‏ورجوتُ عيني أن تكفّ دموعها
‏يوم الوداع نشدتها، لا تدمعي
‏أغمضْتُها كي لا تفيض فأمطرتْ
‏أيقنتُ أني لست أملك أدمعي
‏ورأيتُ حلْماً أنني ودّعتُهم
‏فبكيتُ من ألم الحنين وهم معي

وَلاَ تأُسفْ على زَمَنٍ
‏أرَاكَ الحُزْنَ أشْكالا
وَأرْضُ الله واسعةً
‏فُكُنْ فِي الأرْضِ رَحّالا

‏ولا خيرَ فيمن غَيَّرَ البُعْدُ قلبَه
‏ولا في وِدادٍ غَيَّرتْه العَوامِلُ

الكونُ حولَكَ والجمادُ يُسَبِّحُ
‏أتَكُونُ أنتَ الصَّامت اللَّاهِي ؟

وأنّي لم أمُت حين رُميتُ بسهمٍ
‏ ولكني متُّ حين رأيتُ من رمَاهُ

فإذا صحوْتُ فأنتَ أولُ خاطِري
‏وإذا غَفا جَفني فأنتَ الآخِرُ

نعمْ سرى طيفُ من أهوى فأرقني
‏والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذاتِ بالأَلَمِ
‏لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ
‏ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَلم ِ

‏ياربُّ والطُّرقاتُ امْتدَّ آخِرُها
‏تشُدُّني وحبالُ العُمرِ من مَسَدِ
‏وهذه الأَرضُ ما ضاقَت على أحدٍ
‏فكيف ياربُّ ضاقَ الكونُ في أَحَدِ

أشكو الى النّجْمِ وهْناً ما أُكابِدُهُ
حتّى شَكا النّجْمُ منْ وجْدي ومِنْ قَلَقي

‏وَقَدْ يَنْبُتُ الْمَرْعىَ عَلَى دِمَنِ الثَّرَى
‏وَتَبْقَى حَزَازاتُ النُّفوسِ كما هِيّا

فَلا تَرضى بِمَنقَصَةٍ وَذُلٍّ
وَتَقنَع بِالقَليلِ مِنَ الحُطامِ
فَعَيشُكَ تَحتَ ظِلِّ العِزِّ يَوم
وَلا تَحتَ المَذَلَّةِ أَلفَ عامِ

‏ياربّ توفيقًا وستْرًا دائمًا
وأمان رُوحٍ ثُمّ حُسن ختامِ

خَيرُ الخَليلَينِ مَن أَغضى لِصاحِبِهِ
وَلَو أَرادَ اِنتِصاراً مِنهُ لَاِنتَصَرا

وإذا صَفا لكَ مِن زمانكَ واحدٌ
‏ فهوَ المرادُ وعِش بِذاكَ الواحدِ

ادري وتدرين
والنَهر مِن زمنٍ درى
إن المنافي لن تكون صديقةً
حتى وإن حجر المَنافي ازهرا

‏وتَغَيّرَتْ منكَ الطِّباعُ ولمْ تَعُدْ
‏تَحنو عليَّ وبي تُحِسُّ وتَشعُرُ
‏أنكَرتَ ما بيني وبينَكَ في الهَوى
‏أوَ مِثلُ ما بيني وبينَكَ يُنكَرُ؟

‏أحنُّ بأطراف النّهار صَبابة
وبالليل يدعُوني الهوى فأجيبُ
وأيامنا تفنى وشوقي زائدٌ
كأنَّ زَمان الشوق ليسَ يغيبُ

‏يَاربِّ جِئتُكَ والآمالُ تسبِقُنِي
فَأنتَ أكرَمُ مَن أوكَلتهُ أمرِي

فَإن تَسأَلِني كَيفَ أنتَ فإنَّني
‏صَبورٌ على رَيبِ الزّمانِ صَعيبُ
‏حَرِيصٌ على أن لا يُرى بي كَآبة
‏فَيشمتَ عادٍ أو يُساءَ حَبِيب