التقينا .. بعد عامٍ من فراقٍ
‏ارتجفتُ، مرّ عمرٌ من أذى عندي
‏وما قد هَمّ عندك دفءُ قلبٍ قد مضى
‏وأمام صوتكَ، في صداهُ
‏غاصَ دمعي ..
‏واحمرارُ الوجنتينِ
‏كانَ إيذانًا بأنّ الجمرَ قد نفض الرماد
‏ما كان في عينيكَ شيء،
‏التقينا، بعد عامٍ
‏"لم أكن شيئًا لديك وكنت عندي كل شيء"

أهلاً بوجهكَ لا حُجِبتَ عن نظري
‏يا فِتنةَ القلبِ بل يا نُزهةَ البَصَرِ

مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِذَا ضَيَّعْتَهُ عِوَضٌ
‏ومَا مِنَ اللَّهِ إِنْ ضَيَّعْتَهُ عِوَضُ

ونَوميَ مفقود وصُبحي لك البقا
‏وسُهديَ موجود وشوقيَ نام
‏وعَقدي وعهدي لم يُحَلّ ولم يَحُل
‏وَوَجْدِيَ وجْدي والغَرام غرامي
‏يشِفّ عن الأسرارِ جِسْمي من الضّنى
‏فيَغْدو بها معنىً نُحولُ عظامي

من ينقذِ القلب من أصفادِ نظرتها
‏كأنما السحرُ من عينيكِ قد جادَ

‏إن تذهبي، لن تسقط الدنيا
‏ولن تسد أبوابُ السماء
‏إن الكواكب فى السماءِ كثيرةٌ
‏وحبُ الصيفِ يمحو عادةً حبَ الشتاء

‏-ابو قباني

وتغرّنا بعضُ الوجوهِ بحُسنها
ولرُبّما بعضُ المظاهرِ من ورقْ
ما قيمةُ الوجه الجميل إذا
طغى في الحُسن وانعدمَ الخُلقْ

‏يأتيك بالودِّ من تنسى مودّته
‏ومن تودّ وداداً منهُ ينساكَ

أذوب عليك نبضًا بعد نبضٍ
‏ويبدأ في ابتسامتك انصهاري
‏ويَلسعُني الهوى فيَرِفُّ قلبي
‏رفيفَ فراشةٍ في قوسِ نارِ

‏أمازحها لأغضبها
فخير مزاحنا الغضبُ
فتهجرني وأهجرها
وتضربُ بيننا الحُجبُ
فتسكت لا تكلمني
وتنظر ثم تنتحبُ
فتغلبني مدامعها
على الخدين تنسكبُ
فأبكي عندها درراً
من الأشواقِ تلتهبُ
فتغدرُ بِي مودعة
على عجلٍ وتنسحبُ
وتبدأ في مهاجرتي
فكلُ وصالنا تعبُ

النورُ أنتِ، و غيرُكِ الظلماءُ
‏فتبسَّمي كي تُشرِقَ الأضواءُ
‏جفت ينابيعُ الوصال،فأمْطري،
‏و اسقي الهوىٰ، أنتِ:السَّما، و الماءُ
‏يا آيةً في الحُسنِ ليس كمثلِها
‏خُلُقًا و خَلْقًا في النَّسا حسناءُ
‏البدرُ أنت، و من سواكِ كواكبٌ
‏و الغيثُ أنتِ، و من سِواكِ غُثاءُ

ومكثت حين لقائها مُتسائلا
‏هل يقدر الشعراء وصف كمالها؟
‏فتبسمت بخجلةٍ من نظرتي
‏فكانت البسمات لي كجوابها
‏ببسمة قد أثبتت لي عجزهم
‏فكيف باستحضار كلّ خصالها
‏سبحان من سوّى الجَمال بوجهها
‏وتقاسم الباقون ثلث جمالها

فَإِنَّ الجُرحَ يَنفِرُ بَعدَ حينٍ
إِذا كانَ البِناءُ عَلى فَسادِ
وَإِنَّ الماءَ يَجري مِن جَمادٍ
وَإِنَّ النارَ تَخرُجُ مِن زِنَادِ

‏فَلا تَغرُركَ أَلسِنَةٌ مَوالٍ
تُقَلِّبُهُنَّ أَفئدَةٌ أَعَادِي

فالحبُّ أحيانًا يُطيلُ حياتَنا
ونراهُ حينًا يَقصِفُ الأعمارَ

هذا التصنّع في عينيك يؤلمني
‏قل لي بربك من اتعَبك؟
‏تجيء بوجهٍ سعيدٍ ضحوكٍ
‏وتذهب والهَم في اضلعك
‏اراكَ تحيك الزوايا اكتراثًا
‏بما ليسَ مِنكَ وما ليس لَك
‏قل لي لِماذا ، وماذا أصابك
‏تصُبّ الجراح الى مضجعك

وَما في الأَرضِ أشقى من مُحِب
‏وَإن وُجد الهَوى حلو المَذاق
‏تَراهُ باكِياً أَبَداً حَزينا
‏مَخافَةَ فرقه أَو لاِشتِياق
‏فَيَبكي إِن نَأوا شَوقاً إِلَيهِم
‏وَيَبكي إِن دَنوا خَوف الفُراق

فيم انتقامكِ من قلب عصفتِ به
لم يبق من موضع فيه لمنتقمِ

وإنَّ الهَوى في لَحظِ عينيكِ كامِنٌ
كُمونَ المَنايَا في الحُسامِ المُهنَّدِ