Telegram Web Link
لقدّ اكتشفت أنني دائمُ التفكير، ودائمُ التنبه إلى كُل الأشياء في آنٍ واحد، وفي هذا ربما تكمنُ مأساتي.
يربطني بِك شيءٌ أعمق مِن المحبة، أعجز عن شرح الأمر لك لكنني بطريقةٍ ما أشعر أنك أنا.
كم أَتمنى لو أَنْ العالمَ ينتهي غدًا، إذ لاستطعتُ حينها أنْ أستقل أولَ قطار وأجيء إلى عتبةِ بيتكِ وأقول لكِ، تعالي معي .. سوفَ نحبّ بعضنا بعضاً بِلا هواجِس، ولا مخاوف ولا قيود لأنَ العالم سينتهي غدًا.
نعم، هناك أَشياءٌ كثيرة أَشعر بالخجلِ مِنها. أحياناً لا تبدو لي حياتي أكثر مِن سلسلةٍ مِن الندامات، والانعطافات الخاطِئة، والأخطاء التي لا تُغتَفَر.. هذهِ هي المشكلة عِندما تبدأ بالنظر إلى الوراء فإنكَ ترى نفسك كما أنت، وتشعر بالرعب.. لكنَّ الأوان قد فاتَ الآن على الإعتذار، أنا أدركُ هذا، فات الأوان على أي شيءٍ ما عدا مواصلة ما أعمل.
لقد أَدركتُ أَنّني أَحببتها مِن أَولِ نظرة ، أدركتُ هذا فجأة، وهكذا المصائبُ دائماً، تحدثُ فجأةً.
يمر الوقتُ بشكلٍ أَسرع عِندما يمتلئ بالفراغ.. الحياةُ التي لا معنى لها تنزلقُ مثل قطار لا يتوقفُ عِند أيِ محطة.
أَنا مدفونٌ في العالم، أَعرفُ أَنني سأَجد مكاني يوماً ما هناك، فالعالمُ القديم يعزلني منتصراً، أنا سعيدٌ بِذلك، عرفتُ أنني سأكون سعيداً يوماً ما، لكني لستُ حكيماً، فالحكمة تتطلب أنْ أنطلق الآن، في هذهِ اللحظة من السعادة، لكِن ما الذي أفعله بدلَ ذلِك؟ أعودُ ثانية إلى الضوء والحقول، ‏وأتشوقُ إلى الحبّ وإلى سماءٍ تموجُ بسحبٍ صغيرة بيضاء خفيفة كشرائح الثلج، إلى حياةٍ لم أستطع أنْ أعيشها، بسببِ أخطائي طبعاً، وكبريائي وتفاهتي، لا أعتقد ذلِك.. الوحوشُ في المرعى، والشمس تدفئ الصخور وتلمعها، أتركُ سعادتي وأعودُ إلى جنس البشر الذين يجيئونَ ويروحون بأوزارِهم.
‏الكثير مِن الأشياء التي أتحدثُ عنها بِصيغة الماضي لم أفقِدها بعد، لكِنني لم أعد أشعرُ بوجودها.
أدركتُ أني لن أظفرَ بالراحة مدىَ الحياة، وأنه لن تزايلني الرغبةَ الخفية في الهرب، ولكِن إلى أين هذهِ المرة؟
أحبكِ لأطرد الظلام من داخلي، ‏لأصبح كوكباً، ولأشعّ، لأتوهج، ‏لأصبح منيراً عندما أكتب إليك.
إنها هي ، النظراتُ الحزينة نفسُها، الجمالُ نفسه، الكمالُ نفسه في كُل ملامِحها، كما لو أنْ فناناً تشكيلياً قدّ رسمها انطلاقاً مِن كُلِ أمنياتي الخفية.
‏إنَ أَفضل السُبل لدوام شيءٍ هو أَلا تعيره الكثير مِن الإهتمام، الأشياءُ التي تُحبها كثيراً تذبل، ينبغي أنّ تتعامل مع كُل شيءٍ بِسخرية، خصوصاً مع الأشياء التي تُحبها كثيراً، عندئذٍ ثمة فرصةً أكبر لِتبقى.
 دعهم وأقتل أخر ما تبقى من حنين، قاتل الحنين، الحنين يعود بك لهم ولكنه لا يرجعهم إليك، قف على شفة تلك الحفرة، إلق أخر ما تبقى من ذكرى على هوامش أى سطر منسىّ لن يُقرء؛ فالسطر يمسح ينسى، وانت سكنت هوامش السطور، فمُحيت....
طويت مثلهم في أرشيف من أسماء راحلة، عبرت بحر الكلمات إلى الغرق.
جميعهم يرحلون ويبقى قلبك وحيداً في منفى الذكريات
على هامش الأوراق سجل ما تشعر؛ فلن يشعر بها سوى الأوراق، وأخبر كتابك الأخير إنك ستعيد قرائته، لن تتركه، لن ترحل مثلما يرحلون، ستحتفظ به على أرفف الخيال، فما حياتك سوى قلم وورقة وكتاب - هؤلاء هم الباقون يا من ترحلون، وقعوا في دفاتر حضوري... وأمضوا.
إذا كانت البدايات وحدها جميلة، دعنا نبدأ مجددًا.. دعنا نبدأ مرارًا وتكرارًا، دعنا لا ننتهي أبدًا، دعنا لا نتوسط ولا نتعمق ولا نمل فننتهي، دعنا نبدأ ثم ننسى اننا بدأنا ونعيد البداية، وننسى إلى اللانهاية.
وعندما قررت أن أنسى الماضي وجدته يعيد نفسه كل يوم أمامي ، كل أنكسار فى حياتي كل موجة وكل سطر نقل ما في الفؤاد من الحنين كل صمت تكلم وكل ألم أبتسم في جنبات السحاب.
نظراتي من خلف زجاج السيارة أشباح الطريق وقطرات المطر كلها اشخاص
أتذكر نسيانهم.
اصدقائي المفضيلن أصبحوا الكأس والسيجارة
لم أعرف يوماً غير قلبها ، كنت الوم نفسي كثيراً لماذا انسى ما اقرء ولا زلت اتذكرها؟!
تعهدت الا اتكلم عنها مرة أخرى ، قلت أكتفيت من رومانسية كاذبة الجميع هنا يتكلمون عن الحب الجميع هنا يعطون نصائح عن الحب،ولكن قلمي يأبى أن يكتب إلا عنها. لم احب كثيراً أن أورد مقتطفات من كلمات كتاب او شعراء اخرين إلى كلامي أعتقد أني احافظ على هويتي الكتابية بهذا ،لا أريد أن يشاركني أي كاتب أخر مهما بلغت عظمته ما أكتب ، أغار عليها من كتابتهم ، كلهم كتبوا لمن يحبون  ولم ينقلوا عن أحد ، لأني عزيز النفس ومغرور لا احب أن يتحدث غيري عن من احب كلماتي أعمق وأصدق منهم.
 مع ذلك حاولت كثيراً الا اذكرها بين ثنايا كلماتي كتبت ولن يبقى سلام ،ولكن أصادفها كل يوم في كل فكرة وفي كل كلمة وفي كل رحيل وفي كل حرب.
ويبدو أني لازلت أسير الماضي أسير احلام لم تتحق وأشخاص لم يكن لي نصيب معهم منذ البدايه .
وهكذا الحياة توقفت عند تلك اللحظات ، هي النهايات دائماً ما تبقى وتقوى.
إنه وقت الغسق ، الأشجار ليست كثيرة في تلك الضيعة لكن الصفصاف ينبت بكثافة في تلك الأنحاء ، البحر هادئاً كسجاد عائم على أسطح الأرضيات العائمة ، يتمشى برفقة صديق ، يميل الصديق فيسأله هل تريد أن تنسى ، لا...لا أريد أن أنسى..وصل الصديق بقرب الضيعة التى يسكن بها وأكمل هو طريقه حتى صادف شجرة صفصاف كان ظلها معقولاً والبحر أمامه، ينظر إلى علبة سجائره .. إنها الأخيرة  لم يكن معه قداحة فإستعار أحداها من المارين ، وراح ينتشى بفكره وذكرياته التى كانت تتشكل بصعوبة وقت إذ ،ملامحها لم تعد واضحة إجتهد في أن يعيد إلى نفسه تلك الصورة ، كأن سؤال الصديق نبهه إلى أنه نسى نسيانه ، مر وقت طويل منذ أن كتب في يومياته شيئاً عنها ، أستطاع أن يقلع عن عادة مطالعة الصور القديمة حتى نسى معالم تلك الأيام، لا يعلم ما الذى أصابه لكنه أغتم ؛ هل حقاً نسى تلك الفترة من حياته التي تعهد لها ولتخليدها ما تبقى من عمره ، نعم تخلص من ألم الذكرى وتجلى له أنه كان يوهم نفسه بإنه يريد أن ينسى ، أدرك في لحظة ما إنه بالفعل ترك حياته تنسال من بين أنامله وحشر عوضاً عنها سيجارة يلهيه دخانها عن تخليد الذكرى، مر عشرون عاماً على موت والده ، لم يلبي فيها أياً من وصاياه-لم يتزوج- ، مر اثنان وعشرون عاماً على فراق حبيبته لم يدنس قلبه مع أحداً غيرهاً ، نظر الى نفسه عبر الكاميرا الأمامية لهاتفه المحمول تحسس الشعيرات البيض التى بدءت تغزوا مفرقه ، بدء يتسأل هل عشرون عاماً تكفي للنسيان حتى وإن قاومت النسيان ، الكهولة في طريقها حتى تغزوا الجسد لكن سبقتها إلى نفسه شيخوخة الروح...هم حين يموتون لا يعاقبوننا بالموت معهم،هم يعاقبوننا بالحياة دونهم !!عندما توشك الذكريات على الرحيل تزورك بكثرة أولا كأنما ترغب أن تستهلكها حتى النهاية !من الأفضل أن تستهلكها مثل وجبة مفضلة لدرجة أنك لن تشتهيها ثانية من هنا تنقص قيمتها وبالتالي تسقط , ذات يوم .فريسة للنسيان !.
أغلق  باب الغرفة ،النور مطفئ ،الستائر حجبت ضوضاء الشارع ،الشموع المعطرة جاهزة وضعت في ترتيب هيلاني -كما كانت تفضل- امام صورتها ، الذكرى الثانوية لرحيلها المفجع عن عالمه ،يوم قررت الرحيل كان قد فات الاوان ..جلس إلى مكتبه..شمعة واحدة وصلت إلى نصفها موضوعة على قاعدة فنجان قهوة من الخرز..بجانبه قلمه الذهبي ذى الحبر الأسود المنسال والورقه البيضاء وذاك الكتاب الذي لم يهديه إلا الشقاء...بدء اول كلماته كالآتي :إنما حياتنا ظل يمضي ولا مرجع لنا بعد الموت لأنه يختم علينا فلا يعود احد...و بعد حين ينسى إسمنا ولا يذكر أحد أعمالنا..فإذا إنطفأت عاد الجسم رماداً ،وانحل الروح كنسيم رقيق ،وزالت حياتنا كأثر غمامة ،واضمحلت مثل ضباب يسوقه شعاع الشمس ويسقط بحرها.
2024/10/01 09:36:33
Back to Top
HTML Embed Code: