Telegram Web Link
قال الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ في الزُّهدِ ( ٢٣٥ ): حدَّثنا أبو مُعاويةَ، حدَّثنا ليثٌ، عن عُثمانَ، عن أبي العاليةِ قال: قال لي أصحابُ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "لا تَعمَلْ لغَيرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فيَكِلَكَ اللهُ إلى مَن عملتَ له".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ورواه هنَّادٌ في الزُّهدِ ( ٨٥٥ )، وأبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ في المُصنَّفِ ( ٣٨١٢١ ) بنفسِ الإسنادِ والمتنِ.

ورواه أبو نُعَيمٍ في الحِليةِ ( ٢ / ٢٢٠ ) من طريقِ أبي بكرِ بنِ أبي شيبةَ، عن أبي مُعاويةَ، به.

وهذا إسنادٌ فيه لينٌ؛ ليثٌ -وهو ابنُ أبي سُلَيمٍ- فيه ضعيفٌ.
وعثمانُ هو الطَّويلُ، صاحبُ أبي العاليةِ.

وأبو العاليةِ هو التَّابعيُّ الجليلُ الإمامُ المُقرِئُ الحافظُ المُفسِّرُ رُفَيعُ بنُ مِهرانَ الرِّياحيُّ البصريُّ.
أدركَ زمانَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وهو شابٌّ، وأسلمَ في خلافةِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، ودخل عليه، وصلَّى خلفَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ.
روى عن: أُبَيِّ بنِ كعبٍ، وعليِّ بنِ أبي طالبٍ، وحُذَيفةَ، وابنِ مسعودٍ، وأبي برزةَ، وأبي مُوسى، وأبي أيُّوبَ، وثوبانَ، وأبي هُرَيرةَ، وابنِ عبَّاسٍ، وابنِ عُمَرَ، وأبي سعيدٍ الخُدريِّ، وأنسٍ، وعائشةَ، وغيرِهم.
قال ابنُ أبي داودَ: "ليس أحدٌ بعد الصَّحابةِ أعلمَ بالقُرآنِ من أبي العاليةِ".

ورواه أبو بكرِ بنُ أبي الدُّنيا في التَّوكُّلِ على اللهِ ( ٣٨ ) وفي الإخلاصِ والنِّيَّةِ ( ٥٥ ) من طريقِ جريرٍ، عن ليثٍ، عن أبي العاليةِ قال: اجتمع إليَّ أصحابُ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالوا: "يا أبا العاليةِ، لا تعملْ عملًا تُرِيدُ به غيرَ اللهِ، فيجعلَ اللهُ ثوابَكَ على ما أردتَ، ويا أبا العاليةِ، لا تتَّكِلَنَّ على غيرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فيَكِلَكَ اللهُ إلى مَن اتَّكلتَ عليه".
قال أبو بكرِ بنُ أبي الدُّنيا في "الشُّكرِ" ( ١٠٧ ): حدَّثنا الجَرَويُّ، ثنا الحارثُ بنُ مِسكِينٍ، أنا ابنُ وهبٍ، ثنا عبدُ الرَّحمنِ بنُ زيدِ بنِ أسلمَ، قال: قال ابنُ المُنكَدِرِ لأبي حازمٍ: ما أكثرَ مَن يلقاني فيدعو لي بالخيرِ، ما أعرِفُهم وما صنعتُ إليهم خيرًا قطُّ.
فقال أبو حازمٍ: لا تظنَّ أنَّ ذلكَ من قِبَلِكَ، ولكن انظر إلى الذي جاءَكَ ذلك من قِبَلِهِ فاشكُرْهُ.
وقرأَ ابنُ زيدٍ: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ورواه أبو نُعَيمٍ في "حِليةِ الأولياءِ" ( ٣ / ٢٣٣ ) من طريقِ ابنِ أبي الدُّنيا، عن الحسنِ بنِ عبدِ العزيزِ الجَرَويِّ، به.

ورواه ابنُ عساكرَ في "تاريخِ دمشقَ" ( ج٥٦ / ٦٢ ) من طريقِ يُونسَ بنِ عبدِ الأعلى، عن ابنِ وهبٍ، به.

وهذا الإسنادُ رجالُه ثقاتٌ، ما عدا عبدَ الرَّحمنِ بنَ زيدِ بنِ أسلمَ؛ فإنَّه ضعيفٌ.
اللَّهُمَّ اغفِرْ لأبي هُرَيرةَ ولأُمِّه!

قال الإمامُ البُخاريُّ في الأدَبِ المُفرَدِ ( ٣٧ ): حدَّثنا مُوسى قال: حدَّثنا سلَّامُ بنُ أبي مُطِيعٍ، عن غالبٍ قال: قال مُحمَّدُ بنُ سِيرِينَ: كُنَّا عندَ أبي هُرَيرةَ ليلةً، فقال: "اللَّهُمَّ اغفِرْ لأبي هُرَيرةَ، ولأُمِّي، ولِمَنِ استغفرَ لهما".
قال لي مُحمَّدٌ: فنحنُ نستغفرُ لهما؛ حتَّى ندخلَ في دعوةِ أبي هُرَيرةَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا إسنادٌ بصريٌّ صحيحٌ، رِجالُه ثِقاتٌ.
وموسى هو ابنُ إسماعيلَ، أبو سَلَمةَ التَّبُوذَكيُّ البصريُّ.
وغالبٌ هو ابنُ خَُطافٍ القطَّانُ البصريُّ.

قولُه: "قال لي مُحمَّدٌ": القائلُ هو غالبٌ القطَّانُ، ومُحمَّدٌ هو ابنُ سِيرِينَ.

وقد كان أبو هُرَيرةَ بارًّا بأُمِّه رضي اللهُ عنهما.

وقال أبو هُرَيرةَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ادْعُ اللهَ أن يُحَبِّبَني أنا وأُمِّي إلى عبادِه المُؤمِنِينَ، ويُحَبِّبَهم إلينا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اللَّهُمَّ حبِّبْ عُبَيدَكَ هذا وأُمَّهُ إلى عبادِكَ المُؤمِنِينَ، وحبِّبْ إليهم المُؤمِنِينَ".
قال أبو هُرَيرةَ: فما خُلِقَ مُؤمِنٌ يسمعُ بي، ولا يراني إلَّا أحَبَّني.
وفي روايةٍ: واللهِ ما خلقَ اللهُ مُؤمِنًا يسمعُ بي، ولا يراني إلَّا أحبَّني.
وفي روايةٍ: فما خلقَ اللهُ مُؤمِنًا يسمعُ بِي، ولا يراني، أو يرى أُمِّي، إلَّا وهو يُحِبُّني.

قلتُ: فمَن يُبغِضُ أبا هُرَيرةَ رضي اللهُ عنه؛ ففي إيمانِه شيءٌ.
قال ابنُ خلِّكانَ في الوَفَياتِ ( ٤ / ١٦٦ ) من ترجمةِ الشَّافعيِّ: "وقد اتَّفقَ العُلَماءُ قاطبةً من أهلِ الحديثِ والفِقهِ والأُصولِ واللُّغةِ والنَّحوِ وغيرِ ذلكِ على ثِقَتِه وأمانتِه وعدالتِه، وزُهدِه وورَعِه، ونزاهةِ عِرضِه، وعِفَّةِ نفسِه، وحُسنِ سِيرَتِه، وعُلُوِّ قدرِه وسخائِه".
فائدةٌ:


قال الإمامُ الذَّهبيُّ في آخرِ كتابِه ديوانِ الضُّعَفاءِ (ص ٤٧٨): "وأمَّا المجهولونَ من الرُّواةِ؛ فإن كان الرجلُ من كبارِ التَّابعينَ أو أوساطِهم، احتُمِلَ حديثُه، وتُلُقِّي بحُسنِ الظَّنِّ إذا سلم من مُخالفةِ الأُصولِ، أو ركاكةِ الألفاظِ.
وإن كان الرجلُ منهم من صِغارِ التَّابعينَ، فيُتأنَّى في روايةِ خبَرِهِ، ويختلفُ ذلك باختلافِ جلالةِ الرَّاوي عنه وتحرِّيه، وعدم ذلك
". اهـ

وقال رحمه اللهُ في ميزانِ الاعتِدالِ ( ٤ / ٦٠٤ ) في فصلِ النِّسوةِ المجهولاتِ، وقبل أن يشرعَ بذكرِ أسمائِهنَّ: "ما علمتُ في النِّساءِ مَنِ اتُّهِمَتْ ولا مَن تَرَكُوها". اهـ
وأقرَّهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في لسانِ الميزانِ ( ٧ / ٥٢٢ ).
متى تَجمَعِ القلبَ الذَّكِيَّ وصارِمًا
وأَنفًا حَمِيًّا تَجتَنبْكَ المظالِمُ

الأنفُ الحَمِيُّ: هو الذي يأبى الذُّلَّ والضَّيمَ؛ لأنَّ العِزَّةَ والأنَفةَ تمنعُ صاحبَها من الخُضوعِ والمَهانةِ.

وبلا شكٍّ: أنَّ العقلَ النَّابِهَ، والقُوَّةَ والشَّجاعةَ، والعِزَّةَ والأنَفةَ والكرامةَ إذا اجتمعنَ؛ تردُّ صائلةَ الظَّالمينَ وسَطوتَهُم.
قال الإمامُ الشَّافعيُّ: رأيتُ بالمدينةِ أربعَ عجائبَ: رأيتُ جدَّةً لها إحدى وعشرون سنةً، ورأيتُ رَجُلًا فلَّسَهُ القاضي في مُدَّينِ نَوىً؛ ورأيتُ شيخًا أتى عليه تسعون سنةً يدورُ نهارَهُ حافيًا راجِلًا على القِيانِ يُعَلِّمُهنَّ الغِناءَ، فإذا جاءت الصَّلاةُ صلَّى قاعدًا، وكان بالمدينةِ والٍ، وكان رجلًا صالحًا، فقال: مالي لا أرى النَّاس يجتمعون على بابي كما يجتمعون على أبوابِ الولاةِ؟ فقالوا: إنَّكَ لا تضرب أحدًا ولا تُؤذي النَّاسَ، فقال: أهكذا؟ عليَّ بالإمامِ، فنُصِبَ بين العقابَينِ، وجعل يضربُ والإمامُ يقول: أعزَّ اللهُ الأميرَ أيشٍ جُرمي؟ وهو يقولُ: جمِّلْنا بنفسِكَ.. حتَّى اجتمع النَّاسُ على بابِه. اهـ

ذكَرَهُ ياقوتُ الحمَويُّ في مُعجَمِ الأُدَباءِ ( ٦ / ٢٤١٢ - ٢٤١٣ ).
والعقابان: خشبتان يُشبَحُ الرجلُ بينهما.

وذكَرَهُ السُّبكيُّ في طبقاتِ الشَّافعيَّةِ ( ٢ / ٩٩ )، وفيه: "..ونسيتُ الرَّابعةَ".
مع ذكرِ الثَّلاثِ الأولى.

ورواه ابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ ( ٥ / ١٧٢ ).
وفيه الثَّلاثُ الأولى، والرَّابعةُ: "..ورأيتُ رجلًا يكتبُ بالشِّمالِ أسرعَ ممَّا يكتبُ باليمينِ".

وهذا الأثرُ رواه المُزَنيُّ عن الشَّافعيِّ..

ورواه البيهقيُّ في مناقبِ الشَّافعيِّ ( ٢ / ٢١٨ - ٢١٩ ) من طريقِ ابنِ عبدِ الحكمِ ويُونسَ بنِ عبدِ الأعلى، عن الشَّافعيِّ قال: "رأيت من عجائبِ الدُّنيا ثلاثةً: رجلٌ يكتبُ بشِمالِه فيسبقُ مَن يكتبُ بيمينِه، ورجلٌ حبَسَهُ القاضي في مُدَّي نوىً، ورجلٌ يدورُ على الجواري يُعلِّمُهنَّ الغناءَ، فإذا جاء وقتُ الصَّلاةِ صلَّى قاعدًا".
قال الحافظُ الحُسَينُ بنُ الحسَنِ المروزيُّ في زوائدِه على الزُّهدِ لابنِ المُبَارَكِ ( ١٦٠٩ ): أخبرنا مُحمَّدُ بنُ أبي عديٍّ، أخبرنا حُمَيدٌ، عن أنسٍ قال: دخلتُ على ابنِ زيادٍ، وهم يتذاكرونَ الحوضَ، فلمَّا رأوني اطَّلعتُ عليهم، قالوا: قد جاءكم أنسٌ، فقالوا: يا أنسُ، ما تقولُ في الحوضِ؟ فقلتُ: واللهِ ما شعرتُ أنِّي أعيشُ حتَّى أرى أمثالَكم تشكُّونَ في الحوضِ، لقد تركتُ عجائزَ بالمدينةِ ما تُصلِّي واحدةٌ منهنَّ إلَّا سألَتْ ربَّها أن يُورِدَها حوضَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا إسنادٌ بصريٌّ صحيحٌ:

- ابنُ أبي عديٍّ: هو مُحمَّدُ بنُ إبراهيمَ بنِ أبي عَدِيٍّ السُّلَميُّ البَصريُّ، ثِقةٌ إمامٌ.
- وحُمَيدٌ: هو حُمَيدُ بنُ أبي حُمَيدٍ الطَّويلُ البَصريُّ، ثِقةٌ تابعيٌّ.
- وأنسٌ: هو أنسُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ، الصَّحابيُّ الجليلُ، صاحِبُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وخادِمُه، سكنَ البصرةَ وبها مات.

ورواه الآجُرِّيُّ في الشَّريعةِ ( ٨٣٨ ) من طريقِ الحُسَينِ المروزيِّ، عن ابنِ أبي عديٍّ، به.

ورواه أبو بكرِ بنُ أبي عاصمٍ في السُّنَّةِ ( ٦٩٨ ) قال: حدَّثنا هُدبةُ، ثنا حمَّادُ بنُ سلمةَ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ أنَّ زِيادًا أو ابنَ زيادٍ ذُكِرَ عنده الحوضُ، فأنكرَ ذلك، فبلغَ ذلك أنسًا، فقال: أما واللهِ لَأسُوءَنَّهُ غدًا، فقال: ما أنكرتُم من الحوضِ؟ قال: سمعت النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يذكرُه؟ قال: نعم، ولقد أدركتُ عجائزَ بالمدينةِ لا يُصلِّينَ صلاةً إلَّا سألنَ اللهَ تعالى أن يُورِدَهُنَّ حوضَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

قال الشَّيخُ الألبانيُّ في تحقيقِه على كتابِ السُّنَّةِ: "إسنادُه صحيحٌ على شرطِ مُسلِمٍ".

وهُدبةُ هو ابنُ خالدٍ القيسيُّ البصريُّ، ويُقالُ له أيضًا: هدَّابٌ.
وثابتٌ هو ابنُ أسلمَ البُنانيُّ البصريُّ.

ورواه الحاكمُ في المُستَدرَكِ ( ٢٦٠ ) من طريقِ مُسدَّدٍ قال: ثنا خالدُ بنُ الحارثِ، ثنا حُمَيدٌ، عن أنسٍ قال: دخلتُ على عُبَيدِ اللهِ بنِ زِيادٍ وهم يتراجعون في ذِكرِ الحوضِ، قال: فقال: جاءكم أنسٌ، قال: يا أنسُ، ما تقولُ في الحوضِ؟ قال: قلتُ: "ما حسبتُ أنِّي أعيشُ حتَّى أرى مِثلَكم يمترونَ في الحوضِ، لقد تركتُ بعدي عجائزَ ما تُصلِّي واحدةٌ منهنَّ صلاةً إلَّا سألَتْ ربَّها أن يُورِدَها حوضَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

قال الحاكمُ: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشَّيخَينِ ولم يُخرِّجاهُ".
ووافقه الذَّهبيُّ في التَّلخيصِ.

قلتُ: الإسنادُ صحيحٌ، لكنَّه ليس على شرطِ الشَّيخَينِ؛ فلم يُخرِّجْ مُسلِمٌ لمُسدَّدِ بنِ مُسرَهَدٍ، ولم يُخرِّجِ البخاريُّ لمُسدَّدٍ عن خالدِ بنِ الحارثِ، وإنَّما روى البُخاريُّ لمُسدَّدٍ عن خالدٍ الطَّحَّانِ.
وقد أخرج البُخاريُّ لخالدِ بنِ الحارثِ، عن حُمَيدٍ، عن أنسٍ.

ورواه الحاكمُ ( ٢٦١ ) من طريقِ عبدانَ، عن عبدِ الوهَّابِ بنِ عبدِ المجيدِ، عن حُمَيدٍ، عن أنسٍ، به.

ورواه البيهقيُّ في البعثِ والنُّشورِ ( ٧٢١ ) من طريقِ هُدبةَ بنِ خالدٍ، عن سُلَيمانَ بنِ المُغيرةِ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: دخلتُ على زيادٍ -أو ابنِ زيادٍ- وهم يذكرونَ الحوضَ، فقلتُ: لقد كانت عجائزُ بالمدينةِ كثيرًا ما يسألنَ ربَّهُنَّ عزَّ وجلَّ أن يَسقِيَهُنَّ من حوضِ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ.

ورواه البيهقيُّ أيضًا ( ٧٢٢ ) من طريقِ مُحمَّدِ بنِ عَبدَكَ القزَّازِ قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ بكرٍ، حدَّثنا حُمَيدٌ، عن أنسٍ قال: دخلتُ على عُبَيدِ اللهِ بنِ زيادٍ وهم يتراجعونَ بينهم الحوضَ، فلمَّا رآني قال: قد جاءكم أنسٌ، فانتهيتُ إلى القومِ، فقالوا: ما تقولُ في الحوضِ يا أنسُ؟ قال: فاسترجعتُ، وقلتُ: ما حسبتُ أن أعيشَ حتَّى أرى مِثلَكم يُنكِرُونَ الحوضَ، لقد تركتُ بعدي عجائزَ ما تُصلِّي واحدةٌ منهنَّ صلاةً إلَّا سألَتِ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يُورِدَها حوضَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وهذا إسنادٌ صحيحٌ.
وعبدُ اللهِ بنُ بكرٍ هو السَّهميُّ، وحُمَيدٌ هو الطَّويلُ.
وقولُه: "فاسترجعت"': أي قلتُ إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعونَ.

ورواه بدونِ ذِكرِ القِصَّةِ:

- أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ ( ٣١٨٧٩ ) قال: حدَّثنا عفَّانُ قال: حدَّثنا حمَّادٌ، عن ثابتٍ قال: كان أنسٌ يقولُ: لقد تركتُ بعدي عجائزَ يُكثِرنَ أن يدعينَ اللهَ أن يُورِدَهنَّ حوضَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وإسنادُه صحيحٌ.
وعفَّانُ هو ابنُ مُسلِمٍ الصَّفَّارُ، وحمَّادٌ هو ابنُ سَلَمةَ البصريُّ، وثابتٌ هو ابنُ أسلمَ البُنانيُّ.
- أبو يعلى ( ٣٣٥٥ ) قال: حدَّثنا عبدُ الرَّحمنِ، حدَّثنا حمَّادٌ، عن ثابتٍ، عن أنسٍ، أنَّ عُبَيدَ اللهِ بنَ زيادٍ قال: يا أبا حمزةَ، هل سمعتَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يذكرُ الحوضَ؟ فقال: لقد تركتُ بالمدينةِ لَعجائزَ يُكثِرنَ أن يسألنَ اللهَ أن يُورِدَهنَّ حوضَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وهذا إسنادٌ حسنٌ.
وعبدُ الرَّحمنِ هو ابنُ سلَّامٍ الجُمَحيُّ -وهو صدوقٌ-، وحمَّادٌ هو ابنُ سلمةَ.

قولُه: "دخلتُ على ابنِ زيادٍ..": هو عُبَيدُ اللهِ بنُ زِيادٍ، أميرُ العِراقِ ليزيدَ بنِ مُعاويةَ.
وكان يُكَذِّبُ بالحوضِ أوَّلًا ويشكُّ فيه حتَّى استثبتَ ذلك من الصَّحابةِ، كأنسِ بنِ مالكٍ، وأبي برزةَ الأسلميِّ، والبراءِ بنِ عازبٍ، وزيدِ بنِ أرقمَ.

وقولُه: "لقد تركتُ عجائزَ..": يُرِيدُ بأنَّ الحوضَ ثابتٌ معلومٌ، حتَّى إنَّ العجائزَ يُثبِتْنَ الحوضَ ويسألنَ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يُورِدَهنَّ إيَّاهُ.

لذلك قال الآجُرِّيُّ بعد أن روى الأثرَ: "ألا ترونَ إلى أنسِ بنِ مالكٍ رحمهُ اللهُ يتعجَّبُ ممَّن يشكُّ في الحوضِ؛ إذ كان عنده أنَّ الحوضَ مما يُؤمِنُ به الخاصَّةُ والعامَّةُ حتَّى إنَّ العجائزَ يسألنَ اللهَ عزَّ وجلَّ أن يَسقِيَهُنَّ من حوضِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فنعوذُ باللهِ ممَّن لا يُؤمِنُ بالحوضِ ويُكذِّبُ به". اهـ

وحوضُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثابتٌ، وأحاديثُه صحيحةٌ، وهي مُتَواتِرةٌ؛ رواه أزيدُ من خمسينَ صحابيًّا، والإيمانُ والتَّصديقُ به واجبانِ.

والحوضُ مُربَّعُ الشَّكلِ، طُولُه وعَرضُه سواءٌ، وكلٌّ منهما مسيرةَ شهرٍ، ولونُ الماءِ فيه أبيضُ من اللَّبنِ، ورِيحُه أطيبُ من المِسكِ، وطعمُه أطيبُ من العسلِ، وعددُ آنيتِه كعددِ نُجومِ السَّماءِ وأكثرَ، ويغتُّ فيه مِيزابَانِ يمُدَّانِه من الجنَّةِ؛ أحدُهما من ذهبٍ والآخَرُ من فِضَّةٍ، ومَن شَرِبَ منه لا يظمأُ أبدًا.

والحوضُ غيرُ الكَوثرٍ؛ فالكَوثرُ نهرٌ في الجنَّةِ، والحوضُ يكونُ قبل الصِّراطِ.

ويُحرَمُ من الحوضِ أقوامٌ بدَّلوا وغيَّروا في دينِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

والحوضُ ثابتٌ بإجماعِ الصَّحابةِ والتَّابعينَ وأهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ.
ثمَّ نبَتَتْ نابتةٌ بعدهم فأنكَرَتِ الحوضَ؛ كالخوارجِ والمُعتَزِلةِ.
وهؤلاء نقولُ لهم كما قال الصَّحابيُّ الجليلُ أبو برزةَ الأسلميُّ لعُبَيدِ اللهِ بنِ زِيادٍ: "مَن كذَّبَ به فلا سقاهُ اللهُ منه".

قال الحافظُ ابنُ كثيرٍ في تاريخِه ( ١٩ / ٤٢٣ ): ذِكرُ ما ورد في الحوضِ النَّبويِّ المُحمَّديِّ، سقانا اللهُ منه يومَ القيامةِ، من الأحاديثِ المُتَواتِرةِ المُتَعدِّدةِ من الطُّرُقِ الكثيرةِ المُتَضافِرةِ، وإن رَغِمَتْ أُنوفُ كثيرٍ من المُبتَدِعةِ النَّافِرةِ المُكابِرةِ القائِلِينَ بجُحودِه، المُنكِرِينَ لوُجودِه، وأَخلِقْ بهم أن يُحالَ بينهم وبين وُرودِه، كما قال بعضُ السَّلَفِ: "مَن كذَّبَ بكرامةٍ لم يَنَلْها"، ولو اطَّلَعَ المُنكِرُ للحوضِ على ما سنُورِدُه من الأحاديثِ قبل مَقالَتِه لم يَقُلْها. اهـ

وقال ابنُ أبي العِزِّ الدِّمَشقيُّ في شرحِ الطَّحاويةِ ( ١ / ٢٨٢ ): "فقاتَلَ اللهُ المُنكِرِينَ لوُجودِ الحوضِ، وأخلِقْ بهم أن يُحالَ بينهم وبين وُرودِه يومَ العطشِ الأكبرِ". اهـ

والنُّقولُ في ذلك عن أهلِ العِلمِ كثيرةٌ.

نسألُ اللهَ بمنِّه وفضلِه أن يُورِدَنا حوضَ نبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأن يسقيَنا منه شربةً لا نظمأُ بعدها أبدًا، إنَّه جوادٌ كريمٌ.
هلّا دعمتم القناة، ونشرتموها .. من فضلكم 😊
مضى على إنشاء القناة -بفضل الله-: تسع سنوات، وثلاثة عشر يومًا.

- هل يوجد في القناة أحد مرابط فيها منذ نشأتها؟ 😊

- من خلال إحصائيات القناة؛ أرى من يحوّل منشوراتها إلى قنوات أخرى.
ورأيت من يحوّل الكثير من المنشورات تحويلات خاصّة، يعني إلى الرّسائل المحفوظة، أو إلى مجموعات.
هل ممكن أن تخبروني تجربتكم في ذلك؟

- هل من إضافات تحبّون أن تكون في القناة؟ + هل من نصيحة لأخيكم؟

أنتظر إجاباتكم.. بارك الله فيكم جميعًا.

@G_Salafi_bot
قال الإمامُ ابنُ قيِّمِ الجوزيَّةِ: "وكان سعيدُ بنُ المسيَّبِ صِهرَ أبي هُرَيرةَ، زوَّجَه أبو هريرة ابنتَهُ، وكان -يعني أبا هريرة- إذا رآه قال: أسألُ اللهَ أن يجمعَ بيني وبينك في سُوقِ الجنَّةِ.
ولهذا أكثرَ عنه من الرِّوايةِ".
إعلامُ المُوقِّعِينَ ( ٢ / ٤١ ).

قلتُ: وانظُرْ حديثَ سعيدِ بنِ المُسيَّبِ، عن أبي هُرَيرةَ مرفوعًا في سُوقِ الجنَّةِ: عند التِّرمذيِّ ( ٢٥٤٩ )، وابنِ ماجه ( ٤٣٣٦ )، وابنِ حبَّانَ ( ٧٤٣٨ )، وابنِ أبي الدُّنيا في صِفةِ الجنَّةِ ( ٢٥٦ )، وابنِ أبي عاصمٍ في السُّنَّةِ ( ٥٨٥ و٥٨٦ و٥٨٧ )، والآجُرِّيِّ في الشَّريعةِ ( ٥٩٩ )، وغيرِهم.
والحديثُ طويلٌ، وهو مُنكَرٌ معلولٌ.

هذا وقد صحَّ أنَّ لأهلِ الجنَّةِ سُوقًا عند مُسلِمٍ ( ٢٨٣٣ ) من حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "إنَّ في الجنَّةِ لَسُوقًا يأتونَها كلَّ جُمُعةٍ، فتهبُّ رِيحُ الشَّمالِ، فتحثو في وُجوهِهم وثِيابِهم، فيزدادونَ حُسنًا وجمالًا، فيرجعونَ إلى أهلِيهِم وقد ازدادوا حُسنًا وجمالًا، فيقولُ لهم أهلُوهُم: واللهِ لقَد ازددتُم بَعدَنا حُسنًا وجمالًا، فيقولونَ: وأنتم واللهِ لقد ازددتُم بعدنا حُسنًا وجمالًا".
قال عليُّ بنُ زيدِ بنِ جُدعانَ: رآني سعيدُ بنُ المُسيّبِ وعليَّ جُبَّةُ خزٍّ، فقال: إنَّكَ لجيِّدُ الجُبَّةِ.
قلتُ: وما تُغني عنِّي وقد أفسدَها عليَّ سالمٌ؟
فقال سعيدٌ: أصلِحْ قلبَكَ والْبَسْ ما شِئتَ. اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رواه أبو نُعَيمٍ في حِليةِ الأولياءِ ( ٢ / ١٧٣ )، والأصبهانيُّ في التَّرغيبِ والتَّرهيبِ ( ١١٠ ) من طريقِ حمَّادِ بنِ زيدٍ، عن عليِّ بنِ زيدٍ، به.

وروى أبو بكرِ بنُ أبي الدُّنيا في التَّواضُعِ والخُمولِ ( ١٥٢ ) وفي الإشرافِ في منازلِ الأشرافِ ( ٤٧٣ ) من طريقِ شُعبةَ، عن قتادةَ، عن سعيدِ بنِ المُسيّبِ قال: "أصلِحْ قلبَك والْبَسْ ما شِئتَ".

ومقصودُ ابنِ جُدعانَ: أنَّ سالمَ بنَ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ قد أفسد عليه هذه الملابسَ الفاخرةَ، وزهَّدَهُ بها..

والحقيقةُ أنَّ التَّجمُّلَ بالملابسِ مَظهَرٌ لا يتنافى مع التَّقوى، ولا يُنقِصُ العبدَ قُربةً إلى اللهِ، كما يظنُّ بعضُ النَّاسِ أو المُتَصوِّفةُ زعمًا منهم أنَّه زُهدٌ في الدُّنيا!

وقد استدلَّ ابنُ عبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما على ضرورةِ التَّجمُّلِ باللِّباسِ بقولِه تعالى: ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ).

وروى مُسلِمٌ ( ٩١ ) عن ابنِ مسعودٍ، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "لا يدخلُ الجنَّةَ مَن كان في قلبِه مِثقالُ ذرَّةٍ من كِبرٍ".
قال رجلٌ: إنَّ الرجلَ يُحبُّ أن يكونَ ثوبُه حسنًا ونعلُه حسنةً، قال: "إنَّ اللهَ جميلٌ يُحبُّ الجمالَ، الكِبرُ بطرُ الحقِّ، وغمطُ النَّاسِ".

وروى التِّرمذيُّ ( ٢٨١٩ ) -بإسنادٍ حسنٍ- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ أن يرى أثرَ نعمتِه على عبدِه".
فائدةٌ:

جميعُ أبناءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من خديجةَ، وهم: القاسمُ، وعبدُ اللهِ، وزينبُ، ورُقَيَّةُ، وأُمُّ كُلثومٍ، وفاطِمةُ.
إلَّا إبراهيمَ فإنَّه من ماريَةَ القِبْطيَّةِ.

والذُّكورُ ماتوا صِغارًا..
وكلُّهم ماتوا في حياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا فاطِمةَ، ماتَتْ بعده بسِتَّةِ أشهُرٍ.

فهي -أي فاطمةُ- التي بَقِيَتْ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من أولادِه، إذ أُصِيبَ بهم في حياتِه، وما أبقى اللهُ سُبحانه له سواها رضيَ اللهُ عنها، فكانَتْ سَلوتَهُ وعزاءَهُ عن إخوتِها وأخواتِها.
ولهذا كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شديدَ المحبَّةِ لها، كثيرَ التَّعلُّقِ بها، يغضبُ لغَضَبِها، ويرضى لرِضاها؛ فعن المِسوَرِ بنِ مَخرَمةَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "فاطمةُ بَضعةٌ منِّي، فمن أغضَبَها أغضَبَني".
وفي روايةٍ: "يُريبُني ما أرابَها، ويُؤذِيني ما آذاها".
قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ: "والسَّببُ أنَّها كانت أُصِيبَتْ بأُمِّها ثم بأخَواتِها واحدةً بعد واحدةٍ، فلم يبقَ لها مَن تستأنسُ به ممَّن يُخفِّفُ عليها الأمرَ". اهـ

وأوَّلُ بناتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم موتًا: رُقيَّةُ، ثم زينبُ، ثم أُمُّ كُلثومٍ، ثم فاطِمةُ.

وأكبرُهنَّ سِنًّا: زينبُ.
واختَلَفُوا في الأصغَرِ بينَ: رُقيَّةَ وأُمِّ كُلثُومٍ وفاطِمةَ.
ورجَّحَ البعضُ أنَّ الأصغرَ فاطمةُ.

وزينبُ: زوجةُ ابنِ خالتِها هالةَ بنتِ خُوَيلدٍ أبي العاصِ بنِ الرَّبيعِ.
أُسِرَ في معركةِ بدرٍ مع المُشرِكينَ، وفَدَتْهُ زينبُ، فشَرَطَ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُرسلَها إليه، فوفى له بذلك، ثم أُسِرَ مرَّةً أُخرى فأجارَتْهُ زينبُ فأسلمَ، فردَّها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى نكاحِه، وولَدَتْ له أُمامةَ، وعاشَتْ أُمامةُ حتَّى تزوَّجَها عليُّ بنُ أبي طالبٍ بعد فاطِمةَ.
ووَلَدَتْ زينبُ أيضًا ابْنًا اسمُه عليٌّ، ومات وقد ناهزَ الاحتلامَ في حياةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم،
تُوُفِّيَتْ زينبُ سنةَ ( ٨هـ ).

ورُقَيَّةُ: كانتْ زوجةَ ابنِ عمِّ أبيها عُتبةَ بنِ أبي لهبٍ، وقد فارقَها قبل الدّْخولِ بها بأمرٍ من أبي لهبٍ، ثم تزوَّجَتْ عُثمانَ بنَ عفَّانَ، فولَدَتْ له عبدَ اللهِ، وبه كان يُكنَّى، وماتَ صغيرًا، وهاجَرَتْ رُقَيَّةُ مع عُثمانَ الهِجرَتَينِ جميعًا.
تُوُفِّيَتْ يومَ قُدومِ زيدِ بنِ حارثةَ المدينةَ مُبشِّرًا بنصرِ اللهِ في غزوةِ بدرٍ سنةَ ( ٢هـ ).

وأُمُّ كُلثُومٍ: تزوَّجَها عُثمانُ بنُ عفَّانَ بعد وفاةِ أُختِها رُقَيَّةَ، ولم تَلِدْ له، وتُوُفِّيَتْ سنةَ ( ٩هـ ).
ويُقالُ: تزوَّجها عُتَيبةُ بنُ أبي لهبٍ قبلَ البِعثةِ أو الهجرةِ، ثم فارَقَها قبل الدُّخولِ بها.

وفاطِمةُ: زوجةُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، ولَدَتْ له رَيحانَتَيْ رسولِ اللهِ، سيَّدَيْ شبابِ الجنَّةِ: الحسَنَ والحُسَينَ، ومُحسِّنًا -وماتَ صغيرًا-، وأُمَّ كُلثومٍ، وزينبَ.
تُوُفِّيَتْ فاطِمةُ بعد النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بستَّةِ أشهُرٍ سنةَ ( ١١هـ ).

وانقطعَ نَسْلُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا من فاطِمةَ؛ لأنَّ أبناءَ بناتِه زينبَ ورُقَيَّةَ الذُّكورَ ماتوا صِغارًا.
صلَّى عليكَ اللهُ يا مَن هديُهُ
‏نُورٌ لنا في الحالكاتِ وفي الرَّدى

‏هو عِزُّنا، هو مجدُنا ورسولُنا
‏هو فيضُ حُبٍّ في الفُؤادِ تجدَّدا
قال الإمامُ البُخاريُّ: "تذكَّرتُ يومًا أصحابَ أنسِ بنِ مالكٍ؛ فحَضَرَني في ساعةٍ ثلاثُ مائةِ نفسٍ".!
نُكتةٌ حديثيَّةٌ:

قال مُحمَّدُ بنُ أبي حاتمٍ الورَّاقُ: سمعتُ البُخاريَّ يقولُ: كنتُ في مجلسِ الفِريابيِّ، فقال: حدَّثنا سُفيانُ، عن أبي عُروةَ، عن أبي الخطَّابِ، عن أنسٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يطوفُ على نسائِه في غُسلٍ واحدٍ.
فلم يعرفْ أحدٌ في المجلِسِ أبا عُروةَ، ولا أبا الخطَّابِ؛ فقلتُ لهم: أمَّا أبو عُروةَ فمَعمَرٌ، وأبو الخطَّابِ قتادةُ.
وكان الثَّوريُّ فعولاً لهذا؛ يُكنِّي المشهورينَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذكَرَهُ الذَّهبيُّ في سِيَرِ الأعلامِ ( ١٢ / ٤١٣ ) وفي تاريخِ الإسلامِ ( ٦ / ١٤٩ )، وابنُ حَجَرٍ في هدي السّاري ( ص٤٧٨ ) وفي تغليقِ التَّعليقِ ( ٥ / ٣٩١ ).

والفِريابيُّ شيخُ البُخاريِّ تُوُفِّيَ سنةَ (٢١٢هـ)؛ فيكونُ عُمُرُ البُخاريِّ عند وقوعِ هذه الحادثةِ نحوَ ثمانيَ عشرةَ سنةً في أبعدِ تقديرٍ!
2025/10/21 02:47:44
Back to Top
HTML Embed Code: