مدوّنة عبدالله العليّان
شرح عبارة الشيخ مرعي الكرمي رحمه الله: "وينبغي لمَن قَصَد المَسجد: أن ينويَ الاعتكافَ مُدّةَ لُبْثِهِ فيه، لا سيّما إن كان صائمًا"
قال النووي في التبيان ص٨٢:
ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو أقل، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف.
وهذا الأدب ينبغي أن يعتنى به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه. اهـ
ينبغي لكل جالس في المسجد الاعتكاف سواء أكثر في جلوسه أو أقل، بل ينبغي أول دخوله المسجد أن ينوي الاعتكاف.
وهذا الأدب ينبغي أن يعتنى به ويشاع ذكره ويعرفه الصغار والعوام فإنه مما يغفل عنه. اهـ
المؤمن إذا فَـقِهَ إيمانه، وخالطت بشاشتهُ فؤاده، ساوَرَته عِزّة بهذا الذي هداهُ الله إليهِ من الحقّ.
وإن من المُحزن أن يرى ابن الإسلام الذي طالتهُ لوثة من النظريات والرؤى الغربية، يرى في تلك الشرائعِ الأرضيّة والقوانين البشريّة هاديًا أكثر من شريعة السماء المطهّرَة.
ولو تمعّنا لوجدنا أنّ رحى الأسباب دائرة بين فقد المعرفة الصافية عن الدين، وهبوط مستوى "*الاستعلاء الإيماني*"، فبسبب تدنّى الاطلّاع المكتمل ليكون هامش المعرفة لا يُجاوز الأسطر أو الدقائق، وتضاؤل الهمم عن اكتساب المعارف الشرعية بأقل رتبها، ينتج مثل هذا الانكسار، فيسهل تشرّب الواردات عبر الأطباق الإعلامية البرّاقة، فيغذّى الإنسان عليها ويستوي عوده من مائدتها.
والحمد لله يرفع مددًا أن جعل الإسلام سهلاً ميسورًا، فأضحى اليوم مذللاً لكل طالب، فالدورات كثيرة، والأكاديميات التي تعنى بتقريبهِ وفيرة، ولم يبقَ إلا أن نسأله الإرداة والعزيمة ليلتحق الإنسان بها ويسدّ فُرجة يسأل الله أن يهديه بها.
وإن من المُحزن أن يرى ابن الإسلام الذي طالتهُ لوثة من النظريات والرؤى الغربية، يرى في تلك الشرائعِ الأرضيّة والقوانين البشريّة هاديًا أكثر من شريعة السماء المطهّرَة.
ولو تمعّنا لوجدنا أنّ رحى الأسباب دائرة بين فقد المعرفة الصافية عن الدين، وهبوط مستوى "*الاستعلاء الإيماني*"، فبسبب تدنّى الاطلّاع المكتمل ليكون هامش المعرفة لا يُجاوز الأسطر أو الدقائق، وتضاؤل الهمم عن اكتساب المعارف الشرعية بأقل رتبها، ينتج مثل هذا الانكسار، فيسهل تشرّب الواردات عبر الأطباق الإعلامية البرّاقة، فيغذّى الإنسان عليها ويستوي عوده من مائدتها.
والحمد لله يرفع مددًا أن جعل الإسلام سهلاً ميسورًا، فأضحى اليوم مذللاً لكل طالب، فالدورات كثيرة، والأكاديميات التي تعنى بتقريبهِ وفيرة، ولم يبقَ إلا أن نسأله الإرداة والعزيمة ليلتحق الإنسان بها ويسدّ فُرجة يسأل الله أن يهديه بها.
أسأل الله أن يفتح علينا من رحماتهِ، ويغدق علينا من بركاته، ويكتبنا من زمرة العُتقاء، ويُشْهِدنا ليلة القدر، ساعاتٌ قلائل عرّفها لك المنّان وأرشدك لحُسن استغلالها، انطرح بين يديه فرحمتهُ وسعت كل شيء.
👆🏽"وجدتُ في هذا الكتاب خطوات عمليّة مميزة تأخذُ بيدِ كُلِّ من يحلُم بحفظ القرآن الكريم، بوقت أقل وإتقان أكبر وتركيز أعلى"
جُزء من ريع الكتاب يُصرَف في مشاريع خيرية، وهناك خصم خاص لمتابعيّ الكِرام.
للتواصل والطلب:
انستغرام: shaimashahwan
تويتر: shaima_shahwan
جُزء من ريع الكتاب يُصرَف في مشاريع خيرية، وهناك خصم خاص لمتابعيّ الكِرام.
للتواصل والطلب:
انستغرام: shaimashahwan
تويتر: shaima_shahwan
العقل البشري لا يولد مزودًا بعتادٍ من المعرفة، وقد أكد ذلك الله في كتابه فقال (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا) فالعلم المكتسب يحصل للإنسان إذا كرس وقته في الطلب، ونقل ذهنه من مواطن الراحة والخمول إلى مواطن الصبر والمجاهدة.
فالعقل الفارغ لا قيمة لتفكيرهِ ولا إنتاجه لأنه سيكون حاطب بليل لا يدري موضع الحق ولا الباطل، وجهله سينبئ عنه فور حديثه.
والمحمّل بمعلومات متناثرة متشتتة، فهذا أسوء حالاً؛ لأن النقص في المعرفة أو الخلل فيها لن تُثمر شيئًا ذا قيمة، وحسبه ترداد ما علِمه بمعزل عن أصوله، وإن حاوره أحد فلن يصمد لجهله بالمنظومة الكلية.
وحديثنا هنا عن طالب الحق، اِعْلم أن كل علمٍ له أعداء متربصون، والدخول في حربٍ ضروس معهم تحتاج أن تترس بها بالتأصيل العلمي، وتحمل على عاتقك همّ الضبط، وتواظب على المحافظة على لياقتك وقوّتك بالمراجعة والمطالعة والمدارسة، فالجسدُ إذا ركن للدعَةِ فقد ملكته، وكذا العقل إذا أهملته وعولت على ذاكرتك خذلتك بالنسيان.
والمعارف لا تحصر، والكتب في ازدياد، والعمر قاب قوسين أو أدنى، فمن أين تبدأ؟ وإلى أين ستنتهي؟ فإن قرأت في كل أسبوع كتابًا وعشت لستين سنة فلن تتجاوز ثلاثة آلاف كتاب، وما أحقره من عدد أمام عدد ملايين الكتب في العالم، وماهي المعرفة التي اكتسبتها وقد فاتتك ملايين الكتب، ومن هذا المنطلق الدقيق والمنزلق الخطر وجب على الإنسان أن يتنبه وينتقي من الكتب ما يعود عليه بالنفع الأكبر، حتى لا تضيع أوقاته هدرًا وسُدى.
فالعقل الفارغ لا قيمة لتفكيرهِ ولا إنتاجه لأنه سيكون حاطب بليل لا يدري موضع الحق ولا الباطل، وجهله سينبئ عنه فور حديثه.
والمحمّل بمعلومات متناثرة متشتتة، فهذا أسوء حالاً؛ لأن النقص في المعرفة أو الخلل فيها لن تُثمر شيئًا ذا قيمة، وحسبه ترداد ما علِمه بمعزل عن أصوله، وإن حاوره أحد فلن يصمد لجهله بالمنظومة الكلية.
وحديثنا هنا عن طالب الحق، اِعْلم أن كل علمٍ له أعداء متربصون، والدخول في حربٍ ضروس معهم تحتاج أن تترس بها بالتأصيل العلمي، وتحمل على عاتقك همّ الضبط، وتواظب على المحافظة على لياقتك وقوّتك بالمراجعة والمطالعة والمدارسة، فالجسدُ إذا ركن للدعَةِ فقد ملكته، وكذا العقل إذا أهملته وعولت على ذاكرتك خذلتك بالنسيان.
والمعارف لا تحصر، والكتب في ازدياد، والعمر قاب قوسين أو أدنى، فمن أين تبدأ؟ وإلى أين ستنتهي؟ فإن قرأت في كل أسبوع كتابًا وعشت لستين سنة فلن تتجاوز ثلاثة آلاف كتاب، وما أحقره من عدد أمام عدد ملايين الكتب في العالم، وماهي المعرفة التي اكتسبتها وقد فاتتك ملايين الكتب، ومن هذا المنطلق الدقيق والمنزلق الخطر وجب على الإنسان أن يتنبه وينتقي من الكتب ما يعود عليه بالنفع الأكبر، حتى لا تضيع أوقاته هدرًا وسُدى.
كُنْ أنت:
الإنسان ابن أرضهِ وثقافتهِ ودينه، وأيّ تنكّر لأحدها سيأوول بالإنسان ليكون مشوّهًا فلا هو صار الآخر ولا مثّل نفسه وانطلق من مركزهِ.
البوصلة لابد أن تُعاد للمرجعيّة التي ينطلق منها الإنسان والدائرة التي ينتسبُ إليها، فالإنسان الذي يقرأ هذا الكلام غالبًا هو "مسلمٌ" يحتكم للإسلام ويعودُ إليهِ في رؤيته وتصوّره للحياة، فالإسلام هو خارطته التي تقوده في سَنِّ طريقة عيشه ونهج حياته، وهو في نفس الوقتِ "عربي" ينظر للحياة بعرقهِ وثقافته وحضارته العريقة الممتدة، فهو بهذا الاعتبار يفكك واقعهُ ويحلّ مشاكله وينهضُ بنفسه وبأمّته.
أمّا حين يقرر بإيمانٍ أو بدونه أن يصبغ نفسه بصبغةِ الآخر فقد دخل في مسْلكٍ لا يوصلهُ لهدى، فهو بهذا الاعتبار استورد كتابًا إرشاديًا لجهازٍ لا يمت للكتاب بصلة، فالكتابُ الإرشادي هو تلك الثقافة بحمولتها الدينية والحضارية، إلى جهازٍ هو جمعٌ من الناس المغايرين لتلك الثقافة ومُعارضين لها أصولاً وفروعًا.
وهذا الاستيراد والاصطباغ بالآخر نابعٌ من اختلال الأرض التي يقوم عليها المسلم، فهو لم يتشرّب منابعه بالقدر الذي يجعله يأخذ من الآخر بوعي، فمن عَلِمَ دينه وأحسن فقه ثقافته، عرف أن الانتفاع بالآخر ممكنٌ ومُراد ولكن دون انسلاخٍ ومُماثلة، فيأخذ ما يُضيف له في شتى مشارب الحياة ما لم يمسّ أصوله.
الإنسان ابن أرضهِ وثقافتهِ ودينه، وأيّ تنكّر لأحدها سيأوول بالإنسان ليكون مشوّهًا فلا هو صار الآخر ولا مثّل نفسه وانطلق من مركزهِ.
البوصلة لابد أن تُعاد للمرجعيّة التي ينطلق منها الإنسان والدائرة التي ينتسبُ إليها، فالإنسان الذي يقرأ هذا الكلام غالبًا هو "مسلمٌ" يحتكم للإسلام ويعودُ إليهِ في رؤيته وتصوّره للحياة، فالإسلام هو خارطته التي تقوده في سَنِّ طريقة عيشه ونهج حياته، وهو في نفس الوقتِ "عربي" ينظر للحياة بعرقهِ وثقافته وحضارته العريقة الممتدة، فهو بهذا الاعتبار يفكك واقعهُ ويحلّ مشاكله وينهضُ بنفسه وبأمّته.
أمّا حين يقرر بإيمانٍ أو بدونه أن يصبغ نفسه بصبغةِ الآخر فقد دخل في مسْلكٍ لا يوصلهُ لهدى، فهو بهذا الاعتبار استورد كتابًا إرشاديًا لجهازٍ لا يمت للكتاب بصلة، فالكتابُ الإرشادي هو تلك الثقافة بحمولتها الدينية والحضارية، إلى جهازٍ هو جمعٌ من الناس المغايرين لتلك الثقافة ومُعارضين لها أصولاً وفروعًا.
وهذا الاستيراد والاصطباغ بالآخر نابعٌ من اختلال الأرض التي يقوم عليها المسلم، فهو لم يتشرّب منابعه بالقدر الذي يجعله يأخذ من الآخر بوعي، فمن عَلِمَ دينه وأحسن فقه ثقافته، عرف أن الانتفاع بالآخر ممكنٌ ومُراد ولكن دون انسلاخٍ ومُماثلة، فيأخذ ما يُضيف له في شتى مشارب الحياة ما لم يمسّ أصوله.
مدوّنة عبدالله العليّان
كُنْ أنت: الإنسان ابن أرضهِ وثقافتهِ ودينه، وأيّ تنكّر لأحدها سيأوول بالإنسان ليكون مشوّهًا فلا هو صار الآخر ولا مثّل نفسه وانطلق من مركزهِ. البوصلة لابد أن تُعاد للمرجعيّة التي ينطلق منها الإنسان والدائرة التي ينتسبُ إليها، فالإنسان الذي يقرأ هذا الكلام…
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
د. عدنان معتوق.
الأضحية في غير بلد المضحي:
للتحريم صِيَغٌ معلومة دالة عليه، ولا يحل لأحد تحريم شيء بدون هذه الصيغ، فالأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على خلاف ذلك، وهناك من يفتي الناس بعدم مشروعية التضحية في غير بلدهم.
-كالذين يعطون مبالغ من المال لمؤسسات أو أفراد يوكلونهم بذبح الأضاحي عنهم في بلاد أخرى من بلاد المسلمين وإطعام لحومها للمحتاجين- ومن منعه فهو مطالب بالدليل لأنّه قيّد ما أطلقه الشارع الحكيم، وإلا كان مُتقوّلًا على الله، ولقد رأيت بعضهم يستدل بما لا دلالة فيه كقوله تعالى: (والبُدْن جعلناها لكم من شعـٰئر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون)
فقال مستدلاً: إن التضحية في غير بلد المضحي تُفوّت هذا المقصد وهو إظهار شعيرة من شعائر الإسلام وحاصل هذا الاستدلال سدّ الذريعة، وقالوا: إن إباحة ذلك فيه ترك لشهود الأضحية وسُنّة الأكل منها مطلوب من المضحّي شهود أضحيته والأكل منها، وقاس بعضهم ذلك على منع نقل الزكاة إلى غير بلد رت المزكي، وأبعَدَ آخرون فقالوا دليلُنا فعل النبي ﷺ، وأنه لم يضحِّ إلا في موضعه بخلاف الهدي فقد كان يشعره ويبعث به إلى مكة ليُذبحَ عنه.
والجواب عن ذلك كالتالي:
أما الاستدلال بسد الذريعة فهو أمر مُتوهّم؛ لأن توكيل بعض الناس من يذبح عنه أضحية في بلد آخر من بلاد المسلمين هو أحوج إلى تلك الأضاحي وربما قلّ فيه من يضحي فالواقع أن ذلك لن يكون سببًا في طمس هذه الشعيرة بل سيكون سببًا في إظهارها في أماكن عزّت فيها، ولأن المقصود إظهارها في كافة بلاد المسلمين وليس في بلد دون آخر كما أن من المقاصد الكُبرى للأضحية سد خلة الفقراء بإطعامهم منها حتى أن النبي ﷺ حين وفد فقراء معوزون من أهل البادية على المدينة حرّم على من ضحى من أهل المدينة ادخار اللحوم أكثر من ثلاثة أيام ليواسوا بها إخوانهم المحتاجين، كما جاء صريحا في حديث عائشة رضي الله عنها.
وأمّا القول بأن إباحة هذا القول فيه تضييع لِسُنة شهود الأضحية والأكل منها فجوابه: أن شهود الأضحية والأكل منها ليس بواجبٍ فلا إثم على من تركه، وفواتُ تِلكم السنة يُقابله حصول مصلحة كُبرى هي إغاثة فقراء المسلمين الذين قد يموت بعضهم من الجوع، ثم إن المسألة هنا ليست في أيهما أفضل هل هو مباشرة الذبح في البلد أم التوكيل خارج البلد، ولكن الخلاف هو في حكم إجزائها خارج البلد، وعليه فلا يصح الاستدلال بهذا الأمر إلا إذا كان المخالف يرى وجوب الأكل من الأضحية أو وجوب مُباشرة ذبحها ولا أظنه يرى ذلك.
وأما القياس على نقل الزكاة فيُجاب عنه بأنه قياس مع الفارق هذا لو سلمنا بحكم الأصل كيف والأصل المقيس عليه هو محل خلاف بين أهل العلم، وينقض هذا القياس بقياس عكسي فيقال تَصِح التضحية في غير بلد المضحي، قياسًا على صحة نقل صدقة التطوع خارج البلاد، وقياسهم مفتقد لشروط القياس الصحيح، وربما كان لقياسهم وجه لو كانت المسألة هي التضحية في البلد ونقل لحوم الضحايا لخارجه ليطعم منها أهل بلاد أخرى،
وأما الاستدلال بفعل النبي ﷺ وأنه لم يضحّ خارج موضعه الذي هو فيه سواء كان ذلك بالمدينة أو في أسفاره بخلاف الهدي فجوابه: أن الهدي قيّد الشارع مكان ذبحه بمكة، فلم يحل تجاوزه وأما الأضحية فلم يقيدها بمكان فكان النبي ﷺ يضحي حيث تيسر له، ولم يوكل من يضح عنه، خارج موضعه لعدم حاجته لذلك لكنه لم يمنع غيره من التضحية خارج موضعه ولو كان ذلك غير جائز شرعا، لبيّنه وأمّا مجرد تركه فلا يدل على المنع لا تحريما ولا كراهة كما هو مقرر في "علم الأصول".
وأختم الكلام في هذه المسألة بالإجماع الذي حكاه محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان حيث قال: أجمع العلماء أن للمضحي أن يذبح أُضحيته في أي مكان شاء من أقطار الدنيا.
للتحريم صِيَغٌ معلومة دالة عليه، ولا يحل لأحد تحريم شيء بدون هذه الصيغ، فالأصل في الأشياء الإباحة حتى يدل الدليل على خلاف ذلك، وهناك من يفتي الناس بعدم مشروعية التضحية في غير بلدهم.
-كالذين يعطون مبالغ من المال لمؤسسات أو أفراد يوكلونهم بذبح الأضاحي عنهم في بلاد أخرى من بلاد المسلمين وإطعام لحومها للمحتاجين- ومن منعه فهو مطالب بالدليل لأنّه قيّد ما أطلقه الشارع الحكيم، وإلا كان مُتقوّلًا على الله، ولقد رأيت بعضهم يستدل بما لا دلالة فيه كقوله تعالى: (والبُدْن جعلناها لكم من شعـٰئر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون)
فقال مستدلاً: إن التضحية في غير بلد المضحي تُفوّت هذا المقصد وهو إظهار شعيرة من شعائر الإسلام وحاصل هذا الاستدلال سدّ الذريعة، وقالوا: إن إباحة ذلك فيه ترك لشهود الأضحية وسُنّة الأكل منها مطلوب من المضحّي شهود أضحيته والأكل منها، وقاس بعضهم ذلك على منع نقل الزكاة إلى غير بلد رت المزكي، وأبعَدَ آخرون فقالوا دليلُنا فعل النبي ﷺ، وأنه لم يضحِّ إلا في موضعه بخلاف الهدي فقد كان يشعره ويبعث به إلى مكة ليُذبحَ عنه.
والجواب عن ذلك كالتالي:
أما الاستدلال بسد الذريعة فهو أمر مُتوهّم؛ لأن توكيل بعض الناس من يذبح عنه أضحية في بلد آخر من بلاد المسلمين هو أحوج إلى تلك الأضاحي وربما قلّ فيه من يضحي فالواقع أن ذلك لن يكون سببًا في طمس هذه الشعيرة بل سيكون سببًا في إظهارها في أماكن عزّت فيها، ولأن المقصود إظهارها في كافة بلاد المسلمين وليس في بلد دون آخر كما أن من المقاصد الكُبرى للأضحية سد خلة الفقراء بإطعامهم منها حتى أن النبي ﷺ حين وفد فقراء معوزون من أهل البادية على المدينة حرّم على من ضحى من أهل المدينة ادخار اللحوم أكثر من ثلاثة أيام ليواسوا بها إخوانهم المحتاجين، كما جاء صريحا في حديث عائشة رضي الله عنها.
وأمّا القول بأن إباحة هذا القول فيه تضييع لِسُنة شهود الأضحية والأكل منها فجوابه: أن شهود الأضحية والأكل منها ليس بواجبٍ فلا إثم على من تركه، وفواتُ تِلكم السنة يُقابله حصول مصلحة كُبرى هي إغاثة فقراء المسلمين الذين قد يموت بعضهم من الجوع، ثم إن المسألة هنا ليست في أيهما أفضل هل هو مباشرة الذبح في البلد أم التوكيل خارج البلد، ولكن الخلاف هو في حكم إجزائها خارج البلد، وعليه فلا يصح الاستدلال بهذا الأمر إلا إذا كان المخالف يرى وجوب الأكل من الأضحية أو وجوب مُباشرة ذبحها ولا أظنه يرى ذلك.
وأما القياس على نقل الزكاة فيُجاب عنه بأنه قياس مع الفارق هذا لو سلمنا بحكم الأصل كيف والأصل المقيس عليه هو محل خلاف بين أهل العلم، وينقض هذا القياس بقياس عكسي فيقال تَصِح التضحية في غير بلد المضحي، قياسًا على صحة نقل صدقة التطوع خارج البلاد، وقياسهم مفتقد لشروط القياس الصحيح، وربما كان لقياسهم وجه لو كانت المسألة هي التضحية في البلد ونقل لحوم الضحايا لخارجه ليطعم منها أهل بلاد أخرى،
وأما الاستدلال بفعل النبي ﷺ وأنه لم يضحّ خارج موضعه الذي هو فيه سواء كان ذلك بالمدينة أو في أسفاره بخلاف الهدي فجوابه: أن الهدي قيّد الشارع مكان ذبحه بمكة، فلم يحل تجاوزه وأما الأضحية فلم يقيدها بمكان فكان النبي ﷺ يضحي حيث تيسر له، ولم يوكل من يضح عنه، خارج موضعه لعدم حاجته لذلك لكنه لم يمنع غيره من التضحية خارج موضعه ولو كان ذلك غير جائز شرعا، لبيّنه وأمّا مجرد تركه فلا يدل على المنع لا تحريما ولا كراهة كما هو مقرر في "علم الأصول".
وأختم الكلام في هذه المسألة بالإجماع الذي حكاه محمد الأمين الشنقيطي في أضواء البيان حيث قال: أجمع العلماء أن للمضحي أن يذبح أُضحيته في أي مكان شاء من أقطار الدنيا.
هذا يوم عظيم يومٌ بعُمر، وكم نحن بحاجة لرحمة الله وغفرانه، والخلاص من طيننا المُلتصق بالأرض إلى التعلق بالسماء، ولا سعادة أبدية إلا بلزوم عتبة العبودية فالزم بابه وادعوه بخيري الدنيا والآخرة.
لاتنسوا إخوتكم وأهليكم في بقاع الأرض ممن أجمعت أمم الكفر قاطبة عليهم، ممن رخصت دماؤهم على الناس فصار الموت عادتهم .. ادعوا بأن يأذن الله بالتغيير، وأن يدير الدائرة على أمم الكفر وأعوانهم ومنافقي بني جلدتنا.
وإن ما تستقبلكم به السنون القادمة من المحن والفتن ليدع الحليم حيرانا، حتى يمحص الله القلوب ويميز الخبيث من الطيب تمييزا تاما، فادعوا الله بالثبات وسلامة القلوب وأن يصون أهليكم وذويكم مما يصيب أكثر من ترون، وأروه من أنفسكم خيرا حتى يقضي الله بالحق أمرا كان مفعولا.
وإن اِلْتبس عليك الحق في أمر، وتاهت بك السبل، وتحيرت بين مشارب العقلاء ومسالكهم، فادع ربك بصدق اللجوء والخضوع بما دعى به المفدى عليه الصلاة والسلام: اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقیم.
لاتنسوا إخوتكم وأهليكم في بقاع الأرض ممن أجمعت أمم الكفر قاطبة عليهم، ممن رخصت دماؤهم على الناس فصار الموت عادتهم .. ادعوا بأن يأذن الله بالتغيير، وأن يدير الدائرة على أمم الكفر وأعوانهم ومنافقي بني جلدتنا.
وإن ما تستقبلكم به السنون القادمة من المحن والفتن ليدع الحليم حيرانا، حتى يمحص الله القلوب ويميز الخبيث من الطيب تمييزا تاما، فادعوا الله بالثبات وسلامة القلوب وأن يصون أهليكم وذويكم مما يصيب أكثر من ترون، وأروه من أنفسكم خيرا حتى يقضي الله بالحق أمرا كان مفعولا.
وإن اِلْتبس عليك الحق في أمر، وتاهت بك السبل، وتحيرت بين مشارب العقلاء ومسالكهم، فادع ربك بصدق اللجوء والخضوع بما دعى به المفدى عليه الصلاة والسلام: اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقیم.
عيدكم مبارك.. وتقبّل الله منّا ومنكم،
اللهم أحينا على الإسلام،
وأمتنا على الإيمان،
وثقّل باجتماعنا على محبّتك الميزان
وأورثنا نعيم الجنان.
اللهم أحينا على الإسلام،
وأمتنا على الإيمان،
وثقّل باجتماعنا على محبّتك الميزان
وأورثنا نعيم الجنان.
مدوّنة عبدالله العليّان
Voice message
كم تُدمي القلب هذه الأبيات.. تأملوها:
يا لَيْتَنِي كُنْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ إِذْ حَضَرُوا
مُمَتَّعَ الْقَلْبِ وَالأَسْمَاعِ وَالْبَصَرِ
وَأَنْبَرِي لِرَسُولِ اللَّهِ أَلْثُمُهُ
عَلَى جَبِينٍ نَقِيٍّ طَاهِرٍ عَطِرِ
أُقَبِّلُ الْكَفَّ كَفَّ الْجُودِ كَمْ بَذَلَتْ
سَحَّاءَ بِالْخَيْرِ مِثْلَ السَّلْسَلِ الْهَدِرِ
أَلُوذُ بِالرَّحْلِ أَمْشِي فِي مَعِيَّتِهِ
وَأَرْتَوِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ بِالنَّظَرِ
أُسَرُّ بِالْمَشْيِ إِنْ طَالَ الْمَسِيرُ بِنَا
وَمَا انْقَضَى مِنْ لِقَاءِ الْمُصْطَفَى وَطَرِي
أَمَّا الرِّدَاءُ الَّذِي حَجَّ الْحَبِيبُ بِهِ
يَا لَيْتَهُ كَفَنٌ لِي فِي دُجَى الْحُفَرِ
يَا غَافِلاً مِنْ مَزَايَاهُ وَرَوْعَتِهَا
يَمِّمْ إِلَى كُتُبِ التَّارِيخِ وَالسِّيَرِ
يَا رَبِّ لا تَحْرِمَنَّا مِنْ شَفَاعَتِهِ
وَحَوْضِهِ الْعَذْبِ يَوْمَ الْمَوْقِفِ الْعَسِرِ ..
ﷺ
يا لَيْتَنِي كُنْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ إِذْ حَضَرُوا
مُمَتَّعَ الْقَلْبِ وَالأَسْمَاعِ وَالْبَصَرِ
وَأَنْبَرِي لِرَسُولِ اللَّهِ أَلْثُمُهُ
عَلَى جَبِينٍ نَقِيٍّ طَاهِرٍ عَطِرِ
أُقَبِّلُ الْكَفَّ كَفَّ الْجُودِ كَمْ بَذَلَتْ
سَحَّاءَ بِالْخَيْرِ مِثْلَ السَّلْسَلِ الْهَدِرِ
أَلُوذُ بِالرَّحْلِ أَمْشِي فِي مَعِيَّتِهِ
وَأَرْتَوِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ بِالنَّظَرِ
أُسَرُّ بِالْمَشْيِ إِنْ طَالَ الْمَسِيرُ بِنَا
وَمَا انْقَضَى مِنْ لِقَاءِ الْمُصْطَفَى وَطَرِي
أَمَّا الرِّدَاءُ الَّذِي حَجَّ الْحَبِيبُ بِهِ
يَا لَيْتَهُ كَفَنٌ لِي فِي دُجَى الْحُفَرِ
يَا غَافِلاً مِنْ مَزَايَاهُ وَرَوْعَتِهَا
يَمِّمْ إِلَى كُتُبِ التَّارِيخِ وَالسِّيَرِ
يَا رَبِّ لا تَحْرِمَنَّا مِنْ شَفَاعَتِهِ
وَحَوْضِهِ الْعَذْبِ يَوْمَ الْمَوْقِفِ الْعَسِرِ ..
ﷺ
"ولماذا يجب على العرب أن يجنحوا للسلام؟
لو كنتُ قائدًا عربيًا ما تصالحت مع إسرائيل، هذا طبيعي، لقد غصبنا بلادهم"
"بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل،
تـ ١٩٧٣م"
لو كنتُ قائدًا عربيًا ما تصالحت مع إسرائيل، هذا طبيعي، لقد غصبنا بلادهم"
"بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل،
تـ ١٩٧٣م"
Forwarded from مدوّنة عبدالله العليّان
موقفك من الاحتلال، فُرقان بين الحق والباطل، وبين الإيمان والنفاق، فمن يُتعتع بالقول حيال هذه القضية لا يخرج من نفاق أو جهل وفي كل هو دنيء وخسيس نفس، يعاني من أزمة رجولة ومروءة قبل أزمة الدين.
المسلمُ الذي تشرّب معين الإيمان، وتجذّر في قلبه ما اعتنقه يصيرُ للعدوّ شوكةً في الحَلق تُعذّب بل تُميت.
معركة اليوم في أكثر الأقطار لا سَيف فيها ولا مدفع، معركةٌ نحن والعدوّ فيها على أرضٍ واحدة، أرضُ الإعلام الجديد، والصوتُ هُنا مسموع، المتخاذلُ يُسمع صوت تقهقرهِ والمنهزمُ يُدركُ قرع غياب هُويته، والمؤمن العزيز يُرعِب القلوب الراكنة للدنيا لثباتِه وعزّته وثقته برسالة الله وموعود ربِّه.
معركة اليوم في أكثر الأقطار لا سَيف فيها ولا مدفع، معركةٌ نحن والعدوّ فيها على أرضٍ واحدة، أرضُ الإعلام الجديد، والصوتُ هُنا مسموع، المتخاذلُ يُسمع صوت تقهقرهِ والمنهزمُ يُدركُ قرع غياب هُويته، والمؤمن العزيز يُرعِب القلوب الراكنة للدنيا لثباتِه وعزّته وثقته برسالة الله وموعود ربِّه.
"ينبغي لذوي الهمم العلية أن لا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم"
شهاب الدين القرافي
شهاب الدين القرافي