أراك مِلْءَ جِهاتِ الأرضِ مُنْعكِسًا
كأنما هذه الدنيا مَرَاياكَ

قلبي الذي آذيتَهُ وطعنتَهُ
‏أتظُنُّهُ يكفيهِ أن تتأسفا؟
‏غادر فما عادَت عيونُكَ جنّتي
‏أبداً، وما عُدتُ المُحِبّ المدنَفا
‏يا من أذقتُكَ كَأْس وصلي عذبةً
‏خنتَ العهودَ، فَذُق إذن كأس الجفا
‏ يبدو بأنّكَ كنتَ تجهلُ قيمتي
‏ فالآنَ قد آنَ الأوانُ لتعرِفا

رسائلك النعماء في أضلعي تطوى
‏فلست أنا من يستغل صبية
‏ليجعلها في الناس أقصوصة تروى
‏فما زال عندي رغم كل سوابقي
‏بقية أخلاق، وشيء من التقوى

أكُلما قَرَّبت ما بيننا سُبُلٌ
‏عادت تُفرقنا في الأرضِ أقدَارُ؟

‏لا تبحثي عني خلال كتابتي
‏شتان ما بيني وبين قصائدي
‏أنا أهدم الدنيا ببيتٍ شاردٍ
‏و أعمر الدنيا ببيتٍ شارد
︎

كم ضَمّتِ الجُدرانُ ريحَ أحبّةٍ
‏رحلوا، وَحاشا حُبُّهُم أن يرحلا

ما زالت الأيّامُ تلعَبُ بالفَتى
طَورًا تُخَوِّلـهُ وطَورًا تَسلُبُـه
مَن لم يزَل مُتعَجِّبًا مِن كُلّ ما
تأتي بهِ الأيّامُ طـالَ تعَجُّبُـه

جاء تشرينُ يا حبيبة عمري
‏أحسن الوقت للهوى تشرين
‏ولنا موعد على جبل الشيخ
‏ كم الثلج دافئ وحنون
‏لم أُعانقك منذ زمن طويل
‏ لم أُحدثك والحديث شجون
‏جاء تشرينُ إن وجْهَكِ أحلى
‏ بكثيرٍ ما سرّهُ تشرين ؟
‏كيف صارت سنابلُ القمح أعلى ؟
‏كيف صارت عيناكِ بيت السنونو ؟

‏يا إلهي تُبْ على العبْدِ الَّذي
‏حَيْثُما ولَّى بِدَرْبٍ عادَ لكْ

فداك القلبُ لا تحزن لشيءٍ
‏لأنّك إن حزنتَ فأنتَ منّي
‏ولا تُسبل دُموعكَ كلَّ حينٍ
‏وخُذ دمعي وخُذ إن شئتَ عيني

أصدُّ بمُقلتي شرقًا وغربًا
‏فيأخُذني الفؤادُ إلى لِقاك
‏ولو أنّي تركتُ عِنانَ قلبي؟
‏لكُنتُ أنا المتيّمُ في هواك

‏أَنا السّمع الأَزَلُّ فلا أُبالي
‏ولو صَعُبَت شَناخيبُ العِقابِ
‏وَلا ظَمَأٌ يُؤخِّرُني وحَرٌّ
‏ولا خَمصٌ يُقَصِّرُ من طِلابِ

تَمضي اللَيالي وَالشُهورُ وَحُبُّنا
‏باقٍ عَلى قِدَمِ الزَمانِ الفاني

رُمتُ التَسَلّي عَن هَواهُ فَلَم يَكُن
‏لِيَ بِالتَسَلّي عَن هَواهُ يَدانِ

إن لم يكن بين القلوب تقاربٌ
‏فتقاربُ الأبدان ليس بنافع

والكوخُ عِندي في جِوارِك جَنَّةٌ
‏وَالقَصرُ دونَك كالفَضا المَهجورِ

أسكُبي دمعاً وغنّي مِثل قطراتِ المطر
إعصري خَمراً بخدّك كي أعربدَ بالقُبل

وَليْتَها عَلِمت مَاذا أكِنُّ لَها
‏فَرُبَّما عَمِلت غَيْرَ الذيْ عَمِلته
‏لوْلا الوَفَاءُ لَمَا صُنت لَهُا ذِمَمَاً 
‏وَلا احْتَمَلت الذيْ مَا كانَ يُحْتَمَلُ

إما يغلبنّك الكلامُ فتفيض
‏أو يغلبُك الشعور وتنخرسْ

بعدتُم عن العينِ فازدادَ حُبّكمُ
‏وغبتُم وأنتم في الفؤادِ حضُورُ