهك حرمة النفس البشرية بفتاوي وتبريرات علماء الوهابية وباساليب تضليلة شيطانية ، بثت سمومهما بين الشعوب العربية والإسلامية حتى استساغ لهم مثل هذا الإجرام ورضوا لأنفسهم بذل الصمت المقيت ، بعد أن تفرغت مشاعرهم من الإحساس بمظلومية الشعب اليمني!

قد تكون هذه السياسية هي الأقل تكلفة والأسرع مفعولا بالنسبة لهم، ولكنها سياسية الجبناء وملاذ العاجزين ، وهي التي أجزم الله بفشلها بقوله (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (التوبة_32) ، فكلما تفنن علماء السوء في إلباس الحق بالباطل وأصابوا أفئدة الناس بالعمى وأبعدوهم عن ملامسة الحقائق الساطعة ، كلما سطع نور الحق السماوي وكشف زيف إدعاءتهم، وعرّى خبايا السوء المتغلغة في ثنايا صدورهم، وظهروا أمام العالم بتلك الصور المقززة.
إنتصار السياسية الإنسانية
كتبت_ سعاد الشامي
_______

تمادت دول العدوان في غيها وأوغلت في إجرامها ؛ وتمعنت بالتفريط بحرمة النفس البشرية وتهاونت بالدم اليمني وفرطت بكل القيم الإنسانية ؛ وتبين إصرارها على استخدام كل الأساليب التي تزهق الأرواح وتهلك النفوس.

كان محمد بن سلمان قد سمع دعوة البيت الأبيض بشن العدوان على اليمن والتي يعتبرها النظام الأمريكي في العصر الحاضر العائق الأقوى في وجه مشروعه الإمبريالي المتخصص باستعباد شعوب الأرض ونهب ثروات العالم؛ فتهيأ بن سلمان لتلبية هذا النداء الأمريكي وجاشت في نفسه نزعة الحقد والإنتقام المتغلغة بالصدور الوهابية والمتوارثة عبر حكام آل سعود؛ واختلجت في فؤاده عوامل الشوق لإعادة هذا الشعب مجددا إلى وصايته بعد أن تمرد على عيش الذل والخنوع .

ولكن كان هذا المطلب بعيد المنال بالنسبة لليمنيين الأحرار وأتجهت أنظارهم إلى الله ليسندهم ويحميهم مما أثقل كاهلهم من الظلم والآلام ؛ فيهيء لهم مدارج النور ويفسح أمامهم طريق الجهاد والدفاع المقدس وهم يمتلكون حق عدالة القضية ودلائل المظلومية ، وهم أولي البأس الشديد وذوو النفوس الكريمة التي أشربت عزة الله ، فأيدهم بقوته وسحقوا أطماع الغزاة وهزموهم عكسريا في كل الجبهات وكان آخرها معركة الحديدة التي أعدوا لها أعظم قوة برية وجوية وبحرية، فنالوا هذه الهزيمة النكراء التي ذاع صيتها وأنتشر وكاد يسد الأفق.

وبعد أن ضاقت مسالك الحسم العسكري أمام الأعداء وصغر شأنهم في أعين الشعوب ، عمدوا إلى الجانب السياسي عساهم يسجلوا بعض نقاط الانتصارات على طاولة المفاوضات ، ولكن هيهات أن تدنس الشمس غبار ثائر ، أو يحط من قدر الأحرار التسهيلات الإنسانية التي لا تمس بقداسة الوطن، ولو تسلل إلى خلجات نفوس مرضى القلوب بأن تلك التسهيلات تعد ضعفا وعجزا!

إن من لا يفقهون إلا سياسية الكراسي والنفوذ وسياسية القتل والدمار لن يلامسوا الحقيقة الرائعة بانتصار القيم الإنسانية والتي هي سياسية انصار الله منذ البداية فمن يتتبع تنازلاتهم في كل مرحلة يجد بأنهاكانت تصب في قالب مساندة المواطن اليمني المكلوم والتي كان المغفلون يسارعون بختمها بطابع الضعف ولكان سرعان ما ينقلب السحر على الساحر لتكون هي العاصفة الهوجاء التي تقوض عروش الظلم وتجز رؤوس الاستبداد.

لقد أنتصر الأنصار إنسانياً وسياسياً وعسكرياً ولو كره المرجفون ، ولم تتفتح بصائرهم وانكروا طلوع الشمس في وضح النهار فهذه حقيقة لا يدركها إلا الراسخون في ملكوت الأضواء الإنسانية ، وهيهات لعبد كليل الرأي ، حقير الشأن ، لاحول له ولاقوة إلا التمسح بإذيال الأعداء ، أن تنقشع عن روحه تلك السحابة المظلمة ، ويتسرب إلى قلبه شعاع من الحق المبين.
قولوا عني حاقدة أو ماشئتم من القول لايعنيني!!

أنا بنت اليمن آمنت بأن وطني كعبة قلبي فأسكنت فيه نبضي ووجهت مشاعري نحوه وطافت حوله كل خلايا روحي مرددة لبيك يايمن..

ماحملت في قلبي شيئا من الحقد لبشر إلا لأعداء هذا الوطن..

احب كل أبناء وطني ولايهمني إلي اي حزب ينتمون او اي مذهب يعتنقون او اي لقب يحملون مادام حب الله والوطن يجمعنا!!

وهذا الحب النقي حجب عني كل سبل الخبث والكراهية والتعصب التي تعيش وتعشعش بداخل الكثير!!

أدركت أن وطني في خطر مع أول قصف لطائرة يقودها جبان ليقصف منازل الأبرياء!!

أدركت أن وطني في خطر منذ تكالبت وتحالفت عليه قوى الإجرام العالمي تحت مسمى الإنقاذ والمحبة وهي ترمي علينا صواريخ القتل وتدهن أرضنا بالدماء!!

أدركت أن وطني في خطر حين رأيت بأم عيني أهداف العدوان في تلك المجازر اليومية والدمار الكلي للبناء !!

أدركت أن وطني في خطر ودول العدوان تحاصر أبنائه في لقمة عيشهم وتقطع عنهم كل مصادر الدخل والبقاء!!

أدركت أن وطني في خطر وهناك الآلاف من أبنائه الخونة الذين رميت لهم لقمة عار كما ترمى بقايا العظام للكلاب فجثموا على أقدام سلمان الرجيم أذلة جبناء !!

أدركت أن وطني في خطر وأنا اتابع مشاهد الذل والاحتلال في المناطق التي يسموها المحررة وقد غاب عنها محور الفداء!!

أدركت أن وطني في خطر ودول العدوان تنثر بذور الحقد والكراهية وتشعل فتيل الفتن الداخلية بشتى المكائد وأصناف البلاء !!

أدركت أن وطني في خطر وهناك من أنقلب بين عشية وضحاها ليدعو إلى الاقتتال الداخلي و مازالت طائرات الأعداء تلهو في سماء بلادنا لتصنع في كل بيتا مأتما!!

أدركت أن وطني في خطر والسلاح المفروض توجيه إلى الاعداء يوجه إلى صدور الاخوة والشركاء !!

أدركت أن وطني في خطر وقد أصبح الاعداء أحبة أشقاء وقد حذفت جرائمهم وبيعت دماء الشهداء!!

أدركت أن وطني في خطر وأنا استمع إلى الخطاب الوطني في حضرة جنازة العزة والاباء !!

أدركت أن وطني في خطر ودول العدوان تؤيد وتبارك وتدعم قرار سفك الدماء!!

أدركت فضل الله على وطني بفشل آخر مخطط فحمدته ومافرحت إلا بوأد الفتنة وقهر تحالف الأعداء!!

#سعاد الشامي

# من الأرشيف
5/12/2017
دكتاتورية الإرتزاق الحمقاء

كتبت/ سعاد الشامي
___________

تتدفق صور الحقارة البشرية على مجرى السنين وتزخر بها الأوراق السوداء من صفحات التاريخ ؛ لتستحوذ حروف الذم في زمننا الحاضر وعصرنا الحديث على أولى تلك الصفحات الملطخة بوحل الإنحطاط حد القتامة بما يمثله المرتزقة اليوم ؛ والكتابة عن هذه الفئة من اليمنيين اليوم ، والذين تحولوا إلى خلايا إرتزاقية متورطة في صناعة المآسي اليومية وتدمير البنى التحتية وتمجيد إنجازات الطواغيت الوحشية وإشباع رغبات عشاق الجريمة بالكثير من أنهار الدماء وجثث الأبرياء من أبناء وطنهم!

وللأسف يسلك المرتزقة دروب الخيانة وهم لا يدركون بأن هذه الإجراءات هي خطوات الشيطان التي تحجب عنهم سبل الوعي والإدراك وتجلب لهم الدمار الكلي لكينونتهم البشرية وفطرتهم الإنسانية حتى يتحولوا إلى أمساخ شياطينة وكائنات غريبة معطلة وفارغة من كل المحتويات القيِّمة والمعطيات الإيجابية.

وهنا تكتسح صور التعجب والاستغراب لوحة المشهد العام والمدى اللامتوقع الذي وصل اليه المرتزقة وذلك في أعين الكثير من أبناء الشعب اليمني الأحرار ممن لم تدنس مبادءهم الوطنية برجس الخيانة تجاه تلك المواقف المقززة التي يتباهي بها عتاولة الإرتزاق من أبناء جلدتهم وبدون إدراك منهم لما وصلوا إليه من حالات السقوط المتهاوي والإنحطاط الفاحش وتتوالد تلقائيا العديد من التساؤلات ..

فكيف لمرتزق إمتلاك جرأة التغني بحب الوطن وهو يرتمي في أحضان من دمروه ويقتات من فضلاتهم بما يكفي لبيع وطنيته وكرامته وعزته في مزاد الخزي والعار ؟!

وكيف لمرتزق أن يتحدث عن إستقلال وسيادة الوطن وهو المرتهن العبد الذليل الذي أباح بلاده بجوها وبرها وبحرها ورمي بنفسه في مستنقع المهانة لتدوسه أقدام الغزاة ذهابا وإيابا ؟!

وكيف لمرتزق أن يتحدث عن شرف الوطن وهو الذي تنازل عن شرفه وسافر إلى بلاد أخرى ليقبض ثمن الهتك والإستباحة ؟!

وكيف لمرتزق أن ينسب نفسه إلى وطن هان عليه وجحد فضله وهو الذي ولد فيه وترعرع وتربى في شوراعه وحاراته وأكل من خيراته وتعلم في مدارسه وجامعاته ؛ ليمد يده بخنجر الغدر ويطعنه في خاصرته بينما يده الأخرى تمتد لتصافح الأعداء وتساندهم في احتلال الوطن ؟!

ومهما أستقرت كيف في مضمار تساؤلاتنا ستبقى المفارقات والتناقضات ترافقها في كل مساراتها واتجاهاتها ؛ ففي دكتاتورية الإرتزاق لن نرى إلا فاقدي الصواب من المغفلين و الحمقى ؛ المختومة قلوبهم بطابع الذل ؛ والمأسورة عقولهم في دئراة الجمود ؛ والمغطاة أبصارهم بغشاوة الحقد والكراهية؛ والذين لن يشملهم قانون العفو الوطني ولن يسقط عن كاهلهم جرم الخيانة ولن تكف أرواح الشهداء عن ملاحقتهم.
القلق الأمريكي المهزوم

كتبت/ سعاد الشامي
___________

يحكى أن هناك حرب شريرة الأهداف سوداء النوايا ؛ تم إنتاجها في "البيت الأبيض" بعد تعمق طويل ودراسة ممنهجة في مجال القتل والدمار واختراع ما يناسب بشاعتها من عدة وعتاد .

وبعد تلميعها ووضع آخر لمساتها الشيطانية تم تقديمها إلى ملوك وأمراء العهر والإجرام ليحملوها بين جنباتهم ويدفعون لها الكثير من الأموال الطائلة والجهود الجبارة ؛ ليصبحوا عبيدا لها وتحت أمرتها ؛ يثملون منتشين بدماء الأبرياء ويرقصون معا على الجثث والأشلاء !

ولسوء حظ أمريكا أنها بذلت قصارى جهودها وصدرت أخبث طرق تكتيكاتها وأرسلت أحدث ترسانة أسلحتها لتحط رحالها على بلاد عرف عنها بأنها أسطورة من أساطير الصمود السرمدي والذي طالما عجز البيان عن نقل بطولاتها وقصر الفكر في وصف تضحياتها..

فاليوم تكتشف أمريكا حجم الورطة الملقاة أمام مطامعها ويعتريها القلق ليس القلق المزيف الذي صرح به وزير دفاعها وأنما قلق الهزيمة والخوف من مقاييس القوة التي أصبح يتمتع بها أحرار اليمن.

فهل تعتقدون بأن الجلاد يقلقه ويهمه أمر الضحية المأساوي ؟!

لا وحرمة كل قطرة دم يمنية سفكت ظلما وغدرا ..إن ما يقلق أمريكا اليوم هو أن عصاها لم تعد تفي بغاية الضرب وأن اليمنيين أصبحوا يمتلكون عصا قوية ستكسر حتما عصا إجرامهم في أي لحظة .

فأمريكا تعلم جيدا بكل المؤهلات والقدرات التي يتميز بها أهل اليمن عن غيرهم كأنها كانت مطمئنة وراكنة إلى مبدأ الوصاية الخارجية والذي كان من أهم أولويات النظام السابق والذي ضمن تجميد كل هذه القدرات لتبقى اليمن دولة ضعيفة ومنكسرة ومستهلكة لا تفقه سوى مد يدها إلى الخارج وبذلك سهل الضحك على أبنائها والسيطرة على خيراتها وعقد العزم على إحتلالها!!

وعندما تلاشى من اليمن نظام الوصاية والإرتهان للخارج أدركت أمريكا خطورة الوضع من خلال النهوض الذي سما إليه حال اليمنيين فسارعت إلى شن عدوانها وضرب اليمن بيد تحالف النعاج المستعربة على أمل القضاء على مكامكن القوة فيها وإرجاعها إلى كنف الذل والضعف والإنكسار.

ولكن يا ترى هل خطر ببال أمريكا عندما شنت عدوانها بأن الأمور اليوم ستنعكس سلبيا على إرادتها وإن جرائمها في اليمن ستصنع العظماء في زمن الانحدار ؛ وتثمر الأحرار في زمن الإرتهان ؛ وتظهر القوة اليمانية في زمن الضعف والانكسار ؛ وبإنها ستقف هكذا قلقة تدعو غيرها إلى وهم إيقاف حربها في مغالطة واضحة لذاتها وخساراتها المدوية؟!
عدسة الإعلام الحربي

كتبت/ سعاد الشامي
_______

دع عنكم تلك العدسات الكاذبة التي تتكفل بقلب الصور في استديوهات سماسرة الإعلام المنحرف ليفبركوها ويظهروها للعالم معكوسة الحقائق ؛ تلك العدسة التي يظل مصورها يتردد في اختيار الزاوية التي يلتقط منها صورة مائلة يستغفل بها عقليات الناس ويغذي شغف الطغاة للجثث .

فالإعلام ليس كما يتصوره البعض بأنه عبارة عن آلة تصوير فائقة الدقة وذات تقنيات متقدمة في إنتقاء الألوان ؛ وشخصيات كارزماتية تتقن فن تشخيص الأحداث بما تملكه من مواصفات المكر والدهاء المتناسبة مع منافعها المادية!!

الإعلام بحد ذاته هو رسالة إنسانية هدفها التعبئة الروحية والتوعية الفكرية للمجتمعات على مبادئ ورؤى المصداقية والوضوح للوصول إلى الأهداف السامية ؛ ومثل هذه الرسالة تحتاج في تقديمها إلى سلامة الأدوات واستقامة الأداء وطهارة الممارسة فليس من العقل في أن يتوسل الإنسان بأدوات كاذبة للوصول إلى معرفة الحقيقة!!

وفي خضم هذا العدوان البربري على وطننا شنت علينا حربا إعلامية نكراء لا تقل وحشيتها عن تلك العسكرية ؛ ولكن سرعان مافشلت أبواقها في تسديد أهدافها بصناعة نصر مزيف وباتت قنواتها كالاضرحة التي شيدت لتأبين الإنسانية بذريعة الاحتفاء بها!

وفي حين كانت عدسات الطغاة تسعى إلى تلميع القتل والدمار كهدية منقذة للشعب اليمني وتنسج انتصاراتها من خيوط الوهم؛ كانت عدسة الإعلام الحربي تطلق فلاشات مصداقيتها في تخليد الأساطير الجهادية التي رسمت هذه اللوحة البطولية المذهلة والتي عكست بأس اليمنيين المعهود وشموخهم المحمود.

كانت وما زالت عدسة الإعلام الحربي خير رفيق لفرسان الوغى وليوث الكرى ؛ وهم يجوبون رؤوس التباب وشواطئ السواحل وفيافي الصحاري لمنازلة الطغاة والمعتدين تمجيدا منهم للحرية والكرامة وفي أسمى معايير الرجولة وبسالة الفروسية في مواجهات الرخويات الزاحفة.
.
أكتسبت هذه العدسة عظمتها من عظمة تلك المشاهد التي تلتقطها بروح العزيمة التي لاينطبق عليها قانون الخضوع ؛ وبحنكة المهارة الفريدة في اجتياز كل جسور التحديات والمواجهات ؛ وبنفس القدرة الخارقة لتمزيق الصعوبات والمخاوف من كل الجهات.

ثمة عدسة كهذه بمهنيتها الصادقة وصورها الواقعية يجب علينا مطالعتها مطالعة جيدة ويصبح لنا عليها حق الفرح والبهجة ؛ ولها واجب إطلاعنا على تفاصيل التنكيلات الدائمة والإنتصارات المتوالية وكل الأحداث العظيمة التي سيكتبها التاريخ عن ثمار العطاء ولذة النصر ونعيم الاستقلال وشموخ السيادة ونفحات العز ؛ ليدرسها الأحرار على طاولة الإرادة التي لا تنكسر.
هل تعلم ؟!
كتبت_سعاد الشامي
_________________

هل تعلم أن المراهق السياسي هو من لم يرفعه حب الوطن إلى جبهات الدفاع والشرف بل رفعه إلى فنادق الخمسة نجوم؟!

هل تعلم أن عديم الاخلاق هو من عجز عن أشهار سلاحه في وجه عدوه وتجرد أمامه عاريا من كل قيم الرجولة ؟!

هل تعلم أن المفلس هو من حول ولاءه الوطني إلى أوراق مصرفية بالبنوك الخارجية ؟!

هل تعلم أن المنحط هو الوفي للمعدة والجيب والخائن لله والوطن والإنسان ؟!

هل تعلم أن المعتوه هو من استباح الأعداء وطنه وقضوا على بنيته التحيتة بالتدمير الممنهج وقتلوا أبنائه بالقصف السافر وأغتالوا اقتصاده بالحصار الجائر ومازال للعام الرابع محايد مشلول الإرادة والتفكير ومشرد بين الاختلالات المتناقضة ؟!

هل تعلم أن الناقص هو من كرامة جيبة مصانة وكرامة نفسه ووطنه مهدورة ؟!

هل تعلم أن السافل هو من جعل لسانه مزمار للشيطان يرقص على أصداها فوق جثث الأبرياء ؟!

هل تعلم أن المريض المستعصي علاجه هو من تعشعش في كريات دمه فيروسات التعصب والحقد والكراهية التي تتلف قلبه وتميت مشاعره ؟!

هل تعلم أن المغفل هو من ينسج أوهامه من منظومة منتهية الصلاحية ويطمح للتحرر والسلطة وهو يصفق للغازي ويقبل يد المحتل ؟!

هل تعلم أن مأساة الإنسان لاتقاس بظروفه الصعبة بل بكونه بعيدا جدا عن دائرة المبادئ والقيم والأخلاق ؟!
شذرات من تضحيات الأمهات

كتبت_ سعاد الشامي

الحلقة الأولى
___________

كل يومٍ وقبل أن تصحو الشمس باسطةً كفيَّها مرسلةً بنانها لتفك أزرار الليل ،وتخلع عن جسد الكون عباءة الظلمة.

هناك على سجادة الصلاة أمٌ تبسط كفيَّها إلى السماء ولسانها يلهج بالدعاء ،ومشاعرها تبكي حيث الآه ولكن دون صدى..لفراق فلذة كبدها ..
... ابنها الغائب عنها والحاضر في روحها وصدرها بقوة القضية التي تؤمن بها ويدافع عنها.

وما إن تتوهج الشمس متوجة هام السماء ؛حتى يسري شعاع الشوق بدفء عاطفة الأمومة مشعلاً حرارة الحنين في أوردة قلبها، مهرولاً بها نحو بابٍ ألِفَ طقوس حنانها، وطرقات يدها الرؤوفة كخفقان قلبها ،وطَرِبَ زماناً بنبرات صوتها المفعمة بالمحبة المنادية بُني ..صغيري .. ولدي منتظرةً صوتَ الحياة العائد إليها بإجابةٍ ثلثيها تثاؤب .. ولكنها هذه المرة تستسلم ؛ليأسها من سماعه .. فتحطم جدار الصمت ،وتزيح جمود الباب مندفعةً إلى مهد الحنين ... لتسارع إلى فتح الدولاب وإحتضان ذلك الثوب الذي تفوح منه رائحة ابنها عساه يسوق شوقها المبلل بشذاه إلى مرساة الأمان وكأنها تقول له: كن لي ثوب يوسف وكف عن قلبي حراب الغياب !

تروض مشاعرها الفطرية لِتمتطيها وتشدُّ رحالها إلى ذلك السرير المهجور؛ تتحسس فيه بقايا دفء ابنها الغائب ..تبحثُ عن طيف ابنها في كل شبرٍ من بيتها وقلبُها يحتضر أمام وحشة غيابه ولا يوجد قانون في الكون بإمكانه أن يحلَّ ويفسر مشاعر الأم المفتقدة لابنها ... تبكي بحرقة الأمومة المعهودة ... ثم ما تلبث أن تستجمع قواها وهي تستذكر قول الله تعالى:{ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا.} (النساء-74). تهدأُ قليلا فيزورها سنا آية أخرى : { انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ.} (التوبة-41). فتنزح روحها إلى ضفاف الطمأنينة فيمر ببالها طيف آية ثالثة :- { إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (التوبة'39) . فتستقر في بساتين اليقين ويذهب خوفها على حياة ابنها الفانية برعبها من مصيره لو ظل عندها في الحياة الدنيا .. فيهون في عينها غيابه ويستمرأ قلبها ابتعاده ...

فهل تعتقدون بأن عاطفتنا أصابها إعياء شديد فشاخت وترهل فيها الاحساس ؟؟

لا...... والذي حقن عروق الأمهات بإبرة الحنان وغرزها بوريد العاطفة؛ فإن مشاعرنا أرتقت وزاد طهرها وبلغت ذروة الإيثار وأصبحت بمستوى أن تضحي لتعم الجميع .

هل تعتقدون بأننا لانخاف عليهم؟ لا يشغل بالنا حالهم؟ جاعوا ؟عطشوا ؟ناموا ؟أصابهم برد أو مرض ؟ أصيبوا ؟جرحوا ؟ إستشهدوا !!! آه ولكننا عندما نتذكر أن كل ذلك في سبيل الله ونتذكر أن الشهداء أصبحوا أحياء عند ربهم ...نصبر ونحتسب وننتظر بشرى الصابرين على أمل أن يكون لنا معهم في جنة الخلد موعدا.

هل تعتقدون أننا لا نبكِ من فرط الحنين إليهم؟؟!!!

نبكي ولكننا نحبس دمعة الحنين عندما نسمع صرخات أم أخرى تبكي إبنها المدفون تحت الركام .. وعندما نسمع صرخات الإستنقاذ والإستنصار لأخرى تبكي شرفها المهدور وعرضها المستباح..

نبكي وفي دواخلنا وطن يبكي.
"شذرات من تضحيات الأمهات "

كتبت _سعاد الشامي

الحلقة الثانية
___________

حكايا الذكريات ...
.بين النهار والليل ثمة مجريات كثيرة ومعطيات عديدة وأمٌ تحمل فوق رأسها حزمةَ الحنين وروحها تتأرجح بين جبال الشجن ، لا تهدأ لوعتها حتى تتساقط من عينيها دموع لا تراها عيون المكان ، ولا تجففها مناديل الزمان، ولكنها تتسلل وتغلغل إلى القلب ، وتمر بين الدماء كماءٍ يغتلي ، يحرق العروق ويجعل نبضها في حالة من الخفقان الثائر ..

كل ذلك وما زالت تحصن نفسها بالتجاهل ، وتدعي اللامبالاة ، وتراود ساعات النهار بجدول أعمالٍ مزدحمة تطويها سريعا ، وتغالبها قبل ان تغلبها ، وترمي بها على حافة الوحشة ؛ مغلولة بقيد الفقد ومأسورة في متاهات الإنتظار !!

وما إن تغيب الشمس ، ويحل المساء ؛ حتى تتوهج الأشواق المتقدة تحت رماد الغياب ؛ فتهرب الأم إلى فراشها وتنتظر أن تغط بالنوم ، ولكن سرعان ما يصل قطار الذكريات ؛ ليحملها في طريقه نحو أسفار حنينٍ شاق بين قاع الوجدان وآفاق الفقد لتبدأ الذاكرة باستعراض صور ابنها المجاهد منذ صغره ؛ فيضل النوم طريق جفونها ، وتظل عيناها تراقب توالي تلك المحطات وهي تمرُّ من أمامها بسرعة انتقالٍ خاطفة ، وبطء ظلالٍ قاتلة !!

صورة طفلها المولود وهي تحمله في حضنها لأول مرة، والسعادة تغمرها، والقبلات تسيل من ثغرها ، بعد أن فاقت من سكرات المخاض ، وبدأت فصول حياةٍ جديدة من عمرها ك(أم) ، وفجأةً ترافقها صورة مولودٍ آخر مزقتْ جسدهُ طائراتُ الحقد والإجرام وفصلتهُ عن حضن أمه وحنانها.

صورة طفلها الرضيع عندما يجوع ، ويظل يبكي ويرفض السكوت حتى ترضعه وتسقيه حليبها، وسرعان ما ترافقها صورة طفلة رضيعة تبكي وتحتاج إلى حليب أمها ؛ ولكن نيران القصف الرجيم أحرقت أمها وحولتها إلى جثة متفحمة!!

وصورة طفلها عندما تذهب به إلى منزل آخر ، ويظل يهمس في أذنها هيا ماما نعود إلى بيتنا ، تباغتها صورةُ طفلٍ نازح يبكي و يطلب من أمه العودة إلى منزلهم الذي هدمته صواريخ الأعداء وأردته ركاما.

وصورة طفلها عندما يأكل وجبته المفضلة بشغف وهي تستمتع وتضحك من منظر تناوله لها ، وفي الحال ترافقها صورة طفل يعض على أنامله من الجوع و أمه تحضنه وتبكي لأنها عاجزة أن تمنحه رغيف الخبز المفقود.

وصورة طفلها وهو يحمل العابه ويطوف بها أرجاء المنزل ، تختطفها من أمامها صورة طفل يبحث عن بقايا العابه بين أكوام الركام.

وصورة طفلها عندما يمسك أطراف عباءتها وهو يبكي بحرقة ويرغب باللحاق بها والخروج معها ، ترافقها صورة الطفل سميح وهو يبكي على جثة والده الذي قصفته طائرات ال سعود في مراسم عرس ويتمسك بها ويمتنع عن مفارقتها.

وصورة طفلها عندما تلبسه الزي المدرسي وتودعه للذهاب إلى المدرسة، ترافقها صورة أشراق الطفلة التي أستهدفتها شظايا الصواريخ وبترت قدمها والقتها مع حقيبتها شهيدة على حافة الطريق .

وهكذا تظل صور ذكريات ولدها المجاهد تتوالى أمامها مترافقة مع صور المظلومية الجائرة التي ترتكبها قوى العدوان بحق أبناء وطنها المكلوم حتى تسمع صدى آية قادمة من خلف تلال الحنين تقول لها {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا }(النساء-75 ). فينشرح صدرها وهي تتذكر تلبية أبنها لهذا النداء الرباني ونجاحها في زرع تلك القيم العظيمة التي جعلت ابنها مجاهدا ...
.
شذرات من تضحيات الأمهات

كتبت_ سعاد الشامي

الحلقة الثالثة
___________


حكايةُ المساء...

ما إن تنتهي الشمسُ من لملمة اشعتها ؛حتى يحمرّ شفقها في ساعةِ الغروبِ ، معلناً ساعة رحيلها ؛ فتتأهب الارضُ لارتداءِ ثوب السواد ، ويستعدُ صدرُ السماء لإحتواء القمر ؛ ليستعين به على عتمة مساء وباطلالتهِ على وحشة الظلام ، الذي يسارع يوميا الى فتح صفحةٍ جديدة من مساراتِ الحنينِ اللامتناهية ، مع أم المجاهد الصابرة... وهي تحفرُ أوجاعها سراًّ في حوائط الليلِ، وتلملمُ عاطفتها المتناثرةَ على أرصفةِ الغيابِ ، وتذيبُ شمعةُ قلبها لتنير بها مساءاتِ الآخرين ، تتالمُ بصمت ؛ ليفوز الأخرون بنعمة الأمان والسلام .

يا لها من أم !.. لطالما كانت تنتظرُ حلولَ المساء بكل شغف ؛ فهو من يجمعها بعد ساعات مقيلِ آو جلسات مذاكرة مع ابنها، المساء الذي تنعم فيه بأوقاتٍ طويلة تحت سقفِ حنانها وحنينها وبرهِ وطاعته.

حين يدنو المساءُ وما إن تسمعُ طرقاتٍ متتالية على الباب حتى يتجلى لها أن الطارق ابنها، فتهرعُ لتؤثثَ على ذراعيها ملاذا له ولسانها ينادي " حياااااا بفلذة كبدي" ...

كانت تعدُّ عدتها مسبقاً لإطعامه وسرعان ما تلبي نداء ابنها وهو يناديها :

أمي أنا جائع أين العشاء؟؟ فما يكادُ ينتهي صدى صوته إلا وقد قدمتهُ إليه.. ولكنها هذا المساء ما أن تقعد على مائدةِ العشاء ؛حتى تظل تبحثُ في وجوهِ الحاضرين عن ابنها الغائبِ والتناهيدُ تحرقُ اضلاعها ولسان حالها يقول:
ياتُرى هل تعشى؟ أم لا؟

وهل هو جائعٌ أم شبعان الآن؟؟

تستمر ساعاتُ المساء‌ وبين الامِ وابنها مسافاتُ حنين تمتدُ من الوريد إلى الوريد ، ولكن ها هو قلبُها يشيرُ إلى تمام الشوق حسب التوقيتِ المحلي لنشرة المسيرة فكل تلك الاحداثُ العظيمةُ التي يعرضها الاعلام الحربي توقدُ في قلبها مشاعرَ ثائرة.

فتتحالفُ فيها سطوةُ الحنين ،مع أيقونةُ الفخر ، وتمتزجُ دموعُ الشوقِ بدموعِ الفرح ، وهي تشاهدُ ملاحم أسطورية ؛فابنُها الذي كان يشاركُها مشاهدتها أمسى أحدَ صناعها بينما تتجاذبُ الأوجاعُ والحسراتُ عاطفتها المغلوبة على أمرها في حضرةِ تلك الجرائم البشعة والتي أوجبت عليها التضحيةَ وأوجبت على ابنها النفيرَ إلى محراب الدفاعِ المقدس.

وبما أن النومَ آخرُ محطاتِ المساءِ، وصفةٌ ملازمةٌ له فلا شيء من شأنهِ أن يجلبَ للأم شعور السعادةِ كتلك اللحظاتِ التي تمدُّ يديها لتحملَ البطانيةَ، وتلقي بها على جسد ابنها الذي يلتحفها؛ ليقي نفسهُ البردَ ثم تقبِّلهُ لينامَ ، ولكن ما أصعبها تلك اللحظات التي تحاولُ النومَ فيها ، وكلما حاولت أن تغمض عيناها داهمها تفكيرها بفلذةِ كبدها وخيالها مازال يجوبُ رؤوسَ التبابِ وشواطئَ السواحل وفيافي الصحاري ؛يتفقد حاله متسائلة هل نام ولدي؟ وإن أغمض عينه ماذا غير الأرضِ يفترشها و غطاؤه السماء ؟!

ولكن الآصعبَ من هذا كله أنه ذات مساء حلقت طائرات الحقد والإجرام ، وبسطت أجنحتها الشريرةَ على سماء بلادنا تترقب بنا العناء والشقاء والفناء ؛ فكان أول أهدافها منزلا تقطنهُ أمٌ وابناؤها لتزهقَ أرواحهم البرئية دون وجه حق! عندها هان كل شيء على القلبِ وصار سهلا ومقبولا لدى العقل عندما تذكرت قول اللَّهِ سبحانه: [قَاتلُوهُمْ يُعَذِّبهُم اللَّهُ بأَيْدِيكُمْ وَيُخْزهمْ وَيَنصركُمَ عَليهمَ وَيََشْفِ صُدُورَ قَوماً مُؤْمنينَ].

فاستجابت و قالت الامُ: أعذرني يا بُني فمجازرُ العدوان المتوحشة تطغي ببشاعتها على مشاعرِ الأمومةِ الحالمة ، وتحرجني أن أقيدك بجانبي في هذا الليل ولا أجعلك تلحقُ بقافلةِ الثائرين .

وقال الإبن:

سأذهبُ يا أمي ولقاؤك غايةُ ما أرجوه من عودتي , ورضاءُ اللهِ غايةُ ما أتمناه من دنياي .

وتلا الليلُ آياتَ الصابرين.
.
شذرات من تضحيات الأمهات

كتبت_سعاد الشامي
الحلقة الرابعة
___________

حكايةُ الجمعةِ ..
كلما هبَّت نسائمُ الجمعة، وفاح أريجها ؛مالت معها غصونُ الحنين المتدليةِ من قلب أم مجاهد تعتصرُ خفقاتها من الفقد، وعاطفتُها المكلومة تترنحُ على قارعةِ وريدها ، تجولُ وتجوب وتغوصُ في تفاصيل هذا اليوم المبارك بأحاسيس لاتنضبُ وأشواقٍ لاتتعب وحبٍّ سرمدي للابن والوطن معا ، تتوهُ بأعماقهِ مدياتُ الخيال ويقهرُ في كل صولاتهِ هجماتَ المحال.

المشاعرُ الصادقة توقظُ الحنينَ كلما كاد يغفو ، وتعزز الذكرى التي تعيد الإنسان إلى لحظة الحقيقة ذاتِها ، وبما أن مشاعر الام هي الأكثرُ مصداقية ؛ فليس غريبا عليها أن تظلَّ تبحثُ عن طيفِ ابنها الغائب عن عينيها والحاضر في وجدانها مع كلِّ ساعةٍ تمرُّ من يوم الجمعةِ، وفي كل لحظات طقوسها المعتادة ؛فتضع قلبها على رفِّ الصبر، وتأخذ نفسا عميقاً لتقول لكم:

في مثل هذا اليوم كنتُ أجهَّزُ ثيابِ ابني منذ المساءِ أغسلها وأكويها وأطويها على رف الدولاب ؛ فما إن تشرق شمسُ الجمعة ويسارع ابني إلى الاغتسال ؛ حتى يخرجُ ليجدها جاهزةً فيلبس ثوبهُ الفاخر ويتأنقُ ويتجمَّل ويتعطرُ ويتجهزُ إلى الذهاب إلى الجامعِ دون تأخير.

في مثلِ هذا اليوم كان بني يتشرطُ عليَّ وجبةَ الغداء الشهية ، ويحدد رغبتهُ فيما تشتهي نفسهُ من الحلوياتِ التي تليها ؛فهو عيدٌ للمسلمين ، ويوم أجازةٍ للجميع؛ يجتمع فيه كلُّ أفراد الاسرةِ تحت سقفِ بيتٍ واحد وعلى سفرةٍ واحدة .

في مثلِ هذا اليوم كان بني يعود من صلاة الجمعة ؛ فيسارع للسلام عليَّ وتقبيل رأسي وهو يهمسُ في أذني" جمعةٌ مباركة يا نور عيني " فيتوسع بؤبؤُ قلبي وتهلهلُ أساريرُ وجهي محاولةً حبس دمعةَ عيني ولكنَّها سرعان ما تهطل في صوتي حين أرد عليه "ويبارك الله لي فيك يا حبة قلبي" .

في مثلِ هذا اليوم كنتُ أخرج مع ابني في رحلةٍ ترفيهية إلى الحدائق والمنتزهاتِ ؛ نقضي فيها ساعاتٍ من الفرح والمرح ؛لنعود إلى البيت وقد رسمنا على وجه هذا اليوم الكثيرَ من الإبتسامات.

في مثلِ هذا اليوم يتبادلُ الناسُ الاتصالاتِ الودية ،ويتهادون رسائل التهاني الأسبوعية ِوأنا أحملُ هاتفي؛ أظل أبحثُ بين الرسائلِ عن رسالةٍ نصية مكتوب فيها أمي ،وأبحثُ في سجلِّ المكالمات عن رقمٍ مكتوبٌ عليه ابني ، ولكن دون جدوى ، ومع ذلك أكرر ضربُ الرقمَ مراتٍ عديدة مع يقيني بأنه في كل مرة سيرد َّ مغلق أو خارج نطاق التغطية، وأستمر بكتابة رسائل مباشرة ، وأنا على ثقة بأنها لن تُقرأ إلا لاحقاً ؛ فما يحمله ابني الان وما يشغلهُ عني أكبر وأهم بكثير من حمل الهاتف .


كلناُ ندركُ أن يوم الجمعة يوم اجتماعٍ عائلي بنكهةٍ قدسيةٍ خاصة ، ولكن عائلتنا الاكبر (وطننا وأمتنا) أولى منا بهذهِ القدسية فلا غرو إن تحملّنا فراقَ فلذاتِ الأكباد وضبطنا إيقاعَ مشاعرنا على مقياس الصبر ؛ لتجتمع الأمةُ على أمر رشد ؛ يضمن لها حريتها وكرامتها واستقلالها، وكما أن يوم الجمعة يومٌ مبارك فضلهُ اللهُ وميزهُ على بقية الأيامِ ؛ لمكانتهِ القدسيةِ الخاصةِ به كما فضَّلَ المجاهدين في سبيله وميَّزهم على القاعدين والمتخاذلين؛ لقداسة دورهم الجهادي ؛ لذلك فمِن فضلِ اللهِ العظيمِ أن يختص أمهات المجاهدين والشهداءِ بهذهِ المبادئِ الساميةِ ، التي يصلنْ من خلالها إلى هذه المنزلة المقدسةِ من التضحياتِ وتتميز قلوبهن عن بقيةِ قلوب الأخريات.
شذرات من تضحيات الأمهات

كتبت_ سعاد الشامي

الحلقة الخامسة
_______

ما إن تحمل المرأةُ جنينها في رحمها وحتى تضعهُ يحمل قلبها في جوفه أقدسَ وأصدق عاطفة عبر مدارات الحبَّ وتقويمِ الحنان ..

لذلك ليس هناك أرقَّ وأرأف من حنايا الأم بولدها ، وليس هناك ثمة قوة قادرة على اقتلاعِ مشاعرها الضاربةِ جذورها في تربة الأمومة الأزلية ، ولايمكننا أطلاقا أن نتخيلَ أن هذه الأمَ قد تتنازل عن عاطفتها؛ مقابل إغراءاتً دنيوية، أو مكاسب شخصيةٍ ومادية، وهي التي لو ذاب لحمُها وعظمُها في حممِ بركان ؛لكان أهون عندها من أصابة ابنها بضرر، ولقد أكد الله سبحانه وتعالى على قوة علاقة الأم بابنها بقوله تعالى :{يومَ تَروْنَها تَذْهلُ كلُّ مُرْضعةٍ عمَّا أرْضَعَتْ وتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حملً حَمْلَهَا… }

أهوالُ يوم القيامةِ الشديدةِ هي وحدها ماقد تصلُ بحال الأمِ إلى هذه المنزلةِ التي تذهل عن ابنها ، وتغفو عنه في حال استحالة كهذا في حياتها الدنيوية وماكان الله عز وجل ليصفُ أهوالَ يوم القيامةِ بصفات وحالات متكررة في الدنيا.

ولكن عندما خاضت هذه الأمُ المؤمنةُ غمارَ الثقافةِ القرآنية ، وتأملت قول الله تعالى :{ قُلْ إِنْ كَانَ آباؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } عرفت أبعادَ أفكارها الجوهرية ، وتفاصيلها الإيمانية ، وواقعها المقدس ؛ عندما ربطتها مع واقع من العدوانِ الفاجر والإجرام الفاحش ، والمجازر الإبادية، والمظلومية الجائرة ؛ فأوجب عليها دينُها وضميرُها أن تتصالحَ مع عاطفتها ، وترضى بالمتاح منها ؛ لتحظى بلذة التضحيةِ ونعمة الجهاد، وتشفى من أسقام التملك وسطوة الأنانية.

عندما انطلق أبناؤنا إلى الجبهات لم ينطلقوا هروباً من ضيق الحياة ونكد العيش بيننا ؛ فقد حففناهم بأجفان عيوننا رعايةً واهتماماً وحباًّ وحناناً ، كم دللناهم بكل مانستطيع ، ورفهناهم بما بالإمكان من الرفاهيةِ ، وكم واكبنا سنوات أعمارهم بأحلامنا لمستقبلهم المزدهر ..
وكانت خطاهم وآمالنا تترافقان بانسجام ، لم نفشل في تربيتهم ، ولم يفشلوا في مراحل حياتهم ؛ لقد بذلنا معاً جهوداً كبيرة ؛ليصبحوا نماذجاً في كل شيء ، في دراستهم ونجاحهم وفي أخلاقهم في علاقاتِهم بربهم وبأنفسهم وبنا وبمن حولهم، وحتى في وعيهم بواقعهم وواقع أمتهم...
وحين كانوا كذلك تصدروا قائمةَ الأحرار الشرفاء؛ مستشعرين لمسؤولياتهم وواجباتهم تجاه ماحولهم ؛ فتصدرت مسؤوليتهم أمام اللَّهِ سُلمَ أولوياتهم تليها مسؤوليتهم تجاه أوطانهم والمستضعفين ممن حولهم…
لتفرض علينا المسؤولية التي ربيناهم عليها ألا نعيق انطلاقتهم ، وألا نضع العراقيل في دربهم الذي ارتضوا المُضيًّ فيه ، وأن نعضَّ على صخر الصبرِ والاحتساب؛ لنخفي أعاصير الحنين ، ونطفي براكين الخوف المتأصلة في فطرتنا البشريةِ والمتجذرة في شعورنا الانساني.

.
شذرات من تضحيات الأمهات

كتبت_سعاد الشامي

الحلقة السادسة

___________

حكاية العيد...

إنه زائر سعد وبشرى لطالما ترقبت قدومه الأعين والأفئدة ، وتزينت لإستقباله البيوت وسكانها ، وتوشحت فيه الأرواح برداء السعادة والسرور ..

ولكن ما الذي جعل هذا العيد مقبرة للفرح بعد ان كانت أنفاسنا تهتف به وتغني له "آنستنا ياعيد" ؟!

اليوم لم يبق من عيدنا سوى لمحات مؤلمة ؛ طائرات تحمل بداخلها هدايا غدر مليئة بشظايا القتل والدمار وعناقيد الموت والخراب ، و أجساد متناثرة تحت ركام القصف ، و ملابس ممزقة وملطخة بالدم الأحمر القاني، و طفولة تئن براءتها وتبكي أحلامها ، يا له من كعك مخبوز بوجع وفقد الأمهات ، وجيوب ممتلئة بالكثير من حلوى الثكالى على هيئة دموع وعبرات ، وأب يتقلب قهرا لمن تستصرخه أجسادهم للثياب الجديدة وثقوب جيوبه خالية من المال...

أخبروني كيف لقلوبنا أن تؤدي واجب الفرح بقدوم العيد؟!

ورائحة الدماء البريئة التي تفوح من تربة وطني تطغى على تراتيل السعادة وتسلب الحياة جمالها ورونقها.

عذرا يا عيد الأضحى ...فمشروعية فرحتك بالتضحية في سبيل الله ونحن مازلنا نضحي طوال العام ، وتمامها بتمام فريضة الحج تلك الفريضة التي تقصد فيها القلوب المؤمنة إجابة دعوة الله لتقر بعبوديتها الخالصة وخضوعها المطلق له وحده ؛ وتحرر نفوسها من شوائب الشرك والخضوع لما سواه وتعمير القلوب بالتقوى ؛ فلم يشرع الحج لجمع الثروة من خلال فرض الرسوم على ضيوف الرحمن لتحج طائرات آل سعود إلى سمائنا وتجعل من أطفالنا ونسائنا ورجالنا قرابين وأضاحي تسفك دماءها على عتبات النظام الصهيو أمريكي وفي سبيل نيل رضاه.

ولذلك لا تثريب علينا إن لم نستقبلك اليوم بالفرحة والأهازيج ففي مفردات عزتنا وكرامتنا وإبجديات تضحياتنا أن نستقبلك بنفير أبنائنا إلى جبهات الشرف والدفاع المقدس وتقديم أضاحينا من فلذات أكبادنا وأغلى ممتلكاتنا ونحن على ثقة بأن نزهتنا في مواجهتكم وفرحتنا بصد زحوفكم وحجنا جهاد في سبيل الله وكعبتنا مواجهتكم.

فلا يؤذينك ياهذا العيد سماع نشيج قلوبنا وحشرجات حنينا!!
ولا تحرقنك دمعات أعيننا كلما تغرغرت أشواقنا ؟!

ولتعذر عاطفة الأمومة في يوم عيد مثلك تأذت وأحترقت قبلك انها العاطفة التي لن تنتهي صلاحيتها ولن تهدأ مشاعرها وطيف أولادنا لا يغادرنا وهم ما بين شهيد وجريح وأسير ومرابط ولكن دماء الشهيد ستزيد من حمرة علمنا العزيز على قلوبنا وأرواح الأبرياء النقية ستزيد من بياضه وظلمة سجون الأسرى ستعتق لونه الأسود ،وثبات وبسالة وشموخ المرابط الصامد في الجبهات ستصنع سارية العلم التي سترفعه الى عنان السماء بنصر عظيم مبين ، تقر به أعيننا كما تقر برؤية أولادنا .
شذرات من تضحيات الأمهات

كتبت /سعاد الشامي

الحلقة السابعة
_________________

حكايةُ الوداع ..

كان الألمُ وحده من يتوسد قلبها ، ووحده الله من كان يسمع أنفاسَ أنينها في جوفِ الروح ، ويرى رعشة يديها وهي ترتبُ ملابسَ ابنها المجاهد داخل حقيبةِ السفر ؛ كمن يحاول ترتيب أحزانهُ في إرشيف القلبِ بعد أن بعثرتها الأشجان محاولة طردها إلى الخارج على نوتة التنهيدات .

كان لونُ وجهها يتغير أكثر من مرة في اللحظةِ الواحدةِ ودموعها مأسورة في حدقات عينيها ؛ففي قانون الصبر والاحتساب لايجوز البكاء عند توديع المجاهدين ؛ فراح قلبها يزداد خفقاناً ونبضاتهُ تسابقُ عقاربَ الساعة التي تعلن قربَ موعد الرحيل وانتهاء فترة الزيارة .

يرن الهاتفُ ويتسربُ إلى مسامع روحها صوتُ ابنها وهو يرد: "نعم ياولي الله ربع ساعة بالكثير وأنا عندكم" وفي هذه اللحظة أنتفضتْ مشاعرُها وكأنها في مناوراتٍ عاصفةٍ مع الفقدِ لايقوى القلبُ على صدها !!!

لم تكنِ المرة الأولى التي يذهبُ ابنها إلى الجبهاتِ ولكنها لاتدري لماذا في كل مرة تجردها لحظاتُ الوداعِ من روحها إلى هذا الحدّ من الشجن ؟!

ابنها... الذي لبى نداء الجهاد يحمل روحهُ على كفهِ و يسارعُ إلى توديعها وتقبيلها والسلام عليها وهو يقول: "أسندوني أمي بالدعاء فهو غاية مانحتاجه منكم" ؛ لترفع يدها إلى السماء تدعو ربها أن يحفظه لها ويحفظ كل المجاهدين، ويمدهم بنصرهِ وتأييده ،يرد عليها بنبرة الواثق بربه: "في المرة القادمة بإذن الله لن أعود إليك إلا وقد تحرر الساحل الغربي " تحاولُ أن تخفي وجعَ الوداعِ وتلطفُ الجو بشيء من المرح لترد عليه : وستكون المكافأة خطوبة حتى ولو كلفني الأمر أن أكون جدة !

هل تعتقدون بأن الأم أمام فراق ابنها قد تفكر بشيء سواه ؟!
كلا والف كلا ؛ فابنها هو أغلى ماتملك ، وعاطفتُها هي أرقى درجاتِ التجلي الروحي،
ولكنها امراة علّمتها مظلومية وطنها أن تتحاور مع عاطفتها بلغة الصبر ، وأكسبتها ثقافةُ القران حكمةَ الوعي والبصيرة ،وايقظت فيها نزعةَ التضحيةِ والعطاء.

هي امرأةٌ في بلادٍ تكالبَ عليها أعداءٌ لا يعترفون بقانون الرحمةِ ولابحرمةِ الإنسان وقداسةِ الأوطان بل جاؤوا ليدمروها وينهبوا خيراتها ويحتلوا أراضيها ويقتلوا أبنائها قصفا وتجويعا،وفي هذه المعارك المصيرية لاخيار لها إلابالتضحيةِ والعطاءِ ؛ فالعاطفةُ وحدها لاتصنعُ النصرَ ؛ بل هي تموتُ بموت الإحساس بمعاناة الآخرين وتتحول رفاتُها إلى أنانية ،وما يعاني منه أبناءُ اليمن نتيجة العدوان يشعرُها بالخجلِ على الإحتفاظ بابنها في منزلها والجبهات تنادي الأحرار .

يقولون: المآسي الكبيرة هي التي تجعلنا كباراً والواقع اليوم يقول :في اليمن تنجبُ النساءُ جبالاً
ماذا تعرفون عن .. "رياح السلام "

كتبت / سعاد الشامي

لو سمحتوا خلوا بطونكم على جنب ؛ وأعطوا لعقولكم القليل من الأهمية ودعوها تحظى بنعمة التفكير والتدبر...

ماذا تعرفون عن رياح السلام ؟!

هذا المخطط الجديد الممول سعوديا وإماراتيا والأضحوكة المقدمة إليكم بمزيد من المكر والكيد على هيئة شعارات مزخرفة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب..
هي الرياح التي تعمل على قتل الفطرة الإنسانية السليمة ؛ وإعدام الغيرة والنخوة والشهامة ؛ وتدمير القيم والأخلاق .

هي الرياح التي تود العصف بكل أحاسيس الشرف والعزة والكرامة القاطنة أعماق وجدانكم حتى تصبحوا فارغين منها ،وتفقدوا نعمة إستشعار المسؤولية بقضايا الوطن المهمة والمصيرية؛ فيستعبدونكم الأعداء بكل بساطة.

هي الرياح التي تناقض كلام الله بوجوب الدفاع عن النفس والأرض والعرض والرد على الاعتداء بمثله وتود تجريدكم من حق الدفاع الشرعي الذي يضمن لكم العزة حتى تصابوا بداء الذل في عقر داركم.

هي الرياح التي تؤلم قلوب أصحابها مشاهد تلك الملاحم البطولية التي يسطرها المجاهدين فيسعوا جاهدين لاسترجاعهم من جبهات الشرف والكرامة إلى التسكع في الشوارع والأسواق والكافيهات والمقاهي حتى يلتهوا عن حمل قضايا الأمة.

هي الرياح التي تستفزها تضحيات المرأة اليمنية المجاهدة ومدى ما وصلت إليه من الثقافة القرآنية والوعي والبصيرة التي تضمن بناء المجتمع المؤمن القوي وتود سلبها إياها لتجعلها ضائعة في مواقع النت وتائهة بين المسلسات والأغاني الساقطة والموضات والموديلات الهابطة..

هي الرياح الشيطانية التي تريدكم أن تضلوا السبيل .

هي الرياح التي تريد إطفاء نور الله.

هي الرياح التي أن وددتم التعرف عليها أكثر؛ فوجهوا أنظاركم تجاه أحداث الجنوب لتشاهدوا آثارها التي جرفت مشاعر الحرية ونثرتها في صحارى الذل وعجز أهلها اليوم عن لملمتها كلما عصفت بمدنهم رياح الإحتلال.

فهلا حميتم أنفسكم منها بغطاء الوعي وأغلقتم أمامها كل المنافذ بمفتاح الصمود.
قال الله وقالت رياحهم

كتبت/ سعاد الشامي
__________

قال الله: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (البقرة-190)

وقالت رياح السلام: ياأبناء اليمن أحبوا المعتدين؛ لا تقاتلوهم واقتلوا حريتكم وعزتكم وكرامتكم وإنسانيتكم؛ ودعوهم بسلام يحققون في بلادكم مايشاؤون ويطمحون !!!

قال الله: { فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } (البقرة-194)

وقالت رياح السلام: يا أبناء اليمن لا تعتدوا عليهم بالمثل ؛ بل امتدوا على قاع الذل واجعلوا أجسادكم جسوراً بشرية تطأوها أقدامهم ومدرعاتهم للوصول إلى مبتغى الإحتلال !!!

قال الله : { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ }(التوبة-14)

وقالت رياح السلام: يا أبناء اليمن لاتعذبوهم بقتالكم ولا تخزوهم بحمل أيديكم للسلاح في وجه إجرامهم ؛ وأشفوا غل صدورهم بجعل أيديكم وراء ظهوركم مكبلة بسلاسل الخزي والعار!!!

قال الله: { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا }(النساء-75) 

وقالت رياح السلام: يا أبناء اليمن ما لكم تقاتلون قتلة الأطفال والنساء وتدافعون عن المستضعفين ؛ تخلوا عن نزعتكم الإيمانية وقيمكم العظيمة ومشاعركم الإنسانية حتى لاتؤذيكم مشاهدة هذه الجرائم وتصبحوا خصوما للمجرمين والظالمين !!!

قال الله: {انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (التوبة-41) 

وقالت رياح السلام: يا أبناء اليمن إنفروا إلى منازلكم ؛ وتثاقلوا عن رفد جبهاتكم ؛ ولا تنفقوا أموالكم ولا تجاهدوا أعدائكم ؛ فالله يريد لكم الخير بالجهاد ونحن لا نريده لكم !!

قال الله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)  تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }(الصف-11)

وقالت رياح السلام: يا أبناء اليمن هل ادلكم على تجارة ناعمة تلقيكم في عذاب أليم ؛ تجرح إيمانكم وتفسد أخلاقكم وتدمر قيمكم وتضرب هويتكم اليمانية ؛ تلك هي الشر المهديء منا لكم إن كنتم تعلمون !!!

قال الله: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} (البقرة-214)

وقالت رياح السلام : يا أبناء اليمن حسبكم جنة الدنيا ؛ لا تصبروا على البأساء والضراء ولا تترقبوا مكأفاة الصابرين في الحياة الأخرى ؛ يكفيكم أن تتمتعوا بشهواتكم وتشبعوا رغباتكم وتستلذوا بشرب كؤؤس الذل والمهانة في الحياة الدنيا !!!

قال الله: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ}(الأنفال-60)

وقالت رياح السلام: يا أبناء اليمن سلموا سلاحكم ولا ترهبوا عدوكم وتجرحوا مشاعره بتصنيع السلاح ؛ ودعوه يقصفكم ليلا ونهارا ويكفي أن تعدوا لصواريخه الإبتسامة وترفعوا شعار "بسمتي سلاحي "!!

قال الله : {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} (القصص-5)

وقالت رياح السلام: يا أبناء اليمن نريد لكم الذل والهوان الخزي والعار ونجعلكم المنبطحين !!

قال الله:  {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (النساء-87) 

وقالت رياح السلام: ومن أكذب منا حديثا وأمكر منا قولا ؟!!
لحظة أيها المرتزق !!

كتبت_ سعاد الشامي
__________
أكثر من أربعين شهرا مرت من عمر عدوان التحالف الإجرامي علينا وعلى وطنك ..

لكنك لم تغضب بل أيدت !!

أرتكب العدوان بقصفه الهستيري ابشع المجازر وأشنعها من جرائم الإبادة الجماعية التي سقط فيها عشرات آلاف الأطفال والنساء والرجال وأحترقت أجسادهم وتمزقت وتناثرت أشلاؤهم في كل ناحية واتجاه.

لكنك لم تغضب بل صفقت !!

أنتهكت قداسة الوطن ودمرت بنيته التحتية بمنازلها ومرافقها وطرقها وأسواقها ومدراسها ومصانعها وكل منشأتها..

لكنك لم تغضب بل حرضت !!

أعلن الحصار الجائر وأغلقت المنافذ البرية والبحرية والجوية وأرتفعت المعانات وزادت المجاعات ونفذت العلاجات ...

لكنك لم تغضب بل بررت!!

انتهكت الأعراض واستباحت الحرم وخطفت النساء ودنست المقدسات الإجتماعية ..

لكنك لم تغضب بل رحبت !!

ولكن عندما غضب الأحرار من أبناء الشعب اليمني من هذه الجرائم وأنطلقوا إلى جبهات الدفاع المقدس يصدون الجحافل ، وينكلون بالمجرمين في كل جبل وتل وفي كل سهل وصحراء ، وينسفون الأبراج ، ويحرقون الأبرامز ، والهمر والبرادلي والطقوم ، ويقصفون بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة مواقع العدوان وأهدافه العسكرية والاقتصادية ، ويستهدفون البوراج ، ويدمرون الزوارق ، ويقهرون الأمواج ، ويذودون عن السواحل ، ويسطرون أعظم ملاحم البطولة والفداء..

فقط لهذا غضبت أيها المرتزق المنافق ، وبكيت دماء ، ولطمت وشقيت الجيوب ، وزاد غمك ، وأقمت المأتم وندبت بالتمائم ، وتأججت نيران الحقد في صدرك، وضاقت عليك الأرض بما رحبت !!

هل أدركت الآن مدى الوضع السافل والمنحط الذي وصل إليه حالك وأنت تمرغ دينك و وطنيتك وإنسانيتك في وحل العبودية والخيانة لتستحق بالمال المدنس غضب الله ويمنحك شهادة الخزي والعار في الدنيا وفي الآخرة يسكنك الدرك الأسفل من النار.
الصمت المريب

كتبت_سعاد الشامي
___________

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم؛ وهذه النعمة لم تقتصر على الهيكل الخارجي وحسب ؛ أو على نعمة العقل والتدبر فقط ؛ بل كانت نعمة الإحساس، وهي أجمل مقومات الإنسان والشاهد الأول على كينونته والتي لو فقدها لأصبح مجرد قطعة شكلية ؛ ركيكة التركيب ؛ فاقدة المشاعر ؛ منزوعة الهوية الإنسانية..

فالإحساس هو نعمة سماوية ؛ له ملكية خاصة تعتلي عرش القلب ؛ وتنساب في شغاف الروح ؛ وله مشاعر صادقة وجامحة تنساق بولاء المحبة والإهتمام والمواساة والمساندة للآخرين؛ والتي تترتب على آثارها خوض هذه الحياة وفق المقاييس الكونية السليمة..

وكان من المفترض إنسانيا أن جريمة واحدة من الجرائم المروعة التي أرتكبتها وترتكبها قوى التحالف العدواني بحق أبناء الشعب اليمني وللعام الرابع وبتلك المشاهد الوحشية كفيلة بتحريك أحاسيس هذا العالم المنافق ؛ نحو إستعادة بصيرته المفقودة ؛ ومراجعة حساباته البشرية ؛ ليقف بمصداقية على وقائع هذه الجرائم اللإنسانية ليقول للمجرمين كفى..ولكن للأسف وفي كل مرة كان يسدل الستار على فظاعتها ويجاوب وحشيتها بالصمت المريب!

فما الذي سلب الناس نعمة الإحساس ؟!

وما الذي أفقد الجوراح إتزانها لتتحول إلى مستبد شيطاني يصدر مشاعر مشوهة ومواقف متعفنة ؟!

وما الذي هدم صروح الفطرة الإنسانية وأحرق مبادئها النقية وأنتهك عرض أخلاقها السامية ؟!

فما هو السر الذي يجعل الإنسان يلوذ بصمته اللئيم ، ولا تنصت مشاعره إلى مظلومية جائرة رغم مايضج منها من مجازر يومية تذيب الصخور الصماء ؟!

فاليوم وبعد مجزرة أطفال ضحيان الملطخة بدم البراءة المقصوفة والتي شقت أضلع الطفولة وعرت أهداف العدوان الحقيقية ؛ فهل بإلامكان إذابة صخور القلوب القاسية وصهر جليد المشاعر المتجمدة قليلا لتتغير المواقف السلبية وتؤدي الإنسانية واجب الإحساس بالآخرين ؟!

أم أنها ستبقى مأسورة خلف دائرة الريال السعودي والدولار الأمريكي، محتجزة بأحكام العمالة والإرتهان ، مدمنة للصمت والكتمان ؟!

ويبقى أطفال اليمن يصرخون :

"إنصهري يا جبال الصمت .."
ما رأيته في السبعين

كتبت_سعاد الشامي

===============
رأيت في السبعين طوفانا بشريا لامجال لإيقافه ولا سبيل لتغيير مساره ، أفواجه المتدفقة جرفت أحلام الواهمين بالعودة الى صنعاء على دبابات ودولارات وأحقاد وأطماع دول التحالف الشيطاني لمدة ثلاثة أعوام وألقت بها إلى غياهب اليأس ومزبلة الخزي والهزيمة .

رأيت في السبعين جبالا من رجال وسيولا من النساء ، وجميعهم لهم أرواح ثائرة جامحة صادقة تحلق في سماء الحرية ولهم عزائم لاينطبق عليها قانون الإنكسار تمتلك قدرة خارقة لتمزيق المخاوف من كل الجهات ومهارات إجتياز كل جسور الصعوبات والمعانات لتصل إلى حيث العزة والشموخ والحياة الكريمة.

رأيت في السبعين لوحة فنية مذهلة عكست أصالة اليمنيين وعنادهم المحمود وشموخهم المعهود وعبرت عن موروثهم التاريخي والفكري والفني والثقافي وقد تنوعت فيهم الزوامل ودخلت عليهم القصائد معروضة أمام لوحة بشرية أخرى هي ثامن الدهشات ، في إعجازها روائع هيئت وبنيت وطرزت وصممت بحرفية التاريخ وإبداع الانسان في شكل جذاب عابق الأطياف متنو الفئات احتوى جميع مناطق اليمن.

رأيت في السبعين رئيسا حضوره يتألق بسناه الضوء وكلماته المحنكة الصادقة تردم شروخ القلوب المكلومة وترتق ثقوب الأرواح المفجوعة وترسم الإبتسامة على شفاه شاخت حزنا و ألما وجورا وشبت كلماتها شموخا وعزا ومازالت كلمات الرئيس تبلسم أوجاع الوطن الجريح بمبادرة الحماية المتكاملة والبناء المستمر.

رأيت في السبعين فارس الشعراء وقد روض لغته الفريدة وحمل جعبته الأدبية وأمتطى صهوة الكلمات يهجم بإنتفاضة الحرف الثائر مكامن الأعداء وسياط لسانه تجلد ظهورهم وتعري وقاحة أهدافهم وتؤجج في أرواحنا أعظم ملحمة للصمود.

رأيت في السبعين صورايخا باليستية أخرى تنطلق من حناجر ثورية تقذف بنيرانها مسامع الإعداء تقض مضاجعهم وتزلزل أفئدتهم وتشعل بصدورهم الرعب والخوف وتبتهل بنصر الله.

رأيت في السبعين علما واحدا ترفعه أيادي موحدة معتزة بحمله صادقة في حمايتها للوطن والنظام الجمهوري غير قابلة للسقوط أو الإرتزاق أوالمبايعة أو المقايضة تمسك بقووووة بيمن مستقل ويمن مستقر .

رأيت في السبعين ثمة نصر آت يتلالأ كأنعكاسة نور على وجوه الحاضرين ندخل عبره إلى حياة جديدة كل ماقبلها من آفات الوهن والهوان والتبعية والوصاية زائلة ومابعدها من مقومات القوة والعزة والكرامة والرخاء والتقدم والرقي سرمدية دائمة لاتزول...
2024/09/28 15:26:51
Back to Top
HTML Embed Code: