ألقيتني فِي الجُبِّ رُغمُ مشاعري
‏مَا كُنتُ يوسفَ كَي تَتِمَّ نجاتِي

بحياتك يا ولدي امرأةٌ
‏عيناها سبحان المعبود
‏ فمها مرسوم كالعنقود،
‏ضحكتها أنغام وورود

يامَن توهم أني لستُ أذكره
‏واللهُ يعلم أني لستُ أنساهُ
‏إن غابَ عني فالروح مَسكنهُ
‏مَن يسكنُ الروح كيف القلبُ ينساهُ؟

أَنِيري طَريقي خِلالَ الرؤى
‏خِلالَ الشُكوكِ خِلالَ السآم
‏لقد طالَ لَيلي فهل من صَباحٍ
‏وطالَ اضطرابي فهل من سَلام

ويحملني الحنين إليك طفلاً
‏وقد سلب الزمانُ الصبرَ مني
‏وألقى فوق صدرك أمنياتي
‏وقد شقيَ الفؤادُ مع التمني
‏غرست الدرب أزهاراً بعمري
‏فخيّبت السنون اليومَ ظني
‏وأسلمت الزمان زمام أمري
‏وعشتُ العمرَ بالشكوى أغني
‏وكان العمر في عينيك أمناً
‏وضاعَ الأمن حين رحلتِ عني

أبلغ عزيزا فى ثنايا القلب منزله
أني وإن كنت لا ألقاه ألقاه
وإن طرفي موصول برؤيته
وإن تباعد عن سكناي سكناه

‏ياعاشقًا يخشى إذاعةَ شوقهِ
‏ أمنَ الغرامِ تفرّ أم من أهلهِ؟

فمتى اللِقاءُ وكم يطولُ تساؤُلي
‏هل في الحياةِ بقِيَّةٌ لأراكَ؟
‏إن كان عُمري قد تصرَّمَ وانقضى
‏فالعُمرُ يبدأ حينما ألقاكَ

‏"تركْتُها لكَ يا اللهُ في ثقةٍ
‏أنَّ الأُمورَ على خيرٍ ستُجْريها"

لطلعتها تَعنو البدور ووجهُها
له تسجد الأقمار وهي طوالع
تجمعت الأهواء فيها وحسنُها
بديعٌ لأنواع المحاسن جامع

تواضعت ذلًا وانخفاضًا لعزها
فشرف قدري في هواها التواضع
فإن صرت مخفوض الجناب فحبها
لقدر مقامي في المحبة رافع

تمنوا الحاسدين عليك هجري
ليتّخذوك من بَعدي خلِيلا
ستذكرني إذا جربت غيرِي
وتبكِي فُرقتي زمنا طوِيلا

فلهُ هيبةُ من لا يُترجّى
‏ولهُ جودُ مُرجّى لا يُهابُ
‏طاعنُ الفُرسانِ في الأحداقِ شزرًا
‏وعجاجُ الحربِ للشمسِ نقابُ

بَنيتُ صرحًا من الأوهامِ أسكنهُ
‏فكان قبرًا نتاج الوهمِ، لا سكنا

فالبدر يشهد أنني كلفٌ
‏مُغَّرًى بحب شبيهة البدر
‏ما كنت أحسبني اهيم بحبها
‏حتى بليت وكنت لا أدري

نادَيتُ قَلبي بِحُزنٍ ثُمَّ قُلتُ لَهُ
يا مَن يُبالي حَبيباً لا يُباليهِ
هَذا الَّذي كُنتَ تَهواهُ وَتَمنَحَهُ
صَفوَ المَوَدَّةِ قَد غالَت دَواهيهِ

‏"ويكتب اللهُ خيرًا أنت تجهلهُ
‏وظاهرُ الأمرِ حرمانٌ من النعمِ
‏ولو علمت مراد الله من عِوضٍ
‏لقلتَ حمدًا إلهي واسع الكرمِ
‏فسلّم الأمرَ للرحمن وارضَ بهِ
‏هو البصيرُ بحالِ العبد من ألمِ"

قمرٌ تفرّد بالمَحاسِنِ كلِّها
فإليه يُنسَبُ كلُّ حُسنٍ يُوصَفُ
للهِ ذاك الوجهُ كيف تألَّفَتْ
فيه بدائعُ لم تكنْ تتألَّفُ

أُرَاقِبُ وَعدَ عَودَتِهَا شَغُوفًا
وَحَاشَا أَن يَضِيقَ لَهَا اصطِبَارِي