في حلب الشهبا:

عرّج على حلب إن كنت ذا طلب
للعلم والحلم والعلياء والأدب

واقر السلام بها من بعد لثم ثرى
أرجائها الأرجات الأفق والطنب*

اللهم فتحًا مبينا لأم النواعير.

فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله بوجوب نصرة الشعب السوري ومساعدته في ثورته على الأسد (أحداث حماة) سنة ١٩٨٢م؛

فالتباين واضح بينه وبين هؤلاء المُخذِّلون السّذج.

أرأيت عجيب فرحة اللقاء بعد وجع الفقد في سجون الظلمة؟

هل استشعرت وجع الفاقدين؟ أرأيت الشاب والشيخ كيف يبكي وجعا وفرحا وحسرةً؟

إن ألم الظّلم والطغيان مفجع مُحرِق فلا تكُن في زمرة الطغيان وسَل الله العافية، وكُن مع كل مظلوم، وعقبة في وجه كُل طاغٍ مُتجبّر.

لكن وسط هذا الظلم، تظل القلوب المؤمنة تستمد القوة من إيمانها بعدالة الله وبأن هذه الحياة قصيرة، وأن الحق لا يُطمس مهما طال ليل الظلم، إن دموع الأمهات وآهات المظلومين تسطر تاريخًا لا ينسى، وتكون بذورًا لمستقبلٍ يشرق فيه العدل، ويُرد فيه الحق إلى أهله.

الفقد المؤلم خلف السجون، والظّلم والطغيان ليس نهاية الحكاية، بل هو فصلٌ من فصول الكفاح الذي ينتهي بنصر المظلوم، مهما بدا الأفق مظلمًا.

ياخواننا نحن نعيش والله لحظات تاريخية لا أكاد أصدقها..!

أفجر نظام عرفته منطقتنا وأكثرهم إجرامًا وأشدهم ظلمًا للناس، نرى أركانه تسقط في المدينة تلو المدينة كأحجار الدومينو..!

أنا من الناس الذين تربوا في طفولتهم أن سوريا تعني الأسد فقط ولا يتصور أن يحكمها أحد غير الأسد .. ونشأت في طفولتي على مجزرة حماة 1982 ثم مجازر 2011 وما تلاها..

هذا هو أشرس نظام في المنطقة وأسوأ نظام في كافة الحكام المجرمين الذين يحكموننا .. نظام تفنن في خنق أهل سوريا وصار نموذجًا يضرب به المثل لحكام منطقتنا في سفك الدم واستباحة الأعراض وهتك محارم الله..

هذا النظام المجرم الحاكم منذ 60 عامًا نشهد بأم أعيننا أن بيته صار أوهن من بيت العنكبوت، وأن جنوده وضباطه يفرّون من ملاقاة الثوار كما يفرّ الرجل من الليث، وأن ملك هذا الملعون الأفاك بشار الأسد يتفكك ويتهاوى إلى غير رجعة..!

دمشق، المدينة التي حكمها النظام ستين عامًا، باتت قوب قوسين أو أدنى من سيطرة الثوار عليها.

ما هذا الذي يحدث؟
وكيف يحدث؟
ومتى حدث؟

آمنت بالله الجبار العزيز المنتقم.
سبحانك ربي ما عبدناك حق عبادتك.
أنت القوي ونحن الضعفاء إليك..
أنت الغني ونحن الفقراء إليك..

اللهم أنت الرب ونحن عبادك بنو عبادك بنو إمائك، أكرمنا وانعشنا واهدنا وسددنا .. نبرأ إليك من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك.. يا ذا الملك والملكوت والقوة والجبروت.

فرح المؤمنين بسقوط الطغاة والطغيان هو شعور طبيعي نابع من عقيدة الإسلام التي تدعو إلى العدل ورفع الظلم، فالطغاة يمثلون الفساد والظلم، وسقوطهم يعد انتصارًا للحق والعدل ..

فالفرح بسقوط الطغيان لا يعكس فقط التشفي بالظالم، بل أيضًا الأمل في إقامة ميزان العدل، ونشر الأمن والاستقرار، وتمكين الشعوب المقهورة من استعادة حقوقها، وفي ذات الوقت، يظل المؤمن مدركًا أن فرحه الحقيقي يكتمل بإقامة شرع الله وبناء مجتمع يقوم على مبادئ الإسلام وأخلاقه.

وفي هذه اللحظات، يعي المؤمن أهمية العمل لاستمرار الخير وتجنب الوقوع في طغيان جديد، مصداقًا لقوله تعالى:

“وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ”

فالفرح مشفوع دائمًا بالوعي والمسؤولية تجاه تحقيق الغايات الكبرى.

إلى كل مستضعف يحمل في قلبه همّ الحق ويرفع في نفسه راية التوحيد، إلى كل مظلوم أثقلته قيود الطغيان وأعياه ظلم البشر، سلامٌ عليك من الله ورحمة وبركات.

يا أيها الصابر المحتسب، اعلم أن النصر قريب، وأن ما حصل هو آية من آيات الله التي يُنجز بها وعده لعباده المؤمنين، لقد وعد الله عباده المخلصين بالنصر، ووعده الحق:

“إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ”

وما رأيناه من سقوط الطغيان وخروج المستضعفين من ظلمات السجون التي ظن أهل الباطل أنها أبدية، إلا دليل على أن الله بيده الأمر كله، وأنه يقلب الموازين في لمح البصر بأيسر الأسباب. لقد ظن الطغاة أنهم متمكنون، وأن سلطانهم لا يزول، وظن المعذبون أن الفرج بعيد، ولكنّ الله أجرى قدره، وساق نصراً مبيناً، حتى إنهم خرجوا من الجحيم وكأنهم ولدوا من جديد.

يا أهل الحق، هذا النصر ليس إلا مقدمة لبشائر أكبر، إنها سنة الله في خلقه؛ أن يُمحّص الصادقين ويبتليهم، ثم يرفعهم على أعين الناس عبر التوحيد والإيمان الخالص، لقد بلّغ الله هذه الثلة النصر حين أخلصوا له وحده، ورفعوا أكف الدعاء مستمدين عونهم من الله، في وقت انقطعت فيه الأسباب وظن أهل الباطل أنهم أطبقوا عليهم بلا مخرج، فجاءهم النصر من حيث لا يحتسبون، وجعل الله لأعدائهم آية في سقوطهم.

يا من تقرأ هذه الرسالة، اعلم أن ما مررت به من ألم لم يذهب سدى، وأن صبرك أثمر في علم الله حكمةً وخيرًا لا تراه عينك الآن، النصر ليس بعيدًا، بل هو أقرب مما تظن، اصبر واحتسب، واجعل أملك بالله لا يتزعزع، فإنه سبحانه يُمهل ولا يُهمل، ويُنزل النصر حين يعلم أنك مستعد لحمله:

“وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ”

اللهم اجعلنا من أهل النصر والتمكين، واجعلنا أهلاً لفضلك وإحسانك، وثبّتنا على الحق حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا.

قوى الطّغيان كلما قالت أبَدنا الدين في قلوب الشعوب .. خرجت "الله أكبر" كما تصدح الآن لتكون خنجرًا في صدورهم ..
ومن هنا نعرفُ أن نور الحق لا يُطفأ مهما اشتدت الظلمة، وأن كلمة "الله أكبر" هي نبض الأمة التي لا تموت.

ما يحدث في سوريا، وما حدث ويحدث في أماكن كثيرة من العالم الإسلامي، هو دليل على أن محاولات الطغاة لطمس الدين في قلوب الشعوب مصيرها الفشل، الله أكبر ليست مجرد كلمة، بل هي صرخة حق، وعنوان صمود، ورمز للإيمان الذي يتجدد رغم كل محاولات القمع والتضليل.

مثل هذه اللحظات، حين تصدح التكبيرات في وجه الظلم، تكون شهادة حيةً على أن جذوة الإيمان لا تموت، وأن الحق لا يُقهر مهما اشتدت الظلمات.

يناقش الزميل أسامة عيسى في هذا المقال سبل الوقاية من الثورة المضادة

https://strategicforum.net/%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aathe-strategic-forum/%d8%a7%d9%84%d9%88%d9%82%d8%a7%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%ab%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d9%85%d8%b6%d8%a7%d8%af%d8%a9/

العين التي تبكي على غزة هي ذات العين التي سال دمعها على سوريا، لا تهادن ولا تخون، لا تناقض في البكاء على جرح هنا وآخر هناك، فمن كانت بوصلته سماوية إلهية، لا تعيقه حدود الأرض ولا تضلّه أعلام وأسماء.

هي رؤية تتجاوز التفاصيل، تقف عند جوهر الحق، تنصر المظلوم حيثما نادى، وترى أن الظلم واحد مهما اختلفت ثيابُه، وأن نصرة الحق فريضة تحت كل سماء وفوق كل أرض.

العين التي تبكي على غزة وسوريا وكل ديار الإسلام هي عين القلب النابض بحقيقة لا يبدّلها زمان ولا مكان: أن العدل أمانة، وأن نصرة المظلوم هي عهد الله على المؤمنين.

هل كان العالم محتاجا لسقوط الطاغية ليعلم مقدار بطشه وجبروته وظلمه؟
للأسف فإن المسلم الداعي والمجاهد مظلوم مغيب، لا تسمع كلمته إلا من القلة القليلة؛ فكم صرخ هؤلاء وما زالوا يصرخون تنبيها للأمة، ودعوة لها لتخرج من رقادها، وتغير واقعها؛ فحالها مؤلم جدا، وفساد الطواغيت يزكم الأنوف، وخيرات هذه الأمة تتلعب بها فئة مبتورة، وشبابها يسرقهم الغرب بمقدراتهم وعقولهم، وخيرة العلماء في السجون، وآلة الفساد تحصد أعراض المسلمات؛ فكيف تصبر على هذا؟ وكيف تستجيب لدهاقنة الشر ممن يسمون بالعلماء لقبول هذا كله تحت باب طاعة ولي الأمر.
اللهم فرجا من عندك لأمة الإسلام كلها.

⚠️
إلى الرفاق والأحباب والمتابعين في "سناب شات"، لقد انقطع حبل الوصل بحسابي القديم وحُذِفَ من المنصة، فمن كان من أهل الصحبة والمتابعة وأراد الحساب الجديد، فليسألني عنه في الخاص.

خاص التلجرام:
@bo_yousef10

يُنظر إلى الإسلام بوصفه خطرًا ماثلًا على النظام الليبرالي العالمي لأنه يمثل رؤية منافسة لِما يجب أن يكون عليه نظام الحكم في العالم.

(روبرت أوبريسكو، تيموثي بويرسن)