Telegram Web Link
‏لا شيء أبحث عنه، لم أصل بعد، لكنني تجاوزت الكثير، أصبح الألم مسألة وقت، والجرح تتجرأ عليه المسرّات الصغيرة وتُخرسه، والفوضى التي كانت تعوم في عقلي تحلّت بالصمت الجميل، لم أتخلّص من أمور كثيرة، لكنني رُبما وصلت لحدود الطمأنينة، وأرجو ألا يخيب ظني .
كان من المُمكن لحياتي أن تكون كافية وعلى مقاسي، لولا أن خيالي كان يوسّعها دائماً .
مُبهجة، حتى ظِلها كان مُلوناً .
أُترك سؤالاً لا تملك لهُ إجابة :
بصوتي.
من المُدهش جداً أن تتأمل كيف يُمكن لعامٍ واحد، أو حدث واحد، أن يُغيّرك بهذا القدر الكبير، كيف أنّ الأعوام ليست مُتساوية، فبعض السنوات تمرُّ كأنها شهر، وأخرى تجعلك تكبر عشرة أعوام دفعةً واحدة، العُمر لا يُحتسب بالأيام والأعوام، وإنما بالتجارب، والمشاعر، والعثرات والخيبات، والإنتصارات الكبيرة منها والصغيرة، الزمن لا تصفه التجاعيد ولكن قسماتُ الوجه، والبسمات، والدموع، كُنا هنا يوماً ما، وغدًا في مكانٍ آخر، كانت قلوبنا غضّة والآن نضجت وغدًا يحين موعد قطافها، كُنّا واثقين جدًا وتغيّرت رؤانا وآراؤنا خلال الرحلة، كُنّا لا نعرفُ وصرنا الآن نعرفُ، ولكننا لا نزالُ على جهل ولازلنا نبحث ونسألُ ونحتار ما دمنا على قيد الحياة .
الضياع ليس عيباً، وعدم معرفة الوجهة أحيانًا نعمة تدفعنا لإختبار مسارات عديدة وطرق فريدة، لا تجعل الوصول المبكر ضمن أهدافك، اقرأ، انصت ،تذوق ،ناقش ،سافر، تغرّب، تعلّم، تألم، الحياة رحلة مُشوقة وجديرة بالتجربة، وحتى تجد ذاتك عليك أن تفقدها أحيانًا، وحتى تصل إلى وجهتك عليك أن تضيع في الرحلة، لا أعرف ماهي الثقافة التي تروّج لضرورة امتلاك جميع الأجوبة !
الأسئلة دائمًا أكثر تشويقاً، الفضول وقود الحياة العريضة لا الطويلة، العميقة لا المثالية .
أعتقد أن أول خطوة للتصالح مع الذات، هو أن يبقى الشخص مُمتناً للأخطاء التي أوصلته لمرحلة الوعي .
مهما توسعّت في الشرح والإيضاح، فإن الإنسان يفهم مضمون الكلام تبعاً لتجاربه الشخصية، وعُقده النفسية، وبناءًا على ثقافته، وظروفه الاجتماعية، ومشاعره الآنية، ورغباته، ونزواته، ومصالحه الشخصية، لذلك لا فائدة من الكلام والشرح، احفظ طاقتك وجهدك لما يفيدك ويُبهجك والتزم الصمت .
العارف تكفيه الإشارة .
سوف تسمع الكثير من الهُراء في كل مرة تعقد فيها العزم على إنجاز الأمور بطريقةٍ مُختلفة،سوف تُعاقب على كونك تنظر إلى الحياة بعين جديدة، الكثيرون سيرفضون أنك لا تستخدم عيونهم ولا آذانهم في معرفة الحقائق، وسوف تُنبذ عندما لا تتحدث في نفس المواضيع المُكررة التي يرتع فيها الجدل والتغييب، سيحدث ذلك مراراً، وكلما كبرت أحلامك وازدادت مسؤوليتك تجاه العالم سيتعاظم شعورك بالغُربة مع الكثيرين من حولك وستتقن الصمت، قد يقع الآخرون على ظهورهم ضحكاً على الكتب التي تقرؤها (مهما كانت عظيمة) وقد يهزأون من الأفكار التي تعتنقها (مهما بلغ نُبلها عنان السماء) ولا يجب لأي من هذا أن يُقلل من شأنك، ستغتالك الشكوك مراراً عما أنت عليه، وقد ترتكب الكثير من الأخطاء في سبيل الوصول إلى التواضع الذي يُهذّب إنسانيتك، ولا بأس في ذلك، سيلومونك على انشغالك فيما لا يفهمونه، انشغل على أي حال، سوف يُقللون من شأن شغفك، كن شغوفاً مهما كلّف الأمر، أنا لا أعدك أن تكون مشهوراً أو غنياً أو ذا سلطة كاملة على سير الأمور، لكنني أعدك أن هناك لذّة خالدة في السير في الطرق الجديدة، وفي تحقيق الأحلام، هناك شعور مُطلق بالحرية حين يُقابل المرء نفسه على طريقٍ هجرهُ القطيع .
في كُلّ مرة أُدرك مدى بشاعة الإعتياد، عندما تعتاد على محادثة أصدقائك وفي قلبك كُل حزن العالم، عندما تعتاد على الجلوس مع عائلتك وتشعر بمرارة قلبك، عندما تبكي وأنت تُسرّح شعرك مستعداً للخروج، لا شيء أسوأ من هذا كله، أن تعتاد على الظهور بالوجه المرح، بينما ما بداخلك أشبه بمقبرة يسكنها كُل الذين تراهم، تسكنها ذكريات الماضي البشعة، وأحداث الحاضر المريرة، وكُل مالا يُجدي ذكره، لا فائدة من إعترافاتي هذه دامها لا تفي بالغرض، وناقصة، كما لو أنها الصفحة الأخيرة لكتابٍ مُمزقة أوراقه .
‏بعد أشواطٍ طويلة من الركض اللامجدي في مُحاولة إصلاح الأشياء، من تراكم الجراح، وقلّة الحيلة، من الصبر الذي شكّلنا على ما نحن عليه، من تردي الحظ، وسوء الظن، من خدوشنا الداخلية، نستحق أن نجد هناء أرواحنا واستراحة عقولنا في مكانٍ ما .
كل شجرة يزرعها بداخلنا شخصًا ما يُحرقها قبل أن يُغادر، هذا السواد حول العيون هو سخام الحريق .
هكذا شاءت الأقدار أن أكون من لا ينسى شيئًا .
شاركوني آخر كوب قهوة أو شاي شربتموه (٢) :
2024/06/26 05:45:23
Back to Top
HTML Embed Code: